رد البلاء بالاستغفار

seifellah

:: عضو بارز ::
أوفياء اللمة
رد البلاء بالاستغفار



المقدمـة

الحمد لله غافر الذنب وقابل التوبة، ومكفر السيئات، يفرح لتوبة عباده أشد ما يفرح أحدنا إذا وجد ضالته .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .. أما بعد:


الإنسان في هذه الحياة له غاية يسعى إليها ويتجه نحوها وقد علمَّنا ربنا - سبحانه- أن الإنسان يجب أن تكون غايته - الله- يتجه إليه - سبحانه - ويسعى للوصول إليه عن طريق الكمال الذي يتحلَّى به حتى تسمو نفسه وتتهذب مداركه .. يقول الله -تعالى: [FONT=&quot]}فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ[FONT=&quot]{[/FONT]([1]). وفرار الإنسان إلى الله يكون بذكر الله والاستغفار والتضرع إليه بما علمنا في كتابه وعلى ألسنة رسله وأنبيائه الهداة المصلحين، ونظرا لأن في الآخرة ثوابا وعقابا فعلى الإنسان أن يفر من معصية الله إلى طاعته؛ ليفوز بثواب الله وينجو من عقابه في بوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.[/FONT]


أخي القارئ .. المعاصي قد تكثَّرت والذنوب قد توفَّرت، والشيطان اللعين مشغول فيما قال أمام رب العالمين بالحلف الأكيد: [FONT=&quot]}فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ[FONT=&quot]{[/FONT]([2])، ففعل فعلته التي فعل من أمام وخلف ومن يمين وشمال حتى أضل منَّا جبلًّا كثيرا: [FONT=&quot]}[/FONT]ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ[FONT=&quot]{[/FONT]([3]).
[/FONT]


فالواجب على العبد المؤمن أن لا يعصي ربه تعالى طرفة عين، ولو عصى بما استذله الشيطان أو أمرته نفسه الأمارة بالسوء بالعصيان، فإنه لا يقنط من رحمة الله ولا ييأس من مغفرة مهما عصى وازداد في الإثم، ويبادر إلى التوبة والاستغفار وتجهيزها للموت والاستعداد له.


أخي المسلم: إن علامة الاهتداء إلى الطريق القويم السليم، تقديم العمل الصالح، وهو ما كان خالصا لله تعالى، ومجرد الإيمان وإن كان يمنع المؤمن الخلود في النار ويدخله الجنة، لكن العمل يزيد نور الإيمان، وبه يتنور قلب المؤمن، فنور قلبك ووجهك بالطاعة والعمل الصالح.


قال موسى –عليه السلام- يا رب أي عبادك أعجز؟ قال: الذي يطلب الجنة بلا عمل، قال: وأي عبادك أبخل؟ قال: الذي سأله سائل وهو يقدر على إطعامه ولم يطعمه.


فإن الله عز وجل أمر عباده بالتوبة والاستغفار وسمَّى ووصف نفسه بالغفار والغفور وغافر الذنب. وأثنى على المستغفرين ووعدهم بجزيل الثواب، ويرضى عن المستغفر الصادق؛ فالاستغفار هو الدواء الناجع والعلاج الناجح من الذنوب والخطايا .. قال تعالى: [FONT=&quot]}وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[FONT=&quot]{[/FONT]([4]). إذاً أي شيء قدمت من الأعمال ليوم القيامة؟[/FONT]


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبي هريرة –رضي الله عنه: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله تعالى بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم». وقال في موضع آخر: «كل بيني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون».


وإن كثير من الناس يعتقدون أن الاستغفار يكون باللسان يقول أحدهم: "استغفر الله"، ثم لا يوجد لهذه الكلمات أثر في القلب كما لا يُشاهد لها تأثير على الجوارح ومثل هذا الاستغفار في الحقيقة فعل الكذَّابين قال الفضيل بن عياض –رضي الله عنه: "استغفار بلا إقلاع عن الذنب توبة الكذَّابين".


جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم ارحمنا إذا عرق الجبين وكَثُر الأنين، وبكى علينا الحبيب ويئس منا الطبيب .. اللهم ارحمنا إذا وارانا التراب، وودعنا الأحباب، وفارقنا النعيم. اللهم يا حي يا رحمن يا رحيم برحمتك نستعين، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.



[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) سورة الذاريات آية 50.[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]) سورة ص: 82-83.[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]) سورة الروم: 41.[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot]) سورة الروم: 41.[/FONT]
 
الاستغفار في اللغة والاصطلاح

لغة: الاستغفار مصدر قولهم: استغفر يستغفر وهو مأخوذ من مادة (غ ف ر) التي تدل على الستر في الغالب الأعم فالغفر الستر، والغفر والغفران بمعنى واحد يقال: غفر الله ذنبه غفرا ومغفرة وغفرانا، قال الشاعر في الغفر:


في ظل من عنت الوجوه له



ملك الملوك ومالك الغفر


وقال ابن منظور: وإنك أنت الغفور الغفار يا أهل المغفرة.


غفر الله ذنوبه أي سترها واستغفر الله من ذنبه ولذنبه بمعنى، فغفر له ذنبه مغفرة وغفرا وغفرانا.


وفي الحديث: غفَّار غفر الله لها: قال ابن الأثير: يحتمل أن يكون دعاء لها بالمغفرة أو إخبار أن الله تعالى قد غفر لها، واستغفر الله ذنبه على حذف الحرف، طلب منه غفره.


أنشد سيبويه:



استغفر الله ذنبا لست محصيه



رب العباد إليه القول والعمل


وتغافرا: دعا كل واحد منهما لصاحبه بالمغفرة. وامرأة غفور، بغير هاءٍ([1]). وقال الراغب الأصفهاني: الغفر: إلباس ما يصونه عند الدنس ومنه قيل: أغفر ثوبك في الدعاء واصبغ ثوبك فإنه اغفر للوسخ، والغفران والمغفرة من الله أن يصون العبد من أن يمسه العذاب، والاستغفار طلب ذلك بالمقال والفعال، وقيل: اغفروا الأمر بغفرته، أي استروه بما يجب أن يستر به([2]).


وقال الإمام الغزالي - رحمه الله - الغفار: هو الذي يظهر الجميل ويستر القبيح، والذنوب من جملة القبائح التي سترها الله بإسبال الستر عليها في الدنيا، والتجاوز عن عقوبتها في الآخرة، والغفر هو الستر.


الغفور والغفار وغافر الذنب من أسماء الله تعالى الحسنى التي تُضَم إلى التسعة والتسعين أسما.
* * *

أما الاستغفار في الاصطلاح الشرعي:

تنوعت عبارات العلماء في تعريف الاستغفار، وتعددت كلماتهم فيه، وكلها تهدف إلى الكشف عن حقيقة وبيان معناه الشرعي فالاستغفار من طلب الغفران، والغفران: تغطية الذنب بالعفو عنه، الغفر الستر، ومنها قال الطبري –رحمه الله- "الاستغفار معناه: طلب العبد من ربه غفران ذنوبه"([3]) لكن يرد على هذا التعريف أنه لم يبين الأدعية التي يطلب بها الغفران، فتعريفه هذا تعريف مطلق، فأي استغفار دعا به المستغفر سواءً كان مأثوراً عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أو غير مأثور عنهما فإن هذا التعريف يشمله.


وقال أهل الكلام: "الاستغفار طلب المغفرة بعد رؤية قبح المعصية، والإعراض عنها".


وعرفه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: "الاستغفار هو طلب المغفرة، وهو من جنس الدعاء، والسؤال، وهو مقرون بالتوبة في الغالب، ومأمور به، لكن قد يتوب الإنسان ولا يدعو، وقد يدعو ولا يتوب"([4]).


والاستغفار في القرآن الكريم على وجهين: أحدهما نفس الاستغفار، ومنه في سورة هو: [FONT=&quot]}وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ[FONT=&quot]{[/FONT]([5]). وفي سورة يوسف: [FONT=&quot]}[/FONT]وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ[FONT=&quot]{[/FONT]([6]). وفي سورة نوح: [FONT=&quot]}[/FONT]اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ[FONT=&quot]{[/FONT]([7]).[/FONT]


والثاني: الصلاة ومنه سورة آل عمران: [FONT=&quot]}وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ[FONT=&quot]{[/FONT]([8]). وفي سورة الأنفال: [FONT=&quot]}[/FONT]وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ[FONT=&quot]{[/FONT]([9])، وفي سورة الذاريات: [FONT=&quot]}[/FONT]وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ[FONT=&quot]{[/FONT]([10])، وقد ذهب إلى أن الآية التي في سورة هود والتي في سورة نوح بمعنى التوحيد([11]).[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) لسان العرب (5/25-26.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]) المفردات في غريب القرآن للأصفهاني (362).[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref3[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]) تفسير الطبري 26/68.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref4[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot]) منهاج السنة النبوية لابن تيمية: 2/ 180-181.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref5[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot]) سورة هود: 90.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref6[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot]) سورة يوسف: 29.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref7[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot]) سورة نوح: 10.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref8[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot]) سورة آل عمران: 17.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref9[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot]) سورة الأنفال: 33.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref10[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot]) سورة الداريات: 18.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref11[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][11][/FONT][FONT=&quot]) سورة ق، والقرآن المجيد، ص845، مدينة الطيبات العالمية للعلوم والمعرفة، جدة.[/FONT]
 
اللهم صلّ وسلّم على سيدنا محمد
أستغفر الله العظيم وأتوب إليه
بآرك الله فيك أخي الكريم
 
تعبير الاستغفار في الرؤية([1])


استغفار الإنسان في المنام يدل على سعة الرزق، ومن استغفر من غير صلاة يدل ذلك على الزيادة في العمر، وربما دل الاستغفار على النصر ودفع البلايا، ومن رأى أنه يستغفر الله فإن الله يغفر له ويرزقه مالا وولدا وخادما وجنانا وأنهارا. فإذا رأى أنه سكت عن الاستغفار فإنه منافق ومن رأى كأنه يستغفر الله تعالى رُزق مالا حلالا وولدا. فإن رأى كأنه فرغ من الصلاة ثم استغفر الله تعالى ووجهه إلى القبلة فإنه يستجاب وعاؤه، وإن كان إلى غير القبلة يذنب ذنبا ويتوب عنه.. والله أعلم.




الاستغفار في البيان الإلهي([2])




أمر الله –عز وجل- عباده بالاستغفار وحثهم عليه ووعدهم على ذلك بالمغفرة والثواب العظيم، والعطاء الجزيل، ومن أصدق من الله قيلا نذكر منها ما يلي:

* قال تعالى: [FONT=&quot]}غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ[FONT=&quot]{[/FONT]([3]).[/FONT]


الشـرح:


الله غافر ذنوب المستغفرين، وقابل توبة التائبين، الذي يرحم المنيبين، وهو شديد العقاب على من تجاوز حدوده واستهان بأمره وأصر على ذنبه، وهو صاحب التفضل على العباد وصاحب الإنعام على الخليقة، لا معبود بحق سواه ولا إله غيره، ولا شريك له، إليه يعود الخلق لإحقاق الحق ومجازاة كل بما يستحق.

* وقال تعالى: [FONT=&quot]}فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ[FONT=&quot]{[/FONT]([4]).[/FONT]


الشـرح:


أيها الرسول أصبر على تكذيب الكفار وأذى الفجار، فإن الله وعدك بالنصر والتمكين والرفعة، وهو –سبحانه- لا يخلف ما وعد، بل يُنجزه لك وقد حصل هذا، وعليك بالاستغفار من الذنوب، فبالاستغفار تنال رضى الواحد القهار وتنجو من الأخطار، ونزِّه ربك ومجِّده بالتسبيح الذي تنفي فيه النقص عن الله المقرون بالحمد الذي هو إثبات الكمال له سبحانه في كل مساء وكل صباح.

* وقال تعالى: [FONT=&quot]}فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ[FONT=&quot]{[/FONT]([5]).[/FONT]


الشرح:


فاعلم –أيها الرسول- أنه لا يستحق العبادة إلا الله، وأنه لا شريك له، واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات، والله يعلم حركتكم بالنهار في الأعمال، واستقراركم بالليل للراحة من الأشغال، وفي الآية الجمع بين التوحيد والاستغفار والعلم والعمل.

* وقال تعالى: [FONT=&quot]}وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ[FONT=&quot]{[/FONT]([6]).[/FONT]


الشرح:


بادروا –أيها المؤمنون- وعجلوا- أيها المتقون- ما يوجب لكم مغفرة ربكم وما تستحقون به دخول جنة مولاكم إلى جنة عرضها عرض السموات والأرض، والفوز برضوانه ونيل النعيم الذي أعده لأوليائه، وذلك بفعل الطاعات وترك المحرمات، فإن من عمل صالحا وأكل حلالا وقال خيرا، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وسابق في الخيرات استحق أن يتجاوز الله –عز وجل- عن سيئاته، وأن يُعظم حسناته، ويرفع درجاته في جناته.

* وقال تعالى: [FONT=&quot]}وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ[FONT=&quot]{[/FONT]([7]).[/FONT]


الشرح:


ومن صفات هؤلاء المتقين أنهم إذا ارتكبوا كبيرة أو اقترفوا جريرة وظلموا أنفسهم باعتدائهم على غيرهم، عادوا إلى ربهم سبحانه فتذكروا عقابه وما أعد لمن عصاه فاستغفروا الله من الخطيئة، وسألوه المغفرة، وندموا على ما فعلوا، وتأسفوا عمَّا اقترفوا، وعلموا أنه لا يغفر الذنب، ولا يتجاوز عن الخطأ، ولا يعفو عن السيئة إلا الله الواحد الأحد، ولم يداوموا على هذه المعاصي، ولا يَلِجوا في الخطأ، ولا يستمروا على الذنب، ولا ينهمكوا في الإجرام، بل أصبح عندهم من القلق والاضطراب والأسف والندم على ما فعلوا ما يوجب معرفتهم بقبح الذنب، ويعلمهم أنه يجب عليهم التوبة، ويعلمهم أن الله يغفر الذنوب جميعا، فيحملهم ذلك على التوبة والاستغفار والمبادرة إلى طلب العفو من العزيز الغفار.

* وقال تعالى: [FONT=&quot]}وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا[FONT=&quot]{[/FONT]([8]).[/FONT]


الشرح:


وعليك أن تستغفر ربك إن كنت هممت أن تُدافع عن خائن أو تجادل عن منافق، فإن الله –سبحانه وتعالى- يتجاوز عن خطئك، ويغفر لك ويرحمك، وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك، وما تأخر، وفيه أن من وقع منه مثل هذه النية، فعليه أن يستغفر ربه ويتوب إليه جل في علاه.

* وقال تعالى: [FONT=&quot]}وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا[FONT=&quot]{[/FONT]([9]).[/FONT]


الشرح:


ولكن المسلم إذا وقع منه السوء وظلم نفسه بارتكاب معصية، ثم ندم واستغفر وأناب وتأسف على ما فعل وعاد إلى ربه بطلبه الغفران منه يجد ربه كريما، فإن الله أكرم من العبد، رحيم يتجاوز عنه ويقابل الإساءة بالإحسان، والمعصية بالغفران، ويتغمده بالرضوان، ويسكنه الجنان، فلا أحسن من التوبة إلى الله، ولا من استغفاره جل في علاه. والآيات في الاستغفار كثيرة ومعروفة فقط أوردنا بعض الآيات مع الشرح.

الاستغفار في البيان النبوي

ومن الأحاديث الواردة في الاستغفار حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستغفر ربه ويتوب إليه ويتضرع بين يديه امتثالا لأمر الغفار –عز وجل- في قوله: [FONT=&quot]}فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا[FONT=&quot]{[/FONT]([10]).[/FONT]


* فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة»([11]).


* وروي في سنن أبي داود والترمذي عن ابن مسعود –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غُفرت ذنوبه وإن كان قد فرَّ من الزحف»([12]).


* وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله تعالى بكم، ولجاء بقوم يُذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم»([13]).


* وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة –رضي الله عنها-: «إن كنت أَلممت فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه، ثم تاب، تاب الله عليه»([14]).


* وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خيار أمتي الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وإني رسول الله، الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤوا استغفروا. وشرار أمتي الذي ولدوا في النعيم فلُذُّوا به، إنما همتهم ألوان الطعام والثياب ويتشدَّقون في الكلام»([15]).


* وعن حذيفة بن اليمان –رضي الله عنه- قال: كان في لساني ذَرَبٌ([16]).


* وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، وإن زاد حتى يعلو قلبه ذاك الران الذي ذكره الله عز وجل في القرآن: [FONT=&quot]}بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[FONT=&quot]{[/FONT]([17]) ([18]).[/FONT]


* وفي حديث عبد الله بن عمرو –رضي الله عنه- أن أبا بكر –رضي الله عنه- قال: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم»([19]).


* بالاستغفار يُودع الميت: لذا فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت. وقف عليه فقال: «استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يُسأل»([20]).


* وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله –عز وجل- ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا رب أن لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك»([21]).
[FONT=&quot]
[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) تعطير الأنام في تعبير المنام، الشيخ عبد الغني النابلسي، ص28-29، دار المعرفة بيروت.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]) الشروح مقتبسة من كتاب التفسير الميسر للشيخ عائض القرني، مكتبة العبيكان، الرياض.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref3[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]) سورة غافر: 3.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref4[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot]) سورة غافر: 55.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref5[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot]) سورة محمد: 19.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref6[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot]) سورة آل عمران: 133.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref7[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot]) سورة آل عمران: 135.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref8[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot]) سورة النساء: 106.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref9[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot]) سورة النساء: 110.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref10[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot]) سورة النصر: 3.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref11[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][11][/FONT][FONT=&quot]) رواه البخاري.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref12[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][12][/FONT][FONT=&quot]) قال الحاكم: حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref13[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][13][/FONT][FONT=&quot]) رواه مسلم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref14[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][14][/FONT][FONT=&quot]) رواه البخاري.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref15[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][15][/FONT][FONT=&quot]) رواه أبو نعيم في الحلية: 6/120.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref16[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][16][/FONT][FONT=&quot]) الذرب: الحاد. واللسان الذرب: الشتَّام الفاحش الذي لا يبالي ما قال.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref17[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][17][/FONT][FONT=&quot]) سورة المطففين: 14.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref18[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][18][/FONT][FONT=&quot]) رواه الإمام أحمد في مسنده: 2/297، واللفظ له، وابن ماجه في السنن.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref19[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][19][/FONT][FONT=&quot]) رواه مسلم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref20[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][20][/FONT][FONT=&quot]) رواه أبو داود.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref21[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][21][/FONT][FONT=&quot]) رواه الإمام أحمد.[/FONT]
 
تعزَّ بأهل البلاء

تَلفَّتْ يُمنة ويُسرى، فهل ترى إلا مُبتلى؟ وهل تشاهد إلا منكوبا في كل دار نائحة، وعلى كل خدٍّ دمعٌ وفي كل واد بنو سعد.


كم من المصائب، وكم من الصابرين، فلست أنت وحدك المصاب، بل مصابك أنت بالنسبة لغيرك قليل، كم من مريض على سريره من أعوام، يتقلب ذات اليمين وذات الشمال، يئن من الألم، ويصيح من السقم.


كم من محبوس مرَّت به سنوات ما رأى الشمس بعينه، وما عرف غير زنزانته؟ كم من رجل وامرأة فقدا فَلَذَات أكبادهما في ميعة الشباب وريعان العمر؟ وكم من مكروب ومدين ومصاب ومنكوب.


آن لك أن تتعظ بهؤلاء، وأن تعلم علم اليقين أن هذه الحياة سجن للمؤمن ودار للأحزان والنكبات، تُصبح القصور حافلة بأهلها وتمسي خاوية على عروشها، يبنيها الشمل مجتمع والأبدان في عافية، والأموال وافرة، والأولاد كثر، ثم ما هي إلا أيام فإذا الفقر والموت والفراق والأمراض. قال تعالى: [FONT=&quot]}وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ[FONT=&quot]{[/FONT]([1]).[/FONT]


فعليك أن توطِّن مصابك بمن حولك، وبمن سبقك في مسيرة الدهر، ليظهر لك أنك معافى بالنسبة لهؤلاء، وأنه لم يأتك إلا وخزاتٌ سهلة، فاحمد الله على لطفه، واشكره على ما أبقى، واحتسب ما أخذ واتعظ بمن حولك ولك في الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة وقد وُضع السَّلى على رأسه، وأُدميت قدماه وشُجَّ وجهه، وحُوصر في الشِّعْب حتى أكل ورق الشجر، وطرد من مكة، وكسرت ثنيته، ورُمي عرض زوجته الشريفة، وقُتل سبعون من أصحابه، وفقد ابنه، توفي أكثر بناته في حياته، وربط الحجر على بطنه من الجوع واتُّهم بأنه شاعر ساحر كاهن مجنون كاذب، صانه الله من ذلك، وهذا بلاء لابد منه وتمحيص لا أعظم منه، وقد قُتل زكريا، وذُبح يحيى، وهُجر موسى. ووضع الخليل في النار، وسار الأئمة على هذا الطريق فضُرِّج عمر بدمه واغتيل عثمان، وطُعن عليٌّ وجُلدت ظهور الأئمة وسُجن الأخيار ونُكِّل الأبرار قال تعالى: [FONT=&quot]}أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا[FONT=&quot]{[/FONT]([2]) ([3]).[/FONT]



http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) سورة إبراهيم: 45.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]) سورة البقرة: 214.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref3[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]) هكذا هزموا اليأس، سلوى العضيدان، ص196، ط1- 1428هـ- 2007م –الناشر نفسها.[/FONT]
 
url
 
توقيع ♫الباحثة عن الحظ♫
واجب المؤمن نحو الشدائد الخمس([1])





إذا كان هذا حال هذه الشدائد الخمس في حياة المسلم، فإنه يجب عليه أمور تجاه هذه الشدائد، وذلك حتى يسلم منها، وينجو من أذاها، أو تفادى أذاها ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وعند النظر والتأمل، فإن المؤمن لابد من أمور تُحصِّنه من هذه الشدائد الخمس، ليسلم منها، وهذه الأمور المطلوبة منه، نذكره بها هنا كما يلي:


أولا: اللجوء إلى الله تعالى:


ذلك أن من لجأ إلى الله تعالى واستجار بحماه أجاره وحماه، وأبعد عنه كل ما يخيفه، ذلك لأن هذه الشدائد المذكورة لا يسلم منها إلا الله ولا يُنجي منها سواه، أليس هو الذي يندب عباده إلى الفرار إليه [FONT=&quot]}فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ[FONT=&quot]{[/FONT]([2]). أليس هو الذي تعهد بكشف الضُّرِّ والسوء [FONT=&quot]}[/FONT]وَيَكْشِفُ السُّوءَ[FONT=&quot]{[/FONT]([3]).[/FONT]


أليس هو الذي يصرف عن عباده كل ما يخيفهم في الدنيا والآخرة؟ إن واجبهم أن يلجأوا إليه سبحانه في كل لحظة وحين، لأن المدافع عن الدين والحافظ له، والذي خلَّص الدعاة إلى الله تعالى من الفتن هو الله، ومن يستجير بحماه يُجار، ومن يرفع ظلامته إليه يُنصف، ومن يوكل أمره إليه يَسلم، ومن أولى باللجوء إليه من الله؟ ومن أعرف بطريق الله من المؤمن؟ ومن أحرى منه باللجوء إلى ربه سبحانه وتعالى؟ ليخلصه من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، ويؤمن روعته في يوم يراع فيه الناس إلى من رحم الله.


ثانيا: الصبر:


لابد لمن بلي بهذه الشدائد الخمس من صبر يتزود به، ويعينه على لأواء الطريق – وخاصة لأن بعض هذه الشدائد قد تأتيه ممن لا يحل له قتله كالمؤمن الذي يحسده، والمنافق الذي يبغضه، وهذا يحوجه إلى مزيد صبر حتى يضيع على هؤلاء فرصتهم في أذاه، ويعمل على الخلاص من الأذى الذي مظنة له، وهذا يشمل كل مسلم بشكل عام، والدعاة بشكل خاص؛ لأن هؤلاء أولى الناس بالصبر والتحلي بالأخلاق الفاضلة، وذلك حتى تتم دعوتهم لله.


وتخلص أعمالهم له، وفي نصيحة هؤلاء الدعاة يقول الأستاذ فتحي يكن- حفظه الله: "أما دعاة الإسلام فإن عليهم إن ابتلوا بمن يحسدهم أن يتذرَّعوا بالصبر والصلاة، ويعوذوا بالله من شرور نفوس الناس، وشرور ظلمهم وحسدهم، ولا يخرجنهم الغضب إلى الرد والكيد وإلى اتباع غير سبيل المؤمنين؛ لأنهم بذلك يصبحون مثلهم، ويخسرون تميزهم وخُلقهم ودينهم، والأولى أن ينفقوا مما عندهم من خير ويحتسبوا ما يصيبهم عند الله الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء".


ثالثا: الحذر:


لابد لمن أحاطت به تلك الشدائد الخمس والتي هي ملمات تكسر الظهر وتؤذي النفس، وتعطل العمل من أن يكون حذرا، فيحذر من المؤمن الحاسد أن يؤذيه بحسده، ومن المنافق المبغض أن يؤدي به بغضبه إلى آذه بالكيد والمؤامرات التي يحكيها له في الليل والنهار، ومن الكافر الذي يقاتله بكل وسيلة وفي كل زمان ومكان، ومن الشيطان الذي أخذ عهدا على نفسه أن يعمل على إضلاله ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ومن النفس، تلميذة الشيطان الذي لا تكاد تترك التفلُّت والمنازعة لإطاعة أوامر الشيطان وعصيان أوامر الرحمن.


إن من يحيط به هؤلاء الخمسة لهو أحوج الناس إلى الحذر والحيطة، ليسلم من سهام هؤلاء التي لا تكاد تخطؤه، ولئن كان المسلم الملتزم بحاجة إلى الحذر، فإن أولئك الدعاة أشد الناس حاجة إلى الحذر.


رابعا: العفو:


لابد للمؤمن المبتلى من العفو عمن ظلمه، وخاصة في مواجهة المؤمن الحاسد له، والذي هو أحد الشدائد الخمس المسلطة عليه، والعفو خصلة من كرام خصال المؤمنين، وقد وصف الله تعالى المؤمنين فقال: [FONT=&quot]}وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[FONT=&quot]{[/FONT]([4]).[/FONT]
وندبنا إليه فقال: [FONT=&quot]}وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ[FONT=&quot]{[/FONT]([5]). والعفو أداة مهمة في يد الداعية إلى الله تعالى يستجلب بها القلوب، ويدخل بها إلى النفوس، ويرد بها سهام الحاسدين عن نفسه، وهو أحرى الناس بالعفو عن غيره؛ لأن الناس يأملون منه أكثر مما يؤملون من غيره، ويتوسمون فيه الخير، وإن من الأمور الخيِّرة التي تتوسم فيه عفوه عمن ظلمه وصفحه عنه، وما أحوج الدعاة إلى الله تعالى في هذه الأيام إلى مثل هذه المسألة وتطبيقها عمليا ليسلم لهم قيادة أنفسهم، وبالتالي يسلم الناس إليهم قيادة أمورهم، بما يروا في حياتهم من جوانب القدوة المشرقة التي تجلب الاتباع وتسر المؤمنين، وترد كيد الكافرين، فهذا أمر واجب ينبغي لمن تصدر لدلالة الناس على الله تعالى أن يتمثل بهذا ويعمل به لتُثمر دعوته وتؤتي أكلها في حياة الناس والله المستعان.[/FONT]


خامسا: تربية النفس:


لابد للمؤمن الذي تحيط به هذه الشدائد الخمس من تربية نفسه تربية صحيحة، وذلك حتى يفوت على هؤلاء الأعداء الخمسة أي فرصة لإيقاع الأذى به، وعند النظر في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نجد أن التربية الصحيحة للنفس لابد أن تسير وفق مسائل ثلاثة، وهذه الأمور هي:


- المحاسبة: حيث يعمل المرء على محاسبة نفسه على كل صغير وكبير.
- المراقبة: وهي أن يراقب المرء نفسه ليمنعها من شهواتها، ومن معصية الله سبحانه وتعالى.
- والمجاهدة: وهي أن يحمل المرء نفسه على الطاعة حملا، ولا يترك لها مجالا لمنازعته نحو المعصية، فإذا تمت له هذه الأمور الثلاثة تسلم نفسه له قيادتها، ويعينه الله عز وجل عليها فإذا استقام حاله، واستوت نفسه، وقل فيه حظ الشيطان. فإنه عندئذ يسلم من تلك الشدائد الخمس.


وينجو من تلك الآفات، وذلك بسبب قربه من ربه سبحانه وتعالى، الذي يمنع عنه كل أذى، ويُبعد عنه كل سوء، ويُسلمه من كل شر، فإذا كان حاله كذلك سلمه الله تعالى من شر المؤمن الحاسد، فأخفاه، ومن شر المنافق الذي يبغضه ويكيد له المكائد، ويخلصه من أذاها له والذي يعينه على شر نفسه ومنازعتها له إلى المعصية، كما يعينه على الخلاص من إضلال الشيطان له. وإبعاده عن طريق الله تعالى، فإذا تربَّت النفس تَحقَّق لها الحماية من كل هذه الشرور والشدائد الخمسة، التي أعجزت بني آدم ولا سلامة منها إلا بالاستعانة بالله تعالى، والله المستعان.


فوائد الشدائد([6]):

الشدائد التي تصيب المسلم في حياته بشتى الصور، لابد لها من فوائد فبالرغم من أنها مكروهة للنفس، إلا أن الله يكفر بها الخطايا، ويرفع بها الدرجات، كما أن الكرب يدفع بالمكروب إلى التوبة، فيلجأ إلى الله وينكسر بين يديه، وهذا الانكسار أحب إلى الله من كثير من العبادات، فما أجمل أن ينكسر المخلوق لله، ويشعر بذلة أمامه، ويشعر بحاجته إليه وافتقاره إلى خالقه، فينقطع إلى الخالق ويترك المخلوق، وهنا يتحقق التوحيد وينتفي من أدران الشرك بأنواعها، ويخلص الإنسان لربه. وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعية إذا نزل بنا الكرب، واشتدت الأمور، وضاقت علينا الأرض بما رحبت فقد جاء في الصحيحين عن ابن عباس –رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم». وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر قال: «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» وقال عليه الصلاة والسلام لأسماء بنت عُميس: «ألا أعلمك كلمات تقولهن عند الكرب: الله ربي لا أشرك به شيئا». وقال عليه الصلاة والسلام: «من أصابه همٌّ أو غمٌّ أو سَقمٌ أو شدةٌ فقال: الله ربي لا شريك له، كشف ذلك عنه» وعن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دعوة المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت». وقال صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون إذ دعا بها في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لا يدعو بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له».

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) فقه الابتلاء، محمد أبو صعيليك، ص10، دار البيارق، عمان- الأردن.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]) سورة الذاريات: 50.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref3[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]) سورة المائدة: 62.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref4[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot]) سورة آل عمران: 142.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref5[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot]) سورة التغابن: 14.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref6[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot]) هكذا هزموا اليأس، سلوى الضيدان، ص 238، ط1، 1428هـ - 2007م.[/FONT]
 
مظاهر الابتلاء

أولا: الابتلاء بالشر:


وله عدة صور منها ما يلي:


1- أن يبتلي الله المؤمن بفقد عزيز عليه كأبيه أو أمه أو ولده.


2- أن يبتلى المؤمن بفقد جزء من جسمه كذهاب بصره، أو سمعه، أو رجله، أو يده.


3- ابتلاء المؤمن بمرض عُضال أو فتاك، أو يُبتلى بالخوف والجوع وضيق الرزق. قال تعالى: إشارة إلى تعدد مظاهر الابتلاء: [FONT=&quot]}وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ[FONT=&quot]{[/FONT]([1]).[/FONT]


4- ومن أعظم ما يبتلى به المؤمن من صور الابتلاء بالشر هي المصيبة في الدين، فهي القاصمة والمهلكة والنهاية التي لا ربح معها، وعموما فإن مصاب الدين لا فداء له، فهو أعظم من مصيبة النفس والمال؛ لأن المال يخلفه الله تعالى، وهو فداء الأنفس، والنفس فداء الدين، والدين لا فداء له([2]) ذلك أن كل مصيبة في دنيا الإنسان قد تعوض بخير منها أو مثلها، أما مصيبة الدين فحسرة لا تُعوَّض([3]).


5- الابتلاء بالسيئات أو المعاصي، وهذه قد تَخفى حكمته على الكثيرين إذ قد يراد به "اختبار الصدق في الإيمان"([4]).


ويشير ابن القيم –رحمه الله- إلى ثمرة هذا الابتلاء بقوله: "لو لم تكن التوبة أحب إلى الله لما ابتلى بالذنب أكرم المخلوقات عليه –آدم عليه السلام- فالتوبة هي غاية كل كمال آدمي وقد كان كمال أبينا آدم –عليه السلام- بها"([5]).


ثانيا: الابتلاء بالخير:


ويقصد به اختبار الله تعالى عبده المسار ليشكره وله صور شتى منها:


1- أن يبتلى العبد بالغنى وكثرة العرض: قال صلى الله عليه وسلم: «فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بُسطت على من كان قبلكم فتَنافِسوها كما تنافسوها وتُلهيكم كما ألهتهم»([6]).


2- ابتلاؤه بزينة الدنيا وزهرتها. قال صلى الله عليه وسلم: « إني مما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها»([7]).


3- الابتلاء بحب الرياسة والجاه، فيطلبها ويحرص عليها فيكون فيها هلاكه. لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة، فنعمت المرضعة، وبئست الفاطمة»([8]).


4- ويدخل في هذا المظهر ابتلاء العبد بالطاعات ليشكر ربه على ما هداه إليه، فضرب الله لنا أروع الأمثلة: بإبراهيم –عليه السلام- لما ابتلاه الله بذبح ولده وفلذة كبده فأراد أن يمضي تلك الطاعة لربه فناداه الله تعالى بقوله: [FONT=&quot]}وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ[FONT=&quot]{[/FONT]([9]).[/FONT]


والابتلاء بالخير هو أشد البلاء؛ لأن القيام بحقوق الصبر أيسر من القيام بحقوق الشكر. فصارت المنحة أعظم البلاءين لهذا قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: "بلينا بالضراء فصبرنا، وبلينا بالسراء فلم نصبر". وقال علي بن أبي طالب –رضي الله عنه-: "من وُسِّع عليه في دنياه فلم يعلم أنه قد مُكر به فهو مخدوع في عقله"([10]).


أخي القارئ: فالبلاء يكون حسنا ويكون سيئا كما أسلفنا وأصله المحنة، والله عز وجل يبلو عبده بالصنيع الجميل ليمتحن شكره، ويبلو بالبلوى التي يكرهها ليمتحن صبره، عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتهم بهن، أعوذ بالله أن تدركوهن».


1-لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها إلا فشي بهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا.


2- ولم يقتصوا المكيال والميزان، إلا ابتلوا بالسنين، وشدة المؤنة، وجور السلطان عليهم.


3- ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا.


4- ولم ينقضوا عهد الله ورسوله، إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيدهم.


5- وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا فيما أنزل الله عز و جل إلاجعل الله بأسهم بينهم »([11]).


وبين الله –عز وجل- سبب الابتلاءات، كرغد العيش، أو ضيقه، واعتدال المناخ أو قسوته، كالزلازل والبراكين والفيضانات والأعاصير والقحط، وما أشبه ذلك في قوله تعالى: [FONT=&quot]}ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[FONT=&quot]{[/FONT]([12]).[/FONT]


أي ظهرت المعاصي في البر والبحر. فحبس الله عن الناس الغيث وأغلى سعرهم ليذيقهم عقاب بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون([13]).


قيل: "إن الله يبتليهم بنقص الأموال والأنفس والثمرات اختبارا لهم ومجازاة على صنيعهم، لعلهم يرجعون عن المعاصي".


سؤال([14])، لم شدد البلاء على الأفاضل؟


الجواب: قيل لأن الله تعالى يبغض الدنيا، وامتحن الأولياء فيها كي لا يميلوا إليها وهي مبغوضة وأيضا ليكثر الأجر لهم.


فإن قيل: لم حجب عنهم الدنيا؟


قيل: ليتفرغوا لطاعته ولا يشتغلوا بها عنه فتحملهم على المعصية، فربما تكون النعمة سببا للمعصية، لقوله تعالى: [FONT=&quot]}فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ[FONT=&quot]{[/FONT]([15]).[/FONT]



http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) سورة البقرة: 155.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]) انظر تسلية أهل المصائب لأبي عبد الله المنجي، ص19.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref3[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]) الإيمان والحياة للدكتور الشيخ يوسف القرضاوي، ص196.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref4[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot]) موسوعة نضرة النعيم، ص12.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref5[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot]) ***** دار السعادة لابن قيم، ج1، ص286.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref6[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot]) صحيح البخاري.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref7[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot]) صحيح البخاري.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref8[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot]) صحيح البخاري.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref9[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot]) سورة الصافات: 104-106.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref10[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot]) بصائر ذوي التمييز للفيروز آبادي، ج2، ص275.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref11[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][11][/FONT][FONT=&quot]) سنن ابن ماجه، كتاب الفتن، باب العقوبات، ص911، حديث رقم: 4019.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref12[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][12][/FONT][FONT=&quot]) سورة الروم: 41.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref13[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][13][/FONT][FONT=&quot]) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ج14، ص141.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref14[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][14][/FONT][FONT=&quot]) كشف الأسرار عما خفي عن الأفكار، شهاب الدين الأقفهسي، تحقيق محمد خير رمضان يوسف، ص60، ط1، 1426هـ - 2005م. دار ابن حزم، بيروت.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref15[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][15][/FONT][FONT=&quot]) سورة الأنعام: 44.[/FONT]
 
الابتلاء سنة من سنن الله في حياة الناس


رغم أن البلاء والابتلاء سنة ربانية في حياة البشر قال تعالى: [FONT=&quot]}لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا[FONT=&quot]{[/FONT]([1])، إلا أنه ليس للمسلم أن يسأل الله الابتلاء أو يتمناه فقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نفعل ذلك فقال: «لا تتمنوا لقاء العدو، فإنكم لا تدرون لعلكم تبتلون به، ولكن قولوا اللهم أكفناهم، وأكفف بأسهم»([2]).[/FONT]


لذا جعل الله عز وجل الابتلاء والمحن سنة في حياة الناس، قال تعالى: [FONT=&quot]}أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ[FONT=&quot]{[/FONT]([3]).[/FONT]


وفي التعقيب على هذه الآية يقول الأستاذ سيد قطب –رحمه الله تعالى- "هذه الفتنة على الإيمان أصل ثابت، وسنة جارية في ميزان الله سبحانه" ويقول أيضا: "أنها سنة العقائد والدعوات، لابد من بلاء ولابد من أذى في الأموال والأنفس، ولابد من صبر ومقاومة واعتزام، إنه الطريق إلى الجنة، وقد حُفت الجنة بالمكاره، بينما حُفت النار بالشهوات"([4]).


وفي تفسير هذه الآية: أظن العباد أنهم إذا قالوا: آمنا تركوا على هذه الدعوة لم يختبروا ويبتلوا؟ بلى سوف يختبرون بالبلاء ليظهر الصادق من الكاذب، ولقد امتحن الله الأقوام السابقين بإرسال الرسل إليهم، فظهر علم الله في صدق الصادق في إيمانه، وكذب الكاذب في دعواه([5]).


نزول البلايا بين المؤمن وغيره


نزول البلايا والمصائب لا يُختص به أحد دون أحد، فقد تنزل بالبر والفاجر، والمسلم والكافر.


ولكن فرق بين نزولها على البر المؤمن، وبين نزولها على الفاجر أو الكافر، فالمؤمن البارُّ يستقبلها برضا وسرور، فترتفع بها درجاته في الدنيا والآخرة.


وكلما زيد في بلاء المؤمن فصبر واحتسب ورضي –أعانه الله- ولطف به وأنزل عليه من السكينة والرضا، واليقين، والقوة ما لا يخطر ببال.


أما الفاجر والكافر، فيستقبلها بهلع، وجزع، فتزداد مصائبه، وتكون من عاجل العقوبة له. قال عمر بن العزيز –رضي الله عنه-: "أصبحت ومالي سرور إلا في مواضع القضاء والقدر، إن تكن السراء فعندي الشكر، وإن تكن الضراء فعندي الصبر"([6]).


أخي القارئ: ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، جف القلم بما أنت لاق ولا حيلة لك في القضاء. فالبلاء يقرب بينك وبين الله ويعلمك الدعاء، ويذهب عنك الكبر والعجب والفخر.


وأعلم إنك لست الوحيد في البلاء، فما سلم من الهمِّ أحد وما نجا من الشدة بشر. وتقين أن الدنيا دار مِحن وبلاء ومُنغصات وكدر فاقبلها على حالها واستعن بالله.


ولا تجزع من المصائب، ولا تكترث بالكوارث، ففي الحديث: «إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط»([7]).


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يزال بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة»([8]).



الخشية والخوف من الله من أسباب مغفرة الذنوب([9])

حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة، حدثنا عبد الملك، عن ربيعي بن حراش، قال: قال عقبة بن عمر لحذيفة: ألا تحدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إني سمعته يقول: «إن رجلا كان فيمن كان قبلكم، أتاه الملك ليقبض روحه، فقيل له: هل عملت من خير؟ قال: ما أعلم، قيل له: انظر، قال: ما أعلم شيئا غير أني كنت أبايع الناس في الدنيا، وأجازيهم فأنظر الموسر، وأتجاوز عن المعسر، فأدخله الله الجنة» قال: وسمعته يقول: «إن رجلا حضره الموت، فلما يئس من الحياة، أوصى أهله - إذا أنا مت، فأجمعوا لي حطبا كثيرا وأوقدوا فيها نارا، حتى إذا أكلت لحمي، وخلصت إلى عظمي، فامتحشت فخذوها فاطحنوها، ثم انتظروا يوما راحا: فاذروه في اليوم ففعلوا، فجمعه الله، فقال له: لم فعلت ذلك؟ قال: من خشيتك، فغفر الله له». قال عقبة بن عمرو: أنا سمعته يقول ذاك وكان نباشا.


والشرح المختصر للحديث القدسي المذكور: قوله: وخلصت إلى عظمي، أي وصلت إليه «فامتُحشت» بالبناء للفاعل، أو بالبناء للمفعول أي احترقت.


وقوله: «يوما راحا»: هو بفتح الراء ممدود، وبحاء مهملة منونة، أي كثير الريح. وقوله: «فاذروه» بهمزة وصل، وبذال معجمة، أي طيروه في الريح حتى لا يجتمع.


وقوله: «ففعلوا» أي فعلوا ما أوصاهم به أبوهم. «فجمعه الله»: أي جمع ذراته وأحياه وقال له: «لم فعلت ذلك»؟ أي لم أوصيت بإحراقك وذروك في الريح؟ «قال: من خشيتك» أي فعلت ذلك وأوصيت به يا رب من خشيتك، وخوفا منك، فغفر الله له: «وكان نبَّاشا» أي كان هذا الرجل، مع أنه لم يفعل خيرا نباشا للقبور ويسرق أكفان الموتى وظاهره أن ذلك من قول عقبة، لكن أورد ابن حبان من طريق ربعي عن حذيفة قال: توفي رجل كان نباشا، فقال لولده: "أحرقوني" فهنا سؤال: هل الخوف أفضل أم الرجاء([10]
فالجواب: قال بعضهم: سواء لا يفضل أحدهما على الآخر.


ويقال: ما دام الرجل صحيحا فالخوف أفضل، وما دام مريضا فالرجاء أفضل.


ويقال: الخوف للعاصي أفضل، والرجاء للمطيع أفضل.


ويقال: الخوف قبل الذنب أفضل، والرجاء بعد الذنب أفضل ويقال: الرجاء أفضل لأشياء أربعة:


أحدها: الرجاء إلى فضله، والخوف من عديه، والفضل أكرم من العدل.


والثاني: الرجاء إلى الوعد، والوعد من بحر الرحمة، والخوف من الوعيد والوعيد من بحر الغضب، ورحمته سبقت غضبه.


والثالث: الرجاء من الطاعة، والخوف من المعصية، ومن الطاعة ما يعلو على المعاصي، كالتوحيد.


والرابع: الرجاء بالرحمة، والخوف من الذنوب، والذنوب ذو نهاية، والرحمة لا نهاية لها.
ويقال الخوف أفضل منه، لأنه وعد بالخوف جنتين، ولم يعد بالرجاء إلا جنة واحدة.
وأيضا الخوف يمنع من الذنوب، وترك الذنوب أفضل من فعل الخيرات.
ويقال: من عَبدَ الله بالخوف فهو مؤمن، ومن عبد الله بالرضا فهو مرجئ ومن عبد الله بالحب فهو زنديق، ومن عبد الله بالثلاثة فهو مستقيم.
* * *

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) سورة الملك: 2.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]) رواه البخاري ومسلم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref3[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]) سورة العنكبوت: 2-3.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref4[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot]) في ظلال القرآن: 2/180.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref5[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot]) التفسير الميسر، الشيخ عائض القرني، ص565.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref6[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot]) خواطر، د. محمد بن إبراهيم الحمد، ص158/ ط1، 1428هـ، 2007م، دار ابن خزيمة، الرياض.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref7[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot]) مقالات الشيخ عائض القرني من كتابه لا تحزن.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref8[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot]) مجالس الصالحين، د. عائض القرني.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref9[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot]) سورة الأنعام: 44.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref10[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot]) سورة الأنعام: 44.[/FONT]
 
لو بلغت ذنوبك عنان السماء...؟([1])




عن أنس –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة»([2]).


عنان السماء: قيل هو السحاب، وقيل هو ما عن لك منها، أي ظهر:
وقارب الأرض: وهو ما يقارب ملأها. هذا من الأحاديث القدسية.
وفيه: فضل الدعاء والرجاء. قال تعالى: [FONT=&quot]}وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[FONT=&quot]{[/FONT]([3]).[/FONT]


وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الدعاء مخ العبادة» والرجاء يتضمن حسن الظن بالله، والله تعالى يقول: «أنا عند ظن عبدي بي».


وفيه: الحث على الاستغفار. قال الحسن: أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم، وأسواقكم، ومجالسكم، وأينما كنتم، فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة.


وقال قتادة: إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم، فالذنوب، وأما دواؤكم، فالاستغفار.


وقال إبليس –لعنه الله-: أهلكت بني آدم بالذنوب، وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار.


فما أسعد حال من دوام لا إله إلا الله واستغفر الله. فغاية الكمال لرب العزة والجلال إفراده بالوحدانية وغاية كمال العبد التبرؤ من الحول والقوة، والتطهر من الذنوب والسيئات.

قال بعض العارفين:
استغفر الله مما يعلم الله



إن الشقي لمن لا يرحم الله


ما أحلم الله عمن لا يراقبه



كل مسيء ولكن يحلم الله


فاستغفر الله مما كان من زلل



طوبى لمن كفَّ عما يكره الله


طوبى لمن حُسنت منه سريرته



طوبى لمن ينتهي عما نهى الله


قال ابن القيم –رحمه الله- في معنى قوله: "يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة": يُعفى لأهل التوحيد المحض الذي لم يشوبوه مالا ينبغي لمن ليس كذلك، فلو لقي الموحد الذي لمن يشرك بالله البتة ربه بقراب الأرض خطايا، أتاه بقرابها مغفرة، ولا يحصل هذا لمن نقص توحيده، فإنه التوحيد الخالص الذي لا يشوبه شرك لا يبقى معه ذنب؛ لأنه يتضمن من محبة الله وإجلاله، وتعظيمه، وخوفه، ورجائه، وحده ما يوجب غسل الذنوب، ولو كانت قراب الأرض، فالنجاسة عارضة، والدافع قوي، ومعنى قراب الأرض ملؤها أو ما يقارب ذلك، ولكن هذا مع مشيئة الله عز وجل، فإن غفر بفضله ورحمته، وإن شاء عذب بعدله وحكمته، وهو المحمود على كل حال([4]).


تأثر الحجر الأسود بالذنوب

أخي القارئ: ألا ترى أن الحجر الأسود مع صلابته وقساوته قد تأثر بذنوب بني آدم وخطاياهم، وكان عند نزوله من الجنة أشد بياضا من اللبن، فسودته خطايا بني آدم، كما ورد ذلك في الحديث المروي عن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن؛ فسودته خطايا بني آدم»([5]).


أي صارت ذنوب بني آدم الذين يمسحون الحجر سببا لسواده، والأظهر حمل الحديث على حقيقته إذ لا مانع نقلا ولا عقلا، وقال بعض الشراح، والمعنى: أن الحجر الأسود لما فيه من الشرف والكرامة وما فيه من اليمن والبركة شارك جواهر الجنة فكأنه نزل منها، وأن خطايا بني آدم تكاد تؤثر في الجماد فتجعل المبيض منه أسودا فكيف بقلوبهم. أو لأنه من حيث أنه مكفر للخطايا محَّاءٌ للذنوب كأنه من الجنة، ومن كثرة تحمله أوزار بني آدم صار كأنه ذو بياض شديد فسودته الخطايا.


ومما يؤيد هذا أنه كان فيه نُقَط بيض ثم لا زال السواد يتراكم عليها حتى عمَّها، وفي الحديث: «إذا أذنب نكتت في قلبه نكتة سوداء فإذا أذنب نكتت فيه نكتة أخرى وهكذا حتى يسود قلبه جميعه ويصير ممن قال فيهم: [FONT=&quot]}كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[FONT=&quot]{[/FONT]([6])، والحاصل أن الحجر بمنزلة المرآة البيضاء في غاية الصفاء ويتغير بملاقاة مالا يناسبه من الأشياء حتى يسود لها جميع الأجزاء، وفي الجملة الصحبة لها تأثير بإجماع العقلاء.[/FONT]


قال الحافظ ابن حجر: واعترض بعض الملحدين على هذا الحديث فقال: كيف سودته خطايا المشركين ولم تبيضه طاعات أهل التوحيد؟


وأجيب بما قال ابن قتيبة: لو شاء الله لكان ذلك، وإنما أجرى الله العادة بأن السواد يصبغ ولا ينصبغ على العكس من البياض. وقال المحب الطبري: في بقائه أسود عبرة لمن له بصيرة: فإن الخطايا إذا أثرت في الحجر الصلد فتأثيرها في القلب أشد، ويروي عن ابن عباس –رضي الله عنهما- إنما غيره بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة، فإن ثبت فهذا هو الجواب.


وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا أذنب ذنبا نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب ونزع فاستغفر صقل قلبه، وإن عاد زادت حتى تعلو قلبه فذلك الرَّان الذي ذكره الله».


أخي في الله: إذا كان هذا حال الحجر الصلد الصلب مع حجارته وقساوته يتأثر من خطايا بني آدم فكيف بمضغة لحم لا يتأثر من الأوساخ الشركية والبدعية وبخطايا بني آدم ولا يُران عليه؟ ثم كيف لا يحتاج إلى اغتساله وذهاب أوساخه بالاستغفار والتوبة إلى الله؟ وفقنا الله لذلك آمين.




* * *
[FONT=&quot]
[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) تطريز رياض الصالحين، فيصل بن عبد العزيز آل مبارك، ص1072.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]) رواه الترمذي.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref3[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]) سورة غافر: 60.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref4[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot]) موسوعة روائع الدعاء والأذكار، أحمد بن سالم بادويلان، ص107، دار طويق للنشر والتوزيع.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref5[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot]) رواه أحمد والترمذي.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref6[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot]) سورة المطففين: 14.[/FONT]
 
الأدعية والاستغفار على ألسنة أنبياء الله ورسوله عليهم السلام

1- على لسان نوح –عليه السلام-: [FONT=&quot]}فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا[FONT=&quot]{[/FONT]([1]).[/FONT]


قال القرطبي –رحمه الله- في تفسيره رآهم –أي نوح- عليه السلام- أهل حرص على الدنيا فأمرهم بالاستغفار وكأنه قال لهم: هلموا إلى طاعة الله فإن في طاعة الله درك للدنيا والآخرة([2]).


ويقول ابن كثير –رحمه الله: كأنه قال لهم: أي إذا تبتم إلى الله، واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم، وأسقاكم من بركات السماء وأنبت لكم من بركات الأرض، وأنبت لكم الزرع، وأدرَّ لكم الضرع، وأمدكم بأموال وبنين: أي أعطاكم الأموال والأولاد، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار وخللها بالأنهار الجارية بينها([3]).


وجاء رجل إلى الحسن البصري يشكو إليه الجدوبة فقال: استغفر الله، وشكا إليه آخر الفقر، فقال له: استغفر الله، وقال آخر: ادع الله أن يرزقني ولدا، فقال له: استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه فقال له: استغفر الله فلما قبل له في هذا قال: ما قلت شيئا من عندي- آية الله تعالى يقول: -: [FONT=&quot]}فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا[FONT=&quot]{[/FONT]([4]).[FONT=&quot][/FONT][/FONT]
وهكذا تحقق أن الاستغفار علاج فعال، ودواء سريع لإزالة الكروب، وإذهاب كل ضيق، بيد أنه استغفار يجب أن يقرب بالصدق وإلا فتوبة الكذاب واستغفاره لا تُفرج كربا، ولا تُزيح هما ولا ترفع بلاء. قال الفضيل بن عياض –رحمه الله-: "استغفار بلا إقلاع توبة الكذابين".


2- وعلى لسان آدم وحواء –عليهما السلام-: [FONT=&quot]}رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ[FONT=&quot]{[/FONT]([5]). وهي الكلمات التي قال الله تعالى عنها: [FONT=&quot]}[/FONT]فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ[FONT=&quot]{[/FONT]([6]).[/FONT]


3- وعلى لسان سيدنا يونس –عليه السلام- إذا دعا في بطن الحوت فقال: [FONT=&quot]}لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ[FONT=&quot]{[/FONT]([7]).[/FONT]
4- وعلى لسان شعيب –عليه السلام-: [FONT=&quot]}وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ[FONT=&quot]{[/FONT]([8]).[/FONT]


5- وعلى لسان سيدنا صالح –عليه السلام-: [FONT=&quot]}يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ[FONT=&quot]{[/FONT]([9]).[/FONT]


6- وعلى لسان سيدنا موسى – عليه السلام: [FONT=&quot]}إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي[FONT=&quot]{[/FONT]([10]).[/FONT]


7- وعلى لسان سيدنا هود – عليه السلام: [FONT=&quot]}وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ[FONT=&quot]{[/FONT]([11]).[/FONT]


8- وعلى لسان سيدنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم [FONT=&quot]}فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ[FONT=&quot]{[/FONT]([12]).[/FONT]


9- وقالت بلقيس: [FONT=&quot]}رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[FONT=&quot]{[/FONT]([13]).[/FONT]


10- وفي الصحيحين أن أبا بكر –رضي الله عنه- قال: يا رسول الله: علمني دعاء أدعو به في صلاتي.. فقال: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم»([14]).


