*دروس في أصول الفقه *تعلم أصول الفقه بيسر للمبتدئين/نرجوا التثبيت

محمد السلفي المالكي

:: عضو مُشارك ::
إنضم
4 أوت 2013
المشاركات
248
نقاط التفاعل
200
النقاط
13







ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ به من شرور انفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له والصلاة على المصطفى وصحبه ذوي التقى والآل والتابعين من ارتقى


نقدم للأحبة الفضلاء دروسا مبسطة في علم
أصول الفقه وهو من أسس العلم الشرعي علما أن العلم الشرعي أشرف العلوم بشرف المعلوم وهو الله جلا و على
وبرعاية الله نستهل هذه الدروس ابتغاء وجه الله
فتقبل الله منا ومنكم

نرجوا أن تستفيدو


ولاستفسارتكم وتساؤلاتكم سنمدكم بالمراجع والمصادر حتى يتسنى لكم
التعمق في علم أصول الفقه


على بركة الله
.






مدخل لعلم أصول الفقه



393086_414969198519436_578689931_n.jpg




أصول الفقه مركب من مضاف، ومضاف إليه، ولذلك كان لزاماً على من رام تعريفة أن يعرفه باعتباره مركباً من مفردات، ويعرفه باعتباره لقباً لعلمٍ معروف أي يعرفه بمعناه الإجمالي. ولهذا سأبدأ بتعريفة باعتباره مركباً من مفردات:-

تعريف علم أصول الفقه باعتباره مركباً من مفردات:-

تعريف العلم لغة: ضد الجهل.

تعريف كلمة علم اصطلاحاً: عرفه الإمام أبو إسحاق الشيرازي بقوله:

العلم هو معرفة المعلوم على ما هو عليه(1).

وعرفه الإمام الشوكاني بقوله:

هو صفة ينكشف بها المطلوب انكشافاً تام(2).

تعريف كلمة أصول لغة:-

قال الإمام الرازي معناها: المحتاج إليه (3).

وعرفها الإمام ابن الحاجب(4)، بقوله:_ الأصول: جمع أصل، وهو ما بني عليه غيره سواءً كان البناء معنوياً أو حسين(5).

تعريف كلمة الأصول اصطلاحاً:-

قال الإمام ابن الحاجب(6):

إن كلمة أصول تطلق على أربعه أمور هي:-

1- الصور المقيس عليها.

2- القاعدة المستمرة.

3- الرجحان.

4- الدليل.

وعلى هذا مشى الأمام الشوكاني، إلا أنه زاد من المعاني الاصطلاحية (الأوفق بالمقام الرابع)(7).

تعريف كلمة الفقهhttp://www.4bladi.net/vb/showthread.php?t=5940 لغةً:-

فالإمام الغزالي عرفه بقوله: بأنه عبارة عن العلم، والفهم في أصل الوضع(8).

وعرفه الإمام الرازي: بـأنه فهم غرض المتكلم من كلامه(9).

وأما الإمام ابن قدامه(10) فقد عرفه بقوله: إنه في أصل الوضع الفهم(11)، قال تعالى إخباراً عن موسى -عليه السلام- )وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي([طه :27ـ28]

وعرفه ابن الحاجب بقوله معتمداً على تعريف أهل اللغة كابن فارس(12)

والجوهري(13) فقال: إنه العلم على كلام ابن فارس، وعلى كلام الجوهري هو الفهم(14)، فوافق الإمام الغزالي في اختياره أنه في الأصل بمعنى الفهم، والعلم.

تعريف كلمة الفقه اصطلاحاً:-

عرفه الغزالي في الاصطلاح بقوله: إنه العلم بالأحكام الشرعية، الثابتة لأفعال المكلفين خاصة.(15)

التعريف الإجمالي لأصول الفقه أي باعتباره لقباً لعلم معين:-

عرفه الإمام ابن قدامة بقوله:-

وأصول الفقه أدلته الدالة عليه من حيث الجملة، لا من حيث التفصيل(16).

وهذا التعريف يؤخذ عليه:-

أنه ذكر في التعريف جزءاً واحداً من أجزاء التعريف اللقبي لأصول الفقه، وهو أنه أدلة الفقه الإجمالية، ولم يذكر باقي التعريف.

وعرفه الإمام الرازي بقوله:-أصول الفقه: عبارة عن مجموعة طرق الفقه على سبيل الإجمال، وكيفية الاستدلال بها، وحال المستدل بها(17).

والإمام الرازي، أغفل القواعد الكلية، التي ذكرها غيرها وإن كانت تدخل في عموم مجموع طرق الفقه، لكن لأهميتها يفردها العلماء.

وعرفه العلامة الأسعدي بقوله: هو قواعد يتوصل بها لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية(18).

لكنه لم يكمل التعريف بحال المستفيد وطرق الترجيح وهي من أصول الفقهhttp://www.4bladi.net/vb/showthread.php?t=5940 وقد نص عليها غيره من علماء أصول الفقه.

وعرفه الإمام بقوله:

هو إدراك القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية على وجه التحقيق(19).

وهو لم يذكر حال المستفيد، وطرق الترجيح التي ذكرها غيره من العلماء، لكن قد يقال إنها تدخل في عموم لفظ القواعد الكلية.

التعريف المختار :

تعريف الأصول لغة
:-

قال ابن فارس في مقاييس اللغة: إنه يدل على ثلاثة أصولٍ متباعدةٍ:-

أحدها:- أساس الشيء.

الثاني:- الحية.

الثالث:- ما كان من النهار بعد العشاء.

فالمعنى الأول، من قولهم لا أصل له، ولا فصل أي الأصل الحسب، والمعنى الثاني الحية العظيمة، من الحديث في وصف الدجال، (كان رأسه أصلة)(20)

والثالث من قول العرب:-

لعمري لأنت البيت أكرم أهله وأقعد في أفيائه بالأصائل(21).

وقال ابن منظور(22).

الأصل أسفل الشيء، وجمعه أصول(23).

وقال الزبيدي(24) في تاج العروس(25) .

الأصل أسفل الشيء، يقال قعد في أصل الجبل، ثم كثر حتى قيل: أصل كل شيء ما أستند إليه، مثل الأب أصل الولد(26).

وقال غيره:- الأصل ما بني عليه غيره.

ويطلق في الاصطلاح على عدة معان:-

1- القاعدة .

2- الراجح .


3- المستصحب.


4- الصورة المقيس عليها.


تعريف ابن فارس في مقاييس اللغة:

(ف ق 5) أصل واحد، يدل على إدراك الشيء، والعلم به، ثم اختص بعلم الشريعة(27).

وقال ابن منظور: إنه العلم بالشيء، الفهم له(28).

أما اصطلاحاً:

هو العلم بالإحكام الشرعية العلمية، المستنبطة من أدلتها التفصيلية، بالاستدلال(29).

خرج بالعلم: الجهل .

خرج بالأحكام الشرعية: الأحكام الغير شرعية كأحكام الفيزياء والكيمياء.

خرج بالعملية: الأخلاق والقصص .

خرج بالمستنبطة: ما لا يؤخذ بالاستنباط وهو حفظ الأحكام الشرعية.

خرج بالأدلة التفصيلية: الأدلة الإجمالية.

تعريف علمأصول الفقه:

العلم بالقواعد الكلية، والأدلة الإجمالية، التي يتوصل بها إلى معرفة الأحكام الشرعية وحال المجتهد وطرق الترجيح(30).

وهذا التعريف هو للإمام السبكي(31).

شرح التعريف:

فالعلم: ضد الجهل ويدخل فيه الظن.

فالقواعد الكلية: مثل الأمر يفيد الوجوب،

الأدلة الإجمالية: خرج بها الأدلة التفصيلية مثل قوله تعالى*/http://www.4bladi.net/vb/showthread.php?t=5940يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ([الأحزاب: 70]

والإجمالية مثل الكتاب، والسنة،والقياس، والإجماع، وغيرها التي يتوصل بها إلى معرفة الأحكام الشرعية: وهذه طرق الاستدلال.

حال المجتهد: أي شروطه، وأحكام الاجتهاد.

طرق الترجيح أي كيفية الترجيح بين الأدلة .

2- موضوعه


تكلم الأصوليون في هذه المسألة بعدة اتجاهات، فمنهم من يقول: إن موضوع على أصول الفقه هو الأحكام الشرعية، والأدلة، ومنهم من يقول: أن موضوعه الأدلة الإجمالية، ومنهم من يزيد في القيود وهو الأفضل، وعليه جرى الإمام السبكي(32) في جمع الجوامع فقال إن موضوع أصول الفقه:

هو الأحكام الشرعية، والأدلة الإجمالية، وطرق الترجيح، وشروط الاجتهاد.

3- استمداد علم أصول الفقه

قال الإمام الغزالي:

إن استمداده من ثلاثة أشياء هي:

1- علم الكلام:

ووجه استمداده من الكلام، أن الإحاطة بالأدلة المنصوبة، على الإحكام مبناها على تقبل الشرائع، وتصديق الرسل، ولا مطمع فيه إلا بعد العلم بالمرسل.

2- الفقه:

ووجه استمداده من الفقه أنه المدلول، وطلب الدليل مع الذهول عن المدلول ما تأباه مسالك العقول.

3- اللغة:

ووجه استمداده من اللغة، كون الأصولي مدفوعاً إلى الكلام في فحوى الخطاب، وتأويل أخبار الرسول -عليه الصلاة السلام-، ونصوص الكتاب(33).

4- فائدته، وحكمه :

1- أن يؤهل المتعلم نفسه للاجتهاد.

2- أن يتعرف على طرف بناء
الفقه عند الفقهاء، والمجتهدين.

3- علم وضعه الأولون،والخير كل الخير في اتباع من سلف.

أما حكمه:

فهو فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ومتعين على طلاب العلم.

5- واضعه :

اختلف علماء
أصول الفقه http://www.4bladi.net/vb/showthread.php?t=5940 في ذلك على عدة أقوال:-

1- الجمهور من الأصوليين قالوا:

إن أول من وضع علم
أصول الفقه هو إمام المذهب الشافعي الإمام محمد بن إدريس الشافعي.

قال الإمام الزركشي(34):

الشافعي أول من صنف في
أصول الفقه صنف كتابه الرسالة، وكتاب أحكام القرآن، وكتاب اختلاف الحديث، وكتاب إبطال الاستحسان، وكتاب جماع العلم، وكتاب القياس(35).

2- الإثنى عشرية قالوا (36): إن أول من وضع على
أصول الفقه هو الإمام محمد الباقر(37) .

3- الأحناف:

قال الأحناف: إن أول من ألف في علم أصول الفقه: هو الإمام الأعظم أبو حنيفة، وكان كتابه الرأي أول كتاب في الأصول.

وهناك رأي آخر عندهم مفاده أن أول من ألف في الأصول، هو محمد بن الحسن(38)، وكتاباه هما الاستحسان، وأصول الفقه.

وهناك رأي أخر عندهم أيضاً يقول: إن أول من ألف في علم الأصول، هو الإمام أبو يوسف(39).

وهناك رأي آخر ذكره المتأخرون من الأحناف فقال الأسعدي(40):

إن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أول من صنف في علم اأصول الفقه في الرسالة التي أرسلها إلى أبي موسى الأشعري، ورسالته الأخرى التي أرسلها إلى القاضي شريح(41)



يتبع

بالدرس الأول






































































 
بسم الله الرحمن الرحمن


بعون الله نقدم لكم اليوم الدرس الأول في علم أصول الفقه بعد ما رأينا مسبقا مدخلا مبسطا لهذا العلم .

Fwasel%20%2810%29.gif


527121_517438801605808_1673278804_n.jpg









**الحكم الشرعي :

- تعريفه .

- تقسيماته .

* تعريف الحكم:

هو لغةً: المنع، ومنه قولهم أَحكمتُ الشيء.

ويأتي بمعنى العلم والفقه، ومنه قول النبي e : (الخلافة في قريش والحكم في الأنصار).

واصطلاحاً: إثبات أمر لأمر آخر أو نفيه عنه . –وهذا تعريف الحكم عموماً ليشمل التالي :

يشمل أولاً الحكم العقلي) وهو ما كان إثباته أو نفيه عن طريق العقل، كالواحد نصف الاثنين.

ويشمل ثانياً : (الحكم العادي) وهو ما كان إثباته أو نفيه عن طريق العادة، كإثبات أن الماء مُرْوٍ.

ويشمل ثالثاً : (الحكم الشرعي) وهو مجال البحث عندنا ههنا في علم أصول الفقه .

التعريف الاصطلاحي (( للحكم الشرعي )) :

(( هو خطاب الله تعالى ، المتعلق بأفعال المكلفين ، اقتضاءً أو تخييراً أو وضعاً)).

- شرح التعريف:

قوله : (خطاب) : جنس في التعريف يدخل كل خطاب لكن ستأتي قيود تحد من انتشاره وتقيده في نوع معين من الخطابات ، ولمعلوميتك أخي فإن أول من رسم هذا التعريف للحكم هو الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه عندما قال : الحكم : هو خطاب الشرع وقوله .

والفرق بين الخطاب والقول أن الخطاب خاص فيما كان متوجهاً إلى الغير ، أما القول فيعم فيما وجه للغير وما لم يوجه للغير ، فيكون كل خطاب قول لا العكس .

وأحكام الشرع هي خطابات .

قوله: (خطاب الله تعالى) يؤخذ منه أن الأحكام الشرعية كلها من الله تعالى وأن الحكم لله تعالى وحده، وهذا لا يدل على تقييده بالقرآن والوحي فقط بل يدخل فيه حتى ما ثبت بالإجماع أو القياس أو غيرهما من الأدلة ومصادر التشريع والتي هي مأخوذة من أصل مصادر التشريع القرآن والسنة (الوحي).

قوله: (المتعلق بأفعال المكلفين) يُخرِج خطابات الله تعالى الأخرى التي تتعلق إما بذاته أو بصفاته أو بأفعاله أو بذوات المكلفين أو بالجمادات.

قوله: (أفعال) يشمل كل ما يصدر من المكلف من قول أو عمل أو نية.

قوله: (المكلفين) قيد بالمكلفين من باب التغليب، وإلا فإن أحكام الشرع تتعلق بغير المكلفين أيضاً كالصبي والمجنون مثلاً في حكم الزكاة وحكم الإتلافات، لذا قال بعضهم في التعريف (بأفعال العباد) هرباً من هذا الإشكال.

