بينَ سُقوطِ الرّافعة وتدافُع مِنَى !

Hakan

:: مراقب عام ::
طاقم الرقابة

استأجر أعرابيٌّ بيتاً، وسمعَ صوتاً يصدر من سقفه يوحي بأنّه متهالك، فأخبرَ صاحبَ البيتِ بذلك، فقال له : هذا صوت تسبيحه، أما علمتَ أنّه ما من شيء إلا يُسبّح بحمده ؟!
فقال الأعرابيّ : أخشى أن يدركه الخشوعُ فيسجدَ علينا !
ما قاله الأعرابيّ على سبيل الدّعابة، قاله كثيرون حين سقطت الرّافعة في الحرم المكيّ على سبيل الجِدّ ! أسموها « الرّافعة السّاجدة « ! وقالوا أنّها نزلت لترفع النّاس إلى الجنّة ! عموماً الحمدُ لله أنّ بقيّة الرّافعات كان قلبها قاسياً فلم يدركها الخشوع كأختها الرّافعة المؤمنة وإلا لكان الحج هذا العام في الجنّة !
المنطقُ الذي يبحثُ في نتائج الحوادث ولا يبحثُ في أسبابها منطقٌ مثير للغثيان ! نحن نؤمن أنّ صاحب الهدم شهيد، ولكن هذا لا يعني أن نبني العمارات بغشّ لتقعَ ونرسل النّاس إلى الجنّة، ونؤمن أن الحريق شهيد ولكن لا يعني أن نبني الفنادق والمنازل دون انذارات حريق ووسائل مكافحتها لنرسل النّاس إلى الجنّة ! هذا فساد يجب محاربته بغض النظر عن مصير ضحاياه عند الله !
نحن الذين كان لنا قراءة مختلفة للحدث، لم نكن قلقين على مصير النّاس بعد الموت، فهم ضيوف الرحمن وماتوا في أحبّ بيوته إليه، وهو سبحانه أكرم من استضاف، وأسخى من أعطى، وأعدل من حكم، وأرحم من قاضى. ولم نكن نعترض على قدر الله، وإنما قلنا أنّ هذه الدنيا دار أسباب، وإن كان السبب الذي تحقق فيه قدر الله ناتج عن إهمال فيجب معاقبة هذا المهمل! ومن الجميل - إن كان في الأمر جميلاً - أنّ السلطات كانت على قدر الحدث، وتحمّلت مسؤولياتها الأخلاقيّة والمادّية، عاقبت من رأت تقصيره سبباً لوقوع قدر الله، دفعت ديات القتلى، وتعويضات المصابين، وحملتهم بجراحهم ليكملوا مناسكهم .
هذا الكوكب سيتابع دورانه ، وسيستمر فيه صراع الحياة والموت، وستقع الحوادث في أصغر دولة وأكبرها لا مفرّ من هذا، ولكن أشدّ إيلاماً من وقوع الحوادث أن لا يتحمل النّاس فيها مسؤولياتهم !
وما كادت شمسُ حادثة الرّافعة أن تأفل، والقلوب أن تلتئم، حتى وقعت حادثة التدافع الأليمة في مِنى، ولطالما كانت مِنى أم الحوادث وكانت قراءة هذه الحوادث تُنتج تدابير جديدة للحدّ منها ، وكانت هذه الدراسة مهمة العلم الشرعيّ والسلطة السياسية على حدّ السّواء، وعملاً بالقاعدة الفقهية : إذا ضاق المكان اتسع الزمان، وإذا ضاق الزمان اتسع المكان. أعمل الفقهاء عقولهم في النصوص متخذين من سماحة الإسلام ويسره تدابير وأحكاماً تُيسّر أمر الحجيج دون أن تمسّ بتمام شعيرتهم ! وكانت السلطات المتعاقبة تشق الطرق،وتبني الجسور، وتذلل الصعاب، تنجح أحياناً وتخفق أحياناً، وهذا شأن من يعمل ! وما تقوم به السلطة المنظمة للحج اليوم جهد جبّار لا ينكره إلا رأي صدر عن حقد ، ولكن المطالبة بمحاسبة المقصر والمهمل لا يعني إنكار هذه الجهود الجبارة فقهياً ومادياً ! ولكن علينا أن نعترف أن الغالبية العظمى من مؤدي هذه الشعيرة يفتقرون لحسّ المسؤولية إما عن جهل أو عن عمد ! الحج أكبر كثافة بشريّة في أضيق بقعة جغرافيّة على ظهر هذا الكوكب، وهذا يتطلب وعياً استثنائياً للمخاطر التي يتنجها هذا الزّحام، بأمّ عيني مشيتُ مرّةً في عرفة فرأيتُ حاويات القمامة شبه فارغة والطرقات شبه ممتلئة، حين تكون شوارع الفاتيكان أنظف من شوارع عرفة فهذا سقوطنا المدوي أفرداً لا سقوط السلطة المنظمة للحج، ومهمة أية سلطة تنظم الحج أن تضع الحاويات ولكن ثقافة وضع القمامة فيها مهمة تربية كل فرد وثقافته وأخلاقه، المسألة ليست مسألة قمامة بقدر ما هي مسألة عقليّة وسلوك، فالشخص الذي يلقي قمامته أرضاً والحاوية تبعد عنه مسافة ذراع لن أُصدّق أنّه سيتبع الإرشادات التي تحدد له وقت رجمه والطرق التي عليه أن يتبعها في منى، لم يتبقّ إلا أن يتمّ تعين شرطيّ لكل حاج يستلمه من المطار ويؤدي معه مناسكه، ويجمع قمامته، ويحثه على اتباع التعليمات. والارشادات ثم يرجعه إلى المطار ! علينا أن نحاسب أنفسنا أولاً قبل أن نحاسب أية سلطة، علينا أن نتعلم الحج قبل أن نؤديه، لا أن نتعلم مناسكه فقط ، وإنما مخاطره، وطرق السلامة فيه ، في أندونيسيا وماليزيا يقيمون دورات للحجاج، ومن لا ينجح فيها يُحرم الحج، وكل من حجّ يعرف أنهم أكثر البعثات تنظيماً وترتيباً واتباعا للارشادات وبالتالي أقلهم تعرضاً للحوادث !
رحم الله من مات ضيفاً عند ربه، ولكن علينا نحن قبل كل شيء أن نعرف أن حياتنا وحياة الآخرين هي مسؤوليتنا قبل أن تكون مسؤولية السلطات المنظمة للحج، وأن أهمالاً صغيراً قد يكون سبباً لفاجعة كبيرة، وأن الملايين التي تمتثل وتنتظم بأقل من دقيقة حين يقول إمام الحرم : استووا ! عليها أن تعرف أن امتثال الأوامر واتباع الإرشادات فيه نفس قدسيّة اتباع الإمام في الصلاة، لأن فيه حفظ النّفس، وهذا أحد مقاصد الشّريعة !
أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطريّة
 
