التفاعل
10.3K
الجوائز
2.5K
- تاريخ التسجيل
- 8 جانفي 2010
- المشاركات
- 10,646
- آخر نشاط
- الوظيفة
- تاجر
- الأوسمة
- 2

[FONT=&]بسم الله الرحمن الرحيم[/FONT]
[FONT=&]رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة[/FONT]
[FONT=&]للشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله[/FONT]
[FONT=&]ويشهد أهل السنة أن المؤمنين يرون ربّهم ـ تبارك وتعالى ـ يوم القيامة بأبصارهم ، وينظرون إليه على ما ورد به الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :" إنكم ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر " . والتشبيه في هذا الخبر وقع للرؤية بالرؤية ، لا للمرئي بالمرئي ، والأخبار الواردة في الرؤية مخرّجة في كتاب ( الانتصار ) بطرقها .[/FONT]
[FONT=&]القاعدة الأساسية عند أهل السنة أنهم يؤمنون بالله ـ تبارك وتعالى ـ وبأسمائه وبصفاته سبحانه وتعالى على الوجه اللائق به ، ويؤمنون بكل ما ثبت في القرآن والسنة ، فكل ما ورد في القرآن وما ثبت من سنة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ يؤمنون به على الوجه اللائق بالله عزّوجلّ من غير تحريف ولا تمثيل ومن غير تشبيه ولا تعطيل .[/FONT]
[FONT=&]والعقائد التي يؤمن بها أهل السنة ويخالفون فيها أهل الضلال معروفة ، وقد مر بنا الشيء الكثير في هذا الكتاب .[/FONT]
[FONT=&]ومن هذه العقائد التي يتميز بها أهل السنة عن أهل الضلال : أنهم يؤمنون بأن الله يُرى يوم القيامة ، ويراه عباده المؤمنون في الجنة ، ويُرى قبل ذلك في عرصات يوم القيامة ، والرؤية التي يتميز بها المؤمنون هي رؤية الله في الجنة ، وتشير الأحاديث أو تدل على أن في عرصات القيامة يشترك المؤمنون وغيرهم في ( رؤية الله ) ، فالمنافقون يدخلون في ذلك ، لكنها رؤية لا تفيدهم ، إذ يكشف الله عن ساقه سبحانه وتعالى فيخرّ المؤمنون سجدا لله ، والمنافقون لا يستطيعون ذلك ، فكلما أرادوا أن يسجدوا لا يستطيعون ذلك ، كما قال الله ـ تبارك وتعالى ـ (( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون )) [ القلم 42 ] ، ثم يراه المؤمنون في الجنة .[/FONT]
[FONT=&]قال المصنف رحمه الله [/FONT][FONT=&][FONT=&]( ويشهد أهل السنة أن المؤمنين يرون ربهم ـ تبارك وتعالى ـ يوم القيامة بأبصارهم ) [/FONT][/FONT][FONT=&]والأدلة على ذلك كثيرة متواترة ، يعني : بلغت حد التواتر ، رويت عن ثلاثين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، هذا في السنة ، أما القرآن ففيه آيات وردت في ذلك .[/FONT]
[FONT=&]منها : قول الله ـ تبارك وتعالى ـ (( وجوه يومئذ ناضرة ـ إلى ربها ناظرة )) [ القيامة : 22 ـ 23 ] ، (( وجوه يومئذ ناضرة )) يعني : من النضرة وهي الحسن والجمال من آثار النعيم الذي أنعم الله به عليهم في الجنة (( إلى ربها ناظرة )) من النظر بمعنى الرؤية بالأبصار ، يبصرون الله ويرونه سبحانه وتعالى سبحانه وتعالى في جنات النعيم .[/FONT]
[FONT=&]ومنها : قوله ـ تبارك وتعالى ـ : (( إن الأبرار لفي نعيم ـ على الآرائك ينظرون )) [ المطففين : 22 ـ 23 ] ينظرون إلى ربهم وهم في الجنة على الآرائك ، والأرائك هي السرر تحت الحجال ، بخلاف الكفار فإنهم في هذه السورة وهي( سورة المطففين ) قال الله في حقهم (( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )) [ المطففين : 15 [ هذا في صفات الكفار ، وفي صفات المؤمنين في نفس السورة قال : (( إن الأبرار لفي نعيم ـ على الآرائك ينظرون )) بل أكد هذا النظر مرة أخرى في هذه السورة نفسها . فمن الأدلة على حصول هذه الرؤية للمؤمنين ما ذكرنا من هاتين الآيتين .[/FONT]
[FONT=&]ومنها ـ أيضا ـ قول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة )) [ يونس : 26 ] الحسنى : هي الجنة ، والزيادة : النظر إلى وجه الله الكريم ، وقد روى الإمام مسلم من حديث صهيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل أهل الجنة الجنة ـ قال ـ : يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيّض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجّنا من النار ؟ ـ قال ـ : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم عزّوجلّ ، ثم تلا : (( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة )) [ يونس : 26 ] . [/FONT]
[FONT=&]فهذا من تفسير النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لهذه الزيادة ، فذكر في هذا الحديث أنهم بعد أن يدخلهم الله الجنة يقول لهم : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟ هذا كله فوز عظيم ـ وتبييض الوجه إشارة إلى قول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه )) [ آل عمران : 106 ] تبيض وجوه المؤمنين وتسود وجوه الكافرين والمنافقين ، وهذا مثل قوله تعالى : (( وجوه يومئذ مسفرة ـ ضاحكة مستبشرة ـ ووجوه يومئذ عليها غبرة ـ ترهقها قترة ـ أولئك هم الكفرة الفجرة )) [ عبس : 38 ـ 42 ].[/FONT]
[FONT=&]فمن أعظم نعيم الله لعباده المؤمنين في الجنة وأجزلها أن يتفضل عليهم برؤيته سبحانه وتعالى ، فما يرون نعيما أفضل من أن يروا ربهم ـ تبارك وتعالى ـ فالجنة وما فيها من حور وقصور وأنهار ..إلى آخره ، كل النعيم الذي فيها يتقاصر أن يصل إلى نعمة رؤية الله ـ تبارك وتعالى ـ .[/FONT]
[FONT=&]ومن الأدلة كذلك أن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ سألوا رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : ( هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال : هل تضارون في الشمس ليس دونها حجاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله . قال هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله . قال : فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك ) ، فهذا تشبيه للرؤية بالرؤية لا للمرئي بالمرئي ، كما أشار المصنف إلى هذا ، فالرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ يؤكد لهم أن الله يُرى حقيقة ، رؤية حقيقية ، فكما لا نشك ولا نتضار في رؤية الشمس ليس دونها سحاب ورؤية القمرليلة البدرليس دونه سحاب ، كذلك نرى الله ـ تبارك وتعالى ـ .[/FONT]
[FONT=&]فهذا كما قلنا تشبيه للرؤية بالرؤية ، وهذا التمثيل من الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ تأكيد لإثبات أن المؤمنين يرون ربهم ، فمثل لهم بأوضح الأشياء حتى لا يبقى هناك أي شك يساور المؤمنين في رؤية الله عزّوجلّ .[/FONT]
[FONT=&]وفي حديث جرير : أنه نظر إلى القمر ليلة البدر قال : ( إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته ) .[/FONT]
[FONT=&]وأحاديث كثيرة جدا بلغت حد التواتر ،منها الأحاديث التي ذكرناها فهي كثيرة جدا ولا ينكرها إلا كافر ، إذ أن السلف كفّروا من أنكر رؤية الله ، لأنهم أنكروا أمورا متواترة من كتاب الله ومن سنة رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ .[/FONT]
[FONT=&]وممن ينكر رؤية الله عزّوجلّ [/FONT][FONT=&]المعتزلة والجهمية[/FONT][FONT=&] ، فهم ينكرون رؤية الله ـ تبارك وتعالى ـ لأنه لا تُرى ـ عندهم ـ إلا الأجسام ومن لوازم الرؤية ثبوت الجهة ، وإذا قلنا إن الله في جهة شبهناه بخلقه ، إلى آخر الضلالات التي اخترعوها يعارضون بها نصوص الكتاب والسنة .[/FONT]
[FONT=&]ومن أدلتهم : قول الله تعالى : (( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير )) [ الأنعام : 103 ] ، والأية حجة عليهم لا لهم ، لأن نفي الإدراك لا ينفي الرؤية ، إذ الإدراك معناه : الإحاطة ، يعني : لا يحيطون به رؤية (( لا تدركه الأبصار )) لا يحيطون به رؤية ، ففي الدنيا لا يرونه ، وفي الآخرة يرونه لكن لا يحيطون به ، فكما لا يحيطون به علما كذلك لا يحيطون به رؤية ، فإذا كانت العقول تعلم الله لكن لا تحيط به ، كما قال تعالى : (( ولا يحيطون به علما )) [ طه : 110 ] فكذلك المؤمنون يرون ربهم في الجنة ولا يدركونه ، لأنه سبحانه وتعالى (( لا تدركه الأبصار )) يعني : (( ولا يحيطون به علما )) ولا يحيطون به رؤية ، فليس لهم في الآية حجة .[/FONT]
[FONT=&]كذلك احتجوا بقول الله تعالى لموسى لما سأل ربه أن ينظر إليه ، قال الله (( لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني )) [ الأعراف : 143 ] قالوا : فالله لم يمكّن موسى من الرؤية وقال : (( لن تراني )) [/FONT]
[FONT=&]فهذه من شبههم والآية كما يقول أهل السنة : حجة عليهم لا لهم ، لأن موسى من أعلم الناس بالله أو أعلم الناس في زمانه بالله رب العالمين ، كيف يسأل ربه الرؤية وهي حرام وهي مستحيلة ؟ ما سأله إلا وهو مقتنع بأن رؤية الله ممكنة ، لو كان يعتقد أنها مستحيلة ما سأل ربه عزّوجلّ والله سبحانه وتعالى لم يقل ( ما أرى ولا تجوز رؤيتي ) وإنما قال : (( لن تراني )) أي في هذه الدنيا .[/FONT]
[FONT=&]قالوا : (( لن )) تفيد التأبيد[/FONT]
[FONT=&]قال لهم أهل السنة : كذبتم على اللغة ، قال الله في حق اليهود في الموت : (( ولن يتمنوه أبدا بما قدّمت أيديهم )) [ البقرة 95 ] ثم أخبر ـ تبارك وتعالى ـ أنهم في الآخرة يتمنون الموت (( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون )) [ الزخرف : 77 ] فهم يطلبون ويتمنون ويطلبون لكن لا يتحقق لهم ، فالنفي بـ (( لن )) إذن ليس للتأبيد ، فالنفي بها في هذا السياق نفي للرؤية في الدنيا وأما الآخرة فلا ، فالآية لا تتناول نفي الرؤية في الآخرة .[/FONT]
[FONT=&]وهكذا لا يأتي أهل الباطل بشبهة إلا وفي القرآن والسنة ما يبطلها ويدحضها .[/FONT]
[FONT=&]وقوله : (يرون ربهم ـ تبارك وتعالى ـ يوم القيامة بأبصارهم ) يعني : يرون الله بأبصارهم لا بالبصائر ، خلافا للأشاعرة لأنهم يقولون إنهم يؤمنون بالرؤية وفي نفس الوقت ينفون الجهة عن الله عزّوجلّ فاضطربوا وتحيّروا ماذا يقولون ؟ قالوا :يُرى منكل الجهات ، وهذا كلام غير معقول ، وهذه عقيدة الحلول ، يرى في كل مكان ، أو قالوا : يُرى بالبصائر يعني : رؤيته تتجلى للبصائر ، وهم دائما ـ يعني الأشاعرة ـ ماسكين بوسط العصا كما يقال ، مذهب سياسي .[/FONT]
[FONT=&]يتابعون المعتزلة والجهمية في كثير من الأشياء ويريدون أن يحافظوا على مكانتهم بأنهم أهل السنة مع الأسف الشديد .[/FONT]
[FONT=&]قال المصنف رحمه الله : [/FONT][FONT=&]( وينظرون إليه على ما ورد به الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : " إنكم ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر " . والتشبيه في هذا الخبر وقع للرؤية بالرؤية لا للمرئي بالمرئي والأخبار الواردة في الرؤية مخرّجة في كتاب ـ الانتصار ـ بطُرقها )[/FONT][FONT=&] المصنف لم يشر إلى تواتر الأحاديث في هذا الباب ، وكأنه ألّف هذا الكتاب وهو في رحلة من الرحلات فما كانت له مراجع . على كل حال أخرجها في كتابه الذي ذكره ، ولم يذكر هنا أنها متواترة ،وهي متواترة فعلا . [/FONT]
[FONT=&]المصدر :
[/FONT]
[FONT=&]عقيدة السلف وأصحاب الحديث [ص 240 ـ 247 ][/FONT]
[FONT=&]لأبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني رحمه الله[/FONT]
[FONT=&]شرح الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله [/FONT]
[/FONT]
[FONT=&]عقيدة السلف وأصحاب الحديث [ص 240 ـ 247 ][/FONT]
[FONT=&]لأبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني رحمه الله[/FONT]
[FONT=&]شرح الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله [/FONT]
آخر تعديل: