حوار مع الأديب الباحث العلمي حدباوي على متصفح اللمة

أويس مصطفى

:: عضو مُتميز ::
إنضم
5 جويلية 2008
المشاركات
710
نقاط التفاعل
283
النقاط
23
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
297136_106971926076366_100002906781088_48429_597982800_n.jpg

قصيدة للاديب من تاليفِهِ :

نَبْكِيكِ يَا قُدْسُ وَكَمْ = قَدْ جُنَّ مِنْ دَمْعِي القَلَمْ

نَبْكِي فَإِنْ جَفَّ البُكَا = فَدُمُوعُنَا أَنْهَارُ دَمْ
فَدُمُوعُنَا أَنْهَارُ دَمْ

الطِّفْلُ نَادَى يَا أَبِي = وَأَبُوهُ فِي دُنْيَا العَدَمْ
وَالأُمُّ جُنَّتْ بَعْدَمَا = سَحَقُوا صَغِيرَهَا فَانْفَطَمْ
سَحَقُوا صَغِيرَهَا فَانْفَطَمْ

هَذَا أَنِينٌ هَذِهِ = صَرَخَاتُ طِفْلٍ لَمْ تَتِمْ
فِي بَطْنِ هَذِي شُعْلَةٌ = سَتُعِيدُ مَجْداً قَدْ رُدِمْ
سَتُعِيدُ مَجْداً قَدْ رُدِمْ

صَبْرَا وَشَاتِيلاَ وَذِي = غَزَّة وَذِي دِيرُ الكَرَمْ
فِي كُلِّ عَيْنٍ دَمْعَةٌ = مَنْبَعُهَا بَحْرٌ خِضَمْ
مَنْبَعُهَا بَحْرٌ خِضَمْ

وَلَدَتْ صَلاَحَ الدِّينِ كَيْ = يُنْهِي لَنَا أَمْرَ القَزَمْ
سَلَّ الحُسَامَ فَكَيْفَمَا = ضَرَبَ الْبِنَاءَ فَقَدْ هَدَمْ
ضَرَبَ الْبِنَاءَ فَقَدْ هَدَمْ

رابط تحميل : الأنشودة التي انشدتها فرقة التبصرة وهي من اجمل القصائد التي انشدت :
بعض أعمال الدكتور :
ديوان شعري بعنوان : البوح بالأسرار
وكتب تجميعية هي
1- المواعظ الباهرة
2- القصائد الساحرة
3- القصص الآسرة
طبعت مرتين مرة مفرقة ومرة مجموعة في جزء واحد
وهي كتب تقوم على الاختيار وليست تأليفا خالصا
وعملت شبه تحقيق لكتاب: (الإمام الناجح) للشيخ قصيبة الأغواطي
يعني: تقديم وتوثيق نصوص ولديه العديد من المقالات ...
لنبدأ مع الحوار :
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
عمت مساءً أستاذي الكريم :
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته، وأسعد الله مساءك ومساءكم بكل خير.
- من هو الأديب العلمي حدباوي ، قدم وقرب لنا وللقرّاء شخصيتك؟ لمحة عن حياتك.
من ولاية الأغواط، وبها درست، وتدرجت في مراحل التعلم حتى البكالوريا، ثم بالجزائر العاصمة حيث حصلت على الليسانس، وعملت في سلك التعليم، ثم استأنفت الدراسة في ما يسمى بمرحلة ما بعد التدرج وتحصلت على الماجستير في النقد الأدبي، فالتدريس بالجامعة الإفريقية العقيد أحمد دراية بولاية أدرار، إلى اليوم.
- ما هي المدارس التي تعلَّمتَ فِيهَا، وأذكرْ لنا أسمَاء بعضِ المعلِّمِينَ الذينَ تركُوا بصمَةً في حياتِكَ العلْمِية؟
درست في المرحلة الابتدائية بمدرسة محمد قورين بشارع أول نوفمبر حتى منتصف السنة الرابعة، ثم استأنفت بمدرسة جريدان الأزهري بشارع أحمد بن سالم، وقد حوّلني الوالد حفظه الله آنذاك إلى الثانية بسبب قربها من منزلنا، ثم درست بمتوسطة حسيبة بن بوعلي بشارع الدكتور سعدان، وأثناء الدراسة افتتحت متوسطة الواحات (حاليا متوسطة محمد عزوز) أبوابها لأول مرة، فحولت إدارة متوسطة حسيبة مجموعة من الطلبة من غير اختيار إلى الجديدة، وكنت من بينهم. ثم درست بثانوية أول نوفمبر، هذه الثانوية المميزة حينها بالصرامة والانضباط والجدية، تحت رعاية واهتمام المدير والناظرة والأساتذة والإداريين، وإنني حين أتذكر هذه الثانوية وحرص القائمين عليها ومنهم الناظرة التي كنا نجلها ونخافها، ثم صرنا نكن لها الود والاحترام العميقين، حين أتذكر تلك الأيام الخوالي أقول لو أنها تعود، لعادت نضارة التعليم وجماله وبهاؤه وجلاله.
وأما سؤالكم عن من ترك بصمة من المعلمين في حياتي، فأقول إن كل من درسني ترك بصمات إيجابية في حياتي، تربية أولا، وعلما ثانيا، ولكن كأمثلة أذكر من الابتدائي المعلمة زروقة باهي، ومن الثانوي محمد غزال. فقد كانا معلمين وأبوين، وأحيانا كصديقين مقربين. كما لا أنسى الأستاذ مصطفى شريقن، ومع أنه لم يدرسنا نظاميا ولكن اتصالي به المرة بعد المرة للسؤال والاستفادة، يجعلني أعتبره أستاذي لما يمثله من علم وخلق عال، ولو جئت أعدد كل من ترك بصمة، فكلهم تركوا بصمات الخير والرحمة والعلم، جزاهم الله خيرا، وجزى كل أهل التعليم بما يجزي به أهل الجهاد والصبر، فقد احترقوا لنضيء.
- ينسَابُ قلمُكَ مِثلَ السَيل او كنورسٍ يزدُه الصَدحُ الا جمالاً فهو لا يتوقَفُ عن الكتابة، ماذا تعني لكَ الكلمة، منذمتى وانتَ تكتُب، وماذا تتوخّى مِن الكتابَة، وما هو الدافع الذي يحرِّضكَ علىالكتابة ، وهل لديك طُقُوساً معيّنة في الكِتَابَةِ؟
الكلمة الجميلة المؤثرة هي ثمرة التفاعل الحي مع موضوع الكتابة، فإذا تأثرت بفكرة ما فتعاطفت معها أو ثُرت عليها عبرت عن ذلك كله بكلمة دافئة نابضة تجري في عروقها دماء الحياة، ولا يمكن أن أتأثر بشيء وهو بعيد عن عقلي، فلا بد أيضا من الفهم والإدراك، الفهم الصحيح يصنع انطلاقة صحيحة لتفاعل حي وكتابة ناجحة؛ ومن كل هذا تكون الكلمة ذات الصدى والأثر هي الكلمة التي تنحت معانيها من العقل، وتغرف عواطفها من القلب.
تاريخ الكتابة يرجع إلى العام الأول من المرحلة المتوسطة، كتبت حينها قصة بعنوان "فصيح والنطاق السحري"، وأذكر أن زميلي في ذلك الوقت: عمر رقاز، ذكر لي بأن أخاه يملك آلة راقنة – فلم يكن حينها الحاسوب موجودا- فسلمته إياها وقدمها لي بعد ذلك مرقونة على ورقة واحدة، وظننتني يومها كاتبا، وكانت الفرحة كبيرة جدا، ولكن الورقة للأسف ضاعت. ثم كتبت شعرا، أول شعر كتبته في عام من الأعوام الموالية للأول من المتوسط كان بالعامية، وموضوعه ساخر، ثم اجتهدت، وأول شعر موزون كتبته بالرابعة من المتوسط، وهي:
