فريق النصر { انشاء قصة اللمة الجزائرية }

إيمان قلب

:: عضو فعّال ::
أحباب اللمة
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

مرحبا بكم ... مع فريق النصر المتكون من قائمة الأعضاء التالية :

راجية الجنة

إيمان قلب.

ملكة الانوار

زهرة الندى

شهيناز بنت بلادها

سفيرة السلآم

ندى الأيام

...........................................

....................................................

..........................................................


انشاء قصة { حصرية الفكرة لمنتدي اللمة } { منافسة + جوائز قيمة }

بالتوفيق للجميع

ودي ووردي
 
آخر تعديل بواسطة المشرف:
°°°°°شقاء في خريف العمر °°°°°​

لقد كانت آمنة من تلك النساء اللاتي أبدعن دنياهن وصنعن عالمهن الشخصي الذي لا يأخد من عالمنا ‏سوى ما يتقوت به لقد عاشت معه عشرين سنة تقريبا أفتنت فيها شبابها في مساعدة زوجها محمد ‏الذي كان يعمل بورشة نجارة يتقاضى مرتب 3000 دينار مرتب لا يسمن ولا يغني من جوع الأمر الذي أدى ‏بالبحث عن وظيفة أخرى محاولا تلبية حاجيات عائلته التي كانت تتكون من أربعة أطفال, كريم البالغ من ‏العمر عشر سنوات ويصغره أسامة بسنتين و المصاب بنوبات اغماء غريبة كان يستوجب كشف طبي كل ‏شهر و لبنى المستعدة لدخول المدرسة الابتدائية ومريم الرضيعة ووصل الى معسى اليه حين تحصل ‏على عمل في ورشة تصليح الآلات .‏

‎ أشرقت شمس الصباح و أستيقضت العائلة من كابوس الفقر فبعد أن كانوا يسكنون في شقة لا ‏تتسع لعائلة تتكون من فردين في حي شعبي غير لائق للسكن فيه , والتي ورثها محمد عن أبيه ,تحصل ‏محمد بعد كد وجهد جهيد وبفضل الله عز وجل وبالرغم من كثرة‎ ‎المحسوبية في المدينة التي يقيمون فيها ‏على شقة تتكون من ثلاث غرف وصالون في حي لائق و مطلة على ميناء المدينة فأصبحوا يعيشون ‏حياة ميسورة ماديا مليئة بالحب والحنان,تقوم الأم كل يوم صباحا تجهز الفطور لزوجها وتودعه بابتسامة ‏ملؤها السعادة والتفاؤل ... وتعود لأشغال البيت وايقاض‎ ‎كريم وأسامة‎ ‎للذهاب الى المدرسة ‏أما‎ ‎لبنى‎ ‎فتقوم باللعب مع‎ ‎مريم‎ ‎حتى لا تعطل أمها عن عملها.‏
‏ هؤلاء الأبناء هم قرة عين آمنة ومحمد فالبنات هن الحنان والرقة والصمعة الطيبة بالنسبة لوالدهم لو ان ‏الله عز وجل وهبه الا الذكور لقال ربي هبي لي بنات اما الذكور بالنسبة له هم رجاله و أولياء العهد من ‏بعد أن يشيب .......و الوالدة آمنة ترى في بناتها نساء المستقبل تسعى دوما الى غرس روح الصلاح ‏والعفاف بحجابهن أما الذكور فترى فيهم العمود الفقري ان اختل فيه شيء تصاب بالشلل .‏‎ ‎وكالعادة يعود ‏كل من‎ ‎كريم‎ ‎وأسامة‎ ‎من المدرسة على الساعة 12 ظهرا ،تستقبلهما أمهم بقبلة مليئة بالحنان والعطف ‏وتقول لهم: انتظرا حتى يعود أبوكما من العمل حتى نأكل مع بعض وبكل احترام يذهبا ليستريحا في انتظار ‏والدهما‎ .
يعود الأب من العمل متعب ومرهق تستقبله الزوجة بابتسامة وكأن مهمتها زرع التفاؤل أمام طريق زوجها ‏ويسارعون أبناؤه في تقبيله مما ينسيه عناء اليوم‎ .‎يستلقي‎ ‎محمد‎ ‎ليستريح والأطفال حوله يلعبون ‏أما‎ ‎آمنة‎ ‎فتقوم بتحضير مائدة الغداء.‏‎ ‎

‎ ‎هكذا كانت حياة الأسرة عبارة عن روتين يومي تملأه السعادة والطمأنينة بالتواصل فيما بينهم دون ‏ملل , لولا مرض‎ ‎أسامة‎ ‎الذي كان كلما مرض سارعا به الى المستشفى راضين بقضاء الله وقدره‎
و في إحدى ليالي الشتاء الباردة ودون سابق انذار مرض أسامة الذي كان يصاب بدوار لكن دون معرفة ‏سببه ... في هذه الليلة أغمي عليه وكادت أمه تفقد توازنها لولا زوجها الذي قام بتهدئتها في ثبات ‏ويقول لها : قدر الله وماشاء فعل .. هيا بنا لنأخذه الى المستشفى بسرعة ... عند الوصول الى ‏المستشفى كشف عليه الطبيب لكن كان الخبر المفزع حين أخبرهم بأنه مصاب بمرض مزمن " فقر ‏الدم‎" ......‎
بدت علامات الحيرة على وجهي الأبوين وعند خروجهم من المستشفى سأل ‏‎ ‎أسامة‎ ‎أبويه : ماذا قال ‏لكم الطبيب ؟‎ ‎سكت كل منهما لم يعرفا ماذا يقولا للصغير حتى نطقت الأم بعد سكات وقالت له : لاشيء ‏حبيبي لقد أغمي عليك من التعب لهذا لا ترهق نفسك باللعب‎ ...‎
وهم ينتظرون سيارة أجرة أخد وجه محمد يتلون من اصفر الى احمر وعلى سماه الشرود ما الذي سوف ‏يفعله بهذا الولد المريض بفلذة كبدته إن خبر المرض جاء كالصاعقة بالنسبة له بالذات لأنه سند هذه ‏العائلة ورب البيت أيضا وكل شيء يتوقف عليه مرض ولده جعله يضرب أسداس في أخماس ويفكر في ‏المستقبل ماذا يخبئ بينما آمنة تحضن ابنها أسامة وتمسح على وجهه وتغطيه من البرد القارص ‏‏..........أو قف سيارة أجرة وركبوا وضع أسامة رأسه في حجر والدته وبدأ النوم يأخذه شيء فشيء التفت ‏آمنة لمحمد و انتبهت الى شروده فقالت بصوت خافة : "إن الله يحبنا لهذا يبتلينا ...." فنظر إليها وقال " ‏الحمد الله والشكر لله عز وجل"‏‎ ‎
عادوا الى المنزل وهم في حيرة ... جلست‎ ‎آمنة‎ ‎وجلس زوجها بجانبها ...تأملت وجها ابنها في لحظة ‏إشفاق ورآها‎ ‎محمد‎ ... ‎ماذا والمرأة التي كانت دوما تقف بجانبه أصبحت مكسورة الجناح .. اقترب منها ‏لاتخافي ياعزيزتي سأفعل مابوسعي حتى يعود‎ ‎أسامة‎ ‎كما كان وأحسن سأعمل على إعادة الابتسامة ‏الى محياك ... ترد عنه : أيتعافى أبالفعل ستطرق السعادة بابنا من جديد ... فقال: ثقي بي انه سيزول ‏مرضه ونعود كما كنا دمعت عيناها وقالت: ماذا أفعل لولاك... تنظر الى السماء متوسلة الرب أن يحفظ ‏زوجها ويعافي ابنها‎ ‎‏.‏
كل من آمنة ومحمد عاشا الحياة الزوجة على الحلو والمر في السراء والضراء و مرض ابنهما أسامة قد ‏يجعل الأسرة أكثر تماسكا أو في تشتت والله اعلم بذلك‎...............
برغم من عودتهم الى المنزل على الساعة الواحدة صباحا إلا أنهما لم يغمض له جفن كل منهما كانا ‏مغمض العينين فقط شاردين في التفكير حتى لا يحس الأول أن الآخر مزال يفكر ويتحصر .........وبينما ‏آمنة على تلك الحالة أذن صلاة الفجر وهمت بالنهوض بدون أن تصدر صوتا حتى لا تقض زوجها وإذا به ‏يلتفت إليها و يقول:" سوف أصلي الفجر في المسجد هذا اليوم.." نظرت إليه نظرت ملؤها التفاؤل وقالت ‏‏"وهو كذلك يا تاج راسي‎ ......." ‎طلع صباح ممطرا وباردا و كانت مازلت آمنة مسطحة فوق فراشها ‏ومحمد لم يعد الى منزل فنهضت تعد فطور الصباح وتقض الأولاد للذهاب الى مدرسة وبينما هي في ‏المطبخ وكل من أسامة وكريم يتحضران للفطور دخل محمد مبتلا من رأسه الى أخمس قدميه حاملا ‏كيس من خبز مغلقا مبتلا ومن بينها خبز الشعير المفيد لأسامة نظرا لمرضه بفقر الدم نظرت آمنة إليه ‏وقالت "سلمت يداك ..............." وبدأت تفكر في أن الحل الوحيد لعلاج ابنها هو الأكل الصحي والمنتظم ‏وقالت ياحسرتي بالكاد نحصل على مايسد الرمق ... فكيف لنا بغذاء كامل ودائم لهذا الولد ؟؟يجب أن أفكر ‏في طريقة أساعد بهـا زوجي المسكين... ماعدا يقدر تفكر ومحمد يناديها آمنة لم أعهدك هكذا‎ ‎لاترهقي ‏نفسك بالتفكير ... ربنا يفرجها أكيد ناوليني ثيابا أخرى فالبرد نال مني وبعظامي استقر... ابتسمت آمنة ‏كعادتها وقـالت : بوجودك ينجلي همي أدامك الله تاجا فوق رؤوسنا وغير محمد ثيابة وفي نفس الوقت ‏كانت آمنة قد أعدت الفطور ودعت أبنائها ... اجتمعوا على المائدة وتعالت الضحكات والبسمات قال محمد : ‏ربنا ادم علينا هكذا نعمة فكم من أغنياء يفقدون لذة العائلة والاجتماع‎ ‎غادر محمد وابناؤه وهمت آمنة في ‏أشغال البيت و أيقضت البنتين‎ .‎

‏ ومرت الأيــــام عل حالهم تلك ولم يطرأ أي تحسن في حالة أسامة ومع ذلك لم يقطعوا اليأس بل زادوا ‏عزمـا لكي يسترد إبنهم الصغير عافيته .. وتوالت الأيــام إلى أن أتى يوم لم يكن في الحسبان كان ذاك ‏اليوم فيه الضباب كثيفا لكن الأب أصر على الذهاب فإن تغيب عن عمله يوما فسينقص راتبه‎ ....‎
‎... ‎أجل انه يعمل بجد ....ذهب الى عمله كعادته وودعته زوجته ... لكن هذه المرة ليست ككل مرة وقع ‏مالم يكن في الحسبان, و هو في طريقه الى العمل وعندما كان يقطع الطريق السريع .... اذ بشاحنة ‏محملة دهسته وبين شهقة وثانية يرتمي ذلك الجسد طريح الأرض , ونزل صاحب الشاحنة مفزوعا من ‏المنظر خاشيا أن يكون قد فقد الحياة ... وحمله مسرعا الى المستشفى‎ .
مضى الوقت سريعا ولم يعد محمد الى الغداء ... ولا حتى بعد الظهيرة .. فحملت هاتفها النقال لكي تتصل ‏به على نقاله لكن بدون جدوى تاتي رسالة تقول أن الهاتف مغلق أو خارج مجال التغطية. , قلقت آمنة ‏لشأنه ... لكن من تسأل وماالطريقة في ذلك ؟ تناقشت وذاتها فكأنما نفسها شطرت الى نصفين وكل ‏منهما يعطيها الحل البديل ... وفي الأخير قررت أن تذهب الى مكان عمله للسؤال نادت كريم وقالت له ‏‏"سوف اذهب الى مكان عمل والدك اعتني بأخواتك ولا تخرجوا من المنزل مهما حصل ولا تفتح الباب لأحد ‏واحذر من الغاز " ثم همت بلبس معطفها و انتعلت حذائها حملت حقيبها و المطارية وفتحت الباب واذا ‏بأبنائها من ورائها مثل صغار الصوص كريم حامل الطفلة الرضيعة و وكل من أسامة وأخته وقفان أمامه ‏ونظرتهم كلها برءأة توشك على الضياع التفت اليهم ونظرت بكل حب واقتربت منهم وقالت " لا تقلقوا يا ‏اولاد لن أتخر عليكم‎ ".
وهي في سيارة الأجرة والجو ممطر جدا تنظر الى الجو خارجا و تضرب اسداس في اخماس بالها مع ‏اولادها وبالها مع زوجها وبدأ قلبها ينقبض الف قبضة في الثانية ويدها ترتعشان ووجهها اصفر لون مثل حبة ‏الليمون و الدموع تملؤ خديها وقالت في داتها :"يارب استر يارب ..." .‏
‏ وصلت آمنة إلى مكان عمل زوجها وقلبها يخفق وتدعو الله أن يكون كل شيء على ما يرام دخلت ولم ‏تجد أحد هناك ضلت تبحث وتبحث إلى وجدت الحارس قادم في سيارة أجرة عندما نزل من السيارة قالت ‏له : السلام عليكم .. أنا أبحث عن زوجي‎ ‎محمد‎ ‎ولكنني لم أجد ياترى أين هو ؟ .. نظر إليها نظرة مليئة ‏بالحزن والأسى وطأطأ رأسه وقال لها بنبرة تملاؤها الحسرة ‏‏"زوجك‎ ‎محمد‎ ..‎زوجك‎ ‎محمد‎.. ‎قاطعته‎ ‎آمنة‎ ‎بسرعة ": ما الأمر يا أخ أين زوجي ؟ ..قال لها لقد دهسته ‏شاحنة عندما هم بقطع الطريق وهو الآن في مشفى المدينة نزل الخبر كالصاعقة على آمنة .. لم ‏تتمالك نفسها .. أفكار شتى تدور في داخل داتها تناقضات وخوف .. محمد كل شيء في حياتها .. ماذا لو ‏حصل له مكروه .. يارب لا أسألك رد القضاء بل أسألك اللطف فيه .. وصلت آمنة الى المستشفى ‏منهارة‎ ‎تبحث عن زوجها كالمجنونة‎.‎و اذا باحدا الممرضات تقول لها : " ما بك يا سيدتي هل أنت مريضة أم ‏تبحثين عن أحد المرضى .." قالت آمنة :" أبحث عن زوجي ..زوجي محمد حصل له حادث ......." أجابت ‏الممرضة :"آه نعم هناك مصاب جاءت به سيارة الا سعاف منذ قليل وهو الآن في العناية المشددة و حالته ‏خطيرة‎ .." ‎انصدمت آمنة بهذا الخبر جلست على كرسي الانتظار وهي تدعوا الله من كل قلبها ان يسترها ‏فنظرت الى الحارس و قالت :"شكرا لك يا أخي .." فقال : لا شكر على واجب ..." وهم بالخروج حملت ‏هاتفها النقال و أتصلت بأختها الهام طالبت منها الذهاب الى الأولاد لكي تبقى معهم في منزل الى أن ‏تعود‎ ‎‏.‏
‎ مرت حوالي أربع ساعات ولا يوجد هنالك خبر اليقين قال الدكتور :" هل أنت من أقارب السيد ‏محمد......" قالت بكل لهفت :" نعم زوجته ........" نظر اليها نظرة المتحصر على حالها ووجهها الشاحب ‏وقال : " زوجك دخل غيبوبة قد يستفيق منها وقد لا يستفيق ويصبح في عداد الموتى فما عليك الا الدعاء ‏له " انصدمت آمنة صدمة كبيرة ووجدت نفسها في هذه الدنيا وحيدة .‏

‏ بقي حال هذه العائلة هكذا , مرض أسامة ومرة على مرة يغمى عليه و زيارة آمنة المستشفى ‏لعلى وعسى أن تجد خبرا يدخل السرور اليها وبدأت حالتهم المادية تسوء يوما بعد يوم الى ان جاء ذلك ‏اليوم المنشود .‏
خرج محمد متأملا السماء ... متسارع الخطى ... لأنه لا يحمل مظلة والأمطار تنهمر كأنها تسكب بالدلاء ‏‏... وبينما هو يهم في قطع الطريق رأى طيرا مكسور الجناح في وسطه ... يحاول الطيران يائسا ... ولم ‏يفق الا وهو في المستشفى لم يتمالك نفسه وصرخ بصوت عال أين أنا ؟!! أخبرته الممرضة بأن لا يتعب ‏نفسه بالكلام ... لان حالته لا تسمح .... أين آمنة والصغار ؟؟؟ أريدها الآن أخبريها بأن تأتي ... مع أن ‏الزيارة ممنوعة الا أنني سأحاول أدخلها لوقت قصير شرط أن لا تتعب نفسك ... خرجت الممرضة لقد ‏استفاق المريض ... آمنة والدموع تنهمر من عيونها هل أستطيع الدخول اليه أرجوكِ .. نعم ولوقت قصير ‏فقد أفاق على اسمك ... دخلت آمنة حمدا لله على سلامتك لقد خفنا كثيرا عليك ... محمد بصوت متعب ‏‏((ما الذي حصل اخبريني )) آمنة صدمتك شاحنة مسرعة كنت في غيبوبة لأسبوعين لا تتصور فرحتي ‏برؤيتك تفتح عينيك من جديد محمد: كل جسدي يؤلمني ... لدرجة أني لا أحس به ... آمنة : لا عليك ‏ستتحسن باذن الله‎ ‎دخلت الممرضة رجاءا انتهى وقت الزيارة ‏‎.‎‏ خرجت آمنة من غرفة محمد ... وجدت ‏أختها وأبناءها في انتظارها عند الباب والأطفال على وجوههم علامات الحزن قد بدت وعيونهم قد أغرقت ‏بالدموع ... مسحت على رأس كريم وقالت أبوكم بخير ..اذهبوا الى المنزل حتى ترتاحوا فالوقت قد تأخر ‏ولن يفيد جلوسكم هنا بشئ.‏‎ ‎
‏ ذهبت آمنة الى مكتب الطبيب وسألته عن حالة زوجها ...تردد الطبيب في البداية عن اخبارها لكنها ‏عندما أخبرته أنها مستعدة لأي شئ ,فقال لها : زوجك ربما سيصبح مقعد ....لم تتمالك نفسها سكتت ‏برهة ثم خرجت ..شدت بيدها على الحائظ وكأن ظهرها قد انكسر ولم يعد لها من سند ..فقد دق ناقوس ‏الخطر وآذن الزمان بقدوم ساعة الشقاء قد جاءتها الضربة القاسية قد بدا عليها الحزن لبدايتها مسار لم ‏تتعود عليه من قبل ..ذهبت الى المنزل ووقفت حائرة مدة أمام الباب تفكر كيف ستقابل أبناءها ... وعندما ‏فتحت واذ بهم يستقبلونها راجين المولى أن تأتي بأخبار سعيدة . لم تستلم ووقفت وأعادت توازنها حين ‏وقفت أمام أولادها بكل قوامها من دون أن يرون عبراتها ....سألها كريم... أمي أين أبي لن يخرج من ‏المستشفى ...؟قالت : لا ياحبيبي أبوك سيعود لنا بخير اطمئن سيبقى تاج فوق رؤوسنا نحتمي به في ‏أشد أوقاتنا ... هيا الى النوم ... كانت تكلم كريم لكن لم يهدأ لها بال‎
وفي هّذه اللحظة استغرق الأولاد في نوم عميق وبقيت سارحة مع أفكارها غارقة في أحزانها تائهة لا ‏تدري ماذا تفعل ؟ وكيف تخرج من تلك المشكلة التي رمتها في وسطها الأقدار ؟ وعصفت بها رياح الزمن ‏وتركتها تصارع أمواج الحيرة وتغرق في بحر من الدموع‎ .....
وطال الصمت ... وهي لا تزال شاردة الذهن مشغولة البال تحاول أن تستخلص بنات أفكارها لتصل إلى ‏فكرة تنقذها مما هي فيه وتحملها إلى شواطئ الأمل وبر السلامة .‏

‏ بعد أسبوعين غادر محمد المستشفى وهو على كرسي متحرك وصل الى المنزل ا ستقبله الأولاد ‏ولكن دهشت كريم كانت أكثر نظر اليه نظرة غريبة ثم انصرف خارج المنزل دون ان يتكلم كلمة واحدة‎
محمد لم يصدق نفسه وهو مع آمنة في غرفت المعيشة نظر اليها وقال : " هل رأتي حالي كيف أصبحت ‏‏" ردت مبتسمة "ما بها حالك في أحسنه والحمد الله ...." نظرة اليها وقال " آمنة أنا معقد ليست بخير و ‏أصبحت نصف أو ربع رجل " قالت " لا تقلق علينا لازال لدينا مبلغ لابأس به مما كنا نخبأه لوقت الحاجة ‏كما خطرت في بالي فكرة لم أرد تنفيذها الا بعد أخذ رأيك ... نظر اليها محمد نظرة ابتسامة حزينة تأخذين ‏رأيي ... أمزال لديا رأي في البيت .... شدت يده وقالت وكيف لا وأنت سراجي ومنير دربي عشرين سنة ‏أأتخلى عنك الآن .... ابتسم وقال هيا هات ما لديكي ... قالت تعلم جيدا أنني أجيد الخياطة فما رأيك أن ‏أعمل فيها حتى كنت أحب ذلك من قبل لكنك كنت دوما ترفض لكن الآن لابد لنا منها وقد قالت الهام أنها ‏سوف تساعدني بجلب أعمال لي ... لم يعجبه الأمر كيف لزوجتي ان تعمل وانا مقعد لكن ما باليد حيلة ‏وافق على طلبها ودعى لها بالتوفيق وانه سيدعو الله أن يعافيه حتى يعوضها عما تعانيه كيف لا وكانت ‏الزوجة والصديقة والأخت والشحنة المعنوية لمحمد .... فجأة تذكر محمد كريم ... أين كريم منذ دخلت خرج ‏ولم أره , ربما ذهب الى الخارج للعب فهذه الفترة كان كل تفكيره عليك حتى أنا لم أعد أتابع دراسته ‏‏..سأعد لك لقمة وأذهب الى المدرسة كي أسأل عنه .‏
آمنة المسكينة لم تأخد زفيرا بعد ما حصل لزوجها اذ تظهر مشكلة أخرى تزد من شقائها أكثر فأكثر حين ‏وصلت الى المدرسة استقبلها المدير وقدم لها‎ ‎آخر تقرير حول كريم وتفاجأت الى انه غائبة لمدة 3 أسابيع ‏ولم يحضر الامتحانات والمفاجأة الكبرى أن احد أساتذته اخبرها أنه رأه مع مجموعة من الشباب الأكبر منه ‏في الحي والمعروف عنهم أنهم من رواد السرقة والمخدرات وشرب الخمر كل هذه الأخبار جعلت آمنة ‏تنكسر مرتا أخرى و غير مصدقة أن ابنها البكر عمودها فقرها أصبح متورطا في عصابة ‏‎
غادرت آمنة المدرسة مسرعتا الى احد جيرانها السيد مراد يملك محلا في الحي ويعرف كل صغيرة وكبيرة ‏سألته:" السلام عليكم أخي مراد" رد " وعليكم السلام كيف حال زوجك هل خرج من المستشفى " ‏قالت "نعم خرج والحمد الله ...أريد أن أسئلك عن كريم فهو متورط مع عصابة المعروفة في الحي" قال ‏‏"سبقتني يا أختي آمنة كنت سأخبرك عن الأمر ابنك كريم كل يوم يذهب الى تلك العمارة القديمة-مشيرا ‏اليها -مع مجموعة من الشبان الصيع واكبر منه سن.." أشحب وجهها وقالت بكلمات متقطعة " شكرا لك ‏‏" تركت السيد مراد واقفا منكسرت كل انكسار . انكسرت وشاءت أن تنتهي أحلامها في مهدها وأثقلتها ‏الجراح لأنها كانت تفكر كيف تأتي لهم بلقمة العيش وليست مستعدة لصدمة أخرى بماذا تهتم في ‏اللحظة بمشروع عملها التي كانت على وشك بدايته أم ترجع الى نقطة الصفر لكي تربي ابنها ,‏
ذهبت آمنة الى المنزل متثاقلة الخطى تجر وراءها أذيال من الشقاء والهموم لتحكي ما جرى لأختها ‏وزوجها علها تشبتها بأمل جديد ... لم تسعفها الكلمات ولم يساعدها صوتها الذي كان يخرج متقطعا من ‏أعماق حلقها أخبرتها بما حدث بكلمات متقطعة .. فهمت عليها أختها وكانت دهشتها كبيرة لكن حاولت ‏تهدئتها وطمأنتها ... كريم لا يزال صغير ولا يقدر حجم المشكلة بل يريد تقليد رفقائه الذي يحسب أنهم ‏أكثر منه خبرة لاتخافي باستطاعتنا ان نستعيده ., كيف أعيده هل ألجأ الى ضربه واستعمال العنف معه أم ‏أكتفي بالنصح والإرشاد ... هل بامكاني تعديل سلوكه انني أخشى عليه الوصول الى مالا يحمد عقباه ‏‏... أخبرتها الهام أن تصارحه بالحقيقة من دون عنف أو عقاب بل خذيه الى جوارك وأخبريه بعواقب التدخين ‏وهؤلاء الرفقاء انصحيه لأنه لايزال صغيرا ويسمع كلامك.‏‎
تفتحت أمام أم كريم أبواب الأمل وقالت بشغف والفرحة تغمر فؤادها .. هل ما تقولينه صحيح أيستجيب ‏لكلامي أجابتها الهام .. أجل حبيبتي سيفرجها الرب ... أستأذنك الآن أذهب الى بعض صديقاتي لأخبرهن ‏على عملكي علني أعود لكي ببعض الأعمال .‏
أخذت آمنة بنصيحة أختها الهام وعند عودة كريم الى المنزل احتضنته امه باكية .. بني , بني ابق في ‏حضن أمك .... رفع رأسه وقال لها مابك أمي مايبكيكي ... قالت أنت ... فقال لها لا يا أمي لا أحب أن أرى ‏دموعكي فأبي مقعد وأنتي تبكين فماذا أفعل أنا ... قالت له سأبكي وأظل أبكي حتى تحس بي ..... هنا ‏دمعت عيني كريم وقال لها لماذا أمي كيف لا أحس بكي وأنا الذي أريد أن أعمل جاهدا حتى أستطيع ‏توفير معالجة أبي , قالت له وكيف ... فأجابها عن طريق البعض من أصدقائي الذين يريدون مساعدتي ‏ونادت فقالت له أصدقائك الذين أوصلوك الى طريق مسدود نهايته لا ترحمك يابني الكل أًصبح يعلم بما ‏فعلت ولكن المهم الآن هو أن تتعلم من أخطائك وان لا تكررهـا وأن تتوبإلى الله وتعود إلى‎
سابق عهدك كما عهدناك دوما تلميذا نجيبا محب لعائلته وأخواته عندها أدرك كريم خطأه وقد دمعت عيناه ‏نادما ووعد أمه ألا يعود الى رفاقه مرة ثانية .. ابتسم محمد عندمـا سمع هذا الكلام من زوجتـه وعندمـا ‏رأى إبنه وعيناه تملأؤهما الدموع ولكن من وراء هذه الابتسامة حصرة ظاهرة في عينيه .‏

