فتاوى الغيبة والنميمة(63فتوى)

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,283
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
فتاوى الغيبة والنميمة(63فتوى)
بسم الله الرحمن الرحيم
1_ خطورة انتشار الغيبة في أوساط الناس
قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:ونحن نرى بعض الناس الآن يشيعوا أقوالاً عن أشخاص معينين، بل يشيعوا أقوالاً أو أفعالاً عن علماء ما قالوها ولا فعلوها، بل يشيعوا أقوالاً وأفعالاً عن ذوي السلطة وذوي الأمر ما قالوها ولا فعلوها.
وغيبة ولاة الأمور من العلماء والأمراء الحُكَّام من الملِك والوزير وغيرهما أشد من غيبة عامة الناس؛ لأن غيبة ولاة الأمور تحدث الكراهة لولي الأمر، وإذا كره الإنسان ولي أمره صار لا يخضع لقوله، وصار ولي الأمر لا يفعل شيئاً حسناًَ إلا كان غائباً عن بصر هذا الإنسان، ولا يفعل سيئة واحدة إلا كانت في بصره وقلبه، لماذا؟! لأنه يبغضه ويكرهه بما نُشر من الأشياء، وقد قال الشاعر الحكيم:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تُبْدِي المَساوِيا فالإنسان الساخط لا تظن أنه سينشر حسنة لمن هو ساخط عليه؛ لكن هذا الساخط المبغض ينشر كل السيئات، ويسكت عن الحسنات، وكأنها ما حصلت.
فغيبة ولاة الأمور تُحْدِث كراهةَ ولي الأمر وبُغضَه وعدمَ الانصياع لأمره، وتجعل حسناته سيئات، وهذا خطير على المجتمع كله؛ لأن الأمور إذا أصبحت فوضى لا زمام لها فَسَدَ النظام، وتفرقت الأمة، وهل إذا نشرنا مثلاً مساوئ ولاة الأمور، هل هذا يُصْلِح من الحال شيئاً؟ لو كان يُصْلِح لكان طيباً؛ لكنه لا يُصْلِح، بل يزيد الأمر شدة، ويزيد ولي الأمر انتباهاً فيقع فيما لا يحق له أن يقع فيه من اتهام بعض البرآء بأمر هم منه بريئون، ويحصل بذلك شر على الناشر للمساوئ وعلى غيره.
وهل الغيبة ذنب سهل، أو أنها من كبائر الذنوب؟! بل من كبائر الذنوب.
يقول ابن عبد القوي في منظومته الدالية الفقهية:
وقد قيل صُغْرى غيبةٌ ونميمةٌ وكلتاهما كُبْرى على نص أحمد
أي: أحمد بن حنبل رحمه الله.
فالغيبة من كبائر الذنوب، قال الله عزَّ وجلَّ: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات:12] ، من يحب أن يأكل لحم أخيه ميتاً، هل أحدٌ يحب هذا؟! لا أحد يحب أن يأكل لحم أخيه ميتاً، وشبَّه الله الغيبة بأكل لحم الميت، لأن المغتاب ليس بحاضر ليدافع عن نفسه، كالميت إذا أكلتَه فهو ميت لا يدافع عن نفسه، وهذا تشبيهٌ بأقبحِ ما يكون، مما يدل على أن الغيبة مكروهة عند الله عزَّ وجلَّ، ويجب أن تكون مكروهة عند العاقل؛ لأنه تعالى قال: {فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات:12] .
خطورة غيبة العلماء
كذلك غيبة العلماء، والعلماء ليسوا معصومين بلا شك، ولا أحد يُعْصَم إلا واحدٌ وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الإمام مالك رحمه الله: ما منا إلا ويؤخذ من قوله ويُتْرك إلا صاحب هذا القبر يشير إلى قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وصَدَقَ رحمه الله؛ كُلٌّ يُخْطِئ، حتى الإنسان نفسه يعرف خطأه أحياناً إذا قال قولاً ثم بَحَثَ أو نوقِش فيه، وتبيَّن أنه مخطئ.
لكن هل من جزاء العلماء الذين أتْعَبوا أنفسهم في تحصيل العلم ولم يدَّخروا وُسْعاً في نشره بين الأمة أنهم إذا أخطئوا خطئاً واحداً أن يُنْشَر خطأهم ويُسْكَت عن محاسنهم؟! الجواب لا والله.
ليس من جزائهم، وليس هذا من العدل، ولا من القسط، بل العدل أن توازن بين الحسنات والسيئات، فإذا رَجَحَت الحسنات على السيئات فالإنسان من المحسنين، هذا إذا تقاربت السيئات مع الحسنات، فكيف إذا كانت السيئة واحدة في مقابل آلاف الحسنات؟! لكن بعض الناس والعياذ بالله يتخذ من الخطأ الواحد ذريعة للسب، والقيل والقال، ويضيف إلى هذه السيئة سيئات أخرى.
وهذا لا يجوز أبداً بأي حال من الأحوال.
واعلموا أن الناس إذا قلَّت ثقتهم بالعلماء فليس معنى هذا أنه إساءة إلى العالِم شخصياً فحسب، بل هو إساءة إلى العالِم وإلى ما يحمله من الشريعة؛ فإذا نزل العالِم من أعين الناس ما قبلوا قوله، وردوه ولو كان أوضح من الشمس؛ لأن الثقة نُزِعت منهم، ولولا ثقة الناس بعضِهم ببعض ما انتفع أحدٌ من أحد أبداً، حتى الإنسان الذي تريد أن تعامله معاملة فتبيع له وتشتري منه إذا لم تثق به هل تعامله؟! لا.
لذلك أوصيكم بأن تحرصوا غاية الحرص على تجنُّب القيل والقال، وعلى أن يشتغل الإنسان بما يهمه عما لا يعنيه؛ لأن ذلك من حسن إسلام المرء، كما نطق به الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلني وإياكم ممن كفى الناسَ شرَّه، وكفاه شرَّ الناس، وأن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يتقبل منا ومنكم.
وأبشركم بأن حضوركم إلى هذا المجلس داخلٌ في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) .نسأل الله لنا ولكم الإخلاص.
لقاء الباب المفتوح (66/7)

2_ هجر المغتاب
سئل فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: لي صديق كثيرا ما يتحدث في أعراض الناس، وقد نصحته ولكن دون جدوى، ويبدو أنها أصبحت عادة عنده، وأحيانا يكون كلامه في الناس عن حسن نية. فهل يجوز هجره؟
فأجاب بقوله :الكلام في أعراض المسلمين بما يكرهون منكر عظيم، ومن الغيبة المحرمة بل من كبائر الذنوب؛ لقول الله سبحانه: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} ولما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أتدرون ما الغيبة؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: يا رسول الله إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته » ، «وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما عرج به مر على قوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فقال: يا جبريل من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم » أخرجه أحمد وأبو داود بإسناد جيد عن أنس رضي الله عنه، وقال العلامة ابن مفلح: إسناده صحيح، قال: وخرج أبو داود بإسناد حسن عن أبي هريرة مرفوعا: «أن من الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق » .
والواجب عليك وعلى غيرك من المسلمين عدم مجالسة من يغتاب المسلمين مع نصيحته والإنكار عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان » . رواه مسلم في صحيحه. فإن لم يمتثل فاترك مجالسته؛ لأن ذلك من تمام الإنكار عليه.
أصلح الله حال المسلمين ووفقهم لما فيه سعادتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة.
مجموع فتاوى ابن باز (5/400)
3_ الغيبة محرمة بإجماع المسلمين
سئل فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: بعض الناس -هداهم الله- لا يرون الغيبة أمرا منكرا أو حراما، والبعض يقول: إذا كان في الإنسان ما تقول فغيبته ليست حراما متجاهلين أحاديث المصطفى، أرجو من سماحة الشيخ توضيح ذلك جزاه الله خيرا. ض. ش- حائل.
فأجاب بقوله :الغيبة محرمة بإجماع المسلمين، وهي من الكبائر سواء كان العيب موجودا في الشخص أم غير موجود؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما «سئل عن الغيبة قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: يا رسول الله إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته » ، وثبت عنه أنه «رأى ليلة أسري به قوما لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فسأل عنهم فقيل له: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم » .
وقد قال الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من الغيبة والتواصي بتركها؛ طاعة لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وحرصا من المسلم على ستر إخوانه وعدم إظهار عوراتهم، ولأن الغيبة من أسباب الشحناء والعداوة وتفريق المجتمع وفق الله المسلمين لكل خير.
مجموع فتاوى ابن باز (5/421)