أصبحت لا أستنجد الـ * ـماضي ولا أستسنده
أرمي إلى شيء يقيــ * ــني شرّ باب أقرعه
وليست لدي طقوس للكتابة، ولكن المهم بالنسبة لي أمران: إرادة، ورغبة. الإرادة الواعية يكون معها التفرغ وحضور ورق وقلم وهدوء، والرغبة يكون معها مناسبة موضوع الكتابة للميول.
- بِغَضِ البَصَر عن الدَورِ الأدِبي للأديب عامَة ، تُرى هَل من أدوارٍ أخرى له ؟
في العادة يربط الناس الأديب بالأدب، ولكن الأديب إنسان، وصاحب قيم ومبادئ، ولا يمكن أن يعيش في ناحية من الحياة ويترك النواحي الأخرى بدعوى أنه أديب، وبدعوى أن المشاركة بتقديم الرأي ومناقشة القضايا والحكم على مجريات الأحداث واتخاذ موقف هي أمور بعيدة عن الدور الأساسي للأديب، وأنه تعدي على صلاحيات الغير. الأديب يعبر عن ذاته وما تختلج به جوانحه من مشاعر وخصوصيات، وهو أيضا سياسي بمعنى أنه مشارك في أمور السياسة، يرفض ما يسمى اتفاقيات السلام، ويقبل مفاوضات الداخل الفلسطيني بعضه مع بعض، ويعلن أنه مقاوم بالكلمة، وقد يواجه السلاح، فتكون المواجهة المادية امتدادا للمواجهة الأدبية؛ وكل هذا وغيره لا يخرجه عن كونه أديبا، بل هذا الذي يجعل منه أديبا مستكملا للأدوات.
ـ هل هناك تقسيمَانِ ما في نَسِيجِ الأدَبِ العَربِي بينَ أقلاَمِ ذكوريَةٍ وأخْرى نَسويةٍ؟ولماذا.؟
يوجد من يقسم الأدب على أساس ذكوري ونسائي. وأظن أن دراسة الأدب على هذا الأساس، ومعرفة خصائص أدب كل منهما قد تكون أقرب إلى الدراسة الاجتماعية، والنفسية، والعلمية عموما، وهي في هذا الإطار ستكون مفيدة. ولكن أن ندرس الأدب على هذا الأساس من باب الترف في الدراسة، التي ليست لها غاية واضحة، أو ربما للمفاضلة الفنية، لنصل إلى أن أدب الجنس الفلاني هو الأفضل، فهنا تكون الدراسة على هذا الأساس غير صحيحة، وربما أسهمت في صنع فرقة بين الجنسين من غير مبرر فني حقيقي، لأن المرأة يمكنها أن تجيد الكتابة الأدبية فنيا كما يجيدها الرجل، من غير أن تقصّر دونه أو يُقصّر دونها.
-كونكَ مفكِر وكاتِب له رسوخ قوي ودور بارز في التعَاطِي والانسِجَام مع المَوضُوعَاتِ المختلفة وإبداء الرأي الموضُوعي بمايُطرحْ مِن أفكَارٍ وآراءٍ ... كَيفَ تنظُرون أو تقيّمُون َمفهوَم " صِراعُ الحضَاراتِ " المتداول من قبل بعض المفكِرينَ وأبرزهُم "صموئيل هنتغتون " وأين تكمنُ نقاطُالتعَارضِ بين ثقافَاتِ الشُعوبِ المختلِفَةِ ؟ وكيف يمكننِا التعاطِي مع هذهِ الفِكرَةأو المفهوم في تعاملنا مع الآخَر وفقَ صيغَة أخْرَى يبلورهَا مفهوم مختِلف هًو "حوار الحضارات" الذي تتطلع له الشعوب مِن أجْلِ تحقيق السَلام العَالمِي ؟
فكرة صراع الحضارات لم تنشأ نشأة طبيعية، بل صنعها السياسيون، صنعتها الحكومات والدول المهيمنة، وعلى رأسهم أمريكا، واستعانوا على ذلك بأقلام الكتاب المنظرين، وبالإعلام الموجَّه والموجِّه، ومع الأيام صار هذا الشيء المصنوع واقعا يمشي على الأرض. فلا بد إذن من الترويج لحوار الحضارات، ولكن بمفهوم واسع للحوار، فلا يعني أنه علينا فقط أن نجالس الآخرين ونحاورهم، فسعي دول الجنوب / النامية والمتخلفة من أجل إرساء العدالة والحرية والديمقراطية ورفع المستوى الثقافي والمعرفي والتنمية، نجاح هذا السعي هو إنجاح للحوار. لأن الذي يتقدم كشريك للإنسانية يجب أن يكون في مستوى هذه الشراكة، ومثالا يقتدى به، ورمزا مؤثرا بما حقق من انجازات. وسيساعد على الوصول لهذا وسائل الاتصال الحديثة، فهذا العالم الذي صار قرية صغيرة أو عائلة واحدة يسهل عليه أن يقبل بعضه بعضا، إذا كان أعضاؤه منسجمين وعلى مستوى واحد من الرقي والتحضر والثقافة والعطاء.
-قمتَ بتحقيق كتاب (الإمام الناجح) للعلامة قصيبة الاغواطي فكيف كانت رحلتك معه وهل شد انتباهك هذا الكتاب ...
