عـلَّـمـتـنـي الحياةُ أن أتلقّى *** كـلَّ ألـوانـهـا رضـاً وقبولا
 
 
ورأيـتُ الـرِّضـا يـخفِّف أثقا *** لـي ويُـلقي على المآسي سُدولا
 
والـذي أُلـهـم الـرِّضا لا تراهُ *** أبـدَ الـدهـر حـاسداً أو عَذولا
 
أنـا راضٍ بـكـل مـا كتب الله *** ومُـزْجٍ إلـيـه حَـمْـداً جَزيلا
 
أنـا راضٍ بـكل صِنفٍ من النا *** سِ لـئـيـمـاً ألـفيتُه أو نبيلا
 
لـسـتُ أخـشـى من اللئيم أذاه *** لا، ولـن أسـألَ الـنـبيلَ فتيلا
 
فـسـح الله فـي فـؤادي فلا أر *** ضـى مـن الحبِّ والوداد بديلا
 
فـي فـؤادي لـكل ضيف مكان *** فـكُـنِ الـضيفَ مؤنساً أوثقيلا
 
ضلَّ من يحسب الرضا عن هَوان *** أو يـراه عـلـى الـنِّفاق دليلا
 
فـالـرضا نعمةٌ من الله لم يسـ *** ـعـد بـهـا في العباد إلا القليلا
 
والـرضـا آيـةُ البراءة والإيـ *** ـمـان بالله نـاصـراً ووكـيلا
 
* * *
                           
     عـلـمـتني الحياةُ أنَّ لها طعـ *** ـمَـيـن، مُـراً، وسائغاً معسولا
 
 فـتـعـوَّدتُ حـالَـتَـيْها قريراً *** وألـفـتُ الـتـغـيير والتبديلا
 
 أيـهـا الـناس كلُّنا شاربُ الكأ *** سَـيـن إنْ عـلقماً وإنْ سلسبيلا
 
 نـحـن كالرّوض نُضْرة وذُبولا *** نـحـن كـالـنَّجم مَطلعَاً وأُفولا
 
 نـحـن كـالـريح ثورة وسكوناً *** نـحـن كالمُزن مُمسكاً وهطولا
 
 نـحـن كـالـظنِّ صادقاً وكذوباً *** نـحـن كـالحظِّ منصفاً وخذولا
 
   * * *
 
                    
     * * *
قـد تـسـرِّي الحياةُ عني فتبدي*** سـخـريـاتِ الورى قَبيلاً قَبيلا
 
 فـأراهـا مـواعـظـاً ودروساً *** ويـراهـا سـواي خَـطْباً جليلا
 
 أمـعـن الناس في مخادعة النّفـ *** ـسِ وضـلُّـوا بصائراً وعقولا
 
 عـبـدوا الـجاه والنُّضار وعَيناً *** مـن عـيـون المَهَا وخدّاً أسيلا
 
 الأديـب الـضـعيف جاهاً ومالاً *** لـيـس إلا مـثـرثـراً مخبولا
 
 والـعـتـلُّ الـقويُّ جاهاً ومالاً *** هـو أهـدى هُـدَى وأقـومُ قيلا
 
 وإذا غـادة تـجـلّـت عـليهم *** خـشـعـوا أو تـبـتّلوا تبتيلا
 
 وتَـلـوا سـورة الـهـيام وغنّو *** هـا وعـافـوا القرآن والإنجيلا
 
 لا يـريـدون آجلاً من ثواب الله *** إنَّ الإنـسـان كـان عـجـولا
 
 فـتـنـة عـمّـت المدينة والقر *** يـةَ لـم تَـعْـفِ فتية أو كهولا
 
 وإذا مـا انـبـريتَ للوعظ قالوا *** لـسـتَ ربـاً ولا بُعثتَ رسولا
 
 أرأيـت الـذي يـكـذِّب بـالد *** يـن ولا يـرهب الحساب الثقيلا
 
                    
* * *
