قِيْدِ حْرَ
:: عضو منتسِب ::
التفاعل
51
الجوائز
2
- تاريخ التسجيل
- 11 أكتوبر 2013
- المشاركات
- 27
- آخر نشاط
- تاريخ الميلاد
- 4 ديسمبر
مع غروب الشمس ، توجّهتُ لأستقلّ الحافلة عائداً إلى بيتي بعدَ يوم عملٍ مُرهقْ .
في العادة ، عندما أجلسُ على المقعد لا ألتفتُ يميناً ويساراً ، ليس سوى لحظات من الشرود الذهني ~ إن جاز التعبير ~ حتى وصول الحافلة حيث أُريد .
وكما تعلمون أحبّتي لكلّ قاعدة شواذ ، فالشئ المُلفت للنظرْ يجعلكَ تنظر إليه من باب الفضول البشري القبيحْ .
أجلسُ على مقعدٍ مُنفردْ ، وعلى يساري مقعدٌ مزدوج يجلسُ عليه شاب وفتاة .
يبدو عليهما انّهما جامعيّان .
المُلفت للنظر أمورْ عديدة استطعتُ ببسالة تجاوز البعضْ منها وفشلتُ في أمورٍ أُخرى .
لن أتحدّث فقط عن طريقةِ " تصفيف شعر الشاب " ، بل تجاوزت ذلك إلى عالم الخيالْ واستطعتُ ببراعة فصل باقي الوجه عن شعرهِ فبدا لي كالقنفذ ، لا أقول ذلك مازحاً بل حقيقة صعبة للغاية .
أمّا باقي الوجه فلهُ حكاية أُخرى :
حاجبيه رُسِما ببراعة ، خيطٌ رفيعْ ولم يسبق لي رؤية الشُبّان يتّبعون هذهِ الطرق التجميلية من قبل ، ومع ذلك فهوَ مُلتحي ، لا أقصد تلك اللحى في الإسلامْ ، بل هذهِ الدارجة أيامنا هذهِ والتي يصعب وصفها بالكلمات وأنتَ تائهٌ لا محالة في دهاليزها واستراحاتها .
تلكَ هي اللحية العصرية الحديثة .
قطعةٌ كبيرةٌ من اللبان تملأُ فمه وفكيّه في صعودٍ وهبوطٍ دائمَينْ .
سلسلة ذهبيّة تُحيط برقبتهِ وهو حريصُ كلّ الحرص أن يراها الآخرون ، ربّما هي انعكاسٌ للحريّة التي يتمتّع بها في مجتمعٍ ديمُقراطي .
حتّى في طريقةِ انتقائهِ للثياب التي يرتديها ، غير لائقة .
على أيّة حال ، تطفّلتُ كثيراً عليه وتدخّلتُ في خصوصيّاته الظاهرة بشكلٍ كبيرْ .
أمّا الفتاة ، حدّث ولا حرَجْ
سأبدأُ من حيث انتهيت بالشاب الوسيم ، وأُراهنْ العالم أجمع بأنّ ثيابها وثيابه من نفس المتجر ونفس الماركه ، المقاسات مُختلفة فقط .
هيَ مُثيرة ومُقرفة في آنٍ واحد .
في عالمِ الجمال لمسةٌ بسيطة تُضفي للفتاة رونَقٌ جميلْ .
أمّا في عالمها الجميل جمعت كلّ اللمسات لتُشعركَ بوجودكَ في معرضٍ فنّي صاخب بالألوانْ .
وفي الأصل طبيعةُ الفتاة هيَ الأجملْ بلا إضافاتٍ تُذكَرْ .
لن أنسى أيضاً قطعة اللبان الكبيرة تملأ فمها ، تارةً تُخرج نصفها للهواء الطَلق وتارةً تُدخلها .
هذهِ الكلمات التي أكتبها لكم هيَ وصفٌ للحظةِ تأمّل ليست بطويلة ، لحظةٌ رأيتُ المساوئ فيها إلى جانب شئ آخر أُحبّهُ للغاية كانَ برفقتهم ألا وهوَ " الكتابْ "
مجموعة من الكتُب والدفاتر على أحضانهما تبدو أنيقة للغاية ربّما لكي تتوافق والمظهر الخارجي لهما حسب مفهومهم للأناقة طبعاً .
قلتُ في نفسي : " يا لكَ من فضولي ، دعكَ من الآخرينْ "
فنظرتُ للمرّةِ الأخيرة :
الشاب يبتسمُ للفتاة ويميل برأسه نحوها ، وهيَ تبادلهُ الفعلْ .
يقتربان أكثر ، يضع يدهُ في يدها ، يتبادلان حديث لم أستطع سماعه ، وفي نهاية المطاف قُبلة خاطفة جعَلتني أبتسمْ .
قد يتساءل البعض : ربّما مخطوبان ، متزوجان ..
لم يفتني الأمر فلا أثر لذلك يبدو على أيديهما .
في تلك اللحظة ابتعدتُ عن فضولي المُشينْ .
عدتُ إلى راحتي المنشودة حيث الشرود الذهني السالف الذكر ، وبدت تلوح لي أسئلة عديدة :
هل وصلنا إلى هذا الحد من الانحلال الأخلاقي ؟
هل هذا مثالٌ حقيقي للشباب الجامعي المُثقّف ؟
ثقافةُ العيب ، أينَ نحنُ منها بعدَ اتّباعنا الهمجي للغرب ؟
أهل الفتاة والتبرّج ؟
شخصيّة وهويّة الجيل الصاعد ، إلى أين ؟
أسئلة كثيرة راودتني لم أستطع الإجابة عليها ،
وفي النهاية وجدتُ تبريراً منطقيّاً لكلّ ما سألت :
" التزم الصمت ،أنتَ مُتخلّفٌ "