أخي القارئ .. أختي القارئة([15]): ومما يستغفر ويُتاب منه ما في النفس من الأمور التي لو قالها أو فعلها عُذب. قال تعالى: [FONT=&quot]}وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ[FONT=&quot]{[/FONT]([16]).[/FONT]


فهو يغفر لمن يرجع عما في نفسه، فلم يتكلم به، ولم يعمل، كالذي همَّ بالسيئة ولم يعملها، وإن تركها لله كتبت له حسنته. وهذا مما يُستغفر منه ويتوب، فإن الاستغفار والتوبة من كل ما كان سببا للذم والعقاب. وإن كان لم يحصل العقاب، ولا الذم فإنه يفضي إليه، فيتوب من ذلك: أي يرجع عنه، حتى لا يفضي إلى شر، فيستغفر الله منه، أي يطلب منه أن يغفر له وقد يظن ظنون السوء باطلة، وإن لم يتكلم بها، فإذا تبين له فيها، استغفر الله وتاب. وظلمه لنفسه يكون بترك واجب، كما يكون بفعل محرم فقوله تعالى: [FONT=&quot]}وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا[FONT=&quot]{[/FONT]([17]).[/FONT]


أن ظلم النفس جنس عام يتناول كل ذنب، فقد ربط الله عز وجل من خلال الآيات على ألسنة الأنبياء والرسل المذكورة بين الاستغفار وهذه الأرزاق، وهذه القاعدة التي يقررها القرآن في مواضع متفرقة، قاعدة صحيحة تقوم على أسبابها من وعد الله، ومن سنة الحياة. كما أن الواقع العملي يشهد بتحققها على مدار القرون، والحديث في هذه القاعدة عن الأمم لا عن الأفراد.


إذًا وما من أمة قام فيها شرع الله، واتجهت اتجاهها تحقيقا له بالعمل الصالح والاستغفار المنبئ من خشية الله، ما من أمة اتقت الله وعبدته وأقامت شريعته: فحققت العدل والأمن للناس جميعا، إلا فاضت فيها الخيرات، ومكن الله لها في الأرض واستخلفها فيها بالعمران وبالصلاح سواء.

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) سورة نوح: 10-12.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]) القرطبي: 18/289 في تفسيره.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref3[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]) تفسير ابن كثير: 8/182-183.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref4[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot]) سورة نوح: 10-12.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref5[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot]) سورة الأعراف: 23.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref6[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot]) سورة البقرة: 37.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref7[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot]) سورة الأنبياء: 87.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref8[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot]) سورة هود: 90.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref9[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot]) سورة هود: 61.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref10[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot]) سورة القصص: 16.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref11[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][11][/FONT][FONT=&quot]) سورة هود: 52.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref12[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][12][/FONT][FONT=&quot]) سورة فصلت: 6.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref13[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][13][/FONT][FONT=&quot]) سورة النمل: 44.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref14[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][14][/FONT][FONT=&quot]) رواه البخاري ومسلم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref15[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][15][/FONT][FONT=&quot]) الاستغفار أهميته وحاجة العبد إليه، ابن تيمية، ص35-36، دار القاسم، الرياض: 1420هـ.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref16[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][16][/FONT][FONT=&quot]) سورة البقرة: 284.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref17[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][17][/FONT][FONT=&quot]) سورة النساء: 110.[/FONT]
 
301917_1399919316.gif
 
توقيع Bouchra zarat
التوحيد والاستغفار([1])
.
يقرن كثيرا في القرآن بين التوحيد والاستغفار؛ لأن فيهما نفي النقص عن الخالق، والاعتذار من نقص المخلوق، فقوله: [FONT=&quot]}لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ[FONT=&quot]{[/FONT]فيه الاعتراف والإقرار بوحدانية الله عز وجل وتنزيهه عن النقائص والعيوب، ثم الاعتراف بظلم العبد نفسه بالخطايا والذنوب والاستغفار طلب وإنما يحصل الطلب بين يدي الثناء والمدح، وأعظم مطلوب هو الله عز وجل، وأعظم ما يمدح به التوحيد الخالص، وذكر وحدانيته في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فحسن تقديم هذا الثناء العظيم.[/FONT]




وقد ورد في الحديث: «أفضل الدعاء: لا إله إلا الله» أخرجه مالك في الموطأ فسئل بعضهم: كيف جعلها دعاء، وهي إثبات وتقرير؟ فقال: إن من أثنى عليك فقد تعرض لك بالسؤال كما قال أمية بن أبي الصلت:




أأذكر حاجتي أم قد كفاني



حباؤك إن شيمتك الحباء


إذا أثنى عليك المرء يوما



كفاه من تعرضه الثناء


وقال تعالى: [FONT=&quot]}فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ[FONT=&quot]{[/FONT]([2]). فبدأ بالعلم قبل القول والعمل، وقدم التوحيد الذي هو أصل الأصول، وأمر بالاستغفار الذي هو سبب لحصول المحبوب، ودفع الموهوب، فمن عرف سر هاتين الكلمتين، لا إله إلا الله واستغفر الله أحبهما وأكثر منهما، وتعلق بهما، وأدمن من تكرارهما، وتعلم أسرارهما، وتفقه في معانيهما، وقضى وقته بين اعتراف بالجميل وإقرار بالمعروف لصاحبه تبارك وتعالى، وثناء عليه، وإيمانا بوحدانيته، بين تبرؤ من الحلول والقوة والاعتراف بظلم النفس وقلة البضاعة، ورداءة المحصول، واتهام النية، والانكسار عن تذكر الخطيئة، ومقت الذات غاية المقت، ولوم النفس غاية اللوم على ما فرطت في جنب الله وأكثرت من مخالفة أوامر الله، وعندما يحصل عفو الله ومغفرته ورضوانه، فما هطلت سحائب الرضوان إلا برضا الرحمن، والانكسار بين يديه، وتفويض الأمر إليه، والتوكل عليه.[/FONT]




وذكر ابن أبي الدنيا زين بن أسلم قال: قال عثمان بن عفان –رضي الله عنه-: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا احتضر الميت فلقنوه لا إله إلا الله، فإنه ما من عبد يختم له بها عند موته إلا كانت زاده إلى الجنة»، وقال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: "أحضروا موتاكم ولقنوهم: لا إله إلا الله وذكروهم، فإنهم يرون مالا ترون"([3]).




قال العلماء: تلقين الموتى هذه الكلمة سنة مأثورة عمل بها المسلمون. وذلك ليكون آخر كلامهم لا إله إلا الله فيختم له بالسعادة وليدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة»([4]).




وروي عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «حضر ملك الموت رجلا قال: فنظر في قلبه فلم يجد فيه شيئا، ففك لحييه فوجد طرف لسانه لاصقا بحنكه يقول لا إله إلا الله، فغفر له بكلمة الإخلاص»([5]) ([6]).


أخي القارئ .. أختي القارئة([7]): يستحب قول «لا إله إلا الله» لمن ابتلي بالوسوسة في الوضوء أو في الصلاة أو شبههما، فإن الشيطان إذا سمع الذكر خنس: أي تأخر وبَعد ولا إله إلا الله رأس الذكر، ولذلك اختار صفوة هذه الأمة لا إله إلا الله لأهل الخلوة وأمروهم بالمداومة عليها، وقالوا: أنفع علاج في دفع الوسوسة الإقبال على ذكر الله تعالى والإكثار منه في كل وقت وفي كل حال، كما أخبرنا صلى الله عليه وسلم بذلك إن الوسواس إنما يبتلى به من كَمُل إيمانه، فإن اللص لا يقصد بيتا خربا.





الاستغفار بالقلب واللسان


سئل الإمام ابن تيمية –رحمه الله: هل المراد ذكر الاستغفار باللفظ؟ أو أنه إذا استغفر ينوي بالقلب أن لا يعود إلى الذنب؟ وهل إذا تاب من الذنب وعزم بالقلب أن لا يعود إليه، وأقام مدة ثم وقع فيه أفيكون ذلك الذنب القديم يضاف إلى الثاني؟ أو يكون مغفورا بالتوبة المتقدمة؟ وهل التائب من شرب الخمر يشربه في الآخرة؟ ويلبس الحرير في الآخرة؟


فأجاب –رحمه الله:


الحمد لله .. بل المراد الاستغفار بالقلب مع اللسان، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما في الحديث الآخر: «لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار»، فإذا أصر على الصغيرة صارت كبيرة، وإذا تاب منها غفرت. قال تعالى: [FONT=&quot]}وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ[FONT=&quot]{[/FONT]([8]).[/FONT]




وإذا تاب توبة صحيحة غُفرت ذنوبه، فإن عاد إلى الذنب فعليه أن يتوب أيضا، وإذا تاب قبل الله توبته أيضا.


وقد تنازع العلماء في التائب من الكفر، إذا ارتد بعد إسلامه، ثم تاب بعد الردة وأسلم. هل يعود عمله الأول؟ على قولين مبناهما أن الردة هل تحبط العمل مطلقا، أو تحبطه بشرط الموت عليها.


1- فمذهب أبي حنيفة ومالك أنها تحبطه مطلقا.
2- ومذهب الشافعي أنها تحبطه بشرط الموت عليها.
والردة ضد التوبة، وليس من السيئات ما يمحو جميع الحسنات إلا الردة، وقد قال تعالى: [FONT=&quot]}تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا[FONT=&quot]{[/FONT]([9]).[/FONT]


قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: "توبة نصوحا": أن يتوب ثم لا يعود، فهذه التوبة الواجبة التامة. ومن تاب من شرب الخمر، ولبس الحرير، فإنه يلبس ذلك في الآخرة، كما جاء في الحديث الصحيح: «من شرب الخمر ثم لم يتب منها حرمها».


وقد ذهب بعض الناس كبعض أصحاب أحمد: إلى أنه لا يشربها مطلقا، وقد أخطأوا والصواب الذي عليه جمهور المسلمين([10]).


صيغ الاستغفار

- "رب اغفر لي وتب علي".
- "أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه".
- "استغفر الله سبحان الله وبحمده".


- "اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطأي وعمدي، وكل ذلك عندي. اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، إلهي لا إله إلا أنت".
- "اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، أوله وآخره، سره وعلانيته".
- اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم".
- "أستغفر الله وأتوب إليه" (مائة مرة في اليوم)([11]) ([12]). صحابي الحديث هو الأغر بن يسار المزني –رضي الله عنه- قوله: "استغفر الله وأتوب إليه" ظاهره أنه يطلب المغفرة ويعزم على التوبة.


وقد استشكل وقوع الاستغفار من النبي صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم، وهل الاستغفار يستدعي وقوع معصية؟ وأجيب بعدة أجوبة، منها قول ابن بطال رحمه الله: الأنبياء أشد اجتهادا في العبادة، لما أعطاهم الله تعالى من المعرفة، فهم دائبون في شكره معترفون له بالتقصير، أي: أن الاستغفار من التقصير في أداء الحق الذي يجب لله تعالى، ويحتمل أن يكون لاشتغاله بالأمور المباحة من أكل أو شرب أو جماع، وغير ذلك مما يحجبه عن الاشتغال بذكره ومنها أن استغفاره تشريع لأمته، والله أعلم.


قال العلماء: الاستغفار المطلوب، هو الذي يحل عقد الإصرار ويثبت معناه في الجنان لا التلفظ باللسان.


ختم المجالس بكفارة المجلس

لما كان الإنسان ضعيفا، وكان الشيطان حريصا على إضلاله، والسعي دوما إلى إغوائه، والنيل منه عن طريق اقترافه للسيئات فكان منه أن تربص للمسلمين في مجالسهم، وأنديتهم محرضا لهم على قول الزور والباطل. ولما كان الله رؤوفا بعباده شرع لهم على لسان نبيهم كلمات يقولونها، تكفر عنهم ما علق بهم من أدران ذلك المجلس، ثم امتن عليهم ربهم بأن جعل هذه الكلمات طابعا لمجلس الخير فالحمد لله أولا وآخرا. وهذه الكلمات جاءت في حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال صلى الله عليه وسلم: «من جلس في مجلس كَثُر فيه لَغطه. فقال قبل أن يقوم: سبحانك ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك، ثم أتوب إليك إلا غفر الله له ما كان في مجلسه ذلك»([13]). وعند الترمذي «سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك».


ومن حديث عائشة –رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس مجلسا أو صلى تكلم بكلمات فسألته عائشة –رضي الله عنها- عن الكلمات فقال: «إن تكلم بخير كان طابعا عليهن إلى يوم القيامة، وإن تكلم بغير ذلك كان كفارة له، سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك.»([14]).


أخي القارئ: فإذا كنت مع إخوانك أو في أي اجتماع أو مجلس يجب أن لا تغفل عن هذا الدعاء. فمعلوم أن البلاء والعذاب لا ينزلان إلا بسبب الذنوب، وإن الرحمة والسكينة تنزل بذكر الله وطاعته واتباع رضوانه فالمعاصي والسيئات والذنوب هي مُوجبات العذاب والبلاء في النفس والمال والجسد.


وعن ابن عمر –رضي الله عنهما- أنه لم يكن يجلس مجلسا كان عنده أحد أو لم يكن إلا قال: "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، اللهم ارزقني من طاعتك ما تحول به بيني وبين معصيتك، وارزقني من خشيتك ما تبلغني به رحمتك وارزقني من اليقين ما تهون به عليّ مصائب الدنيا، وبارك لي في سمعي وبصري، واجعلهما الوارث مني، اللهم اجعل ثأري على من ظلمني، وانصرني على من عاداني، ولا تجعل الدنيا أكبر همي ولا مبلغ علمي، اللهم لا تسلط عليّ من لا يرحمني" فسئل عنهن ابن عمر –رضي الله عنهما- فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختم بهن مجلسه([15]).


ومنه دعاء أبي مالك الأشجعي –رضي الله عنه- عن أبيه أنه يعلم من أسلم أن يقول: "اللهم اغفر لي، واهدني، وارزقني، وعافني وارحمني"([16]).


وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة»([17]).


