معركة ”واد أبراز” التاريخية سيدي عقبة
معركة ”واد أبراز” التاريخية سيدي عقبة
3000 مجاهد جابهوا القوات الفرنسية بقيادة خليفة الأميرعبد القادر بالزيبان كشف المؤرخون المشاركون مؤخرا في الندوة الوطنية بالمتحف الجهوي للولاية السادسة التاريخية ببسكرة الذين نشطوا الندوة المنظمة من طرف الجمعية الخلدونية للأبحاث والدراسات التاريخية
ببسكرة التي خصصت هذا اللقاء لدراسة خلفيات ومسار ونتائج معركة ”واد إبراز” التي حاول المحتل الفرنسي التقليل من أهميتها في ذكرلها الـ ,160 الذي جرت وقائعها سنة 1949 م بضواحي بلدية عين الناقة النائية بالزيبان، أن هذه المعركة التي يجهل حقيقتها الكثير من الجزائريين
باعتبار كل الروايات التاريخية المدونة اليوم بالوطن تعود مراجعها إلى تقارير مؤرخين وضباط عسكريين فرنسيين قللوا من شأنها حسب رؤيتهم الاستدمارية للجزائر.
كانت المعركة بمثابة إحدى المحطات الحاسمة في تاريخ المقاومات الشعبية المسلحة في وجه العدو الاستعماري في الجزائر قادها زعماء روحيون للطريقة الرحمانية بزعامة الشيخ عبد الحفيظ الخنقي
والشيخ الصادق بلحاج، وخليفة الأمير عبد القادر بمنطقة الزيبان الشيخ لخضر بن كريبع الذي حضرت حفيدته هنية كريبع الندوة.
للإشارة، نشط الندوة التي حضرتها السلطات المحلية العسكرية والأسرة الثورية بالزيبان وكذا الباحثين ورجال الإعلام، عدد من الدكاترة والمؤرخين منهم الدكتور العربي الزبيري من جامعة الجزائر والدكتور خرنان من جامعة باتنة الاستاد نصرالدين مصمودي من جامعة بسكرة والدكتور نصر الدين وهابي من جامعة الوادي وغيرهم.
معركة واد إبراز 17 سبتمبر 1849م بعدما أرسل الشيخ أحمد بوزيان قائد ثورة الزعاطشة رسائل عديدة يدعو فيها للجهادترجعها بعض الروايات إلى عهد الفتوحات الإسلامية الأولى، حيث وقعت مبارزات عديدة على مجرى الوادي لذلك سمي بواد أبراز الذي يعد احد فروع الواد الأبيض الذي يعبر منطقة الاوراس ليضيق عند مصب فم الغرزة منخفض الصحراء هذا الذي يسقي عند مروره عدة قرى ومداشر وواحات من بينها موقع المعركة ببلدية عين الناقة بدائرة سيدي عقبة. استعدادات المقاومين
فما كان أمام الشيخ عبد الحفيظ الخنقي سوى تلبية النداء وإغاثة إخوانه المسلمين المحاصرين في واحة الزعاطشة، فقام لتوه مبادرا بتجهيز الجيش بعد أن نادى للجهاد فانضمت إليه قبائل المنطقة وأتته من كل حدب وصوب، حيث شاركت أغلب أعراش الزاب الشرقي كعرش الخدران أولاد عمر أهالي الخنقة، سيدي مصمودي ليانة الفيض سيدي عقبةقرطة تهودة، حيث تحرك المجاهدون من خنقة سيدي ناجي في طريقهم نحو بسكرة وفي كل قرية يمرون بها يجدون استقبالا حارا من طرف السكان.
وكان المتطوعون ينضمون بالمئات لنصرة دين الله ليصل عددهم 3000 مقاتل و 200فارس، مع الإشارة إلى نقص السلاح عند البعض منهم حسب تقديرات الأميرعبد القادر على الزيبان على رأس 500 مجاهد. وساندهم الشيخ الصادق بلحاج القادم من جبل احمر خدو ومعه 700 فارس ومجاهد ليصل عددهم الإجمالي 5000 مجاهد.
عندما وصلوا إلى واد أبراز، أصدر الشيخ عبد الحفيظ الخنقي أمره بالتمركز على الضفة اليسرى لمجرى الوادي لقضاء الليلة هناك
وعندما أبرق القائد بن شنوف حاكم سيدي عقبة الموالي للعدو محاولا ضمه إلى المقاومين لكن الخائن أسرع في تبليغ القائد سان جرمان حاكم بسكرة
على حركة الثوار وتمركزهم على واد إبراز والخطر الذي يهددهم.
سير المعركة
لما بلغ الخبر القائد الفرنسي سان جرمان قام بجمع قواته التي يقدرها
المؤرخ العسكري الفرنسي سيروكا بـ150 من المشاة و70 من القناصة الإفريقية
و55 من الصبايحية و200 من القوم الفرسان و 300 فارس من قوات اللفيف.
وصلت قوات القائد سان جرمان على الساعة الرابعة والنصف من صباح
يوم 17سبتمبر 1849م وهو يوم المعركة إلى واحة تهودة، حيث أمرها
القائد الفرنسي بأخد قسط من الراحة بعد مسيرة شاقة وسريعة في الوقت الذي بعث بقوة صغيرة للاستطلاع على أوضاع خصمه وعندما تم
اكتشاف نقطة ضعف المجاهدين بتركهم قرية سريانة بدون تحصين
كما اطلع على تمركز القوات المقاومة على الجهة اليسرى للوادي.
أما الخيالة فكانت تجوب بين سريانة وجبل احمر خدو ونظرا لقلة الحراسة وهدوء المخيم استطاع الرائد سان جرمان أن يباغت المجاهدين
وذلك بمحاصرتهم والسيطرة على الأماكن الإستراتيجية لخوض المعركة
ومع طلوع الفجرانطلقت الرصاصات الأولى معلنة بداية المعركة ومع كل
هذه الاستعدادات والتموقع الممتاز فإن الثوار كانوا مصممين على القتال
ولم تثنيهم المباغتة ولم تقلل من عزيمتهم أنهم خرجوا طالبين الشهادة
في سبيل الله واستطاعوا في الساعات الأولى للمعركة أن يهزموا فريقا
من قوات العدو ويقتلوا قائدهم الرائد سان جرمان، إلا أن طول مدة المعركة وقلة العدة لدى بعض المجاهدين -حسب ما ذكره المؤرخ الفرنسي سيروكا- لم يمكنهم من الصمود ولم تأت الساعة السادسة من مساء نفس اليوم إلا والشيخ عبد الحفيظ الخنقي يأمر جيوشه بالانسحاب والالتحاق بالجبال القريبة منهم لينتشر في مناطق الزاب الشرقي كالفيض وعين الناقة وزريبة حامد والخنقة وليانة..إلا أن التراجع لم يكن بسبب الهزيمة والتخاذل كما يذكر الدكتور سعدالله في كتابه ”الحركة الوطنية الجزائرية” في جزئه الأول -حسب الباحث نصرالدين مصمودي- حيث يرى سعدالله بأنها جاءت لترتيب القوات وجمعها ولمّ الشمل خاصة وأن الهجوم كان مباغتا عليهم .إن الانسحاب الذي
جاء بعد يوم شاق من الجهاد تكبد فيه المجاهدون خسارة ما يزيد عن 100 شهيد ومجموعة من العتاد والمؤن، لم يقتل في نفس المجاهدين
وقائدهم الشيخ عبد الحفيظ الخنقي روح الجهاد والمقاومة ولكنهم بقوا في تدبر وانتظار ليوم عظيم كهذا الذي خاضوه وها هو ة في يوم 4 نوفمبر 1849 يعقد الشيخ القائد اجتماعا عاما مع خليفة الأمير عبد القادر الشيخ محمد الصغير بلحاج والشيخ الصادق بالحاج ليقرروا فيه تنظيم جيش قوي للتوجه به إلى بسكرة وتحريرها من أيدي العدو من جديد ولم يكن له أن شارك في المعارك اللاحقة ووفته المنية بعد عودته من الجريد التونسي متأثرا بمرض الكوليرا يوم 13جويلية 1850م ودفن بخنقة سيدي ناجي ليحمل المشعل من بعده طلبته وأبناء الجزائر البررة ليواصلوا المعركة الطويلة مع العدو الفرنسي إلى غايةاسترجاع السيادة والاستقلال في 5/07/1962