تنبيه الناس بشأن اللباس

seifellah

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
16 جانفي 2009
المشاركات
5,964
نقاط التفاعل
7,169
النقاط
351

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي امتنَّ على عباده بما يستر عوراتهم ويواري سوءاتهم، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه...
أما بعد:


* فقد امتنَّ الله سبحانه على عباده بأن أوجد لهم لباسًا يسترون به العورات، ويجملون به ظاهر الهيئات، وذكَّرهم لباسًا أحسن منه وهو لباس التقوى، الذي يُجَمِّل ظاهرهم وباطنهم في الدنيا والأخرى. قال تعالى: [FONT=&quot]}يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ[FONT=&quot]{
[الأعراف: 26].[/FONT]


* ولباس التقوى هو الإيمان، الذي يجعل المرء يلازم طاعة ربه، ويبتعد عن معصيته، ويستعين بنعمه على تحقيق مرضاته، ويحذر أن تكون ذريعة إلى تعدي حدوده وانتهاك حرماته وبذلك يتقي عذابه، وتقوى الله سبب لسعة الرزق، ويسر الأمر، ومحو الخطيئة، وعظم الأجر، قال تعالى: [FONT=&quot]}وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ[FONT=&quot]{[/FONT][الطلاق: 2، 3]. وقال تعالى: [FONT=&quot]}[/FONT]وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا * ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا[FONT=&quot]{[/FONT][الطلاق: 4، 5].[/FONT]

نعمة اللباس والواجب نحوها

* إن اللباس الذي يستر العورات ويجمل الهيئات بجميع أصنافه وأشكاله من الزينة التي أخرجها الله لعباده وامتنَّ عليهم بها إذ يسَّرها وجمَّلها وأحلَّها لهم، فينبغي أن يُتزيَّن بها، وأن يُشكر سبحانه عليها، ويُتَّقى فيه، ولا يُحرم شيء منها في أصله ومادته ولا في تفصيله وهيئته إلا بحجة شرعية قطعية، قال تعالى: [FONT=&quot]}قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ[FONT=&quot]{[/FONT][يونس: 59]، ولقد أنكر سبحانه على مَن حرم شيئًا منها دون برهان، أو تجاوز منها ما جاء به الشرع في شأنها من بيان، كما قال سبحانه في ذكره المصون: [FONT=&quot]}[/FONT]قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ[FONT=&quot]{[/FONT][الأعراف: 32]. فأضاف سبحانه الزينة إليه امتنانًا منه علينا بنعمته، وتنبيهًا لنا أن نتقيد فيها بأحكام شريعته، فلا نقول فيها بتحليل أو تحريم، أو نستعملها فيما يخالف الشرع الحكيم [FONT=&quot]}[/FONT]تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[FONT=&quot]{[/FONT][البقرة: 229]. وقال تعالى: [FONT=&quot]}[/FONT]تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ[FONT=&quot]{[/FONT][النساء: 13، 14].[/FONT]




حكم اللباس

* إن الأصل في اللباس الإباحة؛ فإنه داخل في عموم قوله تعالى: [FONT=&quot]}هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ[FONT=&quot]{[/FONT][البقرة: 29]، فكله حل لنا إلا ما قام الدليل من الشرع على تحريمه، وإذا اقترن استعمال المباح بالنية الصالحة في غير ما يخالف الشرع صار استعماله عبادة يثاب عليها المرء.[/FONT]


ويجب من اللباس – مع الاستطاعة – ما أوجبه الله تعالى سترًا للعورة عن النظر، وما أوجبه سبحانه للصلاة من الستر، ولمَّا كان اللباس دائرًا بين الإباحة والمندوب والوجوب كان المحرم منه قليلاً بالنسبة للحل، عطاءً من ذي الفضل والجلال، وعطاؤه سبحانه أوسع من منعه، وهو تعالى لا يمنع عباده من شيء إلا لحكمة بالغة، ومصلحة جامعة، وإذا منع من شيء أو حرَّمه عوَّض عنه ما هو خير منه، فإنه ذو الرحمة الواسعة والحُجَّة القاطعة.
ضوابط اللباس المحرَّم


* هناك ضوابط توضح المحرم من اللباس، ينبغي أن يعلمها جميع الناس، وأن يسألوا أهل العلم عمَّا أشكل عليهم أمره منها حتى يتبيَّن الحق ويزول الالتباس.