كنا نسمع بأمر هذا الكتاب، كما يسمع أحدنا بكنز مفقود، ليس فقط لأهمية الكتاب، ولكن لأن علماء وأساتذة الأغواط كان همهم التعليم وتربية النشء والتوعية، وهي جهود تهد الأعمار، وتستنفد الأوقات ، فلم يتركوا كتابات كثيرة لهذا السبب كما أظن، لذلك فإن حصولي على كتاب "الإمام الناجح" كان له مكانته وصداه في نفسي على الأقل. والكتاب تحس أنه انبنى على خبرة باحتياجات القادم إلى مهمة الإمامة، فهو دليل مهم له، كما أنه موجه للمؤذن الناجح، ومدرس القرآن الناجح. فهو متنوع المادة، ومشتمل على مضمون ثري للموظفين في السلك الديني.
-اصبَحَتْ "نظرية المؤامرة" تتحَكَمُ بعقول الكثير من النُخبِ السِيَاسِيَةِ العَربيةِ وأنظِمَةِ الحُكمِ في المنطقَةِ .. برأيكُم على أيِّ خلفيَةٍ تأسسَتْ هذه النظِريَةُ ؟ وهل هُناكَ أرضيَة لتخصيبهِا فيثقافتِنَا وفي وعِينَا الإجتمَاعِي ؟ .
نظرية المؤامرة نشأت أو برزت مؤخرا في القرن الماضي مع ظهور الصحوات الاسلامية ورفضها للشيوعية التي انتشرت في أول الأمر بقوة، ففي ظل الخوف على الاسلام من الشيوعية والنظام الاشتراكي الذي تبنته الكثير من دول العالم الثالث، في ظل هذا الخوف نشأت نظرية المؤامرة، واستمرت مع سقوط الشيوعية، وتفرد أمريكا والرأسمالية بالزعامة العالمية. فحماستنا الدينية واندفاعنا وغيرتنا هي الأمور التي شكلت أرضية خصبة للفكر المؤامراتي.
فالمؤامرة تأسست ربما على قاعدة الصراع الايديولوجي، بين الاسلام التشريع الرباني، والمناهج الغربية الرأسمالية والشيوعية. وأججتها العاطفة الدينية في نفوس الناس وخاصة منهم الشباب، وجموع الصحوات الإسلامية، وأيضا أججتها الدكتاتوريات المستبدة لدفعها الساحة الشعبية إلى الثورة، هذه الأنظمة التي نشهد سقوطها هذه الأيام واحدة بعد أخرى.
-بما انكَ مهتم بالنقد ما الدورُ الذي يلعبهُ النقد في شحِذِ أدواتِ " الكاتب " وماذا يَسْلُب منه ؟
النقد وسيلة يستعملها الدارس لمعالجة النصوص، فلا يزيد الكاتب ولا يسلبه شيئا، ولكنه يتيح له الفرصة ليتكلم كلاما ربما أقرب إلى العلم، ويمكنه من دراسة النص دراسة منظمة بأفكار مرتبة وبمنهج واضح لا يخلص إلى نتيجة قبل أن يقدم لها، ولا يحكم على نص قبل أن يمهد له بتحليله وعرض حججه ومناقشتها لمعرفة قيمتها. فالنقد إذن وسيلة يوظفها الناقد، يستفيد منها نظاما، ويتعامل معها بشيء من الحرية والمرونة، فإذا اعتبرنا هذا شحذا لأدوات الكاتب في حدود معينة، فلا يمكننا اعتباره قادرا على أن يسلب من الناقد شيئا.
-الأديب الكبير الروائي نجيب الكَيلانيرحمه الله معظم رواياته من الواقع تنتقَد وتغير فيهِ فهَل للرجل أثر ما في حياتِكِ؟
- نجيب الكيلاني كاتب يُحسن رسم شخصياته وترتيب الأحداث، وزيادة على ذلك كتاباته تمثل ربما تطلعات الأدب الإسلامي، الذي هو أحد رموزه الكبيرة.
العمل الذي قرأته للكيلاني أيام الدراسة الجامعية هو رواية "عذراء جاكرتا" وقد أعجبني وأثر في هذا الكتاب من جوانب، منها عاطفته الدينية والإنسانية القوية التي جعلته يعبر بقلمه عن معاناة المسلمين في أقطار بعيدة غير عربية، فيعكس الواقع المر ويخلد التاريخ بأسلوب الأديب الغيور، وقد يبدو للناظر أن الكيلاني كاتب واضح الأفكار، مباشر الأسلوب، وقد تكون كتابته كذلك أو قريبة من ذلك، ولكن هذا لا ينفي عنها الجمال والتأثير، وهي تملأ فراغا في عالم الكتابة لا يمكن الاستغناء عنها.
-الأديب هو الصوت المعبرُ للشعبِ فهل تحسونَ انكم ذلِكَ الصوت المعبِر عنْ امَالِ وآلامِ الشَعب.وكيف تجلى ذلكَ في كتاباتِكَ؟؟
عبرتُ عن جانب من هموم الشعب، فقد كتبت عن الوطن مثلا من ناحية عاطفة الحب، وكتبت عن ما عاناه ويعانيه من ناحية عاطفة الإشفاق والخوف عليه، وعبرت عن نواحي قريبة مما ذكرت، ولكن توجد نواحي كثيرة لم أتطرق إليها. وهذا من التقصير، كما أرى أن الشاعر ليس مهمته أن يكون صحفيا من ناحية متابعته للأحداث بالتفصيل. ولكن يكتب حين يتأتى الإلهام، وقد تمر قضية كبيرة ولا يكتب عنها الشاعر، ويكتب عن ما هو أقل أهمية. لأن كتابة الشعر مرتبط بظروف متنوعة، فعدم اجتماعها قد يمنع من البوح والتعبير.
-هل ترى ان الأدباء والكتاب يعيش واقعهم ام ان جلهم غارق في أحلامِهِ والبُكَاءعلى أطلالِ معشوقَةٍ او بقايَا فكِِْرة .فلا ينزلون الى واقعهِمْ إلا حينَ توزعُالغنائِمُ ؟
