التفاعل
5.7K
الجوائز
1.4K
- تاريخ التسجيل
- 14 جوان 2011
- المشاركات
- 4,531
- الحلول المقدمة
- 2
- آخر نشاط
- تاريخ الميلاد
- 31 ديسمبر 1984
- الجنس
- ذكر
- الأوسمة
- 30

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده .. و بعد :
روى البخاري في صحيحه (برقم: 100) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بموت العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا ».الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده .. و بعد :
حينما يتجرأ الجهال على ولوج ميدان الفتوى، و عندما يتهور الضالون المضلون فلا يهابون التوقيع عن ربِّ العالمين، لابد أن تكون نتيجة هذا التجرؤ ضحايا كثر، و حاصل هذا التهور فتن بين الناس و دمار في الأُسر.
و من ضحايا الإفتاء بغير علم ، ومن معطوبي الدمار الحاصل زميلٌ لي في العمل، وهو في العقد الخامس من العمر، الذي تقدم شاب لخطبة ابنته البكر، فبعد أن سأل عن الخاطب و عرف خلقه و دينه قبل به واتفق معه على يوم لعقد القران، فتم ذلك بنجاح ، و مرت الأيام و الشهور و صارت بنته تتحدث مع زوجها عبر الهاتف، الأمر الذي أحدث بينهما شقاقات و خلافات حتى تطور الأمر فطلقها زوجها، لكن البنت لم تخبر أهلها و لم يخبر الزوج أهله.
بعد ثلاثة أيام عاود الزوج المطلِّق الاتصال بطليقته و أخبرها أنه قد تسرع و ندم على ما فعل ، لكنه طَمأنها و أخبرها أن الأمر سهل، و هو أنه قد أرجعها دون أن يسمع أحد من أهله و لا من أهلها! مادام أنه طلقها تطليقة واحدة و أن عدَّتها لم تنقضِ بعد! و أنه عن قريب سيعمل لها عرسًا ينسيهَا في كل ما حدث بينهما من خلاف و فصال!!
لكن البنت لم يهنأ لها بال، و لم تطمئن لرأي زوجها الذي طلقها حتى أخبرت أهلها بما حدث في السر بينها و بينه عبر الهاتف، فصدم والدها بالخبر، و هم بالاستفسار عن النازلة التي نزلت بابنته ، ليعرف هل أصاب زوجها في طريقة مراجعتها و هي في بيت أبيها و لم يدخل بها بعد ؟!
قاطعته قائلا: ماذا فعلت إذن ومن سألت ، و هل لازالت بنتك عنده في البيت؟!
أجابني زميلي: أن البنت في بيت زوجها! و أنه سأل شخص وصفه بالكرم و الطيبة، يصلي معه في المسجد، عنده لحية و قميص و قلنسوة ؛ قال: مثلك في الشكل و الهيئة يعني!
فأجابه هذا الطيب الكريم –على وصف الزميل-و الجاهل في الوقت نفسه : لا بأس في الأمر! فمدّة ثلاثة أيام أقصر من أن تنقضي عدّة المطلقة، و له أن يراجعها إذن ، و مبارك عليكم الوليمة، و لا تنساني بتوجيه الدّعوة، فإني لدعوة الولائم مجيب و حريص!!
قال زميلي المسكين : ففرحت و ذهب عني الهم و الحزن، و طَمْأَنتُ ابنتي أن ليس في الأمر بأس ، فحَمِدَت ربها و اطْمَأَنَّتْ نفسها، ثم حان وقت الوليمة و إقامة العرس فتم الدخول و الله المستعان و لا حول و لا قوة إلا بالله.
أكمل زميلي: بعد سبع سنوات، زوج ابنتي حضر درس فقه في مسجد من مساجد مدينة سكيكدة ، و إذا بالإمام يتكلم عن حالات الطلاق، و تطرق إلى حالته و استدل بقول الله جل و علا :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}[الأحزاب:49]
و سمع الإمام يفصِّل و يقول : ... لا يحل له أن يراجعها إلا بعقدٍ جديدٍ ... !
فصُعق الرجل! و عرف أن زوجته لا تحل له ! لكن بعد ماذا؟ بعد سبع سنوات!!
ثم قال لي الزميل و هو يسألني: يا أخي هل إمام المسجد على حق؟ أم الرجل الذي سألته قبل الوليمة كان على حق؟ فأنا في حيرة و ورطة و ابنتي صارت في خطر!!
فأجبته بأن الحق مع الإمام و يجب عليك أن تنقل بنتك إلى بيتك ، و ذكرت له فتوى الإمام ابن باز رحمه الله – حيث قال (ج22ص305) : ... أما إذا كان ما خلا بها، ولا دخل بها فإنه إذا طلقها ولو طلقة واحدة بانت منه بنص القرآن، لا يحل لها الرجوع عليه إلا بعقد جديد، إذا كان عقد ثم طلق قبل أن يخلو، قبل أن يجامع، فهذه طلقة واحدة، تبينها منه، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}. فإذا طلقها قبل الدخول والخلوة فليس لها عدة، وليس له الرجوع إليها إلا بعقد جديد. اهـ
و أكدت له أيضًا أن الفتوى لأهل العلم فقط، و أنه يتوجب علينا أن نتوجه بمشاكلنا و ما ينزل علينا من نوازل إلى العلماء أهل الاختصاص و الفتوى، لا إلى الجهال و أنصاف المتعلمين، و ذكرت له أن الله جل و علا قد أمرنا بسؤال أهل العلم إذا جهلنا فقال : {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[الأنبياء:7]، و النبي صلى الله عليه و سلم قد أوصانا بالسؤال في حال ما جهلنا المسألة فقال عليه الصلاة و السلام : «ألا سألوا إذ لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال» .[رواه أبو داود:كتاب الطهارة 236 ]
قال سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز –رحمه الله- معلقًا على الحديث (ج6ص26) : فالواجب على طالب العلم وعلى كل مسلم أشكل عليه أمر من أمور دينه أن يسأل عنه ذوي الاختصاص من أهل العلم وأن يتبصر وأن لا يقدم على أي عمل بجهل يقوده إلى الضلال.
فعلى المسلمين أن يسألوا وعلى أهل العلم أن يبينوا، فالعلماء هم ورثة الأنبياء، وهم خلفاء الرسل في بيان الحق والدعوة إليه والإفتاء به، وعلى جميع المسلمين أن يسألوا عما أشكل عليهم، وأن يستفتوا أهل العلم.اهـ
فسألني و العرق يكاد يبل ملابسه : و ما الحل بعد سبع سنين؟!!
فأحلته بأن يرجع إلى عالم الجزائر شيخنا العلامة محمد علي فركوس حفظه الله و يسأله عن الحل و سيحصل خير بإذن الله تعالى.
فكلف من يسأل له الشيخ، فحصل له ذلك، و كان جواب الشيخ باختصار أن يعقد عقدًا شرعيًا جديدًا ثم يراجعها و تصير زوجته.
فحمد الله حمدًا كثيرًا أن يسر له سبل الخروج من ورطته و حمده على عدم وجود أولاد طول هذه الفترة.
إن هذا الزميل المسكين اتخذَ رأسًا جاهلا فسأله فأفتاه فأصبح نموذجًا من ضحايَا الإفتاء بغير علم !
المصدر ..منتديات البيضاء العلمية