4_ الغيبة فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأوضح تفسير
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:إنني أريد أن أتجنب الغيبة والنميمة فأخبرونا عن صفة الغيبة وأخبرونا أيضاً عن صفة النميمة؟
فأجاب بقوله :الغيبة فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأوضح تفسير حيث قال الغيبة ذكرك أخاك بما يكره يعني أن تذكر أخاك بما يكره أن يذكر به من وصفٍ خُلقي أو وصفٍ خلقي أو وصفٍ عملي فإذا قلت مثلاً فلانٌ أعور فلانٌ أعمى فلانٌ قصير فلانٌ فيه كذا وكذا تعيره بذلك فهذه غيبة وكذلك أيضاً إذا قلت فلان أحمق سيء الخلق فيه كذا وكذا تعيره بذلك أيضاً فهو غيبة وكذلك إذا قلت فلانٌ فاسق فلانٌ فيه كذا وكذا من الأعمال السيئة تعيره بذلك فإنه من الغيبة فالغيبة ذكرك أخاك بما يكره أي بما يكره أن يذكر به من صفةً خِلقية أو خلقية أو عمليه وأما النميمة فهي السعي بين الناس بما يفرق بينهم بأن تأتي مثلاً إلى فلان وتقول يذكرك فلان بكذا وكذا يسبك يشتمك يقول فيك ويقول فيك لأجل أن تفرق بينهما فالنميمة هي السعي بين الناس بما يفرق بينهم وكلا العملين عمل ذميم ومن كبائر الذنوب فالغيبة ضرب الله لها مثلاً تنفر منه كل نفس فقال سبحانه وتعالى (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) فجعل الله تبارك وتعالى غيبة المرء كمثل أكل لحمه وهو ميت وإنما وصف ذلك بأكل لحمه وهو ميت لأن الغائب لا يستطيع الدفاع عن نفسه فهو كالميت الذي يؤكل لحمه لا يستطيع أن يدفع عن نفسه وقد ذكر بعض العلماء أن المغتاب للناس يعرضون عليه يوم القيامة أمواتاً ويكلف بأكل لحومهم وهذه بلا شك نوعٌ من العقوبة العظيمة وأما النميمة فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (مر بقبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) وبهذا علم أن النميمة من أسباب عذاب القبر نسأل الله السلامة والعافية.فتاوى
فتاوى نور على الدرب للعثيمين(24/2)
5_ لو كان كارهاً لذلك لقام ولم يجلس لأن من المعلوم أن من كره شيئاً لم يطق أن يبقى عليه ولكن هذا من باب التمني
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: أعلم بأن الغيبة والكذب محرم ولكن عندما يجلس الإنسان في مجلس يكثر فيه هذا الموضوع وينصح الجالسين يقولون بأن هذا الكلام يتداول دائماً وليس فيه شيء فنريد تبيين الحكم الشرعي بارك الله فيكم؟
فأجاب بقوله :أولاً الحكم الشرعي في الغيبة أنها محرمة بل هي من كبائر الذنوب كما نص على ذلك الإمام أحمد رحمه الله وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (الغيبة ذكرك أخاك بما يكره) سواء كان ذلك في عيب خَلقي أو خُلقي أو ديني فكلما ذكرت أخاك بما يكره فإنك قد اغتبته حتى وإن كان فيه ما تقول ولهذا قال الصحابة أرأيت يا رسول الله إن كان فيه ما أقول قال (إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته) وقد حذر الله منها في قوله (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) وتأمل هذا المثل حيث جعل الله المغتاب الذي اغتاب إخوانه بمنزلة الرجل الذي يأكل لحم أخيه ميتاً ومعلوم أنه لا يمكن لأحد أن يأكل لحم أخيه ميتاً ولهذا قال فكرهتموه وإنما شبه الله الغيبة بهذا لأن المغتاب الذي اغتيب غائب لا يستطيع أن يدافع عن نفسه فهو بمنزلة الميت الذي يؤكل لحمه لا يستطيع أن يدافع عن نفسه وأن يمنع الناس من أكل لحمه وإذا وقعت الغيبة من شخص لآخر فإن الواجب على الذي اغتاب أخاه أن يستحله ويطلب منه أن يحله في الدنيا قبل أن يؤخذ ذلك من أعماله الصالحة في يوم القيامة هذا إذا كان قد علم بأنه قد اغتاب أما إذا لم يعلم فإن بعض أهل العلم يقولون لا ينبغي أن يعلمه بأنه اغتابه لأنه ربما يصر على أن لا يسمح عنه ويكفي أن يستغفر له وأن يثني عليه في الأماكن والجماعات التي كان يغتابه فيها والحسنات يذهبن السيئات.
أما بالنسبة للكذب فإن الكذب ليس من خلق المؤمن بل هو من آيات المنافقين وعلاماتهم كما قال الله تبارك وتعالى (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) فالكذب من صفات المنافقين وعلاماتهم وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (آية المنافق ثلاثة إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان) فلا يجوز لأحد أن يكذب على أحد سواء كان ذلك في أمور الدين أو في أمور الدنيا وهو في أمور الدين أشد كما يفعله بعض الناس ينسب إلى العلماء أقوال ما قالوها وفتاوى ما أفتوا بها كذباً وزوراً لكنه يريد أن يبرر قوله ليسنده بما ينسب إلى العالم من قول أو فتوى وهذا ضرره عظيم وخطره جسيم فإذا تبين حكم الغيبة والكذب فإننا نقول لا يجوز لأحد أن يبقى في مجلس فيه الغيبة أو فيه الكذب بل يجب عليه أن يناصح أهل المجلس فإن امتثلوا وقبلوا النصيحة فهذا خير للجميع وإن لم يفعلوا فالواجب عليه أن يقوم وأن لا يجلس معهم لأن الجالس مع أهل المعصية بمنزلتهم كما قال الله تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) يقول بعض الناس مفتياً نفسه إنه يجلس مع أهل المعصية وهو كاره لذلك فهو منكر بقلبه فنقول له لو كان كارهاً لذلك لقام ولم يجلس لأن من المعلوم أن من كره شيئاً لم يطق أن يبقى عليه ولكن هذا من باب التمني وهو من العجز فإن العاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.
فتاوى نور على الدرب للعثيمين(24/2)

6_ إذا كانت هذه الصديقة هي ربة البيت التي تملك المنع والإذن للداخلين فإنه يجب عليها أن تمنع الإذن لهؤلاء النسوة اللاتي لا يجلسن إلا على لحوم الناس.
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:هذه السائلة تقول لي صديقة متعلمة تزوجت من ابن عمتها وهي الآن تعيش معه في ذلك البيت ويحصل غيبة كثيرة فيومياً تأتي النسوة إليهم ويجتمعن بالحديث على الناس فلا يتركن أحداً من شرهن أما صديقتي فإنها إما أن تبقى جالسة تستمع لكلامهم دون أن تتحدث أو تتركهم وتذهب إلى غرفتها تجلس فيها فهل عملها صحيح أرشدوها على الخير جزاكم الله خيرا؟
فأجاب بقوله :إذا كانت هذه الصديقة هي ربة البيت التي تملك المنع والإذن للداخلين فإنه يجب عليها أن تمنع الإذن لهؤلاء النسوة اللاتي لا يجلسن إلا على لحوم الناس وأما إذا كانت لا تملك ذلك وليست ربة البيت فإنه يجب عليها إذا سمعت غيبة هؤلاء النساء أن تنصحهن أولاً فإن لم يكففن عن الغيبة وجب عليها أن تقوم عن المكان إلى حجرتها أو غرفتها حتى يغادر هؤلاء البيت ولكني أنصح قبل كل شيء هؤلاء النساء من الغيبة لأن الغيبة من كبائر الذنوب وقد مثلها الله تعالى بأقبح مثال فقال تعالى (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) ومن المعلوم أنه لا أحد يحب أن يأكل لحم أخيه حياً فضلاً عن كونه ميتاً والمغتاب كالذي يأكل لحم الميت لأنه يغتاب هذا الرجل بغيبته بحيث لا يستطيع أن يدافع عن نفسه أي أن الذي أغتيب كالميت يؤكل لحمه ولا يستطيع أن يدافع عن نفسه ثم لتعلم هؤلاء النساء أنهن ما تكلمن بكلمة في شخص من ذكر أو أنثى إلا إذا كان يوم القيامة (أخذ من حسناتهن وحملت على حسناته فإن بقي من حسناتهن شيء وإلا أخذ من سيئاته فطرحت عليهن ثم طرحن في النار) ويروى بسند فيه نظر (أن امرأتين كانتا صائمتين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فعطشتا عطشاً شديداً حتى كادتا تموتان من العطش فدعا بهما النبي صلى الله عليه وسلم وأمرهما أن يتقيأ فتقيأتا قيحاً وصديداً ولحماً عبيطاً ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم إن هاتين صامتا عما أحل الله لهم وأفطرتا على ما حرم الله عليهما جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس) (ورأى النبي صلى الله عليه وسلم أقواماً لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فقال من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم) فليحذر هؤلاء النسوة من الغيبة وليتقين الله عز وجل وإذا كانت الغيبة في الأقارب صارت غيبة وقطيعة والعياذ بالله وقطيعة الرحم من كبائر الذنوب العظيمة قال الله تبارك وتعالى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يدخل الجنة قاطع) أي قاطع رحم فالغيبة إذا كانت في الأقارب صارت أشد وأعظم وإذا كانت في عامة الناس كانت من كبائر الذنوب فلا يمكن أن يسلم المغتاب من إثم أبدا ولكن مع ذلك إذا تاب الإنسان ورجع إلى الله واستحل ممن اغتابه إن كانت الغيبة قد بلغته فإنه الله تعالى يمحو بذلك سيئاته.
فتاوى نور على الدرب للعثيمين(24/2)
7_ الغيبة ذكرك أخاك بما يكره في غيبته بأن تقول في غيبته إنه فاسق إنه متهاون بدين الله أو إن فيه كذا

سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:ما معنى الغيبة والنميمة وهل النهي عن المنكر من الغيبة والنميمة مثل أن نقول للناس إن هذا الشخص فعل كذا ليحذره الناس وما جزاء من يقول مثل ذلك؟
فأجاب بقوله :الغيبة ذكرك أخاك بما يكره في غيبته بأن تقول في غيبته إنه فاسق إنه متهاون بدين الله أو إن فيه كذا وكذا من العيوب الخِلْقية التي تتعلق بالبدن أو إن فيه كذا وكذا من العيوب الخلقية التي تتعلق بالخلق فإذا ذكرت أخاك في غيبته بما يكره في دينه أو بدنه أو خُلقه فتكون هي الغيبة إن كان فيه ماتقول أما إن لم يكن فيه ما تقول فإن ذلك غيبة وبهتان كما قال النبي عليه الصلاة والسلام حين سئل أرأيت يا رسول الله إن كان في أخي ما أقول قال (إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته) أي بهته بالإضافة إلى غيبته هذه هي الغيبة والغيبة إذا حصلت في حضور المغتاب صارت سباً وشتماً.
وأما النميمة فليست هي الغيبة النميمة نقل كلام الغير إلى من تكلم فيه بقصد الإفساد بينهما مثل أن تذهب لشخص فتقول قال فيك فلان كذا وكذا لتفسد بينهما والنميمة من كبائر الذنوب كما إن الغيبة أيضاً من كبائر الذنوب على القول الراجح سواء كان الذي نممت فيه قد قال ما قال أو لم يقل فلا يحل لأحد أن ينقل كلام أحد إلى من تكلم فيه فيلقي العداوة بينهما بل إذا تكلم أحدهما في شخص فانصحه وحذره من النميمة وقل له لا تنقل إليّ كلام الناس فيّ واتق الله حتى يدع النميمة واعلم أن من نمّ إليك نمّ عنك فاحذره ولهذا قال الله تعالى (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ) وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا يدخل الجنة قتات) أي نمام وثبت عنه أنه (مر برجلين يعذبان في قبورهما فقال لأحدهما إنه يمشي بالنميمة) وأعظم النميمة أن ينم الإنسان بين علماء الشرع فينقل عن هذا العالم إلى هذا العالم الكلام بينهما ليفسد بينهما ولاسيما إن كان كذباً فإنه يجمع بين النميمة والكذب يذهب إلى العالم ويقول إن فلاناً من أهل العلم يقول فيك كذا وكذا فإن هذا من كبائر الذنوب وفيه مفسدة عظيمة وإيقاع للعداوة بين العلماء فيحصل في ذلك تفكك في المجتمع تبعاً لتفكك علمائهم هذا هو الفرق بين الغيبة والنميمة.
أما قول السائل هل من الغيبة أن يتكلم بأوصاف يعرف الناس المتصف بها بعينه من غير أن يسميه المتكلم فالجواب أن نقول نعم إذا تكلم الإنسان بأوصاف لا تنطبق إلا على شخص معين معلوم بين الناس فإن هذا من الغيبة لأن الناس قد يعلمونه بوصفه الذي لا يتصف به إلا هو ولكن إذا كان هذا الوصف الذي ذكره من الأمور التي يجب تغييرها لكونها منكراً فإنه لا حرج أن يتكلم على من اتصف بها وإن كان قد تُعلم عنه وقد كان من عادة النبي عليه الصلاة والسلام إذا خالف أحد من الناس شريعة الله أن يتحدث فيهم فيقول (ما بال أقوام أو ما بال رجال) أو ما أشبه ذلك مع إنه ربما يعرف الناس من هؤلاء ويتفرع من ذلك أن الإنسان لو اغتاب شخصاً داعية سوء وعينه باسمه ليحذر الناس منه فإن هذا لا بأس به بل قد يكون واجباً عليه لما في ذلك من إزالة الخطر عن المسلمين الذين لا يعلمون عن حاله شيئاً.
فتاوى نور على الدرب للعثيمين(24/2)

8_الفرق بين الغيبة والنميمة
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:ما الفرق بين الغيبة والنميمة، وهل هناك أحوال يجوز للإنسان أن يغتاب فيها الناس؟

فأجاب بقوله : الفرق بين الغيبة والنميمة، أن الغيبة: ذكرك أخاك بما يكره في غيبته، بأن تسبه في دينه أوخلقه أو خلقته أو عمله أو أي شيء، فإذا ذكرته بما يكره في غيبته فهذه الغيبة، (قالوا: يا رسول الله! أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته) .
وأما النميمة فهي: نقل كلام الناس بعضهم لبعض بقصد الإفساد مثل: أن يأتي إلى شخص ويقول: إن فلان يقول فيك كذا وكذا، سواء كان صادقاً أو كاذباً، هذه هي النميمة مأخوذة من نم الحديث إذا عزاه إلى غيره، والنميمة أعظم من الغيبة؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه مر بقبرين وقال: (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير: أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) فهذا هو الفرق بينهما.
أما هل تجوز الغيبة أو النميمة؟! فهذا ينظر إذا كان ذلك للمصلحة فلا بأس أن تذكره بما يكره إذا كان للمصلحة، مثل: أن يأتي إليك رجل يستشيرك في شخص يريد أن يعامله أو يزوجه وأنت تعلم أن فيه شيئاً مذموماً فلك أن تذكر ذلك الشيء، فإن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تستشيره حيث تقدم لها ثلاثة رجال: أبو جهم ومعاوية بن أبي سفيان وأسامة بن زيد، فجاءت تستشير النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك: من تتزوج منهم فقال: (أما أبو جهم فضراب للنساء، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة) فهنا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر معاوية وأبا جهم بما يكرهون لكن لإرادة أن ينصف، فهذا لا بأس به.
كذلك النميمة لو نممت إلى: إنسان ما يقول به شخص آخر ترى أن هذا الشخص صديق له واثق منه، ولكن هذا الصديق الذي وثق منه ينقل كلامه إلى الناس، فتأتي إليه وتحذره وتقول: إن فلاناً ينقل كلامك إلى الناس، وأنه يقول فيك كذا،وكذا فهذا أيضاً لا بأس به، بل قد يكون واجباً.
والمسألة تعود إلى: هل في ذلك مصلحة تربو على مفسدة الغيبة فتقدم المصلحة، هل في ذلك مصلحة تربو على مفسدة النميمة فتقدم المصلحة؛ لأن الشرع كله حكمة يوازن بين المصالح والمفاسد فأيهما غلب صار الحكم له، إن غلبت المفسدة صار الحكم لها، وإن غلبت المصلحة صار الحكم لها، وإن تساوى الأمران فقد قال العلماء رحمهم الله: درأ المفاسد أولى من جلب المصالح.
لقاء الباب المفتوح(93/12)
9_ هل يجوز مجالسة من يغتاب؟
سئل فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: ما هي الغيبة؟ وما حكم الوقوع في أعراض الناس وهل يجوز مجالسة من يغتاب؟
فأجاب بقوله :إن الكلام في أعراض المسلمين بما يكرهون منكر عظيم وهو من الغيبة المحرمة، بل من كبائر الذنوب لقوله سبحانه وتعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أتدرون ما الغيبة؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم؟ قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته » رواه مسلم.
ولقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما عرج به مر على قوم لهم أظافر من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فقال: «يا جبريل من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم » . فالواجب عليك يا عبد الله وعلى غيرك من المسلمين عدم مجالسة من يغتاب المسلمين مع نصيحته والإنكار عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان » . فإن لم يمتثل بعد ذلك فاترك مجالسته لأن ذلك من تمام الإنكار عليه.
مجموع فتاوى ابن باز (9/239)
10_ لا يعتبر ذكر أوصاف الخاطب والمخطوبة للتعريف بهما والنصح لهما من الغيبة
السؤال : في حالة خطبة المرأة فإنه في معظم الأحيان توصف المرأة للرجل، ولا بد من ذكر عيوبها ومحاسنها؛ كالطول والجمال وإلى آخر ذلك، فهل مثل هذه الأوصاف تدخل تحت باب الغيبة؟ وكذلك غالبا ما يسألون عن الفصل والأصل، ويكثر ذلك عند السؤال عن الرجل والمرأة على السواء، مما يجعل المجيب في وضع حرج، إذ قد يغتاب الشخص من حيث لا يدري.
الجواب: لا يعتبر ذكر أوصاف الخاطب والمخطوبة للتعريف بهما والنصح لهما حتى يكون كل منهما على بينة من الآخر قبل عقد الزواج- لا يعتبر ذلك من الغيبة التي حرمها الله ورسوله، بل من النصح المأمور به في حديث: «الدين النصيحة » . . الخ، ومن التعاون على البر والخير، وقد قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (6316)
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
 
11_ الغيبة: أن تذكر أخاك بما فيه وهو يكرهه، وإذا ذكرته بما ليس فيه وهو يكرهه فهو بهتان
السؤال: ما حكم الذي يغتاب الناس بما ليس فيهم، وأنا أسمع كلمة (البهتان) فما معناها؟
الجواب:الغيبة: أن تذكر أخاك بما فيه وهو يكرهه، وإذا ذكرته بما ليس فيه وهو يكرهه فهو بهتان، وكلاهما محرم، قال تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} في هذه الآية النهي عن الغيبة وفسرها النبي صلى الله عليه وسلم، هي والبهتان، فقد روى مسلم وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قيل: يا رسول الله: ما الغيبة؟ قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال صلى الله عليه وسلم: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته » وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (3543)
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
12_ حكم ذكر عيوب الشخصيات في تدريس التاريخ
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:أنا مدرس لمادة التاريخ وعندي إشكال يا فضيلة الشيخ: وهو أنه يمر علي في شرح بعض الشخصيات أنها تذكر بسوء كالخيانة والغدر ونقض العهد والتكبر أو دمامة الخلقة أو غير ذلك، وقد تكون هذه الشخصيات مسلمة، هل ذكري لهذه الشخصيات بما تكره يعتبر غيبة؟
فأجاب بقوله : أرى ألا يذكر المسلم بسوء سواء كان حياً أو ميتاً لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا تسبوا الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا) أما المحاسن فتذكر لأن المحاسن تستدعي أن يدعى للرجل وأن يذكر بالخير.
فالذي أرى أنه إذا مر بك شيء من هذا إن ثبت ثبوتاً قطعياً بأنه صدر من هذا الرجل الذي تتكلم عن حياته فالتمس العذر له، وأما إذا لم يثبت فإن الله تعالى يقول: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:36] .
اللقاء الشهري (54/26)
13_ جواز غيبة الفاسق لتبيين حاله
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:هل صحيح أنه لا غيبة لفاسق؟ ومن هو الفاسق الذي تحل غيبته إذا كان ذلك حلالاً؟
فأجاب بقوله: هذا ليس بحديث، ومراد قائله: أنه يجوز للإنسان أن يبين ما في الفاسق من العيوب من أجل إصلاحه لا من أجل الشماتة به، أو من أجل التحذير منه إذا خاف أن يغتر الناس به، هذا معنى هذه المقالة.
اللقاء الشهري (74/22)
14_ حكم غيبة الفاسق
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:ما حكم غيبة الفاسق؟
فأجاب بقوله:غيبة الفاسق محرمة؛ لأن الفاسق من المؤمنين، ولا يحل للإنسان أن ينتهك عرض أخيه المسلم، والدليل على أن الفاسق من المؤمنين قول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:178] المراد بأخيه المقتول: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة:178] فجعل المقتول أخاً للقاتل، ومعلوم أن القاتل قد فعل كبيرة من كبائر الذنوب العظيمة التي قال الله عنها: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء:93] وقال تعالى في الطائفتين المقتتلتين: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات:9] إلى قوله: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات:9] إلى أن قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات:10] .
ومعلوم أن اقتتال المؤمنين بعضهم مع بعض كفر، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) ، وإذا تبين أن الفاسق لم يخرج من الإيمان -وإن كان ناقص الإيمان- فإنه لا يجوز اغتيابه إلا إذا كان في ذلك مصلحة، فلا بأس من أن يقال مثلاً: فلان يفعل كذا وكذا تحذيراً مما صنع، وإن لم يكن في ذلك مصلحة فالأصل أن عرضه محتاط؛ لأنه من المؤمنين وقد قال الله تعالى: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات:12] .
لقاء الباب المفتوح( 54/21)
15_ حكم تبيين الخطأ وكيفية تبيينه
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:نريد ضابطاً في تحديد الغيبة! فإذا أخطأ عالِمٌ من العلماء في مسألة من المسائل مهما كان هذا العالم -مع احترامي وتقديري وكل ما يليق بمقامه- مثل قوله بأن الله عزَّ وجلَّ غير مستوٍ على عرشه، هل تبييني بأن هذه المسألة خطأ، وتحذيري منها، وتبيين ما أخطأ فيه من مسائل الدين، وأنا لستُ في درجته من العلم يُعدُّ غيبة، أم أنه لا يجوز لي أن أبينها لأنني لستُ في درجته من العلم؟! أم أن الغيبة فقط هي القدح في شخص تكون نيته سيئة؟! فما الضابط في هذه المسألة؟
فأجاب بقوله: انظر بارك الله فيك! تبيين الخطأ واجب؛ لكن إذا قلتَ: مَن قال: إن الله استوى على العرش يعني: استولى عليه فقوله خطأ، وقوله منكر، ويلزم عليه لوازم باطلة، وأتيتَ بما عندك من الحجج فإنك ما عيَّنت أحداً.
فالتعميم خيرٌ من التعيين لسببين: السبب الأول: ألا يظن الظان أنك متعصب ضد هذا الشخص، ولاسيما إذا كان هذا الشخص مرموقاً بين الناس ومحترَماً، وله حسنات كثيرة.
السبب الثاني: أن يكون هذا الحكم عليه وعلى غيره ممن شاركه في هذه البدعة.
ولهذا انظر إلى مؤمن آل فرعون ماذا قال! {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} [غافر:28] ولم يقل: أتقتلون موسى؛ لماذا؟ لأنه لو عيَّنه لقيل: بينه وبين موسى ارتباط شخصي يريد أن ينتصر له، فقال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً} [غافر:28] كأنه رجل نكرة، لا يعرفه، {أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} [غافر:28] .
كما فعل أبو بكر رضي الله عنه مع قريش في معاملتهم النبي صلىالله عليه وعلى آله وسلم فقال: [أتقتلون رجلاً أن يقول: ربي الله؟!] .
فالتعميم خير مِن التعيين مِن هذين الوجهين.
أما السكوت على الخطأ فهو خطأ، لاسيما إذا صدر الخطأ من شخص مرموق يؤخذ بقوله، ويُقْتَدى به؛ لكن قبل أن أبين خطأه أتصل به، وأناقشه، وأجعل مستواي في مستواه ما دام القصد الوصول إلى الحق، فإن تبين له الحق ورجع إليه؛ فهذا هو المطلوب، وإن لم يتبين وأنا أرى أنه خالف في أمرٍ لا يسوغ فيه الاجتهاد؛ فإنه في الحال هذه يجب علي بيان الحق.
لقاء الباب المفتوح (69/9)
16_ الفرق بين الغيبة وبين الكلام على الأموات
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:كيف تجمع بين نهي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الغيبة، ونهيه عن سب الأموات، وبين قوله: (وجبت) ، وقوله: (أنتم شهداء الله في الأرض) ؟
فأجاب بقوله: الجمع بينهما: أن ما قاله الصحابة رضي الله عنهم حين أثنوا شراً على إحدى الجنازتين وخيراً على الأخرى هو مجرد الخبر الذي وقع تصديقه من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والقصد منه التحذير، والغيبة وهي ذكر الإنسان بما يكره ليست حراماً في كل حال، في بعض الأحيان تكون حراماً، وفي بعض الأحيان تكون مباحة، وفي بعض الأحيان تكون مطلوبة، أليست فاطمة بنت قيس جاءت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تستشيره في أبي جهم وأبي سفيان وأسامة بن زيد كلهم خطبوها فقال لها: (أما أبو سفيان فرجل شحيح، وأما أبو جهم فضرّاب للنساء، أنكحي أسامة) ومعلوم أن وصف أبي سفيان في غيبته بأنه رجل شحيح غيبة، وكذلك وصف أبي جهم بأنه ضراب للنساء أو لا يضع العصا عن عاتقه هو أيضاً غيبة، لكن فيها مصلحة، فالغيبة في بعض الأحيان تكون مطلوبة، وبعض الأحيان تكون مباحة، قد يقصد بها مجرد التعريف مثل الأعرج والأعمش وما أشبه ذلك من كلام العلماء المحدثين الذي تسمعهم في الأسانيد كثيراً، هذه مباحة لأنه يقصد بها التعريف، وإذا قصد بها النصيحة صارت واجبة، فهذا الذي ذكره الصحابة رضي الله عنهم يريدون بذلك الإخبار عما حصل للتحذير منه إن كان شراً، والترغيب فيه إن كان خيراً.
لقاء الباب المفتوح(80/18)
17_ وجوب إنكار الغيبة في المجالس أو هجر أهلها
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: بعض المجالس يحضر الإنسان وفيها بعض الأقارب, وربما تكلموا بغيبة أو تكلموا بكلام لا تدري هل هو غيبة أو لا, فيكون الإنسان في جهاد في هذه المجالس لا يدري هل هي غيبة وربما ينكر الغيبة ويكون فيها بعض الأقارب, هل يهجر هذه المجالس؟ وأيضاً إذا سمع غيبة هل يقوم من هذا المجلس؟
فأجاب بقوله: إذا حضر الإنسان مجلساً فيه غيبة سواء من الأقارب، أو من الأجانب؛ فالواجب عليه أن ينهى عن هذا, ويحذر هؤلاء من الغيبة؛ فإن انتهوا فهذا المطلوب, وإن لم ينتهوا وجب عليه أن يقوم, ولا يجلس في مجلس فيه الغيبة؛ لقول الله تبارك وتعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} [النساء:140] فجعل الله الجالسين مثل الخائضين.
السائل: إذا كان الوالد حاضر ويغضب إذا قمت من المجلس، فما الحكم؟ الشيخ: وهي غيبة متأكد من ذلك؟ السائل: نعم.
الشيخ: أيهما أولى أن تقدم رضا الله أو رضا الوالد؟ السائل: رضا الله.
الشيخ: إذاً قم سواء رضي الوالد أو لم يرضَ.
لقاء الباب المفتوح(108/32)
18_ تفسير قوله تعالى: (ولا يغتب بعضكم بعضاً)
قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:قال تعالى: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} [الحجرات:12] الغيبة فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (ذكرك أخاك بما يكره) وهذا تفسير من الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أعلم الناس بمراد الله تبارك وتعالى في كلامه (ذكرك أخاك بما يكره) سواء كان ذلك في خلقته، أو في خلقه أو أحواله، أو عقله أو في ذكائه أو غير ذلك, المهم أن تذكره بما يكره, سواء في خلقته مثل أن تقول: فلان قبيح المنظر دميم، وفيه كذا وكذا تريد معايب جسمه.
أو في خُلُقه، كأن تقول: فلان أحمق, سريع الغضب, سيئ التصرف, وما أشبه ذلك.
أو في خلقته الباطنة كأن تقول: فلان بليد, فلان لا يفهم, فلان سيئ الحفظ, وما أشبهها, ورسول الله صلى الله عليه وسلم حدها بحد واضحٍ بين: (ذكرك أخاك بما يكره, قالوا: يا رسول الله! أرأيت إن كان فيه ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته, وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته) أي: جمعت بين البهتان والغيبة.
وعلى هذا فيجب الكف عن ذكر الناس بما يكرهون, سواء كان ذلك فيهم أو ليس فيهم, واعلم أنك إذا نشرت عيوب أخيك فإن الله سيسلط عليك من ينشر عيوبك (جزاء وفاقا) لا تظن الله غافلاً عما يعمل الظالمون, بل سيسلط عليه من يعامله بمثل ما يعامل الناس.
لكن إذا كانت الغيبة للمصلحة فلا بأس بها ولا حرج فيها, ولهذا لما جاءت فاطمة بنت قيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستشيره في رجال خطبوها, بين معايب من يرى أن فيه عيباً, فقد خطبها ثلاثة: معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه, وأبو جهم بن الحارث , وأسامة بن زيد , فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (أما معاوية فصعلوك لا مال له, وأما أبو جهم فضراب للنساء, أنكحي أسامة بن زيد) فذكر النبي صلى الله عليه وسلم عيباً في هذين الرجلين للنصيحة وبيان الحق, ولا يعد هذا غيبة بلا شك, ولهذا لو جاء إنسان يستشيرك في معاملة رجل قال: فلان يريد أن يعاملني ببيع أو شراء أو إجارة أو تريد تزويج من خطب ابنته أو ما أشبه ذلك وأنت تعرف فيه عيباً فإن الواجب عليك أن تبين له ذلك, ولا يعد هذا كما يقول العامة: من قطع الرزق, بل هو من بيان الحق, فإذا عرفت أن في هذا الرجل الذي يريد أن يعامله هذا الشخص ببيع أنه مماطل كذاب محتال فقل له: يا أخي! لا تبع لهذا إنه مماطل إنه محتال إنه كذاب, ربما يدعي أن في السلعة عيباً وليس فيها عيب, وربما يدعي الغبن وليس مغبوناً, وما أشبه ذلك, فتقع معه في صراع ومخاصمة، إنسان جاء ليستشيرك في شخص خطب منه ابنته, والشخص ظاهره العدالة والاستقامة وحسن الخلق, ولكنك تعرف فيه خصلة معيبة فيجب عليك أن تبين هذا, مثلاً: تعرف أن في هذا الرجل كذباً, تعرف أنه يشرب دخاناً لكنه يجحده ولا يبينه للناس, يجب أن تبين وتقول: هذا الرجل ظاهره أنه مستقيم وخلوق وطيب ولكن فيه العيب الفلاني, حتى لو كان هذا متجهاً إلى أن يزوجه بين له العيب, ثم هو بعد ذلك بالخيار؛ لأنه سيدخل على بصيرة.
فعلى كل حال: يستثنى من الغيبة: إذا كان على سبيل النصيحة, وذكرنا دليل ذلك من السنة, فهل هناك دليل من عمل العلماء؟ نعم هناك دليل, ارجع إلى كتب الرجال -مثلاً- تجده مثلاً يقول: فلان بن فلان سيء الحفظ, فلان بن فلان كذوب, فلان بن فلان فيه كذا وكذا, فيذكرون ما يكره من أوصافه نصيحة لله ورسوله, فإذا كان الغرض من ذكر أخيك بما يكره النصيحة فلا بأس.
كذلك لو كان الغرض من ذلك: التظلم والتشكي فإن ذلك لا بأس به, مثل: أن يظلمك الرجل، وتأتي إلى شخص يستطيع أن يزيل هذه المظلمة فتقول: فلان أخذ مالي, فلان جحد حقي, وما أشبه ذلك فلا بأس, فإن هند بن عتبة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجها أبا سفيان , تقول: (إنه رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي, فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) فذكرت وصفاً يكرهه أبو سفيان , ولكنه من التظلم والتشكي, وقد قال الله تعالى في كتابه: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء:148] أي: فله أن يجهر بالسوء من القول لإزالة مظلمته, ولكن هل يجوز مثل هذا إذا كان قصد الإنسان أن يخفف عليه وطأة الحزن والألم الذي في قلبه بحيث يحكي الحال التي حصلت على صديق له, صديقه لا يمكن أن يزيل هذه المظلمة لكنه يفرج عنه، أم لا يجوز؟ الظاهر أنه يجوز, لعموم قوله تعالى: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} وهذا يقع كثيراً, كثيراً ما يؤذى الإنسان ويجنى عليه بجحد مال أو أخذ مال أو ما أشبه ذلك, فيأتي الرجل إلى صديقه ويقول: فلان قال في كذا قال في كذا يريد أن يبرد ما في قلبه من الألم والحسرة, أو يتكلم في ذلك مع أولاده أو مع أهله أو مع زوجته أو ما أشبه ذلك, هذا لا بأس به؛ لأن الظالم ليس له حرمة بالنسبة للمظلوم.
لقاء الباب المفتوح(120/5)

19_ الكلام في أهل البدع هل هو من باب الغيبة؟
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: الكلام في أهل البدع, مثل أن يقال مثلاً: أنهم يؤولون الآيات والأحاديث, ويقولون: يفعلون كذا وكذا أيعتبر هذا غيبة إذا كان بين الطلبة؟
فأجاب بقوله: الكلام في أهل البدع ومن عندهم أفكار غير سليمة أو منهج غير مستقيم، هذا من النصيحة وليس من الغيبة, بل هو من النصيحة لله ولكتابه ولرسوله وللمسلمين, فإذا رأينا أحداً مبتدعاً ينشر بدعته, فعلينا أن نبين أنه مبتدع حتى يسلم الناس من شره, وإذا رأينا شخصاً عنده أفكار تخالف ما كان عليه السلف فعلينا أن نبين ذلك حتى لا يغتر الناس به, وإذا رأينا إنساناً له منهج معين عواقبه سيئة علينا أن نبين ذلك حتى يسلم الناس من شره, وهذا من باب النصيحة لله ولكتابه ورسوله ولأئمة والمسلمين وعامتهم.
وسواء كان الكلام في أهل البدع فيما بين الطلبة أو في المجالس الأخرى فليس بغيبة, وما دمنا نخشى من انتشار هذه البدعة أو هذا الفكر أو هذا المنهج المخالف لمنهج السلف يجب علينا أن نبين حتى لا يغتر الناس بذلك.
لقاء الباب الفتوح(120/8)
20_ التحذير من غيبة ولاة الأمر
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: كثرت في هذه الأزمان غيبة ولاة الأمور فما حكم غيبة الحاكم الذي لم يحكم بما أنزل الله؟
فأجاب بقوله: غيبة ولاة الأمور محرمة من وجهين: الوجه الأول: أنها غيبة مسلم، وقد قال الله تعالى: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} [الحجرات:12] .
الوجه الثاني: أن غيبة ولاة الأمور يترتب عليها من الشرور والفساد ما لا يترتب على غيبة الرجل العادي؛ لأن الرجل العادي إذا اغتيب فإنما عيبه على نفسه, لكن ولي الأمر إذا اغتيب لزم من ذلك كراهة الناس له, وتمردهم عليه, وعدم تقبل توجيهاته وأوامره, وهذه مضرة عظيمة توجب الفوضى، وربما يصل الحال إلى القتال فيما بين الناس.
وأما من لم يحكم بما أنزل الله, فيقال: ينكر الحكم بغير ما أنزل الله, ولا ينكر علناً؛ لأنه لا فائدة من إنكاره علناً وإنما ينكر على الحاكم نفسه, ويكتب إليه بذلك, فإن كان الإنسان يستطيع أن يصل إلى الحاكم بنفسه فهذا المطلوب, وإلا كتب النصيحة وأعطاها من يوصلها إلى الحاكم.
لقاء الباب الفتوح(120/13)
 

21_ حكم حضور المجالس التي يكون فيها منكرات
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:يدعى الإنسان إلى المجالس وغالب مجالس الناس يكون فيها غيبة، فهل يجب على الإنسان أن يحضر؟ وإذا كان لا يستطيع أن ينكر هل يجب عليه أن يحضر لهذا؟ الشيخ: تعني إلى وليمة يحضر؟ السائل: لا، إلى مجالس عادية.
فأجاب بقوله: أولاً: بارك الله فيك ينبغي للإنسان أن يكون مباركاً بقدر الاستطاعة، فليحضر المجالس، وإذا رأى منكراً نصح، فإن اهتدى أهل المجلس -وهذا هو الغالب- وإلا قام وتركهم؛ لأن كون الإنسان ييأس ويقول: لو ذهبت ما نفعت، هذا فيه نظر، بل الذي أرى أن يذهب ثم إذا رأى المنكر أنكره، وإذا لم ينتهِ الحاضرون قام وتركهم، هذا هو الصواب.
لقاء الباب الفتوح(136/12)
22حكم غيبة تارك الصلاة للتحذير منه
سئل فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: إذا كنت أعرف عن بعض الناس أنه لا يصلي ولا يذكر الله، بل يعمل فوق ذلك أعمالا سيئة تغضب الله ورسوله عليه الصلاة والسلام من كل النواحي، فهل يجوز لي
أن أغتابه لأعرف الناس به أو لا يجوز لي ذلك؟
فأجاب بقوله:عليك أن تنصحه أولا فتأمره بفعل ما أمره الله وتنكر عليه فعل ما نهاه الله عنه، فإن امتثل ولو شيئا فشيئا فاستمر معه في النصيحة حسب وسعك، وإلا فاجتنبه قدر طاقتك اتقاء للفتنة وبعدا عن المنكر، ثم لك بعد ذلك أن تذكره بما هو فيه من التفريط في الواجبات وفعل المنكرات عند وجود الدواعي قصدا للتعريف به، وحفظا للناس من شره، وقد يجب عليك ذلك إذا استنصحك أحد في مجاورته أو مشاركته أو استخدامه مثلا، أو خفت على شخص أن يقع في حباله ويصاب بشره فيجب عليك بيان حاله إنقاذا لأهل الخير من شره، وأملا في ازدجاره إذا عرف كف الناس عنه، وتجنبهم إياه، وليس لك أن تتخذ من سيرته السيئة تسلية لك وللناس، وفكاهة تتفكه بها في المجالس، فإن ذلك من إشاعة الشر وبه تتبلد النفوس ويذهب إحساسها باستماع المنكرات، وليس لك أن تفتري عليه منكرات لم يفعلها رغبة في زيادة تشويه حاله والتشنيع عليه، فإن هذا كذب وبهتان، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
مجموع فتاوى ابن باز(29/181)
23_ تحذير الناس من رجل ظاهر الفسق ومعروف بفسقه
السؤال: هل تحذير الناس من رجل ظاهر الفسق ومعروف بفسقه، يعتبر غيبة يسأل عنها الإنسان يوم القيامة؟
الجواب: إذا كان الواقع كما ذكر، وكان ذكره بما فيه لتحذير الناس من شره حتى لا يغتر به من لم يعرفه جاز، وإن كان ذلك للتشهي والتسلية ونحوهما لم يجز. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (9895)
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
24_ حدّ الغيبة
سئل فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله: إذا ذكرت شخصاً في نفسي بما يكره هل يعد هذا غيبة؟
فأجاب بقوله:لا, الغيبة هي الذكر والكلام، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل)، ولكن الإنسان لا يبقي الشيء الذي في ذهنه ويثبته وينميه، وإنما يصرف نفسه عنه.
شرح سنن أبي داود (446/38)
25_ حكم تقليد الأصوات وحكاية الآخرين
قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله :وتقليد الأصوات هو من التمثيل أو الحكاية، وإذا كان ذلك الذي يفعل معه يكرهه فإنه يكون من الغيبة.
يقول المنذري: الحكاية حرام إذا كانت على سبيل السخرية والاستهزاء والاحتقار؛ لما فيها من العجب بالنفس والاحتقار للخلق والأذية لهم، وهذا فيما لا كسب فيه من خلق الله عز وجل، فإذا كان مما يكسبون، فإن كان في معصية جازت حكايتهم على طريق الزجر فيما لا يذهب بالوقار والحشمة، وإن كانت في الطاعة جازت الحكاية فيه، إلا أن يتوب العاصي فلا يجوز ذكر المعصية له.
ولعله ليس المقصود هنا أنه يمثله، وإنما يقول: إنه قال كذا، أو إنه فعل كذا.
شرح سنن أبي داود(555/7)
26_ كيفية التحلل من الغيبة
سئل فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله: قد يقع الإنسان في الغيبة ثم يندم، إلا أنه لا يقدر على مقابلة الشخص الذي وقع في عرضه، فما العمل؟
فأجاب بقوله: إذا كان يخشى أن يترتب على ذلك مضرة فإنه يثني عليه في ذلك المجلس الذي اغتابه فيه، أو يثني عليه عند الناس الذين اغتابه عندهم، وكذلك يدعو له ويستغفر له، ولعل الله تعالى أن يتجاوز عنه.
شرح سنن أبي داود (555/22)
27_ جواز تنازل الإنسان عن حقه
سئل فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله: كيف يجعل الإنسان من اغتابه في حل وقد حرم الله الغيبة؟
فأجاب بقوله: حرم الله الغيبة، ولكن لم يحرم المسامحة والتجاوز، فالإنسان إذا كان له حق يجوز له أن يتنازل عن حقه، وأولياء المقتول لهم أن يسامحوا القاتل، فالناس لهم أن يأخذوا حقهم ولهم أن يسامحوا فيه، فالنهي إنما هو عن الغيبة، وأما التجاوز والمسامحة فهذا أمر طيب، ولهذا جاء أن الإنسان عليه أن يتخلص من حقوق الناس، إما بأداء الحقوق عليه إن كانت مالية، وإما بطلب المسامحة منهم إن كانت غير مالية.
شرح سنن أبي داود (557/32)
28_ حكم من جعل ديدنه غيبة ولي الأمر
سئل فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله: هل يصدق على من جعل ديدنه غيبة ولي الأمر في المجالس أنه خالع للبيعة؟
فأجاب بقوله: لا شك أن هذا العمل من الأعمال السيئة التي فيها تنفير القلوب وإيجاد الوحشة، وهذا لا يسوغ، ولكن لا يقال: إن هذا فيه خلع للبيعة، وإنما هذا عمل منكر وعمل لا يسوغ، ويمكن أن يؤدي إلى الخلع للبيعة من ناحية تنفير القلوب وحصول التشويش وتأليب الناس؛ فتحصل الفتن بسبب ذلك.
شرح سنن أبي داود(254/34)

29_الثناء على الميت بالشر لا يُعدّ غيبة
سئل فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله: قوله في الحديث: (فأثنوا عليها شراً) هل يفهم من ذلك جواز الكلام على الميت؟ وهل يعتبر ذلك غيبة له؟
فأجاب بقوله: لا يعتبر ذلك غيبة له إذا ذكره بصفاته الذميمة، أو بشيء مما هو فيه؛ حتى يجتنبه الناس ويبتعدوا عنه، فالرسول صلى الله عليه وسلم أقر الصحابة على الثناء بالخير والثناء بالشر.
شرح سنن أبي داود (372/41)

30_ حكم غيبة الفاسق والمجهول
سئل فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله: ما حكم غيبة الفاسق أو الكافر أو المجهول؟
فأجاب بقوله: الفاسق إذا كان المقصود من ذلك بيان شره والتحذير منه فإن ذلك سائغ.
وأما المجهول الذي لا يعلم فإنه مثل الحكاية عن شخص لا يتوصل إلى معرفته، أما إذا كان الكلام فيه من غير تسميته فيه شيء يدل على معرفته فإن ذلك غير سائغ، وأما إذا كان غير ذلك فإنه سائغ، كما جاء في قصة حديث أم زرع الطويل الذي فيه أن نسوة كن يتحدثن عن أزوجهن وكل واحدة تقول: كذا وكذا، وهن غير مسميات.
شرح سنن أبي داود23/555)
 
31_ حكم غيبة أهل البدع والاستهزاء بهم
سئل فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله: هل تجوز غيبة أهل البدع والاستهزاء بهم؟
فأجاب بقوله: إذا كان المراد بيان بدعهم والتحذير منهم، فهذا أمر مطلوب وواجب، وأما الاستهزاء فالمسلم لا يستهزئ.
شرح سنن أبي داود (557/26)
32_ حكم الكلام في أهل بلد معين
سئل فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله: هل الكلام على أقوام أو أهل بلد معين بما يكرهونه يعتبر غيبة؟
فأجاب بقوله: هو غيبة ولا شك؛ لأن الإنسان نفسه لا يحب أن يتكلم أحد في أهل بلده، أو يذم أهل بلده؛ لأنه واحد منهم.
شرح سنن أبي داود (557/27)
33_ حكم من نصح أخاه ونقل ذلك إلى غيره
سئل فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله: من نصح أخاه، ثم نقل إلى غيره أنه نصحه، هل يعتبر هذا غيبة؟
فأجاب بقوله: كونه يخبر بأنه نصحه من غير أمر يقتضيه هذا لا يسوغ، وأما إذا جاء كلام وقيل له: لو نصحت فلاناً أو فلاناً فإن فيه كذا وكذا، فقال: قد نصحته وقلت له كذا وكذا، وأراد أن يبين أنه قد فعل، فلا بأس بذلك.
شرح سنن أبي داود (557/28)
34_ حكم الكلام عن الغير إذا كان لا يكره ذلك
سئل فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله: قد يذكر البعض قصة حصلت لبعض أصحابه المقربين فيها غيبة له، ولكنه يقول: إن صاحبي لا يكره ذلك، ولا يغضب مني خاصة، والأمر كذلك، فما الحكم؟
فأجاب بقوله: معنى هذا: أن الإنسان ليس لنفسه عنده قيمة، وما دام أنه لا يهمه ذلك فهذا وصف ذميم في الإنسان، وهذا كما قيل: ما لجرح بميت إيلام، فالإنسان ليس له أن يتكلم حتى على من كان بهذا الوصف الذميم.
شرح سنن أبي داود(557/29)
35_ الغيبة ليست من الجرح والتعديل
سئل فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله: هل الجرح والتعديل خاص بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن هناك بعض الناس يغتاب بعض العلماء، ويقول: هذا من الجرح والتعديل؟
فأجاب بقوله: الغيبة ليست من الجرح والتعديل، الغيبة كون الإنسان يتحدث عن آخر من غير مصلحة، فهذا من الغيبة المحرمة، والجرح والتعديل ليس خاصاً بالحديث، بل عند القضاة هناك جرح وتعديل وتزكية للشهود الذين يدلي بهم المدعي، والمدعى عليه يجوز له أن يقدح فيهم ويذكر عيوبهم، ويقول مثلاً: مثل هذا لا يصح للشهادة، ولا تحكم علي بشهادته؛ لأنه كذا وكذا.
فالجرح ليس مقصوراً على الحديث، ولكن لا شك أن الحديث وقبوله ينبني على الجرح والتعديل، وكذلك أحكام القضاة تنبني على الجرح والتعديل، وكذلك الأمور الأخرى مثل المشورة يحتاج فيها إلى الجرح والتعديل، كما لو كان الإنسان يريد أن يصاهر إنساناً فيسأل عنه، فالمسئول يذكره بما فيه؛ لأن هذا من النصيحة، والرسول صلى الله عليه وسلم لما جاءته فاطمة التي طلقها زوجها وبت طلاقها وقالت: إن معاوية وأبا جهم خطباني قال: (أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو الجهم فلا يضع العصا عن عاتقه)، فالجرح والتعديل ليس خاصاً في الرواية بل يكون في الحكم والقضاء وفي غير ذلك.
شرح سنن أبي داود (344/46)
36_ المواضع التي يحل فيها الكلام عن أخي المسلم في غيابه ولا تعتبر غيبة
السؤال: ما هي المواضع التي يحل فيها الكلام عن أخي المسلم في غيابه ولا تعتبر غيبة؟
الجواب: الغيبة هي: ذكر المسلم أخاه بما يكره، من المثالب والمعايب ونحوهما. ولكن هناك مواضع ذكرها العلماء يتكلم فيها المسلم عن أخيه بناء على المصلحة، وهذه المواضع منها: طلب الإنصاف من الظالم، فيقول للقاضي أو الحاكم مثلا: ظلمني فلان بكذا، ومنها: طلب الفتوى، فيقول المستفتي للمفتي: فعل فلان بي كذا، فهل هذا حق له أم لا؟ ومنها: تحذير المسلمين من أهل الشر والريب؛ كجرح المجروحين من الرواة والشهود، ومنها: الاستشارة في مصاهرة إنسان أو مشاركته أو مجاورته، ومنها: ذكر المجاهر بالفسق بما يجاهر به، ومنها: التعريف بالشخص إذا لم يقصد التنقص بأن يكون معروفا بلقب كالأعمش والأعرج والأصم ونحوها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (10912)
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
37_ عليك أن تنصحه أولا، فتأمره بفعل ما أمره الله به، وتنكر عليه فعل ما نهاه الله عنه
السؤال: إذا كنت أعرف عن بعض الناس أنه لا يصلي ولا يذكر الله، بل يعمل فوق ذلك أعمالا سيئة تغضب الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام من كل النواحي، فهل يجوز لي أن أغتابه لأعرف الناس به أو لا يجوز لي ذلك؟
الجواب: عليك أن تنصحه أولا، فتأمره بفعل ما أمره الله به، وتنكر عليه فعل ما نهاه الله عنه، فإن امتثل ولو شيئا فشيئا فاستمر معه في النصيحة حسب وسعك، وإلا فاجتنبه قدر طاقتك؛ اتقاء للفتنة، وبعدا عن المنكر، ثم لك بعد ذلك أن تذكره بما هو فيه من التفريط في الواجبات، وفعل المنكرات عند وجود الدواعي، قصدا للتعريف به، وحفظا للناس من شره، وقد يجب عليك ذلك إذا استنصحك أحد في مصاهرته أو مشاركته أو استخدامه مثلا، أو خفت على شخص أن يقع في حباله ويصاب بشره، فيجب عليك بيان حاله إنقاذا لأهل الخير من شره، وأملا في ازدجاره إذا عرف كف الناس عنه وتجنبهم إياه، وليس لك أن تتخذ من ذكر سيرته السيئة تسلية لك وللناس، وفكاهة تتفكه بها في المجالس، فإن ذلك من إشاعة الشر، وبه تتبلد النفوس، ويذهب إحساسها باستبشاع المنكرات، أو يضعفها، وليس لك أن تفتري عليه منكرات لم يفعلها رغبة في زيادة تشويه حاله، والتشنيع عليه، فإن هذا كذب وبهتان، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (1607)
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
38_ إذا كان الأمر كما ذكرت فليس ذلك من الغيبة
السؤال: إذا رأيت من أخيك المسلم أشياء وتصرفات لا تعجبك، وأساء إليك، ولا تريد أن تواجهه بها، وشكوت ذلك إلى أحد الآخرين، وذكرت عيوب أخيك السابق على سبيل أن ينصحه؛ لئلا يسيء إليك مرة أخرى، فهل يعتبر هذا الكلام عنه في عدم وجوده غيبة؟
الجواب: إذا كان الأمر كما ذكرت فليس ذلك من الغيبة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (5313)
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
39_ إذا كان كلامك في هؤلاء وأمثالهم على سبيل الفكاهة والتشهي، أو على سبيل التسلية أو إمتاع الجلساء مثلا- فذلك غيبة محرمة
السؤال: إذا تكلمت في فاسق أو ظالم شارب الخمر والزاني مثلا، فهل ذلك غيبة محرمة أم لا؟
الجواب: إذا كان كلامك في هؤلاء وأمثالهم على سبيل الفكاهة والتشهي، أو على سبيل التسلية أو إمتاع الجلساء مثلا- فذلك غيبة محرمة؛ لما فيه من إشاعة الفاحشة وإيناس النفوس بها، وهو يفضي إلى تبلد النفوس، وإطفاء الغيرة، وانتشار الشر.
وإذا كان ذلك للتعريف به، وبيان حقيقته، ليتقى شره، وتجتنب الرواية عنه وصحبته ومعاملته ومصاهرته مثلا- فليس بمحرم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (8895)
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
40_ ذكر قصة واقعية دون ذكر الأسماء
السؤال: إذا ذكرت قصة واقعية دون ذكر الأسماء، فهل تعتبر هذه غيبة؟
الجواب: إذا كانت كريهة ولم توجد قرائن أحوال تعين أو ترجح أصحاب الواقعة- فليست بغيبة، لكن إذا كانت تثير شرا، أو كانت ذريعة إلى فساد، فذكرها حرام لذلك وإن لم تكن غيبة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (10896)
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
 


41_ إخبار مدير المدرسة بما حدث من زميلك
السؤال: عن إخبارك مدير المدرسة بما حدث من زميلك.
الجواب:إذا كنت صادقا فيما أخبرت فلا شيء عليك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (11597)
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز

42_ ذمك للرجل بقولك: إنه متكبر، إن كنت صادقا فيما تقول فهو من الغيبة المنهي عنها

السؤال: هل يجوز مثلا أن أقول: هذا رجل متكبر، إذا كان متكبرا؟
الجواب: ذمك للرجل بقولك: إنه متكبر، إن كنت صادقا فيما تقول فهو من الغيبة المنهي عنها، وإن كنت كاذبا فيما تقول فهو من الكذب والبهتان، لما ثبت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون ما الغيبة؟ ، قالوا: الله ورسوله أعلم قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته » . وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (11824)
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز

43_ الواجب التوبة والاستغفار مما حصل، وأن يطلبوا ممن اغتابوهم العفو والمسامحة

السؤال: دار حديث بين مجموعة من الناس في جبال الريث، جنوب المملكة، وبعد أن شبعوا من مناسبتهم خاضوا في حديث فيه ما يلي: تحدثوا بالغيبة في ناس آخرين، ويتكلمون بما يعيبهم، وهي أيضا ليست أسمائهم الحقيقية، وكان الواحد يتكلم ليضحك الجميع من حوله في المجلس، وقد وجدت في نفسي غيرة على ديننا
وتعاليمه، فقمت بإلقاء موعظة وقلت لهم: إنكم تتكلمون في أمر يسمى غيبة، وقد صحبها نفاق ونميمة، حيث يقولون: قال فلان، وقال فلان، ويا ليت أنهم قالوا حسنات، بل يقولون كلاما سيئا، وما زلت أقول موعظتي حتى أتممت حديثي بالصلاة على رسول الله، فقام أحد الحاضرين وقال: المجلس دب فيه غيبة ولم يكن فيه نفاق ولا نميمة، وجادل في الموضوع، حتى شكك الآخرين، وقولي: إن فيه نفاقا؟ لأنهم لو وجدوا من تكلموا فيه لأبدوا لهم من طرف اللسان حلاوة وفي غيابهم أكلوا لحومهم، فقلت هنا نفاق وغيبة وبهتان.
أرجو إيضاح هذا الموضوع بما فيه من نفاق وغيبة ونميمة وبهتان وظلم، أرجو الشرح المفصل المدعم بالأدلة الشرعية، وفقكم الله ومد في عمركم وجعلكم سندا للإسلام والمسلمين.
الجواب: أولا: الغيبة هي: ذكر الشخص أخاه بما فيه من العيوب والنقائص على جهة الازدراء والتحقير والذم، مثل: فلان أعمى أو أعمش أو قصير أو فقير.
ثانيا: النميمة هي: نقل الحديث على سبيل السعاية والوقيعة للإفساد بين الناس.
ثالثا: النفاق قسمان: اعتقادي وعملي، فالاعتقادي هو: إبطان الكفر وإظهار الإسلام، والعملي هو: الاتصاف بصفات المنافقين أو بعضها، مثل: الكذب والخيانة وإخلاف الوعد والغدر وغيرها.
ومن ذلك يظهر لك أن الذين عابوا إخوانهم الغائبين عن المجلس أنهم اغتابوهم وكفى بالغيبة إثما، فالواجب التوبة والاستغفار مما حصل، وأن يطلبوا ممن اغتابوهم العفو والمسامحة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (12721)
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز

44_ ما قولكم في هذا الحديث: «لا غيبة لفاسق» ؟ فإذا صح فهل التحذير مثلا من صاحب العين (العائن) يعتبر غيبة له أو لا

السؤال: ما قولكم في هذا الحديث: «لا غيبة لفاسق» ؟ فإذا صح فهل التحذير مثلا من صاحب العين (العائن) يعتبر غيبة له أو لا، ومن الذي يحذر منه ولا تعتبر في حقه غيبة أو نميمة؟ بينوا الحق في ذلك وفقكم الله تعالى. الجواب: الغيبة محرمة، شديدة التحريم، لقوله تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} ولما ثبت عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، قلت: من هؤلاء يا جبرائيل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم » رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد صحيح، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الغيبة بأنها ذكرك أخاك بما يكره.
وتجوز في مواضع معدودة دلت عليها الأدلة الشرعية إذا دعت الحاجة إلى ذلك؛ كأن يستشيرك أحد في تزويجه أو مشاركته أو يشتكيه أحد إلى السلطان لكف ظلمه والأخذ على يده- فلا بأس بذكره حينئذ بما يكره؛ لأجل المصلحة الراجحة في ذلك. وقد جمع بعضهم المواضع التي تجوز فيها الغيبة في بيتين فقال:
الذم ليس بغيبة في ستة ... متظلم ومعرف ومحذر
ولمظهر فسقا ومستفت ومن ... طلب الإعانة في إزالة منكر
أما إذا لم يكن هناك مصلحة راجحة في ذكره بما يكره فإنه يكون من الغيبة المحرمة.
وأما السؤال عن لفظ: «لا غيبة لفاسق » هل هو حديث أو لا؟ فقد قال الإمام أحمد: منكر، وقال الحاكم والدارقطني والخطيب: باطل.
ولكن دل على أنه لا غيبة لفاسق قد أظهر المعصية ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «مر عليه بجنازة فأثنى عليها الحاضرون شرا، فقال صلى الله عليه وسلم: (وجبت) ومر عليه بأخرى فأثنوا عليها خيرا، فقال صلى الله عليه وسلم: (وجبت) فسألوه صلى الله عليه وسلم عن معنى قوله وجبت؟ فقال: (هذه أثنيتم عليها شرا فوجبت لها النار، وهذه أثنيتم عليها خيرا فوجبت لها الجنة، أنتم شهداء الله في أرضه) » ، ولم ينكر عليهم ثناءهم على الجنازة شرا التي علموا فسق صاحبها، فدل ذلك على أن من أظهر الشر لا غيبة له.وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (18586)
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز

45_ إذا كانت هذه المرأة تتكلم في زوجها بما يكره أن يقال عنه - فهو من الغيبة المحرمة المنهي عنها شرعا

السؤال: امرأة تقول بأن زوجها يتشاجر معها بعض الأحيان، ويحصل أن تغضب زوجته، فبعدما يذهب عنها ويأتيها أولادها وبناتها تقوم بالتكلم فيه- يعني: والدهم- وأقاربها؛ لأن الإنسان إذا غضب- سماحة الشيخ- يتكلم كلام وهو لا يدري عن نفسه، هل هي إذا تكلمت هذا الكلام هل هي غيبة في زوجها وشتيمة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الجواب: إذا كانت هذه المرأة تتكلم في زوجها بما يكره أن يقال عنه - فهو من الغيبة المحرمة المنهي عنها شرعا، فعليها أن تتوب إن ذلك توبة نصوحا، وأن تحتسب عند الله الأجر فيما يحصل بينها وبين زوجها، ومعالجة ذلك بالصبر والإحسان إلى زوجها، وأن لا تنشر ما يحصل بينها وبين زوجها من خلافات أمام أولاده أو غيرهم، لما في ذلك من معالجة الشر بالشر، واتساع دائرة الخلاف، وفيه إيغار لقلوب الأولاد على أبيهم، وسبب للخلاف معه وقطيعته وعقوقهم له. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (20721)
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز

46_ كل واحد منهما قد أساء بما فعل، وعلى كل واحد منهما أن يستبيح صاحبه من مظلمته له

السؤال: كذب أحد الموظفين على زميله بالعمل بالوشاية عنه إلى رئيس العمل، وفعلا استطاع أن يجعل رئيس العمل يكرهه، ويرفع تقارير كاذبة عن الموظف الآخر، وفعلا اعترف هذا الأول بعمله، بحجة أن رئيس العمل جاهل وصغير السن، ولا بد من محاباته للحصول على لقمة العيش وكسب المال، فقام هذا المكذوب عليه بدوره وانتقاما منه بالوشاية عليه إلى شخص مسئول بالحكومة لمنعه من الحصول على قرض زراعي واستطاع بذلك. فما حكم عمل الموظف الثاني؟ علما أن الموظف الأول هو المعتدي باعترافه شخصيا.
الجواب: كل واحد منهما قد أساء بما فعل، وعلى كل واحد منهما أن يستبيح صاحبه من مظلمته له، وإن لم يحصل ذلك فالله هو الذي يقضي بين عباده يوم القيامة، مع وجوب المبادرة بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى من كل واحد منهما. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (3769)
نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز

47_ الاستهزاء بالآخرين ولمزهم بالألقاب والسخرية منهم

السؤال: ما حكم الاستهزاء بالآخرين ولمزهم بالألقاب والسخرية منهم؟ أرجو التفصيل.
الجواب: يحرم ذلك للأدلة الواردة في الكتاب والسنة، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (8130)
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز

48_ «لا يدخل الجنة نمام »

السؤال:ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة نمام » ؟ .
الجواب: هذا الحديث من أحاديث الوعيد التي تجرى على ظاهرها ولا تؤول، وهو يدل على تحريم النميمة وذم من تخلق بهذا الخلق الذميم، ومن المعلوم أن كل ذنب دون الشرك بالله تحت مشيئة الله، إن شاء سبحانه غفر لصاحبه لما مات عليه من التوحيد والإيمان، وإن شاء عذبه على قدر معاصيه، ثم مآله إلى الجنة برحمة الله تعالى، إذا كان مات على التوحيد والإيمان بالله تعالى، كما دلت على ذلك النصوصمن الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، خلافا للخوارج والمعتزلة.وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (16362)
عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي

49_ المطلوب من المسلم: نصيحة أخيه المسلم وتوجيهه للطريق السليم، وتحذيره من الأخلاق المنحرفة، وأن يدعوه برفق ولين

السؤال: إذا فعل المسلم خطأ عدة مرات في نفس الخطأ، فهل يجوز لنا أن نعيره بالذي وقع فيه؟ مثلا: إنه سرق عدة مرات، أو أنه كذب عدة مرات، فهل يصح لنا أن نعيره بالسرقة وبالكذب؟ وهل يأثم الذي يعير الناس الآخرين بما وقعوا فيه، وبماذا تنصحون مثل هؤلاء الأشخاص؟
الجواب: المطلوب من المسلم: نصيحة أخيه المسلم وتوجيهه للطريق السليم، وتحذيره من الأخلاق المنحرفة، وأن يدعوه برفق ولين؛ عسى الله أن يفتح على قلبه ويشرح صدره لقبول الحق، ولا ينبغي للمسلم أن يكون شامتا بإخوانه، ولا متتبعا لعثراتهم، وزلاتهم؛ لما رواه مكحول عن واثلة بن الأسقع قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك » قال الترمذي في (الجامع الصحيح) رقم (2506) : هذا الحديث حسن غريب،
وذكره البغوي في (شرح السنة) ج 13 ص 141، وقد حسنه الحافظ ابن حجر بشاهده الذي رواه خالد بن معدان: «من عير أخاه بذنب لم يمت حتى يفعله » قال العجلوني في (كشف الخفاء) ج 2 ص 365: أخرجه الترمذي وابن منيع والطبراني وغيرهم عن معاذ مرفوعا، وقال الترمذي: حسن غريب، وليس إسناده بمتصل، وقال ابن منيع: قالوا: يعني من ذنب قد تاب منه، وللبيهقي عن يحيى بن جابر قال: ما عاب رجل قط رجلا بعيب إلا ابتلاه الله بذلك العيب. ولما ورد في (الصحيحين) عن عقيل عن ابن شهاب: أن سالما أخبره: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة » وهذا لفظ البخاري ج 3 ص 98. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (19049)
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز

50_ حكم انتقاد أعمال أهل الخير
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : أنا شاب أميل إلى الالتزام أكثر من الانحراف، وكثيراً ما أدعو ربي بأن يلهمني الهداية وأحرص على ملازمة الصالحين، ولكن كثيراً ما أنتقد بعض أعمال أهل الخير، وأقوم من المجلس وبالي مشغول بذلك، فهل أنا آثم بذلك الانتقاد؟ وهل هذا من العجب بالنفس؟ وما خطر العجب بالنفس؟
فأجاب بقوله: أما إذا كانت أعمال أهل الخير التي تكرهها من الطاعات فهذا غلط منك، غلط أن الإنسان يكره من أعمال أهل الخير طاعة الله عز وجل، وربما يكون ذلك خطيراً جداً لأن الله تعالى يقول: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:9] وأما إذا كان يكره من أعمال الخير ما يفعله بعض أهل الخير من الغيبة والكذب والسخرية فهذا خير، كونه يكره هذا الشر خير، وجزاه الله خيراً، لكن عليه أن ينصحهم ويخوفهم بالله عز وجل، فإن استقاموا فله ولهم، وإن لم يستقيموا وبقوا على ما هم عليه قام وتركهم.
اللقاء الشهري(44/51)
 
51_ كفارة من اغتاب غيره
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :ما كفارة الغيبة، وهل يكفي الدعاء لمن اغتيب؟
فأجاب بقوله: كفارة الغيبة إن علم صاحبك فاذهب إليه واستسمح منه، وإن لم يعلم فكفارة ذلك أن تستغفر له، وأن تذكر صفاته الحميدة في المجلس الذي اغتبته فيه؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات.
لقاء الباب المفتوح(30/18)
52_ حكم تبيين الخطأ وكيفية تبيينه
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : نريد ضابطاً في تحديد الغيبة! فإذا أخطأ عالِمٌ من العلماء في مسألة من المسائل مهما كان هذا العالم -مع احترامي وتقديري وكل ما يليق بمقامه- مثل قوله بأن الله عزَّ وجلَّ غير مستوٍ على عرشه، هل تبييني بأن هذه المسألة خطأ، وتحذيري منها، وتبيين ما أخطأ فيه من مسائل الدين، وأنا لستُ في درجته من العلم يُعدُّ غيبة، أم أنه لا يجوز لي أن أبينها لأنني لستُ في درجته من العلم؟! أم أن الغيبة فقط هي القدح في شخص تكون نيته سيئة؟! فما الضابط في هذه المسألة؟
فأجاب بقوله: انظر بارك الله فيك! تبيين الخطأ واجب؛ لكن إذا قلتَ: مَن قال: إن الله استوى على العرش يعني: استولى عليه فقوله خطأ، وقوله منكر، ويلزم عليه لوازم باطلة، وأتيتَ بما عندك من الحجج فإنك ما عيَّنت أحداً.
فالتعميم خيرٌ من التعيين لسببين: السبب الأول: ألا يظن الظان أنك متعصب ضد هذا الشخص، ولاسيما إذا كان هذا الشخص مرموقاً بين الناس ومحترَماً، وله حسنات كثيرة.
السبب الثاني: أن يكون هذا الحكم عليه وعلى غيره ممن شاركه في هذه البدعة.
ولهذا انظر إلى مؤمن آل فرعون ماذا قال! {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} [غافر:28] ولم يقل: أتقتلون موسى؛ لماذا؟ لأنه لو عيَّنه لقيل: بينه وبين موسى ارتباط شخصي يريد أن ينتصر له، فقال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً} [غافر:28] كأنه رجل نكرة، لا يعرفه، {أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} [غافر:28] .
كما فعل أبو بكر رضي الله عنه مع قريش في معاملتهم النبي صلىالله عليه وعلى آله وسلم فقال: [أتقتلون رجلاً أن يقول: ربي الله؟!] .
فالتعميم خير مِن التعيين مِن هذين الوجهين.
أما السكوت على الخطأ فهو خطأ، لاسيما إذا صدر الخطأ من شخص مرموق يؤخذ بقوله، ويُقْتَدى به؛ لكن قبل أن أبين خطأه أتصل به، وأناقشه، وأجعل مستواي في مستواه ما دام القصد الوصول إلى الحق، فإن تبين له الحق ورجع إليه؛ فهذا هو المطلوب، وإن لم يتبين وأنا أرى أنه خالف في أمرٍ لا يسوغ فيه الاجتهاد؛ فإنه في الحال هذه يجب علي بيان الحق.
لقاء الباب المفتوح(69/9)
53_ حكم التعميم في الذم
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :ما حكم من يقول: إن المصريين كلهم كذابون أو السعوديين خونة فهل تعتبر من الغيبة؟
فأجاب بقوله: إذا قال قائل: إن المصريين كلهم كذبة والسعوديين كلهم خونة، فهذا يعزر أي: يؤدبه الإمام على قوله؛ لأنه كاذب في كلامه، لا شك أنه كاذب، يعني: لو قدرنا في المصريين كذبة وفي السعوديين كذلك كذبة أو فجرة أو ما أشبه ذلك، ليس كلهم، فإذا بلغ الحاكم قول هذا الرجل فالواجب أن يؤدبه، أما بالنسبة للمصريين والسعوديين والعراقيين والشاميين فهذا لا يضرهم؛ لأنه عام ولا أحد يصدقه بذلك، فصار الآن لنا وجهان: الوجه الأول: بالنسبة لهذا القول الذي نسبه للعموم وهو كاذب فيه يجب أن يعزر عليه ويؤدب.
ثانياً: بالنسبة لمن قيل فيهم هذا القول فهو لا يضرهم شيئاً لأن الناس يعرفون أن هذا الوصف لا يمكن أن ينطبق على الجميع، ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله في باب القذف قالوا: إذا قذف أهل بلد، بأن قال: هؤلاء أهل البلد كلهم زناة فإنه لا يحد حد القذف وإنما يعزر تعزيراً، لأن هذا القول لا يؤثر شيئاً في أهل البلد كلهم.
لقاء الباب الفتوح (75/15)
54_ حكم الغيبة إذا كانت تظلماً
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :الغيبة على الإنسان الذي ظلمك إن وقفت واغتبتَه؟
فأجاب بقوله: هذا لا بأس به، يعني: لو أن إنساناً جاء إلى ولي الأمر وقال: فلان فعل فيَّ كذا وكذا، أو أنه ذكره لغير ولي الأمر لصاحب له يستشيره ماذا يفعل فهذا لا بأس به، أو يغتابه تحذيراً منه، هذا لا بأس به؛ لأن المقصود به الإصلاح، والنبي صلى الله عليه وسلم استأذن عليه رجل فقال: (ائذنوا له بئس أخو العشيرة هو) فأثنى عليه ذماً، ولما دخل يعني: انشرح له النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن الرجل-فيما يظهر- كبير قوم، ولكنه سيئ.
فالمهم أنه إذا كان المقصود بذلك النصح، أو التظلم، أو المشورة، أو ما أشبه ذلك، فلا بأس بذلك، العلماء رحمهم الله في كتب الرجال رجال الحديث يذكرون ما يُجْرَح به الإنسان، يقولون: هذا كذاب، هذا متهم بالكذب، هذا ضعيف، ولا بأس.
لقاء الباب الفتوح(124/9)
55_ ضابط جواز الغيبة
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :أعرف شخصاً يمشي مع شباب وهو يكذب ويسرق، وكلما أردت أن أبين للشباب خطر هذا، قالوا: إنها من الغيبة فلا تذكر اسمه؟
فأجاب بقوله: هذا غلط، هذا من باب النصيحة، إذا رأيت إنساناً يفعل مع أحدٍ ما لا ينبغي، فبلغه، فليس هذا من الغيبة ولا من النميمة، اذكر اسمه، ما هي الفائدة إن لم تذكر اسمه؟! ألم تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ فاطمة بنت قيس وقد أتت إليه تخبره أنه خطبها ثلاثة: معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد، فجاءت تستشير الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لها: (أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فضراب للنساء، أنكحي أسامة) فبين عيب هذين الرجلين، أحدهما عيبٌ لا اختيار للإنسان فيه: وهو كون معاوية ليس عنده مال، والثاني: عيبٌ للإنسان أن يتخلص منه وهو كونه ضراباً للنساء، فيجب عليه أن يبين لهؤلاء.
لقاء الباب الفتوح(192/19)
56_ ما حكم الخجل من الإنكار على أهل الغيبة والنميمة
سئل فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : أنا فتاة أكره الغيبة والنميمة وأكون أحيانا في وسط جماعة يتحدثون عن أحوال الناس ويدخلون في الغيبة والنميمة وأنا في نفسي أكره هذا وأمقته، ولكوني شديدة الخجل فإنني لا أستطيع أن أنهاهم عن ذلك، وكذلك لا يوجد مكان حتى ابتعد عنهم، ويعلم الله أنني أتمنى أن يخوضوا في حديث غيره، فهل علي إثم في جلوسي معهم؟ وما الذي يتوجب فعله؟ وفقكم الله لما فيه خير الإسلام والمسلمين. .
فأجاب بقوله:عليك إثم في ذلك إلا أن تنكري المنكر فإن قبلوا منك فالحمد لله، وإلا وجب عليك مفارقتهم وعدم الجلوس معهم؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} وقوله عز وجل: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان » خرجه الإمام مسلم في صحيحه، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، والله ولي التوفيق.
مجموع فتاوى ابن باز(4/440)
57_ إني أخاف من الرياء وأحذره لدرجة أنني لا أستطيع أن أنصح بعض الناس أو أنهاهم عن أمور معينة مثل الغيبة والنميمة
سئل فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :امرأة تسأل فتقول: إني أخاف من الرياء وأحذره لدرجة أنني لا أستطيع أن أنصح بعض الناس أو أنهاهم عن أمور معينة مثل الغيبة والنميمة ونحو ذلك، فأخشى أن يكون ذلك رياء مني وأخشى أن يظن الناس في ذلك ويعدوه رياء، فلا أنصحهم بشيء، كما أني أقول في نفسي إنهم أناس متعلمون وليسوا في حاجة إلى نصح فما هو توجيهكم؟
فأجاب بقوله:هذا من مكائد الشيطان، يخذل بها الناس عن الدعوة إلى الله وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن ذلك أن يوهمهم أن هذا من الرياء، أو أن هذا يخشى أن يعده الناس رياء فلا ينبغي لك أيتها الأخت في الله أن تلتفتي إلى هذا، بل الواجب عليك أن تنصحي لأخواتك في الله وإخوانك إذا رأيت منهم التقصير في الواجب، أو ارتكاب المحرم كالغيبة والنميمة وعدم التستر عند الرجال ولا تخافي الرياء، ولكن اخلصي لله واصدقي معه وأبشري بالخير، واتركي خداع الشيطان ووساوسه والله يعلم ما في قلبك من القصد والإخلاص لله تعالى والنصح لعباده، ولا شك أن الرياء شرك ولا يجوز فعله، لكن لا يجوز للمؤمن ولا للمؤمنة أن يدع ما أوجب الله عليه من الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفا من الرياء، فعليه الحذر من ذلك، وعليه القيام بالواجب في أوساط الرجال والنساء، والرجل والمرأة في ذلك سواء وقد بين الله ذلك في كتابه العزيز حيث يقول سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
مجموع فتاوى ابن باز (6/403)
58_ رأينا أن هذا عملٌ محرم وأنه من النميمة والعياذ بالله
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : ما رأي فضيلتكم في المرأة التي تعامل أم الزوج بالقسوة وتحاول اختلاق المشاكل لكي تبعد الزوج عن أمه؟
فأجاب بقوله:رأينا أن هذا عملٌ محرم وأنه من النميمة والعياذ بالله وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا يدخل الجنة قتات) يعني نمام ومر ذات يومٍ بقبرين يعذبان فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) وهذا دليل أن من أسباب عذاب القبر النميمة والعياذ بالله فعلى هذه المرأة أن تتقي الله عز وجل وأن لا تفرق بين الزوج وأمه أو بين الزوج وأبيه وأن لا تختلق الكلام المحرم من أجل التفريق بينهم وإذا وقع إشكال بينها وبين أم الزوج أو بينها وبين أبيه فالحمد لله حل المشاكل يكون بدون الفراق.
فتاوى نور على الدرب(24/2)
59_ غيبة الصبي
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى :حكم غيبة الصغير الذي لم يبلغ سن البلوغ هل يكتب علينا ذنب إن نحن اغتبناه خاصة أن الصغير دائما يسبب لنا الانفعال الشديد الذي يخرج الإنسان من طوره فيشتمه؟
فأجاب بقوله:الغيبة هي ذكر الإنسان بما يكره في غيبته هذه هي الغيبة لأنها فعلة من الغيب أما إذا كان حاضراً فإن ذكره بما يكره لا يسمى غيبة وإنما يسمى سباً وشتماً ولا ينبغي أن يسب الصغير أو يشتم بل الواجب على المرء أن يمنع نفسه مما لا يجوز له فعله سواء كان قولاً أم فعلاً ومن الآداب العالية الفاضلة أن يكتم غيظه ويحبس غضبه لا سيما في معاملة الصغار لأن الصغار إذا رأوا من يعاملهم بمثل هذا من الغضب والسب والشتم تعودوا عليه ورأوه أمراً لا بأس به ولهذا سب الصغير كسب الكبير بل ربما يكون أشد لأن كونك تربي الصغير على ما يقال أو يفعل عنده أشد من أن تربي الكبير على ذلك .
فتاوى نور على الدرب (24_2)
60_ لا يجوز لأب أن يغتاب ابنه
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى :هل يجوز لأب أن يغتاب ابنه؟
فأجاب بقوله:لايجوز لعموم الأدلة.
الكنز الثمين في سؤالات ابن سنيد لابن عثيمين(148)
61_ مدى صحة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته تقول: «اللهم اغفر لنا وله»
سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفظه الله : ما هو مدى صحة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته تقول: «اللهم اغفر لنا وله» ، وما هو معنى الغيبة؟
فأجاب بقوله: أما الحديث فلا يحضرني الآن حوله شيء، ولا أدري عنه.
وأما الغيبة في حد ذاتها فهي محرمة، كبيرة من كبائر الذنوب، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عباده عن تعاطيها، قال تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه» ، فالغيبة محرمة وكبيرة من كبائر الذنوب وشنيعة، فما هي الغيبة؟
قد بين النبي صلى الله عليه وسلم معناها لما سئل عنها، فقال: «الغيبة ذكرك أخاك بما يكره. فقال: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته» .
والغيبة: هي الكلام كما بينها النبي صلى الله عليه وسلم: «ذكرك أخاك بما يكره» ، فإذا كان أخوك غائبًا، وأنت وقعت في عرضه ووصفته بما يكره، فقد اغتبته ووقعت في عرضه وأثمت في ذلك إثمًا عظيمًا، وإذا ندمت وتبت إلى الله سبحانه وتعالى، فإن باب التوبة مفتوح، ولكن هذا حق مخلوق، ومن شروط التوبة فيه، أن تستبيح صاحبه، فعليك أن تتصل بأخيك وأن تذكر.
مجموع فتاوى الفوزران (72/715)
62_ سب وشتم الأموات
سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفظه الله : ما حكم سب وشتم الميت؟ وهل ذلك يؤذيه أو له تأثير عليه؟
فأجاب بقوله: ورد النهي عن سب الأموات لأنهم أفضوا إلى ما عملوا، ولا يجوز سب الأموات إلا إذا ترتب على ذكرهم مصلحة شرعية كأن يكون هذا الميت من علماء الضلال، أو له آثار سيئة فإنه يجب تنبيه المسلمين عن آثاره وضلاله ليحذروا من ذلك.
أما ذكره مجرد غيبة، ومجرد سباب لا مصلحة من وراء ذلك، فإنه لا يجوز.
مجموع فتاوى الفوزران (72/377)
63_ الغيبة والنميمة لا تفطران، ولكنهما تنقصان الصوم
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:هل الغيبة والنميمة تفطران الصائم في نهار رمضان؟
فأجاب بقوله: الغيبة والنميمة لا تفطران، ولكنهما تنقصان الصوم، قال الله تعالى: {ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} . وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من لم يدع قول الزور، والعمل به، والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» .
مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (19/359)
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:وهناك أشياء محرمة على الصائم وتنقص ثوابه أو تبطل ثوابه، لكنه لا يؤمر بالقضاء: مثل الغيبة والنميمة وقول الزور، والشتم والكذب، وغير ذلك من الأمور المحرمة.
كذلك النظر المحرم، واستماع الأشياء المحرمة كسماع الملاهي والأغاني والمزامير وغير ذلك، كل هذا مما يؤثر على الصيام، بمعنى أنه ينقص ثواب الصائم أو أنه يبطل ثواب الصائم ولكنه لا يؤمر بالقضاء لأن هذه المفطرات معنوية، وليست مفطرات حسية.
مجموع فتاوى الفوزان(2/403)
تم بحمد الله والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
جمع وترتيب أبو محمد
 
بارك الله فيك و جزاك الله خيرا
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top