* أحدها: ما فيه تشبُّه بالكفار، كالزي الخاص بهم، أو ما فيه لهم إشارة أو شعار، فإن تحريم التشبُّه بالكفار في اللباس من الأصول المهمَّة التي توافرت بشأنها الأدلة، واشتهرت عند سائر الأُمَّة، كل لباس يختص بالكفار لا يلبسه غيرهم، فلا يجوز للمسلم رجلاً كان أو امرأة لبسه، سواء كان لباسًا شاملاً للجسم كله أو لعضو منه؛ لقوله [FONT=&quot]r: «مَن تشبَّه بقوم فهو منهم». فإن التشبُّه بهم ظاهرًا- ومن ذلك التشبه بهم في اللباس- يقتضي شعور المُتَشَبِّه بهم بأنهم أعلى منه، فيعجب بصنيعهم ويفتن بمشاكلتهم، حتى يجره ذلك إلى اتباعهم في العقائد والأعمال والعوائد والأحوال.[/FONT]


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في قوله [FONT=&quot]r: «مُن تشبَّه بقوم فهو منهم»: أقل أحوال هذا الحديث التحريم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم.[/FONT]


* الثاني: ما يُظهر العورة لضيقه أو شفافيته أو قصره؛ فإن الله سبحانه امتنَّ علينا باللباس الذي من فوائده ستر العورة وأخذ الزينة، إذ يقول: [FONT=&quot]}يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ[FONT=&quot]{[/FONT][الأعراف: 26]، أي ليستر عوراتكم [FONT=&quot]}[/FONT]وَرِيشًا[FONT=&quot]{[/FONT] أي زينة.[/FONT]


فإذا كان اللباس لا يستر العورة فإنه لا يتحقق به التمتع بالنعمة ،ولا التجمل الشرعي والطبيعي السليم بالزينة، فيجب على الرجال والنساء كل بحسبه ستر عوراتهم عن أنظار الناس وفي الصلاة، ولو كانوا في خلوة عن الناس، فإن استحباب ستر العورة في الخلوة قول قوي له حظه من النظر ؛ وإن ستر العورة – مع القدرة – شرط في صحة الصلاة تبطل الصلاة بتركه عمدًا وقصدًا.


والستر لا يقصد به تغطية البشرة فقط، بل يتعداه إلى تغطية الأعضاء المحكوم شرعًا بأنها عورة لابدَّ من سترها عن أنظار الناس، سواء منها ما يختص بالصلاة ؛فإن ذلك تتوقف عليه صحتها من عدمها، أو في غير الصلاة فإن ظهور شيء من ذلك بلونه أو حجمه من التبذل المذموم ومن أعظم أسباب شيوع الفواحش ومقتضيات الفساد.


والستر يعني أن يكون اللباس واسعًا – نسبيًا – سميكًا سابغًا، فلا ينحسر عن العورة، ولا يصفها لضيقه أو صفاقته أو شفافيته، قال تعالى: [FONT=&quot]}يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ[FONT=&quot]{[/FONT][الأعراف: 31].
[/FONT]


فالزينة هي اللباس، والمراد بالمسجد الصلاة، فأمر سبحانه العباد أن يلبسوا أحسن ثيابهم وأجملها في الصلاة؛ للوقوف بين يديه، ومناجاته والتذلل له.


والتجمل في اللباس مطلوب من المسلم بما أباح الله له من غير إسراف ولا تبذير ولا تكبر ولا مخيلة.


* فيجب على الرجل ستر ما بين السُرَّة إلى الركبة في الصلاة وذلك بإجماع أهل العلم، فمتى انكشف شيء من ذلك فقد عرض صلاته للبطلان ونفسه للإثم.


* وينبغي أن يتنبه المحرم إلى وجوب ستر كتفيه أو أحدهما – حال الإحرام – فإن صلَّى ولم يغط شيئًا من كتفيه مع القدرة فإن الأحوط له أن يعيد صلاته؛ لقوله [FONT=&quot]r: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء». وقد أفتى بذلك سماحة شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى.[/FONT]


* ويجب على المرأة أن تغطي جميع بدنها في الصلاة من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها – سوى وجهها إذا لم تكن بحضرة رجال أجانب ،وفي يديها خلاف فمتى انكشف شيء من ذلك – قصدًا – ولم تستره بطلت صلاتها وهو الذي عليه الفتوى.


* وفي غير الصلاة إذا كان حول المرأة رجال من غير محارمها يجب عليها ستر وجهها وشعرها وسائر زينتها الخلقية والملبوسة فإن الله تعالى قد نهى المؤمنات عن إبداء الزينة لغير محارمهن وأمرهن بالحجاب الذي يسترهن، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان الركبان يمرون بنا ونحن مُحْرِمَات مع رسول الله [FONT=&quot]r فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها فإذا جاوزونا كشفناه» فمع أن إحرام المرأة في وجهها إلا أن الرسول [FONT=&quot]r[/FONT] رخَّص لهن بتغطيته عند وجود الرجال الأجانب درءًا للفتنة، وفي الصحيحين عنها رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله [FONT=&quot]r[/FONT] يصلي الفجر فيشهد معه – تعني الصلاة – نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن»، وتعني (الأجلة والعباء)، وفي سنن أبي داود عن أم سلمة رضي الله قالت:« لما نزل قوله الله تعالى: [FONT=&quot]}[/FONT]يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ[FONT=&quot]{[/FONT][الأحزاب: 59] الآية.
[/FONT]


خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان عليهن أكسية سود» فدلَّت هذه الأحاديث – وغيرها كثير – على عناية نساء الصحابة بالحجاب والتستُّر، وبُعدهن عن التبرج والسفور طاعة لله ورسوله [FONT=&quot]r وحذرًا من الفتنة والعقوبة، [FONT=&quot]}[/FONT]وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا[FONT=&quot]{[/FONT][الأحزاب: 36].[/FONT]


وثياب المرأة مع الإيمان ستر لها من عذاب القبر وعذاب الآخرة ومتى ما عصت المرأة ربها في ثيابها كانت عرضة لأن تعذب بها في القبر وفي الآخرة، فإن مَن عصى الله بشيء كان عرضة لأن يعذب به.


* الثالث: ما فيه تشبه من الرجال بالنساء؛ أو تشبه من النساء بالرجال فكل لباس يختص بأحد الجنسين سواء كان شاملاً لجميع الجسم كالقميص ونحوه، أو مختصًا بعضو منه كالسراويل وغطاء الرأس، أو الأطراف كالحذاء والجوارب، في لونه أو هيئته؛ فإنه لا يجوز للجنس الآخر لبسه لما ورد من النصوص الصحيحة الصريحة في وعيد المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، ولقد أفتى سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله بتحريم وضع المرأة عباءتها على كتفيها لما فيه من التشبه بالرجال، ففي البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لعن رسول الله [FONT=&quot]r المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال» [رواه البخاري]. ولعن رسول الله [FONT=&quot]r[/FONT]«المتخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء» [رواه البخاري].[/FONT]


وعن أبي هريرة [FONT=&quot]t قال: «لعن رسول الله [FONT=&quot]r[/FONT] الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل» [رواه أبو داود بسند صحيح]، فما جرى العرف الذي لا يخالف الشرع عليه بأنه من لباس النساء في نوعه أو لونه أو هيئته وتفصيله وخياطته، فلا يجوز للرجال لبسه، وهكذا ما تُعُوِرف عليه بأنه من لباس الرجال الخاص بهم فلا يجوز للنساء لبسه، ولو على سبيل الهزل أو التمثيل في المناسبات؛ حتى لا يتعرض المسلم للعن، وهو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: «لقد خاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء وحُرم جنة عرضها السماوات والأرض».[/FONT]


فمن راعى الضوابط السابقة، فكان لباسه شرعيًا لا مخالفة فيه بوجه من الوجوه، فلا حرج عليه أن يختار ثوبه ونحوه مما يحلو له، رجلاً كان أو امرأة بشرط تجنب الشهرة، والمخيلة الذين هما من مظاهر الكبر والتميز عن الناس فإن الله تعالى إذا أنعم على عبده نعمة يحب أن يرى أثرها عليه، وفي الصحيح عن النبي [FONT=&quot]r قال: «إن الله جميل يحب الجمال» [رواه مسلم].[/FONT]


