رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

قطعت ساره الدرجات القليله لسلم مدخل فيلا والدها قفزا وخلفها على يتبعها باسما مرتديا حله أنيقه ومسبحته فى يده بعد ان عادا من رحلتهما الى مرسى مطروح
وضعت ساره يدها على جرس الباب ولم ترفعها الا عندما فتحته الخادمه ,فاندفعت ساره الى الداخل وسلمت على الخادمه فى عجله وسألتها عن سماح وهى تتجه بسرعه الى السلم المؤدى للدور العلوى,لكنها توقفت عندما فتح باب المكتب ليبدو والدها من خلفه وعلى وجهه امتزجت الدهشة بالفرح وهو ينظر فى وجهها الذى تورد وازدهر بفعل الشمس والجو النقى
واندفعت تسلم عليه بحراره وتقول والسعادة تنطق من ملامحها : أبى ,كيف حالك؟ اشتقت اليك كثيرا..أين سماح؟
وقبل أن يجيب عن سؤالها سمعت صوت سماح وهى تصرخ بفرح : ساره
تلقفتها ساره بين ذراعيها وضمتها بحنان وشوق كما لم تفعل من قبل..وقال على بتهذيب : مرحبا سماح ..كيف حالك وحال وائل؟
نظرت اليه شذرا من خلف كتف اختها ولم تتكلم
جذبتها ساره من يدها لتصعدا السلم الى الدور العلوى معا قفزا وساره تهتف بحماس : تعالى لأريك ما جلبته لك
تعلقت عينا الأب بالفتاتين والدهشة تغرق ملامحه حتى اختفتا ,فانتبه فجأه الى أنه لم يسلم على على فالتفت اليه وسلم عليه بحراره ودعاه للجلوس فى حجرة المكتب
أما الأختان فبمجرد أن دخلتا الى حجرة سماح حتى ارتمت سماح على الفراش وأخذت تراقب ساره بدهشه كبيره وهى تفتح الحقائب البلاستيكيه الكثيره التى جلبتها معها وهى تقول والسعادة تنسكب من عينيها : انظرى..ما رأيك فى هذا؟.وهذا؟. هل يعجبك هذا؟.
أخذت سماح تتأملها بدهشه ثم سألتها عندما لاحظت شئ غريب يلتف حول رسغها : ما هذا الذى حول رسغك؟
نظرت ساره الى السوار الذى يدور حول رسغها وقالت بفرحه : انه سوار من الأصداف .اشتراه لى على من مرسى مطروح..أليس جميلا؟
ظهر على وجهها العجب وقالت باستنكار : أصداف !!
لم تهتم سماح للهدايا التى جلبتها ساره لها وأخذت تمطرها بالأسئله القلقه : كيف حالك؟.وكيف قضيت اجازتك؟.لماذا هاتفك المحمول مغلق باستمرار؟.هل أخذه منك؟.هل هو لطيف معك؟.هل يضايقك؟.هل يهينك؟.هل يجبرك على شئ؟؟
قالت ساره بدهشه : ما كل هذه الأسئله؟؟لم يحدث شئ من هذا
قالت سماح بفضول : لماذا يجبرك على ارتداء الحجاب اذا؟
قالت ساره بدهشه عظيمه : من قال لك هذا؟.بالتأكيد لم يجبرنى على اى شئ
قالت سماح بمكر : تريدينى ان أصدق انك تلبسينه لأنك مقتنعة به؟
قالت ساره بارتباك : لم أقل هذا
قالت سماح بحده : أرأيت ..لقد كان ظنى فى محله,هو الذى أكرهك على ارتدائه
ساره بحده : قلت لك لم يفعل
هتفت سماح : لماذا ترتدينه اذا؟
صمتت ساره قليلا ,ثم ابتلعت ريقها وقالت : لأننى أريد ذلك
سماح بضيق : ساره ,لم تخفين عنى الحقيقه؟ نستطيع اصلاح الأمر..أعلم انك لن تتحملى سيطرته ومعاملته السيئه طويلا
هتفت ساره بحده : من وضع تلك الأفكار السخيفه فى رأسك؟
هتفت سماح : هل غيرت رأيك بسرعه ؟ أليس هوهو الإرهابى , السيكوباتى,ذو اللحية السوداء؟
أليس هو من يحرم عليك استخدام هاتفك المحمول؟..أليس هو من يرفض أن تقودى سيارتك ,وحرم عليك الخروج لعملك؟
حدقت ساره بها طويلا بصمت وعينيها تتسعان من الدهشه ثم خفضت عينيها وأخذت تفكر قليلا وقالت وقد بدأ يظهر على وجهها عاطفة جياشه: على !!
ضحكت ضحكه قصيره حنون وهى تكمل : انه طفل كبيرلايكف عن اثارة الضحك والمرح فى اى وقت..انه يهتم لأجلى ويخاف على
تأملت سماح بذهول نظرة الحنان التى ملأت عينيها والابتسامة الحالمة التى ارتسمت على شفتيها وهى تكمل : مهما قلت لك فلن تتخيلى كم الحنان والعطف الذى يحمله هذا الرجل فى قلبه
تنهدت بحنين واستدارت تنظر من النافذه بشرود وصمت .
اقتربت منها سماح وأطنان من الدهشة والعجب تملأ عقلها ووقفت بجوارها وأطلقت العنان للسؤال الذى ظل حبيسا بداخلها منذ أن قدمت اختها : هل انت حقا ساره !! أكاد لا أعرفك
ابتسمت بوجد وهى تقول : أنا ايضا اكاد لا أعرف نفسى
كادت سماح تقول شئ لكنها غيرت رأيها عندما وقعت عينها على سيارة على فى الحديقه ,فهتفت بدهشه : كيف تركبين مثل هذه السياره الصغيره القديمه؟
نظرت ساره الى حيث تنظر سماح وقالت ضاحكه : فركوكه؟؟
تساءلت سماح بدهشه : ماذا؟؟
أعادت ساره بمرح : فركوكه..أحمد يسميها فركوكه..ليتك كنت معنا أثناء عودتنا من مرسى مطروح ..تعطلت فى الطريق ,وكنا نتناوب دفعها حتى وصلنا الى محطة البنزين,وبعد أن..
قطعت قصتها عندما أتت الخادمه تطلب منها النزول لأن على ينتظرها ليرحلا
قفزت ساره من مكانها وبدا عليها العجله والإرتباك الشديد وتناولت حقيبتها وطبعت على خد أختها قبله سريعه وهى تقول : سماح ,أراك قريبا,وداعا
واختفت من الحجره وسماح تقف مذهوله ,لكنها عادت فجأه ووقفت على باب الحجره وقالت بلهجه ذات مغذى : سماح,نسيت أن أخبرك ,فغدا تنتهى اجازتى وأعود للعمل ,على لن يستطيع توصيلى لأنه سيكون مشغول بعمله لذلك سأذهب بسيارتى الخاصه .. حدثينى على هاتفى المحمول ,فلن يكون مغلق بعد الآن ..أرك قريبا..وداعا
ألقت اليها بقبله فى الهواء ورحلت مسرعه
وقفت سماح فى مكانها تنظر الى المكان الخالى الذى كان ممتلئا بساره من لحظات وهى لا تكاد تصدق ان هذه الفتاة المرحه المتفجره بالسعاده هى حقا اختها
جرت الى النافذه تتطلع الى اختها وهى تنزل درجات سلم مدخل الفيلا وهى متعلقه بذراع زوجها وجانب وجهها يشرق بابتسامه رائعه وهى تتحدث اليه بحب
تناولت سماح هاتفها المحمول وطلبت رقما وانتظرت الرد وعينيها متعلقه بالمشهد الذى امامها,وعندما سمعت صوت الطرف الآخر قالت برجاء وبصوت اقرب للبكاء : وائل..متى سنتزوج؟
اسمع ,يجب ان تأتى الليلة وتحدد مع ابى موعد الزفاف .سأنتظرك
هتفت بسرعه قبل ان يغلق الهاتف : انتظر
تأملت اختها وهى تقفز الى السياره بجوار زوجها وقالت وعينيها تلمعان وكأن عقلها ومض بفكرة مفاجأه : مارأيك ان تربى لحيتك؟..أظنك ستصبح أكثر وسامه
وصل العروسان الى البيت الثانى..بيت عائلة على
وبمجرد ان فتح الباب وماكاد على يسلم على أمه حتى تعلقت هبه أخته بذراعه وجذبته الى حجرة المعيشه وهى تهتف باهتمام كبير : تعالى اريد ان احادثك فى أمر هام
وصلت الى الأريكه فارتمى على عليها بحركه تمثيليه وهو يتأوه
وكأن هبه دفعته ليسقط على الأريكه ثم جلست على المنضده الصغيره أمامه مباشرة
انضم الباقين اليهما واتخذ كل منهم مجلسه وهم ينظرون الى هبه بدهشة وتساؤل..ولكن الأم ذهبت الى المطبخ لتعد بعض الحلوى والمشروبات
رفع على احدى حاجبيه بعجب وقال مداعبا : ياللذوق الرفيع والإستقبال الحافل..هل كنا معا ليلة امس نتناول العشاء ونشرب البليله؟!!
قالت هبه باهتمام كبير وهى تبتلع ريقها وكل عضلة فى وجهها تنطق بالإثاره : دعك من المزاح الآن واسمعنى جيدا
اقترب على من هبه وعقد حاجبيه ورسم على وجهه الإهتمام الكبير وهو يقول بصوت خفيض : قل يا زعيم..كيف سنسرق البنك؟
ضحك أحمد وساره بينما انتفضت هبه غضبا وقالت صارخه : كف عن دعاباتك السخيفه واسمعنى
قالت بهدوء ومازال الإهتمام يعلو ملامحها بعد ان صمت على مستمعا اليها : بما انه لم يبق علىالإمتحانات سوى وقت قصير للغايه وبما اننى من المتفوقين وسأحصل على المجموع الذى سيلقى بى حتما فى كلية الهندسه مباشرة, وبما اننى معروفه من أصغر المخلوقات الى أكبرها فى مدرستى
لكل تلك الأسباب ..فلقد رشحونى فى المدرسه فى منحه للسفر الى أمريكا لمدة شهر فى اجازة الصيف
هتفت ساره : هذا رائع..مبارك يا عزيزتى
أما على فقد صمت تماما واختفت ابتسامته المميزه تدريجيا وحل محلها بعض الدهشه ممزوجه بالقلق الذى نجح هو ببراعه فى السيطرة على ملامح وجهه ليخفيه عن الجميع..الا ان ساره استطاعت ان تلاحظه
قالت هبه متعجله عندما طال صمت على : ها ..ما رأيك؟
حك على لحيته بتفكير وقال بتردد : احم ..هذا جيد,ولكن الأمر يحتاج الى بعض التفكير والمشاورات والمداولات
نظر الى امه التى اتت فى تلك اللحظه تحمل بعض الحلوى والمشروبات ثم عاد وسأل هبه : وما رأى امى؟
التفتت هبه الى امها التى هزت رأسها نفيا دون ان تتكلم ,فظهر على وجهها خيبة الأمل وهى تقول : لم توافق
قال ببساطه : اذا اصبحنا اثنين
تجمدت ملامحها وظهر على وجهها أثر الصدمه , ولكنها عادت تحاول من جديد,وترجوه ان يوافق ,ولكن رأيه كان شديد الصلابه,وبرغم ان هبه كانت قويه فى اصرارها,لحوحه فى طلبها,لكن على لم يتزحزح عن موقفه قيد أنمله,وبرغم انه كان يحاورها بهدوء ولطف ,لكنه قال فى النهايه : يا عزيزتى ,ان كنت تستطيعين الإبتعاد عنا شهر كامل ,فنحن لا نطيق فراقك يوم واحد. الرفض جاء من جهتين ,أنا وأمى..اذا فالأمر منته
نظرت اليه ساهمه,ولاحت أنهار الدموع قادمه من عمق عينيها, وعندما بدأت تقترب,اندفعت هبه متجهه الى غرفتها بسرعه,دون ان تقول اى كلمه
زفر على بضيق,ولاح التأثر فى ملامحه,وبادرته ساره لائمه : لم فعلت ذلك؟ لقد كانت سعيده بالسفر للغايه
تأملها على وقال فى هدوء : هبه لا تزال صغيره ,وأخاف ان يحدث لها مكروه وهى بعيدة عنى
هتفت بدهشه : لكن الأمر ليس كما تظن ,فسيكون معها مجموعة كبيره من زميلاتها فى المدرسه ,ومن مدارس اخرى أيضا ,خلاف المعلمين والمشرفين,وعندما تصل هناك ستجد من يتولى رعايتها ويكون مسؤلا عنها,وسيختاروا لها أسرة محترمه لتعيش وسطهم طوال فترة سفرها..أى أن الأمر آمن تماما
ضاقت عينا على وظهر على وجهه التفكير العميق
أما الأم فقد اندفعت تسألها بدهشه عظيمه : كيف تعرفين كل هذا ؟...هذه الأمور لا يعرفها سوى العاملين فى التربيه والتعليم وأولياء الأمور الذين خاض أبناءهم هذه التجربه من قبل
قالت ساره ببساطه : لأن مشروع (تواصل)هو أحد المشاريع التى أطلقها المركز بالتعاون مع وزارة التربيه والتعليم كنوع من التبادل الثقافى والتقارب بين شعوب العالم
نظرت اليها الأم بدهشة وصمت وأخذت تقلب عينيها بينها وبين على,فقال على منهيا الحوار وقاطعا ساعات من الجدال : ومع كل هذا فلن نوافق على سفرها وحدها
نظرت اليه ساره بدهشه ,لكنه نهض من مكانه ورفع احدى حاجبيه ورسم الشر فى ملامحه ووجه نظره تجاه باب غرفة هبه وهو يشمر عن ذراعيه وقال بصوت غليظ مخيف : امى..هل العصا الخيرزان السميكه لا تزال فى مكانها فوق خزانة الملابس؟؟
قالت الأم بدهشه : نعم,لماذا؟
هز رأسه ومط شفتيه وهو يكمل : حسنا ,دعيها مكانها,كنت فقط أطمئن
واتجه باشرة الى حجرة هبه مخلفا وراءه ابتسامه على وجه أمه ودهشة كبيره فى عقل ساره
دخل على الحجره فوجد هبه تجلس الى مكتبها الذى يقع بجوار النافذه , عاقده ذراعيها على المكتب ومسنده ذقنها فوق رسغها, ودموعها تسيل بغزاره وصمت,فوقف بجوارها مستندا الى ظهر المكتب ,وقال بلطف مداعبا اياها : لم نتفق على هذا يا كابتن ,هل يبكى الرجال؟
قال عندما لم يتلق ردا ولم تنظر اليه : هبه ,لم يكن الأمر مفاجأة لك,كنت تعلمين اننا لن نقبل بسفرك وحدك,أليس كذلك؟
هزت رأسها موافقه دون ان تنظر اليه ودموعها تسيل بغزاره
هتف وهو يهز كتفيه : اذا ما الجديد فى الأمر؟ لم كل هذه الدموع؟ تعلمين اننى أكرهك عندما تبكين
مد أنامله الى خدها ومسح دموعها ,ثم نظر الى اصابعه المبتله من دموعها ومط شفتيه وهو يقول : دموعك زلقه,قلت لك مرارا اغسلى وجهك جيدا قبل الإنخراط فى البكاء
لم تضحك ولم تكف عن البكاء ,فتنهد بعمق وقال : ستضطرينى لإفساد المفاجأه التى كنت أعدها لك,لقد قررت ان تعملى معى فى الشركه,لتتدربى على أصول وخبايا المهنه,واذا أظهرت كفاءه ونجابه,فسأعينك سكرتيرتى الخاصه
سنكون ثنائى رائع ,وقد نخرب الشركه ونجعل عاليها سافلها
التفتت تنظر اليه ومسحت دموعها وهى تسأله : حقا؟
قال وهو يبتسم بحنان : هل كذبت عليك قط؟
هزت رأسها بالنفى,فقال وهو يمد يده اليها مصافحا : اذا هل اتفقنا يا اسطى بليه؟
هزت رأسها بالموافقه وهى تبتسم ومدت يدها لتصافحه
فحرك يده بعيدا عن يدها ,فحركت يدها ثانية تجاه يده لكنه اخذ يحرك يده يمنة ويسرة بسرعه كبيره مداعبا ,حتى عجزت عن الإمساك بيده ,فصرخت بغيظ وأطبقت بكلتا يديها على يده وصافحته وهى تضحك ,فضحك ايضا ,ثم مسح على شعرها بحب بالغ وهو يطبع قبله حانيه على جبينها
..........................................
بمجرد ان دخل على وساره الى بيتهما,هتفت ساره مباشرة : لم أشأ أن أتحدث معك أمام هبه ,ولكنى أعجب حقا من موقفك ! لماذا لا تدعها تسافر؟
دخل مباشرة الى المطبخ دون أن يرد وفتح الثلاجه,وتناول زجاجة مياه مثلجه ثم تناول كوبا فارغا من على المنضده وسكب بعض الماء وشرب حتى ارتوى,وانتظرت ساره ان يرد ,لكنه وضع الزجاجه مكانها,وأخذ ينظر داخل الثلاجه وكأنه يبحث عن شئ وهو يسألها : هل نفذت الفاكهه؟أريد برتقاله
نظرت اليه بدهشه وقالت ببعض الحده : على..لماذا لاترد على سؤالى؟
قال ومازالت عينيه داخل الثلاجه : أبحث عن بعض الفاكهه أو العصير
زفرت بضيق وأغلقت باب الثلاجه بعصبيه ووقفت أمامه مباشرة وسألته : على ,لا تتهرب من سؤالى..أريد أن أعرف لماذا لم تسمح لهبه بالسفر؟
قال ببساطه : لأن فى جماعتنا القائد الأعظم لا يوافق على سفر المرأه وحدها دون محرم
عقدت حاجبيها وقالت بغضب : على ,كفاك مزاحا
قال بهدوء : الا تصدقين؟ الشرع يمنع المرأه من السفر وحدها دون محرم لمسافة كبيره
قالت بشك : حقا؟
أجاب بجديه : نعم,هناك فقط بعض الإستثناءات الضيقه,كأن تسافر لقضاء فريضة الحج بشرط أن تكون مع مجموعه من النساء,وأن تكون الرحله آمنه,وأن تكون المرأه كبيرة السن
حتى هبه الصغيره تدرك هذا الأمر,ولكنها كأى فتاه فى عمرها تأمل وتحلم وتتمنى,وتضعف أمام الإغراءات
ضحكت ضحكه عصبيه مغتاظه وقالت بضيق : لا أصدق انك تفكر بهذه الطريقه,أتمنع أختك عن العلم من أجل هذا السبب؟
ابتسم ابتسامه دبلوماسيه وحافظ على هدوءه وهو يقول : عزيزتى, لم يعد العلم حكرا لبلد دون الأخرى,فثورة الإتصالات جعلت العالم كله مرتبطا ببعضه ,وتبادل المعلومات أصبح متاحا بطرق أخرى خلاف السفر كالدش والإنترنت, ويمكن ان تحقق هنا ما سيحققه لها السفر,بإمكانها أن تتعلم كل شئ وهى فى مصر,
لم يعد من الضرورى ان نذهب اليهم ..فلقد أتوا هم الينا
هناك الجامعه الأمريكيه وغيرها من الجامعات الأوربيه الموجوده فى مصر, ويمكنها اختيار نوع التعليم الذى تريد
زفرت ساره بضيق وقالت : حقا..لا أستطيع أن أستوعب طريقة تفكيرك,ونحن فى القرن 21 تمنع المرأه من السفر رغما عنها لمجرد ان الشرع لا يقر سفرها !!
أصدق ان هذا كان فى الماضى عندما كانت الطرق غير آمنه ووسائل الإتصالات شبه معدومه, لكن الآن..يستطيع الإنسان السفر الى ابعد مكان فى العالم وهو على اتصال يوميا24 ساعه بعائلته
تأملها طويلا بصمت..كان يحاول تجنب خلاف وصدام قد يحدث مبكرا جدا ..تنهد بعمق وقال بهدوء : ساره, تعلمين تماما ان كل افعالى وتصرفاتى خاضعه لمنهج واحد لا أستطيع مخالفته..ان هبه مسئولة منى,أتعلمين معنى كلمة مسئول؟
معناها أن الله سيحاسبنى على كل صغيرة وكبيرة بشأنها.ولن يحاسب أحدا غيرى
ولأنها جنة ابدا أو نار أبدا,فلا أحد يملك اتخاذ مثل هذا القرار سواى,لأننى اذا ما أخطأت ,فلن يدخل النار أحد بدلا منى
كانت تنظر اليه مشدوهه..لا تنطق.. مسح على خدها بحنان مداعبا وهو يبتسم ,ثم تركها متجها الى الصاله,لكنه تسمر فى مكانه والتفت اليها عندما قالت : وماذا عنى؟
أكملت بتردد عندما نظر اليها متسائلا : ماذا لو..لو ..طلبوا منى فى المركز أن أسافر الى الفرع الرئيسى فى نيويورك
سألها فى هدوء : وهل طلبوا ذلك بالفعل؟
قالت : لا ليس بعد ,ولكن ما....
قاطعها قائلا : اذا لنؤجل مناقشة هذا الأمر حتى يصبح واقعا
اقترب منها عندما رأى القلق يلوح من عينيها ,وعندما وقف أمامها مباشرة نظر فى عمق عينيها وقال بلهجة حانيه : ساره , أعلم ان بيننا خلافات فكريه كبيره ولن نستطيع تجاوزها بسهوله, ولكن ,بيننا أيضا شئ أكبر وأعمق بكثير من تلك الخلافات,لذلك فعلى كل منا محاولة التنازل قليلا للآخر,لنتجاوز معا تلك الخلافات
قالت بعصبيه : تقصد أن أتنازل أنا فقط
هز رأسه نفيا وقال بعاطفه : بل يتنازل أكثرنا حبا للآخر
احمرت وجنتاها وظهر التأثر فى ملامحها وقالت : ولكنك لا تتنازل ابدا
قال بحب : لآننى أعلم انك أفضل منى بكثير,وبما أننى طفل كبير كما تقولين دائما فأنا بحاجه ماسه لأن أشعر بحبك الدائم لى
تعلقت بعينيه وازداد احمرار وجنتيها اشتعالا وهى تقول بلطف : أظنك طفل مدلل أيضا
قال : ومع ذلك سأثبت لك أننى أيضا أتنازل ..أغمضى عينيك
أغمضت عينيها ولم تفتحهما الا عندما طلب منها ذلك ,ابتسمت بسعادة كبيره عندما وجدت أمامها باقه جميله من الزهور,وفشلت تماما فى السيطره على الحريق الذى شب فى وجنتيها وتسارع دقات قلبها..تناولت منه الباقه وهى تقول بارتباك : على ,أنا..أنا..
ابتلعت ريقها وتنهدت وهى تبتسم بحب وتقول : تستطيع بسهوله ادارة دفة المناقشات الى الوجهه التى تريدها
وانا لسذاجتى ,أنصاع اليك متظاهره أنك استطعت خداعى
قال بحب : ألم أقل لك أنك أفضل منى ,وأننى طفل كبير,نعم ,أنا طفل كبير
أمسكت الزهور وقربتها من وجهها , لكنها صرخت فجأه عندما نفثت الزهور مسحوق أبيض غمر وجهها ,فصرخت بغضب : ما هذا ؟ ماذا فعلت بى أيها ال...
ضحك قائلا : نياهاهاهاها.....
لا تثقى ابدا بطفل كبير
نياهاهاهاها


 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

الرواية جميلة جدا و مشوقة يعطيك الصحة
في انتظار التكملة و بارك الله فيك​
 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

روايتك ستتسبب في موتي شوقا ...
هيا وينها التكميلة قلبي راه طار من بلاصطوووو
:d:p:s
 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

آه علابالكم بلي هذا وين شفت بلي مازال
كاين الصفحة الثانية والثالثة
.... هههههه
:$

 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

أيا راني تعبت غدوا ونكمل نقراها
بااااااي
... يعطيك الصحة مرة اخرى
رواية رائعة ( أكيد مثل صاحبها )
:p
 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

رواية جميلة و مشوقة في انتظار التكملة ان شاء الله
بالتوفيق اخي
سلام
 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

بارك الله فيك _ رواية في القمة
بانتظار التكملة ...
...جزاك الله خيراااااااااااا :up:
باااااي :regards01:
 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

أسف على التأخير واعتذر لأنني جعلت ارواحكم على لهفة الأنتظار وعلى شوق الأفكار لمتابعة الأحداث والأن اترككم مع تكملة رواية
الرجل ذو اللحيه السوداء
الجزء الجديد

>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

فى المساء.............
كان على منثنيا أمام خزانة ملابسه وهو منهمك فى البحث عن شئ ما..فصاح مناديا: ساره..ساره .أين منامتى ذات اللون السماوى؟
جاءه صوتها قريبا : ماذا قلت؟
التفت نحو الباب ليعيد عليها السؤال ,لكنه توقف فجأه واعتدل
واقفا وهو يتأملها بدهشة كبيره ,ثم وضع يديه فى خاصرته بغيظ فقد كانت واقفه فى مدخل الباب ,مسنده كتفها الى الباب وعاقده ساعديها وهى تسأله ببساطه : هل وجدتها الآن؟؟
اقترب منها وهو يتأمل منامته وهى غارقه بداخلها وقال بغيظ : الله..الله..تتركين خزانة ملابسك مكدسة بالملابس ,وتغيرين على خزانة ملابسى !! ماذا يمكن أن أسمى هذا التصرف؟
هزت كتفيها وهى تقول : يمكنك أن تقول أننى مغرمه بذوقك فى اختيار الملابس والألوان
هز رأسه وقال مداعبا: حسنا..قد أنتقم يوما وأغير على خزانة ملابسك وأرتدى احدى عباءاتك
قالت بضحكه بطيئه : هأهأهأ..هل سترتديها فى اصبع قدمك؟
داعب انفها بأنامله وهو يقول : قلت لك من قبل لا أحد هنا غيرى يطلق الدعابات واعلمى انك قد تحتاجين لدروس مكثفه لإتقان الدعابات
اقترب منها ونظر فى عينيها وهو يقول : أعلم جيدا انك لا تلقين الدعابات الا عندما تكونين قلقه ,اعترفى بسرعه ..ما الذى يقلقك؟ ولماذا ترتدين ملابسى كلما شعرت بالقلق؟
تنهدت بعمق وقالت مباشرة وكأنما كانت تنتظره أن يسألها : لا أدرى ما سيفعلونه غدا عندما أعود الى المركز؟.لقد انتهت اجازتى ولابد أن أعود..أعتقد أنهم سيحشدون حشودهم ويعقدون اجتماعهم الإستثنائى,أقصد..صبرى ومارتن وسالم..لا أدرى ماذا سيكون قرارهم بشأنى؟
فكر قليلا ثم جذبها من يدها وأوقفها أمام المرآه الكبيره ووقف خلفها مباشرة وهويهمس فى أذنها : انظرى أمامك,واسألى نفسك ..هل فعلت شيئا خطأ؟
هزت رأسها بالنفى
قال : حسنا ..غدا عندما تجلسين أمامهم تذكرى جيدا انك لم ترتكبى أى خطأ,وهم لا يملكون الحق فى محاسبتك أو معاقبتك
مد ذراعه اليمنى أمامه ,وأخذ يحرك يده أمامها بطريقه مسرحيه وهو يقول : اذا ما اجتمعوا ضدك ,فانظرى اليهم جيدا وابتسمى فأنت فى مسرح الحياه ,أتذكرين أليس فى بلاد العجائب؟كانت تتصرف بعقل وشجاعه رغم أن كل ما حولها كان يدعو الى الجنون
شردت تماما مع كلماته التى بدأت تغزو عقلها وتشعرها بالأمان وعيناها مركزتان على يده اليمنى وهى تروح وتجئ أمامها
وفجأه.....وقعت عيناها على يده اليسرى..واتسعتا بدهشه وانقلبت ملامحها الى الغضب..فقد شاهدت اصبعيه السبابه والوسطى يبرزان مفتوحين من خلف رأسها كقرنين..فانتزعت يده اليسرى من فوق رأسها ووضعتها بين أسنانها ,وعضته بغيظ .فأخذ يصرخ بصخب شديد : آآآآآه..آآآآآه
واستطاع بصعوبه تخليص يده من بين أسنانها ,وانطلق يجرى خارج الحجره وهى خلفه تقذفه بكل ما تقع يدها عليه وهى تصرخ : سأريك أيها الماكر الخبيث..سأريك يا على
أخذ يضحك بمرح ويقفز فوق الأثاث كالأطفال وهو يتفادى كل ما تقذفه به ويتقيه بيديه ,ثم رفع سماعة الهاتف وصرخ بطريقه تمثيليه : ألو ..مستشفى الأمراض العقليه ..انقذونى ..احضروا حالا,فهاهنا السيده التى أكلت ذراع زوجها
وقفت متحفزه تنظر اليه بشراسه ,فألقى بسماعة الهاتف ووقف فى وضع المدافع مادا يديه أمامه وهو يقول بتوسل واستكانه : أرجوكى ...لن أفعلها ثانية ...أرجوكى..
وفجأه..... انهمر الضحك سيولا وفقدت تماما السيطرة عليه ,فسقطت على اقرب أريكه وانهمرت دموع عينيها من كثرة الضحك,وجلس على بجوارها يضحك أيضا وأحاط كتفها بذراعه بحنان
بعد قليل ..بدءا يعودان الى الهدوء..فقالت وهى تمسح دموعها التى سالت : حقا .اصدق تماما اننى تزوجت من طفل كبير
هتف بمرح : عجبا,ألا تحبين الأطفال؟
قالت بجديه : بالتأكيد , ولكن ليس فى الوقت الذى أحتاج فيه الى نصيحة صادقه
أخذ نفس عميق وقال بجديه : أنت قلقه مما سيفعله بك الثلاثى المرعب ,أليس كذلك؟
هزت رأسها بقلق
تنحنح قليلا ثم قال بهدوء : احم..حسنا,ماذا لو..تركت العمل؟ ..ماذا سيحدث وقتها؟
قالت باستنكار : أتريدنى ان اترك العمل الذى قضيت فيه ثلاث سنوات كامله وحققت فيه تلك المكانه ؟..مستحيل
قال متبسما : ولكنى اثق تماما انه يمكنك النجاح فى اى مكان آخر كما نجحت فى هذا المكان,أتعلمين لماذا؟..لأنك شخصيه ناجحه صنعت نجاحك بنفسك
صمتت قليلا تتأمله وتسترجع كلماته فى رأسها ثم قالت : ولكنى أحب عملى فى المركز ولا أريد أن أتركه
قال ببساطه : وهم كذلك لا يريدون ,هل تعتقدى ان بامكانهم أن يحصلوا على فتاه أخرى فى مثل خبرتك ومهارتك وذكائك؟
قالت بضيق : نعم, سيأتون بليلى حسن لتأخذ مكانى
التفتت اليه وقالت : ألن تحزن ان فقدت عملك الذى تحبه؟
تأملها بصمت ثم قال : بالتأكيد سأحزن وسأغضب ايضا ..فأنا بشر..ولكن بعد ان أهدأ سأقول لنفسى أنها ليست نهاية العالم وان الله اذا اغلق بابا للرزق يفتح بدلا منه ابوابا وان النجاح لا يقتصر على مكان واحد..أتعلمين ان تخصصك وثقافتك ولغتك وخبراتك يؤهلونك للعمل فى ارقى الوظائف وافضلها هنا فى مصر؟؟
قالت : أرجوك لا تفهم كلامى خطأ فالأمر لا يتعلق بالمكانه والمنصب بقدر ما يتعلق بحبى لطبيعة العمل نفسه وتمسكى به..ففى منصبى هذا أخدم قطاع عريض من المجتمع , لقد قام المركز بعمل مبادرات ومشروعات كثيره لخدمة الكثير من فئات المجتمع مثل مشروع رعاية الأم العائل الوحيد..مشروع مناهضة العنف ضد المرأه..مشروع تحسين الاحوال الماديه والثقافيه للمتطوعين فى الجيش وأسرهم وغيرها كثير..
التفت اليها على باهتمام كبير وعقد حاجبيه وقال بدهشه : وما علاقة المركز بالمتطوعين فى الجيش؟
قالت وقد ظهر الحماس على وجهها : ان مشروعات المركز قامت لخدمة الناس ومحاولة رفع المعاناه عنهم ..لقد قمت بدراسه شامله لأحوال الشباب الصغير الذى يتطوع فى الجيش .فوجدت ان اغلبهم يتطوع لأنه عاطل أو لإحتياجه الشديد للمال أو لأنه رب اسره ويريد مرتب يضمن له عيشة مستقره.وبعد ان قمنا بالدراسه .وضعناها امام المسؤلين ,كانت النتيجه انهم امروا بزيادة المرتبات للمجندين المتطوعين ومراعاة احوالهم الماديه وظروفهم الإجتماعيه ..لن تتخيل مدى سعادتى وقتها بذلك الإنجاز الكبير,لقد كانت فيهم حالات تمزق القلوب,لو رأيت السعاده والفرح فى وجوههم عندما علموا بقرار زيادة المرتبات ما كنت قلت ذلك
هز رأسه بصمت ثم قال بعد فتره : انت تحبين عملك ما المشكله اذا ؟
قالت بعد تردد : ماذا ..ماذا لو..لو..خيرونى بين استمرارى فى العمل ولبس الحجاب؟
اختفت ابتسامته تماما ومال وجهه الى التجهم وظل يتأملها بصمت ثقيل حتى قال أخيرا وبهدوء : الحقيقه اننى لا أدرى ما وجه التعارض بين طبيعة عملك والحجاب؟
ولكن دعينى اسألك,هل تتخلين عن حجابك وطاعتك لربك من أجل استمرارك فى العمل؟مهما بلغت اهمية ذلك العمل او مدى حبك له؟
هتفت بحماس : العمل ايضا عباده ,أليس كذلك؟كما اننى اخدم الكثير من الناس واساعدهم,أليس هذا هدف نبيل؟
ظل صامتا يتأملها واكتست ملامحه بمزيج غريب من الحزن والإحباط والضيق ,ثم قال بهدوء يحمل بين ثناياه لوم وعتاب كبير: ولكنك بهذا تكونى قد خالفت أحد الشروط الأساسيه للعقد الذى بيننا
قالت بدهشه : على, ان ما بيننا هو زواج وحياه وحب وليس مجرد عقد أو ورقه يوقعها كل منا أمام المأذون
سألها : أتعلمين ماذا نطلق على الزواج فى جماعتنا؟
نظرت اليه نظره لائمه
فقال مصححا : أقصد ماذا يسمى القرآن الزواج؟..يسميه ميثاق غليظ .أى عقد شديد الإرتباط.لا يجوز فسخه أو العبث بشروطه
وانت وافقت من البدايه على شروط العقد,أليس كذلك
قالت برجاء : على ,أرجوك ,لا تضع العقده فى المنشار,هل ستجبرنى أن أفعل شئ رغما عنى؟
ادار وجهه وعقد حاجبيه وظهر على وجهه خيبة الامل وهو يقول : لا يا عزيزتى,لا يمكننى اكراهك على فعل اى شئ,ولكنى فقط أذكرك,عندما وقعت عقد عملك كنت تعلمين ان هناك لائحه وشروط لهذا العمل لابد من احترامها وتنفيذها ,كما تعلمين انك لو خالفت اى من هذه اللائحه يحق لصاحب العمل فسخ العقد
الزواج ايضا عقد بين شريكين اذا خالف احدهما شروط العقد يحق للشريك الآخرالمطالبه بفسخ العقد
عقدت حاجبيها وظهر على وجهها أثر الصدمه وألقت اليه بنظره متألمه من قسوة كلماته
لكنه نهض من مكانه وهو يقول : الكره الآِن فى ملعبك ولك مطلق الحريه فى الإختيار ولك ان تستمرى فى عملك طالما ان هذا العمل لا يتعارض مع شروط زواجنا .أنا لا أجبرك على شئ, وكما وعدتك ان شعرت فى وقت من الأوقات بأنك لن تستطيعى تحملى أو تحمل طريقتى فى الحياه فسأعطيك حريتك بمجرد أن تطلبيها بلسانك
استدار مغادرا الى غرفته وأغلق بابها خلفه وزفر بضيق شديد ثم وقف أمام النافذه شاردا حتى شعر بأناملها تطرق كتفه وبصوتها الرقيق يصافح أذنه وهى تقول : اطمئن, أنا أيضا أحب أن أفى بوعدى ولن أخالف شروط الميثاق الذى بيننا .سأظل محتفظه بحجابى على الرغم من أنوفهم جميعا
التفت اليها بكل جوارحه فوجدها تبتسم له فبادلها الإبتسام وقد بدا يظهر فى عينيه شئ من الراحه والهدوء
فقال بحنان كبير : وماذا ..وماذا ...عن الصلاه ؟هل نعتبرها من شروط العقد؟
أطرقت برأسها قليلا ثم نظرت اليه وقالت بتوسل : الا ترى انك تتعجل الأمور كثيرا؟
اختفت ابتسامته وحل الحزن مكانها ولاح فى عينيه التأثر وأدار وجهه الى النافذه وهو يقول : ربما , ولكنى أخشى أن يسبقنى من هو أكثر عجلة منى
قالت بتساؤل : من؟
نظر اليها ثم قال بعد صمت : الموت
ارتجف قلبها بشده ولم تستطع أن تتكلم
 
آخر تعديل:
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

لأول مره تشعر ساره بالتردد وهى تصعد الدرجات القليله لمدخل المركز وبمجرد ان عبرت الباب الرئيسى حتى أخذت نفس عميق ورفعت رأسها وارتدت ثوب الشجاعه لتخفى خلف خطواتها الواثقه قلبا يمتلئ بالقلق والتوتر عندما شعرت ان كل العيون تلاحقها دهشة وعجبا وكأنها كائن غريب هبط من الفضاء
حاولت قدر ما تستطيع السيطرة على قلقها وهى تلقى التحيه وتبتسم لكل من تقابله وهى فى طريقها الى مكتبها
وأخيرا وصلت الى مكتبها فدخلت واغلقت بابه وكأنها تحتمى خلفه من نظرات العجب والإستهجان
جلست الى مكتبها وبدأت تمارس عملها حتى حانت اللحظه التى كانت ترتقبها, وقام الدكتور صبرى باستدعائها الى مكتبه,
اتجهت مباشرة وبخطوات سريعه الى مكتب الدكتور صبرى حتى وصلت الى مكتب السكرتيره فحيتها قائله : هاى ماجى..افتقدتك كثيرا ..
عدلت ماجى من نظارتها وهى تتأمل ساره بدهشة كبيره فتجاهلت ساره نظراتها وتجاوزتها مباشرة الى مكتب الدكتور صبرى. وبمجرد ان أغلقت الباب خلفها رفعت ماجى سماعة الهاتف وطلبت رقما ثم قالت باهتمام : لقد وصلت للتو..المفاجأه أكبر مما كنت أتوقع..لم أصدق الا عندما رأيتها بعينى
..............................................
هتف الدكتور صبرى بغضب شديد : لا ..لايمكن ان اتقبل هذا الأمر
أدارت ساره عينيها تتأمل لجنة التحقيق المكونه من أكبر ثلاثة رؤوس فى المركز ..صبرى ومارتن وسالم
كان الثلاثه يجلسون الى منضدة الإجتماعات متجاورين ..وساره تجلس وحدها فى الجهه المقابله لهم
قالت بهدوء وهى تحاول رسم الثقه والثبات فوق ملامحها : لا أدرى ما الذى يغضبكم هكذا؟ أهو زواجى ام مظهرى الجديد
دكتور صبرى بانفعال : الإثنين ..لماذا لم تخبرينى قبل ان تقدمى على تلك التصرفات؟
قالت ببرود : أظن أن الأمر شخصى تماما ولا دخل للمركز فيه
هتف دكتور صبرى بغضب : شخصى !! أتتغيبين كل هذه المده عن عملك وتعودين بذلك المنظر الغريب وتقولين شخصى؟
قالت بهدوء وهى تحاول بقوه السيطره على انفعالها : لقد كنت فى اجازه وانت بنفسك سمحت لى بها
أما ما ألبسه فهو شئ يخصنى وحدى طالما انه لا يعوقنى عن القيام بعملى..وطالما اننى اقوم بعملى على اكمل وجه فلا يحق لكم التدخل فى حياتى الشخصيه
كانت الثقه تقطر من كلماتها الا انها من داخلها كانت فى قمة التوتر
قال الدكتور سالم : فى نظرى انك ارتكبت خطأين .....
بدأت ساره تهز ساقها اسفل المنضده بتوتر وهى تستمع اليه محاوله التماسك والسيطرة على اعصابها حتى شعرت باهتزاز المحمول الذى تضعه فى جيبها ينذرها بتلقى رساله ,فمدت يدها فى جيب العباءه ونظراتها مركزه على الثلاثه الذين أمامها وسالم وهو يلقى محاضرته التى شردعقلها عنها وهى تمسك بالمحمول أسفل المنضده وتفتح الرساله
خفضت عينيها لتنظر الى المحمول وتتأمل الرساله فوجدت امامها صوره متحركه كرتونيه لثلاث شخصيات مضحكه تتقافز بطريقه غريبه وتقوم بحركات بهلوانيه ذكرتها على الفور بكلمات على أمس وهو يقول لها ..كونى شجاعه مثل أليس فى بلاد العجائب
رفعت عينيها وتأملت سالم ومارتن وصبرى ثم عادت تتأمل الرساله فهربت من بين شفتيها ابتسامه كادت ان تفلت ضاحكه لولا أنها أمسكت أسنانها جيدا..مطت شفتاها ولمعت عيناها بقوه وأغلقت الرساله وأعادت هاتفها الى مكانه وعادت تستمع الى آخر كلمات من محاضرة اللوم والعتاب التى يلقيها سالم : أظن أننا قد أوضحنا رأينا ..وأننا لن نقبل ابدا بتلك التصرفات هنا..والآن ,ما رأيك فيما سمعتيه؟
تأملت الثلاثه بصمت فقفزت الى رأسها الصوره الكرتونيه من جديد فحاولت جاهده السيطرة على رغبتها العارمه فى الضحك.. فسعلت قليلا ثم تنحنحت وقالت : أعتقد أن..احم..أعتقد أن هذا الأمر..احم..
كانت تحاول باستماته كتمان ضحكها الذى يوشك على الإنفجار, فتنحنحت مجددا وقالت : أعتقد أن الأمر كله مجرد..مجرد..
اندفعت الصوره الكرتونيه مرة أخرى الى رأسها ففقدت تماما السيطرة على الضحك وهى تكمل : مجرد...مجرد..مسرحيه هزليه هاهاهاهاها
أخذت تضحك بشده وهى تقول : هاهاهاها انها نكته..محض نكته..هاهاهاهاها
لم يستطع الثلاثه النطق من شدة الذهول الذى اعتراهم وهم ينظرون اليها متعجبين من تصرفاتها الغريبه
قالت من بين ضحكاتها : انظروا الى أنفسكم ..هاهاها..أنتم تجتمعون هنا من أجل ماذا؟ هاهاها.
غطت وجهها بيديها وهى تضحك بشده وتقول : يا لها من مسرحيه هزلية
بدأت تهدأ قليلا ,فأخذت نفس عميق ونظرت الى الثلاثه المشدوهين ونهضت واقفه وقالت بثقه وبابتسامة كبيره : والآن أيها الساده..أنا مقتنعه تماما أننى لم أرتكب اى خطأ يمكن ان تحاسبونى عليه ..وكل ما تتحدثون عنه هو من صميم حريتى الشخصيه ولا دخل لكم بها...فافعلوا ما تريدون..ولحين صدور قراركم بشأنى فأنا فى مكتبى أمارس عملى
تأملتهم مليا وشعرت ان الضحك سيعاودها من جديد فقالت بتهكم قاتل وهى تبدل نظراتها بينهم : وداعا ...سيد توديل دى , وسيد توديل دم , وسيد..هامتى دومتى
تفجرت ضحكاتها أشد هذه المره فتركتهم ذاهلين وانطلقت تجرى الى مكتبها عابره من أمام ماجى التى وقفت تنظر اليها بذهول
وبمجرد أن دخلت مكتبها وأغلقته بالمفتاح , ارتمت على الأريكه وأخرجت المحمول من جيب عباءتها وهى مسترسله فى الضحك , وأعادت فتح الرساله التى أرسلها اليها على من جديد وأخذت تتأمل الأشكال الكرتونيه الثلاث المضحكه وأخذت تضحك وتضحك حتى دمعت عيناها وهى تهز رأسها و تقول بحنين : أنت مجنون ..مجنون أيها الطفل الكبير ذو اللحية السوداء .....لكم أحبك
واندفعت تغرق الصوره بالقبلات فى سعادة بالغه وهى تشعر بثقة وقوة وهدوء كبير
فتنهدت براحه وشردت عيناها بعيدا وهى تقول : ترى, أين أنت الآن , وماذا تفعل؟

يتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>
 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

كان على يجلس فى مكتب صديقه القديم مصطفى البندارى وأمامه كوب كبير من عصير البرتقال الطازج لم يمس وبداخله بركان هائل من القلق
أخذ على يتأمل مصطفى بصمت متعجبا وهو يتناول افطاره ويأكل الشطائر بهدوء مستفز ولم يبدو عليه اى أثر او انفعال بكل ما قاله على وهويتحدث اليه بمنتهى الجدية والقلق
فقال مصطفى بهدوء وهو يلوك قطعة من الشطيرة فى فمه : كما انت تماما ..لم ولن تتغير ....حتى السنوات الطوال لم تنجح فى تغييرك..مازالت الثعابين تلعب فى رأسك..ومازلت اسيرا لنظرية المؤامره
قال على بانفعال وهو يرفع سبابته فى وجه مصطفى : مصطفى..أنا لا أتوهم ولست مريضا..أنا أقص عليك وقائع وأحداث حقيقيه حكتها لى بلسانها
قال مصطفى بابتسامة هادئه : ياصديقى هذه المراكز تمتلئ بها البلاد العربيه ولها فروع فى كل أنحاء العالم وأنشطتها معروفه وواضحه للجميع..ربما تكون لها انشطه لا تتفق مع تفكيرك ومعتقداتك ,لكنها لا تشكل مثل هذا الخطر الذى تتوهمه
قد يكون الإنفتاح على العالم والتبادل الثقافى له عيوبه, ولكن ايضا له مميزات كبيره..كما ان له علاقه وثيقه بالمنح والإتفاقيات الإقتصاديه .. لن اشرح لك فأنت تفهم ذلك جيدا
الأمر شديد التعقيد, وأعلم ان هذا لن يعجبك , ولكن هذه هى طبيعة الحياة والعالم هذه الأيام
أمسك زجاجة المياه الغازيه ذات الماركة المشهوره ورفعها امام وجه على المتجهم بشده وقال ببساطه : أعلم انك لا تشرب مياه غازيه من هذا النوع لأن لك موقف معين منها وليس معنى اننى اشربها أو أختلف معك فى موقفك أننى وقعت ضحيه لخدعه كبرى أو على وشك السقوط فى البئر..انه فقط اختلاف فى وجهة نظر كل منا للأمور
تأمله على مليا وهو يشرب المياه الغازيه وقال : ولكن قد يكون بشربك لها مخاطره غير محسوبة العواقب
وكل قطره تنزل فى جوفك قد تدفع اكثر بكثير من ثمنها وانت لا تدرى
ابتسم مصطفى بمكر ومال على مكتبه مقتربا منه وضاقت عيناه وهو يقول : اذا كنت مهتما بالأمر لهذه الدرجه وتحاول الإصلاح ما استطعت فلماذا رفضت العمل معى عندما عرضته عليك منذ سنوات؟..هل غيرت رأيك أخيرا؟؟ هل اخترعت تلك القصة العريضه لتقنعنى ان اتوسط لك لدى رؤسائى لتعمل هنا؟
هتف على بغضب : لم ولن أغير رأيى..ولم آت الى هنا لأحصل على وظيفه..أنا فقط اقوم بواجبى وأبلغك بشكوكى
عاد مصطفى الى الوراء وهز رأسه بأسف وهو يقول : ياللخساره .. مازلت تحمل داخل رأسك حجر صوان, وأنا مازلت عند رأيى ذكائك واخلاصك الشديد وسرعة بديهتك وحسك الأمنى الغير عادى مكسب كبير لهذا المكان
قال ضاحكا وهو يستعيد ذكريات قديمه : مازلت اذكر عندما كنا معا فى الجيش ولم يستطع احد اكتشاف اللص سارق التموين ولكنك فى ليلة واحده وبخطه شديدة الدهاء استطعت الإيقاع به بمنتهى البساطه..وكانت مفاجأه مذهله عندما اكتشفنا ان الصول حنفى الذى لم يستطع احد ان يشك فيه مجرد الشك هو نفسه لص التموين
استغرق فى الضحك وهو يقول : لقد كانت اياما رائعه..كنت اراك دائما شخصيه مميزه فى كل شئ.حتى فى مشيتك العسكريه..وهذا ما جعل اللواء شوقى عامر يختارك دونا عن سائر الكتيبه لتحمل العلم رغم انك كنت تقضى جيشك كضابط احتياط
انتفض على وقال بانفعال : لم آت الى هنا لنتذكر معا الأيام الخوالى ..لقد أتيت فقط لأخبرك بالمعلومات التى عرفتها من زوجتى ..انها هناك تعمل فى منصب كبير
مصطفى بهدوء : يا صديقى ان كل ما قلته لى لا يمثل اى خطر..بل هو من أنشطة تلك النوعيه من المراكز
واعلم ان هذه المراكز خضعت للرقابه وهى لا تقوم بأى أنشطه مريبه
هتف على بغضب :ِ وماذا عن ابحاثها عن الجنود المتطوعين؟ وزياراتها للمواقع العسكريه.؟
مصطفى : قلت لك ان هذه المراكز لا تقوم بأى انشطه مريبه فى الخفاء
ضحك على ضحكه قصيره متهكمه وقال بمراره : الا يكفى ما يقومون به فى العلن؟؟
قال بأسف وهو ينهض راحلا : يبدو اننى أخطأت..كنت أظن اننى سأجد هنا من يساعدنى ويحمى زوجتى
أخذ مصطفى يكمل طعامه وهو يقول بهدوء : اطمئن يا صديقى.. فلو كان هناك ما يريب بالتأكيد سأساعدك. ولتأت الىّ فى أى وقت شئت,على الرحب والسعه
قال على بسخريه : دع عنكم هذا الأمر..زوجتى أنا كفيل بحمايتها, وتذكر جيدا اننى أتيت اليك و حذرتك
خرج على وأغلق الباب خلفه وهز مصطفى رأسه بعجب ورفع زجاجة المياه الغازيه الى فمه وأخذ يشرب منها عندما فتح على الباب من جديد وقال : نسيت ان اخبرك ان والد زوجتى لواء فى الدفاع الجوى
أغلق الباب بسرعه وانتفض جسد مصطفى وسعل بشده عندما توقفت المياه الغازيه فى حلقه ..ألقى بالزجاجة من يده وقفز من خلف مكتبه وهو يسعل , وجرى بسرعه ليفتح الباب وينادى بأعلى صوته : على
كان على قد وصل الى آخر الممر ومد رجله لينزل السلم عندما لحق به مصطفى وأمسك بذراعه وهو يهتف مناديا : على انتظر
صرخ على بغضب : ماذا تريد الآن؟
مصطفى : تعالى لنكمل حديثنا فى المكتب
عاد معه على الى مكتبه وهو يزفر بضيق والغضب يكسو ملامحه وبمجرد أن جلس الى الكرسى المقابل له هتف بضيق متهكم : ماذا تريد؟..أليس الأمر بسيط؟ انه مجرد اوهام وخيالات مريضه لرجل أسير لنظرية المؤامره؟
قال مصطفى بجديه : لماذا لم تخبرنى من البدايه أن زوجتك ابنة لواء فى الجيش؟
على بضيق : وهل كان هذا ليغير من الأمر شئ؟ ماذا لو كانت فتاة عاديه؟؟ماذا لو كانت أختى مثلا هل كانت ستحظى باهتمامك؟
قال مصطفى بهدوء : لو كانت اختك ..لما كانت فى دائرة الخطر .ولما صار حولها اى شك
أما هؤلاء الفتيات فقدرهن ان يكن مركز استهداف بسبب وظائف آباءهن الحساسه
تنهد مصطفى بقوة وقال : دعك من كل هذا, وأخبرنى بقصة زوجتك من البدايه وبكل تفاصيلها ..وما الذى يثير شكوكك بالتحديد
نظر على اليه بضيق شديد وزفر بقوه وبدأ يحكى قصته مع ساره من البدايه
.................................................. ..
استمع مصطفى باهتمام شديد الى على وهو يحكى وبعد أن انتهى ظل صامتا يفكر بعمق حتى قال أخيرا : لا أستطيع أن أجزم الآن ان كان ما تفكر فيه صحيحا أم لا..الموضوع يحتاج الى بحث ومعلومات أكثر
قال على : ولكن , ما هى انطباعاتك عما حكيته لك؟
زفر مصطفى وقال بهدوء : بالتأكيد هناك شئ مريب فى الأمر ..الإدمان ,زياراتها المتكرره للمواقع العسكريه , أبحاثها عن الجنود وأسرهم , سفرها الى أمريكا فى مواعيد محدده , عدم استقرارها فى مصر...ربما...
ضاقت عينا على وقال يستحثه ليكمل : ربما ماذا ؟
مصطفى : لا شئ ..مجرد خاطر
على باصرار : أفصح عما فى رأسك
قال مصطفى بعد تردد كبير : انه أحد الإحتمالات التى يجب أن نضعها فى اعتبارنا ..ربما...ربما..كانت تعمل معهم
نظر اليه على بصمت وتغير لون وجهه ثم هب واقفا فجأه وفتح باب المكتب بعصبيه وهم بالرحيل..لولا أن لحقه مصطفى بسرعه وأمسك بذراعه ليمنعه وهتف قائلا : لا تكن عصبيا هكذا, انه مجرد احتمال , ولا يجب ان نغفل اى احتمال حتى لو كان صغيرا
دفع على يده بعصبيه شديده وهتف بغضب : لم آت اليك لتضع حبل المشنقة حول رقبتها, بل لتنقذها وتنقذ عشرات الفتيات أمثالها من تلك المصيدة الرهيبه
سأله مصطفى مباشرة : لهذا رفضت ان تحكى لى اى شئ عن زوجتك وما حدث لها من البدايه؟؟ واكتفيت بما سمعته منها عن نشاط المركز ..أليس كذلك؟
هتف على بغضب : لأننى كنت اتوقع تماما ردك,
تأكد انها لا علاقة لها بتلك الممارسات المشبوهه..انها احدى الضحايا, لقد قاموا بعمل غسيل مخ لها وأوهموها بمعلومات وقصص وروايات كلها خطأ , كانوا يعاملونها كفأر تجارب.. ووضعوها تحت اعينهم فى مكان كما لو كان معمل تجارب أو حضّانه .لاترى فيه ولا تسمع الا ما يقومون هم ببثه فى رأسها, حتى زياراتها الى المعتقلات والسجون ,كانت كلها زيارات مقننه ومدروسه ومعده سابقا, كما اخبرتنى انهم عالجوها نفسيا عن طريق اجهزه حديثه وعقارات وادويه هى نفسها لا تدرى ما كنهها
والآن ليس لدى ادنى شك فى انهم تسببوا فى سقوطها فى الإدمان وبعد كل هذا تتهمها بأنها تعمل معهم؟؟
مصطفى بهدوء : حتى لو كان احتمال تورطها واحد فى المليون لا يجب ان نغفله , الأمر ليس بهين,بل يتعلق بمصير ومستقبل بلد ولا يمكن ان اسمح بأدنى قدر من الخطأ, لا أريد استباق الأحداث ولكننا لا نعلم مدى علمها بالأمر , هل من المعقول انها لا تعلم اى شئ وهى فى هذا المنصب الكبير؟ هنا وفى المركز الرئيسى فى نيويورك
ارتمى على على الكرسى وهز رأسه بصدمه : لا .مستحيل, أنا متأكد انها لا تعلم أى شئ . انها ضحيه
جلس مصطفى امامه وقال بهدوء : وأنا أصدقك ..وحتى نتأكد من ذلك فستضطر مكرها أن تقبل بما كنت ترفضه
نظر على فى وجهه ولم تعجبه تلك النظره التى رآها فى عينيه ,فهز رأسه رافضا بقوه وقال باصرار : لا , مستحيل, انس هذا الأمر تماما ,
مصطفى بدهشه : ألا تريد ان تحمى زوجتك وتؤدى خدمه لبلدك؟
هتف على بغضب : أنا اعلم تماما واجبى تجاه بلدى, كما اعلم اننى لا أصلح ابدا لذلك العمل , ولم ولن افكر يوما فى العمل معك
مصطفى بهدوء : لماذا؟
صمت على قليلا وهو ينظر فى عينيه ثم قال : لنقل اننى شخص مريض لديه ازمة ثقه
يعقد مصطفى حاجبيه وهو يقول بدهشه : ألا تثق بى؟
على يزفر بضيق : ليس انت ..ولكن قل ان لدى مشاكل نفسيه وعقد تجاه المنظومه الأمنيه عموما , كما اننى لا أتقبل الأوامر ابدا , قل أننى متطرف . متشدد . متعصب دينيا .
 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

شردت عيناه بعيدا ولاح فيهما بعض الحزن وهو يكمل : أو سيكوباتى كما يقول البعض
ضحك مصطفى ضحكه قصيره متعجبه وهو يقول : لم؟ ..هل كانت والدتك تخيفك من العسكرى وانت صغير؟
على يمط شفتيه ويقول بجديه مغلفه بالضيق : الأمر أكبر بكثير فلا زالت رأسى تحمل ذكريات لقصص قديمه وصور خياليه عن فترة فساد ومحاكمات وهزيمه ونكسه واستغلال للسلطات ومراكز القوى
انتفض مصطفى هاتفا بغضب : على , لقد انتهت تلك الفتره تماما ولن تعود ابدا هل تفهم؟
هز على رأسه وقال بهدوء : حسنا ..أنا أصدقك , ومع ذلك لا يمكننى ان اعمل معك, كما لن اقبل ابدا بانزلاق زوجتى فى ذلك العمل..يكفى ما لاقته منهم حتى الآن, ولن تستطيع اقناعى بعكس ذلك
تحول صوته الى لهجه انذاريه تحمل غضبا خفيا وهو يقول : وابتعد تماما عن زوجتى, وان اردت منها اى معلومات فعن طريقى وفى وجودى..هل تفهم هذا؟
زفر مصطفى بقوه وهز رأسه وقال : أعلم تماما أنك شديد الغيره ..ولكن مصلحة الوطن..
قاطعه على بحده : لا تزايد على حبى لبلدى..أنا أحب هذا البلد وأخاف عليه . وأخاف أكثر على حرماته فأغلق المناقشه فى هذا الأمر ولا تدعنى اشعر بالندم لأننى لجأت اليك, هل تفهم؟
زفر مصطفى بضيق ..ثم استعاد هدوءه وقال بعد صمت : الحديث فى تلك الأمور لا جدوى منه الآن..مازلنا لا نعرف ماهى حقيقة نشاط ذلك المركز, فربما كنا مخطئين فى تصوراتنا
دع لى هذا الموضوع يومين فقط , وسأخبرك بما سنفعله فيما بعد
ولكن , أيا كانت النتيجه فلا تأتى الى مكتبى مرة أخرى, وعندما أصل الى أى معلومات ,سأتصل انا بك ..اتفقنا؟ ولا تخبر زوجتك ابدا بأى شئ
هتف على بضيق : لماذا يقول لى الجميع ذلك؟
.................................................. .......... .....
دخل على الى المنزل ولكن هذه المره كان مختلفا, كان هادئا على غير عادته ,سلم على زوجته بفتور ودخل حجرته ليغير ملابسه وهو شارد تماما وبمجرد ان فتح خزانة ملابسه
سقط فوق رأسه كيس مملوء بمسحوق ابيض أغرق شعره ووجهه ولحيته
فتحت ساره الباب فجأه وهى تلوح بقبضتها فى الهواء بحماس وتهتف بمرح صاخب : ياااااااا.........
أخذت تضحك وهى تقول بسعاده : هذه المره فاجأتك حقا..
اقترب منها ببطء وهو يعض على شفتيه بغيظ وأمسك بذراعها ولواها خلف ظهرها برفق مما جعلها تتأوه بدلال وساقها أمامه الى المرآه وهو يقول مشيرا الى وجهه المغرق بالمسحوق الأبيض : كيف تجرؤين على ذلك؟ أصبحت أشبه بابا نويل
قالت وهى تضحك بمرح : لقد أصبحت أكثر وسامه ..أنت تستحقها ..حقا تستحقها
ترك ذراعها فالتفتت اليه وقالت بدهشه : ما بك يا على؟ أنت مختلف اليوم
قال بهدوء : لا شئ..فقط بعض المشاكل الخاصه بالعمل
قالت بسعاده : لم تسألنى عما حدث اليوم فى المركز
أدار وجهه باتجاه الحمام وتناول المنشفه وهو يقول : ماذا فعلت أليس فى بلاد العجائب؟
ضحكت بسعاده وهى تقول : لقد أرسلت الرساله فى الوقت الحاسم..ليتك رأيت وجوههم كان يجب ان أصورهم بكاميرا المحمول...لأول مره يتخلى صبرى عن بروده ..وسالم,كاد يفقد عقله..أما مارتن فلم يفتح فمه أبدا
تنهدت براحه وهى تقول : لولا مساندتك لى ما استطعت مواجهتهم وحدى
أخذ يتأملها بشرود وصمت وهى تكاد أن تقفز من السعاده كالأطفال
قال مباشرة وهو يتجه صوب الحمام : استعدى ,فسنذهب الليلة الى مركز الأشعه لعمل الأشعه التى طلبها الدكتور عبد الرحيم
سألته بدهشه : وهل هناك داعى لذلك؟ لقد أصبحت فى خير حال
قال باقتضاب منهيا الحوار : انها اوامر الطبيب
استلم على صورة الأشعه وذهب بها الى الدكتور عبد الرحيم الذى تفحصها جيدا وابتسم قائلا : رائع ..كل شئ على ما يرام لم يعد هناك داع لأى علاج أو عقاقير
التفت الى ساره وقال منذرا : وأنت..لا تستعملى أى دواء قبل أن تستشيرينى
هيا..الى الخارج.لا أريد رؤية وجه أى منكما مرة ثانيه
بقى على شاردا لعدة أيام ولم تكف ساره عن سؤاله عما به وهو لا يرد سوى باجابه واحده : مشاكل فى العمل
وبعد اسبوع كامل...فوجئ بورقه على مكتبه ,كانت رساله من مصطفى البندارى يطلب فيها لقاءه وبها عنوان شقه,فذهب اليه مسرعا,وعندما وصل الى هناك ,وجده ينتظره فى الشقه ,فسأله بلهفه شديده : هل توصلت لشئ؟
صمت مصطفى,لكن نظراته كانت تقول أكثر من الكلام
ضاقت عينا على بريبه وهو يسأله مجددا : ما الذى توصلت اليه؟
تنهد مصطفى وقال بعد تردد : على , يجب ان تساعدنا فالأمر جد خطير
على بنفاذ صبر : لماذا لا تتكلم مباشرة؟ ماذا وجدت؟
مصطفى : لقد حدث تسريب للمعلومات فى كل الأماكن التى أخبرتنى أنها زارتها
أصيب على بصدمه شديده,وظل صامتا للحظات,ثم قال باستنكار : وماذا يعنى هذا؟
قال مصطفى بهدوء : هناك احتمال كبير فى تورطها
صرخ على بغضب : لماذا لا تتحدث بصراحه بدلا من تلك المناورات؟
مصطفى : لا أستطيع أن أجزم الآن ,’ لكن الأمر جد خطير
فى البدايه, كان تركيزى على المركز ونشاطه وبعد بحث مكثف .أدركت انه نظيف تماما ولا شئ فيه يريب
ونفس النتيجه جاءتنى من المعلومات التى تلقيتها عن المركز الرئيسى فى نيويورك , حتى الدكتور جيفرى باركلى , شخصيه عاديه تماما ولا غبار عليها , ولا يدور حوله اى شك ,وكاد الأمر يمر عاديا ,لولا.....
اكمل عندما رأى اللهفه والتساؤل يطلان من عينى على بقوه : لولا معلومه صغيره اخبرتنى بها ,وكانت بمثابة مفتاح اللغز ,عندما أخبرتنى انها كانت تتلقى علاجا نفسيا اثر تعرضها لنوبات اكتئاب وان الطبيب المشرف على علاجها هو أحد أقرباء الدكتور باركلى..هذا الطبيب هو....
اتسعت عينا على وبدا على وجهه انه مستعد تماما لتلقى الصدمه , فلم يطيل عليه والقاها اليه مباشرة : هو أحد عملاء الموساد
ارتمى على على الكرسى المجاور له بعد ان ادرك ان قدميه لن تستطيعان حمله من هول الصدمه وظل صامتا لمدة طويله
وبعد ان بدأ يستعيد نفسه وبدأ عقله يعمل ثانية بعد ان توقف تماما ,خرج صوته من حنجرته متكسرا متقطعا وهو يقول ببطء : أتريد أن تقنعنى أن المرأه الوحيده التى سمحت لها ان تدخل حياتى وتمتلك قلبى جا....
لم يستطع ان يكمل,فقد جرفته سيول الألم فدفن وجهه بين كفيه واسند مرفقيه الى ركبتيه وضغط أسنانه بقوه حتى ان مصطفى سمع صريرهما
فاقترب منه ووضع كفه على كتفه وقال بتعاطف : أقدر تماما مشاعرك,لقد سقطت فى حبها ولكنها طعنتك فى قلبك طعنه نجلاء
أتاه صوته ينذر بعاصفه توشك على الإنفجار : ليت الأمر فقط حبا..ولكنها زوجتى........زوجتى
قال مصطفى بهدوء : لو كنت فى مكانك ...
انتفض على بعنف وصرغ بغضب عارم : انت لست فى مكانى ولن تفهم ابدا مشاعرى ..انها...انها...انها زوجتى...زوجتى..
ضرب قبضته فى الحائط بعنف وهو يصرخ بغضب : لماذا..لماذا أنا ..لماذا تزوجتنى؟
قال مصطفى بهدوء : هناك أكثر من احتمال
التفت اليه على بحده لكنه لم يتكلم فأكمل مصطفى : ربما تكون قد وقعت بالفعل فى حبك فأرادت ترك ذلك العمل وتلك الحياه لتبدأ معك حياة جديده ,وفى الغالب انها فعلت هذا رغما عنهم لذلك فهم سوف يطلبون سفرها بأى وسيله
الإحتمال الثانى أن يكون كل هذا مدبر ومرتب بحيث تتخذ منك ساتر مناسب تتخفى خلفه ,وتقوم بعملها دون ان تتعرض لأى شك ولا...
حــــــــــــــــقــــــــــــــيــــــــــــــره
قاطعته صرخة غضب هائله من على وهو يلقى باحدى الزهريات التى كانت على المنضده الى الحائط بعنف لتتكسر الى قطع صغيره قبل ان تهوى ارضا
نظر اليه مصطفى بدهشه فوجده يلهث وينتفض غضبا ,ثم جرى بخطوات سريعه الى باب الشقه فاستوقفه مصطفى : انتظر , يجب أن نتفق على ما ستفعله
أمسكه من ذراعه وقال بلهجه آمره : لا تذهب اليها وانت فى هذه الحاله ,ولا ترتكب اى حماقات, لا أريدها ان تكتشف اى شئ
دفع على يده بغضب وخرج صافعا الباب خلفه بقسوه
................................................
لم يفعل على فى حياته مافعله فى ذلك اليوم الكئيب
قاد سيارته بسرعه متهوره وكأنما يفرغ غضبه فى عجلة القياده وبات وجهه شديد الإحمرار وعينيه زائغه وتفكيره مشلول تماما حتى انه لم يكن يدرى الى اين تقوده السياره
وبينما هو غارق فى نوبة الغضب العاتى تلك ,سمع صوت هاتفه المحمول وعندما رأى رقم المتصل ,استشاط غضبا وأغلق هاتفه تماما وقذف به بعنف على الكرسى المجاور له ليرتطم بالباب الملاصق به ويسقط عليه وينزلق الى الدواسه ,
زاد على من سرعة السياره وهو يضغط اسنانه بغضب هائل
حتى خرج من القاهره الى مكان بعيد خالى ليس به سوى رمال وتلال
توقف اخيرا ..وخرج من السياره وأغلق بابها بعنف وسار بخطوات سريعه يضرب الأرض بقدميه وكأنه يفرغ فيها غضبه
وقف وحيدا ينظر الى الأرض الصفراء الخاليه الشاسعه الممتده أمامه وأصوات كثيره تغزو رأسه وتملأ أذنيه :
لا أدرى لم أشعر اننى على وشك الوقوع فى فخ
لم يحظ بثقتى المطلقه فى هذا العالم سوى شخصين اثنين
الثانى ,هو جيف..أقصد د.جيفرى باركلى
جيفرى باركلى... جيفرى باركلى... جيفرى باركلى..
أعلم كل هذا بل واكثر منه ,عجبا..كيف فكرت ذلك التفكيرالأحمق؟
أمسك رأسه بكفيه بقوه ليوقف تلك الأصوات التى تكاد ان تفجر رأسه
وفجأه تذكر شئ ما...
فأغلق عينيه واعتصرهما بقوه ثم زفر زفرة حاره ومسح وجهه بكفيه وأخذ يستغفر الله بكل أحاديث الإستغفار التى يحفظها فى عقله
وبعد نصف ساعه كامله لم يكف فيها لسانه عن الإستغفار ..بدأ يهدأ , وبدأ عقله يعود للعمل بالتدريج وحاول تنظيم أفكاره والتوصل الى حل للكارثه التى حلت به
وأخذ يقلب الأمر على كل جنب حتى أعيته الحيل واستنفذ طرق التفكير تماما
أخذ يقلب وجهه فى السماء ودموعه تترقرق فى عينيه ,وهو يتوسل الى الله بكل كيانه ويتذلل ويتضرع له ان يرحمه ويلهمه الصبر والثبات
لم يدر كم بقى على هذه الحال الأليمه حتى شعر بالإنهاك الشديد ,فعاد يترنح الى حيث ترك سيارته واستند بكفيه اليها وهو يلهث
وفى أذنيه تدوى عبارة لا تفارقه
انت خائفه .تنتظرين انتقامى؟
متحفزه لما سيفعله ذلك المهووس المتعصب ذو اللحيه السوداء !
رفع رأسه وانتصب واقفا ,وفى عينيه ارتسم الشر قادحا ,وقال بصوت مخيف ينذر بعاصفة هوجاء : لقد أردت الإنتقام...
لك ما أردت...........

 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

كانت ساره تدور فى البيت كالمجنونه وهى تقطع غرفه واحده بعد الأخرى وهى فى قمة الغيظ والهاتف المحمول فى يدها وهى تتصل بهاتف على للمره الـ...... لم تعد تعد المرات فهى ولا شك تجاوزت المائه بكثير,.وعندما اتاها صوت يقول الهاتف مغلق ,صرخت بغضب شديد : لماذا لا ترد ؟ سترى ما سأفعله بك عندما تعود
جلست الى الأريكه واخذت تهز ساقها بتوتر وضيق ثم نهضت وتناولت الهاتف المنزلى واتصلت بأم على وقالت مباشرة : نعم يا أمى..أنا ساره,هل مر على عليكم اليوم؟
أتاها صوت الأم يشوبه بعض القلق : لا يا عزيزتى ,لم؟..هل قال انه سيمر علينا؟
ساره مطمئنه : لا ,فقط أسأل ,لقد أخبرنى فى الصباح أنه ربما سيسافر الى الأسكندريه اليوم فى عمل, ولكنه يبقى هاتفهه مغلق ,ولا أستطيع الوصول اليه
أم على : ربما نسى شحن الهاتف, أو ربما كان عيبا فى الشبكه
ساره : لم لم يتصل بى اذا ليطمئننى؟
أم على : ربما لا يزال فى الطريق,أنا متأكده انه سيتصل بك بمجرد ان يصل الى هناك
ساره : حسنا يا أمى,شكرا لك, وأعتذر عن الإزعاج
بمجرد أن وضعت الأم سماعة الهاتف سمعت صوت جرس الباب وبعده هبه تهتف : على, مرحبا, اتجهت الأم مسرعه الى الصاله لتجد على أمامها وهبه تقول له : هل أحضرت لى شئ معك؟
قال بهدوء غير عادى : نسيت , المره القادمه ان شاء الله
نظرت الأم فى وجهه وعقدت حاجبيها والتفتت الى هبه وقالت : هبه ,اذهبى واستذكرى دروسك..على , تعال معى
دخلت هبه حجرتها واصطحبت الأم على الى حجرتها وسألته مباشرة : ما بك يا بنى؟ هذا ليس وجهك الذى أعرفه
جلس على على طرف الفراش وقال بشرود :لا شئ , فقط اشتقت اليكم
قالت بريبه : اذا اتصل بزوجتك , فهى تكاد تجن من القلق عليك
قال بضيق : فيما بعد يا امى
قالت الأم بالحاح قلق : ما بك يا بنى؟ هل حدث شئ بينك وبين زوجتك؟
هرب بعينيه بعيدا ليتجنب نظرات أمه القلقه,وطال صمته حتى قال أخيرا ووجهه ينطق بالألم : ماذا ....ماذا لو...لو...اكتشفت ان المرأه التى أحببتها وامتلكت حياتى ..ماذا لو ..لو.كانت...خائنه؟؟
انتفضت الأم بذعر , ووضعت كفها على صدرها من أثر المفاجأه ,ثم تمالكت نفسها بسرعه وقالت وحروفها تنطق بالتأثر: على, لا يابنى, اياك والظلم,فإن الظلم ظلمات الى يوم القيامه, اياك ان ترميها بتلك التهمة البشعه دون دليل قوى
التفت اليها وقال بتوتر وضيق : لم أقصد المعنى الذى فهمت ..أقصد..أعنى..
صمت ولم يكمل...فقالت الأم بقلق : أخبرنى يا بنى , ماذا تقصد بكلامك
نظر فى وجهها ولم يدر ماذا يقول ولا كيف يرد على تساؤلاتها فنهض بعصبيه وخرج مسرعا من البيت ولم يعقب
وترك امه تحترق بنيران القلق على فلذة كبدها
نزل درجات السلم بسرعه ولكنه توقف فجأه عند آخر درجه,فلقد وجد مصطفى ينتظره هناك, فقال له: توقعت ان تأتى الى هنا , وعندما وصلت ووجدت سيارتك انتظرتك هنا
على بغضب : ماذا تريد؟
مصطفى بهدوء : أريدك ان تسافر الى الأسكندريه,لا يجب ان تبقى هنا وانت على تلك الحاله
قال على بضيق شديد : كف عن التدخل فى حياتى وتسييرى كيفما شئت
مصطفى باصرار: لو بقيت هنا وانت هكذا سينهار كل شئ, يجب أن تسافر الآن ,وبعدها نتحدث,لا تدع الغضب يفقدك صوابك
.................................................. .......... ....
فى تلك الليلة ...لم يعد على الى بيته..بل سافر الى الأسكندريه وهناك.التقى بأحد رجال الأعمال كان قد زاره فى شركته فى القاهره من عدة ايام وطلب منه ان يقوم بعمل تجديدات فى ديكورات فيلا يملكها فى أحد الأحياء الراقيه بالأسكندريه
واتفق مع صاحب الفيلا على كل التفاصيل,ولم يمر يومان حتى لحق به عماله بمعداتهم وعلى رأسهم الحاج صابر,وبدأوا العمل فى الفيلا
واضطر على أن يدوس على كل الغضب الذى يغلى بداخله ويتصل بزوجته حتى يهدئ من ثورتها ,كما اتصل بأمه وعلم منها انها لم تخبر زوجته بأى شئ مما دار بينهما,ولكنه لم يروى ظمأ حيرتها وقلقها مما يحدث ,وظل الصمت حليفه ,
كم قضى أياما لا يعرف للراحة طعما
كم قضى اياما كئيبه يحترق بنيران الألم والغضب
كم قضى أياما يسأل نفسه آلاف الأسئله دون اجابة تعيد اليه روحه الضائعه
كم قضى ليال قائما يصلى بين يدى ربه ,ساجد تغرق دموعه الأِرض وهو يشكو بثه وحزنه وهمه الى الله
وكم دعا الله كثيرا ان يستفيق من ذلك الكابوس الفظيع
وفى يوم سمعه جميع العمال يصرخ بصوت كالرعد من داخل مكتبه المؤقت الذى اتخذه فى الفيلا(موقع العمل), وبعد قليل ,خرج المهندس المساعد الذى يعمل معه يلملم نفسه وأوراقه وهو مذهول تماما من تصرف المهندس على الغريب المناقض تماما لشخصيته الودوده الهادئه المتزنه
دخل الحاج صابر على على واغلق الباب خلفه ,ووقف يتأمله وهو جالس الى مكتبه مسندا مرفقيه الى سطح المكتب ورأسه مطأطأه بين كفيه بشكل يدل على مدى حزنه وألمه
اقترب منه الحاج صابر ووضع يده فوق كتفه بتعاطف وهو يقول بصوته الهادئ : ما بك يا بنى؟ ليس هذا على الذى أعرفه
لم يرد ,بل لم يبد عليه انه سمعه ,فقال الحاج صابر : لا يمكن ان يكون كل هذا بسبب الضائقه الماليه التى تمر بها الشركه ,فلقد كابدت ما هو أشد منها بمراحل عندما استلمت العمل فيها بعد وفاة والدك رحمه الله
أخبرنى يا بنى,ألسنا عشرة عمر؟ وكم استشرتنى فى أمورك وأمور العمل. ألم تكن تثق برأيى؟
بعد صمت طويل,حل على عقدة كفيه من رأسه ببطء والتفت الى الحاج صابر بعيون زائغه حزينه وقال بصوت كسير : ماذا لو ..منحت ثقتك وحبك ومشاعرك لشخص ما ؟ وبعد فتره , اكتشفت ان هذا الشخص لا يستحق أى شئ , ماذا كنت ستفعل وقتها؟
فكر الحاج صابر قليلا , ثم قال بصوته الهادئ : ان من يمنح الآخرين لنفسه , سيحزن وسيندم كثيرا ان قابلوا احسانه باساءاتهم ,فكل انسان لايمنح الا ما لديه
أما من يمنح الآخرين لله فلا يندم ابدا بل ينتظر الجزاء من عند الله, فهو عطاء غير مجذوذ
فليكن عملك كله خالصا لوجه الله ,وارضاء لله ,فهو لن يضيعك
هون على نفسك يا بنى ,فالحياة أقصر من أن نحياها ندما على ماخسرناه , بل يجب ان نحياها أملا فيما هو خير وأبقى
فقط قم بواجبك وارض الله وأصلح نيتك ولا تظلم
التفت اليه على ببطء وفى عينيه نظرة امتنان عميقه وكأن كلمات الحاج صابر نزلت بردا وسلاما على قلبه , فمنحته سكينة افتقدها كثيرا
طرق الحاج صابر كتفه بحب وقال وهو يبتسم : هيا لترتاح قليلا, هيا الى الصلاة
نهض معه على وخرج من المكتب , ثم استوقفه قليلا, وأخذ يبحث عن المهندس المساعد , وعندما وجده ,قدم له الإعتذار أمام كل العمال مما جعل المهندس المساعد يمتن له كثيرا وينظر اليه نظرة تقدير واعزاز كبيره
بمجرد أن عاد على من الصلاة وجد على مكتبه ورقه من مصطفى يطلب فيها لقاءه ويحدد له مكان وموعد اللقاء
وصل على الى مكان اللقاء ليجدها عماره مكتملة البناء ولكنها بدون تشطيب, وفى الدور الخامس كان مصطفى ينتظره
وقف على أمامه وعيناه تنضحان بنيران مكتومه
أخذ مصطفى يدور ببطء فى أرجاء المكان وهو يقول : ما رأيك فى هذا البناء؟ لقد دعوتك الى هنا لتعاينه ,فهو كما ترى عمارة كبيره وفى أرقى أحياء الأسكندريه , وهى عمليه جيده ستخرج منها بمبلغ كبير
ضاقت عينا على وهو عاقد ساعديه وانتفضت عروق وجهه من الغضب الحبيس وهو يقول متجهما باقتضاب شديد : وبعد؟
مصطفى : هذه العمليه ستساعدك على استعادة مركزك المالى والخروج من الأزمه التى تمر بها شركتك
رد على : التى قمت انت بافتعالها بالتأكيد..مثلما أرسلت لى صاحب فيلا الأسكندريه لتبعدنى عن القاهرة
ابتسم مصطفى لذكائه وقال : كان لا بد من ذلك حتى تهدأ ثورتك وتستطيع التفكير , كما انها تغطيه مناسبه جدا
صمت قليلا ثم قال بصوت مغاير : وحتى تستعد زوجتك للسفر الى أمريكا
التفت اليه على والنيران تشتعل فى ملامحه : اذا فهذا هو هدفك , تربطنى هنا لتسافر هى وحدها الى أمريكا
مصطفى بهدوء : فى كل الأحوال كانت ستسافر , فهم بالتأكيد يتحرقون لسفرها أكثر منا , ولا شك أنهم أمروها بالسفر بالفعل
قال على والغضب يعتصر كلماته : اسمعنى جيدا فسأِقول هذا لأِول ولآِخر مره , اياك ان تعتقد لحظه أننى سأِتركها تسافر وحدها اليهم وهى زوجتى , فأنا لا يمكن بأى حال من الأحوال , وتحت اى ضغوط أن أتحول الى ديوث , هل تفهم؟
مصطفى بحده شديده : من أدخل فى رأسك هذا الكلام الغريب , انه عملها , وهى ستسافر لأن عملها يتطلب منها ذلك , فهى تعمل هناك أيضا
على بتهكم : ياللذكاء , لقد أخبرتها أن الشرع لا يوافق على سفر المرأه وحدها , فكيف أغير كلامى بتلك السرعه؟
مصطفى : أنا أثق تماما فى ذكائك وحسن تصرفك , تستطيع اقناعها انك تقدر انها لا تفهم هذا وانك ستسمح لها تلك المرة فقط لتحل مشكلاتها فى العمل معهم , أو تقنعها بأى وسيلة أخرى, أو تقوم بعمل ما يحل تلك المشكله
ازداد غضب على وهو يقول : هذا لن يحدث أبدا طالما كانت زوجتى , لن أرسلها وحدها اليهم ابدا
مصطفى بحده : يجب ان تدعها تسافر , سفرها فى منتهى الأِهمية بالنسبة لنا , هناك شئ يريدونه منها ولابد أن نعلم ما هو, هى الوحيده التى يمكن ان تساعدنا , يجب ان تكون اكثر تفهما لخطورة الموقف
على بحده : هذا الكلام لن يؤثر فى اطلاقا ولن تستطيع اجبارى على فعل شئ يخالف ما أنا مؤمن به
ان أردتها ان تسافر وحدها فهناك حل من اثنين , أن تنتظر قليلا , فربما أصرت هى على السفر رغم ارادتى وربما طلقتها وعندها ستكون حرة وتسافر كما تريد , أو...................
تقذف بى وراء الشمس..
 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

امتقع وجه مصطفى بشده وهو يحملق فيه بدهشة غاضبه
أكمل على بنفس اللهجة الغاضبه : لم يبق سوى أيام قليله وانتهى من العملية التى فى يدى , وسأعود الى بيتى قريبا جدا , وسأنتظرك هناك...
ولا تنسى أن تحضر معك زوار الفجر
رحل على وترك مصطفى متجمدا فى مكانه يغلى من الغضب وهو يحملق فى المكان الذى غادره منذ قليل الرجل ذو اللحية السوداء
.................................................. .
كانت ساره فى زيارة الى أم على ووقفت معها فى المطبخ تساعدها وهى تعد الطعام
وأخذت تتحدث اليها وتبث اليها حيرتها ودهشتها وألمها : لا أدرى ما الذى ارتكبته ؟ لقد قضيت الأيام الفائته وأنا أحاول استرجاع كل ما حدث بينى وبينه , كل كلمه, كل تصرف صدر منى
تنهدت بضيق وهى تكمل : لا أدرى لم تغير بهذه الطريقه؟ انه لا يتحدث الى , ويبقى هاتفه مغلق أغلب الأحيان
قالت الأم بتعاطف : ربما يمر بأزمة كبيره ,يجب ان تتحمليه يا عزيزتى ,قد يكون هناك متاعب فى عمله , أكثر ما يؤلم الرجل ويهزه أن يكون مسؤلا عن اسره ثم يجد نفسه فجأه لا يستطيع القيام بواجباته تجاههم
قالت ساره بحيرة : نعم, لقد لمح لى فى خلال كلامه الى شئ مثل هذا , ولكن ..لم لا يشرح لى طبيعة الأزمة التى يمر بها؟ لم يخفى عنى مشاكله
تنهدت الأم بأسى وقالت بحسرة والدموع تلمع فى عينيها : مثل والده تماما ,هو أيضا لم يكن يحملنى همومه , وكان يخفى عنى مشاكله , حتى تراكمت المشاكل والأزمات الماليه فوق رأسه , ولم أدرى الا وهو فى العناية المركزه , ثم يموت بعدها بوقت قصير
صمتت قليلا لتستعيد رباطة جأشها , ثم أكملت : ثم يأتى على ليحمل الجمل بما حمل كما يقولون , لقد بذل جهودا مضنية لتقف الشركه على قدميها من جديد
قالت ساره بتأثر شديد والخوف يبدو فى عينيها : أعلم أنه يمر بوقت عصيب , لهذا فلن أقف مكتوفة اليدين وأنا أراه فى هذه الحاله , يجب أن أفعل شئ..أى شئ
اننى جزء من هذه المشكله , فمنذ أن تزوجنا وهو يصرف ماله ببذخ شديد , لقد أنفق كل المال الذى اكتسبه من تجديد فيلا والدى , بل وأكثر منه بكثير. هل كان يريد لى ان احيا كما كنت فى بيت ابى؟ هل يظننى طفلة غنية مدللة؟ مخطئ ..مخطئ لو كان يفكر بهذه الطريقه
ابتسمت الأم مشجعه : لا تقلقى فأنا أثق به كثيرا , وأعلم أنه سوف يتجاوز تلك الأزمه كما تجاوز ما هو أشد منها
قالت ساره برجاء : ومع ذلك فواجبى ان اساعده , لذلك فلقد سحبت مبلغا من البنك . انه مالى جمعته من عملى وليس مال أبى
صمتت قليلا ثم قالت : أعلم تماما كم تبلغ عزة نفسه وحساسيته الشديده لتلك الأمور , لذلك , أرجوك ساعدينى يا أمى , خذى هذا المال وقدميه اليه على انه منك , بالتأكيد سيقبله
التفتت اليها الأم ورمتها بنظرة امتنان وحب كبيره , ثم امسكت يدها بحنان وهى تقول بابتسامه : سامحينى , لن استطيع ان ألبى رغبتك يا ابنتى , لدى اسباب كثيرة تمنعنى , أولا , لا يمكننى الكذب ابدا , ثانيا , لو علم على , فسيغضب كثيرا , فهو لا يتقبل سوى الصدق والوضوح
كما ان هذه الأمور الخاصه يجب ان تظل بينكما انتما الإثنين فقط , لا يدرى بها اى انسان آخر
خفضت ساره عينيها وقالت : ولكنى , أخشى أن يفهم موقفى خطأ , ويرفض المال
قالت الأم مطمئنه : على العكس , سيتفهم الموقف تماما , فقط تحدثى اليه من قلبك بمنتهى الصدق , فمنك انت سيتقبل أى شئ , وحتى لو لم يوافق على أخذ المال , يكفى ان يعلم بمشاعرك ومدى حبك ومساندتك له
تنهدت ساره وأمسكت برأسها بألم واضح وهى تقول : فقط أتمنى أن يعود سريعا
عقدت الأم حاجبيها وقالت باهتمام : ساره , هل تتألمين؟
قالت : يبدو أن آلام رأسى بدأت تعاودنى من جديد
ثم همست لنفسها : أظن اننى سأضطر لزيارة الدكتور عبد الرحيم ثانية
طوال فترة عمله فى الأسكندريه كان على يتجنب اللقاء بمصطفى, وكلما أرسل له يرفض الذهاب اليه , فمن وجهة نظره ,لم يعد هناك ما يمكن ان يقال
انهى على عمله فى الأسكندريه وعاد الى القاهره , ولكنه لم يذهب الى بيته,بل ذهب الى مكتبه فى الشركه وبقى هناك وحيدا حتى ساعة متأخره ليلا, فلم يكن مستعدا لمواجهتها بعد , ولم تكن لديه رؤية واضحه عما يمكن ان يفعله ,أو القرار الذى يمكن ان يتخذه.
وعندما عاد الى البيت, كانت الساعه قد تجاوزت منتصف الليل بكثير.
دخل بهدوء, وحمد الله كثيرا,فقد كانت غرفتها مغلقه,والبيت غارق فى الظلام,فأدرك أنها نائمه.
دخل الى حجرة الإستقبال وأغلق بابها عليه بمنتهى الهدوء وانخرط فى صلاة قيام الليل وذاب فيها تماما حتى وكانه يصلى بكل ذرة فى جسده ,وبدأت دموعه تسيل وتسيل حتى غسلت وجهه ولحيته ثم تحولت الى نحيب أليم
وبعد ان انتهى ,غرق فى دعاء طويل يبث فيه الى الله شكواه ونجواه وألمه وهو يبكى ويتضرع ويتوسل الى الله أن يلهمه الصواب وينزل عليه الصبر والثبات, وعندما انتهى كانت نفسه قد هدأت وعادت اليها السكينه, جلس الى سجادة الصلاة ينتظر أذان الفجر ولسانه يتمتم بالإستغفاريحوطه الظلام والصمت الذى لا يحد منه سوى صوت قفزات عقرب الثوانى بإيقاعه الرتيب فى ساعة معلقة على الحائط.
فجأة ..شعر بشئ يتحرك خلفه ,فالتفت ليجد شبح ساره ينهض من على الكرسى الذى خلفه ,تأمل خيالها فى الظلام وهى تقترب منه ببطء وتنزل على ركبتيها الى الأرض بجواره ,أدرك على الفور انها دخلت الحجره ولم يدر بها عندما كان غارقا فى الصلاة
قالت بهدوء شديد وكأن صوتها يأتى من أعماق نفسها : انتظرتك طويلا..ومازلت أنتظرك..طالت غيبتك هذه المره
قال وعيناه تدوران فى الظلام : عندما يمر الإنسان بوقت عصيب فهو يتوقع أن يتحمله من حوله
طال صمتها وهى تحدق بوجهه الذى أخفى الظلام معالمه,ثم نهضت الى ركن الحجره الذى كانت تجلس فيه ,ثم عادت بحقيبه وضعتها على الأرض أمامه وفتحتها ولكن على لم يستطع أن يتبين ما فيها بسبب الظلام , أتاه صوتها مغلفا بالدموع وهى تقول : هذا المال مالى,وليس مال أبى ,وهذا الأمر بينى وبينك فقط , سأكون شريكتك انت وأسرتك فى الشركه بهذا المال , وان لم تريد شراكتى.....فقط خذه, ولترده لى بالطريقة التى تريد فى الوقت الذى تريد , وأقسم لك ألا يعلم بهذا الأمر أى مخلوق
طال صمته وكأنه دهرا , حتى ملأ الغرفة صوت الساعه بخطواتها الثقيله وهو ينظر اليها من خلال ستائر الظلام ثم سألها ببطء وتفكير : تحاولين انقاذى من الأزمة التى أمر بها , وتريدينى أن أسمع لرأيك وأطيعك ؟
أتاه صوتها يقطر بالتوسل والرجاء وهى تقول : أرجوك..
أكمل بهدوء : تريدينى أن أتقبل ما تأباه نفسى وآخذ مالك وفى نفس الوقت , ترفضين أن أساعدك لتنقذى نفسك من النار !!
صمتت تحاول أن تستوعب كلامه فأكمل بجديه شديده : سأعقد معك اتفاق ,اذا استطعت التغلب على نفسك واجبارها على قبول ما تأباه وبدأت تصلين ..عندها فقط ربما يمكننى أن أتغلب على نفسى وأكرهها على قبول ما تأباه وآخذ المال من زوجتى.
فهل تستطيعين فعل ذلك؟
أتاه صوتها يقطر بالدموع وهى تقول بحب طاغى : سأفعل من أجلك أنت , سأفعل أى شئ
وجد يدها تمتد الى وجهها وكأنما تمسح دموعا سالت
وبرغم كل هذا أبى الا أن يقض جدار الهدنه ويشعل النار من جديد
سألها مترددا : ماذا قرروا بشأنك فى المركز؟
انهمر الصمت فجأه حتى بات صوت عقرب الثوانى فى أذنيه وكأنه قذائف حربيه حتى قالت ساره أخيرا : يريدون سفرى لأمريكا فى أسرع وقت
اشدت ضربات الساعه فى أذنيه عنفا وضراوه وكل منهما يريد ان يخترق بعينيه ظلام الآخر ليعرف فيما يفكر
فجأه ...قطع صوت اذان الفجر الحرب الخفيه الدائره واوقف النيران الرهيبه وهو ينطلق من المسجد القريب من البيت
قال على معلنا انتهاء اطلاق النار : الصلاة
نهض قائما وخرج من الغرفه ثم فتح باب البيت لكنه توقف عندما سمعها تناديه : على
التفت خلفه ليراها على ضوء السلم الذى تسلل الى البيت من خلال الباب واقفه فى الظلام عند باب الغرفه وهى تقول برجاء : هل ستعود؟
ظل واقفا يبحث عن اجابه وعندما عجز ترك النار مشتعله وخرج واغلق الباب خلفه
بعد عدة أيام..........
كانت ساره فى المطبخ تجهز طعام الغداء قبل موعد عودة زوجها , كانت تتحرك فى المكان ويديها تعملان ولكن عقلها شارد تماما وعينيها تحدق فى لا شئ , وحركاتها بطيئة تخلو من أى حماس
فجأة شعرت بشئ يتحرك خلفها ,استدارت فوجدت باب المطبخ المفتوح يتحرك من مكانه ببطء لينهار من خلفه جسد طويل ارتدت للخلف برعب هائل حتى التصقت بالجداروعيناها جاحظتان وهى تحدق فى الجثه التى سقطت من خلف الباب امامها على الأرض ,واستقرت على بطنها لاتتحرك,والدماء الغزيره تغرق ملابسها ,ومن وسط ظهرها يبرز مقبض سكين أسود كبير
شهقت برعب ووضعت يديها على فمها وشلت أطرافها تماما , فقد كانت الجثه لرجل تعرفه , رجل بلحية سوداء

 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

استغرقت ساره بعض الوقت حتى استفاقت من الصدمه الهائله واستطاعت ان تحرك جسدها بصعوبه وترتمى على جسد على وهى تصرخ بلوعه : على,على
حاولت ان تدير جسده الثقيل لترقده على ظهره لتحاول اسعافه بأى طريقه ,لكن عضلاتها لم تقدر , وبينما هى تحاول باستماته أتاها صوت من تحتها يقول : هل أفزعتك؟
تسمرت فى مكانها وهى ترى جسده يتحرك ببطء ويعتدل جالسا على الأرض ويخلع عنه القميص المغرق بالدماء ومشبوك به مقبض السكين الخادع ويلقيه بعيدا
برغم أن الأمر كله كان مجرد مقلب جديد من مقالبه السيئه , لكنه لم يضحك كعادته بل أخذ ينظر فى عينيها ووجهه متجمد تماما خالى من أى تعبير
حدقت به دقائق كثيره وهى عاقده حاجبيها بشده والدموع تتجمع فى عينيها ببطء حتى امتلأتا عن آخرهما وانسكبتا على خديها الملتهبتين بنيران الغضب
فجأه تفجر غضبها عنيفا فى وجهه وارتكزت على ركبتيها وأخذت تسبه صارخه وهى تضربه بقبضتيها فى وجهه وصدره بكل قوتها وهو ساكن لا يتحرك ولا يتقى ضرباتها,حتى أصابها الإعياء من فرط ما ضربته , وتحول سبابها وصراخها الغاضب الى بكاء ونحيب عنيف وخرت جالسه على الأرض خائرة القوى وهى تتمسك بتلابيبه وهو يمسح على شعرها ويحاول أن يهدئ من روعها , وبعد نصف ساعة كامله بدأت تتماسك أخيرا وسألته من بين دموعها : لم فعلت بى ذلك؟
قال بلهجة ينضح الأسف والندم منها : أخطأت ..أخطأت سامحينى,
هز رأسه بأسف وهو يكمل : أظن أن بداخلى طفل طائش مجنون,
لا أعرف كيف صور لى الشيطان رغبه مجنونه لأكتشف هل تحبيننى حقا ؟ وهل ستحزنى لموتى؟
جذبته من ملابسه بغل وضغطت أسنانها بقوه والدموع تغرق وجهها وهى تقول بغضب شديد : اياك أن تفكر لحظة واحده أنك يمكن أن تتركنى وحيده فى هذا العالم وترحل , حتى الموت لن يجعلك تهرب منى ,سأذهب وراءك الى الجحيم , لن تفلت منى أبدا
تركها تفرغ غضبها وألمها حتى هدأت قليلا ثم قال بجديه مغلفه بالحنان : ساره , لا تتمنى أبدا الذهاب الى الجحيم , فالأحبة لا يلتقون أبدا فى الجحيم , هناك , لا يوجد سوى العذاب , فقط العذاب
تنهد بعمق وقال : اذا ما شعرت يوما بالوحدة والخوف , فتذكرى أن هناك رب موجود لا يضل ولا ينسى, ليس لنا سواه لنلجأ اليه فى الخوف والكربات, من يعرفه حقا لا يحزن ولا ييأس أبدا
هدأت وهى تنظر فى عينيه وتستمع لكلماته ,وعندما انتهى قالت برجاء : على , عدنى أنك لن تتركنى وحيده
ابتسم ابتسامة صغيرة حنون وقال : لا يمكن أن أتركك وحيدة أبدا , وهذا هو الدليل على ما أقول
أخرج من جيبه ظرف سميك وأعطاها اياه , فأمسكت به بدهشه وفتحته وأخرجت منه تذكرتى سفر الى أمريكا
قال : سنسافر معا , فلم يعد بامكانى الإبتعاد عنكى
رفعت وجهها اليه ببطء وظلت تحدق فيه بذهول لدقائق وفى عينيها نظره غريبه , بدأت رأسها تدور وتدور وسقطت التذاكر من يدها, فجأه نهضت بسرعه وجرت الى الحمام وفى طريقها داست التذاكر وبمجرد أن دخلت الحمام أفرغت مافى جوفها
لحق بها على بسرعه وأمسك بكتفيها حتى لا تسقط أرضا وهو يقول بقلق بالغ : ساره ,هل انت بخير؟..هل , هل أستدعى الطبيب؟
هزت رأسها نفيا وهى تلهث بشده, غسلت وجهها وذهبت الى غرفتها وهى تستند الى ذراعه, ورقدت على سريرها باعياء, وبمجرد أن جلس بجوارها ,أدارت له ظهرها بغضب وبدأت تنتابها رعشة واضحه فقال بحنان : انت ترتجفين
أحضر بطانيه ثقيله من خزانة الملابس ولفها حولها جيدا ,ثم وضع يده على جبينها ليعرف ان كانت مريضه
دفعت يده بعنف وهى تقول بغضب : دعنى ,أريد أن أنام
تركها وانسحب من الحجره باستسلام بعد أن عجز تماما عن اصلاح الموقف
.................................................. ......
فى بعض الأحيان أراك مخيفا بحق ,لم فعلت ذلك؟
سأله مصطفى وهو يجلس شاردا على الأريكه فى الشقه التى التقاه فيها أخيرا
قال على بحزن : لو عشت عمرا آخر أحاول أن أجيب على هذا السؤال , ما استطعت
هل كنت أريد التأكد من مشاعرها؟ هل كنت اريد الإنتقام منها ؟
هل كنت أريد أن أرى ذلك التعبير على وجهها وأسمع منها ما قالته؟ لا أدرى ..كل ما أعرفه هو أننى لو لم أترك تنين الغضب ينفث بعضا من نيرانه , فسوف يحرقنى ويحرقها معى , للأسف لم أجد وسيله أخرى أعبر بها عن غضبى , كما أن أخلاقى لا تسمح لى بايذائها
قال مصطفى بتهكم مرير : هل انت متأكد أنك لم تؤذيها حقا؟
زفر على بضيق شديد ونهض من مكانه ووقف أمام النافذه وعيناه شاردتان وهو يقول بأسى : عندما كنت صغيرا , كان غضبى لا يحتمل , وكلما أغضبنى أبى أو عاقبنى كنت أتفنن فى مضايقته واخراجه عن شعوره بكافة الوسائل الخبيثه , لدرجة أنه كان يضربنى حتى يتعب وتؤلمه يداه , وكانت أقصى حالات سعادتى وأنا أراه يتقطع من الغيظ , وبعد أن كبرت , أدركت اننى أودى بنفسى للهلاك , وأن كل ندم وأسف العالم لايساوى نظرة غضب واحده من عينيه ,وحتى الآِن أتساءل ,هل سيغفر لى الله عقوقى له؟
زفر بحزن كبير والتفت الى مصطفى وقال بسخريه مريره : يبدو أننى اشتقت مجددا لذلك الشعور بالنشوة الزائفه
ولكن بعد كل تلك السنوات اختفت النشوة وحل محلها الألم,فكلما آلمتها , أحرقتنى دموعها ,لم أشعر فى حياتى كلها بمثل هذا الضعف أمام أى انسان ,
فى أحيان كثيره ينتابنى شعور أنها بريئه ولا تعلم شئ , وفى أحيان أخرى أشفق عليها وألتمس لها ألف عذر وعذر ,فقد كانت هناك بينهم وحيده وصغيره للغايه بلا أحد يحميها أو يرشدها
اعتصر عينيه بألم بالغ وقال بأسى : لو رأيت منظرها وهى تتألم وتعانى من الإدمان ,لأدركت ما أعانيه
مصطفى بتفهم : لهذا وافقت أخيرا أن تتعاون معى وتخوض التجربه بكل ما فيها, كنت متأكد تماما انك ستوافق ان عاجلا او آجلا ,فأنت من النوع الذى يستحيل عليه ان يفرط فى واجباته ومسؤلياته
زفر على بضيق وأسند جبينه الى النافذه وقال : أريدها أن تخرج من ذلك المستنقع بلا خسائر أخرى , والأهم , أريد أن أتأكد ان كانت بريئه حقا أم لا
أريد أن أنهى هذا الأمر بأى ثمن,فلم يعد الهروب يجدى نفعا
أغلق عينيه بألم وهو يكمل : وكأن قدرى يلاحقنى كل تلك السنوات لأضطر فى النهايه أن أقبل مرغما بالعمل معك
ترك النافذه وأخذ يدور فى المكان وهو يقول : أحيانا كثيره تنتابنى رغبة مجنونه فى فض الأمر برمته والتخلى عن كل ذلك الألم , فلم يكن هذا هو البيت الذى حلمت دوما أن أبنيه , ولا تلك الحياة التى تمنيت أن أحياها
ضحك ضحكه قصيره تمتلئ بالمراره وقال بألم : لن تتخيل ابدا كيف أصبحت الحياة بيننا , وكأننا نقف متقابلين على حافة بركان ثائر ,ِننظر لبعضنا البعض , وكأن كل منا يعرف ما يخبئه اِِِِِِِِِِِلآخر
ويقف متجمدا لايستطيع الحراك ولا الكلام أو حتى الهمس والا انهار البيت بأكمله الى قاع البركان
مازال كل منا يتمسك بالشعرة الوحيده الباقيه بيننا يراقبها بكل أعصابه حتى لا تنقطع ويفقد كل شئ
زفر مصطفى بضيق وقال : كف عن الضغط عليها فيبدو أنها تعانى بالفعل , حاول ان تعود الى سابق عهدك معها..فمن المفترض انك تجاوزت الأزمة الإقتصاديه التى كادت تقضى على شركتك بفضلها
قال على بسخرية : أتظن ان بمقدورى العودة الى ماكنت عليه قبل ان أقابلك؟
مصطفى بهدوء : حاول, وان لم تستطع , فحاول أن تتظاهر قدر ماتستطيع... لا أريدها أن تشعر بشئ , انفعالك وغضبك يمكن ان يودى بالعملية كلها,فحاول ان تحتفظ بهدوءك
تذكر اننى اعتمد عليك تماما
امنحها الثقه والأمان , فيجب أن تظل قويه ومتماسكه حتى تستطيع مواجهتهم وحدها
نظر اليه على وقال بهدوء : ومن قال أنها ستكون وحدها؟
ضاقت عينا مصطفى وقال بتحفز : ماذا تعنى؟
قال على بلهجة تأكيد : ِِِِِأعنى أننى حجزت تذكرتين,وسأسافر معها
نهض مصطفى من مكانه واقترب منه وقال بغضب : ألن تكف عن عنادك والتصرف برأسك؟ لماذا لم تخبرنى قبل ان تفعل ذلك؟
قال على بهدوء مستفز : أولا أنا أتصرف كزوج يعرف حقوقه وواجباته جيدا
ثانيا أِنا لا أِتقبل الأِوامر منك ِِأو من غيرك , خاصة لو تعارضت مع مبادئى , يجب أِن تكون ممتنا ِِِِلأنها أِخيرا ستسافر كما كنت تريد
صرخ مصطفى بحده : خطأ, وجودك هناك خطأ كبير, سيفسد العمليه بأكملها
على بسخريه : وكيف كنت تريدنى ان اتصرف اذا؟
مصطفى بحده : فى لقاءنا الأخير كنت متأكد أنك فى النهايه ستدعها تسافر,ولكنى لم أتوقع ان تسافر معها,كنت أظنك ستتصرف بطريقة مختلفه
قال على بتهكم لاذع : أن أطلقها مثلا !!!
لست أنا من يهرب من مسؤليته ويختار الطريق الأسهل وراحة البال
قال مصطفى بغضب : لا يمكننى ان أوافق على سفرك معها
فالموقف لا يحتمل غيرتك وجنونك
قال على بتحدى : ومن ينتظر موافقتك؟ لقد حجزت تذكرتين من مالها الذى منحتنى اياه وهى تعلم بذلك , فإما أن نسافر معا , أو لن تسافر هى أبدا
 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

االظاهر أني سأكمل الروايه وحدي بدون أن يقرأها أحد لكن ما فيش مشكل ...:up:
فنحن نكتب من أجل ذآكرتنا المهترئه وكفَى :(
 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة


مع التكمله التي لا ينتظرها أحد

جلست ساره الى المائده التى ملأتها بطعام الغداء تنتظر على الذى عاد من عمله ودخل الحمام
جلست شارده حزينه نظراتها خاويه وخدها يستند الى كفها وعندما طالت غيبته عن المعتاد نادته بلا حماس : على , الطعام سيبرد
سمعت باب الحمام يفتح فجأه ,فالتفتت خلفها وعندما رأته عقدت حاجبيها بشده وظهر على وجهها الذهول ونهضت من مكانها ببطء وهى تتأمله من فوقه الى تحته , كان واقف عند باب الحمام مستندا بكفيه الى قوائم الباب وذراعيه مفرودتان وساقيه مفتوحتان , وهو يرتدى زى رعاة البقر الأمريكيه القديمه بالقبعه المميزه والصديرى وغطاء البنطال وحزام المسدسات والحبل المعلق فى خصره مما منحته مظهرا يشبه بطل من ابطال أفلام رعاة البقر القديمه
تقدم منها بخطوات بطيئه ويديه فى خاصرته , ثم سحب المسدسين المعلقين فى حزامه ولفهما على سبابتيه كما يفعل ممثلى السينما ,ثم أعادهما الى مكانهما ورفع القبعه قليلا وقال وهو يبتسم بسخريه : أصبحت مستعدا الآن للسفر الى أمريكا...ما رأيك؟
مطت شفتيها وهزت رأسها ببطء وقالت : سخيف...سخيف للغايه
تأملته مجددا وبدأت ترتسم على شفتيها ابتسامه سرعان ما تحولت الى ضحكات فاقتربت منه وأمسكت الحبل المعلق فى حزامه وهى تقول : أتريد أن تسافر معى بتلك الملابس !!
قال ممثلا البراءه : ماذا ؟ الا تعجبك؟
قالت ضاحكه : سيظن الجميع هناك اننا نمثل فيلما عن الغرب الامريكى القديم
قال متبسما : التمثيل اربح كثيرا من الهندسه ..وربما رآنى أحد منتجى هوليوود واعطانى دور البطوله فى فيلم..وعندها سآخذ اجرى بالملايين
قالت وهى تنظر فى عينيه وابتسامتها تخفت : عندها ستفقد على للأبد..وستصبح شخصا آخر
تقوس فمه الى الأسفل وقال بأسى تمثيلى : حسنا , سأذهب لأستعيد على وأعود سريعا ...فقط أرجو أن يكون موجود
ضحكت كثيرا ثم جلست تنتظره حتى اتى اخيرا وجلس الى المائده وقد استعاد مظهره الطبيعى
قالت متساءله وهى تتناول طعامها :هذه الملابس غاليه ..أليس كذلك؟
قال بلا مبالاه: ليس كثيرا
نظرت اليه باستغراب وقالت: أتصرف المال الذى جنيته بالعمل والشقاء من اجل ان تضحك الناس؟
نظر فى عينيها وقال بعمق : ليس كل الناس ..فقط من احبهم
مست العباره شغاف قلبها فتوقفت عن تناول الطعام وتأملته قائله بهدوء: ولكن الضحكات لاتدوم سوى دقائق معدوده
قال بصوت عميق وهو ينظر فى عينيها : قد تدوم الضحكه على الشفاه بضع دقائق..ولكن يبقى اثرها فى القلوب مادامت الحياه
احمر خداها بشده وظهر فى عينيها انفعال شديد وقالت بصوت مختلف : فى امريكا ..لا يفعلون هذا الا من اجل جنى المال ..أما انت فلديك فلسفه غريبه جدا فى الحياه
قال : نعم ..فلسفة الإرهابيين المتمردين العدوانيين السيكوباتيين ..أصحاب اللحى السوداء
انطلقت تضحك من كل قلبها وشاركها الضحك
هز كتفيه وقال : لاتنخدعى بالمظاهر فلا يمكننى شراء مثل هذا الزى
قالت بدهشه : أعلم ذلك فهو غالى الثمن ..ولكن من أين أتيت به؟
قال بهدوء : أحد أصدقائى يمتلك محلا لبيع الهدايا ولعب الأطفال والزينات والمقالب...استأجرته منه
هزت رأسها وقالت ببساطه : نعم ..هذا هو على
ترك الطعام ونظر اليها وقال بهدوء : من يدرى, قد تتذكرينى يوما فتبتسمين وتقولين لنفسك هذا الرجل ذو اللحية السوداء كان دائما يضحكنى
تلاشت ابتسامتها ببطء وحل محلها التجهم ثم دفعت طبقها بغضب فأراقت بعضا منه على المائده وتركته ودخلت غرفتها بغضب واضح
تبعها بدهشه وهو يناديها فلا تجيبه
ارتمت على الفراش ووضعت خدها على الوساده وبدأت تبكى
غمرته الدهشه للحظات من تصرفها الغريب ,ثم جلس بجوارها وأسند رأسه الى ظهر السرير وزفر بضيق وهو ينظر الى السقف ويقول بهدوء : أصبحت دموعك قريبه للغايه ..أقرب حتى من غضبك..يبدو اننى فقدت مهارتى فى اضحاكك,وأصبحت مملا وسخيف للغايه
نظر اليها وهى تبكى وقال برجاء : كفى يا ساره فدموعك تقتلنى
قالت من بين دموعها : أنت تتعمد ايذائى
قال بصدق خالص : لا والله , بل أردت أن...
صمت قليلا ثم زفر بضيق وقال : اخبرينى ما الذى يرضيك وانا افعله على الفور...فقط لا أريد أن أراك حزينه
التفتت تنظراليه ثم نهضت جالسه وقالت بتردد : ما رأيك ان نلغى فكرة السفر ونبقى هنا؟
عقد حاجبيه بدهشه وقال : ولكنى أفعل كل هذا من أجلك , و ماذا عن عملك ؟هل تريدين ان ..
قاطعته برجاء : يمكننى أن آخذ بنصيحتك وابحث عن عمل فى أى مكان آخر..حتى لو كان معلمه لغات فى مدرسة أطفال
تأملها بدهشه عظيمه وصمت تماما لا يدرى ماذا يقول
انتفضت بفزع على صوت رنين هاتفها المحمول وتجمدت تماما فى مكانها , فقط أخذت تنقل بصرها بحيره شديده بين على وبين الهاتف الموضوع على المكتب
أخذ الهاتف يرن لمده طويله وهى لا تتحرك حتى قال على : ألن تردى؟
استسلمت أخيرا ونهضت من مكانها ببطء واتجهت الى المكتب وتناولت الهاتف بتردد كبير وعندما رأت رقم المتصل لم تجيب ..بل انتابتها رغبه عارمه فى القاء الهاتف من النافذه
انتفضت على صوت على من خلفها يقول : ردى
فتحت الهاتف اخيرا وقالت بكلمات مغتصبه : نعم جيف ..
أنا بخير........
نزلت عيناها الى التذاكر الموضوعه أمامها على المكتب وظهر على وجهها الألم وقالت بتردد : لقد تأكد الحجز
رفعت عيناها وتنهدت وهى تقول باستسلام : سأكون فى أمريكا بعد غد
أغلقت الهاتف وعينيها تعصران الألم عصرا
كانت هذه هى آخر مكالمه تلقتها ساره من جيف وبعدها أغلقت هاتفها المحمول تماما حتى لا يتصل بها من جديد بعد أن قررت بينها وبين نفسها الا تخبره بسفر على معها , فلم تكن على استعداد لتحمل ضغوط جديده
وصل على وساره الى الأرض الأمريكيه , وترك لها على مهمة اختيار الفندق الذى سيقيمان فيه طوال فترة مكوثهما فى أمريكا , فهو ليس على درايه مثلها بهذه البلاد
اختارت ساره فندق يقع فى أحد الأحياء الهادئه , وبمجرد أن استقرا فى الفندق , اتصلت ساره بجيف وأخبرته بوصولها ومكان اقامتها , وانها سوف تذهب غدا الى المركز لمقابلته بعد أن ترتاح من عناء السفر ,لكنه أصر ان يلقاها فى نفس اليوم وأخبرها أنه سوف يرسل لها سياره تقلها الى المركز بعد الغداء , وبرغم انها كانت قلقه للغايه من ذلك اللقاء وحاولت تأجيله قدر ما تستطيع , لكنها استسلمت فى النهايه أمام اصراره الشديد
أغلقت ساره الهاتف, وشردت بعيدا وهى جالسه على طرف الفراش والقلق يستولى على عقلها , فهى حتى الآن لم تجرؤ على اخبار جيف أن على معها فى أمريكا
عقدت حاجبيها عندما تذكرت على وأنه لا يزال حتى الآن فى الحمام , فنهضت وهى تناديه : على, ألم تنتهى بعد؟ لقد تأخرنا , ألن نتناول الغداء؟
أتاها صوته من الحمام : أنا قادم
زفرت بضجر شديد واتجهت الى الحمام بضيق وفتحت الباب بعصبيه وهى تقول : على , ماذا تفـــ ...
تجمدت الكلمه على لسانها واتسعت عيناها عندما رأته واقف فى الحمام يثبت شئ ما حول خصره , وعندما فوجئ بها أمامه ارتبك بشده , وارتد للخلف من المفاجأه مسقطا الجهاز الذى كان يمسك به فى يده
أخذت تتأمله بارتياب وهى تنظر الى الجهاز الذى سقط من يده , ثم عقدت حاجبيها بغضب عندما تبينت أن ذلك الشئ الملتف حول خصره , ما هو الا حزام ناسف
.................................................. ........
وقف متجمدا فى مكانه ووجهه ممتقع بشده وهو ينظر اليها وهى واقفه عند الباب .
تقدمت منه وعيناها تضيقان حتى توقفت أمامه مباشرة ووضعت يديها فى خاصرتها وعلى زاوية فمها نبتت ابتسامه ساخره متهكمه وهى تنظر فى عينيه بمكر.
رفع حاجبيه وابتسم ابتسامه بلهاء متردده وقال : تأخرنا, أليس كذلك؟
مدت يدها والتقطت واحد من أصابع الديناميت المعلقه حول خصره وضغطت عليها بأصابعها فأصدرت صوت صفير مضحك كالذى تصدره لعب الأطفال الصغيره المطاطه
ابتسمت بغيظ ومطت شفتيها وقالت : لا أظن أن هذه اللعبه تناسب من هم فى مثل عمرك
قال بخجل : ولكن أظن أنها تناسب من هم فى مثل عقلى
ضحكت رغما عنها وضربته فى كتفه باصبع الديناميت المطاطى عدة ضربات وهى تضغط أسنانها بغيظ وتقول : هيا..هيا , سر أمامى..مجنونه هى من تتزوج رجل مثلك
خرج من الحمام وخلع الحزام اللعبه من حول خصره , وارتدى ستره جلديه أنيقه , واصطحب ساره لمطعم الفندق
اتخذ الإثنان طاوله بجوار نافذه زجاجيه كبيره تحتل أغلب الحائط وتطل على الشارع , وجلسا متقابلين وبجوارهما النافذه .
أثناء انتظارهما للطعام , أخذت ساره تجول بعينيها فى المكان وأخرج على من جيبه نوته صغيره وقلم وبدأ يكتب وهو يقول لها : عندما تعودين من المركز سنرتاح اليوم , ومن الغد نبدأ جوله سياحيه تعرفينى فيها على البلد..هيا اقترحى, بماذا نبدأ؟
نظر اليها عندما لم ترد , فوجدها تنظر خلفها فقال : ساره , هل أنت معى؟
نظرت اليه وقالت وعلى وجهها تعبير غريب: نعم؟
قال بدهشه : ما بك ؟ هل أنت هنا؟
قالت بشرود : لا شئ
أخذت تنقر المنضده بأصابعها بتوتر وفجأه قالت : على , ما رأيك أن تجلس مكانى؟
نظر اليها بدهشه وقال : لماذا؟
قالت مشيره الى مقعده : أريد أن أجلس على هذا الكرسى
هز رأسه بعجب وبدل مكانه معها
جاء الطعام وبدءا يأكلان . فجأه قالت ساره : على , هل أطلب منك شئ ؟
قال مباشرة : بالطبع , ماذا هناك؟
قالت برجاء وهى تشير الى الكرسى المجاور لها والمواجه للنافذه الزجاجيه : هلا جلست على هذا الكرسى؟
رفع احدى حاجبيه بدهشه وقال : هل سنلعب لعبة الكراسى الموسيقيه؟
قالت بلهجه صارمه : على , اجلس على هذا الكرسى
قال بدهشه : انت جاده اذا؟ ولكن لماذا؟
هتفت ببعض الحده : الا ترى ؟ جميع الفتيات فى المطعم ينظرون اليك
رفع حاجبيه بدهشه كبيره , ثم ارتسمت على وجهه ابتسامه كبيره وهو يقول : ولكنى لا أرى غيرك
ابتسمت بسعاده ثم همست بدلال : على , اجلس بجوارى
جلس حيث أرادت وهو يقول بمرح : لم أكن أتوقع أبدا أن تغارى على..لم تفعليها ونحن فى مصر
قالت : أولا نحن فى أمريكا ولسنا فى مصر..ثانيا اذا لم تكف عن التهكم فسأجبرك على تناول الطعام فى غرفتنا
انتهى الطعام و وأخرج على النوته والقلم من جديد وبدأ فى كتابة برنامج لرحلة الغد حسب ما تقول ساره التى كانت تحاول جاهده اخفاء قلقها ولكنها فشلت ..فاستمرت ساقها تهتز بتوتر وعينيها تتحركان باستمرار
فجأه سمعت صوت انثوى يناديها , التفتت الى السيده التى تناديها فعرفتها على الفورانها سيندى سكرتيرة جيف
قالت سيندى مباشرة وهى تتأملهما : سيده ساره , د . باركلى ينتظرك
نهضت واقفه , ووقف على بدوره ووضع النوته والقلم فى جيب الستره , ونظر فى عينيها بعمق وهو يقول : حسنا , سأنتظرك فى الفندق حتى تعودى
وقفت متردده تنقل بصرها بين سيندى وعلى حتى قالت سيندى منسحبه : سأنتظرك فى السياره
رحلت سيندى وأمسكت ساره يد على بقوه وهى تنظر فى عينيه , كانت عينيها تمتلئ بالكثير , حيره , تردد , رغبة فى البقاء
ضغط يدها مشجعا وهز رأسه وهو يغمرها بنظرة ثقه تطمئنها
تنهدت وقالت : حسنا , عندما أعود ستكون موجودا ؟
ضغط يدها بقوه وقال : أين أذهب بدونك؟ عودى بسرعه , لا أريد أن أضيع هنا
هزت رأسها وتركت يده بصعوبه وحملت حقيبتها ورحلت مودعه بنظرة طويلة منه .
فجأه وجدها تتوقف وترتد عائده بخطوات سريعه اليه وتوقفت أمامه تماما ونظرت اليه منذره وقالت محذره : على , اصعد الى غرفتنا الآن , واياك أن تنظر الى امرأة غيرى
اتسعت عيناه دهشه وهو يقول بعجب : اذا فأنت تغارين حقا ؟
قالت بتهديد واضح : نعم , والغيرة تثير جنونى , وعندما أجن ,أكون شديدة الخطوره. هل تفهم؟
كتم ضحكه هائله واختزلها الى ابتسامه على شفتيه وقال : لا أدرى أين سمعت تلك العباره؟ ..حسنا , أظننى سأثر السلامه وأنتظرك فى الغرفه
هزت رأسها مؤيده ورحلت
وعندها اختفت ابتسامته تماما وحل محلها التجهم الشديد وضغط أسنانه بغيظ .
 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

وصلت ساره الى المركز, وسارت فى طرقاته متجهه الى مكتب جيف بخطوات متمهله , وحاولت بكل طاقتها اضفاء الثقه والثبات على ملامح وجهها بعد أن عجزت شفتيها عن الإبتسام.
توقفت أمام باب المكتب ورفعت يدها المتردده لتفتح الباب , لكنها توقفت قبل أن تلمس المقبض , زفرت بقوه وأعادت يدها الى مكانها, رفعت وجهها الى السقف وتسارعت دقات قلبها فى سباق محموم , وبحركة تلقائية التفت يديها حول وجهها ورأسها تتحسس حجابها , ثم أصلحته حول وجهها.
أغلقت عينيها بقوة ومدت يدها الى المقبض ثانية وحركته ببطء وخطت الى داخل المكتب .
ارتجف قلبها بشده عندما التقت عيناها بعينيه الزرقاوتين , تجمدت فى مكانها ولم تستطع أن تحرك أى عضلة من عضلات جسمها , كانت عيناه الثابتتان لهما تأثيرغريب عليها
لاتدرى كم بقيت أسيرة لتلك العيون القويه , لكنها استفاقت على صوته الهادئ العميق وهو يقول : ألن تغلقى الباب؟
نظرت الى الباب الذى نسيت مقبضه بين أصابعها, فأغلقته على الفور وظلت واقفه فى مكانها تتأمل تلك الملامح التى تحفظها جيدا, ولكن فى هذه اللحظه شعرت وكأنها تراها لأول مرة
ملامح وسيمه يجمعها وجه أبيض مشرب بحمرة, يعلوه شعر خفيف اختلطت فيه الشعيرات البيضاء بالشقراء بشكل متناسق.
وتحيط بعينيه الواسعتين بعض التجاعيد التى تناسب رجل فى العقد الخامس وتضفى على وجهه بعض الهيبه
قال بود شديد وهو يتأملها من فوقها لتحتها : ألن تجلسى؟
تحركت بطريقة آلية وكأنما كانت تنتظر أمره و وجلست فى الكرسى المواجه له, وأخذت تتأمل كل دقائق الحجرة لتتجنب النظر اليه , لكنها اضطرت أخيرا الى النظر اليه عندما بدأ يتحدث اليها.
قال بهدوء : اشتقت اليك
ظلت صامته لا ترد, فمط شفتيه وقال : تغيرت كثيرا...أعنى....
أكمل الجمله برفع سبابته ليرسم بها دائره وهميه أمام وجهه, فى اشاره صامته للحجاب الذى تلفه حول وجهها
ابتلعت ريقها وخفضت عينيها وظلت على صمتها
قال بهدوء : عذرا, نسيت أن أهنئك بزواجك
شعرت ساره بأن نظراته تزداد قوة وتركيزا عليها وهو يقول : تأثير زوجك واضح عليك بطريقه لم أكن أنا نفسى أتخيلها
ألهذه الدرجة احتل كل شئ فيك؟..ألهذه الدرجة سلبك ارادتك وسيطر على عقلك؟
ضحك بسخريه مريره وقال : كم كنت أتمنى أن أقابل رجل بهذه القوة , رجل استطاع أن يستولى على ساره
هز رأسه بأسف وقال : لم أكن أتخيل أبدا أن فى يوم من الأيام تتزوج ساره من رجل بلحية سوداء, وتخضع عقلها لأفكار كانت يوما تعتبرها نوع من أنواع التخلف.
تنهد بأسى وأسند رأسه الى ظهر الكرسى ووجه نظرات خاوية الى السقف وقال : أتظنى أن السقوط فى الحب ثمن كافى لكل ما حققتيه طوال تلك السنوات؟
أتضحين بعملك ومركزك وكل ما بنيتيه من أجل رجل مهما كان؟
تكلمت أخيرا بصوت حاولت أن تجعله قويا لكن الوهن تغلب عليه : أليس من حقى أن أسير حياتى كيفما أشاء؟
أليس من حقى أن أختار ممن أتزوج؟
اعتدل ونظر اليها بقوة وملء صوته الهادئ بالضيق الشديد وهو يقول : لماذا يا ساره؟ لماذا لم تسألينى أولا؟
خفضت عينيها وقالت مباشرة : لأنك لم تكن لتوافق
قال ببعض الحده : ألهذا هربت؟وضربت بكل شئ عرض الحائط؟
من أجل من ؟ هذا الذى... بلحية سوداء؟
قالت بضعف محاولة الدفاع عن نفسها ووجهها ينطق بالضراعه: انها حياتى , كان يجب أن أتزوجه , كان يجب
نهض من الكرسى بغضب ودار حول المكتب واقترب منها وهو يقول بصوته الهادئ الذى امتلئ بالغضب : كنت تتعمدين اخفاء الأمر
ضغطت عينيها بألم وأكدت بصوت يملؤه الدموع : كان يجب أن أتزوجه
وقف أمامها مباشرة وقال بلهجة صارمة : كان يجب أن تسألينى أولا
لان صوته وهو يكمل : ألا تعلمين ماذا تعنى ساره بالنسبة لى؟
وضحت معالم القسوة فى كلماته وهو يقول : أنا الذى صنعتك.
هل نسيت من هو جيف ؟ لقد خالفت أوامرى وهربت , وتزوجت وأنت تعلمين مسبقا برفضى لتلك الزيجه ,
اكتسى صوته بالتهديد وهو يكمل : وهذا لن يمر بسهوله.
ولكن, لم يفت الوقت بعد , سأعمل على اصلاح الأمر
رفعت اليه عينيها الدامعتين وقالت بضعف : لا , لاأستطيع أن....
مال بجذعه للأمام فجأه, وأمسك بذراعى الكرسى الذى تجلس عليه واقترب من وجهها وهو يقول بصرامه مخيفه : انظرى ما فعله بك , حولك الى مخلوقة ضعيفة , غير قادره على اتخاذ قرار.
تعلمين تماما أن فى عملنا , لا مكان للضعفاء
نظر فى عينيها مباشرة وشعرت ساره بضعفها الشديد أمام نظراته وكأنها سهام ناريه تخترق خلايا مخها ولا تستطيع صدها وهو يهمس : يجب أن تظلى قوية كما علمتك , يجب أن تعودى ساره التى أعرفها , ساره التى علمتها كل شئ فى الحياه
أعلم تماما سر ضعفك, لقد تركت الدواء الذى كتبه لك توم, وتلك هى النتيجه , لا أرى أمامى سوى مخلوقه ضعيفه عاجزه عن التحكم فى حياتها, أو حتى اتخاذ أى قرار
حررها من نظراته الجباره وترك الكرسى واتجه الى مكتبه وأخرج شيئا من درج المكتب , وعاد ليقف أمامها ثانية
نظرت ساره الى ما فى يده وعرفته على الفور, انه زام
فتح العلبه ومد يده اليها باحدى الكبسولات, لكن ساره لم ترفع يدها لتأخذها منه
جذب ذراعها بقوة ووضع الكبسوله فى راحة يدها وهو يقول بلهجة آمرة : ستتناولين الكبسولات كما أمرالطبيب, وبعدها تعودين اليه هناك فى الفندق وتواجهينه بشجاعه
ستتحررين من سجن ذلك الرجل لتعودى ساره التى أعرفها
اتجه الى باب الغرفه وأمسك بالمقبض وقال قبل أن يحركه ودون أن ينظر اليها : سأعود بعد قليل لأجدك قد تخلصت من كل تلك القيود الغبيه
وبعدها نبدأ معا الإستعداد للعمل الحقيقى, هل تفهمين؟
خرج وأغلق خلفه الباب
أغمضت ساره عينيها المملوءتين بالدموع وهى تشعر بآلام رأسها تعود من جديد وتهاجمها بشده , رفعت يدها اليمنى لتسند رأسها لتفاجئ بها ترتعش من جديد
فتحت عينيها وتاملت الكبسوله المستقره فى راحة يدها اليسرى والأفكار تتسارع فى رأسها ويموج بعضها فى بعض, وأصوات كثيرة تتردد فى أذنيها وتتشابك الى درجة تذوب معها الحروف وتختفى معالم الكلمات.
أصوات لأشخاص كثيرين تعرفهم .
سماح, أبيها, الحاج صابر, حماتها, صبرى, سالم, جيف
و......علي
ولكن , وسط كل هذه الأصوات المختلطة المعالم, تسمع صوت بكاء يأتى من بعيد. بدأ الصوت يعلو ويقترب وتتضح معالمه, انه صوت بكاء امرأة, أخذ الصوت يعلو حتى طغى على كل صوت آخر, ثم تداخل معه صوت آخر , صوت طفلة تبكى
اتحد الصوت مع صورة اقتحمت عقلها وبدأت تكبر وتتضح , صورة امرأة جميلة تجلس على سلم رخامى كبير,وتسند رأسها باعياء الى الدرابزين.
كان وجهها الجميل الحزين تبدو عليه آثار واضحة لضرب عنيف
جلست الطفلة على السلم الكبير بجوار المرأة, وأمسكت بذراعها وهى تبكى بشدة, وتقول بتوسل : أمى, لاتبكى يا أمى, سنتركه ونرحل بعيدا , ولن يصل الينا ابدا, ولن يضربك ثانية .
ضغطت أسنانها بغيظ وقالت بغضب شديد : أنا أكرهه , أكرهه, سنتركه وحده ونعيش مع جدى, لن أدع أحد يضربك أبدا
ضمتها الأم بحب كبير وهى تقول : لا يا صغيرتى , لاأحب أن أسمعك تقولى هذا , انه أباك
لايمكن أن نتركه ونرحل أبدا, فهو والدكما , يجب أن أبقى هنا من أجلكما , أنتما أغلى ما لدى فى هذه الدنيا
قالت الطفله وبكائها لاينقطع : فلنخاصمه اذا ولا نكلمه واذا طلب أى شئ لا نفعله حتى يكف عن ضربك
قالت الأم ودموعها تتساقط على شعر طفلتها التى أراحت رأسها فى حضن أمها : لا ياحبيبتى , لن أفعل حتى لا يغضب الله علي
فأنا أصبر وأحتسب وأتحمل كل هذا من أجل شئ واحد فقط..أن أدخل الجنه
يوما ما , قالت لى أمى أن الزوجه التى تغضب زوجها , يغضب الله عليها , ولاتشم رائحة الجنه
تساقطت الدموع بغزاره من عينى ساره المغمضتين ورفعت يديها وأمسكت رأسها بقوة, ولم تدرى بالكبسوله وهى تنزلق من يدها وتسقط أرضا
كان صوت علي يدوى فى عقلها وهى تشعر بأصابعه تحتضن يدها, وعيناه تنظران اليها بحب كبير : أين أذهب بدونك؟ عودى بسرعه , لا أريد أن أضيع هنا
لم يكف على عن الدوران فى الغرفه منذ أن ترك ساره تذهب
كان يروح ويجئ بعصبية كبيرة, يطل قليلا من النافذه , ثم يعود ليتحسس باب الغرفه, يجلس قليلا بجوار التليفون, ثم مايلبث أن يهب واقفا وهو يزفر زفرات ملتهبه من حريق قلبه.
لم يكن يدرى ماذا يفعل وكيف يتصرف وهو الذى أسلمها اليهم بيديه؟
وكلما تذكر هذا تأججت النيران من جديد , مما جعله يقسم فى داخله لئن عادت فلن يكرر ذلك الخطأ ثانية , بل سيأخذها ويعود الى مصر , بصرف النظر عن أى شئ وكل شئ, حتى لو اضطر الى ارتكاب جريمه ,أوالوقوف فى وجه مصطفى بكل ما يمثله.
انتهت أفكاره على صوت دقات على الباب , هجم على المقبض وفتح الباب ووقف مشدوها للحظات لا ينطق لسانه سوى بكلمة واحدة : ساره
كانت واقفه أمام الباب تنظر اليه بملامح عجنت بالضعف والألم والتعب والتوسل, وخديها يجريان بنهرين من الدموع, قالت بصوت أذاب قلبه : على..أعدنى الى البيت
نفض عنه الدهشة وأمسك بكفيها بين يديه وجذبها الى الداخل وأغلق الباب.
أجلسها على الفراش ونزل بركبتيه على الأرض أمامها ولازالت يديها بين كفيه وهو يسالها بقلق : ساره. ماذا حدث؟ مابك؟
تحسس يديها وقال بدهشه : يا الهى, ان يديك باردتان كالثلج , أخبرينى ماذا حدث؟
هزت رأسها نفيا وقالت ترجوه : لم يحدث شئ, فقط لا أريد البقاء هنا , أرجوك أعدنى الى البيت
أخذ يتأملها بدهشة وصمت , ثم عقد حاجبيه وهز رأسه موافقا وهو يقول باصرار : سنعود الى مصر
نزع السترة الجلدية التى يرتديها وألبسها اياها وهو يقول : انتظرينى هنا, سأرتب الأمر مع شركة الطيران, اتفقنا؟
هزت رأسها بصمت واستسلام , ومن عينيها أطلت بعض الراحة, بعد أن كفت أنهار خديها عن الجريان
ابتسم لها مشجعا ومد أصابعه ومسح بقايا الدموع من على خديها وهو يقول : ارتاحى قليلا حتى أعود
نهض من مكانه وجلس بجوارها على الفراش, وأعطاها ظهره وأمسك بالهاتف المجاور للفراش وطلب رقما ثم قال مباشرة : أعلم أن هذا ليس موعد العشاء, ولكنى أريد عشاء مبكرا
صمت فتره والتفت ينظر الى ساره التى تجلس مطأطأة الرأس ثم أكمل الجمله : سنغادر الليلة
أغلق الهاتف وارتدى سترة أخرى وخرج مسرعا ليلتقى مصطفى بعد أن ترك له تلك الرسالة المرمزة فى الهاتف.
بمجرد أن خرج من الفندق, استقل سيارة أجرة حتى محطة مترو الأنفاق, ركب المترو , وبعد عدة محطات نزل فى وسط المدينه.
ظل يسير وعيناه على كل المبانى من حوله حتى وجد ما يبحث عنه, مركز كبير للتسوق, دخل مسرعا وبدأ فى شراء بعض الملابس والهدايا لكن عيناه وعقله فى كل مكان لا تتوقفان عن البحث.
اتجه الى المصعد واستقله هبوطا الى الدور الأرضى, واتجه الى البهو الرئيسى للمركز وجلس على أحد المقاعد الكبيرة وعيناه تدوران فى المكان تبحثان فى كل الوجوه, لكنه لم يعثر على الوجه الذى يريد, وجه مصطفى.
أعياه السأم والقلق, فغادر المكان بعد فشله فى الوصول الى مصطفى, اتجه مباشرة الى مكتب شركة الطيران.بعدها استقل سيارة أجرة مباشرة الى الفندق
كان وجهه متجهما بشده وهو يسير بخطا حثيثة متجها الى غرفته وفى عقله ألف سؤال وسؤال عن السبب الذى جعل مصطفى يختفى بهذه الطريقة. اشتعل الغضب فى قلبه وزاده اصرارا على فض الأمر برمته والضرب بأوامر مصطفى المشدده عرض الحائط,
فهو من البداية كان رافضا لتلك اللعبة الملعونه, وحتى الآن تأبى عليه نفسه ترك زوجته تغرق وسط تلك اللجة .
فبرغم ما فعلته, وبرغم كل الشكوك التى تزداد حولها يوما بعد يوم, الا أنها فى النهاية زوجته, وسيسأله الله عنها, وما كانت موافقته المغتصبه بالتعاون مع مصطفى الا رغبة منه فى مساعدة زوجته وتبرئتها أمام نفسه أولا, ثم أمام العالم
لكن دموعها نبهته الى الخطا الذى وقع فيه بترك زوجته هناك وحدها بين أيديهم.
وصل الى باب الغرفة والى القرار الحاسم الذى لا رجعة فيه, سيأخذها ويرحل بعيدا عن هذا العالم الغريب, سينهى تلك اللعبة الملعونة ويعود الى مصر, وليفعل مصطفى ما يشاء, لم يعد يهتم.
فتح باب الغرفه, لكنه تجمد تماما فى مكانه من الصدمة من هول ما رأى, رجل طويل غريب عريض الجسم يمسك بساره ويلوى ذراعها خلف ظهرها وبيده الأخرى يكمم فمها حتى لاتصرخ.
ارتجفت عروقه بدماء الغضب, واندفع يهجم بعنف على الذى يمسك بساره....لكنه توقف
ضربة عنيفة على رأسه أوقفته رغما عنه, فسقط أرضا على ركبتيه من قسوة الألم والدوار الذى لف عقله.
لكنه قاوم وأدار وجهه بعينيه الزائغتين ليواجه الشخص الذى ضربه على رأسه. لكن لم تتح له الفرصه, لأن ركلة عنيفة أصابته فى فكه لتطرحه أرضا, ومن خلال عينيه النصف مغمضتين رأى الإثنان يجران ساره الى الخارج وأحدهما يهددها : اذا لم تأتى معنا بهدوء فسنضطر الى قتلكما معا
حرر فمها وسحبها من يدها الى الخارج.
رفع علي يد واهنة الى ساره وهو ينظر بصعوبة الى عيونها الممتلئة بدموع الإستغاثة وهى تختفى معهما رغما عنها وعنه, وأكل قلبه الغضب والألم وهو يشعر بعجزه عن الدفاع عنها وهم يخطفونها أمام عينيه
يتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top