فلنحذر سخط الله

أم أُنٌَيسة

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
27 جويلية 2013
المشاركات
12,470
نقاط التفاعل
34,361
النقاط
2,256
الجنس
أنثى
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فلنحذر سخط الله


يقول الله سبحانه وتعالى ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾ [الأنعام: 65]
ويقول سبحانه ﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [آل عمران: 12]،
﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ *أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 45 - 47]

إنها آيات عظيمة ومخيفة يحذرنا الله فيها ويخوفنا من أليم عذابه، وشديد عقابه، إذا تمادينا في الطغيان، وغرقنا في العصيان، واستمرأنا المعاصي والذنوب.

إن معاصينا تتزايد، ومخالفاتنا تتكاثر، وآيات الله وإنذاراته علينا تتوالى، فكم نسمع من الحوادث، وكم نشاهد من العبر، وكم نرى من العقوبات، يقول ابن القيم رحمه الله:

(اقشعرت الأرض، وأظلمت السماء، وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة، وذهبت البركات وقلت الخيرات وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة، وبكى ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة، وشكى الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبائح، وهذا والله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه، ومؤذن بليل بلاء قد أدلهم ظلامه، فاعدلوا عن هذا السبيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح، وكأنكم بالباب وقد أغلق،

﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 227]).

إن المخيف في الأمر هو أن العقوبة إذا حلت شملت الجميع ووقعت على الكل إلا من رحم الله
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا انزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالهم فيكون هلاك الصالحين في البلاء هو موعد آجالهم، ثم يبعثون على نياتهم".

فإذا أسرف الناس في الظلم والفجور والشذوذ نزل بهم عذاب الله وغضبه وحل بهم بطشه وعقابه هذه سنة كونية سارية نافذة لا تتغير ولا تتبدل على مر العصور والأجيال فقد يكون العذاب طوفاناً يغمر الناس أو زلزالاً يزلزل الأرض أو جفافاً أو أعاصيراً أو صواعقاً أو أمراضاً جسدية أو روحية أو قلقاً وحروباً أو تفرقاً وتمزقاً
﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 40].

إن المجتمع حين يغرق في الشهوات وتفشوا فيه المنكرات ويألف الوقوع في الموبقات وتقوم الحياة فيه على الذنوب والآثام فإنه يسقط من عين الله ويقع في مصارع السوء وينزل الله به العذاب والعقاب
﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44].

إن المعاصي في مجتمعنا قد تكاثرت وتنوعت بشكل مخيف بل حدثت معاص لم تكن معروفة من قبل ووقعت منكرات لم نتوقع أبداً أن تقع أطفال صغار وشباب كبار يسبون الرب والدين وشباب في مقتبل العمر وبداية السن يتعاطون المخدرات ويدمنون المسكرات وبنات في سن الثانويات وأقل يغازلن الشباب ويمارسن الفواحش وقنوات خارجية تجلب كل الشر والمجون بل توسعت دائرة الشر لتشمل كل شيء فأكل الحرام قد كثر وتنوعت الحيل في أخذه وفشت رذائل الأخلاق ومستقبح العادات وأثيرت العنصريات والتحزبات وحورب الدين وأهله وسخر ممن يسعى لإقامته ويطالب بتطبيقه واستهزئ بهم ونال السفهاء منهم وكثر الجحود وقل الشكر ونشأ كثير من الشباب على التقليد والجهل بأمور الدين والأخذ بسفاسف الأمور ومورست كثير من المنكرات بشكل ظاهر وواضح.

والأخطر من ذلك كله هو أننا ألفنا هذه المنكرات وقل فينا الناكرون وتبلدت فينا الأحاسيس وماتت في قلوبنا الغيرة على الدين فإذا أنكر الواحد منا أنكر عليه وإن نصح وصف بالتشدد ووصم بالتطرف وهذا من أعظم الأسباب التي تغضب الله وتجلب سخطه ومقته ولعنته
﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79]
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده)).

لقد حذرنا الله جل جلاله من أسباب سخطه وبطشه وحذرنا من نفسه فقال
﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ وقال ﴿ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ وقال ﴿ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾، ﴿ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾، ﴿ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴾.

فالله سبحانه وتعالى قادر على أن يسلب منا النعم بمختلف أنواعها وأشكالها فيحل بدلاً منها النقم والمحن والفتن إن لم نتدارك أنفسنا ونصلح أوضاعنا ونغير أحوالنا ونطهر بيوتنا من الفسوق والعصيان

يقول الله سبحانه وتعالى
﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25].

عباد الله:

هل نعتبر بما يجري حولنا وما نرى ونقرأ ونسمع ونشاهد من عقوبات مفزعة وأحداث أليمة وهل نتعظ بالمصائب والكوارث التي نزلت بنا أو حلت قريباً من ديارنا أم لا زال الكثير منا مصراً على هجر المساجد وقطع الصلاة والتعامل بالربا والرشوة وعدم الاستغفار والتوبة.


ألا نخشى أن يأخذنا الله على غرة وينزل علينا العذاب على غفلة
﴿ أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [يوسف: 107]، ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 97 - 100].

ألا نخشى من العقوبة ونزول العذاب لأن معاصينا تزيد ونعم الله علينا تتكاثر أما نرى البلاء ينزل بنا ونعم الله تسلب منا أما يخاف أحدنا أن يعصي الله ثم يختم له بخاتمة السوء فيخسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -
: ((إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج...).

فعلينا عباد الله أن ننتبه لأنفسنا ونرجع إلى ربنا لنتدارك أمرنا قبل أن ينزل بنا البلاء وقبل أن يحل بنا العذاب فإن الله سبحانه وتعالى لا يسلب نعمة أنعمها على قوم إلا بسبب ذنوبهم ومخالفاتهم
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 53، 54]،
﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].


رابط الموضوع: فلنحذر سخط الله
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top