تأمُّلاتٌ في آياتٍ .. ۩۞ سُورةُ الأنْفَال ۩۞ ~

Nilüfer

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
15 أكتوبر 2011
المشاركات
11,103
نقاط التفاعل
16,877
النقاط
351

السلآم عليكم رحمة الله تعآلى وبركآته

سُورةُ الأنْفَال



سورة الأنفال إحدى السور المدنية التي عنيت بجانب التشريع وبخاصة
فيما يتعلق بالغزوات والجهاد في سبيل الله فقد عالجت بعض النواحي
الحربية التي ظهرت عقب بعض الغزوات وتضمنت كثيرا من التشريعات
الحربية والإرشادات الالهية التي يجب على المؤمنين اتباعها في قتالهم
لأعداء الله وتناولت جانب السلم والحرب وأحكام الأسر والغنائم .




1264320266.gif




﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
1. الأنفالُ هي الغنائِمُ التي ينفلها الله
لهذه الأمة من أموال الكُفَّار. وكانت هذه الآياتُ في هذه السورة قد نزلت في
قصة (بَدْر) أوَّل غنيمةٍ كبيرةٍ غنمها المسلمون من المشركين، فحَصَلَ بين
بعض المُسلمين فيها نِزاعٌ، فسألوا رسولَ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- عنها،
فأنزل الله: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ﴾ كيف تُقَسَّم؟ وعلى مَن تُقَسَّم؟ ﴿ قُلْ ﴾
لهم: الأنفالُ للهِ ورسولهِ يَضعانها حيثُ شاءا، فلا اعتراضَ لكم على حُكم اللهِ
ورسولهِ، بل عليكم إذا حَكَمَ اللهُ ورسولُه أن تَرضَوْا بحُكمهما، وتُسَلِّمُوا الأمرَ
لهما، وذلك داخِلٌ في قوله ﴿ فَاتَّقُوا اللّهَ ﴾ بامتثال أوامِره واجتناب نَواهِيه،
﴿ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾
أيْ: أصلِحُوا ما بينكم مِن التَّشاحُن والتَّقاطُع والتَّدابُر؛
بالتَّوادُدِ والتَّحاب والتَّواصُل، فبذلك تَجتمِعُ كلمتُكم، ويَزولُ ما يحصُلُ- بسبب
التَّقاطُع- مِن التَّخاصُم والتَّشاجُر والتَّنازُع. ويَدخُلُ في إصلاح ذاتِ البَيْن:
تحسينُ الخُلُقِ لهم، والعَفْو عن المُسيئين منهم، فإنَّه بذلك يَزولُ كثيرٌ
مِمَّا يكونُ في القلوب من البغضاء والتَّدابُر. والأمرُ الجامِعُ لذلك كُلِّه قولُه:
﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾؛ فإنَّ الإيمانَ يَدعُوا إلى طاعةِ
الله ورسولِهِ. كما أنَّ مَن لم يُطِع اللهَ ورَسولَه فليس بمُؤمِنٍ. ومَن نَقَصَت
طاعتُه للهِ ورسولِهِ، فذلك لنَقص إيمانِهِ.
"تفسيرُ السّعديّ"

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ
زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
يُنْفِقُونَ ﴾
2-3. هذه خَمْسُ صِفاتٍ ذَكَرها اللهُ تعالى للمُؤمنين إيمانًا كامِلاً،
فلنتأمَّلها سَويًّا.

1- ﴿ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ أيْ خافَت، فهم يَخشَونَ اللهَ عَزَّ وجلَّ؛
فلا يَعصونه. ومِن الناسِ مَن إذا ذُكِرَ اللهُ لم يتأثَّر، وإذا حُلِفَ له به لم يُصدِّق،
فإذا ذُكِرَ غيرُه وحُلِفَ له به، تأثَّرَ قلبُه وصَدَّقَ، ﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ
قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ
يَسْتَبْشِرُونَ ﴾
الزمر/45.

2-
﴿ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾ فهم يَستمِعونَ لكلامِ رَبِّهم سُبحانه
بتَدَبُّرٍ وحُضُور قلبٍ، فيزيدُ بذلك إيمانُهم. فالقُرآنُ لا يَزيدُ المُؤمِنَ إلَّا إيمانًا
ويقينًا وتصديقًا برَبِّهِ سُبحانه وتعالى، وبوَعدِه ووَعيدِه.

3-
﴿ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ فهم يأخُذُونَ بالأسباب، ويَعتمدونَ على رَبِّهم-
سُبحانه وتعالى- في جلب المنافِع ودَفع المَضارِّ. ومَن توكَّلَ على اللهِ كَفَاه،
﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ الطلاق/3؛ أيْ: كافيه الأمرَ الذي توكَّلَ
عليه به. قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: (( لو أنَّكم تَوَكَّلُونَ علَى اللهِ
تعالَى حَقَّ تَوَكُلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كمَا يَرْزُقُ الطيرَ، تغدُو خِماصًا، وتَرُوحُ بِطانًا ))

صحيح الجامع.

4-
﴿ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴾ فيأتونَ بها كامِلَةً بأركانِها وواجِباتِها،
ويُحافِظُونَ عليها في أوقاتِها.

5-
﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ فلا يَبخلَونَ بأموالِهم ولا بما آتاهم اللهُ مِن رِزْقٍ،
بل يُنفِقونَ النَّفقاتِ الواجِبة على أنفُسِهم وأهليهم، ويُخرِجونَ زكاةَ أموالِهم إنْ
بلَغَت النِّصابَ وحالَ عليها الحَوْلُ، ويُؤدُّونَ الكَفَّاراتِ، ويُنفقونَ النَّفقاتِ المُستحبة
مِن صدقاتٍ وغيرها. وفي الحَديثِ القُدُسيِّ: (( قالَ اللهُ: أَنفِقْ يا ابنَ آدمَ، أُنفِقْ
عليكَ ))
مُتفقٌ عليه.

﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾
4.
فالذين اتَّصفوا بهذه الصِّفاتِ الخَمْس، هم المُؤمنون حَقًّا؛ لأنَّهم جَمَعوا بين
الأعمال الظاهِرةِ والباطِنةِ، أعمالِ الجوارح والقُلوب. فيا لَه مِن فضلٍ أن تكونَ
لهم درجاتٌ عاليةٌ عند رَبِّهم سُبحانه! ويا له مِن أجرٍ أن يَغفِرَ اللهُ لهم ويَرزُقَهم
مِن واسِع فَضلِهِ وكريم عَطائِهِ في دار الخُلْدِ!

فهل يَصعُبُ عليكَ- أخي- أن تتحلَّى بهذه الصِّفاتِ؟! صِفاتٌ حميدةٌ جميلةٌ،
وأعمالٌ يسيرةٌ، تنالُ بها عظيمَ الأجر. فلا تَحرِم نَفسَكَ الخيرَ.

﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾ 10. فلا تَظُنَّنَّ النَّصرَ في كثرةِ الجُنُودِ،
ولا قُوَّةِ الأجسادِ، ولا توفُّر العدَّةِ والعَتاد، فقد كان عَددُ المُسلمين في غَزوةِ بَدْرٍ
أقلَّ مِن عدد المُشركين، ومع ذلك كان النَّصرُ حليفَهم. فالنَّصرُ مِن عند اللهِ وَحدَه.
فيا مَن اشتدَّ كَرْبُكَ، وزاد عناؤكَ، وتسلَّطَ الكُفَّارُ على بلادِكَ، كُنْ مُوقِنًا بأنَّ
نَصرَ قريب، فالنَّصرُ آتٍ بإذن الله، فلنُوقِن بذلك تمامًا. ولن ينصرَنا اللهُ إلَّا
إذا نصرناه، ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾ محمد/8. كيف ننصُرُه سُبحانه؟
بالتزام أمره، وتطبيق شَرْعِهِ، والتَّمسُّكِ بدِينه وسُنَّةِ نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ
يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ
وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾
15-16. يأمُرُ اللّهُ تعالى عِبادَه المؤمنين
بالشجاعةِ الإيمانيَّةِ، والقُوَّةِ في أمره، والسَّعي في جَلْبِ الأسبابِ المُقَوِّيةِ للقلوب
والأبدان، ونهاهم عن الفِرار إذا التقى الزَّحْفَان، فقال: يا أيُّها الذين صَدَّقوا اللهَ
ورَسولَه وعَمِلُوا بشَرعه، إذا قابلتم الذين كفروا في القتال متقاربين منكم، فاثبُتوا
لقِتالِهم، ولا تُوَلُّوهم ظُهورَكم، فتنهزموا عنهم، فإنَّ في ذلك نُصرةً لدِين الله،
وقُوَّةً لقُلُوب المؤمنين، وإرهابًا للكافرين، واللهُ معكم وناصِركم عليهم. ومَن يُوَلِّهم
منكم ظَهْرَه وقتَ الزَّحْفِ- إلَّا مُنعطِفًا لمَكيدةِ الكُفَّار أو مُنحازًا إلى جماعةِ
المسلمين حاضِري الحَرب حيثُ كانوا- فقد استحق الغَضبَ من الله، ومقامُه
جهنم، وبئس المصيرُ والمُنقَلَبُ.
"تفسيرُ السَّعديّ والتَّفسيرُ المُيَسَّرُ"

﴿ ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ ﴾ 18. أي: مُضعِفٌ كُلّ مَكرٍ وكَيْدٍ
يَكِيدُونَ به الإسلامَ وأهلَه، وجاعِلٌ مَكرَهم مَحيقًا بهم.
"تفسيرُ السَّعديّ"

فمهما تربَّصَ الكُفَّارُ بدِين اللهِ، في أيِّ مكانٍ وفي أيِّ زمانٍ، فإنَّ اللهَ تعالى
مُضعِفٌ كيدَهم، ومهما أنفقُوا مِن أموالٍ لِيَصُدُّوا عن سبيل اللهِ، فلن يُفلِحَ
عملُهم، ولن يتحقَّقَ مُرادُهم بإذن الله، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ
لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ﴾
36.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلَا
تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ
الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ
مُعْرِضُونَ ﴾
20-23. يا أيُّها الذين صدَّقوا اللهَ ورسولَه، أطيعوا اللهَ ورسولَه
فيما أمركم به ونهاكم عنه، ولا تتركوا طاعةَ الله وطاعةَ رسوله، وأنتم تسمعون
ما يُتلَى عليكم في القُرآن من الحُجَجِ والبَراهين. ولا تكونوا- أيُّها المؤمنون- في
مُخالفةِ الله ورسوله مُحمدٍ- صلَّى الله عليه وسلَّم- كالمشركين والمنافقين الذين
إذا سَمِعُوا كِتابَ الله يُتلَى عليهم قالوا: سَمِعنا بآذانِنا، وهم في الحقيقةِ لا
يتدبَّرُونَ ما سَمِعُوا، ولا يُفكِّرُونَ فيه. إنَّ شَرَّ ما دَبَّ على الأرض- مِن خَلْقِ
الله- عند اللهِ الصُّمُّ الذين انسدَّت آذانُهم عن سَماع الحَقِّ فلا يَسمعون، البُكْمُ
الذين خرست ألسنتُهم عن النُّطْقِ بِهِ فلا يَنطِقُون، هؤلاء هم الذين لا يَعقِلُونَ
عن الله أمْرَه ونَهيَه. ولو عَلِمَ اللهُ في هؤلاءِ خيرًا، لأسْمَعَهم مَواعِظَ القُرآن وعِبَرَه؛
حتى يَعقِلُوا عن اللهِ- عَزَّ وجَلَّ- حُجَجَه وبَراهِينَه، ولكنَّه عَلِمَ أنَّه لا خَيْرَ فيهم،
وأنَّهم لا يُؤمنون. ولو أسْمَعَهم- على الفَرْض والتقدير- لَتَوَلَّوْا عن الإيمان
قَصْدًا وعِنادًا بعد فَهْمِهِم له، وهُم مُعرِضُونَ عنه، لا التفاتَ لهم إلى الحَقِّ
بوَجهٍ من الوجوه.
"التَّفسيرُ المُيَسَّرُ"

أخي في اللهِ، أمَرَكَ اللهُ تعالى بطاعتِهِ وطاعةِ رسولهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم،
فلماذا لا تُجيب؟! ولماذا تُصِرُّ على المَعصيةِ؟! لَيست الاستقامةُ على الدِّين
بتلك الصعوبةِ التي تظُنُّها، ولَيس الدِّينُ تشدُّدًا ولا تزمُّتًا، ولا تقييدًا للحُريَّاتِ،
ولا كَبتًا للطاقاتِ، ولا سِجنًا تُنفَّذُ فيه العُقُوبات. الدِّينُ حُريَّةٌ في حُدُودِ الشَّريعةِ،
ودَعوةٌ للخير والبِرِّ، وأعمالٌ يَسيرةٌ، تنالُ بها أجورًا كبيرةً. فهَيَّا أقبِل على اللهِ
طائِعًا، وعلى ماضيكَ نادِمًا، ولرضاه طالِبًا، ولِعَفوهِ راجيًا، ولجَنَّتِهِ عامِلاً، فإنَّ
عُمُرَكَ مهما طالَ فهو قصير، وحياتَكَ مهما طالَت فلا بُدَّ أن تنتهي. والدُّنيا
فُرصةٌ للعَمل والتَّزوُّدِ من الحَسناتِ ليَومٍ لا تنفعُ فيه إلَّا الأعمالُ، ولا يُقبَلُ
منها إلَّا ما كان صالِحًا، ولوجهِ اللهِ خالِصًا. ومِن حِين مَوتِكَ، سيَرحلُ عنكَ
كُلُّ شيءٍ، الزوجُ والمالُ والولَدُ، إلَّا عملُكَ، فإنَّه سيَدخُلُ معكَ قبرَكَ، قال صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم: (( يَتْبَعُ الميِّتَ ثلاثةٌ، فيَرجِعُ اثنان ويَبقَى معه واحِدٌ: يَتْبَعُه
أهلُه ومالُه وعَملُه، فيَرجِعُ أهلُه ومالُه ويَبقَى عملُه ))
مُتفقٌ عليه.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ
ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾
24-25. يا أيُّها الذين
صَدِّقوا باللهِ ربًا، وبمُحمدٍ نبيًّا ورسولاً، استجِيبوا للهِ وللرسول بالطاعةِ، إذا
دعاكم لما يُحييكم مِن الحَقِّ، ففي الاستجابةِ إصلاحُ حياتِكم في الدُّنيا والآخِرة.
واعلَمُوا- أيُّها المؤمنون- أنَّ اللهَ تعالى هو المُتَصَرِّفُ في جَميع الأشياء،
والقادِرُ على أن يَحُولَ بين الإنسان وما يَشتهيه قلبُه، فإيَّاكم أن تَرُدُّوا أمرَ
الله أوَّلَ ما يأتيكم، فيُحال بينكم وبينه إذا أردتموه بعد ذلك. واعلَمُوا أنَّكم
تُجْمَعُونَ ليَومٍ لا رَيْبَ فيه, فيُجازِي اللهُ المُحْسِنَ بإحسانِهِ والمُسيءَ بعَصيانِهِ.
واحذَرُوا- أيُّها المؤمنون- اختبارًا ومِحْنَةً يُعَمُّ بها المُسيءُ وغيرُه، لا يُخَصُّ
بها أهلُ المعاصي ولا مَن باشَرَ الذَّنْبَ، بل تُصِيبُ الصالحين معهم إذا قدروا
على إنكار الظُّلم ولم يُنكِرُوه، واعلَمُوا أنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ لِمَن خَالَفَ أمْرَه
ونَهْيَه.
"التَّفسيرُ المُيَسَّرُ وتفسيرُ السَّعديّ بتَصَرُّفٍ يَسير"