وليس ثم مانع أن يكون من الأمة من هم أكثر ورعًا يتحرون الأفضل والأكثر سترًا؛ وما هو دون الأعلى مطلقًا من اللباس فإن النبي [FONT=&quot]r قال: «إن الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه».[/FONT]

أمثلة من تساهل بعض الناس في اللباس
إن كثيرًا من الناس غرَّتهم الحياة الدنيا، فخلعوا لباس التقوى، وتساهلوا في الأحكام، واجترؤوا على المعاصي، وتعدوا الحدود، ومن ذلك التقصير في الواجب من اللباس، أو الإنفاق على لبسة محرمة يعلم تحريمها أكثر الناس.


1- فمن الناس من يتساهل في ستر الواجب من العورة في الصلاة، فإن عورة الرجل من السرة إلى الركبة، والمرأة كلها عورة في الصلاة إلا وجهها إذا لم يكن عندها رجال أجانب، وقد ابتلي الناس في هذا الزمان بملابس خفيفة لا تستر العورة، وقلَّ من، يحتاط منهم لدينه وصلاته، فتجد بعضهم يصلي في ثوب شفاف تحته ملابس داخلية تنحسر عن أسفل ظهره إذا ركع أو سجد، وكذلك سراويل تقصر عن الركبة فيظهر شيء من عورته يخل بصلاته وهو لا يشعر، فلابد للمسلم في هذا الزمان أن يكون ثوبه ساترًا، وأن تكون ملابسه الداخلية طويلة سابغة؛ حتى لا يظهر ما أسفل سرَّته أو فوق ركبته؛ حتى لا يعرض صلاته للبطلان ونفسه للإثم – كما سبقت الإشارة إلى ذلك -. وكلما كان اللباس أكمل في هيئته وستره وحاله فهو أفضل، حتى قال أهل العلم: إن الأفضل أن يصلي المرء ساترًا رأسه – يعنون في غير الإحرام للرجل – فإن الله أحق أن يُتجمل له وسبق التنبيه على وجوب ستر الكتفين وهما العاتقان.


2- ومن اللباس المحرم على الرجال خاصة: ما كان أسفل من الكعبين، فقد صحَّ عن النبي [FONT=&quot]r أنه قال: «إزرة المسلم إلى نصف ساقه ولا حرج عليه فيما بينه وبين الكعبين، وما كان أسفل من ذلك – يعني: الكعبين – فهو في النار، ومَن جرَّ ثوبه – أي إزاره – بطرًا لم ينظر الله إليه يوم القيامة». فلا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسبل شيئًا من ثيابه أسفل من الكعبين. قال ابن عمر رضي الله عنهما: «ما قال النبي [FONT=&quot]r[/FONT] في الإزار فهو في القميص» قلت: وكذلك السراويل والعباءة والبنطلون والبشوت ونحوها، فقد توعَّد النبي [FONT=&quot]r[/FONT] المُسبِل بالنار، ولا وعيد إلا على فعل محرَّم وكبيرة من الكبائر.[/FONT]


وفي صحيح مسلم عن أبي ذر [FONT=&quot]t أن النبي [FONT=&quot]r[/FONT] قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم». قالها ثلاثًا، فقال أبو ذر: خابوا وخسروا. مَن هم يا رسول الله؟ قال: «المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب». ودخل غلام من الأنصار على عمر [FONT=&quot]t[/FONT] حين طُعن يثني عليه ويهنئه بالشهادة، فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض، فقال: ردوا عليَّ الغلام، فردوه عليه، فقال: «يا ابن أخي! ارفع ثوبك فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك».[/FONT]


3- ومن الألبسة المحرمة أيضًا: ما شاع عند عامة الناس اليوم؛ حيث يُلبسون بناتهم ونساءهم لباسًا قصيرًا أو شفافًا يصف لون البشرة، أو ضيِّقًا يبين تقاطيع الجسم وحجم الأعضاء، وهذا هو لباس أهل النار كما بيَّن ذلك النبي [FONT=&quot]r حيث ذكر أحد أصناف أهل النار، فقال: «نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا» [رواه مسلم].[/FONT]


