" عملاق الجزائر" (الأمير عبد القادر الجزائري)

mohamedfathi

:: عضو مُتميز ::
إنضم
30 جانفي 2017
المشاركات
643
نقاط التفاعل
1,291
النقاط
406
العمر
31
محل الإقامة
bou saada
بسم الله الرحمن الرحيم




{14}(الرابع عشر )من #100_من_عضماء_اﻻسﻻم_غيرو_مجرى_التاريخ #جهاد_التربانى
" عملاق الجزائر" (الأمير عبد القادر الجزائري)
" وإن دوي الرصاص وصهيل الخيول لآذاننا خير من صوت الرخيم"
(عبد القادر الجزائري)
في البداية يجب أن أعترف أن تاريخ الجزائر القديم والحديث كان شيئًا غامضًا بالنسبة لي شخصيًا، بل إن تاريخ المغرب الأقصى بما يتصل به من تاريخ الأندلس، وتاريخ تونس بما تحمله جامعة الزيتونة من قصص وأخبار، كانا أوضح إلي من تاريخ الجزائر نفسه، بل لعل الجهل أوصلني في وقت من الأوقات للشك في عروبة هذا القطر وانتمائه للإسلام، والحقيقة أنّني عندما قلبت صفحات التاريخ عن قصة هذا البلد الضخم وجدت أن للجزائر تاريخًا أقل ما يقال عنه أن تاريخ يكتب بماء من الذهب! ولأن الحديث عن تاريخ الجزائر في نصرة دين اللَّه أمرٌ يطول شرحه، فإني سأركز في السطور القليلة الآتية على قصة بطلٍ من أبطال الجزائر حمل في وجدانه كل معاني الشهامة والبطولة والمروءة.
يرجع بعض المؤرخين بدء الحملة الفرنسية على الجزائر لعام 18277 م، إلّا أنني أرى أن الحرب الفعلية على الجزائر بدأت مبكرًا جدًا، وبالتحديد في عام 1538 م، إنه تاريخ معركة "بروزة" الخالدة التي تحدثنا عنها سابقًا عندما ذكرنا انتصار العثمانيين بقيادة القائد البطل (خير الدين بربروسا) على أساطيل القوى الصليبية المتحالفة. بعد هذا الانتصار الضخم قام القائد بربروسا رحمه اللَّه ببناء أسطول إسلامي ضخم مقره الجزائر، وتحولت الجزائر إلى أقوى قوة بحرية في العالم كله تقود الإسطول العثماني الإسلامي الضخم، وصارت الجزائر تعرف باسم جديد هو: "دار الإسلام ودار الجهاد". ومنذ ذلك التاريخ تحولت اهتمامات الصليبيين إلى الجزائر بالتحديد، ويكفينا لكي ندرك مدى القوة التي وصلت إليها الجزائر تحت ظل الخلافة الإسلامية العثمانية أن
*نذكر أن (جورج واشنطون) أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية دفع جزية للمسلمين تقدر بـ 6422 ألف دولار ذهبي و 1200 ليرة عثمانية دُفِعت للأسطول العثماني في نهاية القرن الثامن عشر، وذلك لكي يرضى العثمانيون بتوقيع معاهدة عدم الاعتداء على أمريكا! يُذكر أن هذه الاتفاقية هي الوحيدة في أرشيف الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تكتب باللغة الإنجليزية وإنما بلغة عثمانية بحروف عربية بناءً على رغبة الخليفة العثماني شخصيًا،
* أما بريطانيا فكانت تدفع سنويا 600 جنيه للخزانة الجزائرية،
* وكانت الدانمارك تقدم للمسلمين في الجزائر مهمات حربية وآلات قيمتها 44 آلاف ريال شنكو كل عام مصحوبة بالهدايا النفيسة،
* أما هولندا فكانت تدفع لأسطول الخلافة العثمانية في الجزائر 600 جنيه،
* ومملكة صقلية 4 آلاف ريال،
*ومملكة سردينيا 6 آلاف جنيه،
* والولايات المتحدة الأمريكية تقدم آلات ومهمات حربية قيمتها 4 آلاف ريال و 100 آلاف ريال أخرى نقدا مصحوبة بهدايا قيمة،
*وتبعث فرنسا بهدايا ثمينة عند تغيير قناصلها،
*وتقدم البرتغال هدايا من أحسن الأصناف
*، وتورد السويد والنرويج كل سنة آلات وذخائر بحرية بمبالغ كبيرة، *وتدفع مدينتا هانوفر وبرن بألمانيا 600 جنيه إنجليزي،
* وتقدم إسبانيا أنفس الهدايا سنويا.
وعلى مدار ثلاثة قرون من سيطرة الأسطول الجزائري العثماني على البحر الأبيض انتظر الصليبيون الفرصة السانحة للانتقام من المسلمين، مما أدى بالدول الأوروبية إلى عرض القضية الجزائرية في مؤتمراتها، فبعد أن تم الإشارة إليها في مؤتمر "فيينا" تم عرضها في مؤتمر "إكس لاشابيل" عام 1818 م، وأصبح السؤال الذي يدور هنالك متى تحين هذه الفرصة للانقضاض على الجزائر؟ والحقيقة أن هذه الفرصة أتت في عام 1827 م وهو العام الذي دُمِّر فيه الأسطول الجزائري العثماني في "معركة نافرين" البحرية، الغريب أن الفرنسيين لم ينتظروا طويلًا، فتقدموا لاحتلال الجزائر في نفس ذلك العام!
هذا هو سبب اختيار الجزائر بالذات، أمّا سبب اختيار فرنسا بالتحديد لكي تنوب عن بقية قوى الغزو الصليبي فيرجع لأسباب كثيرة سيأتي ذكرها في طيات هذا الكتاب عند الحديث على الحروب الصليبية ودور فرنسا فيها منذ أن بدأ البابا (أوربان الثاني) الدعوة لتلك لحروب الصليبية في مدينة "كليرمون" الفرنسية، ولمن كان يظن أن فرنسا ما
دخلت الجزائر إلّا للقضاء على الجهل والفقر، فعليه أن يعلم أن نسبة المتعلمين في الجزائر في تلك الفترة كانت أكبر منها في فرنسا، بشهادة الرحالة الألماني (فيلهلم شيمبرا) الذي كتب حين زار الجزائر في شهر ديسمبر 1831 م: "لقد بحثتُ قصدًا عن عربي واحد في الجزائر يجهل القراءة والكتابة، غير أني لم أعثر عليه، في حين أني وجدت ذلك في بلدان جنوب أوروبا، فقلما يصادف المرء هناك من يستطيع القراءة من بين أفراد تلك الشعوب الأوروبية". الأغرب من ذلك أن فرنسا كانت عاجزة عن سداد ديونها الكبيرة لدى الجزائر وقتها! أما من كان يعتقد أن فرنسا أصبحت علمانية الهوى بعد الثورة الفرنسية وأنها قد تخلت عن أحقادها الصليبية، فهو واهم أشد الوهم في اعتقاده هذا، ولعل ما جاء على لسان الفرنسيين أنفسهم ما يؤكد هذا القول، ففرنسا شعرت بعد ثورتها بأنها حامية الكاثوليكية وأن تحقيق الانتصار على حساب الجزائر إنما هو بمثابة انتصار للمسيحية على الدين الإسلامي، وهذا ما استخلصناه من قول القائد الفرنسي (كليرمون دي طونير) عندما فرض حصارا على السواحل الجزائرية عندما قال: "ربما يساعدنا الحظ بهذه المناسبة لننشر المدنية بين السكان الأصليين فندخلهم بذلك في النصرانية". وأيضا الوصف الذي قدمه قائد الحملة الفرنسية (دوبرمون) في الاحتفال الذي أقيم في "فناء القصبة" بمناسبة الانتصار حيث جاء فيه: "مولاي، لقد فتحت بهذا العمل الغزو بابًا للمسيحية على شاطئ أفريقيا". أما اليهود الذين استضافهم المسلمون الجزائريون بعد طردهم من الأندلس من قبل الكاثوليك، فقد ردّوا هذا الجميل للمسلمين بأن فتحوا بوابات العاصمة الجزائر للفرنسيين! حينئدٍ أظهرت فرنسا حقدها الصليبي على الإسلام بشكل صارخ، فلك أن تعلم أنه من أصل 112 مسجدًا في العاصمة الجزائر لوحدها لم يُبق الفرنسيون إلّا على 5 مساجد فقط والباقي قاموا بهدمه أو تحويله إلى مخازن أو إسطبلات، ثم منع الفرنسيون الحج تمامًا، وقام الجنود الفرنسيون بالنهب والسلب في بيوت المسلمين، حتى أنهم كانوا يأتون بالأساور في المعاصم بعد أن يقطعوا أيادي نساء المسلمين من دون أن يتركوا لهن وقتًا لنزع أساورهن! بل إن بعضًا من الفرنسيين كانوا يأتون بأقراط النساء بأذانهن بعد أن يقطعوها بالسكين!! أما لمن كان مغرمًا بـ "الإتيكيت الفرنسي" فعليه أن يقرأ هذه القصة الصغيرة التي تبين مدى الرقي الفرنسي، فعندما التجأ
8000 مسلم جزائري إلى أحد كهوف الجزائر مصطحبين معهم ماشيتهم هربًا من بطش الجنود وخوفًا على الفتيات الجزائريات من الاغتصاب، قام دعاة الحضارة "الإيتيكتيون" بإشعال النيران في الكهف على من فيه، ليذهب شباب القرية في الصباح ليتفقدوا أوضاع أهاليهم، ليجدوا العجب!
فلقد وجدوا جثث الأطفال المتفحمة بين بقايا الدواب المحترقة، فنار الفرنسيين لم تفرق بين الإنسان والحيوان في القتل، ثم وجدوا شيئًا جعل الكثير منهم يسقط مغمًا عليه من فظاعته ووحشيته، وجدوا جثة محترقة لرجل تتعلق يداه بقرني ثور متفحم يبدو أنه هاج من شدة الدخان، فاتجه نحو ذلك الرجل الذي صده بيديه، ولمّا أزاح الشباب جثة ذلك الرجل وجدوا من خلفها جثة لطفلة في حضن أمها وقد تفحمتا، لقد كان هذا الرجل زوجها الذي أراد أن يحمي طفلته وزوجته من ذلك الثور الهائج، فأمسك بقرنيه ليحميهم قبل أن تحترق العائلة والثور معًا بنار فرنسا!
هذه المآسي لا أذكرها من باب نكء الجراح على فرنسا، ولكن أذكرها لسببين، الأول هو رفض فرنسا الاعتذار للجزائر عن جرائمها التي ارتكبتها في حق المسلمين في الجزائر، وبذلك تكون امكانية تكرارها على المسلمين واردة (وهذا بالفعل ما حدث بالبوسنة منذ أعوام قليلة عندما فكّت فرنسا الحصار على الكاثوليك الكروات وأمدتهم بالسلاح لقتل المسلمين في البوسنة!). أما السبب الثاني فإن ذكر هذا البطش والجبروت يساعدنا على تقدير عظمة بطلنا الأمير عبد القادر الجزائري الذي قاد الجهاد ضد المحتل الصليبي الفرنسي في هذه الظروف القاتمة، فلقد وحَّد الجزائري صفوف القبائل تحت إمرته وشرع بالنضال لطرد الغزاة، فأذاق الفرنسيين الويلات وكبدهم الخسائر الفادحة في معركة "المقطع" سنة 1835 م، واستمر الأمير عبد القادر في تكبيد الفرنسيين ألوان الهزائم قبل أن يأسره الفرنسيون، ليلقوا به في سجون باريس، قبل أن ينفوه إلى "إسطانبول"، ليستقبله خليفة المسلمين هناك ويكرمه، فينتقل الأمير بعدها إلى "دمشق"، وهناك في حاضرة الأمويين يبرز لنا لماذا أصبح الأمير عبد القادر الجزائري عظيمًا من عظماء الإنسانية، ففي عام 1860 م اندلعت فتنة دامية بين المسلمين والنصارى في دمشق، ويا للعجب. . .! لقد قام الأمير الجزائري بحماية النصارى وإيوائهم في بيته، على
الرغم مما فعله النصارى الفرنسيون بالمسلمين في أرضه!
وفي 26 مايو 18833 م انتقل إلى رحمة اللَّه تعالى الأمير البطل عبد القادر الجزائري في منفاه في دمشق، لكي تستغل فرنسا فرصة غيابه وتحول الجزائر إلى مقاطعة فرنسية، بعد أن منعت فيها المحاكم الإسلامية، وقامت بطمس اللغة العربية واستبدالها باللغة الفرنسية. وفي ظل هذا الوضع القاتم وهذه الظروف السيئة التي تدعو إلى اليأس، وعندما اطمأنت فرنسا أنها أنهت الإسلام في الجزائر، وأنست الناس لغة محمد بن عبد اللَّه، ظهر من بين حطام الدمار، ورماد اليأس عظيمٌ إسلامي جديد، رفض القبول بالواقع المرير، فحمل راية الإسلام في علياء الجزائر، فحول أرض الجزائر إلى كتلة من لهب!
يتبع. . . .
ممدوح ابو
do.php
قريشي
 
آخر تعديل بواسطة المشرف:
بسم الله الرحمن الرحيم




{14}(الرابع عشر )من #100_من_عضماء_اﻻسﻻم_غيرو_مجرى_التاريخ #جهاد_التربانى
" عملاق الجزائر" (الأمير عبد القادر الجزائري)
" وإن دوي الرصاص وصهيل الخيول لآذاننا خير من صوت الرخيم"
(عبد القادر الجزائري)
في البداية يجب أن أعترف أن تاريخ الجزائر القديم والحديث كان شيئًا غامضًا بالنسبة لي شخصيًا، بل إن تاريخ المغرب الأقصى بما يتصل به من تاريخ الأندلس، وتاريخ تونس بما تحمله جامعة الزيتونة من قصص وأخبار، كانا أوضح إلي من تاريخ الجزائر نفسه، بل لعل الجهل أوصلني في وقت من الأوقات للشك في عروبة هذا القطر وانتمائه للإسلام، والحقيقة أنّني عندما قلبت صفحات التاريخ عن قصة هذا البلد الضخم وجدت أن للجزائر تاريخًا أقل ما يقال عنه أن تاريخ يكتب بماء من الذهب! ولأن الحديث عن تاريخ الجزائر في نصرة دين اللَّه أمرٌ يطول شرحه، فإني سأركز في السطور القليلة الآتية على قصة بطلٍ من أبطال الجزائر حمل في وجدانه كل معاني الشهامة والبطولة والمروءة.
يرجع بعض المؤرخين بدء الحملة الفرنسية على الجزائر لعام 18277 م، إلّا أنني أرى أن الحرب الفعلية على الجزائر بدأت مبكرًا جدًا، وبالتحديد في عام 1538 م، إنه تاريخ معركة "بروزة" الخالدة التي تحدثنا عنها سابقًا عندما ذكرنا انتصار العثمانيين بقيادة القائد البطل (خير الدين بربروسا) على أساطيل القوى الصليبية المتحالفة. بعد هذا الانتصار الضخم قام القائد بربروسا رحمه اللَّه ببناء أسطول إسلامي ضخم مقره الجزائر، وتحولت الجزائر إلى أقوى قوة بحرية في العالم كله تقود الإسطول العثماني الإسلامي الضخم، وصارت الجزائر تعرف باسم جديد هو: "دار الإسلام ودار الجهاد". ومنذ ذلك التاريخ تحولت اهتمامات الصليبيين إلى الجزائر بالتحديد، ويكفينا لكي ندرك مدى القوة التي وصلت إليها الجزائر تحت ظل الخلافة الإسلامية العثمانية أن
*نذكر أن (جورج واشنطون) أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية دفع جزية للمسلمين تقدر بـ 6422 ألف دولار ذهبي و 1200 ليرة عثمانية دُفِعت للأسطول العثماني في نهاية القرن الثامن عشر، وذلك لكي يرضى العثمانيون بتوقيع معاهدة عدم الاعتداء على أمريكا! يُذكر أن هذه الاتفاقية هي الوحيدة في أرشيف الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تكتب باللغة الإنجليزية وإنما بلغة عثمانية بحروف عربية بناءً على رغبة الخليفة العثماني شخصيًا،
* أما بريطانيا فكانت تدفع سنويا 600 جنيه للخزانة الجزائرية،
* وكانت الدانمارك تقدم للمسلمين في الجزائر مهمات حربية وآلات قيمتها 44 آلاف ريال شنكو كل عام مصحوبة بالهدايا النفيسة،
* أما هولندا فكانت تدفع لأسطول الخلافة العثمانية في الجزائر 600 جنيه،
* ومملكة صقلية 4 آلاف ريال،
*ومملكة سردينيا 6 آلاف جنيه،
* والولايات المتحدة الأمريكية تقدم آلات ومهمات حربية قيمتها 4 آلاف ريال و 100 آلاف ريال أخرى نقدا مصحوبة بهدايا قيمة،
*وتبعث فرنسا بهدايا ثمينة عند تغيير قناصلها،
*وتقدم البرتغال هدايا من أحسن الأصناف
*، وتورد السويد والنرويج كل سنة آلات وذخائر بحرية بمبالغ كبيرة، *وتدفع مدينتا هانوفر وبرن بألمانيا 600 جنيه إنجليزي،
* وتقدم إسبانيا أنفس الهدايا سنويا.
وعلى مدار ثلاثة قرون من سيطرة الأسطول الجزائري العثماني على البحر الأبيض انتظر الصليبيون الفرصة السانحة للانتقام من المسلمين، مما أدى بالدول الأوروبية إلى عرض القضية الجزائرية في مؤتمراتها، فبعد أن تم الإشارة إليها في مؤتمر "فيينا" تم عرضها في مؤتمر "إكس لاشابيل" عام 1818 م، وأصبح السؤال الذي يدور هنالك متى تحين هذه الفرصة للانقضاض على الجزائر؟ والحقيقة أن هذه الفرصة أتت في عام 1827 م وهو العام الذي دُمِّر فيه الأسطول الجزائري العثماني في "معركة نافرين" البحرية، الغريب أن الفرنسيين لم ينتظروا طويلًا، فتقدموا لاحتلال الجزائر في نفس ذلك العام!
هذا هو سبب اختيار الجزائر بالذات، أمّا سبب اختيار فرنسا بالتحديد لكي تنوب عن بقية قوى الغزو الصليبي فيرجع لأسباب كثيرة سيأتي ذكرها في طيات هذا الكتاب عند الحديث على الحروب الصليبية ودور فرنسا فيها منذ أن بدأ البابا (أوربان الثاني) الدعوة لتلك لحروب الصليبية في مدينة "كليرمون" الفرنسية، ولمن كان يظن أن فرنسا ما
دخلت الجزائر إلّا للقضاء على الجهل والفقر، فعليه أن يعلم أن نسبة المتعلمين في الجزائر في تلك الفترة كانت أكبر منها في فرنسا، بشهادة الرحالة الألماني (فيلهلم شيمبرا) الذي كتب حين زار الجزائر في شهر ديسمبر 1831 م: "لقد بحثتُ قصدًا عن عربي واحد في الجزائر يجهل القراءة والكتابة، غير أني لم أعثر عليه، في حين أني وجدت ذلك في بلدان جنوب أوروبا، فقلما يصادف المرء هناك من يستطيع القراءة من بين أفراد تلك الشعوب الأوروبية". الأغرب من ذلك أن فرنسا كانت عاجزة عن سداد ديونها الكبيرة لدى الجزائر وقتها! أما من كان يعتقد أن فرنسا أصبحت علمانية الهوى بعد الثورة الفرنسية وأنها قد تخلت عن أحقادها الصليبية، فهو واهم أشد الوهم في اعتقاده هذا، ولعل ما جاء على لسان الفرنسيين أنفسهم ما يؤكد هذا القول، ففرنسا شعرت بعد ثورتها بأنها حامية الكاثوليكية وأن تحقيق الانتصار على حساب الجزائر إنما هو بمثابة انتصار للمسيحية على الدين الإسلامي، وهذا ما استخلصناه من قول القائد الفرنسي (كليرمون دي طونير) عندما فرض حصارا على السواحل الجزائرية عندما قال: "ربما يساعدنا الحظ بهذه المناسبة لننشر المدنية بين السكان الأصليين فندخلهم بذلك في النصرانية". وأيضا الوصف الذي قدمه قائد الحملة الفرنسية (دوبرمون) في الاحتفال الذي أقيم في "فناء القصبة" بمناسبة الانتصار حيث جاء فيه: "مولاي، لقد فتحت بهذا العمل الغزو بابًا للمسيحية على شاطئ أفريقيا". أما اليهود الذين استضافهم المسلمون الجزائريون بعد طردهم من الأندلس من قبل الكاثوليك، فقد ردّوا هذا الجميل للمسلمين بأن فتحوا بوابات العاصمة الجزائر للفرنسيين! حينئدٍ أظهرت فرنسا حقدها الصليبي على الإسلام بشكل صارخ، فلك أن تعلم أنه من أصل 112 مسجدًا في العاصمة الجزائر لوحدها لم يُبق الفرنسيون إلّا على 5 مساجد فقط والباقي قاموا بهدمه أو تحويله إلى مخازن أو إسطبلات، ثم منع الفرنسيون الحج تمامًا، وقام الجنود الفرنسيون بالنهب والسلب في بيوت المسلمين، حتى أنهم كانوا يأتون بالأساور في المعاصم بعد أن يقطعوا أيادي نساء المسلمين من دون أن يتركوا لهن وقتًا لنزع أساورهن! بل إن بعضًا من الفرنسيين كانوا يأتون بأقراط النساء بأذانهن بعد أن يقطعوها بالسكين!! أما لمن كان مغرمًا بـ "الإتيكيت الفرنسي" فعليه أن يقرأ هذه القصة الصغيرة التي تبين مدى الرقي الفرنسي، فعندما التجأ
8000 مسلم جزائري إلى أحد كهوف الجزائر مصطحبين معهم ماشيتهم هربًا من بطش الجنود وخوفًا على الفتيات الجزائريات من الاغتصاب، قام دعاة الحضارة "الإيتيكتيون" بإشعال النيران في الكهف على من فيه، ليذهب شباب القرية في الصباح ليتفقدوا أوضاع أهاليهم، ليجدوا العجب!
فلقد وجدوا جثث الأطفال المتفحمة بين بقايا الدواب المحترقة، فنار الفرنسيين لم تفرق بين الإنسان والحيوان في القتل، ثم وجدوا شيئًا جعل الكثير منهم يسقط مغمًا عليه من فظاعته ووحشيته، وجدوا جثة محترقة لرجل تتعلق يداه بقرني ثور متفحم يبدو أنه هاج من شدة الدخان، فاتجه نحو ذلك الرجل الذي صده بيديه، ولمّا أزاح الشباب جثة ذلك الرجل وجدوا من خلفها جثة لطفلة في حضن أمها وقد تفحمتا، لقد كان هذا الرجل زوجها الذي أراد أن يحمي طفلته وزوجته من ذلك الثور الهائج، فأمسك بقرنيه ليحميهم قبل أن تحترق العائلة والثور معًا بنار فرنسا!
هذه المآسي لا أذكرها من باب نكء الجراح على فرنسا، ولكن أذكرها لسببين، الأول هو رفض فرنسا الاعتذار للجزائر عن جرائمها التي ارتكبتها في حق المسلمين في الجزائر، وبذلك تكون امكانية تكرارها على المسلمين واردة (وهذا بالفعل ما حدث بالبوسنة منذ أعوام قليلة عندما فكّت فرنسا الحصار على الكاثوليك الكروات وأمدتهم بالسلاح لقتل المسلمين في البوسنة!). أما السبب الثاني فإن ذكر هذا البطش والجبروت يساعدنا على تقدير عظمة بطلنا الأمير عبد القادر الجزائري الذي قاد الجهاد ضد المحتل الصليبي الفرنسي في هذه الظروف القاتمة، فلقد وحَّد الجزائري صفوف القبائل تحت إمرته وشرع بالنضال لطرد الغزاة، فأذاق الفرنسيين الويلات وكبدهم الخسائر الفادحة في معركة "المقطع" سنة 1835 م، واستمر الأمير عبد القادر في تكبيد الفرنسيين ألوان الهزائم قبل أن يأسره الفرنسيون، ليلقوا به في سجون باريس، قبل أن ينفوه إلى "إسطانبول"، ليستقبله خليفة المسلمين هناك ويكرمه، فينتقل الأمير بعدها إلى "دمشق"، وهناك في حاضرة الأمويين يبرز لنا لماذا أصبح الأمير عبد القادر الجزائري عظيمًا من عظماء الإنسانية، ففي عام 1860 م اندلعت فتنة دامية بين المسلمين والنصارى في دمشق، ويا للعجب. . .! لقد قام الأمير الجزائري بحماية النصارى وإيوائهم في بيته، على
الرغم مما فعله النصارى الفرنسيون بالمسلمين في أرضه!
وفي 26 مايو 18833 م انتقل إلى رحمة اللَّه تعالى الأمير البطل عبد القادر الجزائري في منفاه في دمشق، لكي تستغل فرنسا فرصة غيابه وتحول الجزائر إلى مقاطعة فرنسية، بعد أن منعت فيها المحاكم الإسلامية، وقامت بطمس اللغة العربية واستبدالها باللغة الفرنسية. وفي ظل هذا الوضع القاتم وهذه الظروف السيئة التي تدعو إلى اليأس، وعندما اطمأنت فرنسا أنها أنهت الإسلام في الجزائر، وأنست الناس لغة محمد بن عبد اللَّه، ظهر من بين حطام الدمار، ورماد اليأس عظيمٌ إسلامي جديد، رفض القبول بالواقع المرير، فحمل راية الإسلام في علياء الجزائر، فحول أرض الجزائر إلى كتلة من لهب!
يتبع. . . .
ممدوح ابو قريشي
بسم الله الرحمن الرحيم




{14}(الرابع عشر )من #100_من_عضماء_اﻻسﻻم_غيرو_مجرى_التاريخ #جهاد_التربانى
" عملاق الجزائر" (الأمير عبد القادر الجزائري)
" وإن دوي الرصاص وصهيل الخيول لآذاننا خير من صوت الرخيم"
(عبد القادر الجزائري)
في البداية يجب أن أعترف أن تاريخ الجزائر القديم والحديث كان شيئًا غامضًا بالنسبة لي شخصيًا، بل إن تاريخ المغرب الأقصى بما يتصل به من تاريخ الأندلس، وتاريخ تونس بما تحمله جامعة الزيتونة من قصص وأخبار، كانا أوضح إلي من تاريخ الجزائر نفسه، بل لعل الجهل أوصلني في وقت من الأوقات للشك في عروبة هذا القطر وانتمائه للإسلام، والحقيقة أنّني عندما قلبت صفحات التاريخ عن قصة هذا البلد الضخم وجدت أن للجزائر تاريخًا أقل ما يقال عنه أن تاريخ يكتب بماء من الذهب! ولأن الحديث عن تاريخ الجزائر في نصرة دين اللَّه أمرٌ يطول شرحه، فإني سأركز في السطور القليلة الآتية على قصة بطلٍ من أبطال الجزائر حمل في وجدانه كل معاني الشهامة والبطولة والمروءة.
يرجع بعض المؤرخين بدء الحملة الفرنسية على الجزائر لعام 18277 م، إلّا أنني أرى أن الحرب الفعلية على الجزائر بدأت مبكرًا جدًا، وبالتحديد في عام 1538 م، إنه تاريخ معركة "بروزة" الخالدة التي تحدثنا عنها سابقًا عندما ذكرنا انتصار العثمانيين بقيادة القائد البطل (خير الدين بربروسا) على أساطيل القوى الصليبية المتحالفة. بعد هذا الانتصار الضخم قام القائد بربروسا رحمه اللَّه ببناء أسطول إسلامي ضخم مقره الجزائر، وتحولت الجزائر إلى أقوى قوة بحرية في العالم كله تقود الإسطول العثماني الإسلامي الضخم، وصارت الجزائر تعرف باسم جديد هو: "دار الإسلام ودار الجهاد". ومنذ ذلك التاريخ تحولت اهتمامات الصليبيين إلى الجزائر بالتحديد، ويكفينا لكي ندرك مدى القوة التي وصلت إليها الجزائر تحت ظل الخلافة الإسلامية العثمانية أن
*نذكر أن (جورج واشنطون) أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية دفع جزية للمسلمين تقدر بـ 6422 ألف دولار ذهبي و 1200 ليرة عثمانية دُفِعت للأسطول العثماني في نهاية القرن الثامن عشر، وذلك لكي يرضى العثمانيون بتوقيع معاهدة عدم الاعتداء على أمريكا! يُذكر أن هذه الاتفاقية هي الوحيدة في أرشيف الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تكتب باللغة الإنجليزية وإنما بلغة عثمانية بحروف عربية بناءً على رغبة الخليفة العثماني شخصيًا،
* أما بريطانيا فكانت تدفع سنويا 600 جنيه للخزانة الجزائرية،
* وكانت الدانمارك تقدم للمسلمين في الجزائر مهمات حربية وآلات قيمتها 44 آلاف ريال شنكو كل عام مصحوبة بالهدايا النفيسة،
* أما هولندا فكانت تدفع لأسطول الخلافة العثمانية في الجزائر 600 جنيه،
* ومملكة صقلية 4 آلاف ريال،
*ومملكة سردينيا 6 آلاف جنيه،
* والولايات المتحدة الأمريكية تقدم آلات ومهمات حربية قيمتها 4 آلاف ريال و 100 آلاف ريال أخرى نقدا مصحوبة بهدايا قيمة،
*وتبعث فرنسا بهدايا ثمينة عند تغيير قناصلها،
*وتقدم البرتغال هدايا من أحسن الأصناف
*، وتورد السويد والنرويج كل سنة آلات وذخائر بحرية بمبالغ كبيرة، *وتدفع مدينتا هانوفر وبرن بألمانيا 600 جنيه إنجليزي،
* وتقدم إسبانيا أنفس الهدايا سنويا.
وعلى مدار ثلاثة قرون من سيطرة الأسطول الجزائري العثماني على البحر الأبيض انتظر الصليبيون الفرصة السانحة للانتقام من المسلمين، مما أدى بالدول الأوروبية إلى عرض القضية الجزائرية في مؤتمراتها، فبعد أن تم الإشارة إليها في مؤتمر "فيينا" تم عرضها في مؤتمر "إكس لاشابيل" عام 1818 م، وأصبح السؤال الذي يدور هنالك متى تحين هذه الفرصة للانقضاض على الجزائر؟ والحقيقة أن هذه الفرصة أتت في عام 1827 م وهو العام الذي دُمِّر فيه الأسطول الجزائري العثماني في "معركة نافرين" البحرية، الغريب أن الفرنسيين لم ينتظروا طويلًا، فتقدموا لاحتلال الجزائر في نفس ذلك العام!
هذا هو سبب اختيار الجزائر بالذات، أمّا سبب اختيار فرنسا بالتحديد لكي تنوب عن بقية قوى الغزو الصليبي فيرجع لأسباب كثيرة سيأتي ذكرها في طيات هذا الكتاب عند الحديث على الحروب الصليبية ودور فرنسا فيها منذ أن بدأ البابا (أوربان الثاني) الدعوة لتلك لحروب الصليبية في مدينة "كليرمون" الفرنسية، ولمن كان يظن أن فرنسا ما
دخلت الجزائر إلّا للقضاء على الجهل والفقر، فعليه أن يعلم أن نسبة المتعلمين في الجزائر في تلك الفترة كانت أكبر منها في فرنسا، بشهادة الرحالة الألماني (فيلهلم شيمبرا) الذي كتب حين زار الجزائر في شهر ديسمبر 1831 م: "لقد بحثتُ قصدًا عن عربي واحد في الجزائر يجهل القراءة والكتابة، غير أني لم أعثر عليه، في حين أني وجدت ذلك في بلدان جنوب أوروبا، فقلما يصادف المرء هناك من يستطيع القراءة من بين أفراد تلك الشعوب الأوروبية". الأغرب من ذلك أن فرنسا كانت عاجزة عن سداد ديونها الكبيرة لدى الجزائر وقتها! أما من كان يعتقد أن فرنسا أصبحت علمانية الهوى بعد الثورة الفرنسية وأنها قد تخلت عن أحقادها الصليبية، فهو واهم أشد الوهم في اعتقاده هذا، ولعل ما جاء على لسان الفرنسيين أنفسهم ما يؤكد هذا القول، ففرنسا شعرت بعد ثورتها بأنها حامية الكاثوليكية وأن تحقيق الانتصار على حساب الجزائر إنما هو بمثابة انتصار للمسيحية على الدين الإسلامي، وهذا ما استخلصناه من قول القائد الفرنسي (كليرمون دي طونير) عندما فرض حصارا على السواحل الجزائرية عندما قال: "ربما يساعدنا الحظ بهذه المناسبة لننشر المدنية بين السكان الأصليين فندخلهم بذلك في النصرانية". وأيضا الوصف الذي قدمه قائد الحملة الفرنسية (دوبرمون) في الاحتفال الذي أقيم في "فناء القصبة" بمناسبة الانتصار حيث جاء فيه: "مولاي، لقد فتحت بهذا العمل الغزو بابًا للمسيحية على شاطئ أفريقيا". أما اليهود الذين استضافهم المسلمون الجزائريون بعد طردهم من الأندلس من قبل الكاثوليك، فقد ردّوا هذا الجميل للمسلمين بأن فتحوا بوابات العاصمة الجزائر للفرنسيين! حينئدٍ أظهرت فرنسا حقدها الصليبي على الإسلام بشكل صارخ، فلك أن تعلم أنه من أصل 112 مسجدًا في العاصمة الجزائر لوحدها لم يُبق الفرنسيون إلّا على 5 مساجد فقط والباقي قاموا بهدمه أو تحويله إلى مخازن أو إسطبلات، ثم منع الفرنسيون الحج تمامًا، وقام الجنود الفرنسيون بالنهب والسلب في بيوت المسلمين، حتى أنهم كانوا يأتون بالأساور في المعاصم بعد أن يقطعوا أيادي نساء المسلمين من دون أن يتركوا لهن وقتًا لنزع أساورهن! بل إن بعضًا من الفرنسيين كانوا يأتون بأقراط النساء بأذانهن بعد أن يقطعوها بالسكين!! أما لمن كان مغرمًا بـ "الإتيكيت الفرنسي" فعليه أن يقرأ هذه القصة الصغيرة التي تبين مدى الرقي الفرنسي، فعندما التجأ
8000 مسلم جزائري إلى أحد كهوف الجزائر مصطحبين معهم ماشيتهم هربًا من بطش الجنود وخوفًا على الفتيات الجزائريات من الاغتصاب، قام دعاة الحضارة "الإيتيكتيون" بإشعال النيران في الكهف على من فيه، ليذهب شباب القرية في الصباح ليتفقدوا أوضاع أهاليهم، ليجدوا العجب!
فلقد وجدوا جثث الأطفال المتفحمة بين بقايا الدواب المحترقة، فنار الفرنسيين لم تفرق بين الإنسان والحيوان في القتل، ثم وجدوا شيئًا جعل الكثير منهم يسقط مغمًا عليه من فظاعته ووحشيته، وجدوا جثة محترقة لرجل تتعلق يداه بقرني ثور متفحم يبدو أنه هاج من شدة الدخان، فاتجه نحو ذلك الرجل الذي صده بيديه، ولمّا أزاح الشباب جثة ذلك الرجل وجدوا من خلفها جثة لطفلة في حضن أمها وقد تفحمتا، لقد كان هذا الرجل زوجها الذي أراد أن يحمي طفلته وزوجته من ذلك الثور الهائج، فأمسك بقرنيه ليحميهم قبل أن تحترق العائلة والثور معًا بنار فرنسا!
هذه المآسي لا أذكرها من باب نكء الجراح على فرنسا، ولكن أذكرها لسببين، الأول هو رفض فرنسا الاعتذار للجزائر عن جرائمها التي ارتكبتها في حق المسلمين في الجزائر، وبذلك تكون امكانية تكرارها على المسلمين واردة (وهذا بالفعل ما حدث بالبوسنة منذ أعوام قليلة عندما فكّت فرنسا الحصار على الكاثوليك الكروات وأمدتهم بالسلاح لقتل المسلمين في البوسنة!). أما السبب الثاني فإن ذكر هذا البطش والجبروت يساعدنا على تقدير عظمة بطلنا الأمير عبد القادر الجزائري الذي قاد الجهاد ضد المحتل الصليبي الفرنسي في هذه الظروف القاتمة، فلقد وحَّد الجزائري صفوف القبائل تحت إمرته وشرع بالنضال لطرد الغزاة، فأذاق الفرنسيين الويلات وكبدهم الخسائر الفادحة في معركة "المقطع" سنة 1835 م، واستمر الأمير عبد القادر في تكبيد الفرنسيين ألوان الهزائم قبل أن يأسره الفرنسيون، ليلقوا به في سجون باريس، قبل أن ينفوه إلى "إسطانبول"، ليستقبله خليفة المسلمين هناك ويكرمه، فينتقل الأمير بعدها إلى "دمشق"، وهناك في حاضرة الأمويين يبرز لنا لماذا أصبح الأمير عبد القادر الجزائري عظيمًا من عظماء الإنسانية، ففي عام 1860 م اندلعت فتنة دامية بين المسلمين والنصارى في دمشق، ويا للعجب. . .! لقد قام الأمير الجزائري بحماية النصارى وإيوائهم في بيته، على
الرغم مما فعله النصارى الفرنسيون بالمسلمين في أرضه!
وفي 26 مايو 18833 م انتقل إلى رحمة اللَّه تعالى الأمير البطل عبد القادر الجزائري في منفاه في دمشق، لكي تستغل فرنسا فرصة غيابه وتحول الجزائر إلى مقاطعة فرنسية، بعد أن منعت فيها المحاكم الإسلامية، وقامت بطمس اللغة العربية واستبدالها باللغة الفرنسية. وفي ظل هذا الوضع القاتم وهذه الظروف السيئة التي تدعو إلى اليأس، وعندما اطمأنت فرنسا أنها أنهت الإسلام في الجزائر، وأنست الناس لغة محمد بن عبد اللَّه، ظهر من بين حطام الدمار، ورماد اليأس عظيمٌ إسلامي جديد، رفض القبول بالواقع المرير، فحمل راية الإسلام في علياء الجزائر، فحول أرض الجزائر إلى كتلة من لهب!
يتبع. . . .
ممدوح ابو قريشي
يا أخي المكنى بالأمير عبد القادر خريج المدرسة الصوفية و كما هو معلوم فالتصوف ليس من مذهب السلف الصالح و فيه ما فيه من الشركيات و الخزعبلات
 
موضوع مفيد
شكرا
 
يا أخي صوفي أو كافر بالله ورسوله... استغفر الله العظيم
لكن قام بالمقاومة والدفاه عن اهل الوطن
يا اخي نذكر عمله الخيري ولو بالتذكير
ولما كل هذه البلبلة
 
ولتكن في علمك من ألف هذا الكتاب هو سني بحت
لكن ذكر هذا العملاق ويستحق الامير عبد القادر التقديروالاحترام
 
عبد القادر له وجه اخر اخي الكريم
 
آخر تعديل:
ما هو الوجه الآخر ؟؟
أتقصد تصوفه ؟
 
السلام عليكم
بالله عليكم كفاكم خزعبلات
الأمير يبقى شخصية تاريخية جزائرية غنية عن التعريف
مازالتم تحت المسمى الجهوية
مشكورة آخي بوركت على البحث
 
قلت حتى لو كان كافرا ودافع عن المظلومين فله الحق ان يشكر يا اخي
بالله عليكم هل كل ما قدمه لا شيء
؟؟؟؟؟؟؟؟؟
 
السلام عليكم
بالله عليكم كفاكم خزعبلات
الأمير يبقى شخصية تاريخية جزائرية غنية عن التعريف
مازالتم تحت المسمى الجهوية
مشكورة آخي بوركت على البحث
شكرا لك اختي
بارك الله فيك على المرور
 
بعد قراءتي لمنتدى اهل الحديث هذا يقلب الموازين رأسا على عقب
لا أستطيع النفي ولا القبول بما قاله ذلك الشخص ...
هيا نقطة بحثي ان شاء الله
شكرا لك اخي ابو ليث
 
السللم عليكم ورحمة الله وبركاته

لطالما بقي الجدل قائما بخصوص شخص الأمير عبد القادر ومنهم من يعتبره ماسوني .

شاهدت فيلما وثائقي فرنسي عن المقاومة الجزائرية وبالضبط دور الأمير عبد القادر في المقاومة وكان ما شاهدته مغايرا تماما لما درسونا بالمدراس عن هذا الرجل الثوري البطل.

في البداية سببت القناة وأيضا من أخرج الفيلم لأنهم وببساطة صوروا الأمير عبد القادر في صورة بشعة حطمت الصورة التي صورتها في ذهني منذ الصغر.

بعد هذا الفيلم قمت بالبحث كثيرا حول الموضوع لأنصدم بالكثير من المعلومات حتى أن هذه المعلومات تثبت قطعا أن الأمير عبد القادر ماسوني .

في الحقيقة كما نرى اليوم مجاهدين مزيفين زيفوا جهادهم من أجل المال وتقاضي أجر الجهاد ! كما من الممكن أن يكون ما درسوه لنا مزيفا أيضا لأن التاريخ تم تأريخه ولا نعلم من أرخه ولا نعلم أيضا مدى صحته ومدى التحريف الذي طرأ عليه ! ويبقى التاريخ مؤرخا على لسان من عاشوا في تلك الفترة وقد تكون بعض الألسنة حركية ادعت الجهاد لأنه ليس هناك شاهد يقول عكس ذلك.

وكم من مجاهد يقسم المجاهدون حقا أنه ليس بمجاهد بل كان حركي يخدم مصالح الاستعمار.

كلامي ليس يقينا لكنه مبني على أن كل الاحتمالات واردة والأبطال الذين حفظنا دروسا عنهم بكونهم أبطال قد لا يكونون كذلك.

في الحقيقة هذه المسألة أو قضية الأمير عبد القادر ليس بحديثة وربما نحتاج في كل مرة إلى صدمة تجعلنا نبحث فنكشف المستور ونحن لا ننكر فضل المجاهدين علينا والله أعلم بهم ولسنا مضطرين أيضا أن نقدسهم ونفند كل أمر مريب عنهم فقط لأن وزارة التعليم رسخت في ذهننا هذه القدسية.

ويبقى العلم لله وحده وليس شأننا أن نحكم عليه لأنه بالنهاية في رحمة ربه والله أعلم به ولسنا مضطرين لإثبات ذلك أو العكس طالما هو غير موجود بالكون ولا نخشى شر من أتبعه !

يرجى عدم طرح روابط تؤدي إلى مواقع أخرى لأن هذا مخالف لسياسة اللمة بل نسخ ولصق المعلومات التي نحتاجها من الموقع الآخر وفقط.
 
السلام عليكم و رحمه الله تعالى وبركاته

بارك الله فيك على الموضوع القيم
شخصية فذة وتستحق التقدير على مجهودها في تحرير الوطن وإخراج الغاشم منه ، في بلادنا رجال يحركون الجبال بهيبتهم والامير واحد منهم (y)

رحمه الله واسكنه فسيح جنانه
احترامي وتقديري
حلم كبير
(y)
 
إن الحمد لله ، نحمده و نستعينه و نستهديه ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فهو المهتدي ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه و على آلـه و أصحابه أجمعين و سلم تسليمـا كثيرا.



أمـا بعد :


فإن الأمير عبد القـادر بن محي الدين الجزائري قد نُسجت حوله حكايات كثيرة غريبة قريبة من الخـيال ، أو القصص المشبَعَة بالأوهَام ، أو الأسَاطير الموغلة في الإختلاق !!


أُريدت لقصصه التي نُسِجت عنه و حوله أن تحتل مكانة في نفوس العرب عموماً ، و الجزائرين خصوصا ، ليصنعوا منه البطل المِقدَام ، و الرمز المغوار ، و الشخصية التاريخية الفذة التي صنعت أحداث التاريخ ، و أثرت في مجريات الأيـام ، و ضخت في نفوس الشعوب المبادئ السامية ، و المعاني العالية !


و علموا أن تحقيق ما يصبون إليه لا يتم إلا بالتضحية بالتاريخ الصحيح لهذا الأمير ، و تعويضه بتاريخ ساهم في بنـائه من التـفوا حوله ، و صنعوا منه تلك الشخصية المتألقة الممجدة !


و هم يعلمون أن تشويه التاريخ لن يدوم ، فسيأتي ذاك اليوم الذي يُنفض الغبار عن أوراق التاريخ ، و يُستخرج منها التاريخ الصحيح الذي لا يقبل التزييف و حينها ستظهر صورة من أهالوا عليه التمجيد و التقديس بأنه إنسان لا يستحق أن يُرفع في مصاف من تعتز بهم أممهم ، و تُكرمهم شعوبهم ، و تحتف بهم ذاكرة تاريخهم !!



نعم !

هذا الذي حدث مع شخصية الأمير عبد القادر بن محي الدين الجزائري


باختصار ..




حدث ذلك لإن الأمير عبد القادر انغمس في الحركة الماسونية قلبا و قالبا ، و تبوأ في مراتبها المنازل العالية ، و شُرِّف من قبل رموز هذه الحركة الباطنية بأعظم أوسمتهم ، و أفخم تشريفاتهم !


و من البديهي أن سخاء رؤوس الماسونية و رموزها على عربي مسلم من أمثال عبد القادر الجزائري بالتمجيد و التقديس و التعظيم لن يتم بدون مقـابل لأنه ضرب من الخيال ، و هذا [ المعلم الأكبر الإقليمي ] كان يُعارض قبول المسلمين في محافل الماسونية !! ؛ فكيف يُقبل أمثال عبد القادر، و كيف حدث هذا؟ !!

هذا هو السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان ، و خاصة عند من كانوا ضحية التهويل الذي أحيط بشخصية الأمير عبد القادر و تاريخه ؛ كيف حدث هذا ؟!!
لا غرابة من هذا ؛ فمن جال في صفحات التاريخ ، و قرأ ما قاله الذين أثبتوا [ تهمة ] توغل عبد القادر في الماسونية ، و اطلع على ما كتبه نفاة انضماه ، سيعيش بينهما معارك ضارية أستعملت فيها كل الأسلحة الفكرية !


لكن ما يهمنا ـ نحن ـ الآن ليس الولوج معهم في معاركهم التي لا تزيدنا إلا تيها ، بل سنقدم بعض ما قاله من أثبتوا ماسونية عبد القادر !

و من هنا البداية ...


(مميز يكتب عبد القادر في أشعاره الصوفيَّة فيقول : )


(شعر "فليس يدري الذي أقول غير فتى ** قد جاوز الكون من عَينٍ و من رُتَب")

(مميز كما يكتب في رسالته الجهرية إلى الفرنسيين: )


(شعر " الدين واحد و لو يعيرني المسلمون و المسيحيون انتباههم لقضيت على اختلاف وجهات النظر بينهم، و لغدوا أخوة في الداخل و في الخارج...")


[[ بعد (مميز أحداث دمشق الدامية) ، غُمر عبد القادر برسائل التقريظ و الأوسمة ، و أتاحت له هذه القضية أن يلتقي مرَّة أخرى مع الماسونيين :


مرة أخرى ، بالرغم من أننا لا نعلم متى، و ما هي مناسبة اللقاء الأول. و الواقع أن بعض جهات الاتصال بينه و بين بوجو ـ الماسوني نفسه ـ كانوا من الماسونيين ، من " بن دوران " إلـى البارون " دي ميشيل " ، مروراً بالمترجم المشؤوم المقدَّم عبد الله.



و هذه المرة كانت الأشياء أكثر استقامة، لكنها ليست أقلّ غموضا. و هكذا (مميز فمنذ أن تلقى الرسالة الأولى من " محفل الشرق الكبير" Grand Orient في فرنسا)، و هي تهنئة على تصرفه، عمد الأمير[عبد القادر] إلى الاستماع إلى شروح عن أهداف هذه الجمعية و نشاطاتها، و مداخلها و مخارجها، يقدِّمها له أحد أصدقائه ، و هو لبناني و من المـاسونيين القلائل العرب، و المسلمين القلائل في تلك الفترة، و هو(مميز " شاهين مكاريوس " الذي ربطته بعائلة الأمير صداقة حميمة) بحيث وجَّه فيما بعد اثنين من أبناء الأمير و هما محي الدين، الابن الأكبر، و محمد ، إلى الانتساب إلى محفله " فلسطين" في بيروت. بينما انتسب ابن الثالث لاحقًا و هو الأمير عمر إلى محفل " النور" في دمشق و انتهى إلى رتبة عليا في محفل "معحبي الكون" في باريس ، كما كان ابن رابع للأمير هو علي خليل ماسونيا أيضا. و كلهم تابعون إلى الجهات الوصائية الانجليزية في الجمعية.



أخيرا فإن العديد من أحفاده كانوا ماسونيين، حتى من كان في الجزائر مثل أبوطالب[محي الدين ابن أحمد] في العام 1901م.


ليس لدي برهان عما إذا كان قد تحدَّث عن ذلك إلى شرشل أوَّل مَن نشر سيرته الذاتية و أشار [في عام 1867م] إلى مسارَّة الأمير ؟ و كان قادة الماسونية البريطانية في تلك الفترة من العسكريين و القناصل؛ و الأخوة الماسونيون يتنقلون كثيرا بين مصر و لبنان و سورية.



و تتيميز شهادة أحد الماسونيين الزائرين الأمريكيين و هو " روبير موريس " بدقتها، و هو يتحدث عن لقاء أجراه في دمشق بتاريخ 7 نيسان ـ أبريل 1868م ، حيث صحبه الأخ " ناصيف مشاقة" بعد اجتماع ماسوني إلى الأمير الذي قام " بمعاقبته على الطريقة الأخوية الماسونية" و كان حاضراً في ذلك اليوم عدا أبناء الأمير الماسونيون، جوزيف بيلاستر J.PILASTERE الماسوني الفرنسي من محفل " الحقيقة" في مرسيليا، و كذلك عدة أعضاء أنجليز ، و إيرانيين، و اتراك ، و يونانيين، من محفل "فلسطين" في بيروت؛ و بعض أفراد عائلة العظم المعروفة في دمشق . و كان عبد القادر نفسه مدرج الاسم في جداول محفل "سورية" في دمشق دون أن يتوفر برهان على حضوره اجتماعات ذلك المحفل.



غمرت القوى الغربية الأمير الشهم بمظاهر الامتنان و الإعجاب بعد قضية مذابح1860 : رسائل ، و هدايا ، و أوسمة ، و زوار تتتابع على دمشق و غص الدرب الصغير في باب الفراديس بالوفود حاملي الهدايا: فانجلترا قدمت له بندقية مضاعفة الماسورة مطعَّمة بالذهب؛ و الولايات المتحدة مسدسين؛ و قدَّم له الفرنسيون وسام جوقة الشرف من المرتبة الأولى ، و الروس وسام النسر الأبيض، و البروسيون وسام النسر الأسود، و اليونانيون وسام "المخلص" ، و الإيطاليون وسام "موريس واليعازر" ، و جزيرة سردينيا صلييبها و كذلك البابا بيوس التاسع، و بالطبع منحه السلطان العثماني النيشان المجيدي الهمايوني من المرتبة الأولى . كما بدرت من العالم الإسلامي ردَّات فعل مماثلة، كلن أفضلها في نظر الأمير تلك الرسالة التي وردته من البطل القوقازي محمد شامل أفندي المنفي في روسية.[الرسالة موجودة في تحفة الزائر(ص662-663) و في كتاب "فارس الجزائر ، الأمير عبد القادر" للعماد مصطفى طلاس (ص320-321)]


لم يستطع عبد القادر إلا أن يفكر بقدرهما المشترك ، فتعدَّى جوابه عبارات المجاملة إلى خلاصة عن مسيرته الخاصة، مع التأكيد على أن تصرفه يعود إلى عواطفه" الشريفة" و إلى شعوره كحام لأهل الكتاب.[الجواب موجود في التحفة(ص 663-664) و في كتاب العماد طلاس " فارس الجزائر" (ص 322-323)]



في هذا السياق من الغبطة بدا أيضا الماسونيون في تهنئتهم للأمير، بإرسَـال الهدايا ، و بالرسائل التي تعبر جيدا عن شعور الفرنسيين حيال المجاهد الجزائري في الفترة التي كان نابوليون الثالث يحلم فيها بمملكة عربية جاءت الرسالة الأولى من المحفل الباريسي " هنري الرابع" ، الذي قدم أولا للأمير حلية، و هي مدالية معبرة برموزها [ أعيدت هذه المدالية إلى G.O (الشرق الأكبر) بتاريخ 13 تشرين الأول – أكتوبر 1947م (الرسالة 2997) من قبل عبد الرزاق بن عبد القادر أحد أبناء أحفاد عبد القادر من الجنسية الفلسطينية في الأرض العربية المحتلة. و المدالية موجود في متحف شارع كادهCADET . ] اهتم لها الأمير و هي تتألف من دائرة موضوعة ضمن مربع مضاعف و في المركز على أساس من ميناء أخضر، كوس مثلث علَّقت عليه عناصر نظرية مربع فيثاغوث. و أمكن لعبد القادر أن يقول في نفسه إن في جعبة الماسونين شيئا يستحق الاهتمام.


(( أيّها الأمير الشهير


أينما تبرق الفضيلة، و يعمّ التسامح و تُمجَّد الانسانية، يهرع الماسونيون ليهللوا و ليقدموا التقدير لمن عرف ، مع بذل أكبر التضحيات، كيف يتمم صنيع الله على الأرض ، و يقدم للمظلوم دعما حافظا منزَّها عن كل غرض. ذلك لأن الماسونية تعتبر هؤلاء الرجال منهم، و أنهم يسيرون على طريقهم ، و هي تشعر بالحاجة لرفع الصوت عاليا لشكرهم و مباركة همتهم باسم الحظ العاثر ، و المجتمع، و المبادئ السامية التي تستند إليها.


لهذا السبب ، جئنا أيها الأمير الشهير، نحن أعضاء المحفل الماسوني " هنري الرابع" و " شرق باريس" ، بعد العديدين غيرنا، إنما بذات الحماسة و العرفان بالجميل، لنضيف زهرية إلى تاج التبريكات الذي يضعه العالم المتمدن فوق هامتكم الجليلة النبيلة، و لنقدم قسطنا من الاعجاب إلى من سما على أحكام إدانة مسبقة مصدرها الإنغلاق و التزمّت في الدين ، و تجلى إنسانا قبل كل شيء ، فلم يستمع إلا إلى إيحاءات قلبه ليضع حاجزا حصينا أمام الهيجانات البربرية و التعصب.


نعم إنك فعلا الممثل، و النموذج الحقيقي لتلك القومية العربية المجيدة التي تدين لها أوروبة بالقسم الأعظم من المدنية و العلوم التي نوَّرتها. و لقد برهنت بتصرفاتك، و شهامة طبعك على أن تلك الأرومة لم تنتكس، و أنها إن بدت خامدة فيمكن أن تستيقظ لتحقق إنجازات عظيمة بحوافز عبقرية قادرة كعبقريتك ، فبعد أن دعمتها بسيفك و حققت لها مجدا و كبرا عرفت فرنسا ـ وز قد كانت غريمتك ـكيف تقدِّرهما و تنظر لهما بإعجاب، و ها أنت تعظمهت بالشهامة و التضحية اللتين برهنت عليهما مثبتا أسس حضارة أشادها أمثال عمر و ابن رشد، و الفارابي، و هم قدوة المحاربين، و العلماء و الفلاسفة الذين تعتز بهم أمتكم و بحق.


(....)


إن الماسونية الحرَّة التي يقوم مبدؤها على الإيمان بالله و خلود الروح ، و تؤسس أفعالها على محبة الإنسانية و ممارسة التسامح و الأخوة الشاملة لا يمكنها إلا أن تشهد ببالغ التأثر العبرة الكبرى التي تعطيها للعالم. و هي تعترف بك و تعتبرك واحدا من أبنائها (بالمشاركة بالأفكار على الأقل) و أنت الرجل الذي مارس ، بدون تفاخر و بإلهـام أولي ، شعارها السامي :" الواحد للكلّ".


بهذا الشعور ، أيها الأمير الشهير، يجد محفل هنري الرابع ، و هو مجموعة صغيرة من العائلة الماسونية الكبرى، من واجبه أن يوجه لكم هذا التعبير البسيط إنما الصادق عن عميق مودَّته، و أن يقدم كعربون احترام حليته الرمزية .هذه الحلية التي لا قيمة لها إلا بدلالات رموزها : الكوس ،و المسواة ، و الفرجار ؛ و العدالة ، و المساواة ، و الأخوة ؛ لكنهاحلية تلتمع على صدور مخلصة للإنسانية و تستهيم حبا بأمثالها. و بهذه الصفة نقدمها لكم، و إذا تكرمتم بقبولها، و عندما ستلقون نظرة عليها، ستقولون في أنفسكم: إن هناك بعيدا في الغرب قلوبا تخفق في توافق مع قلبكم، و رجالا يبحلون اسمكم، و أخوة يحبونكم كواحد منهم؛ و سيكونون فخورين إن أتاحت لهم روابط أكثر وثوقا ليعتبروكم في عداد المؤيدين لمؤسستهم))[شرق باريس ، في 16/10/1860م]


و بما أننا نعلم بوجود دعوات عديدة وُجهت إلى الأمير، فمن المهم أن نتساءل لماذا لم يجب إلا على هذه (هذا إذا لم تكتشف رسائل جديدة في الملفات).


إن قِسما من الجواب موجود تماما في هذه الرسالة.


فأولاً هناك دعوة واضحة : إنها تقترح على الأمير أن يغدو في آن واحد ابنا لهذه الماسونية التي تقول الرسالة إنها أم جميع ذوي الإرادة الطيِّبة الذين يمارسون الأخوة، و أخاً لمجموعة الماسونيين الأحرار الذين يقولون عن أنفسهم إنهم "أبناء الأرملة" ، و علاقة أب ـ أخ تستتر كثيرا في أخوية يقتل أعضاؤها" رمزيا" المعلم المؤسس حيرام في طقوس و درجة إكمال [ يعتقد أن حيرام إيبور المستشار اليهودي لهيرودوس أغريبا ملك فلسطين هو المؤسس الأول للماسونية في العام 41م و سميت في حينه " القوة الخفية" . و كان حيرام قد فقد أباه و هو طفل فأطلق عليه اسم " ابن الأرملة" و لذلك يسمى الماسونية أنفسهم، و هم أخوته "أبناء الأرملة" و قد ذهب حيرام إلى صور ليفتش عن عمه حيث قتل أو مات و نهشت جثته الطيور الكواسر، و في مطلع القرن العشرين حضر أحد الماسونيين الأمريكان و هو "درايم ريغر" إلى صور، و فتش لمدة سنة إلى أن اهتدى إلى المكان الذي مات فيه فنصب له قبرا و عليه شعار الماسونية، و كان يؤمه الماسونيون للزيارة ]


يتعلق الأمر هنا بنداء مضاعف باتجاه العقل الباطن للأمير الذي اهتم بعد إخفاقه السياسي في البحث الصوفي (لكن هل عرف عنه ذلك في ـ تلك الفترة ؟ ، و هل كان الماسونيون يعرفون ذلك عنه ؟ هذا ما يُشك به) . فالماسونيون الأحرار يقترحون إذاً في آن واحد الاندماج الارتدادي، و التجربة الأخوية، إنما الاستيهامية إذ الأمر ليس في هذا الوارد دون عقدة اندساس.


أعتقد أن الأمير قد تحسَّس بهذه الدعوة ، إذ لا يمكنه إلا أن يبتسم للصورة الثلاثية التي يقترحها الماسونيون للإسلام : فقراءتهم مناقضة لقراءته، فالماسونيون يفكِّرون بالقوة المقاتلة( عمر صورة الأمير المقاتل التي ستتكرر في كل هذه القضية) و بالعلم (ابن رشد ، و تذاكراتهم عن تقدُّم العرب في هذا المضمار) ، و الفلسفة (الفارابي) ، و الواقع حتى في هذا الحال فإن المير لا يفكر إلا بالمعرفة الروحية، و بالشجاعة، و بالحسيَّة؛ كما ستلاحظ في إجاباته الخاصة فيما بعد ، و هذا ما سيطرح مشاكل في الترجمة أمام الأخوة...


نمتلك على الأقل رسالة أخرى موجهة إلى الأمير تؤكد فرضيتي، و هي تبدو عند القراءة الأولـى و كأنها تمثل الصورة الفرنسية ذاتها لعبد القادر حامي ضحايا التعصب ، و هي رسالة محفل " الصداقة المخاصة" ، و موقَّعة من قبل مورا MURAT ، الذي تذكَّر أنه أحد رؤساء الماسونية عبر O.P.A النابوليونية و الشغوف بالدراسات المصرية.

[لمجد مهندس الكون الأعظم.


محفل القديس يوحنا المعروف بمحفل " الصداقة المخلصة" و الموضوع إشراف شرق فرنسة الكبير.


إلى الأمير عبد القادر، نسأل الله له الحفظ و الرشاد‍!


نحن جمعية الماسونيين الأحرار نردِّد معك : لا إله إلا الله.


و ليس لنا إلا مبدأ واحد : هو المجد لله مهندس الكون الأعظم ‍‍!


و الحب الأخوي لجميع أبناء البشر أبناء الله الأب الواحد،


الواثقون بالعدالة الإلهية الضامنة لخلود الروح.


نوجِّه لك أيها الأمير الورع هذه البادرة الودية لموقفك البطولي و النبيل وسط التعصب الرهيب الذي كسا بالحداد سورية بكاملها.


فليبارك الله، أيها الأمير الحكيم الباسل في هذا السلوك الديني المستوحى من عاطفة الأخوة الإنسانية أكثر منه من تسامح بسيط.


ألـم يتوقع الله، و الذي لم يخلق كائنين متمماثلين تمام التماثل حتى و لا ورقتي عشب أو حبتي رمل، طرقا مختلفة لفهمه و عبادته ؟


و ما اهمية هذه الفروق إذا كنا جميعً ننضوي تحت فكرة عدم إمكان خدمة الله بشكل حقيقي إلا بالعمل في محبة ليستنير و يساعد بعضنا بعضا الأخر. إن الله هو الأب السامي : أوليس السلام ، و الاتحاد ، و سعادة جميع أبنائه المتماعين بالعقل و الحرية ، مجده الأعظم ؟


على هذا الأساس ، نحن جمعية الماسونيين الأحرار المنتشرين في كل أرجاء الأرض ، بعدد ما يزال قليلا في الواقع ، سنكون معك دائما، دعاة الأخوة الإنسانية و المدافعين عن حرية المعتقد ، و كذلك عن استقلال الشعوب التي نحترم حقوق الجميع.


إليك إذًا أيها المير الورع تحية الأخوة بالله ، أبينا المشترك، و ليحقق الله السعادة لعائلته و الإزدهار لك في جميع مشاريعك الحقَّة]



هذه الرسالة في الواقع ، تختلف كليا عن السابقة، فهي أكثر تفيّدا بالشكل المسيحي منها بالشكل الإسلامي، بالرغم من أ، هذا المحفل يضم في عضويته سفير الشاه و عددا من الشخصيات الفارسية المسلمة . و بينما محفل "هنري الرابع" بأن تتطرق رسالته إلى بعض المعارف الثقافية العربية الإسلامية، فإن نصّ هذه الرسالة، فيما عدا الترجمة التقريبية للصيغة الإسلامية المؤكدة لوحدة الله الأحد ، إذ أنها تبدأ بشهادة " لا إله إلا الله " يؤكد على الآب " الأب المشترك" و " مهندس الكون الأعظم" , " الله " ؛ بينما رسالة محفل " هنري الرابع" ، لا تلمح إلى " الله الذب نعبده جميعا" و لكن يمكن أن يكون عبد القادر قد تحسس بصيغة " العرش ... في أعماق كل القلوب" الذي يتناسب مع مفاهيم العرش و الذكر في القلب ، و لكن يمكن أن يكون أيضا قد اهتم بفكرة الواحد و المتعدد الأشكال في الرسالة الثانية.


أراني ، و أنا ما زلت في موضوع اختيار الأمير الرد على رسالة المحفل الأول، مضطرا لوضع فرضية. الواقع أن عبد القادر قد فضَّل مقولة الأم ـ الإخوة ، على مقولة الأب ـ الأخوة ، ليس لأنه مسلم ، و بالتالي فهي رؤية مثالية، و لكن بالأحرى لأنها واقعه المغربي المعاش ، و ليس لديه في الواقع لا شعور مبن بطريقة أوديبية؛ خاصة و أن أباه قد لعب دورا رئيساً في توجيهه : فمحيي الدين حتى في اسمه، و كذلك عبر الطريقة القادرية هو في أساس ميل عبد القادر نحو ابن عربي . فالأب الموجّه و المعلم يحملان كلاهما الاسم ذاته و هو يعني " منعش و مجدد الدين" و الواقع أن الأمير لا يمكن أن يؤمن بالصدفة، لأنه سلك في آمبواز طريق إبراهيم القرآني، و كالصديق الحميم، قد أوضح الانكشاف، فهو لا يأخذ بالرؤيا و لا بالحلم، بحرفيتهما.


و من جهة أخرى فإن أمه ، التي يذكرها دائما في رسائله، بكلمة الوالدة ، وفق المتداول في المنطقة الوهرانية، قد توفيت مؤخرا ، و بذلك تحرّر من أجل مسيرته الأخيرة ، و هكذا ما فتئ بين عامي 1861 و 1865 يسافر بما فيها حجّه إلى الأماكن المقدسة . و قد كانت العقبة الأخيرة أمام تحقيق الأقل من مساراته. و كان يقول فيما بعد لمن يلومه على ترك عائلته : "صحيح أن عائلتي عزيزة عليّ ، لكن الله أعزّ "


(....)


لكن الماسونيين لا يعرفون كل هذا ، و لدينا البرهان في رسالة نشرها ياكونو YACONO في مؤلفه عن الماسونية الجزائرية[ المؤلف : "قرن من الماسونية 1785-1884" غير أن ياكومو قد كتب مقالا عن الأمير الماسوني في مجلة " شرق كبير فرنسة G.O.D.F" (الانسانية humanisme) رقم 57، أيار ـ مايو 1966 : 5-37 اعتبارا من وثائق متوفرة في تلك الفترة ضمن ملفات G.O.D.F.]


فبعد أن ترأس مادول Madaule إقامة محفل " سيدي بلعباس" ، و جب عليه السفر في المنطقة، و في تشرين الثاني ـ نوفمبر 1867 كتب إلى "المشرق الكبير" رسالة فيها بعض الغرابة فقد قال :


(( عدت من جولة قمت بها في القبائل التي تفصلنا عن مراكش، و التي تمارس شعائر إسلامية ، سبق لعبد القادر ممارستها و التي يمكن تسميتها الشعائر الحرة لموريتانيا. إن توجيه البريد إلى فرنسة خلال بضع دقائق يضطرني إلى تأجيل ذكر التفاصيل المثيرة للفضول ، و الواجب تبليغكم إياها حول هذا الاكتشاف الهام.إنني آمل أن أتمكن من توجيه هذه الطاعة الرهبانية الجديدة للخضوع لقوانينكم.


و يضيف " يا كونو" : ((هذه " الطاعة الرهبانية" الجديدة قد لا تكون إى أخوية القادرية المشهورة التي اعتمد عليها عبد القادر . و هكذا بعد سبع و ثلاثين سنة من الاستلاء على مدينة الجزائر، يجهل أحد أقطاب الماسونية ، الصديق للعرب ، و المتكلم بلغتهم على ما يبدوا بوجود الأخويَّات ! من المؤكد أن الوصول إلى الملغمة بين الأشخاص غير المتعارفين يقتضي السير في طريق طويل)).


هذا ما يجعل أيضا هذا الغموض في رسالة محفل " هنري الرابع "، و كذلك في النصوص التي سأعرضها لاحقا أكثر إثارة للذهول. إنها تتناول جميعها هذه التفاهات المبتذلة السائدة في ذلك العصر عن الشرق ، و لكنها في الوقت نفسه تعرض مظاهر إيجابية جدا في تمثيل الماضي و النظر إلى مستقبل ممكن عبر تلميحات إلى " القومية المجيدة ... و شهامة تلك الأرومة التي لم تنتكس و إنما تبدو خامدة ... و يمكن أن تستيقظ لتحقيق إنجازات عظيمة... تتجلّى بالشهامة و التضحية ... عدا ما حوته من أسلاف عظام نقلوا الثقافة إلى أوربة ..." مع ذلك تجدر الإشارة إلى أن هذه الصورة تتوافق عمليًا مع تلك التي سيبرزها بعد عدة سنوات باعثو النهضة العربية في باريس كما في أمكنة أخرى، من جمال الدين الأفغاني إلى الكواكبي و حتى فيما بعد إلى حزب " البعث" و الواقع أننا نعرف ، منذ أطروحة "تييري زركون " ، و أبحاث " فنسان كوش" ، أن أحد عوامل تلك الايديولوجية الجديدة يعود ، جزئيا إلى المحافل الماسونية ؛ إذ يوجد هنا تلاحق مدهش إلا إذا كان هناك خدعة أو إخراج آخر في تاريخ ليس له ، دون شك، ذات المعنى، بالنسبة للصوفيين و للمؤرخين. لكن يجب ألا ينسينا هذا غموض مسعى عبد القادر كما سأبينه في اللامنطق الذي يرتكبه الماسونيون في تفسيرهم؛ إضافة إلى أنه لا يمكن من شرح المظاهر السلبية كليا، التي ينشرونها في الوقت ذاته عن صورة الشرق. و إذا استثنينا ملاحظة سأقدِّمها لاحقا عن تسامح الإسلام لدى " مادول " ـ هذا القطب الذي سيلعب دورا كبيرا في نشر الماسونية في الجزائر ـ يبدو واضحا عبر جميع هذه النصوص أن الخطاب الماسوني يرتكز بشكل مطلق على مفهوم ذلك العصر أي نظرة الغرب إلى الإسلام من " كينه" Quinet إلـى " رنان" Renan ، مرورا بـ"سيلفتسر دي ساسي" De sacy ؛ و هو مفهمو ليس مستقلا أبدا ، و يقابل " الجهل " و " الجريمة" و " التعصب" و " البربرية" " بمشعل الحقيقة" و هكذا فما من جديد تحت الشمس.


لا يُستثنى "الماسونيون الأحرار" من القاعدة و هم يعيدون هذا الخطاب بعينه حتى عندما يتعلق الأمر بنغم يضيفونه للإشادة ببطلهم الجديد. و لأبين ذلك اخترت فيما يلي سردا تعظيميا لأحداث دمشق ، مجرَّدة من سياقها، لأعطاء عبد القادر مجددا مكانا متميِّزا في التصور الشعبي، بينما السلطات الفرنسية ما تزال حذرة منه كما يبيِّن السرد التاريخي للوقائع.


(مميز التـعظيم المَـاسوني)


إنه متضمن في نشرة خاصة صادرة عن " شرق فرنسة الكبير" G.O.D.F (تحت رقم 293، العام 1865، ص42) ، و هو مكرر فيما بعد من قبل جميع المؤلفين اللاحقين ؛ من هذه الوثيقة أنطلق إذا ، مع تصحيح بعض الأخطاء و خاصة تلك التي تعود إلى الترجمة عن رسائل أصلية.


(( - توقفوا ، فما زال أمامكم الوقت، و إذا لم تستمعوا إليّ فهذا يعني أن الله لم يمنحكم العقل و ما أنتم إلا بهائم لا تتحرك إلا عند مرأى العشب و الماء. صرخ المتجمهرون بغيظ كصرخة الرومان سابقا في الحلبات : المسيحيون ‍ ‍! المسيحيون! سلمنا المسيحيين ، الكفرة ، و إلا سنشملك بالعقوبة ذاتها و نلحقك بأخوتك.


- أجاب عبد القادر و عيناه تبرقان بالشرر : لن تصلوا إلى المسيحيين مادام واحد من جنودي البواسل على قيد الحياة. إنهم في حماي، يا قتلة النساء و الأطفال ! و أبناء المعصية . جربوا إذًا أن تنتزعوا واحداً من هؤلاء المسيحيين الذين ألجأتهم إليّ و أعدكم بأنكم سترون يومًا رهيبا، لأنكم ستتعلمون كيف يتقن جنود عبد القادر استعمال البارود.


- ثم التفت نحو مرافقه الأمين "قره محمد" ، قائلاً :


- قرة ، إليّ بحصاني و سلاحي ، و أنتم يا رفاقي المغاربة ، فلتبتهج قلوبكم، و الله على ما أقول شهيد ، سنقاتل من أجل قضية بمثل قدسية القضية التي قاتلنا من أجلها سوية في السابق.


صرخة الحرب هذه كانت نهاية الصراع، و ستبقى منقوشة في ذاكرة كل مُعترف بالجميل في العالم المتمدِّن، فقد أحدثت لدى الجميع رجَّة انفعال حقيقية ، لأنها كشفت ، وحدها فقط ، عن قدرة العواطف الماسونية التي تعمر روح أخينا الشهير.


نعم ! كان ماسونيا مجيدا هذا الذي يسمي ، دون تمييز بين الأجناس و الأديان ، جميع البشر أخوته، و كتن مستعدا بذل دمه من أجلهم.))




هذا النص سيستخدم أساسا لجميع النصوص عن هذا الحدث لأكثر من مئة سنة : ففي عددنا الأخير ( ز هو يعود إلى مقال في مجلة العالم الماسوني ، العام 1865 ، ص228) و بخصوص فكاهة أطلقتها صحيفة فرنسة La gazette de France ذكرنا أن الأخ عبد القادر قد انتسب في الاسكندرية(مصر) إلى " محفل هنري الرابع" شرق باريس. إنما "محفل الأهرام" تمّ انتسابه بتاريخ 18 حيزران ـ جوان 1864. لكن ما جهلته أو تظاهرت بجهله صحيفة فرنسة، التي تتهمنا بأننا أعداء المذهب الكاثوليكي ، رغم احترامنا الأديان و المذاهب ، هو أن الأمير الشهير ، المتشيّع المتحمس للقرآن، كما وصفته الصحيفة ، قد قُبل في الماسونية عقب تصرفه الرائع خلال مذابح سورية حيث أنقذ اثني عشر ألف و خمسمئة مسيحي من أيدي المتعصبين؛ و أن مؤسستنا لم تحرص على اعتباره من أتباعها إلا لأنه ظهر وسط هذه المشاهد من المجازر و الدماء ، و هو من سلالة الرسول صلى الله عليه و سلم ، ليس كممثل متزمت لشيعة و إنما كنصير لمبادئ الأخلاق المستقلة عن كل فكرة فوق الطبيعة ، و هذا ما هو ، بالاستباق عمل ماسوني رئيس.


نتذكر أيضا القدرة التي أبداها عبد القادر أمام هذه الجمهور الهائج في [أحداث دمشق ] ، و كيف نقلت المجلات الماسونية تلك المواقف و كررتها عبر سردٍ تعظيمي في مجلاتها كلمة كلمة في نحو عشر مقالات ظهرت ، و عبر الصورة التي يرسمها الماسونيون للأمير ، و عبر المهمة التي سيقترحها الفرنسيون و الماسونيون عليه حيث سينتهزون بادرة عبد القادر لنشر مبادئهم .


و هذه كلمة قالها خطيب " محفل هنري الرابع " : (( و قد تأثرت الماسونية بدورها أمام هذا التصرف الذي يتماشى مع مبادئها و هدف إنشائها فقرَّر "محفل هنري الرابع" ، إلى جانب آخرين ، أن يوجِّه رسالة تهنئة إلى الأمير مع حلية كرمز تقدير))



[و لم يتأخر جواب الأمير أبداً و كان يحوي طلبًا صريحاً بالمسارَّة [الانضمام] .و أدرك " محفل هنري الرابع" أهمية هذه المسارّة لمستقبل الماسونية في الشرق، فاستقبل الطلب بمبادرة عاجلة ، و اهتم مباشرة بالسعي إلى تأمين وسائل تحقيقه. و كتبت رسالة أخرى إلى الأمير لاطلاعه على شروط المسارّة ، و على الأسئلة التي يجب عليها. و قد أجاب بالطريقة الأكثر صراحة و وضوحا، بشكل أرضى " المحفل " الذي كلَّف الأخ فنيز Vennez و هو آنذاك المحترم صاحب " الرتبة الأولى " فيه أن يتفاهم مع " المشرق الأكبر " في فرنسة حول الطريقة التي يمكن إجراء هذه المسارّة فيها نظرا للعقبة الكبرى الناتجة عن غياب العضو المُستقبَل.


و رغب صاحب السمو الأمير "لوسيان مورا" أن يحقق للمـاسونية هذا الكسب المجيد فأعلن استعداده بكل طيبة خاطر لإجراء كل التسهيلات الممكنة لتحقيقه..]



و عند رفع المرشال " مانيان" Magnan إلى رتبة " الأستاذية الكبرى" ، أراد المحفل متابعة مشروعه لضم الأمير عبد القادر إلى الماسونية ، مع أن " محفل أهرمات مصر " بالاسكندرية لم يقطع اتصاله بعبد القادر بتشجيع من " محفل هنري الرابع" و تابع المساعي مع الأمير الموجود آنذاك في مكة أو المدينة .


(مميز و في جوان 1864 تم رسميا إجراء المسارّة مع الأمير و تنسيبه في الدرجة الأولى من محفل "أهرامات مصر".)




قال (مميز " نيكولو " Nicoullau خطيب محفل "الأهرامات" ) ، شرق الاسكندرية (مصر) معبرا عن بهجته بانضمام الأمير عبد القادر : [إن أعجوبة الأخوة التي تمت اليوم يجب أن تعطي ثمارها ! (مميز فالسيف الماسوني الذي عهدنا به إلى يدي أخينا الحبيب عبد القادر لن يكون أقل بريقا من سيف المحارب) ؛ و يبدو لي أنني على ضوء نجمنا، و خلف شمسنا، نهارا جديدا يبزغ من أجل الشرق].


و أقيمت أيضا احتفالات متنوعة بمسارّة عبد القادر في الاسكندرية و باريس ، و هذا مقطع من كلام خطيب " محفل هنري الرابع " بباريس حيث قال : [ باعطائنا لمسارّة الأخ عبد القادر مثل هذا الدويّ ، يجب أن نعلن هنا ، قبل كل شيء ، أننا لا نمجد أبدا الأمير وحده ، أيا كانت فضائله و استحقاقاته التي يسرنا جميعا الاعتراف بها؛ فنحن كثيروا التشرب لمبدأ الماسونية الكبير الكافي الشافي ... و الماسونية ، و هي تجمُّعُ رجال أحرار مستقيمين ، أصدقاء للفضيلة و الإنسانية ، تؤكد استحقاق الرجال بحيث تريد جيدا دعوتهم للمساهمة في عملها بمنحهم المسارّة..


ما رأيناه في المسارّة التي كرّسناها اليوم بعد أن تابعنا طويلا اكتمالها ، هو انغراز الماسونية في مهد الجهل و التعصب ، إنه علَم التسامح يسلّم لأيد محترمة ، و يُعهد به إلى ذراع أثبتت جدارتها، و رفعته ، و الأمنية الأثيرة لدينا أن يرفع فوق أعلى مـآذن المساجد مقابل راية الرسول.


يعتبر الأمير الماسوني ، بالنسبة لنا الإسفين المنغرز في صخرة البربرية ، إنه الفأس الموضوعة على جذر شجرة سم الجهل ذات الثمار المميتة، و الموجّهة لاقتلاعها في زمن قريب. و يمكن تقدير نتائج هذه المسارّة عندما نسمع إجابات الأمير على الأسئلة التي وجّهت إليه من قبلنا عن هذا الموضوع من جهة ..


و إذا كنا قد تحدثنا عن الطاقة التي تميز الأمير ، و التي نعتمد عليها لنجاح مهمتنا التي غدت من الآن فصاعدا مهمته ، فلأننا نعلم كم ستكون هذه الطاقة ضرورية أمام المقاومات التي لن تتأخر في إبدائها المعتقدات الباطلة المستندة إلى تقاليد بربرية...و سنعمل من أجل مساعدته على تامين مراسلات منتظمة و مستمرة معه، نطلعه خلالها على أعمالنا ، و بقدر الإمكان على سير الماسونية في العالم و إذا تلطف " مهندس الكون الأعظم بدعم جهوده و جهودنا ، فسنرى أخيرا الشرق ينفض أكفانه ، و يخرج كما " ألـيعازر " من قبره ، و يولد من جديد مليئا بالحيوية من أجل الحياة الأخلاقية و الحضارة . هو ذا السبب ، أيها الأخوة الزائرون الأعزاء ، هو ذا لماذا وجد محفل " هنري الرابع " ، أن من واجبه الاحتفال بهذه المـسارّة كحدث واعد بمستقبل زاهر للماسونية...]] انتهى النقل



قلت : مع العلم أن " المعلم الأكبر الأقليمي " للماسـونية كان يُعارض قبول المسلمين !!!


هذا ما وصلت إليه يدي من وثائق في هذه العجالة ، و سأتناول هذا الموضوع في المرة القادمة ـ إن شاء الله تعالى ـ بتفصيل أخرى دونَّها من بحثوا في الموضوع و اهتموا به ؛ تجلي حقيقة تاريخ الأمير عبد القادر و ماسونيته المستورة !


و لا يغيب عنا دوره في جمع كتب شيخ الإسلام ابن تيمية و طلبته بالأثمان الغالية ، و تجميعها ثم حرقها في دمشق بمؤازة كل من يهمه إتلاف تراث أهل السنة و الجماعة ! و هذا الفعل قد اشتهر عنه عند علماء الشام السلفيين ، و عنهم ذكره الشيخ الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ في أحد مجالسه !



و الله أعلم ، و صلى الله على محمد و آله و صحبه و سلم


(شعر كتبه


أبوعبدالله همَّام بن محمد الجزائري


ـعفا الله تعالى عنه بمنه و كرمه ـ


الجزائر : الأحد 28صفر 1425هـ)
 
شكرا لك اختي @الورد الأحمر على مشاركتك ...
وأشكرك أخي @حلم كبير على مشاركتك ...
والآن بعدما تناقضت كل المواضيع .. والله اختلطت عليا المفاهيم .. ان شككنا في مجاهدينا وفي تاريخنا من ذا الذي اخرج الغاشم اذا ؟؟؟ بعد حول الله وقدرته ..
قرأت من رد عن الامير عبد القادر .. اعتقد انه صوفي التوجه .. لكن ما لم استعبه انه ماسوني !! والله لشيء محير
ومن اين هذه الادلة التي يأتون بها ؟؟ هل هيا سياسة في التشكيك في تاريخنا العظيم وفي أبطالنا ؟ وهل هيا ألاعيب كا العادة لعبتها فرنسا وأعوانها لدحض هذا التاريخ في الغابرين ؟؟؟
والله لحد الساعة انا محتار ...
شككو في صالي الحاج .. وشككو في الثورة التحريرية .. وشككو في صناع القرار ... وقالو بانهم لا اصل لهم ولا فصل
لكن باي حق تنسج الحقيقة وانت لا تعلم ما هيتها
وان كان كذلك ... فسنشكك في التاريخ الجزائري كله ...
:(
 
السلام عليك
على ما أعتقد هما لي صنعوا الثورة و جابو الحق
كلام فارغ لا محل له من الاعراب
هل عاشو فترة الامير ؟ هل عاشو فترة مصالي الحاج ؟
من هم حتى يشككو في دينهم وفي وطنيتهم
أتمنى أن أرى انجازاتهم على ارض الواقع تساوي انجاز واحد مما انجزه الامير أو غيره
ليس غريب على هذا المجتمع دائما الأول في مثل هذه الأمور
 
يعني كل الابطال ذهبت مهب الريح
:(
أين هم الرجال إذا ؟؟ اصبحو المخنثين يسدوا ويجولو في أقطار البلاد ؟؟
أين من صنعو التاريخ وكانت اسماؤهم ساطعة مثل النجوم
حالنا اليوم ليس بحال ذلك العصر الذهبي
اللهم أنصرنا نصرا عزيزا ووحد صفوفنا ووحد كلمتنا على الحق وأهدنا الى صراطك المستقيم
هذا واش نقدر نقول
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top