ضحايا ام جناة

طيب الكلام

:: عضو مثابر ::
ضحايا أم جناة؟

بعض آيات القرآن نزلت لِتعالجَ مواقف محددة؛ لتكون طرق المعالجة القرآنية نبراسًا لمن يكررون نفس الخطأ أو ما شابهه، ولعل أبرز هذه الآيات هي تلك الآيات التي نزلت في أعقاب غزوتي أُحُد وحنين، واللتان حملتا في ثناياهما فرارَ المسلمين وهزيمةً جزئية، والقرآن عندما تكلم عن إخفاق المسلمين في أُحُد وحُنين لم يحكِ أنهم اضطروا للهزيمة، وأن الظروف الخارجية كانت أقوى منهم، ولكن أعلن صراحة أن إخفاق أُحُد بسبب انحراف سلوكي، وأن إخفاق حُنين بسبب انحراف قلبي "التعلق بالعدة والعتاد ونسيان الله".

البعض يتخيل أن القرآن نزل في أعقاب هاتين الغزوتين فقط يواسي المؤمنين، ويشد من أزرهم - كان هذا بالفعل - لكنه - أيضًا - نزل يبيِّن أسبابَ الخلل؛ لكي لا تتكرر، وكان لا بد من وضع الأمور في نصابها؛ حتى يتحمَّل كلٌّ مسؤوليَّتَه.


إننا كمسلمين بُلينا بداءٍ شديد يتلخَّص في إلقائنا اللومَ والعتاب على كل الظروف وكل الأشخاص – ما عدا أنفسنا - كلنا يبرِّرُ لنفسه تقصيرَه وارتكابه للأخطاء بحجج واهية، مثل: الظروف المحيطة، أو شيوع الخطأ، أو قوة الباطل، أو غير ذلك مما تُسوِّغُه النفس بمعاونة الشيطان؛ لتلفت أنظارَنا عن المتَّهم الحقيقي الذي يرتكب ويخطئ.

إننا نحن المتهمون الحقيقيون، نحن من نقصِّر ونحن من يُخطئ، وإنما كل ما سلف ذكره هو مجرد عوائق، لكنها لا تقف في وجه مريد، أو مجرد مغريات لا تخدعُ منتبهًا لها.

والقرآن أثبت هذا: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾ [الشورى: 30] فيجب علينا عند تفحُّص الواقع وتحليله ألا نُرجع كلَّ شيء إلى الجهات الخارجية، وننسى أنفسنا وتقصيرها وخللها.

والقرآن - أيضًا - يؤكِّد: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ﴾ [فصلت: 46]، فأنت الفاعل لا غيرك، وأنت المجزي غدًا لا غيرك.

إننا نفضل أن نتقمَّص دور الضحية في مسلسل المظلومية، الذي ارتضيناه نموذجًا لحياتنا، ونحاول إقناع أنفسنا أننا ضحايا قوة الباطل أو انتشار المعاصي.

والحقيقة المزعجة أننا نعرف أننا لسنا ضحايا ولكننا جناة! فنحن نرتكب الجناية متقمِّصين زيَّ الضحية، وهذا ما يجعلنا الجناة والمجني عليهم في الوقت ذاته، فنضيع أنفسنا في الدنيا، ونُحاسب على ما ارتكبناه في الآخرة.

فحال أمتنا الذي لا يُرضي أحدًا لِمَا وصل له من الضعف والتبعية، وحالنا كأفراد وما وصل له من تعاسة وضنك، وحال مجتمعاتنا وما استشرى فيها من أدواء، كل هذا هو نتاج أفعالنا السيئة، التي مازلنا عاكفين على ارتكابها.

إننا بحاجة إلى كسر لهجة المظلومية التي نتستَّر خلفها، ونبرِّر بها أيَّ فشل أو إخفاق؛ لكي نتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقنا.
 
توقيع طيب الكلام
3dlat.net_14_15_d6fe_1-3.gif
 
توقيع ربي اغفرلي
موضوع مهم بارك الله فيك
تناولت لب المشكلة التي تعاني منها الأمة وهي السبب في بقائنا على هذا الحال وسنبقى هكذا اذا لم نفهم ما ذكر في موضوعك
لو قام كل منا بتأدية دوره بدون النظر الى الاخرين لتحسنت حالنا بكثير
 
بارك الله فيك اخي مروة
اعجبني موضوعك حقا حبيبتي
في ميزان حسناتك ان شاء الله
 
توقيع ❤️كلي أمل❤️
و في هذا عبرة و حجة داحجة على كل الخوارج الذين يعلقون ذلنا و هواننا بالحكام ويتناسون تكبرا و عنادا قول الله عز و جل : إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ[الرعد:11]
مثلا
الغلاء في المعيشة نتيجة كونية دينية عقدية ، فمتى ما منع الأغنياء حق الله عليهم في أموالهم .. و دليله موجود صريحا في سنة النبي صلى الله عليه و سلم ..

و جزاكم الله عنا خير الجزاء
 
موضوع مهم بارك الله فيك
تناولت لب المشكلة التي تعاني منها الأمة وهي السبب في بقائنا على هذا الحال وسنبقى هكذا اذا لم نفهم ما ذكر في موضوعك
لو قام كل منا بتأدية دوره بدون النظر الى الاخرين لتحسنت حالنا بكثير
مشكور اخي على مرورك الكريم
ربي يصلح احوالنا و احوال الامة الاسلامية
 
توقيع طيب الكلام
توقيع طيب الكلام
توقيع طيب الكلام
و في هذا عبرة و حجة داحجة على كل الخوارج الذين يعلقون ذلنا و هواننا بالحكام ويتناسون تكبرا و عنادا قول الله عز و جل : إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ[الرعد:11]
مثلا
الغلاء في المعيشة نتيجة كونية دينية عقدية ، فمتى ما منع الأغنياء حق الله عليهم في أموالهم .. و دليله موجود صريحا في سنة النبي صلى الله عليه و سلم ..

و جزاكم الله عنا خير الجزاء
فعلا اخي واقعنا اليوم اصبح مزري بكل معنى الكلمة
بارك الله فيك اخي
 
توقيع طيب الكلام
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom