۩ سلسلة العـلم و أثره في تزكية الـنُّـفوس 1 ۩( الزكاة بيد الله فعلينا اللجوء إليه)

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,283
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد
فإنه عندما يقف المسلم على موضوع التزكية و جوانبِ هذا الموضوع الفسيحَة المباركة في ضوء الآيات والأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فإنّه يقف فيهما على قواعد متينة و تأصيلات جامعة و معالم بينة تُضيء للمرء طريقه في عمله على تزكِية نفسه.
و أعظم معدن و قاعدة في هذا الباب العظيم المبارك أنّ التزكية مِنّة إلاهية و هِبَة ربانية و الله عزّ و جل هو الذي بيده الأمر يزكِّي من يشاء ، قال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ) و قال الله تعالى : ( وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ) و قال الله تعالى : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ )و يقول الله تعالى : (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )و الآيات في هذا المعنى كثيرة .

و لقد كان الصحابة رضي الله عنهم و أرضاهم يقولون في رجَزِهم :
والله لولا الله ما اهتدينا ... و لا صُمنا و لا صَلينا

أي أنّ المِنّة في ذلك كله لله وحده ، فهو المنَان و المتفضل ، و هو جلّ و علا الهادي من يشاء إلى صِراط مستقيم ( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ) .

و قد كان نبينا صلوات الله و سلامه عليه يغرسُ هذا الأمر في نفوسِ الصحابة و يؤكد عليه تأكيدا متكررا فكان يقول في خطبة الجمعة مُستهلا لها بحمد الله يقول : ( إنّ الحمد لله نحمده و نستعينه و نستهديه ( أي نطلب منه الهدية )و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أنّ لا اله إلّا الله وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله )صلى الله و سلم عليه .

و هي تُعرف بخطبة الحاجة ، جمعت قواعد الدين و ثوابِت الشريعة ، و أُصول الشّرائع جـمعًا عديدا ، و لها تأثير بالغ في من يكرمه الله سبحانه و تعالى بفهم مضامينها و معرفة دلالاتها و لقد كانت هذه الخطبة سببًا بِمَنّ الله سبحانه و تعالى و فضله لهداية قوم بأكملهم لدين الإسلام .
 

في قصة عجيبة خرّجها الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه و هي قصة إسلام الإمام الأزدي رضي الله عنه ، و ذلك أنّ إماما كان في جاهليته راقيا يشتغل برقية الناس و من كان منهم مصابا بمس أو جنون أو نحو ذلك و كان مُشتهرا بالرّقية ، يقول قدمت مكة فكُـنت كلما مررت بطريق في مكة سمعت إنّ محمدا مجنون ، كلما سرت في الطريق سمعت إنّ محمدا مجنون فقلت : إنَّي رجل راقٍ و إنَّ الله شَفى على يدي من شاء من عباده لـئِن لقيت هذا الرجل لأرْقِينَه لعل الله يشفيه على يدي ، يقول ثم إنَّـني لقيت محمدا أي النبي عليه الصلاة و السلام فقلت له : إنَّـني رجل راقٍ و إنّ الله شفى على يدي من شاء فهل لك بذلك ؟ تحب أنْ أرقيك ؟ يخاطب بذلك النبي عليه الصلاة و السلام بسبب الدعاية الآثنة الكبيرة الواسعة التي تُحاك حوله ، فقال هل لك بذلك ؟ يقول فقال النبي عليه الصلاة و السلام : ( إنّ الحمد لله نحمده ، ونستعينه و نستغفره و نتوب إليه ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أنّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله )، قال فقلت له : أعِـد علي كلامك هذا ،( أعجبني كلامك و أثّـر فِـي)، قال قلت له : أعد علي كلامك هذا فأعاده النبي عليه الصلاة و السلام .
قال الإمام فقلت له : لقد سمعت كلام السّحرة و الكهنة و ما هذا من كلامهم ، و سمعت كلام المجانين و ما هذا من كلامهم ، سمعت كلام الشعراء ما هذا من كلامهم ، و والله إنّ كلامك هذا قد بلغ – قاموس البحر –أعظم بحر، يعني كلمتك دخلت في الصميم ، أعطني يدك أبايعك على الإسلام .

فقال له النبي عليه الصلاة و السلام : عنك و عن قومك ؟ قال: عـنّي و عن قومي لأنّه كان رئيس و سيد قومه، قال: عني و عن قومي، فكانت هذه الخطبة سببا لدخوله رضي الله عنه و قومه في هذا الدين العظيم المبارك .

و هي قائمة على ذِكر أصُول عظيمة و قواعد متينة من تدبّرها و أحسن تأملها نفعه الله سبحانه و تعالى بها نفعا عظيما ، و لها في موضوعنا هذا دلالات و هدايات ، في جوانب عديدة منها ، جديرة بأن تُتأمل و تًـتَدبر ، كقوله مثلا في هذه الخطبة : ( و نستهديه )و قوله : (و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ) و قوله : ( من يهده الله فلا مضل له )و غيرها من ألفاظ هذه الخطبة العظيمة المباركة ، و الشّاهد أنّ الهداية و التزكية مِنّة إلاهية .

فالرّب العظيم هو الهادي وهو سبحانه و تعالى الّـذي يزكي من يشاء و هو الموفق لا شريك له جل و علا .
 
أعظم معدن و قاعدة في هذا الباب العظيم المبارك أنّ التزكية مِنّة إلاهية و هِبَة ربانية و الله عزّ و جل هو الذي بيده الأمر يزكِّي من يشاء ، قال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ) و قال الله تعالى : ( وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ) و قال الله تعالى : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ )و يقول الله تعالى : (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )و الآيات في هذا المعنى كثيرة .
 
13620.imgcache.gif
 
لقد كان الصحابة رضي الله عنهم و أرضاهم يقولون في رجَزِهم :
والله لولا الله ما اهتدينا ... و لا صُمنا و لا صَلينا

أي أنّ المِنّة في ذلك كله لله وحده ، فهو المنَان و المتفضل ، و هو جلّ و علا الهادي من يشاء إلى صِراط مستقيم ( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ) .
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top