           أكـثـرُ الناس يحكمون على النا *** س وهـيـهات أن يكونوا عدولا
 
 فـلـكـم لـقَّـبوا البخيل كريماً *** ولـكـم لـقَّـبـوا الكريم بخيلا
 
 ولـكـم أعـطَـوا الملحَّ فأغنَوا *** ولـكـم أهملوا العفيفَ الخجولا
 
 ربَّ عـذراء حـرّة iiوصـموها *** وبـغـيٍّ قـد صـوّروها بتولا
 
 وقـطـيـعِ الـيدين ظلماً ولصٍ *** أشـبـع الـنـاس كـفَّه تقبيلا
 
 وسـجـيـنٍ صَـبُّوا عليه نكالاً *** وسـجـيـنٍ مـدلّـلٍ تـدلـيلا
 
 جُـلُّ مـن قـلَّـد الـفرنجة منا *** قـد أسـاء الـتـقـليد والتمثيلا
 
 فـأخـذنـا الخبيث منهم ولم نق *** بـسِ مـن الـطـيّبات إلا قليلا
 
 يـوم سـنَّ الـفرنج كذبةَ إبريـ *** ـلَ غـدا كـل عُـمْـرنا إبريلا
 
 نـشـروا الرجس مجملاً فنشرنا *** هُ كـتـابـاً مـفـصَّلاً تفصيلا
 
                
       عـلـمتني الحياة أنَّ الهوى سَيْـ *** ـلٌ فـمـن ذا الذي يردُّ السيولا
 
 ثـم قالت: والخير في الكون باقٍ *** بـل أرى الخيرَ فيه أصلاً أصيلا
 
 إنْ تـرَ الـشـرَ مستفيضاً فهوِّن *** لا يـحـبُّ الله الـيئوس الملولا
 
 ويـطول الصراع بين النقيضَيـ *** ـنِ ويَـطوي الزمانُ جيلاً فجيلا
 
 وتـظـلُّ الأيـام تعرض لونَيْـ *** هـا عـلى الناس بُكرةً وأصيلا
 
 فـذلـيـلٌ بالأمس صار عزيزاً *** وعـزيـزٌ بـالأمس صار ذليلا
 
 ولـقـد يـنـهض العليلُ سليماً *** ولـقـد يـسـقـطُ السليمُ عليلا
 
 ربَّ جَوعانَ يشتهي فسحة العمـ ** ـرِ وشـبـعانَ يستحثُّ الرحيلا
 
 وتـظـلُّ الأرحـامُ تـدفع قابيـ *** لاً فـيُـردي بـبـغـيـه هابيلا
 
 ونـشـيـد الـسـلام يتلوه سفّا *** حـون سَـنُّوا الخراب والتقتيلا
 
 وحـقـوق الإنـسان لوحة رسّا *** مٍ أجـاد الـتـزويـر والتضليلا
 
 صـورٌ مـا سرحتُ بالعين فيها *** وبـفـكـري إلا خشيتُ الذهولا
 
                
       * * *
 
 قال صحبي: نراك تشكو جروحاً *** أيـن لـحن الرضا رخيماً جميلا
 
 قـلـت أما جروح نفسي فقد عوَّ *** دْتُـهـا بَـلـسَـمَ الرضا لتزولا
 
 غيرَ أنَّ السكوتَ عن جرح قومي *** لـيـس إلا الـتقاعسَ المرذولا
 
 لـسـتُ أرضـى لأمـة أنبتتني *** خُـلُـقـاً شـائـهاً وقَدْراً ضئيلا
 
 لـسـتُ أرضى تحاسداً أو شقاقاً *** لـسـتُ أرضى تخاذلاً أو خمولا
 
 أنـا أبـغي لها الكرامة والمجـ *** ـدَ وسـيـفـاً على العدا مسلولا
 
 عـلـمـتني الحياة أني إن عشـ *** ـتُ لـنفسي أعِشْ حقيراً هزيلا
 
عـلـمـتـنـي الحياةُ أنيَ مهما *** أتـعـلَّـمْ فـلا أزالُ جَهولا