لا أستطيع أن أقطع برأي فهذا يتطلب متابعة كافية للكتابات الأدبية، ولكن ما أحسه في الجو العام وانطباعي – والنقد الحقيقي لا يقوم على الانطباع – أننا نعاني أولا من مشكلة الكم، فلا توجد حركة أدبية نشطة وكافية، كما نعانيها من حيث النوع، فلا توجد حركة أدبية واضحة في الجزائر، توجد صحافة إخبارية موجهة، توجهها دينامية الترويج، وتلفزيون ضعيف فنيا، ليست له حرية ولا خطة واضحة، ولا اهتمام بالأدب. ثم إن الكتابات في عمومها ليست تعبيرا حقيقيا عن الواقع، فالشعر ينزع نحو ذاتية مفرطة أحيانا، أو لغة غائمة غامضة، والرواية قد تكون أكثر قربا من الواقع من الشعر، وهناك مجموعة أسباب تجعل من الأدب ينسحب من الواقع، منها انخراط بعض الأدباء والنقاد في الحداثة بمحتواها الغربي. ولكن مع ذلك توجد بعض الأعمال، فذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي هي تندمج في الواقع لتعكسه بأسلوب جريء وجميل، ومع أن مستغانمي تقول أنها تريد كسر الطابوهات الثلاث طابو اللغة وطابو الجنس وطابو الدين، فهي محاولة للظهور بمظهر الحرية والحداثة والتمظهر بالموضة. وإذا كانت ذاكرة الجسد عموما وبغض النظر عن شعار التحرر الذي تبحث عنه فإنها استطاعت بلغة شعرية أن تدخل في الواقع وتستخرج بعض ملامحه الدفينة. وفي الاتجاه المعاكس نجد رشيد بوجدرة الذي يوهمنا أنه يكشف الواقع كما هو، لكن أعماله في النهاية ليست إلا أفلاما جنسية ممجوجة، فواقعية الأدب لا تعني واقعية العهر، لأنه في هذا تزييف للحقائق، وتضخيم للزوايا الضئيلة المظلمة، وصَدْم لمشاعر المجتمع.
- عادة ما يتأثر الأديب او الروائي بمثل ونموذَج فمَا هو دليلكَ في كتاباتِكَ؟؟
لا أظن أن الإنسان يكفيه نموذج واحد في الكتابة، ولكنها نماذج كثيرة يستقي منها، ويتأثر بها، ولا أستطيع استقصاء الأمثلة المؤثرة، ولكن أذكر منها على سبيل المثال : محمد البشير الإبراهيمي، ومحمود شاكر، والرافعي والعقاد وزكي مبارك والمتنبي وبدر شاكر السياب وأبو القاسم الشابي، ومحمود الزبيري وأحمد مطر وعبد الله البردوني وأحمد شوقي والبارودي ومحمد العيد آل خليفة ومفدي زكريا وعلي الجارم وغيرهم.
-الكتابةَ في الزمَنِ الماضِي ليس كالكتابة في عصرنَا المعيش هذا .أيهمَا افضَل ؟
لا يمكن تفضيل زمن على زمن، فلكل زمن أدباؤه وكتابته وجديده ، والحداثة الزمنية لا تصنع بالضرورة الجدة، ولا القدم الزمني يعني بالضرورة الأصالة، فالجودة والجدة والأصالة والعمق مبثوثة في كل الأزمنة. كما أن القديم والجديد يصنعان شيئا واحدا، يقوم بعضه على بعض، ويكتسب كل منهما حياتَه من الآخر، فلا جديد بلا قديم، ولا قديم بلا جديد. و رائد الأدب يتشبث بالقديم لا يفرط فيه، ويتطلع في نفس الوقت إلى الجديد لا يستغني عنه، وتراه وهو يجول بين الآداب والفنون والنصوص في كل العصور يختار من كل مرحلة أجود ما فيها.
-وهل تشبه الكتابة في الجزائر نظيراتها في البلدان العربية الأخرى ؟ وهل لها خصوصياتها؟ ما هي؟
لا علم لي بالموضوع. ولكن عندي ملحوظة بسيطة وهي أن الجغرافيا لا تصنع دائما الفروق، يعني أن الأدباء المنتمين إلى قطرٍ مَا لا يعني دائما أنهم ينطبعون بخصائص مميزة لذلك القُطر. والسبب هو أن الإنسان لم يعد يعيش منعزلا عن غيره، فالإنسانية أصبحت تتبادل المشاعر والأفكار والمعلومات عن قرب، والعالم كله أصبح كَكُوب الماء، أي مادة تسقط فيه قد تؤثر على كامل جزئياته.
-هل تُرى هناك علاقة وطيدَة بين الأدب والسياسة ؟ كيف هذا ؟ وبماذا تفسر إنكار أقول ، وتهميش الكاتب الجزائري من طرفِ المسؤولين ؟؟
الأدب والسياسة أمران غير متنافرين، فيمكن للأدب أن يحمل مضمونا سياسيا، ويكون له رأي في قضايا الساعة، ويناقش أكثر المواضيع حساسية مما يتعلق بالسياسة. والتفريق بين السياسة والأدب هي محاولة لتفريغ الأدب من أحد مضامينه الأساسية، والحد من حريته وانطلاقه. وتهميش الكاتب أو المثقف عمومًا من قِبَل المسؤولين، هو بسبب أن المسؤولين لا يريدون في العادة إصلاحًا دائمًا وحقيقيا، بل يريدون إصلاحا آنيًا سريعًا، من أجل إسكات الشعب والمعارضة إن وُجِدَت معارضة. والمثقف الحقيقي لا يرضى بالحلول الترقيعية وأدوية التسكين الموضعي، لأنه يعرف أنها حلول مزيفة لا تحل المشكل من جذوره. فيستعين المسؤولون بأشباه الناس، وأحيانا