لنتعلَّم معًـا عقيدة التوحيد (3): الشِرك وأقسامـه

إنسانة ما

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
28 سبتمبر 2011
المشاركات
1,913
نقاط التفاعل
123
النقاط
79
محل الإقامة
تبسة
الجنس
أنثى
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله

حياكم الله.. بعدما تعرفنا -بفضل الله- على معنى كلمـة الإخلاص وشروطها والتوحيد وأقسامـه نُعرج اليـوم -بإذن الله- على معنى الشرك وأنواعـه. أسأل الله أن ينفعني وإياكم بهذا الدرس .. آمين

1) تعريف الشرك:

هو جعل شريك لله تعالى في ربوبيته وِاِلهيته. والغالب الإشراك في الألوهية بأن يدعو مع الله غيره أو يصرف لـه شيئًا من أنواع العبادة كالذبح والنذر والخوف والرجاء والمحبة، والشرك أعظم الذنوب وذلك لأمور:

* لأنه تشبيـه للمخلوق بالخالق في خصائص الألهيـة، فمن أشرك مع الله أحدًا فقد شبهه بـه، وهذا أعظم الظلم، قال تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: 13]، والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، فمن عبد غير الله فقد وضع العبادة في غير موضعها وصرفها لغير مستحقها وذلك أعظم الظلم.

* أن الله أخبر أنـه لا يغفر لمن لم يتُب منه، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾ [النساء: 48].

* أن الله أخبر أنـه حرَّم الجنَّـة على المشرك وأنه خالـد مُخلد في نار جهنَّم، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّـهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّـهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾ [المائـدة: 72].

* أن الشرك يُحبِط جميع الأعمال، قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 88]، وقال تعالى: ﴿لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الـزمر: 65].

*
أن المشرك حلال الدم والمال، قال تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ [التوبـة: 5]، وقال النبِّي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: <<أمرتُ أن أقاتِل النَّاس حتى يقولوا: لا إلـه إلَّا الله، فإن قالـوها عصموا مِنـا دماءهم وأموالهم إلَّا بحقها>> رواه الشيخان.

* أن الشرك أكبر الكبائـر، قال -صلَّى الله عليـه وسلَّم-: «ألا أنبِّئكم بأكبر الكبائـر، قُلنا بلى يا رسـول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالـدين» رواه الشيخان.قال العلامـة بن القيِّم -رحمه الله-: ((أخبر سبحانـه أن القصد بالخلق والأمـر أن يُعرف بأسمائـه وصفاتـه ويُعبد وحده لا يُشرك بـه، وأن يقوم النَّاس بالقسط وهو العدل الـذي قامت بـه السماوات والأرض كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ [الحديد: 25].فأخبر سبحانـه أنـه أرسـل رُسلـه وأنزل كتبـه ليقوم الناس بالقسط وهو العدل، ومن أعظم القسط التوحيد، وهو رأس العدل وقوامـه، وأن الشرك ظلم، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: 13].

فالشرك أظلم الظلم، والتوحيد أعدل العدل، فما كان أشد منافاة لهذا المقصود هو أكبر الكبائر))، إلى أن قال: ((فلما كان الشرك منافيًا بالذات لهذا المقصود فهو أكبر الكبائر على الإطلاق، وحرَّم الله الجنَّـة على كل مشرك وأباح دمـه ومالـه وأهله لأهل التوحيد وأن يتَّخذونهم عبيدًا لهم لما تركوا القيام بعبوديته، وأبى الله سبحانه أن يقبل لمشرك عملاً، أو يقبل فيه شفاعـة، أو يُجيب لـه في الآخرة دعوة، أو يقبل لـه فيها رجـاء، فإن المشرك أجهل الجاهلين بالله، حيث جعل لـه من خلقـه نِـدًا، وذلك غايـة الجهل بـه -كما أنـه غايـة الظلم منه- وإن كان المشرك في الواقع لم يظلم ربـه وإنما ظلم نفسـه)) أهـ [الجواب الشافي: 109].

* أن الشرك تنقص وعيب نزَّه الرَّب سبحانـه عنهما، فمن أشرك بالله فقد أثبت لله ما نزَّه نفسـه عنه وهذا غايـة المحاداة لله تعالى وغايـة المعانـدة والمشاقـة لله.

2) أنواع الشرك:

الشرك نوعـان:

النوع الأول: شرك أكبر يُخرج من المِلـة ويخلد صاحبـه في النَّار إذا مات ولم يتُب منـه -وهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله- كدعاء غير الله والتقرب بالذبائح والنذور لغير الله من القبور والجن والشياطين، والخوف من الموتى أو الجن أو الشياطين أن يضروه أو يُمرضوه، ورجاء غير الله فيما لا يقدر عليـه إلَّا الله من قضاء الحاجات وتفريج الكُربات مما يُمارس الآن حول الأضرحة المبنية على قبور الأولياء والصالحين، قال تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّـهِ﴾ [يونس: 18].

النوع الثاني: شرك أصغر لا يُخرج من المِلَّـة لكنه يُنقص التوحيد وهو وسيلـة إلى الشرك الأكبر وهو قسمان:


  • [*]القسم الأول: شرك ظاهر وهو ألفاظ وأفعال، فالألفاظ كالحلف بغير الله، قال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك»؛ رواه الترمذي وحسنه وصححه الحاكم، وقولـه: "ما شاء الله وشئت" قال -صلَّى الله عليه وسلَّم- لما قال لـه رجلٌ ما شـاء الله وشئت، فقال: «أجعلتني لله نِـدًا، قل: ما شاء الله وحده»؛ رواه النسائي، وقول: "لولا الله وفلان" والصواب أن يُقال: ماشاء الله ثم فلان، ولولا الله ثم فلان، لأن ثم للترتيب مع التراخي، تجعل مشيئـة العبد تابعة لمشيئة الله، كما قال تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [التكوير: 29]، أمـا الواو فهي لمطلق الجمع والاِشتراك لا تقتضي ترتيبًا ولا تعقيبًا. ومثلـه: مالي إلَّا الله وأنت. وهذا من بركات الله وبركاتك.
أمـا الأفعال: فمثل لبس الحلقـة والخيط لرفع البلاء أو دفعـه، ومثل تعليق التمائم خوفًا من العين، إذا اِعتقد أن هذه أسباب لرفع البلاء أو دفعـه فهذا شركٌ أصغر، لأن الله لم يجعل هذه أسبابًا، أما إن اِعتقد أنها تدفع أو ترفع البلاء بنفسها فهذا شركٌ أكبر لأنـه تعلق بغير الله.



  • [*]القسم الثانـي: شركٌ خفي وهو الشرك في الإرادات والنيَّات -كالرياء والسُمعـة- كأن يعمل عملاً مما يتقرب بـه إلى الله يُريد بـه ثناء النَّاس عليه؛ كأن يُحسن صلاتـه أو يتصدَّق لأجل أن يُمدح ويُثنى عليـه، أو يتلفظ بالذكر ويُحسِّن صوتـه بالتلاوة لأجل أن يسمعـه النَّاس فيُثنوا عليـه ويمدحوه، والريـاء إذا خالط العمل أبطلـه، قال تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف:: 110].
قال النبِّي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «أخوف ما أخاف عليكم الشِرك الأصغر»، قالـوا: يا رسول الله ما الشرك الأصغر؟ قال: «الرياء»؛ رواه أحمد والطبراني والبغوي. ومنه العمل لأجل الطمع الدنيوي، كمن يحج أو يُؤذن أو يؤم النَّاس لأجل المـال، أو يتعلم العلم الشرعي أو يُجاهد لأجل المال، قال النبِّي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «تعِسَ عبد الدينار، وتعس عبد الدرهم، وتعس عبد الخميصـة، تعس عبد الخميلـة، أن أعطي رضى وإن لم يُعط سخط» رواه البخاري.

قال الإمام اِبن القيِّم -رحمه الله-: ((وأما الشرك في الإرادات والنيَّات فذلك البحر الذي لا ساحل لـه وقل من ينجو منـه، فمن أراد بعملـه غير وجه الله ونوى شيئًا غير التقرب إليـه وطلب الجزاء منه فقد أشرك في نيَّتـه وإرادتـه.

والإخلاص أن يُخلِص لله في أفعالـه وأقوالـه وإرادتـه ونيَّتِـه، وهذه هي الحنيفية ملَّـة إبراهيم التي أمر الله بها عباده كلَّهم ولا يًقبل من أحد غيرها وهي حقيقـة الإسلام، كما قال تعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85].

وهي ملَّـة إبراهيم -عليه السلام- التي من رغب عنها فهو من أسفـه السُفهاء)). أهـ [الجواب الكافي: 115].

تم بحمـد الله ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
المراجع:
كتاب التوحيد:: الشيخ صالح فوزان الفوزان -حفظه الله-



 
آخر تعديل:
أحسن الله إليكي اختي الكريمة وفقكي الله في الأعداد القادمة
 
اللهم صل على محمد وآل محمد
إنه مما يثلج الصدر قيام نساء مسلمات على هذا الدين قيام نساء الرسول عليهن السلام أوّل الدعوة.
بارك الله لكن وفيكن.
تعليق صغير:تجنبي يا رعاك الله الدخول في مسائل الإختلاف.وأسندي قولك دائما إلى صاحبه لكي لا يعوزك تبرير. ولا تتعصبي للرجال مهما كان شأنهم ولكن للحق.قال تعالى:"
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًاالأحزاب 21 وقال:"فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ"آل عمران 159
تقبلوا فائق الإحترام
 
اللهم صل على محمد وآل محمد
إنه مما يثلج الصدر قيام نساء مسلمات على هذا الدين قيام نساء الرسول عليهن السلام أوّل الدعوة.
بارك الله لكن وفيكن.
تعليق صغير:تجنبي يا رعاك الله الدخول في مسائل الإختلاف.وأسندي قولك دائما إلى صاحبه لكي لا يعوزك تبرير. ولا تتعصبي للرجال مهما كان شأنهم ولكن للحق.قال تعالى:"
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًاالأحزاب 21 وقال:"فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ"آل عمران 159
تقبلوا فائق الإحترام

وفقكم بارك الله
مع نِّي ما فهمتُ نصيحتكم جيِِّّدا، أين الخِلاف فيما طرحت؟
وفقكم الله

 

وفقكم بارك الله
مع نِّي ما فهمتُ نصيحتكم جيِِّّدا، أين الخِلاف فيما طرحت؟
وفقكم الله


حفظك الله ورعاك راجعي كتاب الشرك ومظاهره للشيخ أمبارك الميلي رحمه الله.
 
موضوع مهم للغاية
بارك الله فيك
غاليتي
وجزاك عنا خير الجزاء
 
حفظك الله ورعاك راجعي كتاب الشرك ومظاهره للشيخ أمبارك الميلي رحمه الله.

حمَّلتُ الكتاب وراجعته، ما وجدتُ كثيرًا من الإختلاف فقط بعض التسميات والله أعلم.
والذي عليه عُلماء أهل السنَّة والجماعة سلفًا وخلفًا هو هذا التقسيم.
والله أعلم بالصواب

 
بسم الله مجراها ومرساها

السلام عليكم


تستحقين خير الجزاء
ومنا كل الثناء
بوركتي عزيزتي انتظر تواصل السلسلة وساكون في المتابعة باذن الله بارك الله فيك
موفقة بعونه














 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top