سلسلة شرح الأربيعن نووية و تتمتها للشيخ العباد (شرح الحديث الثالث(الجزء الثاني و الأخير))

في ا
الجهر بالمعصية ليس من دواعي التكفير، بل هو مما يُحل عرض الجاهر بالتكلم فيه على وجه إستنكار ما جاء به من فعل سيئ يفعله على مرئ من الناس من غير حياء و لا خوف من المسبة و الذم.
أما جحد الدين و الكفر بأحكامه فهذا من نواقض الاسلام، و هناك نواقض أخرى ومن دون إطالة أتركك مع فتوى العلامة إبن باز رحمه الله، يقررها تقريرا مدللا مفصلا.
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد: فاعلم أيها المسلم أن الله سبحانه أوجب على جميع العباد الدخول في الإسلام والتمسك به والحذر مما يخالفه، وبعث نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم للدعوة إلى ذلك، وأخبر عز وجل أن من اتبعه فقد اهتدى، ومن أعرض عنه فقد ضل، وحذر في آيات كثيرات من أسباب الردة، وسائر أنواع الشرك والكفر، وذكر العلماء رحمهم الله في باب حكم المرتد أن المسلم قد يرتد عن دينه بأنواع كثيرة من النواقض التي تحل دمه وماله، ويكون بها خارجا من الإسلام، ومن أخطرها وأكثرها وقوعا عشرة نواقض ذكرها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب وغيره من أهل العلم رحمهم الله جميعا، ونذكرها لك فيما يلي على سبيل الإيجاز؛ لتحذرها وتحذر منها غيرك، رجاء السلامة والعافية منها، مع توضيحات قليلة نذكرها بعدها:

الأول: الشرك في عبادة الله تعالى، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[1]، وقال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ[2]، ومن ذلك دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، والنذر والذبح لهم كمن يذبح للجن أو للقبر.

الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم فقد كفر إجماعا.

الثالث: من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر.

الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه - فهو كافر.

الخامس: من أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به فقد كفر؛ لقوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ[3].

السادس: من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه كفر، والدليل قوله تعالى: قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ[4].

السابع: السحر، ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر، والدليل قوله تعالى: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ[5].

الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ[6].

التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم - كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام - فهو كافر؛ لقوله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[7].

العاشر: الإعراض عن دين الله، لا يتعلمه ولا يعمل به، والدليل قوله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ[8].

ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره، وكلها من أعظم ما يكون خطرا، وأكثر ما يكون وقوعا.

فينبغي للمسلم أن يحذرها، ويخاف منها على نفسه، نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى كلامه رحمه الله.

ويدخل في القسم الرابع: من اعتقد أن الأنظمة والقوانين التي يسنها الناس أفضل من شريعة الإسلام، أو أنها مساوية لها، أو أنه يجوز التحاكم إليها، ولو اعتقد أن الحكم بالشريعة أفضل، أو أن نظام الإسلام لا يصلح تطبيقه في القرن العشرين، أو أنه كان سببا في تخلف المسلمين، أو أنه يحصر في علاقة المرء بربه، دون أن يتدخل في شئون الحياة الأخرى، ويدخل في الرابع أيضا من يرى أن إنفاذ حكم الله في قطع يد السارق أو رجم الزاني المحصن لا يناسب العصر الحاضر، ويدخل في ذلك أيضا كل من اعتقد أنه يجوز الحكم بغير شريعة الله في المعاملات أو الحدود أو غيرهما، وإن لم يعتقد أن ذلك أفضل من حكم الشريعة؛ لأنه بذلك يكون قد استباح ما حرمه الله إجماعا، وكل من استباح ما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة؛ كالزنا، والخمر، والربا، والحكم بغير شريعة الله - فهو كافر بإجماع المسلمين.

ونسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يرضيه، وأن يهدينا وجميع المسلمين صراطه المستقيم، إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.

مفتي عام المملكة العربية السعودية

ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء

عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الجزء الاخير قلت النواقض بين الهازل و الجاد و الخائف و المكره فما هو الفرق بين الخائف و المكره
 
جزاك الله خيرا هل يمكن ان تشرح لنا سورة الاعراف و انا احب سماعها دائما و احيانا اتخيل نفسي منهم فهل هذا حرام و لماذا هذا التفكير مع اني اطبق شرع الله و ليس في قلبي الشر ابدا
لعل المقصود الأيات التي تذكر حال أهل الجنة و النار، فهذا تفسير العلامة السعدي رحمه الله لها.
" يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون "
لما أخرج اللّه بني آدم من الجنة, ابتلاهم بإرسال الرسل, وإنزال الكتب عليهم, يقصون عليهم آيات اللّه, ويبينون لهم أحكامه.
ثم ذكر فضل من استجاب لهم, وخسار من لم يستجب لهم فقال: " فَمَنِ اتَّقَى " ما حرم اللّه, من الشرك, والكبائر, والصغائر.
" وَأَصْلَحَ " أعماله الظاهرة والباطنة " فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ " من الشر الذي قد يخافه غيرهم " وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " على ما مضى.
وإذا انتفى الخوف والحزن, حصل الأمن التام, والسعادة, والفلاح الأبدي.

" والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "
" وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا " أي: لا آمنت بها قلوبهم, ولا انقادت لها جوارحهم.
" أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " كما استهانوا بآياته, ولازموا التكذيب بها, أهينوا بالعذاب الدائم الملازم.

" فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين "
أي: لا أحد أظلم " مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا " بنسبة الشريك له, والنقص له, والتقول عليه ما لم يقل.
" أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ " الواضحة المبينة للحق المبين, الهادية إلى الصراط المستقيم.
فهؤلاء, وإن تمتعوا بالدنيا, ونالهم نصيبهم مما كان مكتوبا لهم في اللوح المحفوظ - فليس ذلك بمغن عنهم شيئا, يتمتعون قليلا, ثم يعذبون طويلا.
" حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ " أي: الملائكة الموكلون بقبض أرواحهم, واستيفاء آجالهم.
" قَالُوا " لهم في تلك الحالة- توبيخا وعتابا - " أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ " من الأصنام والأوثان, فقد جاء وقت الحاجة, إن كان فيها منفعة لكم, أو دفع مضرة.
" قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا " أي: اضمحلوا وبطلوا, وليسوا مغنين عنا من عذاب اللّه من شيء.
" وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ " مستحقين للعذاب المهين الدائم.

" قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون "
فقالت لهم الملائكة " ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ " أي: في جملة أمم.
" قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ " أي: مضوا على ما مضيتم عليه, من الكفر والاستكبار, فاستحق الجميع الخزي والبوار, والخلود " فِي النَّارِ " .
كلما دخلت أمة من الأمم العاتية النار " لَعَنَتْ أُخْتَهَا " كما قال تعالى " ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا " .
" حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا " أي: اجتمع في النار, جميع أهلها, من الأولين والآخرين, والقادة, والرؤساء, والمقلدين الأتباع.
" قَالَتْ أُخْرَاهُمْ " أي متأخروهم, المتبعون الرؤساء " لِأُولَاهُمْ " أي: لرؤسائهم, شاكين إلى اللّه إضلالهم إياهم: " رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ " أي: عذبهم عذابا مضاعفا لأنهم أضلونا, وزينوا لنا الأعمال الخبيثة.
" قَالَ " اللّه " لِكُلِّ " منكم " ضِعْفٌ " ونصيب من العذاب

" وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون "
" وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ " أي: الرؤساء, قالوا لأتباعهم: " فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ " أي: قد اشتركنا جميعا في الغي والضلال, وفي فعل أسباب العذاب, فأي فضل لكم علينا؟.
" فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ " .
ولكنه من المعلوم, أن عذاب الرؤساء, وأئمة الضلال, أبلغ وأشنع, من عذاب الأتباع.
كما أن نعيم أئمة الهدى ورؤسائه أعظم من ثواب الأتباع.
قال تعالى " الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ " .
فهذه الآيات ونحوها, دلت على أن سائر أنواع المكذبين بآيات اللّه, مخلدون في العذاب, مشتركون فيه وفي أصله, وإن كانوا متفاوتين في مقداره, بحسب أعمالهم, وعنادهم, وظلمهم, وافترائهم, وأن مودتهم التي كانت بينهم في الدنيا, تنقلب يوم القيامة عداوة وملاعنة.

" إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين "
يخبر تعالى, عن عقاب من كذب بآياته, فلم يؤمن بها, مع أنها آيات بينات, واستكبر عنها, فلم ينقد لأحكامها, بل كذب وتولى - أنهم آيسون من كل خير, فلا تفتح أبواب السماء لأرواحهم, إذا ماتوا, وصعدت تريد العروج إلى اللّه, فتستأذن, فلا يؤذن لها.
كما لم تصعد في الدنيا إلى الإيمان باللّه,, ومعرفته, ومحبته, كذلك لا تصعد بعد الموت, فإن الجزاء من جنس العمل.
ومفهوم الآية, أن أرواح المؤمنين المنقادين لأمر اللّه, المصدقين بآياته, تفتح لها أبواب السماء, حتى تعرج إلى اللّه, وتصل إلى حيث أراد اللّه, في العالم العلوي, وتبتهج بالقرب من ربها, والحظوة برضوانه.
وقوله عن أهل النار " وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ " وهو البعير المعروف " فِي سَمِّ الْخِيَاطِ " أي: حتى يدخل البعير الذي هو من أكبر الحيوانات جسما, في خرق الإبرة, الذي هو من أضيق الأشياء.
وهذا من باب تعليق الشيء بالمحال.
أي: فكما أنه محال دخول الجمل في سم الخياط, فكذلك المكذبون بآيات اللّه, محال دخوله الجنة.
قال تعالى " إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ " .
وقال هنا " وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ " أي: الذين كثر إجرامهم واشتد طغيانهم.

" لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين "
" لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ " أي: فراش من تحتهم " وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ " أي: ظلل من العذاب, تغشاهم.
" وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ " لأنفسهم, جزاء وفاقا, وما ربك بظلام للعبيد.

" والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون "
لما ذكر تعالى عقاب العاصين الظالمين, ذكر ثواب المطيعين فقال: " وَالَّذِينَ آمَنُوا " بقلوبهم " وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " بجوارحهم, فجمعوا بين الإيمان والعمل, بين الأعمال الظاهرة والأعمال الباطنة, بين فعل الواجبات وترك المحرمات.
ولما كان قوله " وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " لفظا عاما يشمل جميع الصالحات, الواجبة والمستحبة, وقد يكون بعضها غير مقدور للعبد, قال تعالى: " لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا " أي: بمقدار ما تسعه طاقتها, ولا يعسر على قدرتها, فعليها في هذه الحال, أن تتقي اللّه, بحسب استطاعتها.
وإذا عجزت عن بعض الواجبات, التي يقدر عليها غيرها, سقطت عنها, كما قال تعالى: " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا " " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا " " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ " " فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ " .
فلا واجب مع العجز, ولا محرم مع الضرورة.
" أُولَئِكَ " أي: المتصفون بالإيمان والعمل الصالح " أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " أي: لا يحولون عنها, ولا يبغون بها بدلا, لأنهم يرون فيها من أنواع اللذات, وأصناف المشتهيات, ما تقف عنده الغايات, ولا يطلب أعلى منه.

" ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون "
" وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ " وهذا من كرمه وإحسانه, على أهل الجنة, أن الغل الذي كان موجودا في قلوبهم, والتنافس الذي كان بينهم, أن اللّه يقلعه ويزيله, حتى يكونوا إخوانا متحابين, وأخلاء متصافين.
قال تعالى: " وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ " ويخلق اللّه لهم من الكرامة, ما به يحصل لكل واحد منهم, الغبطة والسرور ويرى أنه لا فوق ما هو فيه من النعيم, نعيم.
فبهذا يأمنون من التحاسد والتباغض, لأنه قد فقدت أسبابه.
قوله " تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ " أي يفجرونها تفجيرا, حيث شاءوا, وأين أرادوا.
إن شاءوا في خلال القصور, أو في تلك الغرف العاليات, أو في رياض الجنات, من تحت تلك الحدائق الزاهرات.
أنهار تجري في غير أخدود, وخيرات, ليس لها حد محدود.
لهذا لما رأوا ما أنعم اللّه عليهم وأكرمهم به " وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا " بأن من علينا, وأوحى إلى قلوبنا, فآمنت به, وانقادت للأعمال الموصلة إلى هذه الدار, وحفظ اللّه علينا إيماننا وأعمالنا, حتى أوصلنا بها إلى هذه الدار.
فنعم الرب الكريم, الذي ابتدأنا بالنعم, وأسدى من النعم الظاهرة.
والباطنة, ما لا يحصيه المحصون, ولا يعده العادون.
" وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ " أي: ليس في نفوسنا قابلية للهدى, لولا أنه تعالى منَّ علينا بهدايته واتباع رسله.
" لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ " أي: حين كانوا يتمتعون بالنعيم, الذي أخبرت به الرسل, وصار حق يقين لهم, بعد أن كان علم يقين لهم - قالوا لقد تحققنا, ورأينا ما وعدتنا به الرسل, وأن جميع ما جاءوا به حق اليقين, لا مرية فيه ولا إشكال.
" وَنُودُوا " تهنئة لهم, وإكراما, وتحية, واحتراما.
" أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا " أي كنتم الوارثين لها, وصارت إقطاعا لكم, إذ كان إقطاع الكفار النار.
أورثتموها " بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " .
قال بعض السلف: أهل الجنة نجوا من النار بعفو اللّه, وأدخلوا الجنة برحمة اللّه, واقتسموا المنازل, وورثوها, بالأعمال الصالحة, وهي من رحمته, بل من أعلى أنواع رحمته.

" ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين "
يقول تعالى - بعد ما ذكر استقرار كل من الفريقين في الدارين, ووجدا ما أخبرت به الرسل, ونطقت به الكتب, من الثواب والعقاب, أن أهل الجنة نادوا أصحاب النار بأن قالوا: " أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا " حين وعدنا على الإيمان والعمل الصالح, الجنة, فأدخلناها, ورأينا ما وصفه لنا.
" فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ " على الكفر والمعاصي " حَقًّا " .
" قَالُوا نَعَمْ " قد وجدناه حقا, فبين للخلق كلهم, بيانا لا شك فيه, صدق وعد اللّه, ومن أصدق من اللّه قيلا, وذهبت عنهم الشكوك والشبه, وصار الأمر حق اليقين.
وفرح المؤمنون بوعد اللّه, واغتبطوا, وأيس الكفار من الخير, وأقروا على أنفسهم بأنهم مستحقون للعذاب.
" فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ " أي: بين أهل النار وأهل الجنة, بأن قال " أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ " أي: بعده وإقصاؤه, عن كل خير " عَلَى الظَّالِمِينَ " إذ فتح اللّه لهم أبواب رحمته, فصدفوا أنفسهم عنها, ظلما, وصدوا عن سبيل اللّه بأنفسهم, وصدوا غيرهم, فضلوا وأضلوا.

" الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون "
واللّه تعالى يريد أن تكون مستقيمة, ويعتدل سير السالكين إليه.
وهؤلاء " وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا " أي: منحرفة صادة عن سواء السبيل.
" وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ " .
وهذا الذي أوجب لهم الانحراف عن الصراط, والإقبال على شهوات النفوس المحرمة, عدم إيمانهم بالبعث, وعدم خوفهم من العقاب, ورجائهم للثواب.
ومفهوم هذا, أن رحمة اللّه على المؤمنين, وبره شامل لهم, وإحسانه, متواتر عليهم.

" وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون "
أي: وبين أصحاب الجنة, وأصحاب النار, حجاب يقال له " الأعراف " لا من الجنة, ولا من النار, يشرف على الدارين, وينظر من عليه, حال الفريقين.
وعلى هذا الحجاب, رجال يعرفون كلا من أهل الجنة والنار, بسيماهم, أي: علاماتهم, التي بها يعرفون ويميزون.
فإذا نظروا إلى أهل الجنة, نادوهم " أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ " أي: يحيونهم, ويسلمون عليهم.
وهم - إلى الآن - لم يدخلوا الجنة, ولكنهم يطمعون في دخولها ولم يجعل اللّه الطمع في قلوبهم, إلا لما يريد بهم من كرامته.

" وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين "
" وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ " ورأوا منظرا شنيعا, وهولا فظيعا " قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " .
فأهل الجنة - إذا رآهم أهل الأعراف - يطمعون أن يكونوا معهم في الجنة, ويحيونهم, ويسلمون عليهم.
وعند انصراف أبصارهم, بغير اختيارهم, لأهل النار, يستجيرون من حالهم هذا, على وجه العموم.

" ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون "
ثم ذكر الخصوص بعد العموم فقال: " وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ " وهم من أهل النار, وقد كانوا في الدنيا لهم أبهة وشرف, وأموال, وأولاد.
فقال لهم أصحاب الأعراف - حين رأوهم منفردين في العذاب, بلا ناصر ولا مغيث: " مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ " في الدنيا, الذي كنتم تستدفعون به المكاره, وتتوسلون به إلى مطالبكم في الدنيا, فاليوم اضمحل, ولم يغن عنكم شيئا.
وكذلك, أي شيء نفعكم استكباركم على الحق, وعلى ما جاء به, وعلى من اتبعه.

" أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون "
ثم أشاروا لهم, إلى أناس من أهل الجنة, كانوا في الدنيا فقراء ضعفاء يستهزئ بهم أهل النار, فقالوا لأهل النار: " أَهَؤُلَاءِ " الذين أدخلهم اللّه الجنة " الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ " احتقارا لهم, وازدراء, وإعجابا بأنفسكم, قد حنثتم في أيمانكم, وبدا لكم من اللّه, ما لم يكن لكم في حساب.
" ادْخُلُوا الْجَنَّةَ " بما كنتم تعملون, أي: قيل لهؤلاء الضعفاء, إكراما واحتراما: ادخلوا الجنة بأعمالكم الصالحة.
" لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ " فيما يستقبل من المكاره " وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ " على ما مضى, بل آمنون مطمئنون, فرحون بكل خير.
وهذا كقوله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ " إلى أن قال " فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ " .
واختلف أهل العلم والمفسرون, من هم أصحاب الأعراف, وما أعمالهم؟.
والصحيح من ذلك, أنهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم, فلا رجحت سيئاتهم, فدخلوا النار, ولا رجحت حسناتهم, فدخلوا الجنة فصاروا في الأعراف ما شاء اللّه.
ثم إن اللّه تعالى يدخلهم - برحمته - الجنة, فإن رحمته تسبق وتغلب غضبه, ورحمته وسعت كل شيء.

" ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين "
أي: ينادي أصحاب النار أصحاب الجنة, حين يبلغ منهم العذاب كل مبلغ, وحين يمسهم الجوع المفرط, والظمأ الموجع, يستغيثون بهم, فيقولون: " أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ " من الطعام.
فأجابهم أهل الجنة بقولهم: " إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا " أي: ماء الجنة وطعامها " عَلَى الْكَافِرِينَ " .
وذلك جزاء لهم على كفرهم بآيات اللّه, واتخاذهم دينهم الذي أمروا أن يستقيموا عليه, ووعدوا بالجزاء الجزيل عليه.

" الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون "
" لَهْوًا وَلَعِبًا " أي: لهت قلوبهم, وأعرضت عنه, ولعبوا, واتخذوه سخريا.
أو أنهم جعلوا بدل دينهم, اللهو واللعب, واستعاضوا بذلك عن الدين القيم.
" وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا " بزينتها وزخرفها, وكثرة دعاتها, فاطمأنوا إليها, ورضوا بها, وفرحوا, وأعرضوا عن الآخرة ونسوها.
" فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ " أي: نتركهم في العذاب " كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا " فكأنهم لم يخلقوا إلا للدنيا, وليس أمامهم عرض ولا جزاء.
" وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ " والحال أن جحودهم هذا, لا عن قصور في آيات اللّه وبيناته,

" ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون "
بل قد " جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ " أي بينا فيه جميع المطالب, التي يحتاج إليها الخلق " عَلَى عِلْمٍ " من اللّه بأحوال العباد في كل زمان ومكان, وما يصلح لهم وما لا يصلح.
ليس تفصيله تفصيل غير عالم بالأمور, فيجهل بعض الأحوال, فيحكم حكما غير مناسب.
بل تفصيل من أحاط علمه بكل شيء, ووسعت رحمته كل شيء.
" هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " أي: تحصل للمؤمنين بهذا الكتاب, الهداية من الضلال, وبيان الحق والباطل, والغيّ والرشد.
ويحصل أيضا لهم به الرحمة, وهي: الخير والسعادة في الدنيا والآخرة فينتفى عنهم بذلك, الضلال والشقاء.
وهؤلاء الذين حق عليهم العذاب, لم يؤمنوا بهذا الكتاب العظيم, ولا انقادوا لأوامره ونواهيه, فلم يبق فيهم حيلة, إلا استحقاقهم أن يحل بهم, ما أخبر به القرآن.

" هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون "
ولهذا قال: " هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ " أي: وقوع ما أخبر به, كما قال يوسف عليه السلام حين وقعت رؤياه: " هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ " .
" يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ " متندمين متأسفين على ما مضى, متشفعين في مغفرة ذنوبهم.
مقرين بما أخبرت به الرسل: " قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ " إلى الدنيا " فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ " وقد فات الوقت عن الرجوع إلى الدنيا.
" فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ " .
وسؤالهم الرجوع إلى الدنيا, ليعملوا غير عملهم, كذب منهم, مقصودهم به, دفع ما حل بهم, قال تعالى: " وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ " .
" قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ " حين فوتوها الأرباح, وسلكوا بها سبيل الهلاك.
وليس ذلك كخسران الأموال والأثاث, أو الأولاد, إنما هذا خسران, لا جبران لمصابه.
" وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ " في الدنيا, مما تمنيهم أنفسهم به, ويعدهم به الشيطان.
قدموا على ما لم يكن لهم في حساب, وتبين لهم باطلهم وضلالهم, وصدق ما جاءتهم به الرسل.
 
آخر تعديل:
في قوله عز وجل: إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِن دَافِعٍ سورة الطور7-8، كان موقف عمر رضي الله عنه وهو يسمع الآيات التي تذكر أهوال القيامة أنه يمرض، ويعوده الناس، لا يدرون ما به، والذي به تأثير القرآن.
فلعل ما تصوره نفسك لك، هو من تأثير القرأن وعدم الأمن من مكر الله، حتى صار الإنسان حين تتلى أيات النار يحسب نفسه أيلا إليها إن لم يلطف به الله و يتقبل منه و يعافيه من كثير من الشرور و من الوقوع في الفتن، و إذا تليت عليه أيات النعيم أو قرئها طمع في فضل الله و رحمته و إجتهد في تحصيل ذلك بالعمل الصالح و تقوى الله رب العالمين، و هذا هو عين الخوف الذي يمنع من أمن مكر الله و يحمل على ترك العجب و الغرور و الدعة و الركون إلى الدنيا و فتنها، و هو أيضا عين الرجاء الحامل على الإجتهاد في العمل الصالح و السعي في مرضاة الله رب العالمين.
 
اسأل
أتمنى متابعة بقية السلسلة لأن فيها الخير الكثير، و لتُقدمي الدعوة لمن أمنكك من العضوات و المشاهدات، و الدال على الخير كفاعله، و رب مبلغ فقه إلى من هو أفقه منه، و قد دعى عليه الصلاة و السلام بالنضارة لمبلغ العلم و الفقه من أحاديثه فقال
((نضَّرَ الله عبدًا سَمِع مقالتي فوعاها، فبَلَّغها مَن لَم يَسْمعها، فرُبَّ حامل فِقْه إلى مَن هو أفقه منه، ورُبَّ حامل فِقْه لا فِقْهَ له، ثلاث لا يغلُّ عليهنَّ قلبُ المؤمن: إخلاص العمَل لله، والنصيحة لولاة الأمر، ولزوم الجماعة؛ فإنَّ دعوتهم تكون من ورائهم)).
قال عبدالمحسن العباد في شرْح أبي داود: "فهذا الحديث المتواتِر مشتمل على دعاء من النبيِّ - عليه الصلاة السلام - لِمَن اشتغل بسُنته - عليه الصلاة والسلام - وبلَّغها وعَمِل بها - أنْ يجعلَه ذا نضرة وبهجة؛ حيث يكون وجْهه مُشْرقًا مُضيئًا في الدنيا والآخرة، فتكون عليه البهجة في الدنيا، ويكون ذا نضرة وبهجة في الآخرة، وقد جاء في القرآن الكريم: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22 - 23].
فالأُولَى بالضاد أُخت الصاد، وهي من النضرة التي معناها الإضاءةُ والإشراق، والثانية بالظاء أُخت الطاء من النظر بالعين، وهي الرؤية، وهي من أدلة أهل السُّنة والجماعة على إثبات رؤية الله في الدار الآخرة، والدعاء المذكور في الحديث سببُه أنَّ هذا المرء يقوم بهذه المهمة العظيمة، فيتلقَّى حديثَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويحفظه ويُبلِّغه إلى غيره؛ لأنه إذا حَفِظه وبلَّغه إلى غيره، قد يستنبط غيرُه منه ما يَخفى على ذلك الذي تحمَّل؛ ولهذا قال: ((ورُبَّ حامل فقه إلى مَن هو أفقه منه))؛ لأنه بذلك حَفِظ السُّنن، ومكَّن غيرَه من استنباط أحكامها".
اسال الله ان يعينني على ذلك
في قوله عز وجل: إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِن دَافِعٍ سورة الطور7-8، كان موقف عمر رضي الله عنه وهو يسمع الآيات التي تذكر أهوال القيامة أنه يمرض، ويعوده الناس، لا يدرون ما به، والذي به تأثير القرآن.
فلعل ما تصوره نفسك لك، هو من تأثير القرأن وعدم الأمن من مكر الله، حتى صار الإنسان حين تتلى أيات النار يحسب نفسه أيلا إليها إن لم يلطف به الله و يتقبل منه و يعافيه من كثير من الشرور و من الوقوع في الفتن، و إذا تليت عليه أيات النعيم أو قرئها طمع في فضل الله و رحمته و إجتهد في تحصيل ذلك بالعمل الصالح و تقوى الله رب العالمين، و هذا هو عين الخوف الذي يمنع من أمن مكر الله و يحمل على ترك العجب و الغرور و الدعة و الركون إلى الدنيا و فتنها، و هو أيضا عين الرجاء الحامل على الإجتهاد في العمل الصالح و السعي في مرضاة الله رب العالمين.
يسكنني الرعب حين افكر في ذلك و اخشى النار على نفسي فعندما اسمع للاعراف اقول لعلى الله يرحمني برحمته و يجعلني من اصحاب الاعراف
 
لعل المقصود الأيات التي تذكر حال أهل الجنة و النار، فهذا تفسير العلامة السعدي رحمه الله لها.
" يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون "
لما أخرج اللّه بني آدم من الجنة, ابتلاهم بإرسال الرسل, وإنزال الكتب عليهم, يقصون عليهم آيات اللّه, ويبينون لهم أحكامه.
ثم ذكر فضل من استجاب لهم, وخسار من لم يستجب لهم فقال: " فَمَنِ اتَّقَى " ما حرم اللّه, من الشرك, والكبائر, والصغائر.
" وَأَصْلَحَ " أعماله الظاهرة والباطنة " فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ " من الشر الذي قد يخافه غيرهم " وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " على ما مضى.
وإذا انتفى الخوف والحزن, حصل الأمن التام, والسعادة, والفلاح الأبدي.

" والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "
" وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا " أي: لا آمنت بها قلوبهم, ولا انقادت لها جوارحهم.
" أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " كما استهانوا بآياته, ولازموا التكذيب بها, أهينوا بالعذاب الدائم الملازم.

" فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين "
أي: لا أحد أظلم " مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا " بنسبة الشريك له, والنقص له, والتقول عليه ما لم يقل.
" أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ " الواضحة المبينة للحق المبين, الهادية إلى الصراط المستقيم.
فهؤلاء, وإن تمتعوا بالدنيا, ونالهم نصيبهم مما كان مكتوبا لهم في اللوح المحفوظ - فليس ذلك بمغن عنهم شيئا, يتمتعون قليلا, ثم يعذبون طويلا.
" حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ " أي: الملائكة الموكلون بقبض أرواحهم, واستيفاء آجالهم.
" قَالُوا " لهم في تلك الحالة- توبيخا وعتابا - " أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ " من الأصنام والأوثان, فقد جاء وقت الحاجة, إن كان فيها منفعة لكم, أو دفع مضرة.
" قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا " أي: اضمحلوا وبطلوا, وليسوا مغنين عنا من عذاب اللّه من شيء.
" وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ " مستحقين للعذاب المهين الدائم.

" قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون "
فقالت لهم الملائكة " ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ " أي: في جملة أمم.
" قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ " أي: مضوا على ما مضيتم عليه, من الكفر والاستكبار, فاستحق الجميع الخزي والبوار, والخلود " فِي النَّارِ " .
كلما دخلت أمة من الأمم العاتية النار " لَعَنَتْ أُخْتَهَا " كما قال تعالى " ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا " .
" حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا " أي: اجتمع في النار, جميع أهلها, من الأولين والآخرين, والقادة, والرؤساء, والمقلدين الأتباع.
" قَالَتْ أُخْرَاهُمْ " أي متأخروهم, المتبعون الرؤساء " لِأُولَاهُمْ " أي: لرؤسائهم, شاكين إلى اللّه إضلالهم إياهم: " رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ " أي: عذبهم عذابا مضاعفا لأنهم أضلونا, وزينوا لنا الأعمال الخبيثة.
" قَالَ " اللّه " لِكُلِّ " منكم " ضِعْفٌ " ونصيب من العذاب

" وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون "
" وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ " أي: الرؤساء, قالوا لأتباعهم: " فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ " أي: قد اشتركنا جميعا في الغي والضلال, وفي فعل أسباب العذاب, فأي فضل لكم علينا؟.
" فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ " .
ولكنه من المعلوم, أن عذاب الرؤساء, وأئمة الضلال, أبلغ وأشنع, من عذاب الأتباع.
كما أن نعيم أئمة الهدى ورؤسائه أعظم من ثواب الأتباع.
قال تعالى " الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ " .
فهذه الآيات ونحوها, دلت على أن سائر أنواع المكذبين بآيات اللّه, مخلدون في العذاب, مشتركون فيه وفي أصله, وإن كانوا متفاوتين في مقداره, بحسب أعمالهم, وعنادهم, وظلمهم, وافترائهم, وأن مودتهم التي كانت بينهم في الدنيا, تنقلب يوم القيامة عداوة وملاعنة.

" إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين "
يخبر تعالى, عن عقاب من كذب بآياته, فلم يؤمن بها, مع أنها آيات بينات, واستكبر عنها, فلم ينقد لأحكامها, بل كذب وتولى - أنهم آيسون من كل خير, فلا تفتح أبواب السماء لأرواحهم, إذا ماتوا, وصعدت تريد العروج إلى اللّه, فتستأذن, فلا يؤذن لها.
كما لم تصعد في الدنيا إلى الإيمان باللّه,, ومعرفته, ومحبته, كذلك لا تصعد بعد الموت, فإن الجزاء من جنس العمل.
ومفهوم الآية, أن أرواح المؤمنين المنقادين لأمر اللّه, المصدقين بآياته, تفتح لها أبواب السماء, حتى تعرج إلى اللّه, وتصل إلى حيث أراد اللّه, في العالم العلوي, وتبتهج بالقرب من ربها, والحظوة برضوانه.
وقوله عن أهل النار " وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ " وهو البعير المعروف " فِي سَمِّ الْخِيَاطِ " أي: حتى يدخل البعير الذي هو من أكبر الحيوانات جسما, في خرق الإبرة, الذي هو من أضيق الأشياء.
وهذا من باب تعليق الشيء بالمحال.
أي: فكما أنه محال دخول الجمل في سم الخياط, فكذلك المكذبون بآيات اللّه, محال دخوله الجنة.
قال تعالى " إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ " .
وقال هنا " وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ " أي: الذين كثر إجرامهم واشتد طغيانهم.

" لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين "
" لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ " أي: فراش من تحتهم " وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ " أي: ظلل من العذاب, تغشاهم.
" وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ " لأنفسهم, جزاء وفاقا, وما ربك بظلام للعبيد.

" والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون "
لما ذكر تعالى عقاب العاصين الظالمين, ذكر ثواب المطيعين فقال: " وَالَّذِينَ آمَنُوا " بقلوبهم " وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " بجوارحهم, فجمعوا بين الإيمان والعمل, بين الأعمال الظاهرة والأعمال الباطنة, بين فعل الواجبات وترك المحرمات.
ولما كان قوله " وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " لفظا عاما يشمل جميع الصالحات, الواجبة والمستحبة, وقد يكون بعضها غير مقدور للعبد, قال تعالى: " لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا " أي: بمقدار ما تسعه طاقتها, ولا يعسر على قدرتها, فعليها في هذه الحال, أن تتقي اللّه, بحسب استطاعتها.
وإذا عجزت عن بعض الواجبات, التي يقدر عليها غيرها, سقطت عنها, كما قال تعالى: " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا " " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا " " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ " " فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ " .
فلا واجب مع العجز, ولا محرم مع الضرورة.
" أُولَئِكَ " أي: المتصفون بالإيمان والعمل الصالح " أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " أي: لا يحولون عنها, ولا يبغون بها بدلا, لأنهم يرون فيها من أنواع اللذات, وأصناف المشتهيات, ما تقف عنده الغايات, ولا يطلب أعلى منه.

" ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون "
" وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ " وهذا من كرمه وإحسانه, على أهل الجنة, أن الغل الذي كان موجودا في قلوبهم, والتنافس الذي كان بينهم, أن اللّه يقلعه ويزيله, حتى يكونوا إخوانا متحابين, وأخلاء متصافين.
قال تعالى: " وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ " ويخلق اللّه لهم من الكرامة, ما به يحصل لكل واحد منهم, الغبطة والسرور ويرى أنه لا فوق ما هو فيه من النعيم, نعيم.
فبهذا يأمنون من التحاسد والتباغض, لأنه قد فقدت أسبابه.
قوله " تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ " أي يفجرونها تفجيرا, حيث شاءوا, وأين أرادوا.
إن شاءوا في خلال القصور, أو في تلك الغرف العاليات, أو في رياض الجنات, من تحت تلك الحدائق الزاهرات.
أنهار تجري في غير أخدود, وخيرات, ليس لها حد محدود.
لهذا لما رأوا ما أنعم اللّه عليهم وأكرمهم به " وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا " بأن من علينا, وأوحى إلى قلوبنا, فآمنت به, وانقادت للأعمال الموصلة إلى هذه الدار, وحفظ اللّه علينا إيماننا وأعمالنا, حتى أوصلنا بها إلى هذه الدار.
فنعم الرب الكريم, الذي ابتدأنا بالنعم, وأسدى من النعم الظاهرة.
والباطنة, ما لا يحصيه المحصون, ولا يعده العادون.
" وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ " أي: ليس في نفوسنا قابلية للهدى, لولا أنه تعالى منَّ علينا بهدايته واتباع رسله.
" لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ " أي: حين كانوا يتمتعون بالنعيم, الذي أخبرت به الرسل, وصار حق يقين لهم, بعد أن كان علم يقين لهم - قالوا لقد تحققنا, ورأينا ما وعدتنا به الرسل, وأن جميع ما جاءوا به حق اليقين, لا مرية فيه ولا إشكال.
" وَنُودُوا " تهنئة لهم, وإكراما, وتحية, واحتراما.
" أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا " أي كنتم الوارثين لها, وصارت إقطاعا لكم, إذ كان إقطاع الكفار النار.
أورثتموها " بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " .
قال بعض السلف: أهل الجنة نجوا من النار بعفو اللّه, وأدخلوا الجنة برحمة اللّه, واقتسموا المنازل, وورثوها, بالأعمال الصالحة, وهي من رحمته, بل من أعلى أنواع رحمته.

" ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين "
يقول تعالى - بعد ما ذكر استقرار كل من الفريقين في الدارين, ووجدا ما أخبرت به الرسل, ونطقت به الكتب, من الثواب والعقاب, أن أهل الجنة نادوا أصحاب النار بأن قالوا: " أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا " حين وعدنا على الإيمان والعمل الصالح, الجنة, فأدخلناها, ورأينا ما وصفه لنا.
" فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ " على الكفر والمعاصي " حَقًّا " .
" قَالُوا نَعَمْ " قد وجدناه حقا, فبين للخلق كلهم, بيانا لا شك فيه, صدق وعد اللّه, ومن أصدق من اللّه قيلا, وذهبت عنهم الشكوك والشبه, وصار الأمر حق اليقين.
وفرح المؤمنون بوعد اللّه, واغتبطوا, وأيس الكفار من الخير, وأقروا على أنفسهم بأنهم مستحقون للعذاب.
" فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ " أي: بين أهل النار وأهل الجنة, بأن قال " أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ " أي: بعده وإقصاؤه, عن كل خير " عَلَى الظَّالِمِينَ " إذ فتح اللّه لهم أبواب رحمته, فصدفوا أنفسهم عنها, ظلما, وصدوا عن سبيل اللّه بأنفسهم, وصدوا غيرهم, فضلوا وأضلوا.

" الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون "
واللّه تعالى يريد أن تكون مستقيمة, ويعتدل سير السالكين إليه.
وهؤلاء " وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا " أي: منحرفة صادة عن سواء السبيل.
" وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ " .
وهذا الذي أوجب لهم الانحراف عن الصراط, والإقبال على شهوات النفوس المحرمة, عدم إيمانهم بالبعث, وعدم خوفهم من العقاب, ورجائهم للثواب.
ومفهوم هذا, أن رحمة اللّه على المؤمنين, وبره شامل لهم, وإحسانه, متواتر عليهم.

" وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون "
أي: وبين أصحاب الجنة, وأصحاب النار, حجاب يقال له " الأعراف " لا من الجنة, ولا من النار, يشرف على الدارين, وينظر من عليه, حال الفريقين.
وعلى هذا الحجاب, رجال يعرفون كلا من أهل الجنة والنار, بسيماهم, أي: علاماتهم, التي بها يعرفون ويميزون.
فإذا نظروا إلى أهل الجنة, نادوهم " أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ " أي: يحيونهم, ويسلمون عليهم.
وهم - إلى الآن - لم يدخلوا الجنة, ولكنهم يطمعون في دخولها ولم يجعل اللّه الطمع في قلوبهم, إلا لما يريد بهم من كرامته.

" وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين "
" وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ " ورأوا منظرا شنيعا, وهولا فظيعا " قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " .
فأهل الجنة - إذا رآهم أهل الأعراف - يطمعون أن يكونوا معهم في الجنة, ويحيونهم, ويسلمون عليهم.
وعند انصراف أبصارهم, بغير اختيارهم, لأهل النار, يستجيرون من حالهم هذا, على وجه العموم.

" ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون "
ثم ذكر الخصوص بعد العموم فقال: " وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ " وهم من أهل النار, وقد كانوا في الدنيا لهم أبهة وشرف, وأموال, وأولاد.
فقال لهم أصحاب الأعراف - حين رأوهم منفردين في العذاب, بلا ناصر ولا مغيث: " مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ " في الدنيا, الذي كنتم تستدفعون به المكاره, وتتوسلون به إلى مطالبكم في الدنيا, فاليوم اضمحل, ولم يغن عنكم شيئا.
وكذلك, أي شيء نفعكم استكباركم على الحق, وعلى ما جاء به, وعلى من اتبعه.

" أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون "
ثم أشاروا لهم, إلى أناس من أهل الجنة, كانوا في الدنيا فقراء ضعفاء يستهزئ بهم أهل النار, فقالوا لأهل النار: " أَهَؤُلَاءِ " الذين أدخلهم اللّه الجنة " الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ " احتقارا لهم, وازدراء, وإعجابا بأنفسكم, قد حنثتم في أيمانكم, وبدا لكم من اللّه, ما لم يكن لكم في حساب.
" ادْخُلُوا الْجَنَّةَ " بما كنتم تعملون, أي: قيل لهؤلاء الضعفاء, إكراما واحتراما: ادخلوا الجنة بأعمالكم الصالحة.
" لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ " فيما يستقبل من المكاره " وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ " على ما مضى, بل آمنون مطمئنون, فرحون بكل خير.
وهذا كقوله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ " إلى أن قال " فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ " .
واختلف أهل العلم والمفسرون, من هم أصحاب الأعراف, وما أعمالهم؟.
والصحيح من ذلك, أنهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم, فلا رجحت سيئاتهم, فدخلوا النار, ولا رجحت حسناتهم, فدخلوا الجنة فصاروا في الأعراف ما شاء اللّه.
ثم إن اللّه تعالى يدخلهم - برحمته - الجنة, فإن رحمته تسبق وتغلب غضبه, ورحمته وسعت كل شيء.

" ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين "
أي: ينادي أصحاب النار أصحاب الجنة, حين يبلغ منهم العذاب كل مبلغ, وحين يمسهم الجوع المفرط, والظمأ الموجع, يستغيثون بهم, فيقولون: " أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ " من الطعام.
فأجابهم أهل الجنة بقولهم: " إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا " أي: ماء الجنة وطعامها " عَلَى الْكَافِرِينَ " .
وذلك جزاء لهم على كفرهم بآيات اللّه, واتخاذهم دينهم الذي أمروا أن يستقيموا عليه, ووعدوا بالجزاء الجزيل عليه.

" الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون "
" لَهْوًا وَلَعِبًا " أي: لهت قلوبهم, وأعرضت عنه, ولعبوا, واتخذوه سخريا.
أو أنهم جعلوا بدل دينهم, اللهو واللعب, واستعاضوا بذلك عن الدين القيم.
" وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا " بزينتها وزخرفها, وكثرة دعاتها, فاطمأنوا إليها, ورضوا بها, وفرحوا, وأعرضوا عن الآخرة ونسوها.
" فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ " أي: نتركهم في العذاب " كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا " فكأنهم لم يخلقوا إلا للدنيا, وليس أمامهم عرض ولا جزاء.
" وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ " والحال أن جحودهم هذا, لا عن قصور في آيات اللّه وبيناته,

" ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون "
بل قد " جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ " أي بينا فيه جميع المطالب, التي يحتاج إليها الخلق " عَلَى عِلْمٍ " من اللّه بأحوال العباد في كل زمان ومكان, وما يصلح لهم وما لا يصلح.
ليس تفصيله تفصيل غير عالم بالأمور, فيجهل بعض الأحوال, فيحكم حكما غير مناسب.
بل تفصيل من أحاط علمه بكل شيء, ووسعت رحمته كل شيء.
" هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " أي: تحصل للمؤمنين بهذا الكتاب, الهداية من الضلال, وبيان الحق والباطل, والغيّ والرشد.
ويحصل أيضا لهم به الرحمة, وهي: الخير والسعادة في الدنيا والآخرة فينتفى عنهم بذلك, الضلال والشقاء.
وهؤلاء الذين حق عليهم العذاب, لم يؤمنوا بهذا الكتاب العظيم, ولا انقادوا لأوامره ونواهيه, فلم يبق فيهم حيلة, إلا استحقاقهم أن يحل بهم, ما أخبر به القرآن.

" هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون "
ولهذا قال: " هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ " أي: وقوع ما أخبر به, كما قال يوسف عليه السلام حين وقعت رؤياه: " هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ " .
" يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ " متندمين متأسفين على ما مضى, متشفعين في مغفرة ذنوبهم.
مقرين بما أخبرت به الرسل: " قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ " إلى الدنيا " فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ " وقد فات الوقت عن الرجوع إلى الدنيا.
" فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ " .
وسؤالهم الرجوع إلى الدنيا, ليعملوا غير عملهم, كذب منهم, مقصودهم به, دفع ما حل بهم, قال تعالى: " وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ " .
" قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ " حين فوتوها الأرباح, وسلكوا بها سبيل الهلاك.
وليس ذلك كخسران الأموال والأثاث, أو الأولاد, إنما هذا خسران, لا جبران لمصابه.
" وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ " في الدنيا, مما تمنيهم أنفسهم به, ويعدهم به الشيطان.
قدموا على ما لم يكن لهم في حساب, وتبين لهم باطلهم وضلالهم, وصدق ما جاءتهم به الرسل.
جزاك الله كل خير
جعلها الله في ميزان حسناتك
 
قلت ان من يفضل حكم الطواغيت على حكم الله و الرسول انه كافر و قلت لي سابقا اننا اذا عشنا تحت الحكم الطاغي فيجب ان نصبر فكيف هذا
و في الجزء السابع المخصص للسحر فما هو الصرف و العطف
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و بعد
قال الشيخ إبن باز رحمه الله كما هو مثبت في المشاركة السابقة في جواب الأخت السائلة عن نواقض الايمان .

ويدخل في القسم الرابع: من اعتقد أن الأنظمة والقوانين التي يسنها الناس أفضل من شريعة الإسلام، أو أنها مساوية لها، أو أنه يجوز التحاكم إليها، ولو اعتقد أن الحكم بالشريعة أفضل، أو أن نظام الإسلام لا يصلح تطبيقه في القرن العشرين، أو أنه كان سببا في تخلف المسلمين، أو أنه يحصر في علاقة المرء بربه، دون أن يتدخل في شئون الحياة الأخرى، ويدخل في الرابع أيضا من يرى أن إنفاذ حكم الله في قطع يد السارق أو رجم الزاني المحصن لا يناسب العصر الحاضر، ويدخل في ذلك أيضا كل من اعتقد أنه يجوز الحكم بغير شريعة الله في المعاملات أو الحدود أو غيرهما، وإن لم يعتقد أن ذلك أفضل من حكم الشريعة؛ لأنه بذلك يكون قد استباح ما حرمه الله إجماعا، وكل من استباح ما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة؛ كالزنا، والخمر، والربا، والحكم بغير شريعة الله - فهو كافر بإجماع المسلمين.
فما سبق من كون أن من يفضل القانون الوضعي على حكم الله و رسوله يكفر، و لا شك ذلك بظوابط يذكرها أهل العلم، هذا كله هو تقرير الأئمة السابقين و اللاحقين من أصحاب المذاهب الأربعة، أما عن الطاغوت فقد عرفه ابن القيم رحمه الله تعريفا شاملا فقال:(الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع) أي كل شيء يتعدى العبد به حده من معبود مع الله بأي نوع من أنواع العبادة أو متبوع يخالف في ذلك دين الله أو مطاع من دون الله في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما احل الله.
ثم قال ابن القيم: (فإذا تأملت طواغيت العالم فإذا هي لا تخرج عن هذه الثلاثة).

و الحاكم الظالم الجائر أو فلتقلي الطاغي؛ لا يكون طاغوت إلا إذا جاء فأزاح الشريعة وأقام بدلها الأحكام الوضعية و ألزم الناس بالتحاكم إليها، وإزاحة الشريعة في معظم البلدان الاسلامية لم يكن إلا على إثر الاستعمار الذي غيَّر دين الله و دعى الناس و ألزمهم التحاكم إلى القوانين التي شرعها أحاد البشر، فإذا جاء الحاكم ووجد الأمر كذلك فهو لم يغير حكم الله، فلا يمكن الحكم بكونه طاغوت، و الفرق بين الطاغية و الطاغوت، أن الطاغوت هو ما كان بالغا في الطغيان حتى وصل حد الكفر و هذا ظاهر في قول الله تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) ) ، فالله سبحانه ذكر ذلك وهذا في سياق ذكر وصف الطاغوت الذي تلبس بالكفر، و أما بالنسبة للطاغية فهو شديد الظلم و لو لم يكن كافرا، كالطغاة المنتسبين للإسلام الذين قد يكن فيهم سفك الدماء و انتهاك الأعراض أوسلب الناس و ضربهم و إخراجهم من أراضيهم و غير ذلك من أنواع الظلم التي يفعلونه لا على وجه الاستحلال و إنما يفعلها بطشا و تمكنا و حبا و أثرة في السيادة و الرئاسة، فهذا لا يكون طاغوتا كافرا إنما يكون طاغية ظالما، و منه يتأتى أن كل طاغوت فهو طاغية و ليس كل طاغية طاغوت كما يذكر ذلك أهل العلم.
و أنا قلت لك أن عقيدة أهل السنة و الجماعة عدم الخروج على الحاكم الظالم الجائر، إنما الواجب مناصحته و الصبر على ذلك مع الاجتهاد في التوبة والانابة إلى الله و دعاء الله و الجؤر إليه ليرفع ظلمه عن العباد، فما نزل بلاء إلا بذنب و ما رفع إلا بتوبة، و كذلك يجب طاعته في المعروف كما تحرم طاعته في معصية الله، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وغير ذلك مما هو مبسوط في كتب الفقه و هذا الذي أثبته هنا جرى عليه معتقد أهل السنة و الجماعة و هو تقرير العلماء من أئمة المذاهب الأربعة و من أتبعهم بإحسان.
تابعي المشاركة الأتية عسى الله ينفعك بها و يتضح لك سبيل أهل السنة في ذلك.
 
طاعة الأئمة من أصول أهل السنة (1)


خالد بن سعود البليهد



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد واله وصحبه أجمعين وبعد:

فإن السمع والطاعة للأئمة من أصول أهل السنة والجماعة العظيمة التي أوجبها الله على عباده وألزمهم بها وشدد فيها. قال تعالى.(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). وقال صلى الله عليه وسلم.(على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة). متفق عليه. وفي الصحيحين قال عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا). وفي صحيح البخاري: (من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني).والأحاديث في هذه مستفيضة محفوظة عند أهل السنة.

وقد أجمع أهل السنة على هذا الأصل وأكثر الأئمة من بيانه قال الإمام أحمد: والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر). وقال سفيان الثوري لشعيب بن حرب: (ياشعيب لا ينفعك ما كتبت حتى ترى الصلاة خلف كل بر وفاجر). وقال الطحاوي: (ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ولا ندعو عليهم ولا ننزع يدا من طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية وندعو لهم بالصلاح والمعافاة). وقال ابن تيميه: فذلك ما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم هو واجب على المسلم وإن استأثروا عليه وما نهى الله عنه ورسوله من معصيتهم فهو محرم وإن أكره عليه).

ولم ينقل عن أحد من السلف المعتبرين لا من الصحابة فمن بعدهم مخالفة هذا الأصل أو القول بعدم لزوم الطاعة وجواز الخروج على الأئمة اللهم إلا خلافا عن بعض التابعين وتبع التابعين لكن هذا الخلاف وقع في الفتنة قبل أن تقرر عقيدة أهل السنة والجماعة ثم لما انكشفت الفتنة واتضحت الأمور تقرر هذا الأصل واستقر الإجماع عليه وبينه أئمة السنة وهو الموافق للنصوص الصريحة من الكتاب والسنة وصار ما حفظ من الخلاف اليسير شاذ لا يلتفت إليه لمخالفته للنصوص ومسلك الجماعة. فلا يسوغ لأحد من المتأخرين الاستدلال به. قال ابن تيمية: (ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين). وقال ابن حجر : (وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء).

وإنما شرع الله طاعة الأئمة لما يترتب على ذلك من المصالح والفوائد العامة والخاصة للأمة من اجتماع الكلمة وتوحيد الصف وأمن الطريق وإقامة الشرع وإظهار الشعائر والقيام بمصالح الخلق وغير ذلك. قال الحسن البصري: (هم يلون من أمورنا خمساً: الجمعة، والجماعة، والعيد، والثغور، والحدود. والله لا يستقيم الدين إلاَّ بهم، وإن جاروا وظلموا. والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن طاعتهم والله لغبطة، وأن فرقتهم لكفر). وقال ابن رجب: (وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا، وبها تنتظم مصالح العباد في معاشهم، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم، كما قال على بن أبي طالب رضي الله عنه: إن الناس لا يصلحهم إلا إمام، برُّ أو فاجر؛ إن كان فاجراً عبد المؤمن فيه ربه وحمل الفاجر فيها إلى أجله). ولا يعرف قدر هذه النعمة إلا من فقدها ووطأ بقدميه حر جمر فتنتها.

والإمام الذي تلزم طاعته من كان منتسبا للإسلام مظهرا لشعائر الدين اختاره أهل العدل والفضل أو غلب على المسلمين بسيفه وقهرهم بسلطانه.قال الإمام أحمد: (ومن ولي الخلافة واجتمع الناس عليه ورضوا به وما غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين). وهذا محل إجماع بين أهل السنة.ولا عبرة بمن خالفهم وشذ من المعتزلة وغيرهم من أهل البدع. قال الأشعري في رسالته أهل الثغر: (وأجمعوا على السمع والطاعة لأئمة المسلمين وعلى أن كل من ولي شيئا من أمورهم عن رضى أو غلبة وامتدت طاعته من بر وفاجر لا يلزم الخروج عليه بالسيف جار أو عدل ،وعلى أن يغزوا معه العدو، ويحج معهم البيت،وتدفع إليهم الصدقات إذا طلبوها ويصلى خلفهم الجمع و الأعياد).

والمؤمن السني يتعبد الله عز وجل بطاعته للإمام رجاء ثوابه وخشية من عقابه ولا يفعل ذلك رجاء لعطاء الحاكم وخوفا من سطوته ولا يجعل بيعته وطاعته في مقابل عرض الدنيا. ولذلك ورد الوعيد. فيمن بايع لأجل الدنيا ثم غدر في بيعته قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل ورجل بايع رجلا بسلعة بعد العصر فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه وهو على غير ذلك ، ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفى وإن لم يعطه منها لم يف). متفق عليه.

وإنما تجب طاعة الإمام في المعروف وتحرم في المعصية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ طاعة فِي معصبة الله إنما الطاعة في المعروف). متفق عليه. فإذا أمر الحاكم بأمر ليس فيه منكر سواء كان مشروعا أو مباحا وجب طاعته في ذلك وحرم مخالفته. أما إذا أمر بمعصية فلا تجوز طاعته في هذه المعصية فقط ويطاع فيما سوى ذلك

وطاعة الأئمة من أعظم ما يميز أهل السنة فهو شعار لهم لأنهم يدعون إلى الألفة والجماعة وائتلاف الكلمة وهذا من خصائصهم. أما أهل البدع كالخوارج والمعتزلة والرافضة وغيرهم فشعارهم الذي يميزهم الطعن في الأئمة والخروج عليهم واستباحة المسلمين ولذلك قال البربهاري: (واعلم أن الأهواء كلها ردية، كلها تدعوا إلى السيف). ومراده أن كل صاحب بدعة تؤول به بدعته وتفضي به إلى التعصب لها ومخالفة الجماعة والخروج على إمامهم. قال ابن تيمية: (أهل البدع من الخوارج والشيعة والمعتزلة وغيرهم يرون قتال أئمة الجور ، والخروج عليهم إذا فعلوا ما هو ظلم أو ما ظنوه هم ظلماً ويرون ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).

وطاعة الإمام من سلامة صدر المؤمن ونصحه وحبه المسلمين وإرادة الخير لهم لأنه قدم مصلحة الجماعة في الأثرة على مصلحته الخاصة ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمور ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم). رواه الترمذي وصححه. فالمؤمن لا يبغض قلبه ولا يكره هذه الخصال الثلاث التي يرضاها الله ورسوله وفيها صلاح العباد والبلاد.

وظلم الحاكم وفسقه وجوره لا يسوغ أبدا شرعا عصيانه وترك طاعته ونزع يد الطاعة عنه ولو ظلم وأسرف واستأثر بأموال العباد وأنزل الضر بهم فعن سويد بن غفلة قال قال لي عمر بن الخطاب : (لعلك أن تخلف بعدي فأطع الإمام وإن كان عبدا حبشيا وإن ضربك فاصبر وإن حرمك فاصبر وإن دعاك إلى أمر منقصة في دنياك فقل سمعا وطاعة دمي دون ديني). رواه الآجري بإسناد صحيح. وفي مسند أحمد عن حذيفة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإن كان لله يومئذ في الأرض خليفة جلد ظهرك وأخذ مالك فالزمه). وفي حديث عبادة: (اسمع وأطع فِي عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة علينا وإِن أكلوا مالك وضربوا ظهرك إِلا أن يكون معصية). رواه ابن حبان واصله في الصحيحين. فالواجب على المسلم حينئذ الصبر على ظلمهم وطاعتهم في الحق ونصحهم ومطالبتهم بالحقوق بالمعروف فإن قبلوا وإلا احتسب الثواب وفوض الأمر لله ورجا ما عنده من الوعد كما ثبت في الصحيحين لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أمراء تعرفون وتنكرون قال له الصحابي فما تأمرنا: قال: (أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم).

ومن اعتقد أن ظلم الحاكم سبب شرعي لنزع الطاعة والخروج عليه فقد أخطا وخالف السنة الصريحة ومذهب أئمة السلف ووافق المعتزلة والخوارج في مذهبهم ولا يسوغ له الاحتجاج بقتال بعض أهل الديانة والقراء في الفتنة لأن الأمر اشتبه عليهم وهم مخطئون في اجتهادهم وقد أنكر عليهم وعارضهم غيرهم من الأئمة ولا تعارض السنة المتواترة والإجماع بأفعال الناس. ومع ذلك فإن هذه الفتن التي وقعت في صدر الإسلام لها ملابسات وأحوال تخفى علينا فهي من المتشابه الذي يرد إلى المحكم من النصوص والقواعد الشرعية. قال عمرو بن يزيد صاحب الطعام : سمعت الحسن أيام يزيد بن المهلب يقول : وأتاه رهط فأمرهم أن يلزموا بيوتهم ، ويغلقوا عليهم أبوابهم ، ثم قال : والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يرفع الله عز وجل ذلك عنهم ، وذلك أنهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه ، ووالله ما جاؤوا بيوم خير قط ، ثم تلا : (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون).
 
آخر تعديل:
تعريف سحر الصرف : ويسمى كذلك " سحر التفريق " وهو عمل وتأثير يسعى الساحر من خلاله للتفريق بين المتحابين أو المتآلفين ، أو التفريق بين الأشخاص عامة لأسباب معينة بناء على توصية من قام بعمل السحر.

قال ابن كثير - رحمه الله - :( وسبب التفريق بين الزوجين بالسحر ما يخيل إلى الرجل أو المرأة من الآخر من سوء منظر أو خلق ، أو نحو ذلك من الأسباب المقتضية للفرقة ) ( تفسير القرآن العظيم – 1 / 144 ) 0


* أنواع سحر الصرف : قد يأخذ " سحر الصرف " شكلا من الأشكال التالية :


أ )- صرف الزوج عن زوجه أو العكس من ذلك.


ب )- صرف الأم عن ابنها أو ابنتها أو العكس من ذلك .


ج )- صرف الأب عن ابنه أو ابنته أو العكس من ذلك .


د )- صرف الأخ عن أخيه أو أخته أو العكس من ذلك.


هـ)- صرف الأقارب بعضهم عن بعض.


و )- صرف الشريك عن شريكه .


ز )- صرف الصديق عن صديقه .


ح )- صرف الجار عن جاره.





* أعراض سحر الصرف :


1)- تغير الأحوال بشكل فجائي من حب وود لكراهية وبغض .


2)- تفاقم المشكلات الاجتماعية لأتفه الأسباب .


3)- عدم القدرة على التكيف الاجتماعي والعاطفي مع الآخرين ممن صرفوا عن المريض بواسطة السحر .


4)- الكراهية المطلقة للأقوال والأفعال الصادرة عن هؤلاء الأشخاص.


5)- سوء الظن والوسوسة المطلقة بهؤلاء الأشخاص.


6)- رؤية هؤلاء الأشخاص بأشكال قبيحة .


7)- الكراهية المطلقة لأماكن تواجد هؤلاء الأشخاص.




2)- سحر العطف ( سحر المحبة ) :-


* أدلة هذا النوع من السنة المطهرة : عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) ( السلسلة الصحيحة 331 ) .


قال ابن الأثير :( " التولة " بكسر التاء وفتح الواو : ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره ، وجعله من الشرك لاعتقادهم أن ذلك يؤثر ويفعل خلاف ما قدره الله تعالى ) ( النهاية في غريب الحديث - 1 / 200 ) 0


* تعريف سحر المحبة : ويسمى كذلك " سحر المحبة " وهو عمل وتأثير يسعى الساحر من خلاله للجمع بين المتباغضين والمتنافرين ، أو الجمع بين الأشخاص عامة لأسباب معينة بناء على توصية من قام بعمل السحر.


سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم التوفيق بين الزوجين بالسحر فأجاب - رحمه الله - : ( هذا محرم ولا يجوز ، وهذا يسمى بالعطف ، وما يحصل به التفريق يسمى بالصرف وهو أيضا محرم ، وقد يكون كفرا وشركا قال الله تعالى : ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِى الأخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ) ( البقرة – 102 ) ( فتاوى المرأة المسلمة - 1 / 148 ، نقلا عن فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين - 1 / 237 ) 0


* أنواع سحر العطف :


قد يأخذ " سحر العطف " شكلا من الأشكال التالية:-


أ ) - عطف الزوج على زوجه أو العكس من ذلك ، وينتج من جراء ذلك شغف شديد ومحبة زائدة ، والرغبة الشديدة في العلاقة الزوجية ، والتلهف الشديد لرؤية الآخر والطاعة العمياء في كل شيء.


ب )- عطف الأم على ابنها أو ابنتها أو العكس من ذلك .


ج ) - عطف الأب على ابنه أو ابنته أو العكس من ذلك .


د ) - عطف الأخ على أخيه أو أخته أو العكس من ذلك .


هـ) – عطف الأقارب بعضهم على بعض .


و ) - عطف الشريك على شريكه .


ز ) - عطف الصديق على صديقه .


ح ) - عطف الجار على جاره .





* أعراض سحر العطف :


1)- تغير الأحوال بشكل فجائي من كراهية وبغض إلى ود وحب .


2)- عدم حصول أية مشكلات اجتماعية مع توفر كافة الأسباب الصغيرة والكبيرة لمثل تلك المشكلات .


3)- القدرة الكبيرة على التكيف الاجتماعي والعاطفي مع الآخرين ممن عطفوا على المريض بواسطة السحر .


4 )- المحبة المطلقة للأقوال والأفعال الصادرة عن هؤلاء الأشخاص.


5)- حسن الظن والثقة المطلقة بهؤلاء الأشخاص.


6)- رؤية هؤلاء الأشخاص بأشكال حسنة جميلة محببة للنفس .


7)- المحبة المطلقة لأماكن تواجد هؤلاء الأشخاص .




قصة واقعية : يقول فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين –حفظه الله- :( كانت هذه امرأة عادية ، ولكنها ترى من زوجها شيئاً من الإعراض وعدم المودة التي تريدها منه ، فهو يعطيها حقها ويعاملها كسائر النساء ، لكنها تريد منه أكثر من ذلك من المحبة والبقاء عندها والملازمة لها ، فدخلت عليها عجوز تعمل السحر ، فأخبرتها بخبر زوجها ، فأعطتها العجوز دواء في صرة ، وأمرتها أن تجعله في طعامه ، ولكن المرأة تورعت فجعلت الدواء في رغيف وأطعمته داجناً عندهم ، فبعد أن أكله ذلك الداجن علق بها ، فصار يتبعها ولا يفارقها ولا يستقر حتى يلصق رأسه ببطنها أو يجعله في حجرها وصار يلاحقها أينما ذهبت ، فعجب زوجها من أمرها وأمره ، ثم إنها أخبرت زوجها بأنها صرفت هذا الدواء عنه ، ولو أعطته الدواء لفعل كما فعل الداجن ، فلما أخبرته بادر بطلاقها ، وقال : أخشى في المرة الثانية أن تجعليه في طعامي )( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة- ص 141،142 ).
 
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و بعد
قال الشيخ إبن باز رحمه الله كما هو مثبت في المشاركة السابقة في جواب الأخت السائلة عن نواقض الايمان .


فما سبق من كون أن من يفضل القانون الوضعي على حكم الله و رسوله يكفر، و لا شك ذلك بظوابط يذكرها أهل العلم، هذا كله هو تقرير الأئمة السابقين و اللاحقين من أصحاب المذاهب الأربعة، أما عن الطاغوت فقد عرفه ابن القيم رحمه الله تعريفا شاملا فقال:(الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع) أي كل شيء يتعدى العبد به حده من معبود مع الله بأي نوع من أنواع العبادة أو متبوع يخالف في ذلك دين الله أو مطاع من دون الله في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما احل الله.
ثم قال ابن القيم: (فإذا تأملت طواغيت العالم فإذا هي لا تخرج عن هذه الثلاثة).
و الحاكم الظالم الجائر أو فلتقلي الطاغي؛ لا يكون طاغوت إلا إذا جاء فأزاح الشريعة وأقام بدلها الأحكام الوضعية و ألزم الناس بالتحاكم إليها، وإزاحة الشريعة في معظم البلدان الاسلامية لم يكن إلا على إثر الاستعمار الذي غيَّر دين الله و دعى الناس و ألزمهم التحاكم إلى القوانين التي شرعها أحاد البشر، فإذا جاء الحاكم ووجد الأمر كذلك فهو لم يغير حكم الله، فلا يمكن الحكم بكونه طاغوت، و الفرق بين الطاغية و الطاغوت، أن الطاغوت هو ما كان بالغا في الطغيان حتى وصل حد الكفر و هذا ظاهر في قول الله تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) ) ، فالله سبحانه ذكر ذلك وهذا في سياق ذكر وصف الطاغوت الذي تلبس بالكفر، و أما بالنسبة للطاغية فهو شديد الظلم و لو لم يكن كافرا، كالطغاة المنتسبين للإسلام الذين قد يكن فيهم سفك الدماء و انتهاك الأعراض أوسلب الناس و ضربهم و إخراجهم من أراضيهم و غير ذلك من أنواع الظلم التي يفعلونه لا على وجه الاستحلال و إنما يفعلها بطشا و تمكنا و حبا و أثرة في السيادة و الرئاسة، فهذا لا يكون طاغوتا كافرا إنما يكون طاغية ظالما، و منه يتأتى أن كل طاغوت فهو طاغية و ليس كل طاغية طاغوت كما يذكر ذلك أهل العلم.
و أنا قلت لك أن عقيدة أهل السنة و الجماعة عدم الخروج على الحاكم الظالم الجائر، إنما الواجب مناصحته و الصبر على ذلك مع الاجتهاد في التوبة والانابة إلى الله و دعاء الله و الجؤر إليه ليرفع ظلمه عن العباد، فما نزل بلاء إلا بذنب و ما رفع إلا بتوبة، و كذلك يجب طاعته في المعروف كما تحرم طاعته في معصية الله، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وغير ذلك مما هو مبسوط في كتب الفقه و هذا الذي أثبته هنا جرى عليه معتقد أهل السنة و الجماعة و هو تقرير العلماء من أئمة المذاهب الأربعة و من أتبعهم بإحسان.
تابعي المشاركة الأتية عسى الله ينفعك بها و يتضح لك سبيل أهل السنة في ذلك.
اتضح الامر
جزاك الله خيرا
 
طاعة الأئمة من أصول أهل السنة (1)


خالد بن سعود البليهد



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد واله وصحبه أجمعين وبعد:

فإن السمع والطاعة للأئمة من أصول أهل السنة والجماعة العظيمة التي أوجبها الله على عباده وألزمهم بها وشدد فيها. قال تعالى.(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). وقال صلى الله عليه وسلم.(على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة). متفق عليه. وفي الصحيحين قال عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا). وفي صحيح البخاري: (من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني).والأحاديث في هذه مستفيضة محفوظة عند أهل السنة.

وقد أجمع أهل السنة على هذا الأصل وأكثر الأئمة من بيانه قال الإمام أحمد: والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر). وقال سفيان الثوري لشعيب بن حرب: (ياشعيب لا ينفعك ما كتبت حتى ترى الصلاة خلف كل بر وفاجر). وقال الطحاوي: (ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ولا ندعو عليهم ولا ننزع يدا من طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية وندعو لهم بالصلاح والمعافاة). وقال ابن تيميه: فذلك ما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم هو واجب على المسلم وإن استأثروا عليه وما نهى الله عنه ورسوله من معصيتهم فهو محرم وإن أكره عليه).

ولم ينقل عن أحد من السلف المعتبرين لا من الصحابة فمن بعدهم مخالفة هذا الأصل أو القول بعدم لزوم الطاعة وجواز الخروج على الأئمة اللهم إلا خلافا عن بعض التابعين وتبع التابعين لكن هذا الخلاف وقع في الفتنة قبل أن تقرر عقيدة أهل السنة والجماعة ثم لما انكشفت الفتنة واتضحت الأمور تقرر هذا الأصل واستقر الإجماع عليه وبينه أئمة السنة وهو الموافق للنصوص الصريحة من الكتاب والسنة وصار ما حفظ من الخلاف اليسير شاذ لا يلتفت إليه لمخالفته للنصوص ومسلك الجماعة. فلا يسوغ لأحد من المتأخرين الاستدلال به. قال ابن تيمية: (ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين). وقال ابن حجر : (وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء).

وإنما شرع الله طاعة الأئمة لما يترتب على ذلك من المصالح والفوائد العامة والخاصة للأمة من اجتماع الكلمة وتوحيد الصف وأمن الطريق وإقامة الشرع وإظهار الشعائر والقيام بمصالح الخلق وغير ذلك. قال الحسن البصري: (هم يلون من أمورنا خمساً: الجمعة، والجماعة، والعيد، والثغور، والحدود. والله لا يستقيم الدين إلاَّ بهم، وإن جاروا وظلموا. والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن طاعتهم والله لغبطة، وأن فرقتهم لكفر). وقال ابن رجب: (وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا، وبها تنتظم مصالح العباد في معاشهم، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم، كما قال على بن أبي طالب رضي الله عنه: إن الناس لا يصلحهم إلا إمام، برُّ أو فاجر؛ إن كان فاجراً عبد المؤمن فيه ربه وحمل الفاجر فيها إلى أجله). ولا يعرف قدر هذه النعمة إلا من فقدها ووطأ بقدميه حر جمر فتنتها.

والإمام الذي تلزم طاعته من كان منتسبا للإسلام مظهرا لشعائر الدين اختاره أهل العدل والفضل أو غلب على المسلمين بسيفه وقهرهم بسلطانه.قال الإمام أحمد: (ومن ولي الخلافة واجتمع الناس عليه ورضوا به وما غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين). وهذا محل إجماع بين أهل السنة.ولا عبرة بمن خالفهم وشذ من المعتزلة وغيرهم من أهل البدع. قال الأشعري في رسالته أهل الثغر: (وأجمعوا على السمع والطاعة لأئمة المسلمين وعلى أن كل من ولي شيئا من أمورهم عن رضى أو غلبة وامتدت طاعته من بر وفاجر لا يلزم الخروج عليه بالسيف جار أو عدل ،وعلى أن يغزوا معه العدو، ويحج معهم البيت،وتدفع إليهم الصدقات إذا طلبوها ويصلى خلفهم الجمع و الأعياد).

والمؤمن السني يتعبد الله عز وجل بطاعته للإمام رجاء ثوابه وخشية من عقابه ولا يفعل ذلك رجاء لعطاء الحاكم وخوفا من سطوته ولا يجعل بيعته وطاعته في مقابل عرض الدنيا. ولذلك ورد الوعيد. فيمن بايع لأجل الدنيا ثم غدر في بيعته قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل ورجل بايع رجلا بسلعة بعد العصر فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه وهو على غير ذلك ، ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفى وإن لم يعطه منها لم يف). متفق عليه.

وإنما تجب طاعة الإمام في المعروف وتحرم في المعصية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ طاعة فِي معصبة الله إنما الطاعة في المعروف). متفق عليه. فإذا أمر الحاكم بأمر ليس فيه منكر سواء كان مشروعا أو مباحا وجب طاعته في ذلك وحرم مخالفته. أما إذا أمر بمعصية فلا تجوز طاعته في هذه المعصية فقط ويطاع فيما سوى ذلك

وطاعة الأئمة من أعظم ما يميز أهل السنة فهو شعار لهم لأنهم يدعون إلى الألفة والجماعة وائتلاف الكلمة وهذا من خصائصهم. أما أهل البدع كالخوارج والمعتزلة والرافضة وغيرهم فشعارهم الذي يميزهم الطعن في الأئمة والخروج عليهم واستباحة المسلمين ولذلك قال البربهاري: (واعلم أن الأهواء كلها ردية، كلها تدعوا إلى السيف). ومراده أن كل صاحب بدعة تؤول به بدعته وتفضي به إلى التعصب لها ومخالفة الجماعة والخروج على إمامهم. قال ابن تيمية: (أهل البدع من الخوارج والشيعة والمعتزلة وغيرهم يرون قتال أئمة الجور ، والخروج عليهم إذا فعلوا ما هو ظلم أو ما ظنوه هم ظلماً ويرون ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).

وطاعة الإمام من سلامة صدر المؤمن ونصحه وحبه المسلمين وإرادة الخير لهم لأنه قدم مصلحة الجماعة في الأثرة على مصلحته الخاصة ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمور ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم). رواه الترمذي وصححه. فالمؤمن لا يبغض قلبه ولا يكره هذه الخصال الثلاث التي يرضاها الله ورسوله وفيها صلاح العباد والبلاد.

وظلم الحاكم وفسقه وجوره لا يسوغ أبدا شرعا عصيانه وترك طاعته ونزع يد الطاعة عنه ولو ظلم وأسرف واستأثر بأموال العباد وأنزل الضر بهم فعن سويد بن غفلة قال قال لي عمر بن الخطاب : (لعلك أن تخلف بعدي فأطع الإمام وإن كان عبدا حبشيا وإن ضربك فاصبر وإن حرمك فاصبر وإن دعاك إلى أمر منقصة في دنياك فقل سمعا وطاعة دمي دون ديني). رواه الآجري بإسناد صحيح. وفي مسند أحمد عن حذيفة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإن كان لله يومئذ في الأرض خليفة جلد ظهرك وأخذ مالك فالزمه). وفي حديث عبادة: (اسمع وأطع فِي عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة علينا وإِن أكلوا مالك وضربوا ظهرك إِلا أن يكون معصية). رواه ابن حبان واصله في الصحيحين. فالواجب على المسلم حينئذ الصبر على ظلمهم وطاعتهم في الحق ونصحهم ومطالبتهم بالحقوق بالمعروف فإن قبلوا وإلا احتسب الثواب وفوض الأمر لله ورجا ما عنده من الوعد كما ثبت في الصحيحين لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أمراء تعرفون وتنكرون قال له الصحابي فما تأمرنا: قال: (أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم).

ومن اعتقد أن ظلم الحاكم سبب شرعي لنزع الطاعة والخروج عليه فقد أخطا وخالف السنة الصريحة ومذهب أئمة السلف ووافق المعتزلة والخوارج في مذهبهم ولا يسوغ له الاحتجاج بقتال بعض أهل الديانة والقراء في الفتنة لأن الأمر اشتبه عليهم وهم مخطئون في اجتهادهم وقد أنكر عليهم وعارضهم غيرهم من الأئمة ولا تعارض السنة المتواترة والإجماع بأفعال الناس. ومع ذلك فإن هذه الفتن التي وقعت في صدر الإسلام لها ملابسات وأحوال تخفى علينا فهي من المتشابه الذي يرد إلى المحكم من النصوص والقواعد الشرعية. قال عمرو بن يزيد صاحب الطعام : سمعت الحسن أيام يزيد بن المهلب يقول : وأتاه رهط فأمرهم أن يلزموا بيوتهم ، ويغلقوا عليهم أبوابهم ، ثم قال : والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يرفع الله عز وجل ذلك عنهم ، وذلك أنهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه ، ووالله ما جاؤوا بيوم خير قط ، ثم تلا : (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون).
جزاك الله خيرا و جعلها في ميزان حسناتك
 
طاعة الأئمة من أصول أهل السنة (1)


خالد بن سعود البليهد



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد واله وصحبه أجمعين وبعد:

فإن السمع والطاعة للأئمة من أصول أهل السنة والجماعة العظيمة التي أوجبها الله على عباده وألزمهم بها وشدد فيها. قال تعالى.(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). وقال صلى الله عليه وسلم.(على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة). متفق عليه. وفي الصحيحين قال عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا). وفي صحيح البخاري: (من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني).والأحاديث في هذه مستفيضة محفوظة عند أهل السنة.

وقد أجمع أهل السنة على هذا الأصل وأكثر الأئمة من بيانه قال الإمام أحمد: والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر). وقال سفيان الثوري لشعيب بن حرب: (ياشعيب لا ينفعك ما كتبت حتى ترى الصلاة خلف كل بر وفاجر). وقال الطحاوي: (ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ولا ندعو عليهم ولا ننزع يدا من طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية وندعو لهم بالصلاح والمعافاة). وقال ابن تيميه: فذلك ما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم هو واجب على المسلم وإن استأثروا عليه وما نهى الله عنه ورسوله من معصيتهم فهو محرم وإن أكره عليه).

ولم ينقل عن أحد من السلف المعتبرين لا من الصحابة فمن بعدهم مخالفة هذا الأصل أو القول بعدم لزوم الطاعة وجواز الخروج على الأئمة اللهم إلا خلافا عن بعض التابعين وتبع التابعين لكن هذا الخلاف وقع في الفتنة قبل أن تقرر عقيدة أهل السنة والجماعة ثم لما انكشفت الفتنة واتضحت الأمور تقرر هذا الأصل واستقر الإجماع عليه وبينه أئمة السنة وهو الموافق للنصوص الصريحة من الكتاب والسنة وصار ما حفظ من الخلاف اليسير شاذ لا يلتفت إليه لمخالفته للنصوص ومسلك الجماعة. فلا يسوغ لأحد من المتأخرين الاستدلال به. قال ابن تيمية: (ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين). وقال ابن حجر : (وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء).

وإنما شرع الله طاعة الأئمة لما يترتب على ذلك من المصالح والفوائد العامة والخاصة للأمة من اجتماع الكلمة وتوحيد الصف وأمن الطريق وإقامة الشرع وإظهار الشعائر والقيام بمصالح الخلق وغير ذلك. قال الحسن البصري: (هم يلون من أمورنا خمساً: الجمعة، والجماعة، والعيد، والثغور، والحدود. والله لا يستقيم الدين إلاَّ بهم، وإن جاروا وظلموا. والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن طاعتهم والله لغبطة، وأن فرقتهم لكفر). وقال ابن رجب: (وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا، وبها تنتظم مصالح العباد في معاشهم، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم، كما قال على بن أبي طالب رضي الله عنه: إن الناس لا يصلحهم إلا إمام، برُّ أو فاجر؛ إن كان فاجراً عبد المؤمن فيه ربه وحمل الفاجر فيها إلى أجله). ولا يعرف قدر هذه النعمة إلا من فقدها ووطأ بقدميه حر جمر فتنتها.

والإمام الذي تلزم طاعته من كان منتسبا للإسلام مظهرا لشعائر الدين اختاره أهل العدل والفضل أو غلب على المسلمين بسيفه وقهرهم بسلطانه.قال الإمام أحمد: (ومن ولي الخلافة واجتمع الناس عليه ورضوا به وما غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين). وهذا محل إجماع بين أهل السنة.ولا عبرة بمن خالفهم وشذ من المعتزلة وغيرهم من أهل البدع. قال الأشعري في رسالته أهل الثغر: (وأجمعوا على السمع والطاعة لأئمة المسلمين وعلى أن كل من ولي شيئا من أمورهم عن رضى أو غلبة وامتدت طاعته من بر وفاجر لا يلزم الخروج عليه بالسيف جار أو عدل ،وعلى أن يغزوا معه العدو، ويحج معهم البيت،وتدفع إليهم الصدقات إذا طلبوها ويصلى خلفهم الجمع و الأعياد).

والمؤمن السني يتعبد الله عز وجل بطاعته للإمام رجاء ثوابه وخشية من عقابه ولا يفعل ذلك رجاء لعطاء الحاكم وخوفا من سطوته ولا يجعل بيعته وطاعته في مقابل عرض الدنيا. ولذلك ورد الوعيد. فيمن بايع لأجل الدنيا ثم غدر في بيعته قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل ورجل بايع رجلا بسلعة بعد العصر فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه وهو على غير ذلك ، ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفى وإن لم يعطه منها لم يف). متفق عليه.

وإنما تجب طاعة الإمام في المعروف وتحرم في المعصية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ طاعة فِي معصبة الله إنما الطاعة في المعروف). متفق عليه. فإذا أمر الحاكم بأمر ليس فيه منكر سواء كان مشروعا أو مباحا وجب طاعته في ذلك وحرم مخالفته. أما إذا أمر بمعصية فلا تجوز طاعته في هذه المعصية فقط ويطاع فيما سوى ذلك

وطاعة الأئمة من أعظم ما يميز أهل السنة فهو شعار لهم لأنهم يدعون إلى الألفة والجماعة وائتلاف الكلمة وهذا من خصائصهم. أما أهل البدع كالخوارج والمعتزلة والرافضة وغيرهم فشعارهم الذي يميزهم الطعن في الأئمة والخروج عليهم واستباحة المسلمين ولذلك قال البربهاري: (واعلم أن الأهواء كلها ردية، كلها تدعوا إلى السيف). ومراده أن كل صاحب بدعة تؤول به بدعته وتفضي به إلى التعصب لها ومخالفة الجماعة والخروج على إمامهم. قال ابن تيمية: (أهل البدع من الخوارج والشيعة والمعتزلة وغيرهم يرون قتال أئمة الجور ، والخروج عليهم إذا فعلوا ما هو ظلم أو ما ظنوه هم ظلماً ويرون ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).

وطاعة الإمام من سلامة صدر المؤمن ونصحه وحبه المسلمين وإرادة الخير لهم لأنه قدم مصلحة الجماعة في الأثرة على مصلحته الخاصة ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمور ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم). رواه الترمذي وصححه. فالمؤمن لا يبغض قلبه ولا يكره هذه الخصال الثلاث التي يرضاها الله ورسوله وفيها صلاح العباد والبلاد.

وظلم الحاكم وفسقه وجوره لا يسوغ أبدا شرعا عصيانه وترك طاعته ونزع يد الطاعة عنه ولو ظلم وأسرف واستأثر بأموال العباد وأنزل الضر بهم فعن سويد بن غفلة قال قال لي عمر بن الخطاب : (لعلك أن تخلف بعدي فأطع الإمام وإن كان عبدا حبشيا وإن ضربك فاصبر وإن حرمك فاصبر وإن دعاك إلى أمر منقصة في دنياك فقل سمعا وطاعة دمي دون ديني). رواه الآجري بإسناد صحيح. وفي مسند أحمد عن حذيفة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإن كان لله يومئذ في الأرض خليفة جلد ظهرك وأخذ مالك فالزمه). وفي حديث عبادة: (اسمع وأطع فِي عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة علينا وإِن أكلوا مالك وضربوا ظهرك إِلا أن يكون معصية). رواه ابن حبان واصله في الصحيحين. فالواجب على المسلم حينئذ الصبر على ظلمهم وطاعتهم في الحق ونصحهم ومطالبتهم بالحقوق بالمعروف فإن قبلوا وإلا احتسب الثواب وفوض الأمر لله ورجا ما عنده من الوعد كما ثبت في الصحيحين لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أمراء تعرفون وتنكرون قال له الصحابي فما تأمرنا: قال: (أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم).

ومن اعتقد أن ظلم الحاكم سبب شرعي لنزع الطاعة والخروج عليه فقد أخطا وخالف السنة الصريحة ومذهب أئمة السلف ووافق المعتزلة والخوارج في مذهبهم ولا يسوغ له الاحتجاج بقتال بعض أهل الديانة والقراء في الفتنة لأن الأمر اشتبه عليهم وهم مخطئون في اجتهادهم وقد أنكر عليهم وعارضهم غيرهم من الأئمة ولا تعارض السنة المتواترة والإجماع بأفعال الناس. ومع ذلك فإن هذه الفتن التي وقعت في صدر الإسلام لها ملابسات وأحوال تخفى علينا فهي من المتشابه الذي يرد إلى المحكم من النصوص والقواعد الشرعية. قال عمرو بن يزيد صاحب الطعام : سمعت الحسن أيام يزيد بن المهلب يقول : وأتاه رهط فأمرهم أن يلزموا بيوتهم ، ويغلقوا عليهم أبوابهم ، ثم قال : والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يرفع الله عز وجل ذلك عنهم ، وذلك أنهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه ، ووالله ما جاؤوا بيوم خير قط ، ثم تلا : (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون).
طاعة الأئمة من أصول أهل السنة (1)


خالد بن سعود البليهد



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد واله وصحبه أجمعين وبعد:

فإن السمع والطاعة للأئمة من أصول أهل السنة والجماعة العظيمة التي أوجبها الله على عباده وألزمهم بها وشدد فيها. قال تعالى.(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). وقال صلى الله عليه وسلم.(على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة). متفق عليه. وفي الصحيحين قال عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا). وفي صحيح البخاري: (من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني).والأحاديث في هذه مستفيضة محفوظة عند أهل السنة.

وقد أجمع أهل السنة على هذا الأصل وأكثر الأئمة من بيانه قال الإمام أحمد: والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر). وقال سفيان الثوري لشعيب بن حرب: (ياشعيب لا ينفعك ما كتبت حتى ترى الصلاة خلف كل بر وفاجر). وقال الطحاوي: (ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ولا ندعو عليهم ولا ننزع يدا من طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية وندعو لهم بالصلاح والمعافاة). وقال ابن تيميه: فذلك ما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم هو واجب على المسلم وإن استأثروا عليه وما نهى الله عنه ورسوله من معصيتهم فهو محرم وإن أكره عليه).

ولم ينقل عن أحد من السلف المعتبرين لا من الصحابة فمن بعدهم مخالفة هذا الأصل أو القول بعدم لزوم الطاعة وجواز الخروج على الأئمة اللهم إلا خلافا عن بعض التابعين وتبع التابعين لكن هذا الخلاف وقع في الفتنة قبل أن تقرر عقيدة أهل السنة والجماعة ثم لما انكشفت الفتنة واتضحت الأمور تقرر هذا الأصل واستقر الإجماع عليه وبينه أئمة السنة وهو الموافق للنصوص الصريحة من الكتاب والسنة وصار ما حفظ من الخلاف اليسير شاذ لا يلتفت إليه لمخالفته للنصوص ومسلك الجماعة. فلا يسوغ لأحد من المتأخرين الاستدلال به. قال ابن تيمية: (ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين). وقال ابن حجر : (وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء).

وإنما شرع الله طاعة الأئمة لما يترتب على ذلك من المصالح والفوائد العامة والخاصة للأمة من اجتماع الكلمة وتوحيد الصف وأمن الطريق وإقامة الشرع وإظهار الشعائر والقيام بمصالح الخلق وغير ذلك. قال الحسن البصري: (هم يلون من أمورنا خمساً: الجمعة، والجماعة، والعيد، والثغور، والحدود. والله لا يستقيم الدين إلاَّ بهم، وإن جاروا وظلموا. والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن طاعتهم والله لغبطة، وأن فرقتهم لكفر). وقال ابن رجب: (وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا، وبها تنتظم مصالح العباد في معاشهم، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم، كما قال على بن أبي طالب رضي الله عنه: إن الناس لا يصلحهم إلا إمام، برُّ أو فاجر؛ إن كان فاجراً عبد المؤمن فيه ربه وحمل الفاجر فيها إلى أجله). ولا يعرف قدر هذه النعمة إلا من فقدها ووطأ بقدميه حر جمر فتنتها.

والإمام الذي تلزم طاعته من كان منتسبا للإسلام مظهرا لشعائر الدين اختاره أهل العدل والفضل أو غلب على المسلمين بسيفه وقهرهم بسلطانه.قال الإمام أحمد: (ومن ولي الخلافة واجتمع الناس عليه ورضوا به وما غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين). وهذا محل إجماع بين أهل السنة.ولا عبرة بمن خالفهم وشذ من المعتزلة وغيرهم من أهل البدع. قال الأشعري في رسالته أهل الثغر: (وأجمعوا على السمع والطاعة لأئمة المسلمين وعلى أن كل من ولي شيئا من أمورهم عن رضى أو غلبة وامتدت طاعته من بر وفاجر لا يلزم الخروج عليه بالسيف جار أو عدل ،وعلى أن يغزوا معه العدو، ويحج معهم البيت،وتدفع إليهم الصدقات إذا طلبوها ويصلى خلفهم الجمع و الأعياد).

والمؤمن السني يتعبد الله عز وجل بطاعته للإمام رجاء ثوابه وخشية من عقابه ولا يفعل ذلك رجاء لعطاء الحاكم وخوفا من سطوته ولا يجعل بيعته وطاعته في مقابل عرض الدنيا. ولذلك ورد الوعيد. فيمن بايع لأجل الدنيا ثم غدر في بيعته قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل ورجل بايع رجلا بسلعة بعد العصر فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه وهو على غير ذلك ، ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفى وإن لم يعطه منها لم يف). متفق عليه.

وإنما تجب طاعة الإمام في المعروف وتحرم في المعصية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ طاعة فِي معصبة الله إنما الطاعة في المعروف). متفق عليه. فإذا أمر الحاكم بأمر ليس فيه منكر سواء كان مشروعا أو مباحا وجب طاعته في ذلك وحرم مخالفته. أما إذا أمر بمعصية فلا تجوز طاعته في هذه المعصية فقط ويطاع فيما سوى ذلك

وطاعة الأئمة من أعظم ما يميز أهل السنة فهو شعار لهم لأنهم يدعون إلى الألفة والجماعة وائتلاف الكلمة وهذا من خصائصهم. أما أهل البدع كالخوارج والمعتزلة والرافضة وغيرهم فشعارهم الذي يميزهم الطعن في الأئمة والخروج عليهم واستباحة المسلمين ولذلك قال البربهاري: (واعلم أن الأهواء كلها ردية، كلها تدعوا إلى السيف). ومراده أن كل صاحب بدعة تؤول به بدعته وتفضي به إلى التعصب لها ومخالفة الجماعة والخروج على إمامهم. قال ابن تيمية: (أهل البدع من الخوارج والشيعة والمعتزلة وغيرهم يرون قتال أئمة الجور ، والخروج عليهم إذا فعلوا ما هو ظلم أو ما ظنوه هم ظلماً ويرون ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).

وطاعة الإمام من سلامة صدر المؤمن ونصحه وحبه المسلمين وإرادة الخير لهم لأنه قدم مصلحة الجماعة في الأثرة على مصلحته الخاصة ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمور ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم). رواه الترمذي وصححه. فالمؤمن لا يبغض قلبه ولا يكره هذه الخصال الثلاث التي يرضاها الله ورسوله وفيها صلاح العباد والبلاد.

وظلم الحاكم وفسقه وجوره لا يسوغ أبدا شرعا عصيانه وترك طاعته ونزع يد الطاعة عنه ولو ظلم وأسرف واستأثر بأموال العباد وأنزل الضر بهم فعن سويد بن غفلة قال قال لي عمر بن الخطاب : (لعلك أن تخلف بعدي فأطع الإمام وإن كان عبدا حبشيا وإن ضربك فاصبر وإن حرمك فاصبر وإن دعاك إلى أمر منقصة في دنياك فقل سمعا وطاعة دمي دون ديني). رواه الآجري بإسناد صحيح. وفي مسند أحمد عن حذيفة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإن كان لله يومئذ في الأرض خليفة جلد ظهرك وأخذ مالك فالزمه). وفي حديث عبادة: (اسمع وأطع فِي عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة علينا وإِن أكلوا مالك وضربوا ظهرك إِلا أن يكون معصية). رواه ابن حبان واصله في الصحيحين. فالواجب على المسلم حينئذ الصبر على ظلمهم وطاعتهم في الحق ونصحهم ومطالبتهم بالحقوق بالمعروف فإن قبلوا وإلا احتسب الثواب وفوض الأمر لله ورجا ما عنده من الوعد كما ثبت في الصحيحين لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أمراء تعرفون وتنكرون قال له الصحابي فما تأمرنا: قال: (أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم).

ومن اعتقد أن ظلم الحاكم سبب شرعي لنزع الطاعة والخروج عليه فقد أخطا وخالف السنة الصريحة ومذهب أئمة السلف ووافق المعتزلة والخوارج في مذهبهم ولا يسوغ له الاحتجاج بقتال بعض أهل الديانة والقراء في الفتنة لأن الأمر اشتبه عليهم وهم مخطئون في اجتهادهم وقد أنكر عليهم وعارضهم غيرهم من الأئمة ولا تعارض السنة المتواترة والإجماع بأفعال الناس. ومع ذلك فإن هذه الفتن التي وقعت في صدر الإسلام لها ملابسات وأحوال تخفى علينا فهي من المتشابه الذي يرد إلى المحكم من النصوص والقواعد الشرعية. قال عمرو بن يزيد صاحب الطعام : سمعت الحسن أيام يزيد بن المهلب يقول : وأتاه رهط فأمرهم أن يلزموا بيوتهم ، ويغلقوا عليهم أبوابهم ، ثم قال : والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يرفع الله عز وجل ذلك عنهم ، وذلك أنهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه ، ووالله ما جاؤوا بيوم خير قط ، ثم تلا : (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون).
جزاك الله خيرا و جعلها في ميزان حسناتك
 
تعريف سحر الصرف : ويسمى كذلك " سحر التفريق " وهو عمل وتأثير يسعى الساحر من خلاله للتفريق بين المتحابين أو المتآلفين ، أو التفريق بين الأشخاص عامة لأسباب معينة بناء على توصية من قام بعمل السحر.

قال ابن كثير - رحمه الله - :( وسبب التفريق بين الزوجين بالسحر ما يخيل إلى الرجل أو المرأة من الآخر من سوء منظر أو خلق ، أو نحو ذلك من الأسباب المقتضية للفرقة ) ( تفسير القرآن العظيم – 1 / 144 ) 0


* أنواع سحر الصرف : قد يأخذ " سحر الصرف " شكلا من الأشكال التالية :


أ )- صرف الزوج عن زوجه أو العكس من ذلك.


ب )- صرف الأم عن ابنها أو ابنتها أو العكس من ذلك .


ج )- صرف الأب عن ابنه أو ابنته أو العكس من ذلك .


د )- صرف الأخ عن أخيه أو أخته أو العكس من ذلك.


هـ)- صرف الأقارب بعضهم عن بعض.


و )- صرف الشريك عن شريكه .


ز )- صرف الصديق عن صديقه .


ح )- صرف الجار عن جاره.





* أعراض سحر الصرف :


1)- تغير الأحوال بشكل فجائي من حب وود لكراهية وبغض .


2)- تفاقم المشكلات الاجتماعية لأتفه الأسباب .


3)- عدم القدرة على التكيف الاجتماعي والعاطفي مع الآخرين ممن صرفوا عن المريض بواسطة السحر .


4)- الكراهية المطلقة للأقوال والأفعال الصادرة عن هؤلاء الأشخاص.


5)- سوء الظن والوسوسة المطلقة بهؤلاء الأشخاص.


6)- رؤية هؤلاء الأشخاص بأشكال قبيحة .


7)- الكراهية المطلقة لأماكن تواجد هؤلاء الأشخاص.




2)- سحر العطف ( سحر المحبة ) :-


* أدلة هذا النوع من السنة المطهرة : عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) ( السلسلة الصحيحة 331 ) .


قال ابن الأثير :( " التولة " بكسر التاء وفتح الواو : ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره ، وجعله من الشرك لاعتقادهم أن ذلك يؤثر ويفعل خلاف ما قدره الله تعالى ) ( النهاية في غريب الحديث - 1 / 200 ) 0


* تعريف سحر المحبة : ويسمى كذلك " سحر المحبة " وهو عمل وتأثير يسعى الساحر من خلاله للجمع بين المتباغضين والمتنافرين ، أو الجمع بين الأشخاص عامة لأسباب معينة بناء على توصية من قام بعمل السحر.


سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم التوفيق بين الزوجين بالسحر فأجاب - رحمه الله - : ( هذا محرم ولا يجوز ، وهذا يسمى بالعطف ، وما يحصل به التفريق يسمى بالصرف وهو أيضا محرم ، وقد يكون كفرا وشركا قال الله تعالى : ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِى الأخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ) ( البقرة – 102 ) ( فتاوى المرأة المسلمة - 1 / 148 ، نقلا عن فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين - 1 / 237 ) 0


* أنواع سحر العطف :


قد يأخذ " سحر العطف " شكلا من الأشكال التالية:-


أ ) - عطف الزوج على زوجه أو العكس من ذلك ، وينتج من جراء ذلك شغف شديد ومحبة زائدة ، والرغبة الشديدة في العلاقة الزوجية ، والتلهف الشديد لرؤية الآخر والطاعة العمياء في كل شيء.


ب )- عطف الأم على ابنها أو ابنتها أو العكس من ذلك .


ج ) - عطف الأب على ابنه أو ابنته أو العكس من ذلك .


د ) - عطف الأخ على أخيه أو أخته أو العكس من ذلك .


هـ) – عطف الأقارب بعضهم على بعض .


و ) - عطف الشريك على شريكه .


ز ) - عطف الصديق على صديقه .


ح ) - عطف الجار على جاره .





* أعراض سحر العطف :


1)- تغير الأحوال بشكل فجائي من كراهية وبغض إلى ود وحب .


2)- عدم حصول أية مشكلات اجتماعية مع توفر كافة الأسباب الصغيرة والكبيرة لمثل تلك المشكلات .


3)- القدرة الكبيرة على التكيف الاجتماعي والعاطفي مع الآخرين ممن عطفوا على المريض بواسطة السحر .


4 )- المحبة المطلقة للأقوال والأفعال الصادرة عن هؤلاء الأشخاص.


5)- حسن الظن والثقة المطلقة بهؤلاء الأشخاص.


6)- رؤية هؤلاء الأشخاص بأشكال حسنة جميلة محببة للنفس .


7)- المحبة المطلقة لأماكن تواجد هؤلاء الأشخاص .




قصة واقعية : يقول فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين –حفظه الله- :( كانت هذه امرأة عادية ، ولكنها ترى من زوجها شيئاً من الإعراض وعدم المودة التي تريدها منه ، فهو يعطيها حقها ويعاملها كسائر النساء ، لكنها تريد منه أكثر من ذلك من المحبة والبقاء عندها والملازمة لها ، فدخلت عليها عجوز تعمل السحر ، فأخبرتها بخبر زوجها ، فأعطتها العجوز دواء في صرة ، وأمرتها أن تجعله في طعامه ، ولكن المرأة تورعت فجعلت الدواء في رغيف وأطعمته داجناً عندهم ، فبعد أن أكله ذلك الداجن علق بها ، فصار يتبعها ولا يفارقها ولا يستقر حتى يلصق رأسه ببطنها أو يجعله في حجرها وصار يلاحقها أينما ذهبت ، فعجب زوجها من أمرها وأمره ، ثم إنها أخبرت زوجها بأنها صرفت هذا الدواء عنه ، ولو أعطته الدواء لفعل كما فعل الداجن ، فلما أخبرته بادر بطلاقها ، وقال : أخشى في المرة الثانية أن تجعليه في طعامي )( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة- ص 141،142 ).
شكرا و جزاك الله خيرا
 
تعريف سحر الصرف : ويسمى كذلك " سحر التفريق " وهو عمل وتأثير يسعى الساحر من خلاله للتفريق بين المتحابين أو المتآلفين ، أو التفريق بين الأشخاص عامة لأسباب معينة بناء على توصية من قام بعمل السحر.

قال ابن كثير - رحمه الله - :( وسبب التفريق بين الزوجين بالسحر ما يخيل إلى الرجل أو المرأة من الآخر من سوء منظر أو خلق ، أو نحو ذلك من الأسباب المقتضية للفرقة ) ( تفسير القرآن العظيم – 1 / 144 ) 0


* أنواع سحر الصرف : قد يأخذ " سحر الصرف " شكلا من الأشكال التالية :


أ )- صرف الزوج عن زوجه أو العكس من ذلك.


ب )- صرف الأم عن ابنها أو ابنتها أو العكس من ذلك .


ج )- صرف الأب عن ابنه أو ابنته أو العكس من ذلك .


د )- صرف الأخ عن أخيه أو أخته أو العكس من ذلك.


هـ)- صرف الأقارب بعضهم عن بعض.


و )- صرف الشريك عن شريكه .


ز )- صرف الصديق عن صديقه .


ح )- صرف الجار عن جاره.





* أعراض سحر الصرف :


1)- تغير الأحوال بشكل فجائي من حب وود لكراهية وبغض .


2)- تفاقم المشكلات الاجتماعية لأتفه الأسباب .


3)- عدم القدرة على التكيف الاجتماعي والعاطفي مع الآخرين ممن صرفوا عن المريض بواسطة السحر .


4)- الكراهية المطلقة للأقوال والأفعال الصادرة عن هؤلاء الأشخاص.


5)- سوء الظن والوسوسة المطلقة بهؤلاء الأشخاص.


6)- رؤية هؤلاء الأشخاص بأشكال قبيحة .


7)- الكراهية المطلقة لأماكن تواجد هؤلاء الأشخاص.




2)- سحر العطف ( سحر المحبة ) :-


* أدلة هذا النوع من السنة المطهرة : عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) ( السلسلة الصحيحة 331 ) .


قال ابن الأثير :( " التولة " بكسر التاء وفتح الواو : ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره ، وجعله من الشرك لاعتقادهم أن ذلك يؤثر ويفعل خلاف ما قدره الله تعالى ) ( النهاية في غريب الحديث - 1 / 200 ) 0


* تعريف سحر المحبة : ويسمى كذلك " سحر المحبة " وهو عمل وتأثير يسعى الساحر من خلاله للجمع بين المتباغضين والمتنافرين ، أو الجمع بين الأشخاص عامة لأسباب معينة بناء على توصية من قام بعمل السحر.


سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم التوفيق بين الزوجين بالسحر فأجاب - رحمه الله - : ( هذا محرم ولا يجوز ، وهذا يسمى بالعطف ، وما يحصل به التفريق يسمى بالصرف وهو أيضا محرم ، وقد يكون كفرا وشركا قال الله تعالى : ( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِى الأخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ) ( البقرة – 102 ) ( فتاوى المرأة المسلمة - 1 / 148 ، نقلا عن فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين - 1 / 237 ) 0


* أنواع سحر العطف :


قد يأخذ " سحر العطف " شكلا من الأشكال التالية:-


أ ) - عطف الزوج على زوجه أو العكس من ذلك ، وينتج من جراء ذلك شغف شديد ومحبة زائدة ، والرغبة الشديدة في العلاقة الزوجية ، والتلهف الشديد لرؤية الآخر والطاعة العمياء في كل شيء.


ب )- عطف الأم على ابنها أو ابنتها أو العكس من ذلك .


ج ) - عطف الأب على ابنه أو ابنته أو العكس من ذلك .


د ) - عطف الأخ على أخيه أو أخته أو العكس من ذلك .


هـ) – عطف الأقارب بعضهم على بعض .


و ) - عطف الشريك على شريكه .


ز ) - عطف الصديق على صديقه .


ح ) - عطف الجار على جاره .





* أعراض سحر العطف :


1)- تغير الأحوال بشكل فجائي من كراهية وبغض إلى ود وحب .


2)- عدم حصول أية مشكلات اجتماعية مع توفر كافة الأسباب الصغيرة والكبيرة لمثل تلك المشكلات .


3)- القدرة الكبيرة على التكيف الاجتماعي والعاطفي مع الآخرين ممن عطفوا على المريض بواسطة السحر .


4 )- المحبة المطلقة للأقوال والأفعال الصادرة عن هؤلاء الأشخاص.


5)- حسن الظن والثقة المطلقة بهؤلاء الأشخاص.


6)- رؤية هؤلاء الأشخاص بأشكال حسنة جميلة محببة للنفس .


7)- المحبة المطلقة لأماكن تواجد هؤلاء الأشخاص .




قصة واقعية : يقول فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين –حفظه الله- :( كانت هذه امرأة عادية ، ولكنها ترى من زوجها شيئاً من الإعراض وعدم المودة التي تريدها منه ، فهو يعطيها حقها ويعاملها كسائر النساء ، لكنها تريد منه أكثر من ذلك من المحبة والبقاء عندها والملازمة لها ، فدخلت عليها عجوز تعمل السحر ، فأخبرتها بخبر زوجها ، فأعطتها العجوز دواء في صرة ، وأمرتها أن تجعله في طعامه ، ولكن المرأة تورعت فجعلت الدواء في رغيف وأطعمته داجناً عندهم ، فبعد أن أكله ذلك الداجن علق بها ، فصار يتبعها ولا يفارقها ولا يستقر حتى يلصق رأسه ببطنها أو يجعله في حجرها وصار يلاحقها أينما ذهبت ، فعجب زوجها من أمرها وأمره ، ثم إنها أخبرت زوجها بأنها صرفت هذا الدواء عنه ، ولو أعطته الدواء لفعل كما فعل الداجن ، فلما أخبرته بادر بطلاقها ، وقال : أخشى في المرة الثانية أن تجعليه في طعامي )( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة- ص 141،142 ).
من فعل سحر العطف عن جهل ان هذا حرام فهل يؤثم على ذلك
 
من فعل سحر العطف عن جهل ان هذا حرام فهل يؤثم على ذلك
ملخص كلام أهل العلم المستند هو القاعدة الشرعية التي تجري على جميع الأحكام أن؛
الجهل الذي يعذر به صاحبه هو الجهل بالحكم ، فمن ترك واجباً وهو لا يعلم أنه واجب ، أو فعل محرماً وهو لا يعلم أنه محرم فهذا هو الجاهل الذي يعذر بجهله .

أما من علم أن هذا الفعل محرم ففعله وهو يجهل العقوبة المترتبة عليه ، فهذا لا يعتبر عذراً ، لأن صاحبه أقدم على المعصية وانتهك الحرمة وهو يعلم .
و حالتك أو حالة السائلة ما سطرته في الأعلى، و الله أعلى و أعلم.
و يمكنكي مطالعة هذا الموضوع فيفه ما شاء الله من فتاوى أهل العلم الكرام في حكم السحر بأنواعه و طرق علاجه.
 
اعوذ بالله ان تكون هذه حالتي سؤالي لا يعني انني ارتكبت هذا الجرم انما كثرت الحديث عنها بين الناس هو ما جعلني استفسر
 
وفقك الله وسددك.
و أنا قلت حالتك أعني حالة سؤالك لذلك ذكرت بعدها فقلت؛ أو حالة السائلة (التي ممكن أن تكون استعنت بك لتعرف الجواب) وهذا وارد، وثبت أن علي رضي الله عنه حينما استحي من النبي عليه الصلاة و السلام أن يسأله مسألة في الطهارة أرسل إليه رجلا يسأل عنها ليعرف حكمها عن طريقه و ذلك لمكانه منه حيث كان صهره.
 
0025.gif
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top