بأشباه المثقفين، لملء الفراغ، وللتغطية على القرار الفردي، والرأي الواحد. هذا الأمر ناتج من الخوف من المعارضة والاعتراض، وهو خوف لا مبرر له، لأننا أمة متخلفة نخاف بلا استثناء من الديمقراطية وتعدد الآراء والاعتراض على الرأي الواحد. ولا أستبعد أن يكون سبب ذلك هو التآمر من جهات ما، يهمها أن تزرع أو تدعم أشخاصا بلا ضمير، تمتلئ جيوبهم فيتحركون كالجندي الذي لا يعرف غير الطاعة. وأما المثقف الحر فلا يمكنه أن يكون محل ترحيب، ونذكر وزير التربية الوطنية السابق علي بن محمد كيف اختلقت له قضية تسريب البكالوريا بداية التسعينات، وقدم استقالته بسبب أنه وجد نفسه إما أمام الاستقالة أو القبول بوضعية المتلقي للأوامر، والتخلي عن المبادئ. وفي مقابل علي بن محمد المثقف الحر، نجد ابن بوزيد على رأس أخطر وزارة هذه المدة الطويلة، مع حالة التدهور والغش الواسع وتسريبات البكالوريا وغيرها. ونجد مدلسي الذي صرح بأسفه من ذهاب فرنسا، إلى غير ذلك من الوزراء والمواقف المؤسفة والمحيّرة.
-قيل ان الاتحاد أن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب سياسي أكثر منه ثقافي ترى كيف ذلكَ ؟
إذا كانت التهمة تعني الدعم الرسمي لاتحاد الكتاب العرب، فهذا أمر طبيعي أن توجد مؤسسات ثقافية مدعومة ماليا، وحرة، والكل يعمل في تناغم، أما إذا كان المقصود هو التوجيه السياسي فهذا أمر لا تقبله نخبة المثقفين.
-الشبابُ تواق الى الحُريةِ فهَل تصبُّ كتاباتكُم في هذا البابِ؟ وما هي كلمتُكَ وصرختُكَ الى الكُتَاب الاخرين ؟
الحرية هي الحياة، وأنا كتبت عن زوايا من الحياة من منطلق الحرية، فربما أراني تمثلتها في مستوى ما من المستويات في كتاباتي.
وكلمتي التي أوجهها إلى نفسي وإلى غيري هو أنه علينا أن نعيش أحرارا، والحرية مفهوم متجدد، كما أن السجن مفهوم متجدد، فبعض الناس حين يثور على شيء بدعوى التغيير والتجديد، يسجن نفسه في الثورة، ويغيب عنه فعل التغيير. وبعض الناس يبحث عن الحداثة والتجديد، فيجري لاهثا وراء شيء منقطع عن الماضي ومنقطع عن المستقبل، فيبحث عن شيء مستقر في عالم غير مستقر. ولذلك تراه يتنكر لكل شيء.
-قلمُكَ يسير ويتنفس كانه شخَصاً يصوَّرُ ما يجرِي مِن حولِنَا في هذا العالم، فماذا تقَول للعالَمِ من خِلالِ حرفكِ؟
العالم يحتاج إلى أناس يخلصون في حمل أمانة الكلمة، فهل نحن مخلصون لذلك، أم نحن كتاب نمطيون نتكلم بما سطره غيرنا مع أنهم كتبوا لزمنهم، ونحتاج أن نكتب شيئا مغايرا لزمننا. إننا حين نحسن توصيل الذات بالكلمة، نستطيع بعدها الوصول إلى غيرنا. نحن نملك أرقى وأثرى المرجعيات فكريا وعاطفيا، فلو عكسنا بأقلامنا ذلك، وتركناه يمر بصدق عبر مرايا الأقلام الصادقة، يمكن ساعتها للعالم أن يكتشف الخير الذي عندنا؛ ويا لها من سلعة لو أحسنّا عرضها.
- ما مدى اطلاع الأستاذ على أدباء الجزائر؟ وماذا يعلقُ بذاكرتِهِ من كتاباتِهم؟
اطلعت قليلا على أدب المرحلة العثمانية والحديثة، أحمد بن عمار، ومحمد بن الشاهد والأمير عبد القادر. ومما يعلق بالذهن قصيدة الأمير في موضوع البدو والحضر. وقصيدة ابن الشاهد في رثاء الجزائر العاصمة.
واطلعت على بعض أدب رموز الحركة الإصلاحية، ومن في ركابهم، مثل آل خليفة، وسحنون، ومفدي، والسائحي، ومما أذكره قصيدة آل خليفة في تهنئة ابن باديس بختم القرآن الكريم، وقصيدة الذبيح الصاعد لمفدي.
كما اطلعت على شيء من الأدب المعاصر، في القصة والرواية: مالك حداد، وأحلام مستغانمي، وفي الشعر: الأخذري بكاي، وأحمد بن روان، وعبد الحليم مخالفة.
- بماذا تحب أن نختمَ الحِوارُ ، وكلمة أخيرة لمنتديات اللّّمَة ؟
أشكر منتديات اللمة الجزائرية التي جمعتنا، وتركت لي الفرصة لأعبر وأتواصل مع روادها، وأشكر أخي الكريم أويس مصطفى على هذا اللقاء. وأتمنى في الأخير أن تسفر الثورتان السورية واليمنية الداميتين عن أجمل ربيع، وأن يقتص الله من مجرمي الحربين، ويصبّر ويعوّض الشعبين الشقيقين بما تقر به عيونهم.
كان معكَ أويس مصطفى من منتديات اللمة الجزائرية
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا يشرفني أن أكون أول من ترد
هذاأمر أسعدني والشكر لكـ

