صيانة الرياسة

الخليـل

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 جويلية 2011
المشاركات
5,234
نقاط التفاعل
5,403
النقاط
351
العمر
109
bouteff_667339165.jpg



al_hassani_113942239.jpg

محمد الهادي الحسني
"صيانة الرياسة ببيان القضاء والسياسة" هذا عنوان رسالة لا تزال مخطوطة، ويوجد جزءٌ منها (14 ورقة، أي 28 صفحة) في مكتبة الإسكندرية بمصر تحت رقم 11767. خزانة 6005.ج. فقه حنفي). (انظر: أبو القاسم سعد الله: رائد التجديد الإسلامي، محمد ابن العنابي)، ونضم أمنيتنا إلى أمنية استأذنا الدكتور أبي القاسم سعد الله – رحمه الله – بأن ييسّر لأحد الباحثين العثور على نسخة كاملة من هذه الرسالة، وتحقيقها ونشرها في الناس.


صاحب هذه الرسالة هو العالم الجزائري محمد بن محمود ابن العنابي (ت 1850)، الذي يظن أنه كان يتولى منصب الإفتاء في الجزائر على المذهب الحنفي عند ابتلائها بألعن كارثة أصابتها عبر تاريخها، وهي الاحتلال الفرنسي المشؤوم، الذي لا نزال نعاني من آثاره السيئة إلى اليوم ثقافيا، وسياسيا، واقتصاديا... ولا خلاص لنا من تلك الآثار الوخيمة على البلاد والعباد إلا بالتحرر الحقيقي في فرنسا ومن "خدّامها" المتغلغلين في مفاصل الدولة الجزائرية كتغلغل السرطان في جسم الإنسان.
ولمواقفه الشريفة من الاحتلال الفرنسي للجزائر نفته منها فرنسا في آخر 1830، أو في بداية 1831، وقد يكون أول من نُفي بعد الداي حسين وبطانته... وقد نُفي إلى الإسكندرية في مصر، حيث تولى منصب الإفتاء على المذهب الحنفي.. ولابن العنابي آراء متميزة تدل على عقلية فقهية ناضجة، لا تكتفي في الفقه بالأحكام، ولكنها تنشد الحكم.. أو ما سماه الإمام الإبراهيمي "فقه الفقه".
وقد اعتبره الدكتور أبو القاسم سعد الله – رحمه الله– "رائد التجديد الإسلامي"، ومن هذه الآراء ما جاء في كتابه المسمى "السعي المحمود في نظام الجنود"، الذي حققه الدكتور محمد ابن عبد الكريم، وقد كتبه ردا على ما أثير حول التنظيمات التي أدخلت على الجيش العثماني واعتبارها "تشبُّها بالكفار" ولذلك فهي "حرام" وكان رأي ابن العنابي الذي بسطه في الكتاب المذكور أن كل ما ثبت صلاحه عند غيرنا من غير المسلمين، مما لا يمسّ العقيدة والشريعة والأخلاق فنحن آثمون إن لم نأخذ به، اعتمادا على قاعدة "الحكمة ضالّة المؤمن".
كما كتب ابن العنابي رسالته "صيانة الرياسة" نزولا عند طلب محمد علي، والي مصر، ومما ورد فيها أنه "يحرم على القاضي قبول هدية من صاحب خصومة، وعدم مباشرة البيع والشراء، ولا يستقرض ولا يستعير، ويتجنّب بطانة السوء، وأن يباشر القضاء في أجمل هيأته، وأحسن ثيابه، وأعدل أحواله، بسكينةٍ ووقار..."
أما غضبتُكم إن كانت حقيقية، وتريدون الثأر من فرنسا فحرِّروا المنظومة التربوية من الفرنسية، فستصيبون فرنسا بـ"سكتة" دماغية، وتيأس من الجزائر كما يئس الكفار من أصحاب القبور.
أنا لستُ معنيا بموضوع الكتاب أو المخطوط، فهو في القضاء والقاضي، وتولية القاضي، وآدابه، وآداب مجلسه، وطبقات المسائل، ورسم القاضي والمفتي، فأنا لست قاضيا ولست مفتيا، ولكن الذي أعجبني فيه هو عنوانه "صيانة الرياسة".
وقد لفت نظري إليه بعد "العيطة" التي قام بها "أكابرنا"، الذين أضلونا و"أذلونا" ردا على الفعلة التي فعلها المسمى "فالس"، رئيس وزراء فرنسا بنشره تلك الصورة التي يُظهر فيها الأخ بوتفليقة في أسوإ أحواله، مما جعلنا سخرية الساخر، واستهزاء المستهزئ.
العيب ليس فيما فعله هذا الـ"فالس"، فمن جاء على أصله فلا سؤال عليه، وليس له من لائمة، ولكن العيب واللوم – كل العيب واللوم- يقعان على من سمح للـ"فالس" أن يجتمع ببوتفليقة وهو في تلك الحال، ليشمت – فيما بعد - به، وبالجزائر وبالجزائريين.
إن شماتة الأعداء – ومن أشدّ عداوة لنا من فرنسا؟ - أشد وقعا على نفوس الأحرار من وقع الحسام المهنّد. وقد جاء في القرآن الكريم أن سيدنا هارون قال لسيدنا موسى، عليهما السلام –عندما أخذ الثاني برأس الأول ولحيته:
"ّلا تشمت بي الأعداء" ولم يقُل له مثلا: لقد آلمتني، وأوجعتني..
لقد فتحتم أبواب "الرياسة" لـ"اللي يسوى واللي ما يسواش" خاصة من الفرنسيين، كرؤساء البلديات، ولاعبي كرة القدم، و...
لقد جاء في بعض الآثار أن الحسن بن علي – رضي الله عنهما - استأذن بالدخول على معاوية من أبي سفيان ..رضي الله عنهما – وهو في مرضه، فأذن له بعدما أصلح من هيأته، فلما مثُل بين يديه قال معاوية:
وتجلدي للشامتين أريهِمو** أني لريب الدهر لا أتضعضع
فصونوا "الرياسة" عن هذه "الخساسة"، واعلموا – كما قال الإمام الإبراهيمي - "أن وراء السياسة شيئا يسمى الكياسة" وهو من أبرز ما ينقصكم..
أما غضبتُكم إن كانت حقيقية، وتريدون الثأر من فرنسا فحرِّروا المنظومة التربوية من الفرنسية، فستصيبون فرنسا بـ"سكتة" دماغية، وتيأس من الجزائر كما يئس الكفار من أصحاب القبور.
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top