‏ هكذا استطاعت آمنة ان ترجع ابنها كريم الى الطريق الصحيح بنصحه وارشاده بفم مبتسم وقلب ‏شرح حتى محمد ساعدها في ذلك برغم من انه مقعد الا انه وجد وقت لكي يجالس ابنه وينصحه من ‏الحين والأخرة ...... بعد العصر عادت الهام تحمل خبرا سارا ... حيث أنها أتت لأختها بمجموعة من الأعمال ‏لصديقاتها , فرحت آمنة للخبر لكن محمد لا يزال الحزن يراوده مرارا عندما يرى أن زوجته في وقت كان ‏يتمنى أن يراها متربعة على عرش الأنوثة بالهناء وأولادها حولها وزوجها يلبي طلباتها ... يراها تتعب ‏وتشقى لتوفر لهم العيش في هذه الأثناء بدأت آمنة تشتغل في الأعمال التي جاءت بها الهام حتى ‏تكملها في الوقت المناسب.‏
من هنا أخذت السعادة طريقها الى أسرة آمنة وهدأ فؤادها‎ ...
فأمورها تداركت وشتات عائلتها لملمت ومواصلة الحياة قررت فكرست كل وقتها لعملها وحب عائلتها ‏ومتابعتها حتى لا يتكرر ما حدث فعقدت العزم وتسلحت بالإرادة وبدأت تطلعاتها تكبر وأهدافها تسطر حيث ‏لم يستطع شيئا التصدي لها لقوة عزيمتها وثقتها بنفسها وشهد الكل لها بالتحدي والنزاهة التي تتحلى ‏بها ذاع صيتها وسط بني جلدتها وأصبحت آمنة الخياطة وتزايدت الطلبات حتى أصبحت لا تلحق على ‏تقديمها في وقتها‎ ‎‏.‏‎
في هذا الوقت قررت البحث عن بعض الفتيات ليساعدنها ... وبالفعل أخذت غرفة للبنات وهي كانت ‏تشرف عليهن هنا بدأ نجاحها يتضاعف , تقدمت بها السنين وسجل نجاحاتها ينقش بانجازات من ذهب ‏وعمرها مع ذهب ... كريم يدرس وعند الفراغ من الدراسة يعمل مع أمه لتوصيل الطلبات للزبائن .... بتطور ‏عملها استطاعت فتح ورشة صغيرة للخياطة هنا علمت حقا ان الإرادة تهزم الصعوبات والحاجة أم الإختراع ‏‏.... كان محمد يتطلع عليها وكان في العديد من المرات يأسى لحاله كيف زوجته التي لطالما تمنى أن ‏تتربع على عرش الأنوثة وهو يقوم بتلبية طلباتها كان يحز في نفسه أن تعمل زوجته وهو مقعد كان مرات ‏ييأس من الحياة التي منحته التعاسة ومنعت عنه أسباب السعادة كانت الأوجاع خلا له في تلك الأيام ‏واليأس رفيقه ... غير أن أمنة كانت دوما تعمل على تغيير هاته الأفكار .... وفاجأته حينما أخبرته أنه يصبح ‏المسؤول عن الورشة وتتفرغ هي لأعمال البيت وبهذا تحسن حال عائلة آمنة .‏