ثم أشكرك لأستضافتك المميزة
وأشكرك قبلها على هذه الباقة المميزة من الأسئلة التي فعلا تظهر لنا
كم أنت مطلع مثقف وتتابع الاحدث بوعي وذكاء

الأستاذ حدباوي جوهرة الصحراء معروف برزانته وثقافته ووعيه وموازنته للأمور على نحو يجعلك تعيد النظر في أفكار
استفدت من الحوار جدا فقد تطرق لكثير من النقاط وقفت عندها مطولا حين دافع عن الكلمة الجميلة ومدى تاثيرها حين نتعاطف معها
كما ولفت نظري حين استوجب تدخل العقل ايضا
وهذا مايغفل عنه بعض الكتاب للأسف نجدهم يكتبون من أجل الكتابة فقط
كما افادني فعلا حين شرح مفهوم النقد وصلت الفكرة سهلة بلاعناء..

بورك فيك خي مصطفى مجهود كبير تقوم به وتفيدنا به
حماك الله ورعاك وشفاك شفاء لا يغادره سقم
وطهورا إن شاءلله
+
أحلى تقييم
 
آخر تعديل:
والله رووعة روعة وفي القيمة ما خطت به انامله ولحنه
هايل
الله يخليه
بارك الله فيكم واحسن اليكم
 
لي عودة للموضوع
 
حـــوار رآئع بكل ما تحمل الكلمة من معنى ..

والله إني لفخـور بأن أرى مستوى اللمة يرتفع ليلامس الرقي بهذه الحوارات المميزة ..

أدام الله اللمة بخير ..

 
جميلة هي الحصريات التي أجدها
على هذا المنتدى

يعطيك الصحة

السلام
 
جلسة حميمية جعلتنا نلتف حول لمتنا في رحاب الدكتور وحواره الشيق بوركت اخ اونيس على المجهود
 
حواار شيّق
و ردووود مميزة

بارك الله فيكم و في الاديب الاستاذ حدباوي

شكرااااااا
 
مشتاقين للادب واللغة العربية القحة ما شاء الله اكرمك الله مشكور حوار رائع و الحمد لله مازالت عندنا كتاب جزائريين ربي يبارك فيهم
 
والله ما امتع ان تقرا مواضيع نثل هده شكرا لك اخي ومزيد من التوفيق انشاء الله
 
محجوز لي عودة
 
والله روووووووووووووووووووووعة روووووووووووعة
 
اخي اويس مصطفى نفضت غبار التنكير والتنكر والنكران ان صح التعبير على واحد من نقادنا وباحثينا كنا نجهله .
على انغام وكلمات الانشودة الرائعة تابعنا حوار المثقفين
الراقي
=يمكن للعالم أن يكتشف الخير الذي عندنا؛ ويا لها من سلعة لو أحسنّا عرضها=.
فعلا استاذي يا لها من سلعة لو لم تترك مهمشة بائرة
ممنونة لك اخي الكريم بارك الله فيك
 
قصيدة رائعة من كاتب اروع ونقلها لنا عضو يعرف معنى كلمة الروعة
هههههههههههههههه

راني بديت نهترف شوية ههههههههههه

ربي يحفظ الأخ و الله يوفقه لما يحبه ويرضاه

بلادي معمرة بخيرة الرجال بصح للأسف أسوءهم في منابر الحكم
 
شكرااا جزيلااالك اخي فاضل موضوع حق جميلة
بارك الله فيك جزاك الله كل خير

 
بارك الله فيك
 
أولا أرحب بضيفنا الكريم
و أقول نزلت بيننا أهلا و حللت سهلا
و شرفنا كثيرا أن تكون ضيف لمتنا الغالية
حوار شيق جدا عرفنا من خلاله جوانب رائعة عن قلم الضيف الأديب الباحث العلمي حدباوي و بالتالي عن شخصه الكريم
أقول أننا بحاجة ماسة في الجزائر و في الوطن العربي لهذا الوعي الدقيق و العمق الكبير في التبصر بأبعاد الأدب و أغراضه و جعله وسيلة و إن كان في الأصل كذلك أقول وسيلة ناجعة في معالجة مشاكل الأمة دينيا إجتماعيا ، سياسيا و ثقافيا و اقتصاديا أيضا
باعتبار الأدب لسان اللغة التي بها نوضع و نضع كل أمور الحياة في الصورة
مرة أخرى شكرا للضيف الكريم حفظك الرحمن و سدد خطاك
و شكرا للمسضيف و بارك الله فيه
 
السلام عليك أخي مصطفى

دائما تطل علينا بمواضيع مميزة

أسئلة رائعة

شكرا لأنك قربتنا من الاديب حدباوي غني

ننتظر اطلالة جديدة

موفق
 
جميل جدا جدا
استمتعت بمتابعة الحوار

الف ششكر
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top