أن الأمير عبد القادر الذي توفي بدمشق يوم 23 ماي 1883 “كان خير مثال في الأخلاق الإنسانية خلال تسييره لشؤوندولته الحديثة إيمانا منه في تغيير الإنسان ومن خلاله المجتمع” مضيفا أن الأمير “لم يكتف بالكفاح المسلح بل كان الرجل الشريف في معاملاته ومثالا يقتدى به بشأن قبول الأخر”.
الأمير عبد القادر كان متصوفا وانتهج التصوف كطريقة لتجديد الفهم الديني وأسلوبا للحياة مما جعل حياته وسلوكياته تجتمع فيها الكثير من الخصال وتنعكس على جهاده المسلح ضد المستعمر وإدارته لشؤون الدولة”.
وأضاف الباحث أن “المسيرة الروحية لقائد المقاومة الشعبية كانت ضمن الطريقة الصوفية التي تبرز وعيه الروحي ورؤيته الملهمة للبحث عن الحق المطلق وجهاد النفس تلبية لنداء وعبودية الله والخضوع إلى محبته”.بإظافة إلى ان الأمير عبد القادر قاد مقاومة إنسانية لصالح قيم أساسية تكمن فيها الثورة المعنوية للإنسان وكرامته وقدم نموذجا في التربية والسلوك الإنساني”مضيفا أنه “كان متفتحا ويولياهتماما للاختراعات والتجديد ومن ذلك تأييده لمشروع بناء قناة السويس باعتباره همزة وصل بين الشرق والغرب”.
جوانب أخرى من مسيرة قائد المقاومة الشعبية الأمير عبد القادر في تسيير شؤون الحرب ضد الاستعمار الفرنسي أبرز فيها خصائص شخصيته في معاملاته مع جنوده والأسرى الذين كان يعاملهم بإنسانية وفق ما تنص عليه الشريعة الإسلامية.
استقر الأمير عبد القادر الجزائري في دمشق من عام 1856 إلى عام وفاته عام 1883، أي 27 سنة. ومنذ قدومه إليها من إسطنبول تبوأ فيها مكانة تليق به كزعيم سياسي وديني وأديب وشاعر.. وكانت شهرته قد سبقته إلى دمشق، فأخذ مكانته بين العلماء والوجهاء، فكانت له مشاركة بارزة في الحياة السياسية والعلمية. قام بالتدريس في الجامع الأموي، وبعد أربعة أعوام من استقراره في دمشق، حدثت فتنة في الشام عام 1860 واندلعت أحداث طائفية دامية، ولعب الزعيم الجزائري دور رجل الإطفاء بجدارة، فقد فتح بيوته للاجئين إليه من المسيحيين في دمشق كخطوة رمزية وعملية على احتضانهم. وهي مأثرة لا تزال تذكر له إلى اليوم إلى جانب كفاحه ضد الاستعمار الفرنسي في بلاده الجزائر.