‏ هذا شقاء آمنة في خريف عمرها وهكذا كانت عزيمتها من حديد برغم من أنها من الجنس اللطيف لا ‏أن الأيام و مرارتها جعلتها من الجنسين تشقى من اجل قوت أولادها و ادخال السعادة و أمان الى قلب ‏عائلتها و كم هن كثيرات أمثالها ..........شقاؤهن في خريف عمرهن‎ .‎

النهاية
 

شكرا لمشاركتكم
 
توقيع يونس الصديق
روووووووووووووووعة أبدعتم أخوتي الكرام في خط هذه القصة فعلا الشقاء و العناء في هذه الحياة كثير و كبير جدا جدا بحيث أننا لا نستطيع أن نقدر مداه أو نسبته و لكن بوجود الله سبحانه و تعالى سيصبح كل شيئ سهر الميراس و سهل المنال و نستطيع تجنب كل الأخطار و كل الصعوبات التي تواجهنا هكذا كانت قصتكم الجميلة بوركتم خيرا اخوتي الكرام يعطيكم الصحة على المجهودات المبذولة في سبيل انجاح هذه القصة الذهبية و الفضية و الراااااااائعة أعجبتني كثيرا
شكرا جزيلا
واصلوا الإبداع في مرات قادمة
 
توقيع EL General
بار ك الله فيكم جميعا
 
مشاااااااء الله موضوع في القمة

بارك الله بهذا العمل وجزاكم الجنه جميعاااا

 
فكرة جيدة ورائع
بارك الله فيكم
والتوفيق حليفكم ان شاء الله
 
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom