هُرُوبْ

أنفاس الإيمان

:: عضو مُشارك ::
إنضم
16 سبتمبر 2012
المشاركات
108
نقاط التفاعل
142
النقاط
9
do.php


سينتهي هذا الكابوس حِينَ أستيقظ غدا !
تهزُّ رأسها بِعنف مُحاولة طَرد الوساوس القاتمة التي تُراود تَفكيرها :
- " الوساوس أفكار نزرعها بأنفسنا ونسقيها بماء القلق، فنكون كمن كذَب الكذبة وصدّقها " ، لا .. لا يجب أن أصدّق كذبتي هذه المرّة .
تُبدي شيئا من تَجَلُّد :
- سَيَعود ، سيكون كل شيء على ما يرام .
عَالِقة في المنتصف ، بين ضِدّين ، بين لام وميم ، شُعورها المُتقلّب يرسم على ملامح وجهها تَبَاشير الأمل حينا وشُحوب الألم حينا آخر.. تُتمتم:
- هو لم يمت .
تُطالع آخر صُورة اِلتقطتها له على هاتفها ، يتكاثف الدمع في عيْنيْها ، تُجهش بالبكاء .. تتدفق بغزارة ، تتهندم ببعض قُوة مُقتربة من زوَّار الشاطئ:
- هل شاهدتَ هذا الرّجل ؟
تُتَرجم معنى الجُملة معتمدة على حركة أُصبعها التي تُشير إلى صورة زوجها على هاتفها ، تُحرّك سبابتها صَوبَ عَينها علامة السؤال .... لا أحد هُنا يفهم عَربيّتها ، تتلقَّى علامات النفي في كلّ مرة ، تُطأطئ رأسها بتثاقل وتنتقل لمساءلة شخص آخر.
مَضى نِصف الشّهر وهي على هذه الحال ، تتسلّل من مخيّم اللاجئين صباح كلّ يوم قاصدة الشاطئ في مهمّة البحث عن زوجها .. تُمنّي النَفس لعلّ البحر يلفظه حيّا.
كانت ليلة غاضبة تقاذفت فيها الأمواج الثائرة زورقهم الهارب من الوطن .. الهارب من المساءات الحمراء في حَلَبْ . تكَدّسوا على متن قارب صغير ليشقّوا البحر نَجاةً بأنفسهم باتّجاه اليونان، لم يكن الظفر بذلك الحيز الضيّق من القارب أمرا سهلا إذ لابد أن تدفع تكلفة هروبك من الموت أمام احتمالية الحياة .
بدا كلُّ شيء على ما يرام ، قطعوا مسافة طويلة عن وطن بات يغتال أحلامهم ، عن سماء تلبّدت برعب وحشي ، ساعات قليلة كانت تفصلهم عن برّ الأمان في جزيرة كوس اليونانية ، إلّا أنّ لُغم الطَبيعة كان الأسبق في تلك اللحظات ، ثارت عليهم الرياح والأمطار فجأة. بين أزرقين باهتين، راحت الأمواج تلاطم القارب، ضربة أولى ، اثنان .... تسع ، غارت العيون في محجر العاصفة ،هلعوا ، انهمكت الشفاه بالتكبير ، بالعويل .. صراخ الندم الفَارّ من الموت إلى الموت ، مرّ شريط الذاكرة كاملا أمام أعينهم، تسارعت الأحداث ..انقلب القارب.
- تمسكي بي .
تتدفق الملوحة في جوفها .. تكاد تستسلم.
- ﻻ تفلتي يدي .
تقاوم ، تتمسك بزوجها أكثر .. إلى آخر زفرة .
تستيقظ بعد اثنين وسبعين ساعة لتجد نفسها على سرير أبيض.
فَزعة :
- أين هو؟
يُجيبها صَمتهم ، لا أحد يعرف ، وحده البحر من يعرف ، وحده من قَذفها إلى الشاطئ وأسَرَّ باقِي الحكاية .
تلوم تشبت الحياة بها ، تلوم خذلان الموت ، تَتكوّر على نفسها .. على خوفها ... يمتدّ خيالها المرتبك نحو عراء الوحدة وتيه الغربة :
- من أين البداية ؟
تبتسم مجدّدا :
- سيعود .

أنفاس
 
آخر تعديل بواسطة المشرف:
شكرا لك
حقا محزن
لكن لايزال الأمل باق في قلبها عسى أن تشرق شمس الامل وترى على جانب الشاطئ ذلك الأمل
 
السلام عليكم
بورك قلمك في ما خط
هذه الحقيقة المرة استباح بلدنا من قبل الغادرين اللهم فرج الكرب لا نعلم ما هي حكمة الخالق لكن ندعو من الله الفرج القريب
تقبلي فائق احترامي.....
 
ماأحزنها هذه القصة !
بل هي حقيقة كل سوريّ يريد النجاة من غدر الحرب فيهرب إلى غدر أكثر ويلتهمه البحر بلاعودة
مثل الزوج في قصتك هذه
وتبقى الزوجة وحيدة ! لم تفهم أين لطمته الأمواج
بوركت أختي
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top