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ 27.
يأمُرُ اللهُ تعالى عِبادَه المُؤمنين أن يُؤدُّوا ما ائتمنهم عليه مِن أوامِره ونَواهِيه.
فمَن أدَّى الأمانةَ استَحَقَّ مِن الله الثَّوابَ الجَزيل، ومَن لم يُؤدِّها- بل خَانَها-
استحَقَّ العِقابَ الوَبيل، وصار خائِنًا للهِ وللرسول ولأمانتِهِ، مُنقِصًا لنَفسِهِ بكَوْنِهِ
اتَّصَفَت نَفْسُه بأَخَسِّ الصفاتِ وأقبَحِها، وهِيَ الخِيانة، مُفوِّتًا لها أكملَ الصفاتِ
وأتمَّها، وهِيَ الأمانة.
"تفسيرُ السَّعديّ بتَصَرُّفٍ يَسير"

﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ 28.
واعلَمُوا- أيُّها المؤمنون- أنَّ أموالَكم التي استخلفكم اللهُ فيها، وأولادَكم الذين
وَهَبَهم اللهُ لكم، اختبارٌ مِن الله وابتلاءٌ لعِبادِه؛ لِيَعلَمَ أيَشكرُونَه عليها ويُطيعُونَه
فيها، أو ينشغلون بها عنه؟ واعلَمُوا أنَّ اللهَ عنده خيرٌ وثوابٌ عظيمٌ لِمَن
اتَّقاه وأطاعَه.
"التَّفسيرُ المُيَسَّرُ"

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾
29. امتثالُ العَبدِ لتقوى رَبِّه عُنوانُ
السَّعادةِ، وعَلامَةُ الفَلاح. وقد رَتَّبَ اللهُ على التَّقوى مِن خَير الدُّنيا والآخِرة
شيئًا كثيرًا، فذَكَرَ هُنا أنَّ مَن اتَّقَى الله حَصَلَ له أربعةُ أشياء، كُلُّ واحِدٍ
منها خَيرٌ مِن الدُّنيا وما فيها:
- الأوَّلُ: الفُرقان: وهو العِلْمُ والهُدَى، الذي يُفَرِّقُ به صاحِبُه بين الهُدَى
والضَّلال، والحَقِّ والبَاطِل، والحَلال والحَرام، وأهل السَّعادةِ مِن أهل الشَّقاوة.
- الثَّاني والثَّالثُ: تكفيرُ السَّيئاتِ، ومَغفرةُ الذُّنُوبِ: وكُلُّ واحِدٍ منهما داخِلٌ
في الآخَر عند الإطلاق، وعند الاجتماع يُفَسَّرُ تكفيرُ السَّيئاتِ بالذُّنُوبِ
الصَّغائِر، ومَغفرةُ الذُّنُوبِ بتكفير الكَبائِر.
- الرابع: الأجرُ العَظيمُ والثَّوابُ الجَزيلُ لِمَن اتَّقاه وآثَرَ رِضاه على هَوَى نَفْسِهِ.
"تفسيرُ السَّعديّ"

﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ
مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾
46. والتزموا طاعةَ اللهِ وطاعةَ رسوله في كُلِّ أحوالِكم،
ولا تختلِفُوا فتتفرَّقَ كلمتُكم وتختلِفَ قُلُوبُكم، فتَضعُفُوا وتَذهَبَ قوَّتُكم ونَصرُكم،
واصبِرُوا عند لِقاءِ العَدُوِّ. إنَّ اللهَ مع الصابرين بالعَونِ والنَّصر والتَّأييدِ،
ولن يَخذُلَهم.
"التَّفسيرُ المُيَسَّرُ"

﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾ 75. فلا يَرِثُه إلَّا أقاربُه
من العَصَباتِ وأصحابِ الفُرُوض، فإنْ لم يكونوا، فأقربُ قراباتِه مِن ذَوي الأرحام،
كما دَلَّ عليه عُمُومُ هذه الآيةِ الكريمةِ، وقولُهُ : ﴿ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾ أيْ: في حُكمهِ
وشَرْعِهِ.
"تفسيرُ السَّعديّ"



في أمآن الله
 
وفيك بركه أخي
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا اختي الكريمة
 
بآرك الله فيك على المرور اخي
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top