فإن هذا من شر اللباس، فإنه يعري المرأة من الحياء، ويجعلها فاتنة مفتونة، وهو من عادات الضُلاَّل من اليهود والنصارى وعُبَّاد الأوثان – والصغيرات من البنات ينبغي أن ينشأن على ما عليه الكبيرات من اللباس الساتر والبُعد عن التشبُّه بالكافرات والعاهرات فإنَّ من شبَّ على شيء شاب عليه غالبًا إلا بمؤثِّر قوي.


وكذلك من اللباس المحرم: ما فيه صور لذوات الأرواح، فإن النبي [FONT=&quot]r دخل على عائشة رضي الله عنها فرأى وسادة فيها تصاوير، فقام على الباب ولم يدخل، فعرفت عائشة رضي الله عنها في وجهه الكراهة، فقالت: يا رسول الله! أتوب إلى الله وإلى رسوله، ماذا أذنبت؟ فقال: «إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، فيُقال: أحيوا ما خلقتم، ثم قال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة» [متفق عليه]. وأَمَرَ بهتك الستر الذي فيه الصور.[/FONT]


فلا يجوز لمسلم أو مسلمة أن يلبس ما فيه صور، أو يلبسه ولده من ذكر أو أنثى، وكذلك ما فيه التصاليب، إلا أن يكون ممتهنًا، ولا تحل الصلاة فيه، فمن صلَّى بثوب فيه صورة فلا صلاة له، إلا إن كان لا يدري، وهكذا كل مَن صلَّى في ثوب محرَّم فلا صلاة له عند جماعة من أهل العلم، وتصح عند الآخرين مع الإثم، بل يجب طمس الصورة بحيث لا تبقى معها الروح، فإن كانت الصورة مجسدة قطع رأسها، وإن كانت نقشًا طمس بصبغ أو تطريز، ففي صحيح مسلم عن علي [FONT=&quot]t قال لأبي الهياج الأسدي: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله [FONT=&quot]r[/FONT]؟ أن لا تدع تمثالاً – وفي لفظ: صورة – إلا طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته» [رواه مسلم].[/FONT]


5- ومن اللباس المحرم: مشاركة بعض الرجال للنساء فيما خصهن الله به من الزينة كالحلي، فقد صحَّ أن النبي [FONT=&quot]r أخذ حريرًا وذهبًا فقال: «هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم». فالحلي زينة للنساء يكمل به خلقهم ويتجملن به لأزواجهن، قال تعالى: [FONT=&quot]}[/FONT]أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ[FONT=&quot]{[/FONT][الزخرف: 18].[/FONT]


فالمرأة ضعيفة تحتاج إلى الزينة... وتجد مع الأسف الشديد من الرجال مَن يتنازل عن رجولته ،ويهجر ما فيه كماله من شهامة وكرم ونظر فيما يصلح دينه ودنياه، ويشابه النساء بلبس خاتم من ذهب يسمونه الدبلة، أو سلسالاً من ذهب في عنقه كأنه قلادة، أو يجعلون من الذهب أزراراً مرصعة في جيوبهم، والذهب محرم على الرجال متوعد عليه بأشد الوعيد، فإن لبس الرجال له من الكبائر.


ففي صحيح مسلم أن النبي [FONT=&quot]r رأى خاتمًا من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه وقال: «يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده». ورأى النبي [FONT=&quot]r[/FONT] رجلاً آخر في يده خاتم من ذهب فأعرض عنه وقال: «إنك جئتني في يدك جمرة من نار».[/FONT]


وفي مسند أحمد عن النبي [FONT=&quot]r قال: «مَن مات من أمتي وهو يتحلى بالذهب حرم الله عليه لبسه في الجنة».[/FONT]
وفّق الله الجميع لما يحب ويرضى، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



* * * *
[/FONT]
 
بآرك الله فيك

في ميزان حسنآتك إن شأء الله

 
موضوع في القمة خويا
بارك الله فيك
+ تقييم
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top