رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

التكمله
اتسعت عيناها برعب وبدأ جسدها يرتجف بشده
قال بهدوء : هل ظننت أننى بهذا الغباء؟ من المؤسف حقا أنك قضيت كل تلك الأعوام بصحبتى ولم تعرفى بعد من هو جيفرى باركلى
هل تعتقدى أنه من الممكن أن أضع قوائم بكل تلك الأهميه فى الكمبيوتر الشخصى؟
كنت أعلم تماما أنك ستبحثين عنها هنا, فليس هناك فى هذا الكون من يعرفك مثلى
لذلك أعددت لك قوائم غير حقيقيه, ووضعت لها كلمة مرور ضعيفه لتصلى اليها بسهوله وترسليها اليهم
يسعدنى دائما تقديم المساعده, أعلم كم هم فى شوق عارم ليحصلوا على تلك القوائم
ومن أجل المعزة التى أكنها لك فى قلبى سأخبرك بمكانها الحقيقى, انها هناك فى الكمبيوتر الخاص بالجامعه, لاأحد يستطيع الوصول اليها سواى
أنت أول انسان يعرف تلك المعلومه.....وآخر انسان
كانت تنظر اليه برعب هائل وأنفاسها تتلاحق بشده وهو يقول : للأسف لم أثق بك لحظة واحدة, كنت أعلم تماما أنك ستقدمين على فعل أحمق, فدائما تختارى الأسوأ
معى كنت ستصبحين ملكه, ولكنك اخترت أن تكونى مع الجانب الأضعف
لقد تركتك تفعلين ما يحلو لك, بل ومنحتك السكين الذى ستذبحى به نفسك, ولكنك ساذجه وبريئة للغاية, لقد ربيتك على يدى وأعرف تماما فيما تفكرين وماذا ستختارين
ألقى بالمسدس فوق المنضدة واقترب منها وأمسك بذراعى الكرسى الذى تجلس عليه وجذبه بحدة لتقترب منه
انكمشت ساره فى الكرسى وهى ترتجف برعب وجيف يزداد بريق عينيه لمعانا وصوته يتحشرج وهو يقول : كنت دائما تسيرين خلفى ككلب صغير مدلل, وتتجنبين الإنخراط فى الصخب والعبث والحفلات وتبتعدين عن الأصدقاء, لتبقى فى العمل ساعات كثيرة الى جوارى, ولطالما اعتبرتك ملكا خاصا لى, منذ أن رأيتك لأول مرة وأنا موقن أنك لن تفلتى من بين يدى.
ولكنك حقا فقت كل التوقعات, وبعد كل ما فعلته لأجلك, يأتى ذلك الإرهابى القذر لينالك بكل سهوله
خرج صوتها ضعيفا للغايه يمتلئ رعبا : دعنى أرحل
صرخ بحده ألجمت لسانها وجمدت أطرافها من الرعب : لماذا؟
لتعودى اليهم وتقولى عفوا فشلت فى الحصول على القوائم؟ ثم يسامحونك وتعودى الى ذلك القذر؟..أنت تحلمين
ان السيناريو الذى أعددته لك مختلف تماما
أولا سأحقق ما حلمت به دوما منذ أن رأيتك لأول مرة, وبعدها أرسلك اليهم هديه مغلفه فى صندوق كبير....هذا أقل ما يمكن أن أفعله بعد أن خنتينى
مد يده وأمسك بطرحتها وجذبها, ولكنها أمسكت بيده وأخذت تدفعها بعيدا عنها وهى تهتف بصوت باكى : ابتعد عنى
كان أقوى منها بكثير..لكن حب النجاة والمقاومه تفجرت فى عروقها
نزعت أحد الدبابيس التى تثبت بها طرحتها وغرزته بعنف فى وجهه بجانب عينه, حتى انه انثنى
صرخ جيف من الألم, وارتد الى الخلف مبتعدا عنها, مما أتاح لها الفرصه لتقفز من الكرسى وتجرى باتجاه الباب
لحق بها بسرعه, فغيرت مسارها وارتدت الى الخلف فى مناوره سريعه منعته أن يمسك بها
التفت اليها والشرر يتطاير من عينيه, وجذب الدبوس من وجهه فسالت دماءه, وقال بغل وهو يتقدم منها : الى أين ستذهبين؟
أنت الآن كعصفور صغير عاجز عن الطيران , سقط من فوق شجرة وتتناوله كل الأيدى
أخذت تتراجع للخلف وهى تفكر فى سبيل للنجاه حتى اصطدمت بالمكتب, امتدت يدها وتناولت كل ماوصلت اليه وأخذت تقذفه بكل ما يقع فى يدها
تراجع قليلا ثم تقدم من جديد متفاديا قذائفها
هجم عليها بشراسه وأمسك بيدها وهى تدفعه بكل قوتها بيدها الأخرى, وتخمشه بأظفارها, وتركله بقدميها, وهو لا يتأثر بكل هذا بل يزداد ضراوه
فغرزت أسنانها فى يده فصرخ متألما ودفعها بقسوه لتصطدم بالمنضدة التى فوقها جهاز الكمبيوتر المفتوح
حاولت أن تتشبث بأى شئ فوق المنضده لكنها فشلت
سقطت أرضا وسقطت بجوارها كل الأغراض التى كانت بجوار الكمبيوتر وسقط بجوارها الكرسى الدوار
نزل جيف على ركبتيه أمامها ودفع الكرسى الدوار بعيدا, وأخذ يقترب منها وهى تزحف مبتعده عنه حتى أمسك بطرحتها وجذبها بقسوه, انتابها رعب هائل وهى تحاول التملص من يديه وابتسامته الخبيثه تزيد من رعبها وهو يقول : مهما حاولت فلن تستطيعى الإفلات, أنت ملكى و.......
شهق بعنف وجحظت عيناه وهو ينظر اليها عندما اخترقت قلبه ثلاث رصاصات متتاليه
زحفت ساره الى الخلف بسرعه مبتعده عنه
نظر الى يدها فوجدها تحمل مسدسه الذى كان يهددها به منذ قليل
نظر فى عينيها وقال ببطء : ألم أقل لك, دائما ما تختارين الحل الأسوأ
خر على وجهه مفارقا الحياه
نظرت ساره الى المسدس فى يدها بذهول غير مصدقه أنها استطاعت ان تقدم على تلك الفعله
ألقت بالمسدس بعيدا برعب وأخذت تزحف الى الخلف حتى التصقط بالجدار تماما, وانتابتها حالة انهيار شديده وأخذت تبكى بعنف وهى تضم ذراعيها حول بطنها, كما لو كانت تحاول أن تحمى شئ ما
وبدأ انهيارها يشتد وبكائها يعلو ويزداد وهى تنظر لباب الحجره
انهم قادمون....قادمون..
شاهدوها تقتل جيف فى كاميرات المراقبه
قادمون بعد أن سمعوا طلقات الرصاص
قادمون للقضاء عليها........ولاسبيل للنجاة

 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

تناول مصطفى ابريق الشاى وسكب الماء الساخن فوق أكياس الشاى فى الفنجانين الموضوعة على المائده وأخذ يقلب السكر بهدوء
ثم تناول أحد الفنجانين وجلس على مقعد وثير فى ركن الصاله الواسعه, داخل منزل واسع اتخذه فى أحد أحياء نيويورك
رشف رشفه صغيره من الفنجان ثم نظر الى رفيقه الجالس الى المائده مسندا مرفقيه الى سطحها الزجاجى, دافنا رأسه المنكس بين كفيه بصورة تنم عن الحزن البالغ
قال مصطفى بهدوء : ألن تشرب الشاى قبل أن يبرد؟
تلقى الصمت ردا بليغا
زفر بقوه وقال باشفاق : لماذا لا تحاول أن تنام قليلا, انك لا تنام تقريبا, ان ظل الحال هكذا فسينهار جسدك من عدم النوم
زفر بضيق شديد وتململ فى جلسته عندما لم يتلق ردا على حديثه, فهتف قائلا : على, مابك؟.هل ستظل على تلك الحالة طويلا؟ انك تحمل نفسك فوق طاقتها, يجب أن تستفيق لنفسك
خرج صوت عميق كسير من ذلك التمثال الجالس الى المائدة متشحا بالحزن والألم : ربما...فقط لو استطعت التعايش مع الجرم الذى ارتكبته
زفر مصطفى بضيق شديد وهو يترك فنجانه على طاولة صغيرة بجوار مقعده : أتقول هذا ونحن على وشك الإنتهاء من الأمر؟
ألم نناقش الأمر آلاف المرات؟ عجبا..كلما تحدثت اليك أشعر وكأننى شيطان رجيم
رفع على رأسه من بين يديه ببطء والتفت الى مصطفى بوجهه الحليق بعد أن أزال لحيته كلها وأخذ ينظر اليه بصمت ووجهه فى جمود, ثم قال بعد صمت : أنا أتحدث عن نفسى وليس عن اى انسان آخر...ماذا أقول لربى عندما يسألنى عنها؟ كيف أفرط فيها بهذه السهوله؟
زفر على زفرة حارة ألهبت قلبه : سأحيا بقية حياتى أحترق بنيران السؤال ولن تطفئ نيرانى اجابه واحده ...هل ما فعلته كان صوابا أم خطأ؟.. هل كان يجب أن أخبرك من البدايه ؟ أم أسكت وامنعها من عملها واحاول أن أصلح الأمور بنفسى؟
كلما تذكرت انها كانت تستجيب لى بسرعه مذهله....
ضرب قبضته فى المائده بقوة فاهتز فنجان الشاى مريقا بعضا مما به وقال بغضب : ما كان يجب أن أتركها تسافرمن البدايه
قال مصطفى بهدوء : أقدر تماما ماتعانيه, ولكن تذكر أن هناك فتيات مثلها لا نعرف عن هن شيئا تعرضن لمثل ماتعرضت له وواجبنا أن نحاول انقاذهن, كما أن هناك جيش كبير منظم من البشر يقوم بتنظيم عمل هؤلاء الفتيات والعمل على سرية العمليه
لقد تفهمت زوجتك الأمر تماما واختارت السفر بارادتها, لقد أرادت أن تصلح الأمر وتكفر عما اقترفته دون أن تدرى
نظر اليه على بحده وقال بغضب شديد : ساره لم تقترف اى شئ.. اياك أن تظن لحظه واحده انه من الممكن أن تجعلوها كبش فداء لكم , سأدافع عنها بحياتى, فهى ليست مسئولة عن أخطائكم الفادحه
عقد مصطفى حاجبيه بشده وقال بدهشه : أخطائنا؟؟...عمن تتحدث؟
على ولازال الغضب يقطر من كلماته : عمن يسمحون لتلك البؤر العفنه باختراق ابناء وبنات هذا الوطن, ويلقون بهم لقمة سائغة وصيدا سهلا لكل الطامعين وهم فى سن خطيرة وليس لديهم أية ميكانيزمات دفاعية, أو ثقافة تحميهم أو دين يتمسكون به
وأول من سيدفع الثمن هو أبيها الذى لفظها وسعى بكل وسيلة للتخلص منها ومن مشاكلها
نظر اليه مصطفى وقال بتفهم : اطمئن ..لا يمكن لأحد أن يمسها بسوء..فهى لم تكن تعلم بأى شئ
قال على بألم : لقد سافرت برغم خوفها الشديد, وافقت تحت وطأة الضغوط التى مارستها عليها, تحولت لهجته الى الغضب الهادر : لن أسامحك أبدا, لن أنسى لك أنك أخلفت اتفاقنا والتقيت زوجتى من خلف ظهرى
هب مصطفى بغضب شديد : كف عن تصوير الأمر كما لو كان جريمة خيانه, أنا لم أتحدث اليها سوى مرة واحده فى عيادة د. عبد الرحيم, وفى وجود زميلتنا داليا, وهى التى أصبحت المسئولة المباشرة عنها, والتى تلقنها كل شئ
حاول أن يسيطر على أعصابه وقال بهدوء : عليك أن تهدأ وتفكر بعقلك لا بعواطفك , فنحن فى موقف لا يحتمل أى توتر
زوجتك كانت أكثر شجاعة منك, واختارت أن تساعدنا بارادتها, لقد فهمت الحقيقة التى ترفض أنت أن تفهمها, لو لم تسافر اليهم فلن يتركوها أو يتركوك
لقد قامت بواجبها بنجاح, ولم يبقى سوى خطوة واحدة وتعود اليك
كف عن عنادك الذى كاد أن يرديك وانظر للأمور من وجهها الصحيح
أكمل بغيظ : يا الهى..أكاد أفقد عقلى منك ومن تصرفاتك, لقد أصبتنى بفزع لم أشعر بمثله قط فى حياتى
عندما شاهدتك من بعيد بالمنظار المكبر وبراون يطلق عليك النار ويلقيك فى حقيبة السيارة
لم يدر بخلدى مطلقا وقتها انك أخيرا استمعت لنصيحتى وارتديت السترة المضادة للرصاص
اكمل بجذل شديد : لعبتها بمهارة فائقة, خدعتهم جميعا بكيس الدماء المزيفة الذى كنت تحمله فى جيب قميصك, الاعيبك لاتنتهى ابدا
نظر اليه على وقال وهو يتذكر ما حدث : لم أرتديها لأننى خائف من الموت, لقد شعرت أنها بحاجة ماسة لحمايتى, ولا يمكننى حمايتها وأنا ميت
عندما عادت الى فى الفندق, ورأيت الرعب الهائل الذى يملأ عينيها, أدركت أنهم لن يتركوها وسيصلون اليها بأى ثمن, فهم يريدونها حية, وقتها تذكرت كلماتك عن الباب الذى يجب أن يكسر ليصلوا اليها, ولم أشأ أن أعطيهم الفرصة, لذلك ارتديت السترة المضادة للرصاص أسفل ملابسى قبل أن أذهب الى مركز التسوق لألتقيك
تنفس مصطفى الصعداء وقال : لم أصدق نفسى عندما فتحت حقيبة السيارة وبراون يتحدث مع العامل فى المبنى لأجدك حيا فيها
ظننت أننى سأحمل ذنب مقتلك طوال حياتى, وأن دماءك ستحاصر ضميرى حتى أموت
ابتسم وهو ينظر اليه باعجاب : لقد أدركت أخيرا أنك من من يعجز الإنسان عن تقبل فقدهم بسهوله
قال على بحسرة : ورغم كل هذا عجزت عن انقاذها وتركتها بين أيديهم ورحلت
زفر مصطفى بضيق : لماذا تحاول أن تتجاهل الحقيقه؟ لايمكن أن تواجههم وحدك..لقد فعلت التصرف الوحيد الصائب والممكن فى تلك الظروف, لقد تركتها ورحلت لتعود اليها
انظر ماذا فعلوا معك , لم تكد تغادر المكان حتى سعوا للتخلص منك, لو كنت بقيت هناك كانوا سيقتلونك فى كل الأحوال, ولكن الفرق أن حياتها هى أيضا ستكون مهدده, ولكنك منحتها فرصه لتخدعهم
اقترب منه ووضع يده على كتفه بتعاطف وقال : اطمئن, لن يطول الأمر كثيرا, لقد أنجزت المهمة بنجاح وأرسلت القوائم
ابتسم بسخرية تقطر بالمرارة : نعم, أنا مطمئن تماما...فزوجتى تحيا بعيدة عنى من شهرين بين مجموعة من الأوغاد وأنا أجلس هنا أتسامر معك وأتناول الشاى
جلس مصطفى على الكرسى المجاور له وأطلت من عينيه نظرة اعجاب كبيرة وهو يقول باشفاق : هل رددتها اليك لتعذب نفسك كل هذا العذاب؟
قال بهدوء : بل لأننى لم أصل بعد لتلك المرحلة من النذالة, ليس باستطاعتى أن أتركها وحدها وأهرب, على أن أشاركها نفس المصير
اتسعت ابتسامة الإعجاب فى وجه مصطفى وقال : ولهذا رضخت أخيرا لما طلبته منك ونفذته بدون اعتراض, حتى تستطيع البقاء هنا بجوارها
قال على : نعم, ولأول مرة من سنوات عديدة أزيل لحيتى كلها
قال مصطفى باسما : أنت حقا صعب المراس, كنت مضطرا أن أطلب منك ذلك, ألا تعلم أن لحيتك المميزه قد جعلت منك شخصية شهيرة للغاية هنا؟
برغم ان مافعلوه معك ومعها كان تمثيلية متقنة الصنع
اوهموك انك اصبحت ارهابى شهير وان الشرطه فى اثرك, والأمر لم يتعد فيلم سينمائى متقن الصنع بثوه عبر دائرة تليفزيونية مغلقة
عليك ان تظل متخفى
فالأمر لا يحتمل مفاجآت جديدة
تأمل ملامح وجهه الوسيم الحليق وحاول أن يغير الموضوع قليلا ليخرجه من حالته السيئه, فقال مداعبا : أنت عجيب حقا, لا أدرى كيف لرجل عاقل أن يخفى كل هذه الوسامه خلف غابة من السواد. أتخشى أن تطاردك النساء؟
تجهم وجه على وقال بضيق : ان كل ما أخشاه الآن أن يخبروها بنبأ موتى, أخشى أن تنهار فى أية لحظة
قال مصطفى : اطمئن , ليس هذا من مصلحتهم, فهم يريدون استغلالها قدر ما يستطيعون, والا لم صنعوا شبيها لك وجعلوه يركب الطائرة أمام عينيها؟
انهم الآن يعتقدون أنهم وجهوا الينا ضربة قاصمة بقتلك واستقطابها الى معسكرهم ولن.....
قطع استرساله فى الحديث جرس الهاتف, نهض من كرسيه واتجه الى ركن الصالة وتناول سماعة الهاتف الموضوع على طاولة صغيرة وأجاب
فجأة....انهال عليه الصمت تماما, واتسعت عيناه بدهشة
شعر على بالقلق الشديد من تعبيرات وجهه فنهض من مكانه واقترب منه وهو ينتظر بفارغ الصبر أن ينهى المكالمة
وبمجرد أن وضع مصطفى السماعة, بادره على بلهفة : ماذا حدث؟
التفت اليه مصطفى والدهشه على وجهه : زوجتك
قال بقلق بالغ : هل حدث لها مكروه؟
مصطفى : اختفت
هتف على بغضب : ماذا تعنى؟ قل مباشرة
مصطفى : سالم المكلف بتعقبها يقول انها خرجت من المركز فى وقت متأخر أمام كل الأعين, وبعد مدة تركت سيارتها واستقلت مترو الأنفاق واختفت هناك
على بقلق هائل : وماذا يعنى ذلك؟..هل اختطفوها؟
مصطفى : لا أظن..فهم أيضا يبحثون عنها
أسرع مصطفى يفتح الباب بمجرد أن سمع جرسه يرن
دخلت داليا مسرعة وهى تلهث وتقول باهتمام كبير : سيد مصطفى لقد وجدوا د.باركلى ميتا فى المركز
انتفض على وتقدم منها وهو يهتف بفزع : قتلته؟
نظرت اليه داليا وقالت بدهشة كبيرة : كيف عرفت؟
سأل مصطفى باهتمام : هل قتلته بالفعل؟
قالت داليا بحيرة : لا أدرى..حقا لا أدرى
لكن رجلنا فى المركز يقول ان هناك ارتباك شديد وانهم وجدوا د. باركلى مقتولا وانهم يبحثون عن سارة بجنون
هتف على وهو يتحرك بعصبية نحو الباب : انها فى خطر كبير, يجب أن أجدها قبل أن يصلوا اليها
أمسك مصطفى بذراعه وقال بصرامة : انتظر, لن تخرج من هنا
التفت اليه على والشرر يتطاير من عينيه: ماذا أنتظر؟ ساره وحدها ضائعة فى هذا البلد, والكل يطاردونها
قاطعه مصطفى بصرامه : اسمعنى جيدا, أنت هنا على ملعبهم, ولن تجدها أبدا اذا لم تهدأ وتفكر بعقل
لقد مات باركلى, الشخص الوحيد الذى يمكن أن يعرف كيف تفكر وأين يمكن أن تذهب, وهذا فى صالحنا تماما
لم يعد هناك غيرك يستطيع أن يجدها, أنت الوحيد القادر على معرفة أين ذهبت, هروبها الآن ليس له سوى معنى واحد, أنهم كشفوها بشكل ما مما يعنى أنها لم تنجح بالفعل فى العثور على القوائم. والا لكانت قد لجأت الينا فى أحد العناوين التى حفظتها من داليا
نظر الى داليا متسائلا : أليس كذلك؟
هزت رأسها بالموافقة وقالت : لم تصلنا أى أخبار من المنازل التى أعطيتها عناوينها
التفت الى على وقال : اذا فالأمل الوحيد هو أن تعمل فكرك وذاكرتك لتجدها , أنا واثق تماما أنك ستنجح..أعتمد عليك فى هذا
تركه على وسار ببطء نحو النافذه وعلى وجهه دلائل التفكير العميق وسمعه مصطفى يتمتم بكلمات لم يتبين منها سوى اللهم..
أخذت عينا على تدوران فى أرجاء المدينة الكبيرة التى تبدو صغيرة من ذلك الإرتفاع الشاهق فى البناية التى يسكنونها
وبعد عدة دقائق التفت الى مصطفى وعينيه تبرقان ببريق قوى وقال بثقة : عائلة آجنس
مصطفى بشك : أول عائلة استقبلتها فى أمريكا؟؟
ولم تذهب اليهم الآن؟ لن يستطيعوا مساعدتها
على وهو يبتسم : ليس عندما يكون هناك مارك آجنس
عقد مصطفى حاجبيه بتساؤل فقال على : مارك آجنس فتى متهور شديد التمرد, وهو هاكر محترف استطاع اقتحام الكمبيوتر الخاص بالبنتاجون والحصول على وثائق بالغة السرية
ولكنهم اكتشفوه وقضى فترة عقوبة بالسجن
كانت ساره تعطف عليه كثيرا, وتتأثر لما يحدث له
ابتسم مصطفى برضا والتفت الى داليا وقال : داليا, تعرفين ما ستفعلينه,هيا بسرعه لا وقت لدينا
اتجه على نحو الباب وهو يقول بسرعه : سأذهب اليها
اعترضه مصطفى وقال بحزم : لا..لن تخرج من هنا..فأنت مستهدف, لاتزد الأمر سوءا وبدلا من أن ابحث عن واحد أغرق بين اثنين
دعنى أقوم بعملى, ولو كان ماتقوله صحيحا فسنصل اليها قبلهم
................................................
يتبع>>>>>>>>>

 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

ظلت ساره تبكى بانهيار شديد . وكلما وقعت عينها على جثة جيف, ازدادت فزعا وانهيارا, قتلته دون قصد أو عمد, عندما وقع مسدسه قدرا فى يدها, فحالة الرعب التى أصابها بها لم تسمح لها باستيعاب ما تفعله حقيقة.
دفنت وجهها بين كفيها حتى لاترى جثة جيف
وظلت تبكى برعب وتنتظر أن يفتح الباب فى أية لحظة ليقبض عليها الحرس الليلى للمركزويأخذوها للشرطة, أو ربما أخذوها الى مكان آخر لا تعرفه ليستجوبوها فيه بأنفسهم, ويستخرجوا منها ما تعرفه
بعد مدة لا تدرك حجمها بدأ بكاءها يهدأ, رفعت وجهها ببطء وعقدت حاجبيها, وأخذت تتأمل السقف والجدران, فجاءتها فكرة عجيبة
ان حجرة جيف هى الحجرة الوحيدة فى المركز التى بلا كاميرات مراقبة, كما أن تأخرهم فى اقتحام الحجرة كل هذا الوقت يعنى أنهم لم يسمعوا صوت طلقات الرصاص, ربما لم يكن حارس الدور فى مكانه, أو ربما تكون الحجرة عازلة للصوت
اذا فهناك أمل فى النجاة
نهضت من الأرض مستندة الى الجدران وهى تشعر بإعياء شديد, ولكنها تحاملت على نفسها ومسحت دموعها وعدلت من ملابسها, واطمأنت أن مظهرها على مايرام
استجمعت شجاعتها الهاربة من كل أنحاء جسدها, لتتجمع فى يدها الممسكة بمقبض الباب
أخذت نفس عميق وفتحت الباب وخرجت وأغلقته خلفها, وسارت فى الممر بخطوات حرصت قدر استطاعتها أن تكون عادية.
دخلت حجرتها وتناولت حقيبتها وهى تنظر خلسة الى كاميرات المراقبة, أطفأت الكمبيوتر والأنوار وغادرت المكان
لم تصدق سارة نفسها, وتسارعت ضربات قلبها بشدة وهى تعبر بوابة المركز وترحل بسيارتها أمام أعين الحرس مثل كل يوم
استمرت ساره تسير بسيارتها فترة وفكرها شارد حزين, لاتدرى أين تذهب, كان قلبها يرتجف بشدة من الخوف والوحدة, وأخذت تقاوم دمع عينيها حتى تستطيع رؤية الطريق أمامها
قررت أن تذهب لأقرب عنوان بيت آمن حفظته من داليا
فجأة قفزت صورة علي أمام عينيها, وبدأ الخوف يراودها
كيف ستعود بعد أن فشلت فى مهمتها, وماذا ستقول لهم؟ وهل سيتقبلون فشلها؟ وماذا سيقول علي عنها؟
والطفل الذى ينمو بداخلها هل سيعرف أن أمه كانت يوما ما جاسوسة؟
انتابتها قشعريرة شديدة لمجرد ذكر الفكرة, وأدركت أن العودة مستحيلة قبل أن تكمل ما بدأته
تذكرت أنها مراقبة من الجانبين, وأخذت تفكر فى وسيلة للهروب من المراقبة
أوقفت سيارتها الى جانب الطريق وخرجت منها, وأسرعت الخطا ونزلت الى محطة مترو الأنفاق, وفى الأسفل وقفت تنتظر المترو, كانت المحطة خالية الا من بضعة أشخاص قلائل فى تلك الساعة المتأخرة من الليل.
ركبت المترو وبدأت رحلة مناورة للهروب من المراقبة
كانت ساره تعرف جيدا تلك البلد جيدا فقد قضت فيها سنوات عديدة
كانت تعرف جيدا أى المحطات تكون خالية فى تلك الساعة من الليل, لتنزل فيها وتستقل مترو آخر
ثم تنزل فى المحطات التى بها مسارات متقاطعة للمترو وتبدل مسارها الى اتجاه آخر فى المدينة
بدلت مسارها عدة مرات, حتى اطمأنت تماما أنها بعيدة عن كل عين تتبعها, بعدها خرجت من شبكة المترو لتستقل تاكسيا الى منزل عائلة آجنس
وقفت أمام الباب قليلا, ومرت بذاكرتها الأشهر الثلاثة التى قضتها مع تلك العائلة فى أول مرة تطأ قدميها تلك الأرض
تذكرت ترحيبهم بها ومعاملتهم الحسنة, سمعت صوت موسيقى صاخبة يأتى من الداخل, وعرفت أن مارك بالداخل, فهذه الموسيقى يحبها كثيرا
استجمعت شجاعتها وضغطت الجرس وهى تحاول أن ترتب أفكارها وتبحث عن حجة مناسبة لقدومها اليهم بعد كل هذه المدة الطويلة وفى هذه الساعة المتأخرة من الليل
بعد قليل فتحت الباب سيدة شقراء أخذت تحدق بوجهها بدهشة كبيرة, فقالت ساره بهدوء : كيف حالك آنى؟
صرخت آنى بسعادة : ساره! ساره العزيزة, كيف حالك؟ افتقدتك كثيرا
احتضنتها بشوق وهى تهتف : تعالى..ادخلى
بدأت ساره تشعر بالراحة بعد استقبال آنى الحافل لها..كما هى تماما, لم تتغير, ودودة, طيبة
دخلت ساره الى البيت وهى تسألها : كيف حال بيل؟
قالت آنى وهى تدعوها للجلوس فى مقعد وثير : انه نائم فوق, سيسعد كثيرا عندما يراكى
هزت آنى رأسها وهى تتأملها بحب : تغيرت كثيرا ساره, لم أعرفك فى البداية..تبدين مرهقة يا عزيزتى
أخذت ساره تتأمل البيت من حولها, فقالت آنى : لم يتغير كثيرا
قالت ساره : كيف حال مارك؟
ظهر الحزن فى عينى آنى ونظرت الى باب غرفة مغلقة يأتى من خلفها صوت الموسيقى الصاخبة وقالت : لم يتجاوز الأمر بعد
أنا سعيدة أنك أتيت, وجودك سيخفف عنه كثيرا, فهو يحبك ويستمع اليكى
نهضت ساره واتجهت الى الغرفة قائلة : سأراه
آنى : وأنا سأعد لك شرابا تحبينه
طرقت ساره باب الغرفة وهى تدرك أن من بالداخل لا يمكن أن يسمع صوت طرقاتها التى اختفت تحت صوت الموسيقى العالى
فتحت باب الغرفة ببطء ونظرت الى الشاب الصغير الجالس أمام جهاز الكمبيوتر وهو يهز رأسه على ايقاع الموسيقى, ثم ألقت نظرة سريعة على الغرفة التى تعج بالفوضى, ثم عادت تتأمل الشاب الجالس, كان شابا نحيلا لم يبلغ العشرين بعد, شعره الطويل الغير مصفف تنسدل خصلاته على جبينه بلا انتظام
التفت الشاب فجأة وأخذ ينظر الى ساره بدهشة, ثم اتسعت عينيه العسليتين بسعادة وهتف قائلا وهو يقفز من مكانه : من؟ الأميرة العربية؟
ابتسمت ساره بشحوب وقالت : مرحبا مارك..كيف حالك؟
قال وهو يهز رأسه : فى الأسوأ...تعالى اجلسى
لم أرك منذ مدة طويلة..حقا اشتقت اليكى
قالت وهى تجلس على الكرسى : آنى قلقة عليك
قال بلامبالاة : هذا هو الطبيعى
سألته : كيف خرجت من السجن؟
قال باسما : اطلاق سراح مشروط..وهاأنا ذا ولد مطيع وهادئ, لا أفعل شئ سوى سماع الموسيقى ولا أتسبب بالمشاكل
هز كتفيه ومط شفتيه وهو يكمل : حياة أشبه بالموت
قالت بجدية : مارك, أحتاج الى عبقريتك بشدة, فأنا فى مأزق كبير
قال باسما : ألا زلت مؤمنة أننى عبقرى؟.ولكن الجميع لهم رأى آخر
قالت : أنا مؤمنة أنك الوحيد الذى يمكنه انقاذى الآن
بدأ الحماس يدب فى ملامح وجهه, واتقدت عينيه ببريق ماكر, وقفز الى الكرسى الذى كان يجلس عليه أمام الكمبيوتر وهو يسألها بحماس : أخبرينى ماذا تريدين, وما هى المشكلة التى تواجهك؟
قالت باهتمام : ان جيف يهددنى ببعض المستندات التى لو ظهرت قد تدمر مستقبلى كله, أحتاج أن أعرف مكان الملف الذى به هذه المستندات, وما الذى يحويه على وجه التحديد
قال بدهشة : الا تعرفين مكانه؟
أجابت مباشرة : انه فى كمبيوتر الجامعه
هز رأسه بعجب وهو يعمل أصابعه فى لوحة المفاتيح : واو...انه مكان فسيح حقا
ابتسم قائلا : لا تقلقى, من أجلك أنت سأعثر عليه, ونكاية فى ذلك الوغد الأحمق
لكم كنت أكرهه, كان دائما ما يذكرنى بالساحر الشرير فى قصص الليالى العربية
قالت وقد بدأت الإبتسامة تعرف طريق شفتيها : تقصد ألف ليلة وليلة
قال ضاحكا وأصابعه تعمل بجد وعيناه على شاشة الكمبيوتر : نعم..الذى يسعى دائما لسرقة التفاحة الذهبية واختطاف الأميرة
التفت اليها وقال ببساطة : ولكن الأميرة العربية تغيرت كثيرا, ازددت جمالا, هل تزوجت؟
هزت رأسها , فقال وهو ينظر الى الشاشة ويعمل بجد : أتوق لرؤية ذلك الفارس العربى الذى أنقذ الأميرة من الساحر الشرير
قالت بدهشة : ومن أدراك أنه عربى؟
قال بتأكيد : لا يمكن أن يحظى بقلب الأميرة سوى فارس عربى
عقدت حاجبيها وقالت بشرود : لديك تعبيرات غريبة حقا
قال باسما : انت التى علمتنى
الا تذكرين عندما كنت تعيشين معنا ؟ كنت فى الحادية عشر, وكنتى تحكين لى باستمرار قصص الليالى العربية, والسندباد
زفر بحرارة وقال بحزن : كنت أظن وقتها أن العالم ملئ بالأخيار وأنهم يجب أن ينتصروا, ولكنى عندما حاولت أن أصبح واحدا من الفرسان الأخيار وأكشف للناس زيف الساحر
هز رأسه وأكمل بسخرية مريرة : ألقى الى بكرته النارية, وحبسنى فى كهف التنين, وسقط العالم كله تحت سيطرة الساحر الشرير, واستطاع أن يبسط سحره ليسيطر به على عقول الناس
تأملته سارة طويلا وملأ قلبها الأسى لأجله وهى تفكر, لم يعد هو مارك الصغير المرح الودود, ذى الأحلام الرومانسية, لقد سحقوا روحه بقسوة
أكمل بود : ولكن رغم كل هذا, تبقى الأميرة العربية هى أفضل أصدقائى
ابتسمت ساره وهى تتذكر تلك الأيام التى قضتها بصحبة مارك وهم صغار وقالت : وأنا كنت ولازلت أعتبرك أخى الأصغر
تحفز مارك وظهر على وجهه الإهتمام الشديد, ثم صرخ بمرح كبير وهويحرك قبضتيه بحماس: واااااااااااو...وجدته...وجدته...هاهو
ذلك الوغد الأحمق..لقد أتعبنى كثيرا
ابتسمت ساره برضا وقالت : ثقتى فيك لم تهتز أبدا..كنت أعلم أنك الوحيد القادر على مساعدتى
صمت مارك قليلا وتجهم وجهه, ثم هتف بضيق : اللعنة, هذا السافل يضع كودا سريا
قالت ساره بقلق : هل ستنجح فى التوصل اليه؟
مط شفتيه وقال ببطء : ليس الأمر بتلك السهولة, ولكنى سأجده. من أجلك سأجده
أخذ الإثنان يعملان لمدة طويلة, وخاضا محاولات لا حصر لها, والوقت يمضى وبدأت ساره تشعر بقلق كبير وهى تفكر فيما ينتظرها بعد أن يكتشفوا جثة جيف, لاشك أنهم سيقلبون البلد عليها, وقد يستدعوا توم, وعندها سيجدونها لامحاله
مسحت وجهها بكفيها وظهر عليها القلق الشديد وقالت لمارك : لابد أن تنجح, مستقبلى كله يتوقف على هذا الملف
تركت الكرسى وأخذت تدور فى الحجرة, ثم توقفت قليلا أمام النافذه, ونظرت الى ضوء الفجر الذى بدأ يلوح فى الأفق, وزفرت بيأس وظهرت الدموع فى عينيها وهى تهمس : ياالله..ساعدنى..أعلم أنك موجود..الآن فقط أنا متأكدة أنك موجود
أسندت رأسها الى زجاج النافذه باعياء شديد, وتلاحقت أنفاسها وهى تهمس بضراعة : ساعدنى يا الهى, أعلم أننى مذنبة وعاصية, أقر وأعترف بذنبى لك وحدك, ولكن من سواك ألجأ اليه, ساعدنى يا الهى من أجل علي, بل من أجل ذلك الجنين الذى ينمو بداخلى, ساعدنى أن أنجز المهمة وبعدها لا يهمنى ما يحدث لى, سأتقبل قدرى مهما يكن
أسندت جبينها الى زجاج النافذه وأغمضت عينيها بقوة وسالت دموعها
فجأة...سمعت صوت مارك يضحك بطريقة تمثيلية : ها ها ها ها.. افتح يا سمسم
التفتت اليه بلهفة كبيرة ومسحت دموعها وعادت الى كرسيها وعينيها على شاشة الكمبيوتر
فقال مارك بمرح : هكذا تعلمتها منكى : افتح يا سمسم
أخذت نفس عميق وعينيها على شاشة الكمبيوتر وهى تهمس : الحمد والشكر لله
قال بعجب : ماذا قلت؟
قالت باسمه : تستحق عن جدارة لقب على بابا هازم الأربعين حرامى
تناولت منه لوحة المفاتيح وأخذت ترسل القوائم الى العناوين التى تحفظها
انتفضت ساره بخوف على الصوت المميز لسيارة الشرطة, ارتبكت قليلا ثم عادت أصابعها تعمل بسرعة فى لوحة المفاتيح وعندما اطمأنت أن العملية تمت بنجاح, أزالت كل الملفات وأى شئ يدل على ما كانت تفعله هى ومارك من على الجهاز, ولم ترفع يدها من على لوحة المفاتيح الا عندما وجدت نفسها أمام اثنين من رجال الشرطة, رجل وسيدة, وأخذت الشرطية تلقى على مسامعها حقوقها, وقالت : أنت مطلوبة بتهمة قتل جيفرى باركلى
ظهر على وجه آنى الفزع واتسعت عينا مارك بذهول ونظر الى ساره وهتف : وااااااااااو قتلتيه ؟.....حقا؟
هزت رأسها باستسلام وعلى وجهها الإعياء الشديد
ضحك مارك بطريقة غريبة وقال بحماس : انه يستحق, حقا يستحق
التفتت اليه الشرطية وقالت بغلظة : ماذا تعرف عن هذا الأمر؟
أسرعت ساره تقول : انه لا يعرف أى شئ, أنا التى قتلته
وضعت الشرطية الأغلال فى معصميها وقادتها الى الخارج بقسوة
فاستوقفها مارك برجاء : هلا كلمتها كلمة أخيرة
توقفت الشرطية وقالت بغلظه قل ما تريد بسرعة : نظر مارك الى ساره باشفاق وقال بتعاطف : ساره, لا تقلقى, واعلمى أن السجن ليس أسوأ مكان فى العالم, هكذا تقول صديقتى تينا
سأتحدث اليها فلديها صديقات كثيرات فى السجن يمكن أن يعملوا على رعايتك
حاولت ساره أن تبتسم له لكنها عجزت, فهزت رأسها ثم ألقت الى آنى نظرة امتنان كبيرة
دفعتها الشرطية أمامها وهى تقول : هيا
اقتادوها الى سيارة الشرطة, ورحلت مودعة بنظرات الإشفاق والتعاطف من مارك وآنى
..............................................
 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

دخل مارك الى حجرته وهو يشعر بحزن بالغ, وجلس ينظر الى شاشة الكمبيوتر بشرود وتمتم بأسى : الحياة شديدة القسوة على من لهم قلوب كساره
غادرت الطائرة الأراضى الأمريكية متجهة الى فرنسا وعلى متنها وفد ثقافى وفنى رفيع المستوى, ومجموعة من مشاهير الممثلين, للمشاركة فى مهرجان كان السنيمائى الدولى
وفى أحد أركان الطائرة كان يجلس أحد منتجى الأفلام وهو سعودى بثوبه الأبيض وغطاء رأسه المميز, وبجواره زوجته
كانت ساره مرهقة للغاية وتشعر بآلام شديدة ولكنها كتمت كل هذا بداخلها وتحملت الرحلة الطويلة فى سبيل العودة السريعة الى مصر
ومن فرنسا ...استقل علي وساره مباشرة الطائرة المتجهة الى مصر
وفى الطائرة بادرها علي بقلق : ساره, تبدين متعبة للغاية
ضغطت أسنانها بقوة حتى لاتصرخ وقالت بضعف : أظن أننى لم أنم منذ وقت طويل
قال بعتاب حانى : لازلت تخفين ألمك عنى؟
حاولت الإبتسام بصعوبة وقالت ووجهها يزداد شحوبا : عندما أعود الى البيت سأرتاح
قالت بوهن وهى تضغط يده بضعف : كم أشتاق الى العودة الى البيت لأرتاح
قال بحنان : لقد وعدتك أنى سأعيدك الى البيت
قالت بعتاب : نعم, أعلم جيدا أنك لاتخلف وعدك أبدا
قال بألم : سامحينى..كنت مضطر سامحينى
أفزعه شحوب وجهها الشديد, وارتعاشة يدها بين يديه., والعرق الشديد على جبينها برغم برودة يديها
استدعى المضيفة, فجاءت مسرعة, كانت واحدة من فريق مصطفى, مهمتها مرافقة علي وساره وتأمين رحلتهما
نهض على من مكانه وتحدث الى المضيفة : ساره مريضة للغاية, نحتاج الى سيارة اسعاف بمجرد أن نصل
جلست المضيفة مكان علي وتحدثت قليلا الى ساره, ثم أحضرت بطانية ثقيلة ولفتها حولها وقالت لعلى : انها باردة للغاية, ابقها دافئة وحاول ألا تدعها تفقد وعيها
نظرت فى ساعة يدها وقالت : ساعة واحدة ونصل ان شاء الله
سأتصل بهم ليجهزوا لها سيارة اسعاف, وسآتى لها بشراب دافئ
رحلت المضيفة وجلس علي بجوار ساره وقال وهو يمسك بيدها بين يديه : كدنا نصل يا حبيبتى
همست بضعف شديد : هل. هل مازلت تحبنى؟
قال بحنان : وهل أستطيع أن أحب غيرك؟ ماذا حدث؟ ..هذه هى المرة الألف التى تسألينى فيها هذا السؤال منذ غادرنا أمريكا
بدأت عينيها تغربان وجفنيها يتثاقلان, فقال علي بقلق بالغ : ساره لا تنامى, تحدثى الى, كدنا نصل
حاولت ان تبتسم له فلم تستطع, همست بصوت شديد الضعف : اطمئن, أنا بخير , فقط أريد أن أنام
لم تكد تكمل الكلمة حتى أغمضت عينيها تماما, وسكنت حركتها وارتخت أصابع يدها بين يديه
وارتعد قلب علي بشدة وهو يناديها ولا تجيب
بمجرد أن هبطت الطائرة فى الأراضى المصرية حتى انتقلت ساره على الفور الى سيارة الإسعاف التى كانت تنتظرها على أرض المطار ومنها الى المستشفى, وهناك كان فى استقبالهما مصطفى والدكتور عبد الرحيم الذى حضر خصيصا للإطمئنان على علي وساره
وقف على يحترق قلقا أمام الحجرة التى بها زوجته والطبيب والممرضات
ولم يكف لسانه عن التمتمه بالدعاء والإستغفار وعينيه شاردتان تماما
ووقف د.عبد الرحيم ومصطفى ينظران اليه ولا يجرؤ أحدهما على الإقتراب منه أو التحدث اليه وهو على تلك الحالة
خرج الطبيب من الحجرة أخيرا, اتجه اليه علي مسرعا وسأله بقلق بالغ : كيف حالها؟
قال الطبيب : ستكون بخير ان شاء الله, كانت تعانى من هبوط شديد بسبب النزيف, ولكنا أجرينا لها نقل دم, واستفاقت بفضل الله
ولكنى بحاجة لإجراء جراحة قيصرية لها واستخراج الجنين
عقد علي حاجبيه وقال بذهول : أى جنين؟
صمت الطبيب قليلا وعلت الدهشة وجهه ثم قال : ألا تعلم أن زوجتك حامل فى شهرها الخامس؟
ظهر وقع الصدمة رهيبا على وجه علي, ولم يستطع أن ينطق.
انتفض الجميع على صوت صرخة مدوية : علي
اقتحم علي الحجرة فوجد ساره مستلقية على الترولى والممرضات يسحبنها الى الباب الآخر للحجرة متجهين بها الى حجرة العمليات
اقترب منها وحاول أن يمسك بيدها والممرضات يجذبن الترولى فى الممر المتجه الى العمليات
وبمجرد أن رأته حتى تشبثت بملابسه بعنف حتى أن بعض أزرار قميصه تمزقت وهى تصرخ ودموعها تسيل بغزارة : علي, سيأخذون طفلى, خذنى من هنا , احمنى, احمى طفلك
أريد هذا الطفل, لقد فعلت كل هذا من أجله, لقد منحنى القدرة على المقاومة والصمود, لقد تمسكت بالحياة من أجله, لاتدعهم يقتلوه
لم يستطع علي أن يرد بأى كلمة, عقد لسانه تماما
كل ما استطاع أن يفعله هو ان حجز دموعه عن الإنهمار, وهو يربت على كتفيها وكفيها محاولا أن يهدئ من روعها
حتى أتى طبيب التخدير وأعطاها حقنة جعلتها تغمض عينيها وترتخى عضلاتها وتترك ملابس علي
أخذوها الى حجرة العمليات ووقف علي يراقبها بحسرة ودموعه تسيل بغزارة حتى توارت خلف باب غرفة العمليات, وافاه الطبيب, والتفت اليه علي قائلا برجاء : أرجوك, حاول انقاذ الطفل, أعلم تماما كم هى بحاجة ماسة اليه
قاطعه الطبيب وهو يهز رأسه بأسف : لقد مات الجنين من أيام, أنا احاول انقاذها هى, ان جسدها يرفض أن يلفظه, حالة لم أر مثلها من قبل , انها متمسكة به حتى لو قضت نحبها معه
اسند علي ظهره الى جدار الممر حتى لايسقط, وعصر عينيه بألم وهو يقول : لم أكن أعلم, لم تخبرنى
قال الطبيب باشفاق : استرجع الله وادعو لها بالنجاة, فهى بحاجة ماسة للدعاء
تركه الطبيب ورحل
انهار جسد علي على الكرسى فى الإستراحة, وترك العنان لدموعه تسيل وهو يحوقل ويسترجع
جلس بجواره د.عبد الرحيم وقال بتعاطف شديد : اطمئن يابنى, زوجتك قوية للغاية, أنا متأكد أنها ستتجاوز هذه الأزمة بسرعة, يجب أن تتماسك أمامها وتكون قويا فهى تعتمد عليك, بعد أن تتعافى ان شاء الله سأرسلها الى طبيبة نفسية جيدة
دفن علي رأسه بين كفيه وقال بانكسار : لم أكن أعلم, لم تخبرنى و....
فجأة رفع رأسه وظهر على وجهه أنه تذكر شيئا وقال بدهشة : كيف لم ألاحظ؟ كيف لم أفهم؟ كانت الأعراض واضحة كالشمس
القئ, الوهن, التعب المستمر, حالتها النفسية المتغيرة, وبكاءها السريع لأتفه الأسباب, كيف لم ألاحظ ....كيف؟
لماذا لم تخبرنى؟
أتاه صوت مصطفى يمتلئ خجلا : أنا أمرتها بذلك
رفع علي وجهه ببطء وأخذ يحدق فيه بذهول
فجأة..هب من مكانه وهجم عليه وأمسك بعنقه ودفعه الى الحائط بقسوة شديدة وقال والغضب يخرج حمما من وجهه وكلماته : من أنت لتتحكم بحياتى وحياة زوجتى بهذه الطريقة؟
من أعطاك الحق لتقصينى من مسؤليتى وتأمر زوجتى بدون علمى؟
حاول د.عبد الرحيم أن يبعده عن مصطفى الذى وقف أمامه مستسلما دون أى مقاومه
لكن علي أكمل بحده : أتدرى ما فعلته؟ لقد حولتنى الى امعه
مصطفى بأسف وبصوت مختنق من ضغط علي على حنجرته : كنا بحاجة اليها..لم يكن هناك أحد غيرها يستطيع مساعدتنا, كنت متأكدا انك لن تدعها تسافر ابدا لو علمت
قال علي بغضب عارم : لقد قتلت طفلى وكدت تقتلها, ألا تعلم ان من فى ظروفها بحاجة الى رعاية وهدوء واستقرار نفسى؟
لقد حرمتنى أن أقوم بواجبى كزوج وأب
تدخل د. عبد الرحيم : لم يعد هذا يجدى الآن, فكر فقط فى زوجتك
تركه علي وارتمى على الكرسى ودفن وجهه بين كفيه وترك دموعه تسيل بغزارة وأخذ يستغفر بقوة وقال : كيف يسامحنى الله على ما فعلته بها؟
مضت فترة وهو على هذه الحالة ومصطفى يملأ وجهه الأسى والأسف
رفع علي وجهه بعد أن تماسك قليلا وقال بصرامه دون أن ينظر الى مصطفى : كنا أصدقاء يوما ما, ولكنى لا أريد أن أراك بعد الآن, ابتعد عنى وعنها, لا أريدها أن تراك أبدا ولو مصادفة, أريدها أن تنسى كل الآلام والضغوط التى مرت بها
وليساعدنى الله على اصلاح ما كسر
اقترب د.عبد الرحيم من مصطفى وقال له مواسيا : لا تغضب منه , يجب أن تقدر المعاناة التى يعيشها الآن
تنهد مصطفى وقال بحزن : أقدر تماما ما يعانيه, ولكن أشد ما يحزننى أننى قد خسرت صديقا عزيزا
أتاه صوت علي الغاضب : وأنا خسرت طفلا...وكدت أخسر زوجتى

انتفض على صوت اقتحام باب البيت, وبمجرد أن نهض من مكانه ليعرف ما الأمر, حتى وجد نفسه محاطا بمجموعة من الرجال لا يعرفهم
سأله أحدهم مباشرة : أين ساره؟
اتسعت عينا مارك وفغر فاهه من الدهشة وصمت تماما من المفاجأة
ابتعدت سيارة الشرطة بمسافة كبيرة عن البيت, التفتت الشرطية الى ساره التى تجلس بجانبها فى المقعد الخلفى للسيارة وابتسمت وقالت بلهجة مصرية خالصة : ساره, حمدا لله على سلامتك, السيد على فى انتظارك
التفتت اليها بدهشة عظيمة واتسعت عيناها عن آخرهما وهى تتأمل تلك الشرطية الأمريكية الشقراء وهى تخرج من جيبها مفاتيح الأغلال وتحل قيودها وهى تبتسم لها بود وتقول : عذرا, لم نجد وسيلة أفضل لإنقاذك, فهم يسعون خلفك
ابتلعت ساره ريقها وبدأت تشعر بالأمان وهى تنظر الى رفيقتها المصرية التى قالت بعد قليل : سنبدل السيارة وملابسنا كذلك, ونظرا لأن شكلك مميز للغاية فعليك أن تتخلى قليلا عن حجابك
لم تتوقع الفتاة المصرية التى ترتدى زى شرطية أمريكية أن يكون رد فعل ساره على كلامها بهذا العنف
فلقد صرخت ساره فى وجهها صرخة غاضبة أفزعتها : لاااااا
حدقت الفتاة فى وجهها بذهول وكذلك زميلها المرتدى لزى الشرطى ويحتل المقعد المجاور للسائق, ثم صمت الإثنان تماما ولم يعيدان اقتراحهما ثانية
أسندت ساره رأسها الى زجاج النافذة المجاور لها بارهاق واضح والإعياء والتعب يحتلان كل جسدها
ومضى الوقت وهى على جمر مشتعل , تنتظر بفارغ الصبرأن تلتقى علي, حتى وصلت أخيرا الى المنزل الآمن الذى به علي ومصطفى وداليا
بمجرد أن دخلت ورأت على أمامها حتى تجمدت تماما فى مكانها وهى تحملق فى وجهه بذهول
ووجهها يحمر بشدة والدموع تتجمع فى عينيها
اندفع علي نحوها بلهفة شديدة وهو يهتف بحنان : ساره, هل انت بخير؟
ارتدت بحدة للخلف وهى تصرخ ودموعها تغرق خديها : لا.. مستحيل, لقد, لقد أزلت لحيتك
قال بعطف : كنت مضطرا حتى أستطيع أن أبقى هنا بجانبك
انهارت بارهاق على أقرب كرسى اليها وقالت بصوت متقطع يمتلئ بالألم : ولكن...أنا, أنا لا آلفك.....لا أستطيع أن آلفك..أشعر بغرابه شديده , انت لست أنت
اقترب منها وأمسك يديها الباردتين المرتجفتين وقال بصوت يمتلئ عطفا محاولا التخفيف عنها : ساره, الأمر ليس بهذه الأهميه ..انها مجرد لحيه
قالت بأسف بالغ : ولكنك تعتز بها كثيرا, لقد حلقتها رغما عنك
قال بحب كبير : قد أخسر أى شئ فى الدنيا, ولكنى لا أستطيع أن أخسرك
تنحنح مصطفى مؤذنا علي بالكلام : علي..موعد الطائره, يجب أن ترحلا فورا
نظر اليه علي وقال بقلق : مصطفى, أريد أن أعود الى مصر بأمان, لاأحب أن أفاجأ بأن صاروخ طائش مجهول الهويه يعترض الطائرة...أتفهمنى؟
قال مصطفى باسما : اطمئن, أفهمك تماما, وأعد لكما رحلة آمنة برفقة مجموعة هامة رفيعة المستوى
أكمل بتردد : ولكن.......آ...احم..احم...أظن أن تخليها عن الحجاب قليلا فقط لنخرج من هنا سيكون أفضل للأمان و...
نظرت ساره الى علي وكأنما تستنجد به وتعلقت بيده وقالت باصرار : لا....لن أفعل...لن أفعل
التفت الى مصطفى وقال بصرامه : سمعت ما قالته, فابحث عن حل آخر
نظر اليه مصطفى بضيق وأشار اليه انه يريده , ربت علي على كف ساره وغمرها بنظرة حنان, ثم تركها وذهب خلف مصطفى الى الحجرة الأخرى, وبقيت داليا معها
قال مصطفى بضيق شديد وبصوت خفيض حتى لا يسمعه من فى الحجرة الأخرى : كف عن النظر الى وكأننى من الأبالسه. ان ما أفعله الآن هو لتأمينكما, انظر حولك واعرف جيدا اين نحن, لسنا هنا فى مصر
قاطعه علي بغضب شديد : اسمعنى جيدا, لقد عانت ساره كثيرا, ولن أطلب منها مالا تريده, كما أننى لا أوافق على طلبك هذا
مصطفى : ولكنك حلقت لحيتك عندما...
علي بغضب : الأمر مختلف تماما هذه المرة, فكر فى خطة أخرى, وأنا متأكد أنك لن تعجز
............................................
 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة


غادرت الطائرة الأراضى الأمريكية متجهة الى فرنسا وعلى متنها وفد ثقافى وفنى رفيع المستوى, ومجموعة من مشاهير الممثلين, للمشاركة فى مهرجان كان السنيمائى الدولى
وفى أحد أركان الطائرة كان يجلس أحد منتجى الأفلام وهو سعودى بثوبه الأبيض وغطاء رأسه المميز, وبجواره زوجته
كانت ساره مرهقة للغاية وتشعر بآلام شديدة ولكنها كتمت كل هذا بداخلها وتحملت الرحلة الطويلة فى سبيل العودة السريعة الى مصر
ومن فرنسا ...استقل علي وساره مباشرة الطائرة المتجهة الى مصر
وفى الطائرة بادرها علي بقلق : ساره, تبدين متعبة للغاية
ضغطت أسنانها بقوة حتى لاتصرخ وقالت بضعف : أظن أننى لم أنم منذ وقت طويل
قال بعتاب حانى : لازلت تخفين ألمك عنى؟
حاولت الإبتسام بصعوبة وقالت ووجهها يزداد شحوبا : عندما أعود الى البيت سأرتاح
قالت بوهن وهى تضغط يده بضعف : كم أشتاق الى العودة الى البيت لأرتاح
قال بحنان : لقد وعدتك أنى سأعيدك الى البيت
قالت بعتاب : نعم, أعلم جيدا أنك لاتخلف وعدك أبدا
قال بألم : سامحينى..كنت مضطر سامحينى
أفزعه شحوب وجهها الشديد, وارتعاشة يدها بين يديه., والعرق الشديد على جبينها برغم برودة يديها
استدعى المضيفة, فجاءت مسرعة, كانت واحدة من فريق مصطفى, مهمتها مرافقة علي وساره وتأمين رحلتهما
نهض على من مكانه وتحدث الى المضيفة : ساره مريضة للغاية, نحتاج الى سيارة اسعاف بمجرد أن نصل
جلست المضيفة مكان علي وتحدثت قليلا الى ساره, ثم أحضرت بطانية ثقيلة ولفتها حولها وقالت لعلى : انها باردة للغاية, ابقها دافئة وحاول ألا تدعها تفقد وعيها
نظرت فى ساعة يدها وقالت : ساعة واحدة ونصل ان شاء الله
سأتصل بهم ليجهزوا لها سيارة اسعاف, وسآتى لها بشراب دافئ
رحلت المضيفة وجلس علي بجوار ساره وقال وهو يمسك بيدها بين يديه : كدنا نصل يا حبيبتى
همست بضعف شديد : هل. هل مازلت تحبنى؟
قال بحنان : وهل أستطيع أن أحب غيرك؟ ماذا حدث؟ ..هذه هى المرة الألف التى تسألينى فيها هذا السؤال منذ غادرنا أمريكا
بدأت عينيها تغربان وجفنيها يتثاقلان, فقال علي بقلق بالغ : ساره لا تنامى, تحدثى الى, كدنا نصل
حاولت ان تبتسم له فلم تستطع, همست بصوت شديد الضعف : اطمئن, أنا بخير , فقط أريد أن أنام
لم تكد تكمل الكلمة حتى أغمضت عينيها تماما, وسكنت حركتها وارتخت أصابع يدها بين يديه
وارتعد قلب علي بشدة وهو يناديها ولا تجيب
بمجرد أن هبطت الطائرة فى الأراضى المصرية حتى انتقلت ساره على الفور الى سيارة الإسعاف التى كانت تنتظرها على أرض المطار ومنها الى المستشفى, وهناك كان فى استقبالهما مصطفى والدكتور عبد الرحيم الذى حضر خصيصا للإطمئنان على علي وساره
وقف على يحترق قلقا أمام الحجرة التى بها زوجته والطبيب والممرضات
ولم يكف لسانه عن التمتمه بالدعاء والإستغفار وعينيه شاردتان تماما
ووقف د.عبد الرحيم ومصطفى ينظران اليه ولا يجرؤ أحدهما على الإقتراب منه أو التحدث اليه وهو على تلك الحالة
خرج الطبيب من الحجرة أخيرا, اتجه اليه علي مسرعا وسأله بقلق بالغ : كيف حالها؟
قال الطبيب : ستكون بخير ان شاء الله, كانت تعانى من هبوط شديد بسبب النزيف, ولكنا أجرينا لها نقل دم, واستفاقت بفضل الله
ولكنى بحاجة لإجراء جراحة قيصرية لها واستخراج الجنين
عقد علي حاجبيه وقال بذهول : أى جنين؟
صمت الطبيب قليلا وعلت الدهشة وجهه ثم قال : ألا تعلم أن زوجتك حامل فى شهرها الخامس؟
ظهر وقع الصدمة رهيبا على وجه علي, ولم يستطع أن ينطق.
انتفض الجميع على صوت صرخة مدوية : علي
اقتحم علي الحجرة فوجد ساره مستلقية على الترولى والممرضات يسحبنها الى الباب الآخر للحجرة متجهين بها الى حجرة العمليات
اقترب منها وحاول أن يمسك بيدها والممرضات يجذبن الترولى فى الممر المتجه الى العمليات
وبمجرد أن رأته حتى تشبثت بملابسه بعنف حتى أن بعض أزرار قميصه تمزقت وهى تصرخ ودموعها تسيل بغزارة : علي, سيأخذون طفلى, خذنى من هنا , احمنى, احمى طفلك
أريد هذا الطفل, لقد فعلت كل هذا من أجله, لقد منحنى القدرة على المقاومة والصمود, لقد تمسكت بالحياة من أجله, لاتدعهم يقتلوه
لم يستطع علي أن يرد بأى كلمة, عقد لسانه تماما
كل ما استطاع أن يفعله هو ان حجز دموعه عن الإنهمار, وهو يربت على كتفيها وكفيها محاولا أن يهدئ من روعها
حتى أتى طبيب التخدير وأعطاها حقنة جعلتها تغمض عينيها وترتخى عضلاتها وتترك ملابس علي
أخذوها الى حجرة العمليات ووقف علي يراقبها بحسرة ودموعه تسيل بغزارة حتى توارت خلف باب غرفة العمليات, وافاه الطبيب, والتفت اليه علي قائلا برجاء : أرجوك, حاول انقاذ الطفل, أعلم تماما كم هى بحاجة ماسة اليه
قاطعه الطبيب وهو يهز رأسه بأسف : لقد مات الجنين من أيام, أنا احاول انقاذها هى, ان جسدها يرفض أن يلفظه, حالة لم أر مثلها من قبل , انها متمسكة به حتى لو قضت نحبها معه
اسند علي ظهره الى جدار الممر حتى لايسقط, وعصر عينيه بألم وهو يقول : لم أكن أعلم, لم تخبرنى
قال الطبيب باشفاق : استرجع الله وادعو لها بالنجاة, فهى بحاجة ماسة للدعاء
تركه الطبيب ورحل
انهار جسد علي على الكرسى فى الإستراحة, وترك العنان لدموعه تسيل وهو يحوقل ويسترجع
جلس بجواره د.عبد الرحيم وقال بتعاطف شديد : اطمئن يابنى, زوجتك قوية للغاية, أنا متأكد أنها ستتجاوز هذه الأزمة بسرعة, يجب أن تتماسك أمامها وتكون قويا فهى تعتمد عليك, بعد أن تتعافى ان شاء الله سأرسلها الى طبيبة نفسية جيدة
دفن علي رأسه بين كفيه وقال بانكسار : لم أكن أعلم, لم تخبرنى و....
فجأة رفع رأسه وظهر على وجهه أنه تذكر شيئا وقال بدهشة : كيف لم ألاحظ؟ كيف لم أفهم؟ كانت الأعراض واضحة كالشمس
القئ, الوهن, التعب المستمر, حالتها النفسية المتغيرة, وبكاءها السريع لأتفه الأسباب, كيف لم ألاحظ ....كيف؟
لماذا لم تخبرنى؟
أتاه صوت مصطفى يمتلئ خجلا : أنا أمرتها بذلك
رفع علي وجهه ببطء وأخذ يحدق فيه بذهول
فجأة..هب من مكانه وهجم عليه وأمسك بعنقه ودفعه الى الحائط بقسوة شديدة وقال والغضب يخرج حمما من وجهه وكلماته : من أنت لتتحكم بحياتى وحياة زوجتى بهذه الطريقة؟
من أعطاك الحق لتقصينى من مسؤليتى وتأمر زوجتى بدون علمى؟
حاول د.عبد الرحيم أن يبعده عن مصطفى الذى وقف أمامه مستسلما دون أى مقاومه
لكن علي أكمل بحده : أتدرى ما فعلته؟ لقد حولتنى الى امعه
مصطفى بأسف وبصوت مختنق من ضغط علي على حنجرته : كنا بحاجة اليها..لم يكن هناك أحد غيرها يستطيع مساعدتنا, كنت متأكدا انك لن تدعها تسافر ابدا لو علمت
قال علي بغضب عارم : لقد قتلت طفلى وكدت تقتلها, ألا تعلم ان من فى ظروفها بحاجة الى رعاية وهدوء واستقرار نفسى؟
لقد حرمتنى أن أقوم بواجبى كزوج وأب
تدخل د. عبد الرحيم : لم يعد هذا يجدى الآن, فكر فقط فى زوجتك
تركه علي وارتمى على الكرسى ودفن وجهه بين كفيه وترك دموعه تسيل بغزارة وأخذ يستغفر بقوة وقال : كيف يسامحنى الله على ما فعلته بها؟
مضت فترة وهو على هذه الحالة ومصطفى يملأ وجهه الأسى والأسف
رفع علي وجهه بعد أن تماسك قليلا وقال بصرامه دون أن ينظر الى مصطفى : كنا أصدقاء يوما ما, ولكنى لا أريد أن أراك بعد الآن, ابتعد عنى وعنها, لا أريدها أن تراك أبدا ولو مصادفة, أريدها أن تنسى كل الآلام والضغوط التى مرت بها
وليساعدنى الله على اصلاح ما كسر
اقترب د.عبد الرحيم من مصطفى وقال له مواسيا : لا تغضب منه , يجب أن تقدر المعاناة التى يعيشها الآن
تنهد مصطفى وقال بحزن : أقدر تماما ما يعانيه, ولكن أشد ما يحزننى أننى قد خسرت صديقا عزيزا
أتاه صوت علي الغاضب : وأنا خسرت طفلا...وكدت أخسر زوجتى

 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

هذا الجزء هو نهاية روايتنا الجميله
____________________
فتحت ساره عينيها لتجد نفسها فى حجرة فى المستشفى وبجوارها أباها وحماتها فقالت : أين علي؟ ماذا حدث؟
قال الأب بحزن : اطمئنى يا ابنتى..انه يصلى الظهر فى مسجد المستشفى وسيأتى حالا
عقدت حاجبيها عندما تذكرت شيئا وقالت بفزع : الـ ... الطفل ...طفلى ؟؟
سالت دموع الحماة رغما عنها وأشاح الأب بوجهه بألم وهو يقول : احمدى الله يا ابنتى, لقد كدت تموتين, لقد نجوت بمعجزة
تجهم وجهها بشدة وشردت عيناها وهى تقول بصدمة : لقد فقدت جنينى؟
أغمضت عينيها بألم وقالت بحزن : أردت هذا الطفل بشدة, أردته أكثر من أى شئ فى الحياة
أكملت وكأنما تتحدث الى نفسها : والآن فقدت آخر خيط يربطنى به, لا لوم ان مزق هذه الصفحة من حياته, وبدأ صفحة جديدة تنسيه الآلام التى عاناها
قالت الأم ودموعها تسيل : ماذا تقولين يا ابنتى, علي لايمكن أن يتركك أبدا, فهو يحبك كثيرا
أعلم ولدى جيدا فهو شهم ونبيل ومحب و.........
بلحية سوداء
لم تكن الكلمة الأخيرة بصوت حماتها , مما دفعها لتلتفت بكل كيانها لذلك الصوت الذى تعشقه كثيرا...
علي
هتفت بكل المشاعر الحبيسة التى تفجرت من أعماقها, ومعها دموعها الغزيرة التى أبت أن تخرج من بين جفونها الا من أجل هذا الرجل
تأملت بحب كبير وجهه الذى بدأ يتلون بلحية خفيفة حول فمه الذى يحمل ابتسامته المميزة وهو يقول : كيف حال زوجتى الآن؟
أسبلت جفنيها بخجل وألم فى صمت
جلس بجوارها على الفراش, وانسحب الأب والأم مغادرين الحجرة فى هدوء وأغلقوا الباب خلفهم
قال علي والإبتسامة لاتزال تزين وجهه : الطبيب يقول أن بامكانك العودة الى البيت غدا
تشبثت بيده وقالت وهى تنتحب ودموعها تجرى كالأنهار : علي, أرجوك لاتتركنى, لقد أحببتك, أحببت كل شئ فيك, شخصيتك, رجولتك, أخلاقك, شهامتك, حتى لحيتك السوداء, أحببتها
منذ أن عرفت أن طفلك ينمو بداخلى وأنا أقضى الليالى وأنا أتخيله وأتخيل ملامحه تشبهك, عينيه, أذنيه, أنفه, حتى أننى قد أتخيل فى بعض الأحيان أن تكون له لحية سوداء كلحيتك
رفع احدى حاجبيه وقال بسخرية مصطنعة : طفل بلحية سوداء؟
قالت بتوسل أليم : علي, عدنى أنك لن تتركنى ابدا
قال بحب : لن أتركك أبدا الا اذا تركتينى
قاطعته بانفعال : لا... ولا حتى هذه, عدنى الا تتركنى مهما حدث, حتى لو أخطأت وطلبتها منك بلسانى...لاتتركنى ابدا
قال بعاطفة جياشة وهو يحبس دموعه بعناد : وكيف أتركك..ألم تعلمى بعد ؟ فى جماعتنا الزواج هو أسر للمرأة...أنت غنيمتى... وهل يترك الإرهابى غنيمته؟..هل نسيتى؟
أنا ارهابى بلحية سوداء .همجى .عدوانى. متخلف. متطرف. مهووس ومتعصب لآرائى الدينيه ...و.. سيكوباتى
أرادت أن تضحك ولكنها عجزت تماما, قالت وهى مازالت متعلقة بكفه ودموعها تغرق وجهها ووسادتها : أنا مخطئة..أنا مجرمة.. سامحنى
قال بأسف : انت التى يجب أن تسامحينى..لقد عجزت عن حمايتك وحماية.......
ابتلع الكلمة حتى يمنع دموعه من الخروج من سجنها
قالت بألم وندم : لقد حاولت أن احميه..حاولت
عندما قابلت جيف اول مرة وأعطانى الكبسولة كنت خائفة للغاية ..أدركت أن هذه الكبسولات ستؤذى طفلى, هربت منهم حتى لا يؤذونه, أردت ان اعود اليك فقط لأعطيك طفلك وبعدها فليقتلونى أو يشنقونى لا أبالى......ولكنى.....
وضع أصابعه على فمها ليسكتها وقال بحنان مبدلا الموضوع : ما هذا التصرف الأحمق الذى قمت به؟ لن أسامحك ابدا على تلك الفعلة السوداء
حدقت فيه بذهول وانقطع بكاءها للحظات وهى تقول بارتباك : ما..ماذا فعلت؟
أخرج اللعبة الصغيرة التى على شكل كلب من الفراء من جيبه ونظر اليها مدعيا الغضب فى قسماته وقال : ماهذا؟
هل كنت تحملين هذا فى حقيبتك وانت فى شهور الحمل الأولى؟
هزت رأسها ببطء وعلى وجهها ارتسمت الدهشة
تمعر وجهه وجحظت عيناه بطريقته التمثيلية التى تعرفها جيدا : تريدين لطفلى أن يخرج للحياة بفرو قطيفه وأنف سوداء وبدلا من ان يبكى ينبح؟
قالت بدهشه : ماذا؟ لم أفهم؟
قال بطريقته الساخرة : لدينا هنا اعتقاد خرافى عن شئ يسمى الوحم
تريدين لطفلى ان يشبه هذا؟
لاتكررى ذلك التصرف الأحمق ثانية, احضرت لك لعبة جميلة لتنظرى اليها وتتمعنى فيها
شهقت ساره من المفاجأة وهى تتأمل الدمية التى أخرجها علي من خلف ظهرة وهو يضحك ضحكته المميزة : نياهاهاهاها
كانت دمية قبيحة للغاية, سوداء قاتمه, لها عين واحدة وشعرها أشعث وانفها أحمر
صمتت قليلا ثم تفجرت ضحكاتها ودموعها فى آن واحد, وأمسكت الدمية وأخذت تضربه فى صدره وهى تقول : ألن تكف عن تصرفاتك المجنونه ومقالبك الطفوليه هذه ؟
قال باسما : وكيف استطيع ان انتزع ضحكاتك اذا؟
هزم البكاء الأليم ضحكاتها وضحكاته أيضا فأمسك كفها بين يديه واقترب منها وقال مقاوما باستماته حزنه الشديد والمه لأجلها : ساره, لاتبكى حتى أخبرك بالمفاجأة التى أعددتها لك
سنسافر معا فى رحلة
همست من بين دموعها : مطروح
هز رأسه نفيا وهو يهمس : بل مكان آخر, أجمل مكان فى العالم
سنذهب معا لقضاء العمرة
حدقت فيه بدهشة وقالت : حقا؟
قال بحب : ألم تطلبى منى التعرف على قائدى الأعظم؟ سآخذك اليه
قالت بندم كبير : وهل...هل سيتقبلنى؟
قال بحب وهو يجذب رأسها اليه حتى لاترى دموعه التى عجز تماما عن حبسها وسالت على لحيته الخفيفه, ويضع قبلة حانية على شعرها : عندما تصلى الى هناك.....ستعرفين



تمت بحمد الله وفضله

 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

قال [SIZE=6:
القطة [/SIZE]الغامضة BBa;5443928]
استمتعت كثيييييرا بقراءتها
شكرا جزيييييييييييييلا لك ;) :up:

العفو إستمتاعكم هو غايتنا إلى روايه ثانيه إن شاء الله أخت قطايط :up:
 
رد: رواية الرجل ذو اللحية السوداء / أكثر من رائعه وكاملة

خويا رياض غير عنوان الرواية
بويسك الراجل راه نحا اللحية تاعو - حلقها-
ههههههههه

الرواية على فكره للكاتبه سامية احمد لمن أراد قرأة روايات اخرى لها
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top