الزمـن الأخيـــر

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
وقُلتَ لي أنّك فقدت أهلك وقصيدتك الحلوة
كنتَ تسرد الأحداث بطريقةٍ تُزمجّر الأحاسيس
من أوّل الحُزن إلى آخر الوله
 
ما زلتُ أحتفظ بنصوصٍ كثيرة لم أنشرها ، وما يمنعني من نشرها إلاّ تلك الجرأة التي انتصرت بها على نفسي ، ولكن هذه الجرأة تصطدم بشتّى المفاهيم ، فحين أُعيد قراءتها أسأل نفسي ذاك السؤال الغبي: هل أنا من كتبها؟!
لقد مزجت بين الألوان وقرأت المُدن الصامتة ، حفرتُ مطولاً في أخاديد العدم ، عشقت حورية البحر ، صادقت السكارى والمردة ومدحت صفاتهم ، تعلمت رقص الباليه ودبكت مرةً مع امرأة غريبة لا أعرف اسمها ، استطلعت طرق مسالك الخير والشر ، جربت الانتحار وفشلت ، وسعيتُ جاهدًا لأفهم خطاب أبي المُموّه : سيظل قلبك تعبُك الدائم يا ولدي ؛ وحين أسأله لماذا يُجيب بلغة الإشارة!
 
في الصف الرابع الابتدائي كتب المعلّم على اللوح موضوعين وأجبر التلاميذ اختيار أحدهما والتعبير عنه بلغةٍ موجزة وكان ذلك في مبحث يُدرّس اسمه - التعبير - فما كان منّي أن تجاوزت ما كتب على اللوح وبدأت التعبير من داخلي ، فكتبت عدة صفحات أطلقت فيها العنان لخيالي بالتحليق عاليًا ومن ثم قدمت الموضوع للمُعلّم فلم يحاول قراءة النص بل اكتفى بقراءة العنوان وجُنّ جُنونه ، عنفني أمام التلاميذ حتّى جعلهم يسخرون منّي ، في ذلك اليوم بكيت كما لو أنني مطرود من كل العالم ، كنتُ أتساءل هل كان الموضوع الذي كتبته سيئاً لهذه الدرجة ، ولكنّي لم أوافق هذا الإحساس ، ولحين موعد وصول أبي لباب مدرستي حتّى وجدني مستغرقًا في البُكاء فقصصتُ عليه ما حدث ، وعند وصولنا للبيت طلب منّي قراءة الموضوع الذي كتبته عليه إذ ما زال عالقًا بكل جوارحي وعندما انتهيت من قراءته احتضنني ورفعني عاليًا بيديه وقال : من يكتب مثل ما كتبت يجب أن لا تزعجه سُخرية البعض لأنها ضريبة اختلاف ظاهرها انتقاص من قدرك وباطنها رفعة مكانتك وسمو إنسانك ، فلا يحزنك فعلهم يا عزيزي ، في اليوم التالي ذهبت للمدرسة رفقة أبي فتحدث مع مُعلّم المادّة وحين سأله أبي إذا كان قرأ الموضوع فأجاب بــ لا وبعد قراءته بطلبٍ من أبي بدت معالم الدهشة على وجهه واضحة وطلب منّي قراءته على مسامع التلاميذ داخل الغرفة الصفيّة فما كان منهم إلاّ أن صفقّوا واقفين حتّى شعرتُ بزهوٍ كبير بنفسي ، وفي صباح اليوم الثالث طلب منّي المُعلّم قراءة الموضوع في طابور الصباح في الإذاعة المدرسية وأمام كل تلاميذ المدرسة ، كان هذه الموقف نقطة تحوّل كبيرة في حياتي وأحسبه أوّل انتصارٍ بجهدٍ ذاتي خالص.
 
وكيف حالُكِ؟
- آهٍ لو تعرف كم ساء حالي
مُتعبة روحي / أفكّر في الذهاب بعيدًا
حيثُ تكون عزلة العالم رفيقي الأوحد
والدمع فرصةٌ أكيدة للراحة
ادعِ لي من أعماق قلبك
أنا أصدقك وأستأثر بك
تقول صديقتي العزيزة.
 
في الشارع العام
والشمس تتدلّى حامية فوق أعناق العباد، أخذتني نتمشّى ربما فاض الحُبُّ قليلاً، وعند أوّل ظلٍ قابلنا تحت شجرة التين العالية لزتني على جدار الوله، قبلتني بكل لهفتها الجامحة وقالت: ليتك لم تأتِ!
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top