الجزء 3 - كن مستقلا عن الوسط الخارجي

irised7

:: عضو منتسِب ::
إنضم
30 ديسمبر 2017
المشاركات
20
نقاط التفاعل
43
النقاط
8
محل الإقامة
الجزائر العاصمة
الجنس
ذكر
رابط الجزء 2 :
https://www.4algeria.com/forum/t/473427/

شيء ما بداخله يحدثه بالخروج من هذه القوقعة , بالعودة إلى ما يجب أن يكون عليه , فهو في باطنه نسر , رغم اكتسابه لعادات الدجاج , فطرته كانت محفورة بداخله , قرر بثبات أن لا يعود إلى "ذاته الدجاجية" حتى يستعيد "ذاته النسرية" و لو بقي بلا ذات دهرا , فلن يعود إلى ضعفه حتى يجد قوته

أرهقه التفكير في هذا الموضوع و ضاقت به الحياة ، كان متعطشا ، طموحا ، ذا رغبة قوية في تغيير نفسه لكنه لم يجد طرف الخيط ، شجع نفسه بأن البداية هي أصعب شيء ، لكن بمجرد أن يبدأ سيسهل كل شيء ، هكذا كان ظنه .

خطر بباله أن يذهب إلى قمة الجبل خلسة ، و يرى كيف يعيش النسور علّه يسترجع ذاته بمجرد التعرف على نمط حياتهم ، كان قرارا صعبا جدا لأنه لم يغادر قط سفح ذلك الجبل ، و لا يعرف إن كان الطريق آمنا أم محفوفا بالمخاطر .

ذات صباح ، و قبل نهوض الديكة و الدجاج ، تشجع على بداية السير نحو قمة الجبل ، كان يمشي خائفا بين الأشجار ، و يلتفت هنا و هناك ، قلبه متسارع ، و جسده يرتعد من الخوف و التردد ، و كلما سمع صوتا أو أحس بشيء يتحرك في العشب ، توقف و همّ بالرجوع ، لكنه سرعان ما يتشجع و يواصل المسير ، في الأصل كل الحيوانات تراه نسرا لذلك فإنها تهابه ، هي تجهل ما بداخله من عيب ، لكن ذا العيب يحس و كأن الجميع مطلع على عيبه ، فيرتبك و يشعر بالخوف .

وصل أخيرا إلى القمة ، بدأت أصوات النسور تصل مسامعه ، و أصوات الفراخ و هي تصرخ طالبة الأكل ، شعر لوهلة أنه انفصم عن جسده ، و اقشعر بدنه ، لكن كلما اقترب أحس بالراحة و الاطمئنان ، و كأن فطرته النسرية نطقت بداخله تحييه ، و تثبته على الطريق الذي اختاره .
اختبأ وسط الأشجار و أخذ يتأمل في هذا المجتمع الذي يختلف تماما عن الذي عاش فيه ، قوة و هيبة ، نظرات ثاقبة مليئة بالثقة و العزم ، و حنان على الفراخ و حرص على تلقينها ما تتطلبه من مبادئ لتحمل راية هذا العرق جيلا بعد جيل .

إختلاف كل التفاصيل التي عاشها عما يراه الآن قد عقد الأمور في وجهه ، رآى نفسه بعيدا بعد المشرق عن المغرب ، هو ضعيف و هم أقوياء ، هم ذوو هيبة و هو ذليل ، هم يطيرون و هو لا يطير ، هم يهاجمون و هو أصلا لا يدافع بل يختبؤ ، إنقبض قلبه كلما لاحظ اختلافا ، و اغرورقت عيناه بالدمع حسرة على عقله الضعيف و قلبه الخائف ، و جناحاه الملتحِمان في جسده لا ينفعان لشيء و لا يحلقان به في السماء . ضاق صدره و لم يتحمل البقاء ، انصرف مهرولا و هو يبكي بحرقة على عجزه و شعر بانهزام لم يشعر به من قبل . اقتنع بأن الأمر مستحيل و قرر الاستسلام ، رغم رغبته في استرجاع ذاته و الخروج من ضعفه و رغم نار الشوق التي ستحرقه كل يوم مرارا ، إلا أنه أخلد إلى الأرض بسبب بُعد الطريق و صعوبته .

أخذ يمشي بضعف و هوان و اليأس باد على وجهه و هو يقول " يا ليتني بقيت أعمى عن الحقيقة ، فمُذ أبصرتها لم أرَ إلا الظلام "


____________ يتبع إن شاء الله
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
انا متابع وفي للقصة
ما شاء الله اسلوبك أخي الكريم راقي وهادئ استمتع بالقراءة
عبر كل كلامك عبر
وعندك اسلوب التشويق الذي يجعلنا ننتظر القادم
في انتظار الجزء القادم
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top