قوله: (اقتضاءً أو تخييراً أو وضعاً) هذا فيه بيان لأقسام الحكم الشرعي، فقوله (اقتضاءً أو تخييراً) بيان للنوع الأول من أنواع الحكم الشرعي وهو الحكم التكليفي، حيث إن خطاب الشارع إما أن يقتضي ويطلب الفعل، وإما أن يقتضي ويطلب الكف وترك الفعل، وإما أن يخير بين الفعل والكف.

وطلب الفعل إما أن يكون جازماً وهو (الواجب)، أو غير جازم وهو (المندوب)، وكذلك طلب الترك والكف إما أن يكون جازماً وهو (المحرم)، أو غير جازم وهو (المكروه)، والتخيير بين الفعل والترك هو (المباح).

وقوله (أو وضعاً) يكشف النوع الثاني من أنواع الحكم الشرعي وهو الحكم الوضعي.

* أقسام الحكم الشرعي:

ينقسم الحكم الشرعي إلى قسمين:

1- الحكم التكليفي: وهو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاءً أو تخييراً.

2- الحكم الوضعي: وهو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بجعل الشيء سبباً لشيء، أو شرطاً فيه، أو مانعاً منه، أو صحيحاً، أو فاسداً.

كحكم الله تعالى المتعلق بجعل الطهارة شرطاً في صحة الصلاة، وجعل النصاب سبباً للزكاة، وجعل القتل مانعاً من الميراث، فهذه أمور خالية من الطلب والتخيير وإنما تضمنت وضعاً لأشياء معينة.

- سؤال: ما هي الحكمة في تعدد الأحكام الشرعية ؟

الجواب: الحكمة في ذلك هي التخفيف على هذه الأمة، وذلك بتنويع المأمورات والمنهيات من وجوب وندب وتحريم وكراهية وإباحة، لأن النفوس والهمم تختلف فمِن مقتصرٍ على الواجبات وتاركٍ للمحرمات إلى مُتَرَقٍّ بالمندوبات والفضائل وتاركٍ للمحرمات والمكروهات.

* أقسام الحكم التكليفي:

الجمهور يقسمونه إلى خمسة أقسام، وهي: (الواجب، المندوب، المحرم، المكروه، المباح)، وأما الحنفية فإنه ينقسم عندهم إلى سبعة أقسام، وهي: (الفرض، الواجب، المندوب، المحرم، المكروه كراهة تحريمية، المكروه كراهة تنزيهية، المباح).

- فرَّقَ الحنفية بين الفرض والواجب بأن الفرض هو ما ثبت بدليل قطعي والواجب ما ثبت بدليل ظني، وفرَّقوا بين المحرم و المكروه كراهة تحريمية بأن المحرم هو ما ثبت بدليل قطعي والمكروه كراهة تحريمية ما ثبت بدليل ظني.






































































 



407606_547160225300332_458916641_n.png


الأحكام الشرعية

تقدم لك أن الفقه هو العلم بالأحكام الشرعية، وإليك فيما يلي بيان هذه الأحكام بإيجاز:

تعريف الحكم:

الحكم لغة : المنع، واصطلاحاً: مقتضى خطاب اللّه المتعلق بأفعال المكلفين.


المحظور


أقسام الحكم الشرعي

المكروه


أقسام الحكم التكليفي

المباح


الواجب

أقسام الحكم الوضعي


المندوب
...................................................
أقسام الحكم الشرعي

والأحكام الشرعية على قسمين:

1- تكليفية 2- وضعية.

فالحكم التكليفي : هو مقتضى خطاب اللّه تعالى المتعلق بأفعال المكلفين على جهة الاقتضاء أو التخيير.

والحكم الوضعي : هو ما وضعه الشارع من أسباب وشروط وموانع تعرف عند وجودها أحكام الشرع من إثبات أو نفي.

الفرق بين القسمين : والفرق بين التكليفية والوضعية هو: أن التكليفية كلف المخاطب بمقتضاها فعلا أو تركاً، وأما الوضعية فقد وضعت علامات للفعل أو الترك أو أوصافاً لهما.
..................................

أقسام الحكم التكليفي

ينقسم الحكم التكليفي إلى خمسة أقسام: لأنه إما أن يكون بطلب فعل أو بطلب ترك، وكلاهما إما جازم أو غير جازم وإما أن يكون فيه تخيير بين الفعل والترك، وبيانها كالآتي:

1- فالخطاب بطلب الفعل الجازم: إيجاب، ومتعلقه : واجب.

2- والخطاب بطلب الفعل غير الجازم: ندب، ومتعلقه : مندوب.

3- والخطاب بطلب الترك الجازم: تحريم، ومتعلقه: محرم.

4- والخطاب بطلب الترك غير الجازم: كراهة، ومتعلقه: مكروه.

5- والخطاب بالتخيير بين الفعل والترك: إباحة، ومتعلقه: مباح.

تنبيه: جرى الأصوليون على عد المباح من أقسام الحكم التكليفي وفي ذلك تسامح إذ المباح لا تكليف فيه لاستواء طرفيه.
................................
الواجب


الواجب في اللغة : اللازم والثابت قال الله تعالى: {فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها} . أي سقطت واستقرت على الأرض، وقال الشاعر:

أطاعت بنو بكر أميراً نهاهموا عن السلم حتى كان أول واجب


وفىِ الاصطلاح : هو ما يثاب فاعله امتثالا ويستحق تاركه العقاب.


تقسيمات الواجب

ينقسم أولا بحسب فاعله إلى فرض عين وفرض كفاية لأنه:

أ- إما أن يكون مطلوبا من كل فرد بعينه كالصلوات الخمس فهو فرض عين.

ب- أو يكتفي فيه بفعل البعض كصلاة الجنازة فهو فرض كفاية.

وذلك لأن الشارع لا ينظر إلى الأخير من حيث الفاعل بل من حيث وجود الفعل ممن كان هو.

وثانيا: بحسب وقته المحدد له: إِلى مضيق وموسع لأنه:

أ- إن كان الوقت المحدد لفعله بقدره فقط فمضيق. كوقت الصيام في رمضان فإن الصوم يستغرق ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس فلا يمكن صيام نفل معه وكذلك آخر الوقت إذا لم يبق إلا ما تؤدى فيه الفريضة كقبيل طلوع الشمس بالنسبة إلى الصبح أو قبيل غرويها بالنسبة إلى العصر.

ب- وإن كان يسعه ويسع غيره من جنسه معه فموسع كأوقات الصلوات الخمس فإن وقت كل صلاة يسعها ويسع غيرها معها من النوافل.

وثالثاً: بحسب الفعل: إلى معين ومبهم لأنه:

أ- إن كان الفعل مطلوباً بعينه لا يقوم غيره مقامه كالصلاة والصوم والحج ونحوها فمعين.

ب- وإن كان الفعل مبهما في أشياء محصورة يجزي واحد منها كخصال الكفارة من عتق أو إطعام أو صوم فمبهم إذ الواجب واحد لا بعينه.
...................

المندوب

المندوب لغة : اسم مفعول من الندب وهو الدعاء إلى الفعل كما قال الشاعر:


لايسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا


وفي الاصطلاح : ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه ويطلبه الشارع طلبا غير جازم.

وهو مرادف للسنة والمستحب والتطوع.

ومذهب الجمهور أن المندوب مأمور به، ومن أدلتهم قوله تعالى: {إن اللّه يأمر بالعدل والإِحسان وإيتاء ذي القربى}، وقوله: {وأمر بالمعروف} وقوله: {وأمر بالعرف} ومن هذه الأشياء المأمور بها ما هو مندوب، ومنها: أن الأمر استدعاء وطلب والمندوب مستدعي ومطلوب. فيكون مأموراً به.
................
المحرم أو المحظور


المحظور لغة : الممنوع، واصطلاحا: ما يثاب تاركه امتثالا ويستحق فاعله العقاب، كالزنا والسرقة وشرب الخمر والدخان وحلق اللحى ونحو ذلك، ويسمى محرماً ومعصية وذنبا وحجرا.
.............
المكروه

المكروه لغة: ضد المحبوب قال اللّه تعالى: {ولكن اللّه حبب إليكمٍ الِإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان}، واصطلاحا هو: ما يقتضي الثواب على تركه امتثالا لا العقاب على فعله كتقديم الرجل اليسرى عند دخول المسجد، واليمنى عند الخروج منه.
.
.
............
المباح

المباح لغة: كل ما لا مانع دونه كما قيل:

ولقد أبحنا مـــا حميـ ت ولا مبيح لما حمينا


وفي الاصطلاح هو : ما كان الخطاب فيه بالتخيير بين الفعل والترك فلم يثب على فعله ولم يعاقب على تركه كالأكل والنوم والاغتسال للتبرد ومحل ذلك ما لم تدخله النية فإن نوى بالمباح خيراً كان له به أجر.


.......................... .......
أقسام الحكم الوضعي


- السبب

السبب في اللغة ما توصل به إلى غيره، واصطلاحا: ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته كزوال الشمس فإنه سبب في وجوب صلاة الظهر وكملك النصاب فإنه سبب في وجوب الزكاة وكالولاء والنسب في الميراث.

2- الشرط

الشرط لغة : واحد الشروط مأخوذ من الشرط- بالتحريك- وواحد الأشراط والمراد به العلامة.

وفي الاصطلاح : ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته. كالطهارة مثلا فإنها شرط في صحة الصلاة فيلزم من عدم وجود الطهارة عدم وجود الصلاة الشرعية، ولا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة، إذ قد يكون الإنسان متطهراً ويمتنع من فعل الصلاة.

3- المانع

المانع في اللغة: الحاجز، واصطلاحاً: هو ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته، كالقتل في الميراث، والحيض في الصلاة، فإن وجد القتل امتنع الميراث، وإن وجد الحيض امتنعت الصلاة وقد ينعدمان ولا يلزم ميراث ولا صلاة، فهو بعكس الشرط إذ الشرط يتوقف وجود المشروط على وجوده، والمانع ينفى وجوده.

ولكي يتبين لك الفرق بين السبب والشرط والمانع، أنظر في زكاة المال مثلا تجد سبب وجوبها وجود النصاب ويتوقف ذلك الوجوب على حولان الحول فهو شرط فيه، وإن وجد دين منع وجوبها فهو مانع لذلك الوجوب على القول بأن الدين مانع.

Fwasel%20%2810%29.gif

انتهى بفضل الله الى الدرس القادم باذن الله































































































































 
رد: *دروس في أصول الفقه *تعلم أصول الفقه بيسر للمبتدئين/نرجوا التثبيت

[



سلسلة
دروس في أصول الفقه
(تفصيل الدرس الثاني)


القسم الثاني : الأحكام الوضعية

تعريف الحكم الوضعي:
هو خطاب الله تعالى المتعلق بجعل الشيء سبباً لشيء ، أو شرطاً له ، أو مانعاً منه ، أوصحيحاً ، أو فاسداًً
ومعنى هذا: أن الله تعالى شرع أشياء ونصبها أدلة على إثبات حكم أو نفيه ،فالحكم يوجد بوجود سببه ، وتوفر شرطه، وانتفاء مانعه، وينتفي بانتفاء سببه ، أو تخلف شرطه، أو وجود مانعه.
وسمي وضعياً ، لأنه موضوع من قبل الشارع فهو الذي قرر مثلاً أن السرقة سبب لقطع اليد ، والوضوء شرط لصحة الصلاة، وقتل الوارث مورثه مانع من الإرث.
أقسام الأحكام الوضعية:
ينقسم الحكم الوضعي إلى خمسة أقسام هي : ــ
القسم الأول : السبب .
القسم الثاني : الشرط .
القسم الثالث : المانع .
القسم الرابع : الصحة .
القسم الخامس : الفساد .

القسم الأول : السبب
السبب لغة : كل شيء يتوصل به إلى غيره.
السبب اصطلاحاً : هو ما يلزم من وجوده الوجود ويلزم من عدمه العدم . أي أن السبب إذا وجد وجد الحكم، وإذا تخلف تخلف الحكم . مثل دخول وقت الصلاة فإنه سبب في وجوبها فيلزم من دخول الوقت وجوب الصلاة متى ما توفرت الشروط وانتفت الموانع , ويلزم من عدم دخول الوقت عدم وجوب الصلاة.
وكالسرقة هي سبب لقطع اليد، فإذا لم يسرق لم تقطع يده ، وإذا سرق قطعت يده .
وكشهود رمضان جعله الله سبباً لإيجاب الصوم، قال تعالى: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه} .



القسم الثاني : الشرط
الشرط لغة : العلامة .
قال تعالى : (فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها}سورة محمد :الآية18 . أي علاماتها .
والشرط اصطلاحاً هو: ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود . كاستقبال القبلة للصلاة فإنه شرط لصحتها ، فيلزم من عدم استقبالها عدم صحة الصلاة ، ولا يلزم من وجدها وجود الصلاة .
وكالطهارة للصلاة، شرط في صحتها ، قال تعالى: { يأيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين } سورة المائدة : الآية 6 .
فإذا انعدمت الطهارة لم تصح الصلاة ، وإذا وجدت الطهارة لا يلزم من وجودها وجود الصلاة .

القسم الثالث : المانع
المانع لغة : الحائل أي الذي يحول بينك وبين الشيء .
والمانع اصطلاحاً هو: ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود . كالحيض فإنه يلزم من وجوده عدم صحة الصلاة ولا يلزم من عدمه صحة الصلاة ولا عدمها.
فلا بد في وجود الحكم الشرعي من توفر ثلاثة أمور وهى :-
(1) وجود السبب (2) وجود الشرط (3) انتفاء المانع .
فإذا تخلف أمر من هذه الأمور انتفى الحكم الشرعي .
مثاله: إذا قتل الأب ابنه عمداً فإنه لا يقتص منه، لأنه قد قام مانع منه، وهو الأبوة فإنها مانعة من القصاص.

القسم الرابع : الصحة

الصحة:
تعريفها لغــة: السلامة.
واصطلاحاً : ما ترتبت أثار فعله عليه شرعاً في العبادات أو العقود.
إطلاقات الصحة:
تطلق الصحة على أمرين:
صحة في العبادات.
صحة في العقود.
فالصحة في العبادات :
المراد بها: كل عبادة أديت امتثالاً لأمر الشارع وسقط بها القضاء.
دليلها: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} رواه مسلم .
قال ابن رجب رحمه الله تعالى: فهذا الحديث بمنطوقه يدل على أن كل عمل ليس عليه أمر الشارع فهو مردود ، ويدل بمفهومه على أن كل عمل عليه أمره فهو غير مردود والمراد بأمره ههنا دينه وشرعه، ثم قال: فمن كان عمله جارياً تحت أحكام الشريعة موافقاً لها فهو مقبول ، ومن كان عمله خارجاً عن ذلك فهو مردود.
فمن أدى الصلاة في وقتها ، تامة شروطها، وأركانها، وواجباتها ، فهي صحيحة.
الصحة في العقود :
المراد بها : ترتب الأثر المقصود من العقد عليه.
فمن اشترى بيتاً في ذلك شروط صحة البيع فقد صح البيع وترتب عليه أثره من انتقال الملك إلى المشتري ، واباحة انتفاعه به ، وتصرفه. فيه.
أي أن الصحة لا تتم إلا بتمام الشروط وانتفاء الموانع ، فلو تمت الشروط وانتفت الموانع إلا مانعا واحدا فلا يصح ، وبالأمثلة سيتضح الأمر .
مثال فقد الشرط في العبادة : أن يصلي بلا طهارة .
أي أنه لو صلى صلاة مكتملة الأركان مستوفية الشروط إلا الطهارة لم تصح لأنه أخل بشرط من شروط صحتها لأن من شرط صحة الصلاة الطهارة لها كما قال تعالى :{يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق}. سورة المائدة : الآية6.
وما جاء من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول صلى الله عليه وسلم: {لا يقبل الله صلاة بغير طـهور} رواه مسلم .
ومثال فقد الشرط في العقد : أن يبيع ما لا يملك .
أي أن يبيع شخص ما لا يملك البيع ، فلو باع بيعاً مستوفياً الشروط إلا أنه ليس المالك ولا أذن له المالك فإن هذا العقد لا يصح .
ومثال وجود المانع في العبادة : أن يتطوع بنفل مطلق وقت النهي .
فلو تطوع إنسان بصلاة نفل تطوعا لله مستوفيا شروطه وأركانه لكن في وقت نهي كبعد صلاة العصر، فإنه لا يصح لأجل وجود مانع من الصحة وهو : وقت النهي .
ومثال وجود المانع في العقد : أن يبيع من تلزمه الجمعة شيئا ًبعد نداء الجمعة الثاني فلا يصح بيعه إلا على وجه يباح وهو كل ما دعت الضرورة إليه ، لوجود مانع من صحة البيع وهو النداء الثاني للجمعة وهو الذي يكون بعد صعود الخطيب المنبر لأن البيع في هذا الوقت منهي عنه .

القسم الخامس : الفساد

الفساد لغة : هو تغير الشيء عن حالته السليمة إلى حالة السقم.
والفساد اصطلاحاً : ما لا تترتب آثارفعله عليه في العبادة أو العقود.
إطلاقات الفساد:
يطلق الفساد على أمرين:
فاسد في العبادات.
فاسد في العقود.
فالفساد في العبادات : وهو ما لا تبرأ به الذمة ولا يسقط به الطلب فكل عبادة أديت بخلل في شروطها أو أركانها أو لم تنتف موانعها فإنها تكون فاسدة ، فلا تبرأ ذمة فاعلها ، ويظل مطالبا بأدائها .مثال : الصلاة قبل وقتها ، فإنها فاسدة بالرغم منه قد يكون صلى صلاة تامة من حيث الأركان مستوفيا ً الركوع والسجود وكل الأركان لكنها فاسدة لإخلاله بشرط من شروط صحة الصلاة وهو دخول الوقت .
والفاسد في العقود : ما لا تترتب آثاره عليه ، كبيع المجهول .فإنه بيع فاسد لأن النبي صلى الله عليه وسلم {نهى عن بيع الغرر}رواه أبي داود كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
الفرق بين الباطل والفساد:
ذهب جمهور العلماء إلى عدم التفريق بين الفاسد والباطل وأنهما سواء إلا في مسألتين هما:
الأولى : في الإحرام : فالفاسد ما وطئ فيه المحرم قبل التحلل الأول ، والباطل ما ارتد فيه عن الإسلام نسأل الله السلامة والعافية.
الثانية : في النكاح: فالفاسد ما اختلف العلماء في فساده كالنكاح بغير ولي ، والباطل ما أجمع العلماء على بطلانه كزواج الرجل أخته من الرضاع ، أو نكاح المعتدة فإنه باطل بإجماع العلماء قال تعالى : { ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله } سورة البقرة : الآية 235.


يتبع باذن الله



 
رد: *دروس في أصول الفقه *تعلم أصول الفقه بيسر للمبتدئين/نرجوا التثبيت


123919nqbdnpq35j.gif

picture.php


الدرس الثالث


المصدر الأول للتشريع
القرآن الكريم
تعريفـــه:
الكتاب في أصل اللغة الفرض والحكم الواجب، ومنه قول تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) (النساء:103)، أي فرضا مؤقتا، وهو من باب نصر. ويطلق أيضا على كل ما يكتبه الشخص ويرسله، فهو في اللغة يعم كل كتاب.
والكتاب في تعريف الأصوليين خاص بما أنزل من عند الله تعالى على سيدنا محمد e ، ويعرفونه بأنه: (اللفظ العربي المعجز بسورة منه المنزل وحيا على سيدنا محمد e المنقول إلينا متوترا بلا شبهة المحفوظ في المصاحف المتعبد بتلاوته).

تحليل التعريــف:
اللفظ العربي: فيه إشارة إلى أن القرآن هو اللفظ والمعنى، وليس المعنى فقط، وعلى ذلك إجماع العلماء، إلا مما نقل عن أبي حنيفة أنه لم يجعل النظم (اللفظ) ركنا لازما في حق جواز الصلاة خاصة، بل اعتبر المعنى فقط. حتى لو قرأ المصلي بغير العربية في الصلاة من غير عذر جازت صلاته عنده، لكن الأصح أن الإمام أبا حنيفة رجع عن هذا القول إلى رأي الجمهور، فجعل القرآن الكريم هو اللفظ والمعنى في حق الصلاة وغيرها على حد سواء. ولذلك لا يسمى ما ترجم من القرآن إلى أي لغة أخرى غير العربية قرآنا على هذا التعريف المتفق عليه لدى المسلمين، ولكن تفسيرا له.
المعجز بسورة منه: العجز في اللغة الضعف، وأعجزه وجده عاجزا، ومنه المعجزة لما تظهره من عجز الآخرين وقصورهم عن الإتيان بمثلها، والمعجزة في الاصطلاح الأمر الخارق للعادة،
ولا بد عند الأصوليين لتحقق الإعجاز من توفر شروط ثلاثة، هي:

1- التحـدي: بأن يكون الأمر الخارق للعادة مصحوبا بالتحدي للخصم أن يأتي بمثله، وإلا لم يكن معجزة، فيخرج بذلك كل أنواع الكرامات التي تظهر على أيدي الصالحين، لأنها غير مصحوبة بالتحدي.
2- المقتضى : بأن يكون أمام الخصم دافع لمضاهاتها والإتيان بمثلها، فلو كان الخصم غافلا عنها غير مجتهد في الإتيان بمثلها لم تكن معجزة في حقه، لأن العجز لا يظهر إلا عند التصدي أو مكان التصدي للمضاهاة.
3- انتقاء المانع: وذلك بأن لا يكون أمام الخصم أي مانع من مضاهاتها إلا عجزه المطلق، فلو كان الخصم لم يسمع بها أو لم يفهمها، فإنها لا تعتبر معجزة في حقه، لأن عجزه لا يثبت هنا مع قيام المانــع.

وقد تحقق للقرآن الكريم هذه الشروط الثلاثة:
فأما التحدي، ففي أكثر آية من آيات القرآن الكريم، منها قوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:23)، وأي تحد أشد من هذا التحدي.
وأما المقتضى، فهو متوفر أيضا، يدل عليه رغبة المشركين الأكيدة في تكذيب محمد e وإظهار عجزه، لما جاء به من نقض لمبادئهم وعقائدهم الفاسدة ، ومن ذلك حرصهم الشديد على قتله e وإيذائه، وتجربتهم الفعلية في مضاهاته ثم اعترافهم بفشلهم في هذه التجربة، ثم قول أمية بن خلف عندما أرسلوه ليفاوض النبي e على ترك الدعوة التي يدعوا إليها حيث قال يصف القرآن الكريم: (إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، وما هو بقول بشر)، وأمية هو من هو في فصاحته ومعرفته باللغة العربية وأساليبها.
وأما زوال المانع، فهو موجود أيضا في القرآن الكريم، لأنه بلغتهم نزل، وبين أظهرهم انتشر، وهم العرب الأقحاح الذين بلغوا الشأو في الفصاحة واللسن، فأي مانع كان يحول بينهم وبين مضاهاته إلا عجزهم عن ذلك،.
وهنا لا بد من التنبيه إلى بطلان الصرفة التي ذهب إلى القول بها بعض الناس، حيث قالوا إن إعجاز القرآن ليس ذاتيا فيه، ولكنه بصرف العرب عن مضاهاته، فهو في ذاته غير معجز، وهو في مستطاع للبشر، بل لا بد من اعتباره كذلك ليكون مفهوما لهم وواضحا أمام عقولهم ضرورة التمكن من تطبيقه والاستفادة منه، إنما هو كامن وراء صرف الله العرب عن مضاهاته، وردهم عن مجاراته.
هذا القول باطل رده جمهور العلماء، وأثبتوا للقرآن إعجازا ذاتيا على الشكل المتقدم. وردوا على ما احتج به أهل الصرفة من أن ذلك كان منهم لضرورة فهم النصوص وتطبيقها، بقولهم: إن الإعجاز ليس معناه انغلاق الفهم، بل الإعجاز لا يكون إلا بعد الفهم الكامل للمعجزة، وليس العجز عن مجاراة الشيء عجزا عن فهمه بحال، فكم هنالك من نقاد للشعر برزوا في نقدهم له ولم يتقنوا فن الشعر ولم يستطيعوه، ولم يعتبر ذلك منهم عيبا في نقدهم أو فهمهم للشعر.
وإما تقييد الأصوليين الإعجاز بسورة منه، فلأن الحرف أو الكلمة أو مادون السورة ليس بمعجز، والمقصود بالسورة أقصر سورة منه، وذلك لأن التحدي كان بذلك، فإن الله تعالى تحداهم أولا بأن يأتوا بمثله كله، ثم تحداهم بعشر سور منه، ثم تحداهم بسورة واحدة منه، كما جاء في سورة البقرة المتقدمة، وأما ما دون السورة فإنه ليس بمعجز، بل هو ممكن التقليد عقلا، ولأنه لا تحدي فيه.

المنزل وحيا على محمد e ، يخرج بهذا القيد السنة الشريفة النبوية، فإنها ليست وحيا إذ المقصود بالوحي هنا الوحي الظاهر، فإن قيل خرجت بقولنا اللفظ المعجز إذ لا إعجازا في السنة الشريفة ، قلنا المراد بهذا القيد هنا بيان المنشأ والمصدر في القرآن، لتطمئن النفس إليه، وليكون زيادة تأكيد على الفصل بين ما هو قرآن وما هو سنة.

المنقول إلينا متواترا: يخرج بهذا القيد كل القراءات الشاذة والآحادية والمشهورة، لأنها لم ترد إلينا بالتواتر، وهي الروايات فوق السبعة أو العشرة المتواترة.

ولصحة التواتر شروط ثلاثة، هي:

1- أن يبلغ عدد الرواة حدا يحيل العقل معه تواطؤهم على الكذب لكثرتهم وتعدد مشاربهم ونزعاتهم وغير ذلك، فلو رواه قلة من الناس لا يكون تواترا، وكذلك لو رواه كثرة من الناس ولكن العقل لا يحيل تواطؤهم على الكذب رغم كثرتهم، فإنه لا يكون تواترا أيضا، كرواية أصحاب هوى معين شيئا يتعلق ببدعتهم أو هواهم وغير ذلك، أما العدالة واختلاف البلد فليسا شرطا، بل لو أخبر أهل بلدة كافرة بموت ملكهم فإنه يعتبر خبرا متواترا به علم يقيني بموت ملكهم.
2- أن يتوفر هذا العدد في القرون كلها، فلو روى الخبر جماعة بلغت حد التواتر في القرن الأول وما بعده إلا الثاني، أو بلغت حد التواتر في القرنين الأول والثاني دون ما بعدهما، فليس متواترا، على خلاف ما لو بلغ الرواة حد التواتر عددا في القرن الثاني وما بعده دون القرن الأول، فإنه ليس متواترا أيضا، ولكن الحنفية أفردوه باسم مستقل به وهو (المشهور)، وجعلوه مرتبة ثالثة وسطا بين المتواتر وخبر الآحاد، خلافا للجمهور الذين لم يفرقوا بينه وبين الآحاد واعتبروهما واحـدا.
3-
وأما العدد المشروط للتواتر فلم يتفق عليه الأئمة، فمنهم من ذهب إلى أنه خمسة، ومنهم من قال اثنا عشر أو عشرون أو أربعون أو خمسون، أقوال متعددة كلها لم يشهد لها دليل، والأصح أن العدد فيه غير محدود بحد معين، بل أمره متروك للعقل، فكل عدد أحال العقل التواطؤ على الكذب معه فهو متواتر، ومالا فلا، وهو أمر يختلف باختلاف قرائن الأحوال.
3- أن يكون الخبر معتمدا على الحس من سمع وغيره، فإن كان مستندا إلى العقل لم يعتبر متواترا بحال مهما بلغ عدد رواته، ما لم يقم برهان آخر عليه.

بلا شبــهة: هذا قيد وضعه الحنفية ليخرجوا به الحديث المشهور، فإن المشهور عندهم ما تواتر في القرنين الثاني والثالث وما بعدهما، وكان آحادا في القرن الأول، فإنه في مرتبة بين المتواتر والآحادي كما تقدم، خلافا للجمهور الذين لا يعتبرون للخبر إلا مرتبتين فقط، همـا: التواتر والآحاد، ولكن المشهور يخرج بالقيد الأول وهو التواتر، إذ المتواتر ما استوفي فيه العدد في القرون كلها معا، وليس المشهور عند الحنفية كذلك، فلا حاجة إلى هذا القيد، ولذلك فإنه يعتبر قيد اتفاقيا لا احترازيا، ومن المشهور في القرآن -على تعريف الحنفية له-القراءات الثلاثة بعد السبعة المكملة للعشرة، فإنها مشهورة وليست متواترة، وهنالك من الفقهاء من يعتبرها متواترة أيضا.

المحفوظ في المصاحف: هذا القيد يخرج ما نسخ لفظه وبقي حكمه من القرآن، من أمثال قوله تعالى: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها البتة نكالا من الله) فإنه ليس من القرآن لعدم وروده في المصحف، والمقصود هنا بالمصاحف، المصاحف التي كتبت في عهد عثمان t، وأجمع المسلمون على صحتها، فلا يدخل فيها المصاحف الخاصة ببعض الصحابة، كمصحف أبيِّ بن كعب، ومصحف ابن مسعود وغيرهما y ، فإن فيها تفسيرات ليست من القرآن، وأل هنا للعهد، والمقصود بها مصاحف عثمان كما تقدم.

المتعبد بتلاوتـــه: يخرج بهذا القيد جميع أنواع السنة الشريفة ، ومنها الحديث القدسي، وهو وإن كان خارجا عن القرآن بقولنا المعجز، لأن الحديث القدسي غير معجز، لأن لفظه من النبي e إلا أن فيه زيادة توضيح وإشارة خاصة إلى مزية هامة في القرآن الكريم وهي التعبد بتلاوته.

شروط القرآنيــة:
من خلال التعريف المتقدم للقرآن الكريم وتحليله نستطيع استخلاص شروط ثلاثة للقراءة الصحيحة المعتبرة قرآنا، وهي:
أ - التواتر: وقد تقدم معناه وشروطه، فأما القراءة المشهورة فلا تعتبر قرآنا، ولذلك لا تصح بها الصلاة، أما الاحتجاج بها، فقد اختلف فيه الفقهاء:
فذهب الجمهور إلى أنها لا حجية فيها، وذهب الحنفية إلى أنها تعتبر في رتبة الحديث المشهور، فتفيد غلبه الظن، لأنها إن سقطت قرآنيتها فلا أقل من أن تعتبر بمثابة الحديث المشهور، من ذلك ما جاء في مصحف ابن مسعود t من قوله تعالى في كفارة اليمين: (ثلاثة أيام متتابعات)، فإن لفظ متتابعات مشهور وليس بمتواتر، ولذلك فإن الحنفية يشترطون في كفارة اليمين التتابع خلافا للجمهور.

ب - موافقة رسم المصحف: أي المصحف الذي كتب في زمن عثمان t، والموافقة المشروطة هنا هي الموافقة بالجملة، ولا تضر المخالفة في بعض الحروف أو الحركات، فإنها محتملة.

ج- موافقة اللغة العربية ولو بوجه: لأن القرآن نزل عربيا، فلا يكون منه ما فيه لحن أو عجمة بحال، وقد رد الشافعي t على من قال بأن في القرآن العربي والأعجمي بردود قاطعة، وأثبت أنه عربي محض وليس فيه من لغة غير العرب شيء مطلقا، ولكن نظرا لتعدد لغات العرب ولهجاتهم، ولاحتمال القرآن كل هذه اللهجات بالجملة نظرا لنزوله على سبعة أحرف، فقد اكتفى الفقهاء بموافقة النص القرآني اللغة العربية ولو بوجه فقط.

حجيتــه:
نقصد بكلمة الحجية الدلائل والبراهين التي تثبت أن القرآن الكريم كلام الله تعالى وأنه ممثل حقيقي لأمر الله ونهيه، ليكون حجة ومصدرا من مصادر هذه الشريعة السمحة، لأننا إذا استطعنا وصل القرآن بالله، وإثبات أنه كلامه تعالى، استطعنا إقامته حجة ودليلا من أدلة التشريع.


وقد ثبتت حجية القرآن الكريم بأدلة كثيرة منهــا:
1- إعجازه، فالقرآن معجزة النبي صلى الله عليه وسلم الخالدة تحدى بها العلمين فعجزوا عن الإتيان بمثلها، وقد ثبت للقرآن كل شروط المعجزة كما تقدم في تحليل تعريف القرآن الكريم. فإذا كان القرآن الكريم معجزا للبشر كان معنى ذلك أنه ليس في مقدور أحد منهم أنى كان الإتيان بمثله، وإذا كان الأمر كذلك فهو من الله جل وعلا، بالتالي هو حجة تشريعية.
وللإعجاز القرآني أوجه كثيرة مبسوطة في كتب علوم القرآن الكريم لا محل هنا لتفصيلها. لأنها أدخل في مقرر علوم القرآن الكريم منها في مقرر أصول الفقه.
2- ما جاء في آيات القرآن الكريم نفسه مما يدل على أنه من الله مثل قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا عليك القرآن الكريم تنزيلا) وقوله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) وقوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).

طريقة نزولـــه:
لم ينزل القرآن الكريم على النبي e دفعة واحدة، وإنما أنزل عليه منجما على طول اثنتين وعشرين سنة تبعا للحوادث والوقائع، فكانت كلما جدت حادثة أو سئل النبي e سؤالا، أو حدثت مشكلة تحتاج إلى حل ينزل الوحي على النبي e بالآيات التي تتضمن الحل لهذه المشكلة.
وقد أوضح الله تعالى الغاية من تنزيل القرآن الكريم منجما جوابا على سؤال الكفار واعتراضهم على هذه الطريقة، فقال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً) (الفرقان:32)، فالغاية من التنجيم إذا هي أمران، هما: تثبيت فؤاد النبي e وترتيل القرآن الكريم ، ويمكن لنا أن نلاحظ بعض الأمور الأخرى بعد هذين الأمرين، أهمها: التدرج بالأمة في التربية والإعداد، ثم تأكيد معنى الإعجاز وإظهار التحدي فيه بأجلى مظاهره، وأخيرا الزيادة في توضيح معاني القرآن الكريم وبيان مراميها.
ولذلك فإننا سنبحث في هذه الأمور الخمسة بإيجاز، بما يلقى الضوء على كنهها وحقيقتها:
أ‌- تثبيت قلب النبي e لأن القرآن الكريم كان مربيا للنبي e ومثبتا له في مقابلة ما كان يراه من قومه من مشاق وأذى بالغ، فكان تتابع القرآن الكريم عليه وصلة الوحي به طيلة مدة بعثته مثبتا لعزمه وشاحذا لهمته على متابعة الطريق في حمل الرسالة إلى آخر مدى بدليل أن الوحي كان ينقطع عن النبي e في بعض الأحيان لمدة قصيرة، فكان يجد من ذلك ضيقا بالغا، فكيف به إذا انقطع عنه سنين طويلة.
ب - ترتيل القرآن الكريم: المراد به حفظه وجمعه في الصدور لفظا ومعنى، فالعرب أمة أمية، والرسول e منهم، لا يعلم القراءة والكتابة، ولو أنزل القرآن الكريم جملة واحدة لشق على النبي e وأصحابه حفظه مرة واحدة، ولذلك كان في تفريقه حكمة بالغة لسهولة جمعه في صدورهم على هذه الطريقة، وبذلك تحقق للقرآن الكريم النقل المتواتر إلينا عن طريق هذا الحفظ، ويشير إلى هذا ترديد النبي e له طيلة يومه خشية نسيانه، مما أوقع النبي e في حرج بالغ ومشقة زائدة، حتى نزل قوله تعالى: (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (القيامة 16-17)، وقوله تعالى: (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى) (الأعلى:6)، عندها اطمأن قلب النبي e وهدأ روعه.
ج- التدرج في التربية والإعداد للأمة الإسلامية: فتنظم به أمورها، وقد أنزل القرآن الكريم في أمة ابتعدت عن جادة الصواب كثيرا في معتقداتها وعاداتها وتشريعاتها، ولذلك كان من العسير جدا ردها إلى طريق الصواب دفعة واحدة، فقضت حكمة الله جل وعلا أن يربيها تربية تدريجية لئلا يشق عليها ويحمàلها من أمرها عسرا، فكان التنزيل القرآني منجما مؤمنا لهذه الغاية ومحققا لهذا الهدف من اليسر ودفع المشقة عن المؤمنين، فالخمرة حرمت على دفعات، وكذلك كل الواجبات كانت تأتي على دفعات أيضا، فالصلاة فرضت أولا، ثم الصوم، ثم الحج، وهكذا كانت تأتي الأوامر والفرائض كلها لتسهل على نفس المؤمن إساغتها والعمل بموجبها، والتدرب على القيام بها.
د- تأكيد معنى الإعجاز: الإعجاز كما تقدم في تعريفه بيان عجز الغير وضعفه عن المجاراة، وتنجيم القرآن الكريم تضمن تأكيدا لهذا المعنى، إذ لو نزل القرآن الكريم دفعة واحدة لاحتج العرب بأنهم لا يستطيعون مجاراة القرآن الكريم جملة واحدة ، ولكنهم بإمكانهم أن يأتوا بجزء منه بعد جزء، فكان مجيء القرآن الكريم منجما ردا لهذه الدعوى، بأن القرآن الكريم قد أنزل أجزاء وهو يتحداهم بكل جزء من أجزائه لا بكله فقط. وفي هذا منتهى التحدي المعجز، ثم إلى جانب ذلك فإن في انسجام آيات القرآن الكريم وتناسقها مع تنجيمها زيادة إعجاز، لأنها لو نزلت دفعة واحدة، فإن كان تناسقها مع نزولها دفعة واحدة معجزا فهو مع تنجيمها معجز من باب أولى، لأن إمكان التخلخل مع التنجيم أكثر بكثير من إمكانه مع النزول دفعة واحدة، يعرف هذا كل من عانى الكتابة والتأليف.

هـ- تثبيت معاني الأحكام وتوضيح مراميها، لأن أسباب النزول تلقي ضوءا كاشفا على طبيعة الحكم الشرعي وحدوده، ولا زال العلماء يلجؤون دائما في تفسيرهم لآيات الله إلى أسباب نزول هذه الآيات، للكشف عن الوقائع والأحداث التي أنزلت الآية والآيات بسببها، ولو أنزل القرآن الكريم دفعة واحدة لفقدنا هذا العنصر المهم في بيان أهداف الآيات ومراميها.
هذا إلى جانب أسباب كثيرة لهذا التنجيم مفصلة في كتب علوم القرآن.



أحكام القرآن الكريم وطريقته في معالجتها:
القرآن دستور الأمة الإسلامية والمصدر الأول للتشريع فيها، ولذلك نراه يبحث في كل الأمور، ويجمع شتات كل الأحكام، ويوفق بين كل الحقوق والواجبات، ولا يترك شاردة ولا واردة من أمور الدين أو الدنيا إلا وينظمها بنصوص أو بإشارات أو بتوجيه للأساس أو المصدر الذي يجب الاعتماد عليه فيها، وذلك مصداقا لقوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً)(المائدة:3)، وقد روي عن بعض الصحابة y قوله: (والله لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في القرآن)، وقد روي أن جاهلا ناقش أحد أئمة المسلمين معترضا عليه في أن في القرآن الكريم كل شيء، وقال له: أين طريقة صنع السيارة في القرآن الكريم .فأجابه الإمام: هي في قوله تعالى: (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل:43)، وبهذا يكون القرآن الكريم قد بحث في كل الأحكام، ونظم كل الحقوق والواجبات إجمالا لا تفصيلا.

ولزيادة الإيضاح نقول: أن القرآن الكريم نظم الأحكام التالية:
1- حقوق الإنسان وواجباته نحو ربه سبحانه وتعالى، اعتقادية كانت – وهو ما يسمى الآن بعلم الكلام – أو عملية – وهو ما يسمى بقسم العبادات – فأما الأمور الاعتقادية فقد شغلت أكثر القرآن الكريم ، وقد تفنن القرآن الكريم في عرضها، من ذلك قوله تعالى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (الإخلاص (1-4)، ومنها قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ) (الواقعة:58-59) أما أحكام العبادات، فقد تعرض لها القرآن الكريم بإجمال، وترك أكثر تفصيلاتها ودقائقها إلى السنة الشريفة الشريفة، من ذلك قوله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) من غير تفصيل لشروطه وأركانه وغيرها.
حقوق الإنسان وواجباته نحو أفراد أسرته، وهو ما يدخل اليوم تحت قسم الأحوال الشخصية، فقد بين القرآن الكريم حقوق الزوج وحقوق الزوجة وحقوق الوالدين وحقوق ذوي الأرحام جميعا، مالية كانت أو غير مالية، هذه الحقوق عالج القرآن الكريم قسما منها بالتفصيل لخطورتها ودقتها، فلم يترك أمر تفصيلها لأحد، بل تكفل هو بكل ذلك، من ذلك أحكام المواريث، وعالج القسم الآخر بإجمال، تاركا تفصيلها إلى المصادر التشريعية الأخرى بعد ما أرسى معالمها الرئيسية، من ذلك أحكام الزواج والطلاق وغيرها، حيث جاءت السنة وغيرها بالتفصيلات الكافية لها. 2-
3- حقوق الإنسان وواجباته نحو أفراد مجتمعه، وهذه على أقسام متعددة، أهمها:
أ) الأمور والعلاقات المالية، وهي ما يدخل في قسم المعاملات، من بيع وشراء وهبة وغيرها، وهذه عالجها القرآن الكريم بشيء من الإجمال، حيث أرسى قواعدها الأساسية وخطوطها العريضة دون تعرض لتفصيلاتها التي ترك أمرها للمصادر الأخرى وللقضاء في أكثر الأحيان، نظراً لطبيعة وضرورة التطور الكامن فيها.
من ذلك قوله تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالأِثْمِ وَ















يتبع










picture.php







picture.php



picture.php














 
رد: *دروس في أصول الفقه *تعلم أصول الفقه بيسر للمبتدئين/نرجوا التثبيت

السلام عليكمـ ورحمة الله تعالى وبركاته

بارك الله فيك اخي​
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top