إذاّ أخي المسلم: كيف يكون ثوابك على ذكر الله ودعائك عند قيامك من المجلس، كل ذلك لتكون على صلة بالله ومراقبا له وليكون الله حاضرا معك لا يغيب عن ذهنك، تراه في كل شيء تقع عليه عينك وفي كل كلمة تسمعها أذنك. ويكون شعارك "الله" أولا وأخيرا وهو معك أينما كنت وعلى أي موضع تكون وفي أي مكان: [FONT=&quot]}وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ[FONT=&quot]{[/FONT]، إن ذلك هو السلوك الحسن والمنهج السليم الذي رسمه لك الهادي الأمين، فكن يا أخي ممن طلبتهم العناية وجذبتهم للحضرة العلية، فعاشوا في الدنيا سعداء لقربهم من الله وفي الآخرة من الفائزين برضوان الله ومحبته.[/FONT]


والآن ترى ماذا كان وضع أصحاب القلوب الكبيرة والنفوس العلية والأجسام الطاهرة عند دعوتهم لرب الأرباب وتضرعهم إليه؟ ماذا كانت النتيجة؟

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) حدائق ذات بهجة، د. عائض القرني، ص259، ط3.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]) سورة محمد: 19.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref3[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]) أخرجه عبدالرزاق: 6043 وابن أبي شيبة في مصنفة: 3/125.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref4[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot]) أخرجه أبو داود من حديث معاذ ابن جبل –رضي الله عنه.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref5[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot]) رواه البيهقي.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref6[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot]) حياة البرزخ، طلال مكي الخيمي، ط1، ص76، 1429هـ.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref7[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot]) إبليس خطيب جهنم، أحمد بادويلان، ص124، ط1- 1428هـ.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref8[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot]) سورة آل عمران: 135.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref9[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot]) سورة التحريم: 8.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref10[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot]) الاستغفار أهميته، ابن تيمية، ص45، ط1، دار القاسم: 1420هـ.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref11[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][11][/FONT][FONT=&quot]) رواه البخاري ومسلم..[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref12[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][12][/FONT][FONT=&quot]) هذا الحديث ما تفرد به كل واحد منهما عن الآخر، فحديث البخاري من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- ويلفظ "والله إني لاستغفر الله وأتوب إليه، في اليوم أكثر من سبعين مرة". والله أعلم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref13[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][13][/FONT][FONT=&quot]) رواه أحمد.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref14[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][14][/FONT][FONT=&quot]) رواه النسائي وأحمد.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref15[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][15][/FONT][FONT=&quot]) صحيح الحاكم 1/528 في المستدرك وصححه الذهبي ووافقه.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref16[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][16][/FONT][FONT=&quot]) صحيح مسلم (2697) في الذكر والدعاء.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref17[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][17][/FONT][FONT=&quot]) موسوعة الدعاء، حامد أحمد الطاهر، ص287، ط1، 1427هـ -2006م. مكة المكرمة.[/FONT]
 
سيد الاستغفار

عن شداد بن أوس –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «سيد الاستغفار أن يقول العبد: ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فأغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. من قالها بالنهار موقنا بها فمات قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها. فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة»([1]).




قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لزم الاستغفار جعل الله من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب»([2]).


قال الطبي: لما كان هذا الدعاء جامعا لمعاني التوبة كلها، استعير له اسم السيد، وهو في الأصل الرئيس الذي يقصد في الحوائج ويرجع إليه في الأمور.


قوله: «وأنا على عهدك ووعدك» قال الخطابي: يريد أنا على ما عاهدتك عليه، وواعدتك من الإيمان وإخلاص الطاعة لك ما استطعت انتهى.. يريد بذلك قوله تعالى: [FONT=&quot]}وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ[FONT=&quot]{[/FONT]([3]).[/FONT]




قال الحافظ: وفي قوله: «ما استطعت» إعلام لأمته أن أحدا لا يقدر على الإتيان بجميع ما يجب عليه لله ولا الوفاء بكمال طاعة الله، والشكر على النعم، فرفق الله بعباده ولم يكفلهم من ذلك إلا وسعهم.


قال ابن أبي جمرة: جمع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من بديع المعاني، وحسن الألفاظ ما يحق أن يسمى به سيد الاستغفار.


ففيه: الإقرار لله وحده بالألوهية، والاعتراف بأنه الخالق، والإقرار بالعهد الذي أخذه عليه، والرجاء بما وعد به، والاستعاذة من شر ما جنى العبد على نفسه، وإضافة النعماء إلى موجدها، وإضافة الذنب إلى نفسه ورغبته في المغفرة، واعترافه بأنه لا يقدر أحد على ذلك إلا الله([4]).




* * *

فضائل الاستغفار


1- أنه طاعة لله عز وجل.
2- أنه سبب لمغفرة الذنوب.
3- أنه سبب لنزول الأمطار.
4- الإمداد بالأموال والبنين.
5- سبب لدخول الجنات.
6- سبب لزيادة القوة بكل معانيها.
7- سبب للمتاع الحسن.
8- أنه سبب لدفع البلاء.
9- سبب لإيتاء كل ذي فضل فضله.
10- الاستغفار سبب لنزول الرحمة.
11- وهو تأس بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان يستغفر الله في المجلس الواحد سبعين مرة، وفي رواية: مائة مرة.
يقول ابن كثير –رحمه الله- عن فضيلة الاستغفار وقت الأسحار: وثبت في الصحيحين عن جماعة من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فاستجب له؟ هل من مستغفر فأغفر له».

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) صحيح البخاري.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]) رواه أبي داود.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref3[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]) سورة الأعراف: 172.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref4[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot]) تطريز رياض الصالحين، فيصل بن عبد العزيز آل مبارك.[/FONT]
 
ثمار الاستغفار

أولا: غفران جميع الذنوب، ويشتمل ذلك ذنوب العبد التي لم يحصها أو نسيها. وقد أحصاها الله مهما صغرت أو مضت عليه السنون، وقد حكى الله عن أناس غفلوا عن أعمالهم ففاجأتهم يوم القيامة قال الله عنهم: [FONT=&quot]}وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ[FONT=&quot]{[/FONT]([1]).[/FONT]


ثانيا: الدخول على الله من باب الخضوع والخشية والإخبات، وهذا يورث التواضع باطنا وظاهرا.


ثالثا: الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، وظاهر ما في الاقتداء به من البركة وحصول الخيرات.


رابعا: الاعتراف بالتقصير في الطاعات والخوف من الذنوب هو مطية الإقبال على التزود من النوافل وعمل الصالحات والاستكثار من الحسنات.


خامسا: المحافظة على سلامة القلب وصفاته من آثار الذنوب، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: «إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإن هو نزع واستغفر وتاب: صقل قلبه»([2]). وقد قال صلى الله عليه وسلم: «كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون»([3]).


فوائد الاستغفار

وللاستغفار –أخي القارئ- فوائد كثيرة منها ما يلي([4]).


1- أنه جاء في القرآن الكريم ما يؤكد أن الاستغفار قرين الصبر والصدق والقنوت وحسن الإنفاق أنه لذلك سبب من أسباب مدح المؤمنين المخلصين. قال تعالى: [FONT=&quot]}الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ[FONT=&quot]{[/FONT]([5]).[/FONT]


2- أنه حصن حصين ومكين ضد النقم والبلايا والنكبات والكوارث والمحن قال تعالى: [FONT=&quot]}وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ[FONT=&quot]{[/FONT]([6]).[/FONT]


3- إن الاستغفار ***** الرزق ومجلبة للخصب وسبب لتدفق بركة الأرض والسماء، وإعانة على القوة وزيادتها، قال تعالى:[FONT=&quot]}فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا[FONT=&quot]{[/FONT]([7]).[/FONT]


4- إن الاستغفار سبب لتفريج الكروب ولذهاب الهموم والأحزان ومخرج من كل ضيق، وفي الحديث: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب» وهذه الفائدة مستفادة من القرآن الكريم؛ لأن الاستغفار دليل على التقوى، وفي التقوى جاء قوله تعالى: [FONT=&quot]}وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ[FONT=&quot]{[/FONT]([8]).[/FONT]


5- ومن الفوائد المهمة للاستغفار أنه يورث طهارة القلب وزكاة النفس، ونقاء الضمير.


فما أحرانا اليوم، وذنوبنا تُناطح الجبال، وتكاثر زبد البحر أن ندرك هذه الحقيقة، وأن نبادر إلى الاستغفار في كل حال. وأعلى درجات الغفران هي العفو، لذا نجد في القرآن إن العفو سبق المغفرة والرحمة في قوله تعالى:[FONT=&quot]}وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ[FONT=&quot]{[/FONT]([9]).[/FONT]


من جوامع الاستغفار

- «استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، وأسأله التوبة والمغفرة».


- « اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي ورحمك أرجى عندي من عملي، إنك تغفر الذنوب لمن تشاء، وأنت الغفور الرحيم يا غفار اغفر لي، يا تواب تب عليَّ يا رحمن ارحمني، يا عفو أعفو عني، يا رؤوف أرأف بي».


- «اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي وكل ذلك عندي».


- «اللهم إني أستغفرك من كل ذنب أذنبته، وتعمدته، أو جهلته».


- «اللهم إني استغفرك لكل ذنب يعقبه الحسرة، ويورث الندامة، ويحبس الرزق ويرد الدعاء».


- «اللهم إني أستغفرك من كل ذنب تبت منه ثم عدت إليه».


- «وأستغفرك من النعم التي أنعمت بها علي، واستعنت بها علي معاصيك، وأستغفرك من الذنوب التي لا يطلع عليها أحد سواك، ولا ينجيني منها أحد غيرك، ولا يسعها إلا حلمك، وكرمك، ولا ينجيني منها إلا عفوك».


- «اللهم إني أستغفرك، وأتوب إليك، من كل ذنب أذنبته، ولكل معصية ارتكبتها، فاغفر لي يا أرحم الراحمين».


- «اللهم إني أستغفرك لكل ذنب يدعو إلى غضبك، أو يدني إلى سخطك، أو يميل بي إلى نهيتني عنه، أو يبعدني عما دعوتني إليه».


- «اللهم إني أستغفرك لكل ذنب يمحق الحسنات، ويضاعف السيئات، ويحل النقمات، ويغضبك يا رب الأرض والسموات».


- «اللهم إني أستغفرك من كل ذنب يدعو إلى الكفر، ويورث الفقر، ويجلب العسر، ويصد عن الخير، ويهتك الستر».


- «يا من إذا عظمت على عبده الذنوب وكثرت العيوب، فقطرة من سحائب كرمك لا تبقي له ذنبا، ونظرة من رضاك لا تترك له عيبا، أسألك يا مولاي أن تتوب عليَّ وتغفر لي».. آمين([10]).


وقت الاستغفار

الاستغفار نوعان:


1- استغفارُ ذكرٍ: ويكون على صيغة ورد يومي كالاستغفار سبعين مرة في اليوم.


2- واستغفار توبة: وله شروطه، وهو الاستغفار بسبب ذنب اقترفه الإنسان، فيلجأ إلى خالقه ليغسل له هذا الذنب ويتوب عليه، ومعلوم لدينا أن باب طلب المغفرة من الغفور الكريم سبحانه مفتوح لعبده في كل وقت، بيد أن أفضل وقت للاستغفار والتوبة من الذنب هو أقرب وقت بعد وقوع الذنب، وعلى الإنسان ألا يَغره طول الأمل، يقول الله تعالى: [FONT=&quot]}إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا[FONT=&quot]{[/FONT]([11]).[/FONT]


ومن أفضل الأوقات للاستغفار الثلث الأخير من الليل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا عز وجل حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فاستجب له، من يستغفرني فأغفر له، حتى يطلع الفجر».


ومن كمال الاستغفار اتباع السيئة الحسنة، عن أبي الدرداء –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتق الله حيث ما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها»([12]).


الاستغفار هنا من ذنوب التي تكون بين العبد وربه، أما الذنوب المتعلقة بالعباد فلابد من استبراء العباد منها.


قيل للأوزاعي وهو أحد رواة الحديث: كيف الاستغفار؟ قال: تقول: "استغفر الله"([13]).


«رب إني ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي فاغفر لي، وإن لم تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت»([14]).


مفاتيح المغفرة

للمغفرة مفاتيح نذكر منها ما يلي:
* أولا: آمين خلف الإمام:


عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أمنَّ الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة: غفر له ما تقدم من ذنبه»([15]).


* ثانيا: اللهم لك الحمد بعد الرفع من الركوع:


عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: الله ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة: غفر له ما تقدم من ذنبه»([16]).


* ثالثا: الدعاء الوارد بعد الفراغ من الطعام:


عن أنس –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أكل طعاما فقال الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه»([17]).


* رابعا: التسبيح دبر الصلوات:
عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد ثلاثا وثلاثين، وكبر ثلاثا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعونه، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير: غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر»([18]).


* خامسا: سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة:


عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه: وإن كانت مثل زبد البحر»([19]).


* سادسا: عند الوضوء:


عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه، خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كانت بطشها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة كانت مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، حتى يخرج نقيا من الذنوب»([20]).


* سابعا: عند سماع المؤذن:


عن سد بن أبي وقاص –رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا وبالإسلام دينا غفر له ذنبه»([21]).


عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه، إلا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفورا لكم، وقد بدلت سيئاتكم حسنات»([22]).

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) سورة الزمر: 47.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]) رواه أحمد والترمذي.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref3[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]) رواه أحمد والترمذي.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref4[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot]) المنتقى من الفوائد الإيمانية –مصطفى حقي، ص74، ط1 -1424هـ - 2003م، دار طويق -الرياض.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref5[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot]) سورة آل عمران: 16-17.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref6[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot]) سورة الأنفال: 33.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref7[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot]) سورة نوح: 10-13.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref8[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot]) سورة الطلاق: 2-3.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref9[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot]) سورة البقرة: 286.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref10[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot]) موسوعة روائع الدعاء والأذكار، أحمد بادويلان، ص100.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref11[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][11][/FONT][FONT=&quot]) سورة النساء: 17-18.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref12[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][12][/FONT][FONT=&quot]) رواه الترمذي.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref13[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][13][/FONT][FONT=&quot]) سورة النساء: 17-18.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref14[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][14][/FONT][FONT=&quot]) ذكر الله، وائل يوسف محمد الدسيماني، ص89، ط1 – 1428هـ - 2007م، دار القاسم -الرياض.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref15[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][15][/FONT][FONT=&quot]) رواه البخاري ومسلم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref16[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][16][/FONT][FONT=&quot]) رواه البخاري ومسلم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref17[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][17][/FONT][FONT=&quot]) رواه الترمذي وابن ماجه.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref18[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][18][/FONT][FONT=&quot]) رواه مسلم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref19[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][19][/FONT][FONT=&quot]) رواه البخاري ومسلم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref20[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][20][/FONT][FONT=&quot]) رواه مسلم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref21[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][21][/FONT][FONT=&quot]) رواه مسلم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref22[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][22][/FONT][FONT=&quot]) رواه أحمد.[/FONT]
 
الاستغفار والذكر دبر كل صلاة


يُسن ذكر الله والاستغفار عقب الصلاة المكتوبة كما ورد في الأخبار فيقول استغفر الله ثلاث مرات ويقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام([1]).


كما ورد عن ثوبان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثا وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام».


ومما ورد من الذكر: ما روى عن عبد الله بن الزبير أنه كان يقول في دبر كل صلاة حين يسلم لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون: قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة([2]).


وكان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير: اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد([3]).


ويسبح ثلاثا وثلاثين، ويحمد ثلاثا وثلاثين، ويكبر ثلاثا وثلاثين، كما في الصحيحين من رواية أبي صالح السمان عن أبي هريرة –رضي الله عنه- مرفوعا تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وتمام المائة –لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ويعقده بيد وبيد الاستغفار أي يضبط عدده بأصابعه.


وعن معاذ بن جبل –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أوصيك يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك»([4]).


وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت»، رواه النسائي وصححه ابن حبان وزاد فيه الطبراني «وقل هو الله أحد» وعنه قال ما دونت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في دبر مكتوبة ولا تطوع إلا سمعته يقول: اللهم اغفر لي ذنوبي وخطاياي كلها، اللهم انعشني واجبرني واهدني لصالح الأعمال والأخلاق إنه لا يهدي صالحها ولا يصرف سيئها إلا أنت.


أخي المصلي .. أخي المستغفر: الانتهاء من الصلاة والجلوس في المصلى والتسبيح وقراءة آية الكرسي واستغفار الملائكة للمصلي، يا له من فضل عظيم، ونعم متتالية، فضل من الله ونعمة يتمتع بها المصلي.


ينطلق المسلم من صلاته منشرح الصدر شاكرا لعظيم نعمه، مستبشرا بفضله، طامعا في رحمته وجنته.


فإذا كنت ذا لُبٍّ –وأنا على يقين بذلك- غيِّر نفسك وسلوكك واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، والله سيعصمك ويُغير أحوالك، فكما تتغير الصحراء القاحلة إلى روضة غناء وكل ذلك بقدرته سبحانه- فهو قادر على أن يغير أحوالك إذا صدقت معه، وسيقبل توبتك، فمن صفاته سبحانه أنه تواب رحيم، وأنه غفور رحيم.


لقد نادى الله النصارى ودعاهم إلى التوبة وقد أدعّو الولد له –تعالى عما يشركون- فقال جل في علاه: [FONT=&quot]}أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ[FONT=&quot]{[/FONT]([5]).[/FONT]


أعلم أخي المستغفر والتائب إلى الله([6])





إن الناس في فعل الطاعات والسيئات على أصناف ثلاثة:


1- فمنهم من يستجيب إلى فعل الطاعات، ويكف عن ارتكاب المعاصي وهذا أكمل أحوال أهل الدين، وأفضل صفات المتقين.


2- ومنهم من يمتنع من فعل الطاعات، ويقدم على ارتكاب المعاصي، وهذا أخبث أحوال المكلفين، وشر صفات المتعبدين.


3- ومنهم من لا يستجيب إلى فعل الطاعات، ولا يكف عن ارتكاب المعاصي، فهذا يستحق عذاب الله –جلا وعلا.


أخي المستغفر: فاختر لنفسك الصنف الأول؛ لأن هذا أكمل أحوال أهل الدين وصفات المتقين. وصدق الله العظيم: [FONT=&quot]}ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ[FONT=&quot]{[/FONT]([7]).[/FONT]


ولا تقنط من رحمة الله ولا تيأس –ولا ييأس من روح الله إلا الكافرون، وإن كانت لديك جبال الذنوب وكنت بالذنوب غارقا فادع الله أن ينجيك منها بسيل غفرانه .. قال تعالى: [FONT=&quot]}لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا[FONT=&quot]{[/FONT]([8]).[/FONT]


فالتوبة والاستغفار انفع ما تكون حال نزول البلاء فإنها من أسباب نزول الرحمة، ولذلك ذكر الله جل وعلا عن نبيه يونس –عليه السلام- توبته لما اشتد به البلاء وهو في بطن الحوت قال تعالى: [FONT=&quot]}فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ[FONT=&quot]{[/FONT]([9]). فالاستغفار –أخي المستغفر: يقلب المحنة إلى منحة، والرزية إلى عطية، والغمة إلى رحمة، وبه يفتح الله الأرزاق، ويدفع الكروب، ويمسح دموع الأحزان.[/FONT]


للاستغفار مواطن وأحوال([10])

1- يكون عند الذنب:


وهذا من آكد المواضع؛ لأنه اعتراف منك بذنبك وعلامة لي على عدم إصرارك، فأنت تسأل الله أن يمحو أثره ويغسل درنه، قال تعالى: [FONT=&quot]}وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا[FONT=&quot]{[/FONT]([11])، وقال أيضا: [FONT=&quot]}[/FONT]وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ[FONT=&quot]{[/FONT]([12]).[/FONT]


ولقد فعل ذلك أطهر البشر وأفضلهم وهم رسل الله وأنبيائه كآدم وزوجه، وموسى ويونس –عليهم السلام- وهذا الاستغفار بعد الذنب يجعل القلب صقيلا فلا تعلق فيه أدران المعاصي.لذا لابد للعبد أن يسرع في التوبة من الذنب والاستغفار منه قبل أن يكتبه عليه الملك؛ لأن العبد يمهل بعد الذنب ست ساعات فإن ندم واستغفر وإلا كتب عليه صاحب الشمال تلك الخطيئة فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ، فإن ندم واستغفر منها ألقاها، وإلا كتبت واحدة»([13]).


2- ويكون بعد الفراغ من المجلس:


الذي يشعر العبد أنه قد كثر لغطه فيه كما جاء في الحديث: «من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، واستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك»([14]).


3- وكذلك بعد الطاعات:
كما ذكرنا كالصلوات والحج والوضوء كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فقال بعد فراغه من وضوئه سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، كتب في رق، ثم جعل في طابع، فلم يكسر إلى يوم القيامة»([15]).


4- وأثناء الطاعات:


فأدعية الصلاة كثيرا ما يرد فيها الاستغفار ففي دعاء الاستفتاح وبين السجدتين وفي الركوع وفي السجود بعد الإتيان بالذكر المشروع، وحين سأل أبو بكر –رضي الله عنه- النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه دعاء يدعو به في الصلاة أمره أن يقول: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فأغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم».


5- وكذلك في بداية النهار وآخره (الغداة والعشي):


يشرع للعبد أن يأتي بسيد الاستغفار([16]) فلا يقولها احد حين يمسي فيأتي عليه قَدَرٌ قبل أن يصبح إلا وجبت له الجنة، ولا يقولها حين يصبح فيأتي عليه قَدَرٌ قبل أن يمسي إلى وجبت له الجنة»([17]).


أخي القارئ: الاستغفار يبعث النشاط والصحة في القلب، فالقلب إذا كان سليما نشيطا على الطاعة بعيدا عن الآثام والذنوب؛ كان حيا رقيقا أبيضا نقيا تؤثر فيه أدنى موعظة، وينشط لأشق طاعة وإن كان ليس في الطاعات بحمد الله مشقة.


والله سبحانه وتعالى يرفع عن الأمة المستغفرة حيث قال تعالى: [FONT=&quot]}وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ[FONT=&quot]{[/FONT]([18]).[/FONT]


إذاً فعليكم –أيها الناس- بلزوم الاستغفار والإكثار منه في الليل والنهار في السر والجهار، وابشروا بالخير الوافر والمنزل الكريم الزاهر فلقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا»([19]).



http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) رواه الجماعة إلا البخاري.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]) رواه أحمد ومسلم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref3[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]) متفق عليه.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref4[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot]) رواه أحمد وأبو داود والنسائي.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref5[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot]) سورة المائدة: 74.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref6[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot]) جبال الذنوب وسيل الغفران/ الشيخ أبو طلحة محمد يونس بن عبد الستار، ص52، ط1 1420هـ، الناشر نفسه، مكة المكرمة.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref7[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot]) سورة فاطر: 32.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref8[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot]) سورة الزمر: 53.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref9[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot]) سورة الأنبياء: 87.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref10[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot]) موقع منتدى الكلمة الطيبة.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref11[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][11][/FONT][FONT=&quot]) سورة النساء: 110.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref12[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][12][/FONT][FONT=&quot]) سورة آل عمران: 135-136.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref13[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][13][/FONT][FONT=&quot]) صحيح الجامع.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref14[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][14][/FONT][FONT=&quot]) صحيح الجامع.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref15[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][15][/FONT][FONT=&quot]) صحيح الجامع.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref16[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][16][/FONT][FONT=&quot]) ذكرنا في موضع آخر من هذا الكتاب صفحة بعنوان سيد الاستغفار.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref17[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][17][/FONT][FONT=&quot]) صحيح الجامع.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref18[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][18][/FONT][FONT=&quot]) سورة الأنفال: 33 .[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref19[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][19][/FONT][FONT=&quot]) فضائل الأعمال/ 1175.[/FONT]
 
طبعا اخي حتى في عادلت الجزائريين يقولك الصدقة تبعد البلا والمصايب
do.php
 
توقيع سفيان اسلام
الاستغفار حاجة دائمة للعبد([1])



قال الإمام أحمد بن تيمية –رحمه الله- الاستغفار يخرج العبد من الفعل المكروه إلى الفعل المحبوب، ومن العمل الناقص إلى العمل التام، ويرفع العبد من المقام الأدنى إلى الأعلى منه والأكمل، فإن العابد لله، والعارف بالله، في كل يوم بل في كل ساعة، بل في كل لحظة يزداد علما بالله، وبصيرة في دينه وعبوديته، بحيث يجد ذلك في طعامه، وشرابه، ونومه، ويقظته، وقوله، وفعله، ويرى تقصيره في حضور قلبه في المقامات العالية، وإعطائها حقها، فهو يحتاج إلى الاستغفار أناء الليل وأطراف النهار، بل هو مضطر إليه دائما في الأقوال والأحوال، في الغوائب والمشاهد، لما فيه من المصالح، وجلب الخيرات، ودفع المضرات، وطلب الزيادة في القوة في الأعمال القلبية والبدنية واليقينية الإيمانية.


وقد ثبتت دائرة الاستغفار بين أهل التوحيد، واقترانها بشهادة أن لا إله إلى الله، من أولهم إلى آخرهم، ومن آخرهم إلى أولهم، ومن الأعلى إلى الأدنى، وشمول دائرة التوحيد والاستغفار للخلق كلهم، وهم فيها درجات عند الله، ولكل عالم مقام معلوم. فشهادة أن لا إله إلا الله بصدق ويقين تُذهب الشرك كله، دقه وجله، خطأه وعمده، أوله وآخره، سره وعلانيته، وتأتي على جميع صفاته وخفاياه ودقائقه.


والاستغفار يمحو ما بقي من عثراته، ويمحو الذنب الذي هو من شعب الشرك، فإن الذنوب كلها من شعب الشرك. فالتوحيد يذهب أصل الشرك والاستغفار يمحو فروعه، فأبلغ الثناء قول: لا إله إلا الله، وأبلغ الدعاء قول: استغفر الله. فأمره بالتوحيد والاستغفار لنفسه، ولإخوانه من المؤمنين.



الاستغفار بركات الدين والدنيا


روى أبو بكر الصديق –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال إبليس: يا رب وعزتك لا أزال أغوى عبادك ما دامت أرواحهم في أجسامهم، فقال الله: (وعزتي وجلالي ولا أزال أغفر لهم ما استغفروني.


فطوبى لمن عرف أنه له غفورا رحيما يقبل عباده إذا أقبلوا إليه نادمين، وطرقوا بابه باكين مستغفرين لأنفسهم وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم.




أخي القارئ: الاستغفار مع الإقلاع عن الذنوب سبب للخصب والنماء، وكثرة النسل وزيادة العزة والمنعة، وفي دعوة نوح –عليه السلام- قومه ونصحه لهم نسمع الله عز وجل يقول: [FONT=&quot]}فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا[FONT=&quot]{[/FONT]([2]).[/FONT]


ففي الإيمان رحمة بالعباد وفي الاستغفار بركات الدين والدنيا، وفي الحديث: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حث لا يحتسب».


فما أعظم بركات الاستغفار، به تستنزل الرحمات، وتبارك الأرزاق، وتكثر الخيرات، ويعطى الله الأموال والبنين ويغفر الذنوب ويمنح القوة والسداد والرشاد، وفي الحديث: «ما من رجل يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الوضوء ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله عز وجل إلا غفر له».


فمن ثمرات الاستغفار وبركاته أنه يكون سببا في أن يمتع الله المستغفرين بالمنافع من سعة الرزق ورغد العيش، ولا يستأصلهم بالعذاب كما فعل بالأمم التي عاندت وأصرت على الكفر، ولذا حذر الله سبحانه من الإصرار على الشرك بعد الحث على الاستغفار.


ففي شرح آيات دعوة نوح –عليه السلام-: وأمرهم باستغفار الواحد القهار، فإنه غفار الذنوب، ستار العيوب، يقبل من تاب، ويرحم من أناب، والاستغفار هنا يتضمن التوحيد والتوبة.


ومع الاستغفار يُنزل الله الأمطار؛ لأن الغيث من آثار رحمته سبحانه التي تتنزل على المستغفرين؛ لأن الذنوب تمنع القطر. ومع الاستغفار والتوبة يرزقكم الله الذرية الصالحة، والأموال الكثيرة والرزق الواسع، وينبت لكم الحدائق الغناء، والبساتين الفيحاء، لتنعموا بفوائد الأشجار والثمار والأزهار، ويهيئ لكم العذب الغزير من الأنهار([3]).


فالاستغفار من أهم وأعظم أسباب الرزق، ففي حكاية عن نبيه هود –عليه السلام- يقول تعالى: [FONT=&quot]}وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ[FONT=&quot]{[/FONT]([4]).[/FONT]


ويا قوم: أسألوا الله أن يغفر ذنوبكم، ثم اهجروا الذنوب، واندموا على ما سلف من المعاصي، فإذا فعلتم ذلك، وصحت منكم الإنابة أنزل الله عليكم الغيث المدرار، فيكثر الخيرات، ويعم الرخاء، وتنعمون برغد في العيش، ويزدكم قوة إلى قوتكم بصحة الأجسام، وكثرة الذرية والأموال، وتتابع الأرزاق، ولا تعرضوا عن الاستجابة ولا تصروا على الذنوب، وتستكبروا عن قبول الحق، وفي الآية بركة الاستغفار والتوبة، وأنهما أصل كل خير في النفس والجسم والمال والولد([5]).


وقد تمسك أمير المؤمنين عمر –رضي الله عنه- بما جاء في هذه الآيات عن طلبه المطر من الرب – عز وجل- فقد روى مطرف عن الشعبي أن عمر –رضي الله عنه- خرج يستسقى بالناس فلم يزد على الاستغفار حتى رجع فقيل له: "ما سمعناك استسقيت". فقال: طلبت الغيث بمجاديع([6]) السماء التي يتنزل بها القطر ثم قرأ: [FONT=&quot]}فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا[FONT=&quot]{[/FONT]([7]).[/FONT]


وقال صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون الرب من العبد، في جوف الليل الآخر، فإن استعطت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن»([8]).


صحابي الحديث هو عمرو بن عبسة –رضي الله عنه- قوله: «أقرب ما يكون الرب من العبد» والحكمة في قرب الرب من العبد في هذا الوقت، أن هذا الوقت وقت نداء الرب، ألا ترى إلى الحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر»، فيكون الرب في هذا الوقت قريبا من عبده، ولا ينال هذا الحظ الوافر إلا من له استعداد، وترقب لتحصيل هذه الفائدة العظيمة، التي تنبي عليها المنافع الدينية والدنيوية([9]).




الاستغفار يفتح الأقفال([10])



يقول ابن تيمية –رحمه الله: إن المسألة لتغلق عليّ، فاستغفر الله ألف مرة أو أكثر أو أقل، فيفتحها الله علي. وإن من أسباب راحة البال، استغفار ذي الجلال.


رب ضارة نافعة، وكل قضاء خير حتى المعصية بشرطها فقد ورد في المسند: لا يقضي الله للعبد قضاءا إلا كان خيرا له.


قيل لابن تيمية: حتى المعصية؟ قال: نعم، إذا كان معها التوبة والندم والاستغفار والانكسار: [FONT=&quot]}وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا[FONT=&quot]{[/FONT]([11]).[/FONT]


قال تعالى: [FONT=&quot]}وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ[FONT=&quot]{[/FONT]([12]). وقال تعالى:[FONT=&quot]}[/FONT]كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا[FONT=&quot]{[/FONT]([13]).[/FONT]


عجبت لعظماء عرفهم التاريخ، كانوا يستقبلون المصائب كأنها قطرات الغيث، أو هفيف النسيم، وعلى رأس الجميع سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وهو في الغار، يقول لصاحبه: [FONT=&quot]}لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا[FONT=&quot]{[/FONT]، وفي طريق الهجرة، وهو مطارد مشرد يبشر سراقة بأنه يُسوَّر سواري كسرى.[/FONT]


بشرى من الغيب ألقت في فم الغار




وحيا وأفضت إلى الدنيا بأسرار





وفي بدر يثب في الدرع صلى الله عليه وسلم وهو يتلو قوله تعالى: [FONT=&quot]}سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ[FONT=&quot]{[/FONT]([14]).[/FONT]


أنت الشجاع إذا لقيت كتيبة




أدبت في هول الردى أبطالها





وفي غزوة أحد –بعد القتل والجراح- يقول للصحابة: «صفوا خلفي، لأثني على ربي»، إنها همم نبوية تنطح الثريا، وعزم نبوي يهزم الجبال.


قيس بن عاصم المنقري من حلماء العرب، كان محتبيا يكلم قومه بقصة، فأتاه رجل فقال: قُتل ابنك الآن، قتله ابن فلانة. فما حلَّ حبوته، ولا أنهى قصته، حتى انتهى من كلامه، ثم قال: غسلوا ابني وكفنوه، ثم آذنوني بالصلاة عليه: [FONT=&quot]}وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ[FONT=&quot]{[/FONT]([15]).[/FONT]


وعكرمة بن أبي جهل يعطي الماء في سكرات الموت فيقول: أعطوه فلانا لحارث بن هشام فيتناولونه واحدا بعد واحد، حتى يموت الجميع.


إذا قُتلوا ضجت لمجد دماؤهم




وكان قديما من مناياهم القتل





قال الشاعر:


وإنما رجل الدنيا وواحدها




من لا يعول في الدنيا على رجل








[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) الاستغفار/ شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، ص42، دار القاسم، الرياض، ط1، 1420هـ .[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]) سورة نوح: 10-12.[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]) التفسير الميسر، للدكتور الشيخ، عائض القرني، ص838-839، مكتبة العبيكان- الرياض.[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot]) سورة هود: 52.[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot]) مصدر سابق، ص328.[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot]) مجاديع: مفردها مجدع وهو نجم من نجوم السماء.[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot]) التداوي بالاستغفار، حسن همام، ص36، دار الحضارة للنشر والتوزيع.[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot]) أخرجه الترمذي والنسائي والحاكم.[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot]) شرح حصن المسلم، الشيخ د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، ص 340-341.[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot]) لا تحزن، الشيخ الدكتور: عائض القرني، ص233، 234، ط1، 1423هـ - 2002م.[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][11][/FONT][FONT=&quot]) سورة النساء: 64.[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][12][/FONT][FONT=&quot]) سورة آل عمران: 140.[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][13][/FONT][FONT=&quot]) سورة النازعات: 46.[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][14][/FONT][FONT=&quot]) سورة القمر: 45.[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][15][/FONT][FONT=&quot]) سورة البقرة: 177.[/FONT]
 
استغفر بصدق ولا تعجز([1])

الناس في أمر الاستغفار أصناف ثلاثة:


* الصنف الأول:
صنف صادق مع الله في طلب الغفران فهو يعقد العزم على الإقلاع عن الذنب بقلبه ثم يلهج ذلك بلسانه سائلا مولاه العفو والمغفرة، وكلما عاد إلى الذنب لغلبة طبعه أو غفلة أو نسيان أو ضعف في نفسه وهذا حال أكثر المستغفرين الصادقين.


* الصنف الثاني:
صنف كاذب في استغفاره يلهج به باللسان بينما يضمر الإصرار على المعصية في الجنان. قال الفضيل بن عياض –رحمه الله-: "استغفار بلا إقلاع، توبة الكذابين"، ويقاربه ما جاء عن رابعة العدوية: "استغفارنا يحتاج إلى استغفار كثير".


وسئل صهل عن الاستغفار الذي يكفر الذنوب فقال: "أول الاستغفار الاستجابة ثم الإنابة، ثم التوبة، فالاستجابة أعمال الجوارح، والإنابة أعمال القلوب، والتوبة إقباله على مولاه، بأن يترك الخلق ثم يستغفر الله من تقصيره الذي هو فيه". وقال ابن رجب: "فالاستغفار التام الموجب للمغفرة هو ما قارن عدم الإصرار كما مدح الله تعالى أهله ووعدهم بالمغفرة في قوله تعالى: [FONT=&quot]}وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ[FONT=&quot]{[/FONT]([2]).[/FONT]


* الصنف الثالث:
فهو الصنف المعرض عن الاستغفار، إما بسبب غفلة، أو بسبب يأس من حالة وخوفه من معاودة المعصية.


وهذا الصنف اليائس من رحمة الله يجهل مدى سعة مغفرة الله جل وعلا ولو فقه ذلك لما تخلف قط عن الطمع في عفوه وستره ورحمته.


قال تعالى: [FONT=&quot]}قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[FONT=&quot]{[/FONT]([3]).[/FONT]


وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أخطأتم حتى بلغت خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله لغفر لكم».


ولقد يدخل الشيطان خلال ذلك فيمنعه من الاستغفار لما يعلم من أن الله تعالى يغفر للمذنبين كلما استغفروا، وفي الحديث عن أبي سعيد –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان قال: وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الرب تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني»([4]).


أخي المستغفر .. أختي المستغفرة: الله عز وجل يرضى عن المستغفر الصادق؛ لأنه يعترف بذنبه ويستقبل ربه فكأنه يقول: يا رب أخطأت وأسأت وأذنبت وقصرت في حقك، وتعديت حقوقك، وظلمت نفسي وغلبني شيطاني، وقهرني هواي وغرتني نفسي الأمارة بالسوء، واعتمت علي سعة حلمك وكريم عفوك، وعظيم جودك وكبير رحمتك.


فالآن جئت تائبا نادما مستغفرة، فأصفح عني، وأعف عني، وسامحني، وأقل عثرتي، وأقل زلتي، وأمح خطيئتي، فليس لي رب غيرك، ولا إله سواك.




* * *
[FONT=&quot]
[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) الاستغفار، فضله وأثره/ /ص13، القسم العلمي بدار خزيمة، الرياض، ط1، 1424هـ -2003م.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]) سورة آل عمران: 135.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref3[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]) سورة الزمر: 53.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref4[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot]) رواه الحاكم.[/FONT]
 
النجاة من عذاب الله([1])
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس شيء أنجى للمؤمن من عذاب الله من ذكر الله، وأكثر ما يجد المؤمن في صحيفته يوم القيامة الاستغفار في الليل والنهار». فكل من كان في الدنيا من قراءة كتابه خائفا مشفقا، كان الله تبارك وتعالى به عند قراءته إياه رحيما مرفقا. ومن كان في الدنيا من الغافلين، كان عند قراءته من النادمين.


لو رأيتم يا أهل الذنوب ما قد أثبت عليكم في الديوان، من الخطايا والعصيان، والزور والبهتان، والزيادة والنقصان، والغفلة والنسيان، لعظمت منكم المصائب، وكثرت منكم النوائب، ولسارعتم إلى الثواب والرغائب، ولثبتم إلى رب المشارق والمغارب. وأنشدوا:


ما بال عينك لا تبكي لما سلفا




ذكر الذنوب وخوف النار والتلفا


يا أيها المذنب المحصى جرائمه




لا تنس ذنبك واذكر منه ما سلفا


من الذنوب التي لم تبل جرتها




وكيف تبلى وقد أودعتها صحفا


أما تخاف أما تخشى فضائحها




إذا الغطاء انجلى عنهن وانكشفا





واعلموا معاشر المذنبين لو أن الله تبارك وتعالى أطلع بعضنا على صحائف بعض، وكشف له ما فيها من الذنوب لكان الناس يشتغلون عن معايشهم بتعيير بعضهم لبعض، ولعنة بعضهم لبعض، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
* * *

يا معشر النساء

عن ابن عمر –رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا معشر النساء، تصدق وأكثرن من الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار».


قالت امرأة منهن: مالنا أكثر أهل النار؟ قال: «تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن».


قالت: ما نقصان العقل والدين؟ قال: «شهادة امرأتين بشهادة رجل، وتمكث الأيام لا تصلي»([2]). وقوله: لا، أي: تنسين معروف الزوج وجميله. وفي الحديث الآخر: «لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا يسيرا، قالت: ما رأيت منك خيرا قط».


قوله: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب مكن». اللب: العقل الخالص وذلك لعظم كيدهن، وقوة حيلهن. قال تعالى: [FONT=&quot]}إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ[FONT=&quot]{[/FONT]([3]).[/FONT]


وفي الحديث: استحباب وعظ النساء، وتعليمهن أحكام الإسلام وتذكيرهن بما يجب عليهن وحثهن على الصدقة والاستغفار.
وفيه: أن الصدقة والاستغفار من دوافع العذاب.
وفيه بذل النصيحة والإخلاص فيها لمن احتيج في حقه إلى ذلك، وفيه جواز طلب الصدقة للمحتاجين ولو كان الطالب غير محتاج، واستدل به على جواز صدقة المرأة من مالها من غير توقف على إذن زوجها أو على مقدار معين والله أعلم([4]).


أما قوله صلى الله عليه وسلم: «وأكثرن من الاستغفار» دليل على أن الاستغفار سبب في نجاة المرأة عما يكون قد بدر منها من سوء العشرة الزوجية أو ما ارتكبته من خلل أو خطأ في حق زوجها وفيه دلالة أيضا على أن الاستغفار سبب في النجاة من النار يوم القيامة.


فيا أختي المسلمة: عليك بالاستغفار امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حتى تكوني من الفائزين في الدنيا والآخرة إن شاء الله([5]).

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) بستان الواعظين ورياض السامعين، تحقيق مجدي الشهاوي، ص120، ط1، 1994م.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]) رواه مسلم.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref3[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]) سورة يوسف: 28.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref4[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot]) سورة تطريز رياض الصالحين، فيصل آل مبارك، ص1074، ط1 -1423هـ -2002م.[/FONT]

http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1721515#_ftnref5[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot]) التداوي بالاستغفار،حسن بن أحمد همام.[/FONT]
 
العودة
Top Bottom