رد: بينَ سُقوطِ الرّافعة وتدافُع مِنَى !

كل ماقلته صحيح وبارك الله فيك لازم نحاسب انفسنا قبل ما نحاسب غيرنا
ان لله وان اليه راجعون ورحم الله امواتنا
 
رد: بينَ سُقوطِ الرّافعة وتدافُع مِنَى !

السّلام عليكم
بارك الله فيك خويا حكيم
ونكتفي بقول بارك الله فيك, خاطر كن نهدر نديرلك قسم واش راك تهدر هنا
خاطر قلبي راهو معمر , مالا نسكت خير
ربي يهدينا وربي يجيب الخير, وكملاحظة نهار شفت في التلفاز في ماليزيا مدايرين
كعبة افتراضية والناس تتعلم كيفاه تحج, تما عرفت علاه حنا بقينا ديما في الخلف
ربي يستر هادا ماكان
شكرا على الموضوع
تقبل مروري
 
توقيع لؤلؤة قسنطينة
رد: بينَ سُقوطِ الرّافعة وتدافُع مِنَى !

لم اجد ما اضيف الى هدا المقال
فقد كان كافيا وافيا
شكرا لك حكيم و بارك الله فيك و في الكاتب
فعلا يلزمنا الكثير لنقول اننا نتبع السيرة المحمدية على اكمل وجه

 
توقيع أم منيــــــر
رد: بينَ سُقوطِ الرّافعة وتدافُع مِنَى !

السلآم عليكم
بارك الله في أخي حكيم
للاسف هدا هو واقعنا وهدا هو شعبنا العربي
الله يهدي ويصلح الاحوال
 
رد: بينَ سُقوطِ الرّافعة وتدافُع مِنَى !

بارك الله فيك اخي حكيم
مشكور على المقال لوافي
ما تركت لي مااضيف لك التحية
 
توقيع sami44
رد: بينَ سُقوطِ الرّافعة وتدافُع مِنَى !

بارك الله فيك على الكلام الباهي دليل على فهامتك ورزانتك هذه هي الهدرة خويا بصح مش كامل الناس تخمم كيفك ااااآي لقاوها سبة قلك ماتو راحو للجنة لوكان جاو منظمين ومريڨلين يصرا وش صرا في منى دليل على الهمجية و لآ مبالاة ....المهم الله يرحم لي مات ويشفي لي تجرح وربي يهدينا للطريق الصواب
.
.
تقبل مروري
 
توقيع عاشقة الكرة
رد: بينَ سُقوطِ الرّافعة وتدافُع مِنَى !

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،حقا بارك الله في صاحب المقال وناشره ،والله احسن تعبير عما حدث واحسن تحليل ورد عما كان .اللهم اهدي حكامنا العرب واهدي العرب والمسلمين ا جمعين
 
رد: بينَ سُقوطِ الرّافعة وتدافُع مِنَى !

أنا أوافق الكاتب في الذي كتبه
و لا اوافقه عما تناسى
فلم يذكر جانب المؤامرات التي تحاك من أناس
يكيدون لاهل السنة المكائد
و لازلت أصر ان وراء تدافع منى أياد فارسية
لكن الدلائل لم تبسط لنا الصورة و المعلومة الكاملة
لكن الأيام كفيلة لايضاح ذالك و تأكيده
علما انه هناك موسم من المواسم الفائتة
قتل في ساحة الكعبة أكثر من عشرون الفا من السنة في موسم حج
و من لا يعرف المعلومة يبحث عن القرامطة
و المقولة المشهورة
( أنا بالله و بالله أنا . الله يخلق و أفني أنا ) قالها انسان سفاح
و لي موضوع في الأيام القليلة القادمة بحول الله
حول هته المسالة و أخواتها​
 
توقيع الامين محمد
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom