الطفولة بين اللين و القسوة.

عبدالرؤوف

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
22 ديسمبر 2018
المشاركات
1,338
نقاط التفاعل
3,708
النقاط
76
العمر
30
محل الإقامة
بسكرة
الجنس
ذكر
104832


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله جميعا اهل اللمة الكرام.
104831
غالبا ما تخطف افكارنا حادثة تعرض فيها الابن او البنت للضرب من الاب او الام
ضربا قاسيا وهذا امر طبيعي
بينما اللين الزائد الذي تسبح فيه الكثير من الاسر نغفل عنه
فترى افراطا في اللين من الوالدين اتجاه اولادهم وهذا لين
له نتائج عكسية مستقبلا
فقد تعود قسوة وتجبرا من الاولاد على والديهم وقد تفسد الولد فلا يتعلم
ما ينفعه في بدنه وعقله
وما هو مشاهد من تخبط دليل على اللين المفرط فمرحلة الطفولة مرحلة دقيقة تتطلب حلما وعلما مرحلة البناء
مرحلة مزيج بين القسوة واللين ليشتد البناء ولا يتهاوى
اصبحت الرعاية تحل محل التربية او تسابقها
ان تعلم ابنك الاعتماد على نفسه بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى وتشدد على ذلك هذا من الرحمة واللين في محلهما
ان تعلمه الادب وتربيه على ذلك وتعلمه الرجولة من الصغر بدون تكليف لما لا يطيق فهذا محمود
ان تراقبه من يصاحب ومن يجالس وما يشاهد هذه رحمة به لأنه ضعيف عقل
ومن ضعف عقله سيحتج على ذلك مرارا
والصبر عليه دليل رجاحة عقلك.
اشرف مهنة هي ان تحسن التربية فتنجب وتربي اولادا يرفعون هذه الامة
ويكونوا امثلة في الصلاح والاقتداء لا يعادلها نجاح.

104833
 
آخر تعديل بواسطة المشرف:
بالفعل فتربية الابناء من أصعب الامور على الوالدين ، لذلك نرى نسبة كبيرة من الاباء فرطت في تربية الابناء مما انتج اجيالا متناقضة غير مؤدبة الا ما رحم ربك ، فالتربية ليست توفير الاكل والشرب والملبس للطفل واهمال جانب التربية والقدوة فكل شيء متكامل
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخي على طرح هذا الموضوع، تربية الأبناء ليست بالأمر السهل تحتاج تركيز وتخطيط ومؤهلات وقدرة على تحنل المسؤولية، فتربية الخنفساء وحدها تتطلب دراسة وتخطيط فمابالك بطفل سيكون هو بذاته جيلا إما صالحا أو فاسد.
لكن مشكلتنا نحن كآباء وأمهات أننا لا نعرف الوسطية في التعامل، أولا إما أن لا نكون أهلا لتحمل المسؤولية ولا نملك الوعي الكافي لتسيير حياة طفل ولتربيته فنشدّ الحبل ونلجأ للضرب والعقاب المؤذي وإلى التوبيخ فيقع الطفل تحت الضغط وبالتالي يُقدم على فعل كل ماهو سيء خفية عن والديه وذلك إما خوفا منهما أو انتقاما منهما، دون ذكر الحالة النفسية السيئة التي سيكبر عليها هذا الطفل وماذا سينتج عنها لاحقا في فترة مراهقته وفترة شبابه وحتى زواجه.
أما ثانيا فهي خوفنا من الجانب العصبي وعلى الجانب النفسي للطفل وابتعادنا عن كل ماهو مرتبط بالعنف فنترك الطفل يسرح ويمرح ونرخي الحبل فيعيش هذا الطفل دون حدود، فلا يعرف مسؤولياته وما له وما عليه، مما يجعله مدللا ويكبر على الأنانية وحب النفس.
لذلك تربية الطفل هي ثقافة وذكاء، قد لا نضطر فيها للضرب مطلقا، مرة ذكر الاخ @حلم كبير أنه يعاقب صغاره عقابا خاص وهو أن يقفوا عند زاوية الغرفة حتى يسمح لهم هو بعكس ذلك، وهذا أمر ذكي، الطفل له عقل وعلينا التحاور مع ذلك العقل، فنعلمه كيف يتجاوز أخطاءه وكيف يدركها وكيف يصححها، وليس تركه على هواه فيمارس أخطاءه بحرية، ولا نقوم بضربه فيخاف منا بدلا من الخوف من خطئه ومحاولة تصحيحه.
الأطفال جد أذكياء ومن الخسارة أن يذهب ذلك الذكاء سدًا تحت عجلة التصرف العنيف أو التهرب من المسؤولية، وكما ذكرت سابقا في إحدى المواضيع ليت الآباء يقرؤون الكتب المساعدة على تربية الطفل سواء الدينية منها أو العلمية، حتى تكون تربيتنا لأبنائنا ممنهجة وسليمة وبطرق ذكية تساعد الطفل على النمو بطريقة صحيحة.
تحياتي
 
السلام عليكم
مرحلة الطفولة هي تأسيس حياة إنسان لذلك يجب العناية و الدقة فيها
ازرع بعض الامور في عقله و اترك البعض الاخر هو يكسبها
اجعله يثق بنفسه و له شخصيته و احترام الاخر كن بجانبه عندما يحتاجك و عامله كصديق اكثر من ان تكون مربي او اب
تحياتي
 
السلام عليكم
مرحلة الطفولة هي تأسيس حياة إنسان لذلك يجب العناية و الدقة فيها
ازرع بعض الامور في عقله و اترك البعض الاخر هو يكسبها
اجعله يثق بنفسه و له شخصيته و احترام الاخر كن بجانبه عندما يحتاجك و عامله كصديق اكثر من ان تكون مربي او اب
تحياتي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هو ذلك
لكن يجب وجود البذرة في القدوة لكي يتم الزرع ‘‘فاقد الشيء لا يعطيه ‘‘
سقوط القدوة هو ما يعانيه المجتمع
فالاب والام هما قدوة في بيتهما على
اقل واجب فالارشاد وحده قد لا يكفي خاصة ان كان المرشد الذي هو قدوة فعلية لأولاده يخالف ذلك فأنى له ان يزرع.
تحياتي ومودتي
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخي على طرح هذا الموضوع، تربية الأبناء ليست بالأمر السهل تحتاج تركيز وتخطيط ومؤهلات وقدرة على تحنل المسؤولية، فتربية الخنفساء وحدها تتطلب دراسة وتخطيط فمابالك بطفل سيكون هو بذاته جيلا إما صالحا أو فاسد.
لكن مشكلتنا نحن كآباء وأمهات أننا لا نعرف الوسطية في التعامل، أولا إما أن لا نكون أهلا لتحمل المسؤولية ولا نملك الوعي الكافي لتسيير حياة طفل ولتربيته فنشدّ الحبل ونلجأ للضرب والعقاب المؤذي وإلى التوبيخ فيقع الطفل تحت الضغط وبالتالي يُقدم على فعل كل ماهو سيء خفية عن والديه وذلك إما خوفا منهما أو انتقاما منهما، دون ذكر الحالة النفسية السيئة التي سيكبر عليها هذا الطفل وماذا سينتج عنها لاحقا في فترة مراهقته وفترة شبابه وحتى زواجه.
أما ثانيا فهي خوفنا من الجانب العصبي وعلى الجانب النفسي للطفل وابتعادنا عن كل ماهو مرتبط بالعنف فنترك الطفل يسرح ويمرح ونرخي الحبل فيعيش هذا الطفل دون حدود، فلا يعرف مسؤولياته وما له وما عليه، مما يجعله مدللا ويكبر على الأنانية وحب النفس.
لذلك تربية الطفل هي ثقافة وذكاء، قد لا نضطر فيها للضرب مطلقا، مرة ذكر الاخ @حلم كبير أنه يعاقب صغاره عقابا خاص وهو أن يقفوا عند زاوية الغرفة حتى يسمح لهم هو بعكس ذلك، وهذا أمر ذكي، الطفل له عقل وعلينا التحاور مع ذلك العقل، فنعلمه كيف يتجاوز أخطاءه وكيف يدركها وكيف يصححها، وليس تركه على هواه فيمارس أخطاءه بحرية، ولا نقوم بضربه فيخاف منا بدلا من الخوف من خطئه ومحاولة تصحيحه.
الأطفال جد أذكياء ومن الخسارة أن يذهب ذلك الذكاء سدًا تحت عجلة التصرف العنيف أو التهرب من المسؤولية، وكما ذكرت سابقا في إحدى المواضيع ليت الآباء يقرؤون الكتب المساعدة على تربية الطفل سواء الدينية منها أو العلمية، حتى تكون تربيتنا لأبنائنا ممنهجة وسليمة وبطرق ذكية تساعد الطفل على النمو بطريقة صحيحة.
تحياتي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
العفو.
وفيك بارك الله.
يجب العلم بالامر ولا يكون ذلك الا بوجود نية التعلم وهذا بالكاد يوجد
العلم الذي نحتاجه ليس دبلوما ورقيا من اجل الشغل او التخرج فقط
بل نحتاجه تطبيقيا وهذا ما يرتجى من اي علم يطلب والعلم الذي لا يثمر هو علم ميت.
التربية فنون وطلبها وسيلة عظيمة نسال الله العون.
والمربي هو الله سبحانه وتعالى
لكن نسعى لذلك ونطلبه وندعوا الله ان يسهل علينا ذلك.
 
بالفعل فتربية الابناء من أصعب الامور على الوالدين ، لذلك نرى نسبة كبيرة من الاباء فرطت في تربية الابناء مما انتج اجيالا متناقضة غير مؤدبة الا ما رحم ربك ، فالتربية ليست توفير الاكل والشرب والملبس للطفل واهمال جانب التربية والقدوة فكل شيء متكامل
اصبت
اصبحت الشكليات هي من تطلب وترتجى لا الاهم وهذا يظهر سقوط الانفس من سموها الا من رحم الله وعصم.
 
اصبح في عصرنا هذا تربية الابناء تتطلب دروسا تعليمية حول الامر وطرقا ممنهجة واساليب متبعة وفي الاخير نرى نتائج مؤسفة وجيلا ليس في مستوى تطلعاتنا .. ارى ان التربية هي كحنان الام امور طبيعية وعفوية .. فنرى الانبياء يلتجئون لربهم في بر اولادهم بهم ..
شاكرا لك طرحك المميز.
 
اصبح في عصرنا هذا تربية الابناء تتطلب دروسا تعليمية حول الامر وطرقا ممنهجة واساليب متبعة وفي الاخير نرى نتائج مؤسفة وجيلا ليس في مستوى تطلعاتنا .. ارى ان التربية هي كحنان الام امور طبيعية وعفوية .. فنرى الانبياء يلتجئون لربهم في بر اولادهم بهم ..
شاكرا لك طرحك المميز.
والله بت اخشاها واخشى ما قبلها وهو الزواج فبه تبدا مرحلة تربية الابناء
لأن من حقهم عليّ ان اختار لهم اما صالحة وهذا يتطلب اجتهاد
والله المستعان نسال الله العون على كل شيء فيه خير لنا في ديننا ودنيانا
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هو ذلك
لكن يجب وجود البذرة في القدوة لكي يتم الزرع ‘‘فاقد الشيء لا يعطيه ‘‘
سقوط القدوة هو ما يعانيه المجتمع
فالاب والام هما قدوة في بيتهما على
اقل واجب فالارشاد وحده قد لا يكفي خاصة ان كان المرشد الذي هو قدوة فعلية لأولاده يخالف ذلك فأنى له ان يزرع.
تحياتي ومودتي
كلامك سليم اخي
لذلك ينظر اولادنا الى الخارج و ما يلقونه لهم بالإعلام و غيره من حرية و مساواة
لكي تصلح مجتمع عليك البدء من نفسك
تحياتي
 
كلامك سليم اخي
لذلك ينظر اولادنا الى الخارج و ما يلقونه لهم بالإعلام و غيره من حرية و مساواة
لكي تصلح مجتمع عليك البدء من نفسك
تحياتي
تحياتي ومودتي
 
السلام عليكم ....
اعتذر على التاخر
موضوع قيم صراحة بوركت على المشاركة
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ماشاء الله لا قوة الا بالله تبارك الذي بيده الملك
بارك الله فيك وجزاك كل خير وجعل كل حرف في ميزان حسناتك
بارك الله في من ربياك وكان مثواهما ومثواك الفردوس الاعلى
بارك الله لك في دينك وعرضك ودنياك ومالك ورزقك بما تحب في ما يحب ويرضى لك

اللهم امين ياااارب

اللين في تربية الابناء واجب، لكن لين المشاعر

اما اللين المفرط في السماح لهم بالتبذير ووووو هذا لا يجوز
الاطفال يقلدون الاباء فهم بالنسبة لهم القدوة لذلك حين يريد الاب او الام من الطفل الصغير ان يفعل شيء ما فيجب عليهما ان يقوما هما به
لان الاطفال لا يستمعون، خاصة حين يطلب منهم عدم فعل شيء ما لانه سيء بينما الوالدان يقومان به

فهذا كانك تكلم حيط، عقل الطفل الصغير مبرمج بما ان الكبار يفعلون ذلك الامر فهو جيد بغض النظر عن ما يقولون لهم

الرِّفق بالأولاد
(الرفق بالأبناء في التربية)


الرِّفق في محيط العلاقات الأسرية:
في أي تجمع إنساني تبرز علاقات اجتماعية تنمو في ظل التفاعل بين أفراده، ومن أبرز أسباب تلك العلاقات: القرابة بالنَّسب والمصاهرة.
وقد عني الإسلام بهذه العلاقات عناية بالغة، فشرّع لها أحكاماً، وسنَّ لها آداباً.
وكان للرِّفق مجال رحب فيها: فالآباء، والأبناء، والإخوة، والأزواج، والأصهار، والأرحام: يترفَّق جميعهم، ويتلطَّف بعضهم ببعض، فتدوم الصِّلات فيما بينهم، وتقوى الروابط التي تجمعهم.

وإذا كان المسلم مأموراً بالرِّفق مع كل أحد، فهو مع هؤلاء الذين تربطه بهم روابط وثيقة مأمور بالأولى.

وتتأكد الدَّعوة إلى التعامل بالرِّفق كلما كانت علاقة القرابة والصلة أقوى، فالرِّفق بالوالدين من أعلى درجات الرِّفق وآكدها، وقس على هذا.

وإذا حصل عكس الرِّفق تهدَّدت العلاقات الأسرية، وربما تقطّعت، وحلَّ التدابر والتباغض محلَّ المودَّة والمحبة.

وسأعرض في هذا المبحث صوراً شتّى من العلاقات الأسرية، التي حثَّ الإسلام على الرِّفق فيها؛ ليتحقّق لتلك العلاقات النّجاح والديمومة في الدنيا، ويتحقّق لأهلها الأجر في الآخرة.

من المعلوم أن محبَّة الأولاد قضية فطرية جُبِلت القلوب عليها، وهي الباعث على تلك المشاعر الرَّقيقة، والعواطف الجيّاشة من الأبوين تجاههم.
وتتمثَّل هذه المحبة بتقديم الحماية والرعاية لهم، والرَّحمة والرَّأفة بهم، والشفقة والعطف عليهم، ولها في تربية النشء وتكوينه أفضل النتائج وأعظم الآثار.
وقد حفلت كتب السُّنَّة بالأحاديث الكثيرة التي تظهر مدى عناية الإسلام بالأولاد في شتى المجالات وفي كل المراحل، وما الترَّغيب بالرِّفق بهم إلا أحد تلك المجالات، ومن صور ذلك الرِّفق:

• تمكين الطفل من الرَّضاع من أمِّه:
للطفل في الإسلام حقُّ الرضاع من أمِّه، وهذا الحقُّ ربما ضاع في ظروف الخلاف والشقاق بين الزوجين، فتأبى الوالدة إرضاعه، أو يأبى الوالد دفع الطفل إليها؛ لذا جاء النهي عن تضييع هذا الحقِّ بقوله تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 233].

قال البخاري رحمه الله تعالى:
قال يونس عن الزهري: نهى الله أن تُضارَّ والدةٌ بولدها، وذلك أن تقول الوالدةُ: لسْتُ مُرْضعتَه وهي أمثلُ له غذاءً، وأشفق عليه وأرفق به من غيرها، فليس لها أن تأبى بعدَ أن يُعطِيَها من نفسه ما جعلَ الله عليه، وليس للمولودِ له أن يُضارَّ بولدِه والدتَه فيَمْنعَها أن تُرْضعَه ضراراً لها إلى غيرها..)).

• توفير الحنان للطِّفل بالضَّمِّ والتقبيل:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء أعرابيٌّ إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال: تُقَبِّلُون الصِّبيانَ! فما نُقَبِّلُهم. فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: (( أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نزَعَ اللهُ مِنْ قلبِكَ الرَّحمةَ )) رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَبَّل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الحسنَ بنَ عليٍّ وعنده الأَقْرَعُ بنُ حابِس التَّميميُّ جالساً. فقال الأَقْرَعُ: إنَّ لي عشَرةً من الولد ما قَبَّلْتُ منهم أحداً!. فنظر إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قال: (( مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ ))
رواه البخاري ومسلم.

• ترك محاسبة الطِّفل لعدم تكليفه:
تقول السيِّدة عائشة رضي الله عنها: أُتِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بصبيٍّ، فبال على ثوبِه، فدعا بماءٍ فأتبعَه إيَّاه.
رواه البخاري ومسلم

وعن أمِّ قَيْسٍ بنتِ مِحْصَنٍ أنَّها أتَتْ بابنٍ لها صغيرٍ، لم يأكُلِ الطَّعامَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حِجْره، فبال على ثوبِه، فدعا بماءٍ فنضَحَه ولم يغسلْه. رواه البخاري ومسلم.

قال النووي: (( فيه: النَّدْب إلى حُسْن المعاشرة واللِّين والتَّواضُعِ والرِّفْق بالصِّغار وغيرِهم )).

وقال ابن حجر: (( ويستفاد منه: الرِّفْق بالأطفال، والصَّبْرُ على ما يَحْدُث منهم، وعدمُ مؤاخذتِهم؛ لعدم تكليفهم)).

• مجاراة الطفل، والإصغاء لحديثه، والتَّفاعل معه:
عن أنس رضي الله عنه قال: كانت الأَمَةُ من إماء المدينة لَتأخُذُ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت. رواه البخاري.

ولفظ أحمد: إِنْ كانت الوليدة مِنْ ولائد أهلِ المدينة لَتَجِيءُ فتأخذُ بيدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فلا يَنْـزِعُ يدَه من يدِها، حتى تذهب به حيث شاءَتْ .

قال ابن حجر: (( والمقصود من الأخذ باليد: لازِمُه، وهو الرِّفْقُ والانقياد. وقد اشتمل على أنواعٍ من المبالغة في التواضع: لذِكْرِه المرأةَ دون الرجل، والأَمَةَ دون الحُرَّة، وحيث عمَّم بلفظ (الإماء) أيَّ أَمَةٍ كانَتْ، وبقوله (حيث شاءت) أي: من الأمكنة، والتعبيرُ بالأخذ باليدِ إشارةٌ إلى غايةِ التَّصرُّفِ، حتى لو كانت حاجَتُها خارجَ المدينة، والتمسَتْ منه مساعدتَها في تلك الحاجة، لساعد على ذلك، وهذا دالٌّ على مزيد تواضُعِه، وبراءته من جميعِ أنواعِ الكِبْر صلى الله عليه وسلم )).

• الرِّفق بالطِّفل في مجازاته وتأديبه:
الأصل في الإسلام أن تكون معاملة الطفل بالرِّفق واللّين، لكن إذا دعت الضَّرورة إلى مجازاته وتأديبه، فلذلك وسائل متعدِّدة، منها: التّوجيه، ولفت النظر، والإشارة، والتوبيخ، والهجر، والضَّرب الخفيف غير المبرّح، فيتدرَّج المربّي في هذه الوسائل، ولا ينتقل إلى الجزاء الأعلى إلا في حال عدم جدوى الأدنىّ، فالمُربِّي كالطَّبيب.

ويعدُّ الضَّرب أعلى تلك العقوبات، ولا يجوز اللجوء إليه إلا بعد اليأس من كل وسيلة للتقويم، وله شروط تجعل استعماله محدوداً وفي أضيق الظروف؛ إذ ليس من الرِّفق اللجوء إلى الضرب كوسيلةٍ أولى في التأديب، ومن فعل ذلك فقد عنَّف وما أدّب، وأفسد وما أصلح، وربما عُدَّ صنيعه هذا انتقاماً، وليس تربية وإصلاحاً.

عن أم الفضل - زوج العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم - قالت: رأيت كأنَّ في بيتي عضواً من أعضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: فجَزِعت من ذلك! فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له؟
فقال: (( خيراً، تلد فاطمة غلاماً فتكفلينه بلبنِ ابنِك قُثَم)).

قالت: فولدت حسناً فأُعطِيتُه فأرضعته حتى تحرك أو فطمته، ثم جئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسته في حَجْره فبال، فضربت بين كتفيه.

فقال: (( ارفقي بابني رحمكِ الله - أو: أصلحكِ الله - أوجعتِ ابني )).

قالت: قلت: يا رسول الله اخلع إزارك والبس ثوباً غيره حتى أغسله.

قال: (( إنما يغسل بول الجارية، وينضح بول الغلام )) رواه أحمد وأبو يعلى.

قال ابن حجر: (( إسناده جيد )).


رابط الموضوع: الرفق بالأولاد (الرفق بالأبناء في التربية)

من ينظر لتربية الصحابة الدينية والأخلاقية يجد أنها أعظم تربية؛ كيف لا والمربي هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي رباه ربُه سبحانه وتعالى. فهو المربي العظيم لخلقه كما قال تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه:39]
فالله سبحانه وتعالى هو الذي ربى الحبيب صلى الله عليه وسلم، ووصف خلقه فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]،
وهو القائل سبحانه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم:3].
فكانت تربية الصحابة على يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي نتاج تربية الله تعالى للحبيب عليه الصلاة والسلام.

وبالنظر لتربية الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وللصحابة نجد أنها كانت بالشدة والابتلاء؛ ففي بداية الدعوة نجد الشدة والابتلاء بالتعذيب من قبل المشركين: فهذا بلال رضي الله عنه يُعذّب على رمال مكة المحرقة، وهذا عمار بن ياسر يُعذَّب بجوار أبيه وأمه فيمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: «صبرًا آل ياسرٍ، فإنَّ موعدَكم الجنةُ» (حسّنه الألباني في فقه السيرة:103)،
ولا يستطيع فعل شيء لهم إلا تصبيرهم على تلك الابتلاءات العظيمة.

ومع كل هذا العذاب الشديد الذي يلاقونه بالنهار يشد الله تعالى عليهم بالليل فينزل قول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ . قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل:1، 2]
ويظل النبي صلى الله عليه وسلم ومعه الصحابة يقومون الليل حتى تورمت وانتفخت أقدامهم واحتبست نهاية السورة التي جاء فيها التخفيف سنة كاملة كما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ افترضَ قيامَ اللَّيلِ في أوَّلِ هذِهِ السُّورةِ فقامَ نبيُّ اللَّهِ وأصحابُهُ حولًا حتَّى انتفخَت أقدامُهم وأمسَكَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ خاتمتَها اثنَى عشرَ شَهرًا ثُمَّ أنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ التَّخفيفَ في آخرِ هذِهِ السُّورةِ فصارَ قيامُ اللَّيلِ تطوُّعًا بعدَ أن كانَ فريضةً" (صحيح النسائي:1600)
وما كان ذلك إلا تربيةً لهم وتقوية لنفوسهم.

ثم يأتي الأمر بالدعوة مع ما هم فيه من الخوف من إظهار دينهم لشدة العذاب الذي نزل بهم، وينزل قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ . قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر:1، 2]
فنجد الصحابي يخشى على نفسه أن يظهر إسلامه والبعض لا يستطيع الذهاب لدار الأرقم ابن أبي الأرقم لخوفه ومع ذلك يأمرهم الله تعالى بالدعوة إليه.

ثم بعد رحلة العذاب المكية التي استمرت ثلاثة عشر عاما تبدأ الهجرة فيفارقوا الديار والأبناء ويضحوا بالأموال والمتاع؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ، يَقُولُ: «واللهِ إنَّكِ لَخيرُ أرْضِ اللهِ، وأحَبُّ أرْضِ اللهِ إليَّ، ولوْلَا أنِّي أُخرِجْتُ مِنْكِ ما خَرجْتُ»
(صحيح الجامع:7089).

ومع كل هذه الآلام طيلة السنوات يأتي أخيرًا الانتصار الأول والعظيم بغزوة بدر والسعادة البالغة للمسلمين وفي ظل نشوة الانتصار هذه يقول تعالى: {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم} [محمد:38].
فسبحان الله! بلسان حالنا الآن بعد كل هذه الآلام وننتصر فبدل الشكر يعلنها الله تعالى صراحة وكأنك لم تفعل شيء ولو غضبت من هذا وتريد أن تتولى سيستبدل قومًا غيركم.

ثم بعد ذلك نجد التضحيات الكثيرة والابتلاءات من أجل التمحيص. فانظر إلى حجم الألم النفسي الشديد الذي عاناه المخلفون الثلاثة (كعب وصحبه) بعد تخلفهم عن غزوة تبوك وإعراض النبي وجميع الصحابة عنهم خمسين يومًا وما ذلك إلا تمحيصًا لقلوبهم وزيادةً لأجرهم مثل النار التي لا تزيد الذهبَ إلا صفاءً وإشراقًا؛ ثم ينزل بالنهاية قول الله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ . وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة:117، 118].
ويقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْض أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ . إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة:38، 39]،
وكأن الله تعالى يعلم الجميع بأنه سبحانه في غنى عن الجميع مهما كان فعله وعمله وقيمته.

ثمرة التربية بالشدة:
إذن وبعد كل ذلك نجد أن ثمرة التربية الشديدة والصبر على الابتلاء هي النجاة من العذاب والبعد عن النار والدخول للجنة، ونيل الرضوان والمغفرة؛ فانظر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر عندما أراد أن يضرب عنق حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه بعدما بعث برسالة لقريش قبل فتح مكة- فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ, فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» (البخاري:3007).
هذه هي الثمرة؛ المغفرة التامة والرضوان الأبدي بعد الصبر على كل المحن والابتلاءات. وهذه الثمرة العظيمة لم تظهر إلا بآخر حياة الحبيب صلى الله عليه وسلم؛ إذ إن الصحابة رضي الله عنهم عاشوا على الخوف والمحن والابتلاء رغم رضا الرحمن عنهم والمغفرة التامة لهم.

والصبرُ مِثلُ اسمه مُرٌ مذاقته *** لكن عواقِبهُ أحلى من العسلِ

التربية باللين:
و لا شك أنه مع ما قدمنا من أهمية الشدة في التربية وما لها من أثر على المتربي إلا أن التوازن بين اللين والشدة، والرحمة والقسوة يصب في مصلحة المتربي... فقد تقابلنا حالات لا ينفع معها إلا اللين والعطف وحالات أخرى لا ينفع معها إلا الشدة، وحالات -وهي الغالبة- تحتاج إلى المراوحة بين الأسلوبين..

فالتربية باللين قد تُفسد وتجر إلى ويلات وما لا يحمد عقباه كما حدث مع امراة العزيز التي راودت فتاها عن نفسه قال تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف:23]،
فكان رد فعل الزوج صاحب القلب الطيب والحنون {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} ويقول للزوجة الخائنة: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} [يوسف:29].
فقط! هل هذا هو رد الفعل للخائنة التي تريد خيانتك؟! وكانت ثمرة هذا اللين أن الزوجة سمعت نصيحة الزوج الحنون وجمعت نسوة المدينة ثم قالت {وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ} [يوسف:32].
يعني سأعود مرة ثانية أبحث عن الزنا!!

ولكنها (أي التربية باللين) قد تكون هي السبيل الأمثل للتربية؛ فها هو النبي صلى الله عليه وسلم يضرب لنا أعظم الأمثلة في تربيته لأصحابه بالرفق واللين، والأمثلة على ذلك كثيرة: كموقفه صلى الله عليه وسلم من معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه عندما تكلم في الصلاة؛ فلم يُعنفه أو يُوبخه بل قال له بكل رفق: «إنَّ هذه الصلاةَ لا يَصلُحُ فيها شيءٌ من كلامِ الناسِ. إنما هو التسبيحُ والتكبيرُ وقراءةُ القرآنِ»، يقول معاوية: "فبِأبي هو وأمِّي! ما رأيتُ مُعَلِّمًا قبلَه ولا بعدَه أحسنَ تَعليمًا منه. فواللهِ! ما كهَرَني ولا ضرَبَني ولا شتَمَني" (مسلم:537)..
فكان صلى الله عليه وسلم نِعم المعلم ونِعم المربي.

وكان صلى الله عليه وسلم رحيمًا بأولاده وأحفاده وكان يحمل أمامة بنت زينب ابنته وكان يحمل الحسن والحسين في الصلاة حتى إنه ذات مرة نزل من على المنبر يوم الجمعة وحمل الحسن والحسين بعدما رآهما يتعثران في ملابسهما وقال: «صَدقَ اللهُ ورسولُه: {إِنَّمَا أمْوَالُكُمْ وأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} نَظَرْتُ إلى هذينِ الصَّبِيَّيْنِ يَمشيانِ و يَعثُرانِ، فلمْ أصْبِرْ حتى قَطعتُ حَدِيثِي ورفَعْتُهُما» (صحيح الجامع:3757).

فالإنسان بطبيعته مجبولٌ على حب أبنائه وعلى الرفق بهم لكن لا بد أن يتوسط المرء بين الشدة واللين؛ فلا يبالغ في الرفق بهم ويرخي لهم الحبل، وكذلك لا يبالغ في الشدة حتى لا ينقطع الحبل، وإنما خير الأمور أوسطها، ولكل مقامٍ مقال. يقول الدكتور سعد بن حميد حفظه الله: "فمحبةُ الذرية، والرحمةُ بهم، والشفقةُ عليهم مطلوبةٌ؛ لكن ليس على حساب الدِّين، وإن محبتهم لا تقتضي إهمالَ تربيتهم، وإغفالَ شؤونهم، والسُّنةُ مليئة بما يحثُّ على حبِّ الذرية ورحمتهم، كما أنها مليئة بما يجب به إحسان تربيتهم، وتقويم خُلُقهم". ويقول أيضًا: "وكلنا يرى ما أودعه الله في قلوب الأبوين من الرحمة للولد، حتى في البهائم، وهذا ليس بمستغرَبٍ؛ إنما الذي يُستغرب أن يفرط زمامُ هذه المحبة لدى الوالدين حتى يعود بالضرر على الولد".

فيا أيها المربي الفاضل:
انظر إلى الفارق بين الشدة في التربية واللين وانظر أي الطريقين يتماشى مع أبنائك فسِر عليه، مع الأخذ بالتوسط بين هذا وذاك. وأنتَ يا طالب العلم: لا تحزن ولا تغضب إذا شد عليك عالم من العلماء أو قسا عليك معلمك ذات يوم في درسِ أو خطبة.. واعلم أن الشدة والبلاء عواقبهما جميلة وقد تصل بك إلى أرفع درجات الجنان.


رابط المادة: التربية بين الشدة واللين - أبو مالك محمد عيسى - طريق الإسلام

في انتظار المزيد من مواضيعكم الجميلة والقيمة

وارجو تقبل مروري مع الاضافات التي اتمنى انها افاذتكم
تحياتي احترامي وتقديري لشخصكم الكريم الطيب
 
أخطاء في تربية الأبناء
د. بدر عبد الحميد هميسه

تربية الأولاد من المسؤوليات العظيمة التي سوف يسأل عنها الإنسان يوم القيامة ، ولقد أمرنا الله تعالى بأن نقي أنفسنا وأهلينا من المخاطر والمهالك ، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (6) سورة التحريم.
وقال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : \" كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالإِمَامُ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ في أَهْلِهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، وَالْخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ\". أَخْرَجَهُ أحمد 2/121(6026) و\"البُخَارِي\" 2/6 و4/6(2751) و\"مسلم\" 6/8(4755) .
وقال : \" كَفَى بِالْمَرْءَ إِثْمًا ، أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ\". رواه أحمد\" 2/160(6495) قال الأرنؤوط : صحيح لغيره وهذا إسناد حسن.
وتربية الأولاد علم له أصوله وقواعده، والأخطاء في التربية تكون لها نتائجها الوخيمة والسيئة على الفرد والمجتمع؛ لأن من شب على شيء شاب عليه.
قال الشاعر :
قَدْ يَنْفَعُ الأَدَبُ الأَحْدَاثَ في مَهَلٍ ... وَلَيْسَ يَنْفَعُ بَعْدَ الكَبْرَةِ الأَدَبُ
إِنَّ الغُصُونَ إِذا قَوَّمْتَهَا اعْتَدَلَتْ ... وَلَنْ تَلِينَ إِذَا قَوَّمْتَها الَخشُبُ
وقال عبد الملك بن مروان لاعب ولدك سبعاً وأدبه سبعاً واستصحبه سبعاً فإن أفلح فألق حبله على غاربه ولا عبرة بقول من قال:
قولاً لمن ينصح ابناً له ... يردّد القول لتهذيبه
ضيع الوقت بلا طائل ... فيكثر القول ويهزي به
له إلى اللّه وتدبيره ... ثم إلى الدهر وتجريبه
فإنما الأقدار لا بدّ أن ... تأتي بما خط وتجري به
غرر الخصائص الواضحة ،للوطواط 45.

فهناك أخطاء كثيرة يقع فيها الآباء في تربية الأبناء ومنها:

1- انعدام الاتصال بين الآباء والأبناء :
كثير من الآباء لا يدركون أهمية التواصل والحوار مع الأبناء ، بل وينظرون إلى هذا الحوار وذاك التواصل على إنه ليس ذو قيمة ، متناسين أن ذلك قد يؤدي إلى تفكك العلاقات بين الأسرة الواحدة ، بل وإلى انتشار البغض والحقد بين أفرادها ، وقد يؤدي كذلك إلى انعدام الثقة بين أفراد الأسرة وانقطاع صلة الرحم في الكبر.
وإن عدم وجود الإذن الصاغية للطفل في المنزل ، تجعل منه فريسة سهلة لرفاق السوء لبحثه عن من يستمع له ويعبر عن قيمته وذاته ، والتنفيس عما بداخله .
والاتصال هنا يحتاج إلى وعي وإدراك ، فالحوار مع الكبير غير الحوار مع الصغير ، والحوار مع الولد غير الحوار مع البنت ، فهناك بعض الآباء يفرضون آراءهم بالقوة والقسر على أبنائهم ، متناسين أن لكل جيل ثقافته وفكره واحتياجاته ، وما أجمل قول الإمام علي في ذلك :\" لا تقصروا أولادكم على آدابكم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم\" . لباب الآداب ، لأسامة بن منقذ 70 .

2- عدم مراعاة الفروق الفردية:
اقتضت حكمة الله تعالى أن يخلق الناس مختلفين في الميول والاتجاهات والأمزجة ، قال تعالى : وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) سورة : هود.
ومن هنا فقد حث الإسلام على مخاطبة الناس على قدر عقولهم وعلى مقدار ما يستوعبون ويفهمون ، قال ابن مسعود رضي الله عنه : \" ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة \" . رواه مسلم ( 1 / 9 ) .
فلإسلام قد أقر بالفروق الفردية بين الأشخاص والأفراد ، وإن كان هذا الكلام ينطبق على المجتمع المسلم كله فهو كذلك ينطبق على الأسرة المسلمة ، فعلى الوالدين أن يعلما أن هناك فروقاً فردية بين الأبناء ، فمنهم سريع الاستجابة ومنهم بطيء الاستجابة , ومنهم الهادئ ومنهم كثير الحركة , فلا يعامل الأبناء كلهم معاملة واحدة ولا يخاطبون بأسلوب واحد

قيل لأحد الحكماء : أي الأولاد أحب إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر والمريض حتى يشفى والمسافر حتى يعود . محاضرات الأدباء , للحموي 1/ 165.

3- عدم مراعاة المرحلة السنية للطفل:
على الوالدين أن يراعيا المراحل التي يمر بها ولدهما ؛ فلا يعاملان ولدهما معاملة واحدة منذ أن كان في مهد الطفولة حتى يتخرج من الجامعة، بل يعاملانه في كل مرحلة بما يصلح له. ويترتب على هذه المراحل: تقدير العقاب الذي يصلح للولد إذا أخطأ.
فالضرب مثلاً يصلح مع الصغير ويؤدبه، وقد يؤدب أحياناً بمجرد رفع الصوت عليه ونهره وتهديده. أما المراهق فمن أكثر ما يؤدبه الكلام العاطفي، كأن يقول له الأب أو الأم: يا ولدي أنت قد كبرت، أو أنا قد كبرت سني وأريدك أن تكون رجلاً لأزوجك وأرى أولادك قبل أن أموت. ونحو ذلك. أما الكبير فقد يفيد معه الهجر أحيانًا والغضب منه.
ومن هنا فقد جعل الإسلام الضرب للصغير إذا تهاون في الصلاة ، عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْروٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعِ سِنِينَ ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ ، وَإِذَا أَنْكَحَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ , أَوْ أَجِيرَهُ , فَلا يَنْظُرَنَّ إِلَى شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ ، فَإِنَّ مَا أَسْفَلَ مِنْ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ , مِنْ عَوْرَتِهِ .أخرجه أحمد 2/180(6689) و\"أبو داود\" 495 .

4- المقارنة بالغير :
من الأخطاء التي يقع فيها بعض الآباء في تربية الأولاد المقارنة بين الابن وبين غيره من الأولاد سواء من إخوته أو من غيرهم , فلا ننس أن لكل طفل قدرات ومهارات تختلف عن غيره ومقارنته بغيره قد تؤدى إلى إحباط الطفل, والى شعوره بالدونية , مما يخلق لديه نوعا من العنف لإثبات الذات ، بل إن مقارنته دائما بالآخرين قد يجعله يفقد الثقة بنفسه , مما يؤثر على تكوينه ويجعل منه إمعة لا يحسن إلا تقليد الآخرين في كل شيء .
فنفسية الطفل كذلك مثل نفسية الكبير يغضب ويتوتر حين تقارنه بأخيه الأسرع منه .
أو الأذكى منه أو الأهدأ منه ، إن مثل هذه المقارنة تخلق عند الطفل اضطراباً في نفسيته وضعفا في شخصيته لأنه قد يكون عاجزاً أو غير قادر على القيام بنفس ما يقوم به أخوه ولكنه بالتأكيد يستطيع القيام بشيء لا يستطيع أخوه القيام به لأنه لم يخلق نسخة عن أخيه فهو شخصية مستقلة ومن الخطأ مقارنته مع الآخرين.
قد هيَّأوكَ لأمرٍ لو فطنت له *** فاربأ بنفسِك أن ترعى مع الهَمَلِ

5- عدم العدل بين الأبناء:
عدم العدل بين الأولاد يؤدي إلى الغيرة ويوجد روح العداء بينهم ويكون سبباً للعقوق ، وسبب لكراهية بعضهم لبعض ، وكم من المآسي والأحزان التي تعج بها بعض البيوت نتيجة للظلم والتمييز ، والتفريق بين الأبناء ، وعدم العدل بينهم.
قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } (90) سورة النحل.

وقال:{ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (152) سورة الأنعام.

عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما ، أن أمه بنت رواحة سألت أباه بعض الموهوبة من ماله لابنها فالتوى بها سنة ، ثم بدا له ، فقالت : لا أرضى حتى تُشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما وهبت لابني ، فأخذ أبي بيدي ، وأنا غلام فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال يا رسول الله إن أم هذا ، بنت رواحة أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بشير ألك ولد سوى هذا ؟ قال : نعم ، فقال : \" أكلهم وهبت له مثل هذا ؟ قال : لا ، قال : \" فلا تشهدني إذاً ، فإني لا أشهد على جور \" [ أخرجه مسلم ] .

وعند البخاري والنسائي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" فكل بنيك نحلت مثل الذي نحلت النعمان ؟ قال : لا ، قال : فأشهد على هذا غيري ، قال : \" أليس يسرك أن يكونوا لك في البر سواء ؟ قال : بلى ، قال فلا إذاً \" .

وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" لا أشهد ، إني لا أشهد إلا على حق \" . وفي رواية عند البخاري : \" اعدلوا بين أولادكم في العطية \" ، وفي رواية أخرى أيضاً عند البخاري : \" أعطيت سائر ولدك مثل هذا ؟ قال : لا ، قال : \" فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم \" قال : فرجع فرد عطيته .

وروى ابن أبي الدنيا بسنده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" اعدلوا بين أولادكم في النحل ، كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف \" [ حديث صحيح 1 172 ] .

و قال صلى الله عليه وسلم : \" اعدلوا بين أبنائكم ، اعدلوا بين أبنائكم \" [ أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي وغيرهم بسند صحيح ، وصححه الألباني ] .

وقد يكون الظلم للبنت أكثر , بسبب رواسب الجاهلية عند البعض , فيحرم ابنته ن الميراث ويفاضل الذكور من أبنائه عليها ، وينسى قول النبي صلى الله عليه وسلم : \" من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها ـ يعني الذكر ـ أدخله الله الجنة \" [ أخرجه أبو داود والحاكم وقال صحيح الإسناد ].

وروي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله ضم ابناً له ، وكان يحبه ، فقال : يا فلان ، والله إني لأحبك ، وما أستطيع أن أوثرك على أخيك بلقمة .

يقول يزيد بن معاوية : أرسل أبي إلى الأحنف بن قيس ، فلما وصل إليه قال له : يا أبا بحر ، ما تقول في الولد : قال يا أمير المؤمنين : ثمار قلوبنا ، وعماد ظهورنا ، ونحن لهم أرض ذليلة ، وسماء ظليلة ، وبهم نصول على كل جليلة ، فإن طلبوا فأعطهم ، وإن غضبوا فأرضهم ، يمنحوك ودهم ، ويحبونك جهدهم ، ولا تكن عليهم ثقلاً ثقيلاً ، فيملوا حياتك ، ويودوا وفاتك ، ويكرهوا قربك ، فقال له معاوية : لله أنت يا أحنف ، لقد دخلت علي وأنا مملوء غضباً وغيظاً على يزيد ، فلما خرج الأحنف من عنده ، رضي عن يزيد وبعث إلى يزيد بمائتي ألف درهم ، ومائتي ثوب . [ إحياء علوم الدين 2/295 ] .

6- عدم تحمل الأبناء المسؤولية:
ومن الأخطاء في تربية الأولاد والتعامل معهم تربية الأولاد على عدم تحمل المسئولية؛ فالأب هو المسئول عن كل شيء فهو الذي يسدد الفواتير، وهو الذي يشتري المواد الغذائية للمنزل، مع أن الولد قد كبر ويمكن الاعتماد عليه , لكنه خوفاً لا يريد أن يجعله يتحمل مسؤولية أي شيء ، ولا يدرك أنه بذلك يضعف شخصيته ولا يجعله يشعر بقيمته ورجولته.

ولقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تربية الأولاد على الرجولة وتحمل المسؤولية ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ:ُكنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَسَلَّمَ (قَالَ يَزِيدُ فِي حَدِيثِهِ : عَلَيْنَا)، وَأَخَذَ بِيَدِي ، فَبَعَثَنِي فِي حَاجَةٍ ، وَقَعَدَ فِي ظِلِّ حَائِطٍ ، أَوْ جِدَارٍ ، حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهِ ، فَبَلَّغْتُ الرِّسَالَةَ الَّتِي بَعَثَنِي فِيهَا ، فَلَمَّا أَتَيْتُ أُمَّ سُلَيْمٍ ، قَالَتْ : مَا حَبَسَكَ ؟ قُلْتُ : بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ لَهُ ، قَالَتْ : وَمَا هِيَ ؟ قُلْتُ : سِرٌّ ، قَالَتْ : احْفَظْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِرَّهُ . قَالَ : فَمَا حَدَّثْتُ بِهِ أَحَدًا بَعْدُ.
- لفظ مُحَمد بن عَبْد الله الأَنْصَارِي : انْتَهَى إِلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَأَنَا فِي غِلْمَانٍ ، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَأَرْسَلَنِي فِي رِسَالَةٍ ، وَقَعَدَ فِي ظِلِّ جِدَارٍ ، أَوْ فِي جِدَارٍ ، حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا أَتَيْتُ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ : مَا حَبَسَكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرِسَالَةٍ ، قَالَتْ : وَمَا هِيَ ؟ قُلْتُ : إِنَّهَا سِرٌّ ، قَالَتْ : احْفَظْ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَمَا أَخْبَرْتُ بِهِ بَعْدُ أَحَدًا قَطُّ.
أخرجه ابن أَبي شَيْبَة 8/385(25521) و\"أحمد\" 3/109(12083) و\"البُخَارِي\" ، في (الأدب المفرد) 1139 و\"أبو داود\" 5203 و\"ابن ماجة\" 3700 .

7- التدليل الزائد:
التدليل الزائد والتعلق المفرط بالولد وخاصة من الأم يؤدي إلى نتائج خطيرة على نفس الولد وتصرفاته وقد يكون من آثاره زيادة الخجل والانطواء وكثرة الخوف وضعف الثقة بالنفس والاتجاه نحو الميوعة والتخلف عن ا لأقران.
ولقد أوضح العلماء أن الطفل المدلل هو طفل قلق بطبعه يستعجل الأمور، ويحكم على المواقف بسرعة دون تفهم وعلى مستو شخصي وليس المستوى الموضوعي المطلوب .
و تسيطر على الطفل المدلل الأنانية وحب السيطرة على إخوته والعنف في تصرفاته معهم لإحساسه بالتميز عنهم .
يروي لنا التاريخ أن عمر بن عبد العزيز كان قد أرسله أبوه وهو شاب صغير إلى المدينة المنورة ليتعلم فيها الفقه وعلوم الدين، وكان صالح بن كيسان مؤدبه والقائم على أمر ملازمته وتوجيهه وإرشاده، وفي ذات يوم انتبه هذا المؤدب أن عمر بن عبد العزيز لم يحضر صلاة الجماعة وتخلف عنها، فذهب إليه ليستطلع الأمر فسأله قائلاً: ما أخرك عن صلاة الجماعة؟ فأجاب عمر: كانت مرجلتي تسكن شعري، فأجابه صالح متعجباً: وبلغ من تسكين شعرك أنه يؤخرك عن الصلاة!! وكتب بذلك إلى أبيه عبد العزيز بن مروان، فما كان من أبيه إلا أن أمر بحلق رأسه تأديباً له وتربية وتعليماً حتى لا يعود لمثلها.
( سير أعلام النبلاء 9/133).

وكان لشريح ابن يدع الكتاب ويهارش الكلاب قال فدعا بقرطاس ودواه فكتب إلى مؤدبه:
تَركَ الصلاةَ لأكْلُبٍ يَسعى بها * * طلب الهِرَاش مع الغِوَاةِ الرُّجس
فإذا خَلَوْتَ فَعَضّه بمَلاَمَةٍ * * وِعظَتْهُ وَعْظَكَ للأرِيب الكَيس
وإذا همَمْتَ بضَرْبِه فبدرَةٍ * * وإذا بلغتَ بها ثلاثاً فاحْبِس
واعْلَمْ بأنك ما فعلتَ فنفسُه * * مع ما يُجَرعُني أعَز الأنْفُس

انظر : حلية الأولياء :أبو نعيم الأصبهاني 4/137، وأخبار القضاة لوكيع 207.

8- القسوة المفرطة:
كما أن التدليل المفرط له آثاره السيئة والسلبية على الطفل، فإن القسوة المفرطة أيضا لها آثارها وعواقبها السيئة عليه ، فالقسوة المفرطة تبلد الإحساس لدى الطفل وتجعله جبانًا مهيناً فلا يستطيع القيام بحق أو نصرة مظلوم وتولد عنده العناد والانتقام في بعض الأحيان.
إن القسوة المفرطة ليست حلا ولا هي الطريق لإصلاح الأبناء. لقد بلغت القسوة عند بعض الناس حدا حتى أصبحت الحيوانات أرحم منه.
فليعلم الآباء أن الشدة والقسوة كالدواء يحتاج إليها في حالات معينة قد سبقها محاولات أخرى باللين متعددة الطرق والوسائل، عندها يحتاج المربي إلى القسوة وهو آخر العلاج والدواء, وكما قيل:
فقسا ليزدجروا ومن يك حازما…فليقسُ أحيانا على من يرحم
وفي صحيح مسلم من حديث جرير قال: سمعت رسول الله يقول: ((من يحرم الرفق يحرم الخير))، وفيه كذلك عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال: ((يا عائشة، إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه))، وفيه أيضا من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي أنه قال: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه)).

وتأمل معي هذه القصة الواقعية التي قرأتها في بعض المنتديات والتي تبين عاقبة القسوة المفرطة على الأولاد.
كان أحد الأطفال كان يلعب في داخل المنزل وأثناء اللعب كسر زجاج النافذة جاء أبوه إليه بعد أن سمع صوت تكسر الزجاج وسأل: من كسر النافذة؟ قيل له ولدك. فلم يتمالك الوالد أعصابه فتناول عصا غليظة من الأرض وأقبل على ولده يشبعه ضربا...أخذ الطفل يبكي ويصرخ وبعد أن توقف الأب عن الضرب جرّ الولد قدميه إلى فراشه وهو يشكو الإعياء والألم فأمضى ليله فزعا.
أصبح الصباح وجاءت الأم لتوقظ ولدها, فرأت يداه مخضرّتان فصاحت في الحال وهبّ الأب إلى حيث الصوت وعلى ملامحه أكثر من دهشة! وقد رأى ما رأته الأم...فقام بنقله إلى المستشفى وبعد الفحص قرر الطبيب أن اليدين متسممتان وتبين أن العصا التي ضرب بها الطفل كانت فيها مسامير قديمة أصابها الصدأ, لم يكن الأب ليلتفت إليها لشدة ما كان فيه من فورة الغضب, مما أدى ذلك إلى أن تغرز المسامير في يدي الولد وتسرّب السمّ إلى جسمه فقرر الطبيب أن لا بدّ من قطع يدي الطفل حتى لا يسري السم إلى سائر جسمه فوقف الأب حائرا لا يدري ما يصنع وماذا يقول؟؟؟.
قال الطبيب: لا بدّ من ذلك والأمر لا يحتمل التأخير فاليوم قد تقطع الكف وغدا ربما تقطع الذراع وإذا تأخّرنا ربما اضطررنا أن نقطع اليد إلى المرفق ثم من الكتف, وكلما تأخّرنا أكثر تسرب السم إلى جسمه وربما مات.
لم يجد الأب حيلة إلا أن يوقّع على إجراء العملية فقطعت كفي الطفل وبعد أن أفاق من أثر التخدير نظر وإذا يداه مقطوعتان فتطلّع إلى أبيه بنظرة متوسلة وصار يحلف أنه لن يكسر أو يتلف شيئا بعد اليوم شرط أن يعيد إليه يديه, لم يتحمل الأب الصدمة وضاقت به السُبُل فلم يجد وسيلة للخلاص والهروب إلا أن ينتحر, فرمى بنفسه من أعلى المستشفى وكان في ذلك نهايته.

فجاء الشاعر عدنان عبد القادر أبو المكارم ليصوغ قصته في قالب شعري فقال :
كسر الغلام زجاج نافـذة البنا * * من غير قصد شأنه شأن البشر
فأتاه والده وفي يـده عصـا * * غضبان كالليث الجسور إذا زأر
مسك الغلامَ يدق أعظم كفه * * لم يبق شيئاً في عصـاه ولـم يذر
والطفل يرقص كالذبيح ودمعـه * * يجري كجري السيل أو دفق المطر
نام الغلام وفي الصباح أتت له * * الأم الرؤوم فأيقظـته على حذر
وإذا بكفيه كغصـن أخضـر * * صرخت فجاء الزوج عاين فانبهـر
وبلمحة نحو الطبيب سعى بـه * * والقلب يرجف والفؤاد قـد انفطر
قال الطبيب وفي يديـه وريقـة * * عجّـلْ ووقّـعْ هاهنا وخذ العبر
كف الغـلام تسممت إذ بالعصا * * صـدأ قـديم في جوانبها انتشـر
في الحال تقطع كفـه من قبل أن * * تسري السموم به ويزداد الخطر
نادى الأب المسكين واأسفـي على * * ولـدي ووقّـعَ باكـيا ثم استتـر
قطع الطبيب يديــه ثم أتى بـه * * نحو الأب المنهـار في كف القدر
قـال الغـلام أبي وحـق أمـي * * لا لن أعود فـرُدََّ مــا مني انبتـر
شُــدِهَ الأب الجاني وألقى نفسـه * * مـن سطح مستشفىً رفيـعٍ فانتحر

فكن متوازناً وحكيماً في تربية أولادك وفي معاملتهم, حتى لا تفقدهم قبل أن يفقدوك.
اللهم اعصمنا من شر الفتن وعافنا من جميع البلايا والمحن وأصلح منا ما ظهر وما بطن. اللهم طهر ألسنتنا من الكذب وقول الزور، وأعيننا من الخيانة والفجور، وقلوبنا من الشك والشرك والنفاق، اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

المصدر: ÃÎØÇÁ Ýí ÊÑÈíÉ ÇáÃÈäÇÁ
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ماشاء الله لا قوة الا بالله تبارك الذي بيده الملك
بارك الله فيك وجزاك كل خير وجعل كل حرف في ميزان حسناتك
بارك الله في من ربياك وكان مثواهما ومثواك الفردوس الاعلى
بارك الله لك في دينك وعرضك ودنياك ومالك ورزقك بما تحب في ما يحب ويرضى لك

اللهم امين ياااارب

اللين في تربية الابناء واجب، لكن لين المشاعر

اما اللين المفرط في السماح لهم بالتبذير ووووو هذا لا يجوز
الاطفال يقلدون الاباء فهم بالنسبة لهم القدوة لذلك حين يريد الاب او الام من الطفل الصغير ان يفعل شيء ما فيجب عليهما ان يقوما هما به
لان الاطفال لا يستمعون، خاصة حين يطلب منهم عدم فعل شيء ما لانه سيء بينما الوالدان يقومان به

فهذا كانك تكلم حيط، عقل الطفل الصغير مبرمج بما ان الكبار يفعلون ذلك الامر فهو جيد بغض النظر عن ما يقولون لهم

الرِّفق بالأولاد
(الرفق بالأبناء في التربية)


الرِّفق في محيط العلاقات الأسرية:
في أي تجمع إنساني تبرز علاقات اجتماعية تنمو في ظل التفاعل بين أفراده، ومن أبرز أسباب تلك العلاقات: القرابة بالنَّسب والمصاهرة.
وقد عني الإسلام بهذه العلاقات عناية بالغة، فشرّع لها أحكاماً، وسنَّ لها آداباً.
وكان للرِّفق مجال رحب فيها: فالآباء، والأبناء، والإخوة، والأزواج، والأصهار، والأرحام: يترفَّق جميعهم، ويتلطَّف بعضهم ببعض، فتدوم الصِّلات فيما بينهم، وتقوى الروابط التي تجمعهم.

وإذا كان المسلم مأموراً بالرِّفق مع كل أحد، فهو مع هؤلاء الذين تربطه بهم روابط وثيقة مأمور بالأولى.

وتتأكد الدَّعوة إلى التعامل بالرِّفق كلما كانت علاقة القرابة والصلة أقوى، فالرِّفق بالوالدين من أعلى درجات الرِّفق وآكدها، وقس على هذا.

وإذا حصل عكس الرِّفق تهدَّدت العلاقات الأسرية، وربما تقطّعت، وحلَّ التدابر والتباغض محلَّ المودَّة والمحبة.

وسأعرض في هذا المبحث صوراً شتّى من العلاقات الأسرية، التي حثَّ الإسلام على الرِّفق فيها؛ ليتحقّق لتلك العلاقات النّجاح والديمومة في الدنيا، ويتحقّق لأهلها الأجر في الآخرة.

من المعلوم أن محبَّة الأولاد قضية فطرية جُبِلت القلوب عليها، وهي الباعث على تلك المشاعر الرَّقيقة، والعواطف الجيّاشة من الأبوين تجاههم.
وتتمثَّل هذه المحبة بتقديم الحماية والرعاية لهم، والرَّحمة والرَّأفة بهم، والشفقة والعطف عليهم، ولها في تربية النشء وتكوينه أفضل النتائج وأعظم الآثار.
وقد حفلت كتب السُّنَّة بالأحاديث الكثيرة التي تظهر مدى عناية الإسلام بالأولاد في شتى المجالات وفي كل المراحل، وما الترَّغيب بالرِّفق بهم إلا أحد تلك المجالات، ومن صور ذلك الرِّفق:

• تمكين الطفل من الرَّضاع من أمِّه:
للطفل في الإسلام حقُّ الرضاع من أمِّه، وهذا الحقُّ ربما ضاع في ظروف الخلاف والشقاق بين الزوجين، فتأبى الوالدة إرضاعه، أو يأبى الوالد دفع الطفل إليها؛ لذا جاء النهي عن تضييع هذا الحقِّ بقوله تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 233].

قال البخاري رحمه الله تعالى:
قال يونس عن الزهري: نهى الله أن تُضارَّ والدةٌ بولدها، وذلك أن تقول الوالدةُ: لسْتُ مُرْضعتَه وهي أمثلُ له غذاءً، وأشفق عليه وأرفق به من غيرها، فليس لها أن تأبى بعدَ أن يُعطِيَها من نفسه ما جعلَ الله عليه، وليس للمولودِ له أن يُضارَّ بولدِه والدتَه فيَمْنعَها أن تُرْضعَه ضراراً لها إلى غيرها..)).

• توفير الحنان للطِّفل بالضَّمِّ والتقبيل:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء أعرابيٌّ إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال: تُقَبِّلُون الصِّبيانَ! فما نُقَبِّلُهم. فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: (( أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نزَعَ اللهُ مِنْ قلبِكَ الرَّحمةَ )) رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَبَّل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الحسنَ بنَ عليٍّ وعنده الأَقْرَعُ بنُ حابِس التَّميميُّ جالساً. فقال الأَقْرَعُ: إنَّ لي عشَرةً من الولد ما قَبَّلْتُ منهم أحداً!. فنظر إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قال: (( مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ ))
رواه البخاري ومسلم.

• ترك محاسبة الطِّفل لعدم تكليفه:
تقول السيِّدة عائشة رضي الله عنها: أُتِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بصبيٍّ، فبال على ثوبِه، فدعا بماءٍ فأتبعَه إيَّاه.
رواه البخاري ومسلم

وعن أمِّ قَيْسٍ بنتِ مِحْصَنٍ أنَّها أتَتْ بابنٍ لها صغيرٍ، لم يأكُلِ الطَّعامَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حِجْره، فبال على ثوبِه، فدعا بماءٍ فنضَحَه ولم يغسلْه. رواه البخاري ومسلم.

قال النووي: (( فيه: النَّدْب إلى حُسْن المعاشرة واللِّين والتَّواضُعِ والرِّفْق بالصِّغار وغيرِهم )).

وقال ابن حجر: (( ويستفاد منه: الرِّفْق بالأطفال، والصَّبْرُ على ما يَحْدُث منهم، وعدمُ مؤاخذتِهم؛ لعدم تكليفهم)).

• مجاراة الطفل، والإصغاء لحديثه، والتَّفاعل معه:
عن أنس رضي الله عنه قال: كانت الأَمَةُ من إماء المدينة لَتأخُذُ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت. رواه البخاري.

ولفظ أحمد: إِنْ كانت الوليدة مِنْ ولائد أهلِ المدينة لَتَجِيءُ فتأخذُ بيدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فلا يَنْـزِعُ يدَه من يدِها، حتى تذهب به حيث شاءَتْ .

قال ابن حجر: (( والمقصود من الأخذ باليد: لازِمُه، وهو الرِّفْقُ والانقياد. وقد اشتمل على أنواعٍ من المبالغة في التواضع: لذِكْرِه المرأةَ دون الرجل، والأَمَةَ دون الحُرَّة، وحيث عمَّم بلفظ (الإماء) أيَّ أَمَةٍ كانَتْ، وبقوله (حيث شاءت) أي: من الأمكنة، والتعبيرُ بالأخذ باليدِ إشارةٌ إلى غايةِ التَّصرُّفِ، حتى لو كانت حاجَتُها خارجَ المدينة، والتمسَتْ منه مساعدتَها في تلك الحاجة، لساعد على ذلك، وهذا دالٌّ على مزيد تواضُعِه، وبراءته من جميعِ أنواعِ الكِبْر صلى الله عليه وسلم )).

• الرِّفق بالطِّفل في مجازاته وتأديبه:
الأصل في الإسلام أن تكون معاملة الطفل بالرِّفق واللّين، لكن إذا دعت الضَّرورة إلى مجازاته وتأديبه، فلذلك وسائل متعدِّدة، منها: التّوجيه، ولفت النظر، والإشارة، والتوبيخ، والهجر، والضَّرب الخفيف غير المبرّح، فيتدرَّج المربّي في هذه الوسائل، ولا ينتقل إلى الجزاء الأعلى إلا في حال عدم جدوى الأدنىّ، فالمُربِّي كالطَّبيب.

ويعدُّ الضَّرب أعلى تلك العقوبات، ولا يجوز اللجوء إليه إلا بعد اليأس من كل وسيلة للتقويم، وله شروط تجعل استعماله محدوداً وفي أضيق الظروف؛ إذ ليس من الرِّفق اللجوء إلى الضرب كوسيلةٍ أولى في التأديب، ومن فعل ذلك فقد عنَّف وما أدّب، وأفسد وما أصلح، وربما عُدَّ صنيعه هذا انتقاماً، وليس تربية وإصلاحاً.

عن أم الفضل - زوج العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم - قالت: رأيت كأنَّ في بيتي عضواً من أعضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: فجَزِعت من ذلك! فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له؟
فقال: (( خيراً، تلد فاطمة غلاماً فتكفلينه بلبنِ ابنِك قُثَم)).

قالت: فولدت حسناً فأُعطِيتُه فأرضعته حتى تحرك أو فطمته، ثم جئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسته في حَجْره فبال، فضربت بين كتفيه.

فقال: (( ارفقي بابني رحمكِ الله - أو: أصلحكِ الله - أوجعتِ ابني )).

قالت: قلت: يا رسول الله اخلع إزارك والبس ثوباً غيره حتى أغسله.

قال: (( إنما يغسل بول الجارية، وينضح بول الغلام )) رواه أحمد وأبو يعلى.

قال ابن حجر: (( إسناده جيد )).


رابط الموضوع: الرفق بالأولاد (الرفق بالأبناء في التربية)

من ينظر لتربية الصحابة الدينية والأخلاقية يجد أنها أعظم تربية؛ كيف لا والمربي هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي رباه ربُه سبحانه وتعالى. فهو المربي العظيم لخلقه كما قال تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه:39]
فالله سبحانه وتعالى هو الذي ربى الحبيب صلى الله عليه وسلم، ووصف خلقه فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]،
وهو القائل سبحانه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم:3].
فكانت تربية الصحابة على يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي نتاج تربية الله تعالى للحبيب عليه الصلاة والسلام.

وبالنظر لتربية الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وللصحابة نجد أنها كانت بالشدة والابتلاء؛ ففي بداية الدعوة نجد الشدة والابتلاء بالتعذيب من قبل المشركين: فهذا بلال رضي الله عنه يُعذّب على رمال مكة المحرقة، وهذا عمار بن ياسر يُعذَّب بجوار أبيه وأمه فيمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: «صبرًا آل ياسرٍ، فإنَّ موعدَكم الجنةُ» (حسّنه الألباني في فقه السيرة:103)،
ولا يستطيع فعل شيء لهم إلا تصبيرهم على تلك الابتلاءات العظيمة.

ومع كل هذا العذاب الشديد الذي يلاقونه بالنهار يشد الله تعالى عليهم بالليل فينزل قول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ . قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل:1، 2]
ويظل النبي صلى الله عليه وسلم ومعه الصحابة يقومون الليل حتى تورمت وانتفخت أقدامهم واحتبست نهاية السورة التي جاء فيها التخفيف سنة كاملة كما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ افترضَ قيامَ اللَّيلِ في أوَّلِ هذِهِ السُّورةِ فقامَ نبيُّ اللَّهِ وأصحابُهُ حولًا حتَّى انتفخَت أقدامُهم وأمسَكَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ خاتمتَها اثنَى عشرَ شَهرًا ثُمَّ أنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ التَّخفيفَ في آخرِ هذِهِ السُّورةِ فصارَ قيامُ اللَّيلِ تطوُّعًا بعدَ أن كانَ فريضةً" (صحيح النسائي:1600)
وما كان ذلك إلا تربيةً لهم وتقوية لنفوسهم.

ثم يأتي الأمر بالدعوة مع ما هم فيه من الخوف من إظهار دينهم لشدة العذاب الذي نزل بهم، وينزل قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ . قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر:1، 2]
فنجد الصحابي يخشى على نفسه أن يظهر إسلامه والبعض لا يستطيع الذهاب لدار الأرقم ابن أبي الأرقم لخوفه ومع ذلك يأمرهم الله تعالى بالدعوة إليه.

ثم بعد رحلة العذاب المكية التي استمرت ثلاثة عشر عاما تبدأ الهجرة فيفارقوا الديار والأبناء ويضحوا بالأموال والمتاع؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ، يَقُولُ: «واللهِ إنَّكِ لَخيرُ أرْضِ اللهِ، وأحَبُّ أرْضِ اللهِ إليَّ، ولوْلَا أنِّي أُخرِجْتُ مِنْكِ ما خَرجْتُ»
(صحيح الجامع:7089).

ومع كل هذه الآلام طيلة السنوات يأتي أخيرًا الانتصار الأول والعظيم بغزوة بدر والسعادة البالغة للمسلمين وفي ظل نشوة الانتصار هذه يقول تعالى: {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم} [محمد:38].
فسبحان الله! بلسان حالنا الآن بعد كل هذه الآلام وننتصر فبدل الشكر يعلنها الله تعالى صراحة وكأنك لم تفعل شيء ولو غضبت من هذا وتريد أن تتولى سيستبدل قومًا غيركم.

ثم بعد ذلك نجد التضحيات الكثيرة والابتلاءات من أجل التمحيص. فانظر إلى حجم الألم النفسي الشديد الذي عاناه المخلفون الثلاثة (كعب وصحبه) بعد تخلفهم عن غزوة تبوك وإعراض النبي وجميع الصحابة عنهم خمسين يومًا وما ذلك إلا تمحيصًا لقلوبهم وزيادةً لأجرهم مثل النار التي لا تزيد الذهبَ إلا صفاءً وإشراقًا؛ ثم ينزل بالنهاية قول الله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ . وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة:117، 118].
ويقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْض أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ . إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة:38، 39]،
وكأن الله تعالى يعلم الجميع بأنه سبحانه في غنى عن الجميع مهما كان فعله وعمله وقيمته.

ثمرة التربية بالشدة:
إذن وبعد كل ذلك نجد أن ثمرة التربية الشديدة والصبر على الابتلاء هي النجاة من العذاب والبعد عن النار والدخول للجنة، ونيل الرضوان والمغفرة؛ فانظر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر عندما أراد أن يضرب عنق حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه بعدما بعث برسالة لقريش قبل فتح مكة- فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ, فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» (البخاري:3007).
هذه هي الثمرة؛ المغفرة التامة والرضوان الأبدي بعد الصبر على كل المحن والابتلاءات. وهذه الثمرة العظيمة لم تظهر إلا بآخر حياة الحبيب صلى الله عليه وسلم؛ إذ إن الصحابة رضي الله عنهم عاشوا على الخوف والمحن والابتلاء رغم رضا الرحمن عنهم والمغفرة التامة لهم.

والصبرُ مِثلُ اسمه مُرٌ مذاقته *** لكن عواقِبهُ أحلى من العسلِ

التربية باللين:
و لا شك أنه مع ما قدمنا من أهمية الشدة في التربية وما لها من أثر على المتربي إلا أن التوازن بين اللين والشدة، والرحمة والقسوة يصب في مصلحة المتربي... فقد تقابلنا حالات لا ينفع معها إلا اللين والعطف وحالات أخرى لا ينفع معها إلا الشدة، وحالات -وهي الغالبة- تحتاج إلى المراوحة بين الأسلوبين..

فالتربية باللين قد تُفسد وتجر إلى ويلات وما لا يحمد عقباه كما حدث مع امراة العزيز التي راودت فتاها عن نفسه قال تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف:23]،
فكان رد فعل الزوج صاحب القلب الطيب والحنون {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} ويقول للزوجة الخائنة: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} [يوسف:29].
فقط! هل هذا هو رد الفعل للخائنة التي تريد خيانتك؟! وكانت ثمرة هذا اللين أن الزوجة سمعت نصيحة الزوج الحنون وجمعت نسوة المدينة ثم قالت {وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ} [يوسف:32].
يعني سأعود مرة ثانية أبحث عن الزنا!!

ولكنها (أي التربية باللين) قد تكون هي السبيل الأمثل للتربية؛ فها هو النبي صلى الله عليه وسلم يضرب لنا أعظم الأمثلة في تربيته لأصحابه بالرفق واللين، والأمثلة على ذلك كثيرة: كموقفه صلى الله عليه وسلم من معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه عندما تكلم في الصلاة؛ فلم يُعنفه أو يُوبخه بل قال له بكل رفق: «إنَّ هذه الصلاةَ لا يَصلُحُ فيها شيءٌ من كلامِ الناسِ. إنما هو التسبيحُ والتكبيرُ وقراءةُ القرآنِ»، يقول معاوية: "فبِأبي هو وأمِّي! ما رأيتُ مُعَلِّمًا قبلَه ولا بعدَه أحسنَ تَعليمًا منه. فواللهِ! ما كهَرَني ولا ضرَبَني ولا شتَمَني" (مسلم:537)..
فكان صلى الله عليه وسلم نِعم المعلم ونِعم المربي.

وكان صلى الله عليه وسلم رحيمًا بأولاده وأحفاده وكان يحمل أمامة بنت زينب ابنته وكان يحمل الحسن والحسين في الصلاة حتى إنه ذات مرة نزل من على المنبر يوم الجمعة وحمل الحسن والحسين بعدما رآهما يتعثران في ملابسهما وقال: «صَدقَ اللهُ ورسولُه: {إِنَّمَا أمْوَالُكُمْ وأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} نَظَرْتُ إلى هذينِ الصَّبِيَّيْنِ يَمشيانِ و يَعثُرانِ، فلمْ أصْبِرْ حتى قَطعتُ حَدِيثِي ورفَعْتُهُما» (صحيح الجامع:3757).

فالإنسان بطبيعته مجبولٌ على حب أبنائه وعلى الرفق بهم لكن لا بد أن يتوسط المرء بين الشدة واللين؛ فلا يبالغ في الرفق بهم ويرخي لهم الحبل، وكذلك لا يبالغ في الشدة حتى لا ينقطع الحبل، وإنما خير الأمور أوسطها، ولكل مقامٍ مقال. يقول الدكتور سعد بن حميد حفظه الله: "فمحبةُ الذرية، والرحمةُ بهم، والشفقةُ عليهم مطلوبةٌ؛ لكن ليس على حساب الدِّين، وإن محبتهم لا تقتضي إهمالَ تربيتهم، وإغفالَ شؤونهم، والسُّنةُ مليئة بما يحثُّ على حبِّ الذرية ورحمتهم، كما أنها مليئة بما يجب به إحسان تربيتهم، وتقويم خُلُقهم". ويقول أيضًا: "وكلنا يرى ما أودعه الله في قلوب الأبوين من الرحمة للولد، حتى في البهائم، وهذا ليس بمستغرَبٍ؛ إنما الذي يُستغرب أن يفرط زمامُ هذه المحبة لدى الوالدين حتى يعود بالضرر على الولد".

فيا أيها المربي الفاضل:
انظر إلى الفارق بين الشدة في التربية واللين وانظر أي الطريقين يتماشى مع أبنائك فسِر عليه، مع الأخذ بالتوسط بين هذا وذاك. وأنتَ يا طالب العلم: لا تحزن ولا تغضب إذا شد عليك عالم من العلماء أو قسا عليك معلمك ذات يوم في درسِ أو خطبة.. واعلم أن الشدة والبلاء عواقبهما جميلة وقد تصل بك إلى أرفع درجات الجنان.


رابط المادة: التربية بين الشدة واللين - أبو مالك محمد عيسى - طريق الإسلام

في انتظار المزيد من مواضيعكم الجميلة والقيمة

وارجو تقبل مروري مع الاضافات التي اتمنى انها افاذتكم
تحياتي احترامي وتقديري لشخصكم الكريم الطيب
احسنت القطف.
بارك الله فيك وفي من رباك.
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ماشاء الله لا قوة الا بالله تبارك الذي بيده الملك
بارك الله فيك وجزاك كل خير وجعل كل حرف في ميزان حسناتك
بارك الله في من ربياك وكان مثواهما ومثواك الفردوس الاعلى
بارك الله لك في دينك وعرضك ودنياك ومالك ورزقك بما تحب في ما يحب ويرضى لك

اللهم امين ياااارب

اللين في تربية الابناء واجب، لكن لين المشاعر

اما اللين المفرط في السماح لهم بالتبذير ووووو هذا لا يجوز
الاطفال يقلدون الاباء فهم بالنسبة لهم القدوة لذلك حين يريد الاب او الام من الطفل الصغير ان يفعل شيء ما فيجب عليهما ان يقوما هما به
لان الاطفال لا يستمعون، خاصة حين يطلب منهم عدم فعل شيء ما لانه سيء بينما الوالدان يقومان به

فهذا كانك تكلم حيط، عقل الطفل الصغير مبرمج بما ان الكبار يفعلون ذلك الامر فهو جيد بغض النظر عن ما يقولون لهم

الرِّفق بالأولاد
(الرفق بالأبناء في التربية)


الرِّفق في محيط العلاقات الأسرية:
في أي تجمع إنساني تبرز علاقات اجتماعية تنمو في ظل التفاعل بين أفراده، ومن أبرز أسباب تلك العلاقات: القرابة بالنَّسب والمصاهرة.
وقد عني الإسلام بهذه العلاقات عناية بالغة، فشرّع لها أحكاماً، وسنَّ لها آداباً.
وكان للرِّفق مجال رحب فيها: فالآباء، والأبناء، والإخوة، والأزواج، والأصهار، والأرحام: يترفَّق جميعهم، ويتلطَّف بعضهم ببعض، فتدوم الصِّلات فيما بينهم، وتقوى الروابط التي تجمعهم.

وإذا كان المسلم مأموراً بالرِّفق مع كل أحد، فهو مع هؤلاء الذين تربطه بهم روابط وثيقة مأمور بالأولى.

وتتأكد الدَّعوة إلى التعامل بالرِّفق كلما كانت علاقة القرابة والصلة أقوى، فالرِّفق بالوالدين من أعلى درجات الرِّفق وآكدها، وقس على هذا.

وإذا حصل عكس الرِّفق تهدَّدت العلاقات الأسرية، وربما تقطّعت، وحلَّ التدابر والتباغض محلَّ المودَّة والمحبة.

وسأعرض في هذا المبحث صوراً شتّى من العلاقات الأسرية، التي حثَّ الإسلام على الرِّفق فيها؛ ليتحقّق لتلك العلاقات النّجاح والديمومة في الدنيا، ويتحقّق لأهلها الأجر في الآخرة.

من المعلوم أن محبَّة الأولاد قضية فطرية جُبِلت القلوب عليها، وهي الباعث على تلك المشاعر الرَّقيقة، والعواطف الجيّاشة من الأبوين تجاههم.
وتتمثَّل هذه المحبة بتقديم الحماية والرعاية لهم، والرَّحمة والرَّأفة بهم، والشفقة والعطف عليهم، ولها في تربية النشء وتكوينه أفضل النتائج وأعظم الآثار.
وقد حفلت كتب السُّنَّة بالأحاديث الكثيرة التي تظهر مدى عناية الإسلام بالأولاد في شتى المجالات وفي كل المراحل، وما الترَّغيب بالرِّفق بهم إلا أحد تلك المجالات، ومن صور ذلك الرِّفق:

• تمكين الطفل من الرَّضاع من أمِّه:
للطفل في الإسلام حقُّ الرضاع من أمِّه، وهذا الحقُّ ربما ضاع في ظروف الخلاف والشقاق بين الزوجين، فتأبى الوالدة إرضاعه، أو يأبى الوالد دفع الطفل إليها؛ لذا جاء النهي عن تضييع هذا الحقِّ بقوله تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 233].

قال البخاري رحمه الله تعالى:
قال يونس عن الزهري: نهى الله أن تُضارَّ والدةٌ بولدها، وذلك أن تقول الوالدةُ: لسْتُ مُرْضعتَه وهي أمثلُ له غذاءً، وأشفق عليه وأرفق به من غيرها، فليس لها أن تأبى بعدَ أن يُعطِيَها من نفسه ما جعلَ الله عليه، وليس للمولودِ له أن يُضارَّ بولدِه والدتَه فيَمْنعَها أن تُرْضعَه ضراراً لها إلى غيرها..)).

• توفير الحنان للطِّفل بالضَّمِّ والتقبيل:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء أعرابيٌّ إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال: تُقَبِّلُون الصِّبيانَ! فما نُقَبِّلُهم. فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: (( أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نزَعَ اللهُ مِنْ قلبِكَ الرَّحمةَ )) رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَبَّل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الحسنَ بنَ عليٍّ وعنده الأَقْرَعُ بنُ حابِس التَّميميُّ جالساً. فقال الأَقْرَعُ: إنَّ لي عشَرةً من الولد ما قَبَّلْتُ منهم أحداً!. فنظر إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قال: (( مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ ))
رواه البخاري ومسلم.

• ترك محاسبة الطِّفل لعدم تكليفه:
تقول السيِّدة عائشة رضي الله عنها: أُتِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بصبيٍّ، فبال على ثوبِه، فدعا بماءٍ فأتبعَه إيَّاه.
رواه البخاري ومسلم

وعن أمِّ قَيْسٍ بنتِ مِحْصَنٍ أنَّها أتَتْ بابنٍ لها صغيرٍ، لم يأكُلِ الطَّعامَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حِجْره، فبال على ثوبِه، فدعا بماءٍ فنضَحَه ولم يغسلْه. رواه البخاري ومسلم.

قال النووي: (( فيه: النَّدْب إلى حُسْن المعاشرة واللِّين والتَّواضُعِ والرِّفْق بالصِّغار وغيرِهم )).

وقال ابن حجر: (( ويستفاد منه: الرِّفْق بالأطفال، والصَّبْرُ على ما يَحْدُث منهم، وعدمُ مؤاخذتِهم؛ لعدم تكليفهم)).

• مجاراة الطفل، والإصغاء لحديثه، والتَّفاعل معه:
عن أنس رضي الله عنه قال: كانت الأَمَةُ من إماء المدينة لَتأخُذُ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت. رواه البخاري.

ولفظ أحمد: إِنْ كانت الوليدة مِنْ ولائد أهلِ المدينة لَتَجِيءُ فتأخذُ بيدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فلا يَنْـزِعُ يدَه من يدِها، حتى تذهب به حيث شاءَتْ .

قال ابن حجر: (( والمقصود من الأخذ باليد: لازِمُه، وهو الرِّفْقُ والانقياد. وقد اشتمل على أنواعٍ من المبالغة في التواضع: لذِكْرِه المرأةَ دون الرجل، والأَمَةَ دون الحُرَّة، وحيث عمَّم بلفظ (الإماء) أيَّ أَمَةٍ كانَتْ، وبقوله (حيث شاءت) أي: من الأمكنة، والتعبيرُ بالأخذ باليدِ إشارةٌ إلى غايةِ التَّصرُّفِ، حتى لو كانت حاجَتُها خارجَ المدينة، والتمسَتْ منه مساعدتَها في تلك الحاجة، لساعد على ذلك، وهذا دالٌّ على مزيد تواضُعِه، وبراءته من جميعِ أنواعِ الكِبْر صلى الله عليه وسلم )).

• الرِّفق بالطِّفل في مجازاته وتأديبه:
الأصل في الإسلام أن تكون معاملة الطفل بالرِّفق واللّين، لكن إذا دعت الضَّرورة إلى مجازاته وتأديبه، فلذلك وسائل متعدِّدة، منها: التّوجيه، ولفت النظر، والإشارة، والتوبيخ، والهجر، والضَّرب الخفيف غير المبرّح، فيتدرَّج المربّي في هذه الوسائل، ولا ينتقل إلى الجزاء الأعلى إلا في حال عدم جدوى الأدنىّ، فالمُربِّي كالطَّبيب.

ما ذلك إلا تمحيصًا لقلوبهم وزيادةً لأجرهم مثل النار التي لا تزيد الذهبَ إلا صفاءً وإشراقًا؛ ثم ينزل بالنهاية قول الله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ . وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة:117، 118].
ويقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْض أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ . إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة:38، 39]،
وكأن الله تعالى يعلم الجميع بأنه سبحانه في غنى عن الجميع مهما كان فعله وعمله وقيمته.

ثمرة التربية بالشدة:
إذن وبعد كل ذلك نجد أن ثمرة التربية الشديدة والصبر على الابتلاء هي النجاة من العذاب والبعد عن النار والدخول للجنة، ونيل الرضوان والمغفرة؛ فانظر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر عندما أراد أن يضرب عنق حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه بعدما بعث برسالة لقريش قبل فتح مكة- فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ, فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» (البخاري:3007).
هذه هي الثمرة؛ المغفرة التامة والرضوان الأبدي بعد الصبر على كل المحن والابتلاءات. وهذه الثمرة العظيمة لم تظهر إلا بآخر حياة الحبيب صلى الله عليه وسلم؛ إذ إن الصحابة رضي الله عنهم عاشوا على الخوف والمحن والابتلاء رغم رضا الرحمن عنهم والمغفرة التامة لهم.

والصبرُ مِثلُ اسمه مُرٌ مذاقته *** لكن عواقِبهُ أحلى من العسلِ

التربية باللين:
و لا شك أنه مع ما قدمنا من أهمية الشدة في التربية وما لها من أثر على المتربي إلا أن التوازن بين اللين والشدة، والرحمة والقسوة يصب في مصلحة المتربي... فقد تقابلنا حالات لا ينفع معها إلا اللين والعطف وحالات أخرى لا ينفع معها إلا الشدة، وحالات -وهي الغالبة- تحتاج إلى المراوحة بين الأسلوبين..

فالتربية باللين قد تُفسد وتجر إلى ويلات وما لا يحمد عقباه كما حدث مع امراة العزيز التي راودت فتاها عن نفسه قال تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف:23]،
فكان رد فعل الزوج صاحب القلب الطيب والحنون {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} ويقول للزوجة الخائنة: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} [يوسف:29].
فقط! هل هذا هو رد الفعل للخائنة التي تريد خيانتك؟! وكانت ثمرة هذا اللين أن الزوجة سمعت نصيحة الزوج الحنون وجمعت نسوة المدينة ثم قالت {وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ} [يوسف:32].
يعني سأعود مرة ثانية أبحث عن الزنا!!

ولكنها (أي التربية باللين) قد تكون هي السبيل الأمثل للتربية؛ فها هو النبي صلى الله عليه وسلم يضرب لنا أعظم الأمثلة في تربيته لأصحابه بالرفق واللين، والأمثلة على ذلك كثيرة: كموقفه صلى الله عليه وسلم من معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه عندما تكلم في الصلاة؛ فلم يُعنفه أو يُوبخه بل قال له بكل رفق: «إنَّ هذه الصلاةَ لا يَصلُحُ فيها شيءٌ من كلامِ الناسِ. إنما هو التسبيحُ والتكبيرُ وقراءةُ القرآنِ»، يقول معاوية: "فبِأبي هو وأمِّي! ما رأيتُ مُعَلِّمًا قبلَه ولا بعدَه أحسنَ تَعليمًا منه. فواللهِ! ما كهَرَني ولا ضرَبَني ولا شتَمَني" (مسلم:537)..
فكان صلى الله عليه وسلم نِعم المعلم ونِعم المربي.

وكان صلى الله عليه وسلم رحيمًا بأولاده وأحفاده وكان يحمل أمامة بنت زينب ابنته وكان يحمل الحسن والحسين في الصلاة حتى إنه ذات مرة نزل من على المنبر يوم الجمعة وحمل الحسن والحسين بعدما رآهما يتعثران في ملابسهما وقال: «صَدقَ اللهُ ورسولُه: {إِنَّمَا أمْوَالُكُمْ وأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} نَظَرْتُ إلى هذينِ الصَّبِيَّيْنِ يَمشيانِ و يَعثُرانِ، فلمْ أصْبِرْ حتى قَطعتُ حَدِيثِي ورفَعْتُهُما» (صحيح الجامع:3757).

فالإنسان بطبيعته مجبولٌ على حب أبنائه وعلى الرفق بهم لكن لا بد أن يتوسط المرء بين الشدة واللين؛ فلا يبالغ في الرفق بهم ويرخي لهم الحبل، وكذلك لا يبالغ في الشدة حتى لا ينقطع الحبل، وإنما خير الأمور أوسطها، ولكل مقامٍ مقال. يقول الدكتور سعد بن حميد حفظه الله: "فمحبةُ الذرية، والرحمةُ بهم، والشفقةُ عليهم مطلوبةٌ؛ لكن ليس على حساب الدِّين، وإن محبتهم لا تقتضي إهمالَ تربيتهم، وإغفالَ شؤونهم، والسُّنةُ مليئة بما يحثُّ على حبِّ الذرية ورحمتهم، كما أنها مليئة بما يجب به إحسان تربيتهم، وتقويم خُلُقهم". ويقول أيضًا: "وكلنا يرى ما أودعه الله في قلوب الأبوين من الرحمة للولد، حتى في البهائم، وهذا ليس بمستغرَبٍ؛ إنما الذي يُستغرب أن يفرط زمامُ هذه المحبة لدى الوالدين حتى يعود بالضرر على الولد".

فيا أيها المربي الفاضل:
انظر إلى الفارق بين الشدة في التربية واللين وانظر أي الطريقين يتماشى مع أبنائك فسِر عليه، مع الأخذ بالتوسط بين هذا وذاك. وأنتَ يا طالب العلم: لا تحزن ولا تغضب إذا شد عليك عالم من العلماء أو قسا عليك معلمك ذات يوم في درسِ أو خطبة.. واعلم أن الشدة والبلاء عواقبهما جميلة وقد تصل بك إلى أرفع درجات الجنان.


رابط المادة: التربية بين الشدة واللين - أبو مالك محمد عيسى - طريق الإسلام

في انتظار المزيد من مواضيعكم الجميلة والقيمة

وارجو تقبل مروري مع الاضافات التي اتمنى انها افاذتكم
تحياتي احترامي وتقديري لشخصكم الكريم الطيب
احسنت القطف.
بارك الله فيك وفي من رباك.
أخطاء في تربية الأبناء
د. بدر عبد الحميد هميسه

تربية الأولاد من المسؤوليات العظيمة التي سوف يسأل عنها الإنسان يوم القيامة ، ولقد أمرنا الله تعالى بأن نقي أنفسنا وأهلينا من المخاطر والمهالك ، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (6) سورة التحريم.
وقال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : \" كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالإِمَامُ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ في أَهْلِهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، وَالْخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ\". أَخْرَجَهُ أحمد 2/121(6026) و\"البُخَارِي\" 2/6 و4/6(2751) و\"مسلم\" 6/8(4755) .
وقال : \" كَفَى بِالْمَرْءَ إِثْمًا ، أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ\". رواه أحمد\" 2/160(6495) قال الأرنؤوط : صحيح لغيره وهذا إسناد حسن.
وتربية الأولاد علم له أصوله وقواعده، والأخطاء في التربية تكون لها نتائجها الوخيمة والسيئة على الفرد والمجتمع؛ لأن من شب على شيء شاب عليه.
قال الشاعر :
قَدْ يَنْفَعُ الأَدَبُ الأَحْدَاثَ في مَهَلٍ ... وَلَيْسَ يَنْفَعُ بَعْدَ الكَبْرَةِ الأَدَبُ
إِنَّ الغُصُونَ إِذا قَوَّمْتَهَا اعْتَدَلَتْ ... وَلَنْ تَلِينَ إِذَا قَوَّمْتَها الَخشُبُ
وقال عبد الملك بن مروان لاعب ولدك سبعاً وأدبه سبعاً واستصحبه سبعاً فإن أفلح فألق حبله على غاربه ولا عبرة بقول من قال:
قولاً لمن ينصح ابناً له ... يردّد القول لتهذيبه
ضيع الوقت بلا طائل ... فيكثر القول ويهزي به
له إلى اللّه وتدبيره ... ثم إلى الدهر وتجريبه
فإنما الأقدار لا بدّ أن ... تأتي بما خط وتجري به
غرر الخصائص الواضحة ،للوطواط 45.

فهناك أخطاء كثيرة يقع فيها الآباء في تربية الأبناء ومنها:

1- انعدام الاتصال بين الآباء والأبناء :
كثير من الآباء لا يدركون أهمية التواصل والحوار مع الأبناء ، بل وينظرون إلى هذا الحوار وذاك التواصل على إنه ليس ذو قيمة ، متناسين أن ذلك قد يؤدي إلى تفكك العلاقات بين الأسرة الواحدة ، بل وإلى انتشار البغض والحقد بين أفرادها ، وقد يؤدي كذلك إلى انعدام الثقة بين أفراد الأسرة وانقطاع صلة الرحم في الكبر.
وإن عدم وجود الإذن الصاغية للطفل في المنزل ، تجعل منه فريسة سهلة لرفاق السوء لبحثه عن من يستمع له ويعبر عن قيمته وذاته ، والتنفيس عما بداخله .
والاتصال هنا يحتاج إلى وعي وإدراك ، فالحوار مع الكبير غير الحوار مع الصغير ، والحوار مع الولد غير الحوار مع البنت ، فهناك بعض الآباء يفرضون آراءهم بالقوة والقسر على أبنائهم ، متناسين أن لكل جيل ثقافته وفكره واحتياجاته ، وما أجمل قول الإمام علي في ذلك :\" لا تقصروا أولادكم على آدابكم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم\" . لباب الآداب ، لأسامة بن منقذ 70 .

2- عدم مراعاة الفروق الفردية:
اقتضت حكمة الله تعالى أن يخلق الناس مختلفين في الميول والاتجاهات والأمزجة ، قال تعالى : وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) سورة : هود.
ومن هنا فقد حث الإسلام على مخاطبة الناس على قدر عقولهم وعلى مقدار ما يستوعبون ويفهمون ، قال ابن مسعود رضي الله عنه : \" ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة \" . رواه مسلم ( 1 / 9 ) .
فلإسلام قد أقر بالفروق الفردية بين الأشخاص والأفراد ، وإن كان هذا الكلام ينطبق على المجتمع المسلم كله فهو كذلك ينطبق على الأسرة المسلمة ، فعلى الوالدين أن يعلما أن هناك فروقاً فردية بين الأبناء ، فمنهم سريع الاستجابة ومنهم بطيء الاستجابة , ومنهم الهادئ ومنهم كثير الحركة , فلا يعامل الأبناء كلهم معاملة واحدة ولا يخاطبون بأسلوب واحد

قيل لأحد الحكماء : أي الأولاد أحب إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر والمريض حتى يشفى والمسافر حتى يعود . محاضرات الأدباء , للحموي 1/ 165.

3- عدم مراعاة المرحلة السنية للطفل:
على الوالدين أن يراعيا المراحل التي يمر بها ولدهما ؛ فلا يعاملان ولدهما معاملة واحدة منذ أن كان في مهد الطفولة حتى يتخرج من الجامعة، بل يعاملانه في كل مرحلة بما يصلح له. ويترتب على هذه المراحل: تقدير العقاب الذي يصلح للولد إذا أخطأ.
فالضرب مثلاً يصلح مع الصغير ويؤدبه، وقد يؤدب أحياناً بمجرد رفع الصوت عليه ونهره وتهديده. أما المراهق فمن أكثر ما يؤدبه الكلام العاطفي، كأن يقول له الأب أو الأم: يا ولدي أنت قد كبرت، أو أنا قد كبرت سني وأريدك أن تكون رجلاً لأزوجك وأرى أولادك قبل أن أموت. ونحو ذلك. أما الكبير فقد يفيد معه الهجر أحيانًا والغضب منه.
ومن هنا فقد جعل الإسلام الضرب للصغير إذا تهاون في الصلاة ، عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْروٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعِ سِنِينَ ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ ، وَإِذَا أَنْكَحَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ , أَوْ أَجِيرَهُ , فَلا يَنْظُرَنَّ إِلَى شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ ، فَإِنَّ مَا أَسْفَلَ مِنْ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ , مِنْ عَوْرَتِهِ .أخرجه أحمد 2/180(6689) و\"أبو داود\" 495 .

4- المقارنة بالغير :
من الأخطاء التي يقع فيها بعض الآباء في تربية الأولاد المقارنة بين الابن وبين غيره من الأولاد سواء من إخوته أو من غيرهم , فلا ننس أن لكل طفل قدرات ومهارات تختلف عن غيره ومقارنته بغيره قد تؤدى إلى إحباط الطفل, والى شعوره بالدونية , مما يخلق لديه نوعا من العنف لإثبات الذات ، بل إن مقارنته دائما بالآخرين قد يجعله يفقد الثقة بنفسه , مما يؤثر على تكوينه ويجعل منه إمعة لا يحسن إلا تقليد الآخرين في كل شيء .
فنفسية الطفل كذلك مثل نفسية الكبير يغضب ويتوتر حين تقارنه بأخيه الأسرع منه .
أو الأذكى منه أو الأهدأ منه ، إن مثل هذه المقارنة تخلق عند الطفل اضطراباً في نفسيته وضعفا في شخصيته لأنه قد يكون عاجزاً أو غير قادر على القيام بنفس ما يقوم به أخوه ولكنه بالتأكيد يستطيع القيام بشيء لا يستطيع أخوه القيام به لأنه لم يخلق نسخة عن أخيه فهو شخصية مستقلة ومن الخطأ مقارنته مع الآخرين.
قد هيَّأوكَ لأمرٍ لو فطنت له *** فاربأ بنفسِك أن ترعى مع الهَمَلِ

5- عدم العدل بين الأبناء:
عدم العدل بين الأولاد يؤدي إلى الغيرة ويوجد روح العداء بينهم ويكون سبباً للعقوق ، وسبب لكراهية بعضهم لبعض ، وكم من المآسي والأحزان التي تعج بها بعض البيوت نتيجة للظلم والتمييز ، والتفريق بين الأبناء ، وعدم العدل بينهم.
قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } (90) سورة النحل.

وقال:{ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (152) سورة الأنعام.

عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما ، أن أمه بنت رواحة سألت أباه بعض الموهوبة من ماله لابنها فالتوى بها سنة ، ثم بدا له ، فقالت : لا أرضى حتى تُشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما وهبت لابني ، فأخذ أبي بيدي ، وأنا غلام فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال يا رسول الله إن أم هذا ، بنت رواحة أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بشير ألك ولد سوى هذا ؟ قال : نعم ، فقال : \" أكلهم وهبت له مثل هذا ؟ قال : لا ، قال : \" فلا تشهدني إذاً ، فإني لا أشهد على جور \" [ أخرجه مسلم ] .

وعند البخاري والنسائي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" فكل بنيك نحلت مثل الذي نحلت النعمان ؟ قال : لا ، قال : فأشهد على هذا غيري ، قال : \" أليس يسرك أن يكونوا لك في البر سواء ؟ قال : بلى ، قال فلا إذاً \" .

وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" لا أشهد ، إني لا أشهد إلا على حق \" . وفي رواية عند البخاري : \" اعدلوا بين أولادكم في العطية \" ، وفي رواية أخرى أيضاً عند البخاري : \" أعطيت سائر ولدك مثل هذا ؟ قال : لا ، قال : \" فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم \" قال : فرجع فرد عطيته .

وروى ابن أبي الدنيا بسنده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" اعدلوا بين أولادكم في النحل ، كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف \" [ حديث صحيح 1 172 ] .

و قال صلى الله عليه وسلم : \" اعدلوا بين أبنائكم ، اعدلوا بين أبنائكم \" [ أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي وغيرهم بسند صحيح ، وصححه الألباني ] .

وقد يكون الظلم للبنت أكثر , بسبب رواسب الجاهلية عند البعض , فيحرم ابنته ن الميراث ويفاضل الذكور من أبنائه عليها ، وينسى قول النبي صلى الله عليه وسلم : \" من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها ـ يعني الذكر ـ أدخله الله الجنة \" [ أخرجه أبو داود والحاكم وقال صحيح الإسناد ].

وروي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله ضم ابناً له ، وكان يحبه ، فقال : يا فلان ، والله إني لأحبك ، وما أستطيع أن أوثرك على أخيك بلقمة .

يقول يزيد بن معاوية : أرسل أبي إلى الأحنف بن قيس ، فلما وصل إليه قال له : يا أبا بحر ، ما تقول في الولد : قال يا أمير المؤمنين : ثمار قلوبنا ، وعماد ظهورنا ، ونحن لهم أرض ذليلة ، وسماء ظليلة ، وبهم نصول على كل جليلة ، فإن طلبوا فأعطهم ، وإن غضبوا فأرضهم ، يمنحوك ودهم ، ويحبونك جهدهم ، ولا تكن عليهم ثقلاً ثقيلاً ، فيملوا حياتك ، ويودوا وفاتك ، ويكرهوا قربك ، فقال له معاوية : لله أنت يا أحنف ، لقد دخلت علي وأنا مملوء غضباً وغيظاً على يزيد ، فلما خرج الأحنف من عنده ، رضي عن يزيد وبعث إلى يزيد بمائتي ألف درهم ، ومائتي ثوب . [ إحياء علوم الدين 2/295 ] .

6- عدم تحمل الأبناء المسؤولية:
ومن الأخطاء في تربية الأولاد والتعامل معهم تربية الأولاد على عدم تحمل المسئولية؛ فالأب هو المسئول عن كل شيء فهو الذي يسدد الفواتير، وهو الذي يشتري المواد الغذائية للمنزل، مع أن الولد قد كبر ويمكن الاعتماد عليه , لكنه خوفاً لا يريد أن يجعله يتحمل مسؤولية أي شيء ، ولا يدرك أنه بذلك يضعف شخصيته ولا يجعله يشعر بقيمته ورجولته.

ولقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تربية الأولاد على الرجولة وتحمل المسؤولية ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ:ُكنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَسَلَّمَ (قَالَ يَزِيدُ فِي حَدِيثِهِ : عَلَيْنَا)، وَأَخَذَ بِيَدِي ، فَبَعَثَنِي فِي حَاجَةٍ ، وَقَعَدَ فِي ظِلِّ حَائِطٍ ، أَوْ جِدَارٍ ، حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهِ ، فَبَلَّغْتُ الرِّسَالَةَ الَّتِي بَعَثَنِي فِيهَا ، فَلَمَّا أَتَيْتُ أُمَّ سُلَيْمٍ ، قَالَتْ : مَا حَبَسَكَ ؟ قُلْتُ : بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ لَهُ ، قَالَتْ : وَمَا هِيَ ؟ قُلْتُ : سِرٌّ ، قَالَتْ : احْفَظْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِرَّهُ . قَالَ : فَمَا حَدَّثْتُ بِهِ أَحَدًا بَعْدُ.
- لفظ مُحَمد بن عَبْد الله الأَنْصَارِي : انْتَهَى إِلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَأَنَا فِي غِلْمَانٍ ، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَأَرْسَلَنِي فِي رِسَالَةٍ ، وَقَعَدَ فِي ظِلِّ جِدَارٍ ، أَوْ فِي جِدَارٍ ، حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا أَتَيْتُ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ : مَا حَبَسَكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرِسَالَةٍ ، قَالَتْ : وَمَا هِيَ ؟ قُلْتُ : إِنَّهَا سِرٌّ ، قَالَتْ : احْفَظْ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَمَا أَخْبَرْتُ بِهِ بَعْدُ أَحَدًا قَطُّ.
أخرجه ابن أَبي شَيْبَة 8/385(25521) و\"أحمد\" 3/109(12083) و\"البُخَارِي\" ، في (الأدب المفرد) 1139 و\"أبو داود\" 5203 و\"ابن ماجة\" 3700 .

7- التدليل الزائد:
التدليل الزائد والتعلق المفرط بالولد وخاصة من الأم يؤدي إلى نتائج خطيرة على نفس الولد وتصرفاته وقد يكون من آثاره زيادة الخجل والانطواء وكثرة الخوف وضعف الثقة بالنفس والاتجاه نحو الميوعة والتخلف عن ا لأقران.
ولقد أوضح العلماء أن الطفل المدلل هو طفل قلق بطبعه يستعجل الأمور، ويحكم على المواقف بسرعة دون تفهم وعلى مستو شخصي وليس المستوى الموضوعي المطلوب .
و تسيطر على الطفل المدلل الأنانية وحب السيطرة على إخوته والعنف في تصرفاته معهم لإحساسه بالتميز عنهم .
يروي لنا التاريخ أن عمر بن عبد العزيز كان قد أرسله أبوه وهو شاب صغير إلى المدينة المنورة ليتعلم فيها الفقه وعلوم الدين، وكان صالح بن كيسان مؤدبه والقائم على أمر ملازمته وتوجيهه وإرشاده، وفي ذات يوم انتبه هذا المؤدب أن عمر بن عبد العزيز لم يحضر صلاة الجماعة وتخلف عنها، فذهب إليه ليستطلع الأمر فسأله قائلاً: ما أخرك عن صلاة الجماعة؟ فأجاب عمر: كانت مرجلتي تسكن شعري، فأجابه صالح متعجباً: وبلغ من تسكين شعرك أنه يؤخرك عن الصلاة!! وكتب بذلك إلى أبيه عبد العزيز بن مروان، فما كان من أبيه إلا أن أمر بحلق رأسه تأديباً له وتربية وتعليماً حتى لا يعود لمثلها.
( سير أعلام النبلاء 9/133).

وكان لشريح ابن يدع الكتاب ويهارش الكلاب قال فدعا بقرطاس ودواه فكتب إلى مؤدبه:
تَركَ الصلاةَ لأكْلُبٍ يَسعى بها * * طلب الهِرَاش مع الغِوَاةِ الرُّجس
فإذا خَلَوْتَ فَعَضّه بمَلاَمَةٍ * * وِعظَتْهُ وَعْظَكَ للأرِيب الكَيس
وإذا همَمْتَ بضَرْبِه فبدرَةٍ * * وإذا بلغتَ بها ثلاثاً فاحْبِس
واعْلَمْ بأنك ما فعلتَ فنفسُه * * مع ما يُجَرعُني أعَز الأنْفُس

انظر : حلية الأولياء :أبو نعيم الأصبهاني 4/137، وأخبار القضاة لوكيع 207.

8- القسوة المفرطة:
كما أن التدليل المفرط له آثاره السيئة والسلبية على الطفل، فإن القسوة المفرطة أيضا لها آثارها وعواقبها السيئة عليه ، فالقسوة المفرطة تبلد الإحساس لدى الطفل وتجعله جبانًا مهيناً فلا يستطيع القيام بحق أو نصرة مظلوم وتولد عنده العناد والانتقام في بعض الأحيان.
إن القسوة المفرطة ليست حلا ولا هي الطريق لإصلاح الأبناء. لقد بلغت القسوة عند بعض الناس حدا حتى أصبحت الحيوانات أرحم منه.
فليعلم الآباء أن الشدة والقسوة كالدواء يحتاج إليها في حالات معينة قد سبقها محاولات أخرى باللين متعددة الطرق والوسائل، عندها يحتاج المربي إلى القسوة وهو آخر العلاج والدواء, وكما قيل:
فقسا ليزدجروا ومن يك حازما…فليقسُ أحيانا على من يرحم
وفي صحيح مسلم من حديث جرير قال: سمعت رسول الله يقول: ((من يحرم الرفق يحرم الخير))، وفيه كذلك عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال: ((يا عائشة، إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه))، وفيه أيضا من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي أنه قال: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه)).

وتأمل معي هذه القصة الواقعية التي قرأتها في بعض المنتديات والتي تبين عاقبة القسوة المفرطة على الأولاد.
كان أحد الأطفال كان يلعب في داخل المنزل وأثناء اللعب كسر زجاج النافذة جاء أبوه إليه بعد أن سمع صوت تكسر الزجاج وسأل: من كسر النافذة؟ قيل له ولدك. فلم يتمالك الوالد أعصابه فتناول عصا غليظة من الأرض وأقبل على ولده يشبعه ضربا...أخذ الطفل يبكي ويصرخ وبعد أن توقف الأب عن الضرب جرّ الولد قدميه إلى فراشه وهو يشكو الإعياء والألم فأمضى ليله فزعا.
أصبح الصباح وجاءت الأم لتوقظ ولدها, فرأت يداه مخضرّتان فصاحت في الحال وهبّ الأب إلى حيث الصوت وعلى ملامحه أكثر من دهشة! وقد رأى ما رأته الأم...فقام بنقله إلى المستشفى وبعد الفحص قرر الطبيب أن اليدين متسممتان وتبين أن العصا التي ضرب بها الطفل كانت فيها مسامير قديمة أصابها الصدأ, لم يكن الأب ليلتفت إليها لشدة ما كان فيه من فورة الغضب, مما أدى ذلك إلى أن تغرز المسامير في يدي الولد وتسرّب السمّ إلى جسمه فقرر الطبيب أن لا بدّ من قطع يدي الطفل حتى لا يسري السم إلى سائر جسمه فوقف الأب حائرا لا يدري ما يصنع وماذا يقول؟؟؟.
قال الطبيب: لا بدّ من ذلك والأمر لا يحتمل التأخير فاليوم قد تقطع الكف وغدا ربما تقطع الذراع وإذا تأخّرنا ربما اضطررنا أن نقطع اليد إلى المرفق ثم من الكتف, وكلما تأخّرنا أكثر تسرب السم إلى جسمه وربما مات.
لم يجد الأب حيلة إلا أن يوقّع على إجراء العملية فقطعت كفي الطفل وبعد أن أفاق من أثر التخدير نظر وإذا يداه مقطوعتان فتطلّع إلى أبيه بنظرة متوسلة وصار يحلف أنه لن يكسر أو يتلف شيئا بعد اليوم شرط أن يعيد إليه يديه, لم يتحمل الأب الصدمة وضاقت به السُبُل فلم يجد وسيلة للخلاص والهروب إلا أن ينتحر, فرمى بنفسه من أعلى المستشفى وكان في ذلك نهايته.

فجاء الشاعر عدنان عبد القادر أبو المكارم ليصوغ قصته في قالب شعري فقال :
كسر الغلام زجاج نافـذة البنا * * من غير قصد شأنه شأن البشر
فأتاه والده وفي يـده عصـا * * غضبان كالليث الجسور إذا زأر
مسك الغلامَ يدق أعظم كفه * * لم يبق شيئاً في عصـاه ولـم يذر
والطفل يرقص كالذبيح ودمعـه * * يجري كجري السيل أو دفق المطر
نام الغلام وفي الصباح أتت له * * الأم الرؤوم فأيقظـته على حذر
وإذا بكفيه كغصـن أخضـر * * صرخت فجاء الزوج عاين فانبهـر
وبلمحة نحو الطبيب سعى بـه * * والقلب يرجف والفؤاد قـد انفطر
قال الطبيب وفي يديـه وريقـة * * عجّـلْ ووقّـعْ هاهنا وخذ العبر
كف الغـلام تسممت إذ بالعصا * * صـدأ قـديم في جوانبها انتشـر
في الحال تقطع كفـه من قبل أن * * تسري السموم به ويزداد الخطر
نادى الأب المسكين واأسفـي على * * ولـدي ووقّـعَ باكـيا ثم استتـر
قطع الطبيب يديــه ثم أتى بـه * * نحو الأب المنهـار في كف القدر
قـال الغـلام أبي وحـق أمـي * * لا لن أعود فـرُدََّ مــا مني انبتـر
شُــدِهَ الأب الجاني وألقى نفسـه * * مـن سطح مستشفىً رفيـعٍ فانتحر

فكن متوازناً وحكيماً في تربية أولادك وفي معاملتهم, حتى لا تفقدهم قبل أن يفقدوك.
اللهم اعصمنا من شر الفتن وعافنا من جميع البلايا والمحن وأصلح منا ما ظهر وما بطن. اللهم طهر ألسنتنا من الكذب وقول الزور، وأعيننا من الخيانة والفجور، وقلوبنا من الشك والشرك والنفاق، اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
امين بارك الله فيك.
اعجبني وبشدة.
احسنت القطف كالعادة.
 
وفيك بركة
اللهم امين يارب فيك وفي اهلك وفي كل المسلمين
سعيدة كثيرا جدا انها اعجبتك والحمد لله، اتمنى ان تفيذ غيرنا ان شاء الله
احسن الله اليك اخي الطيب
كلامكم وسام شرف على صدري وان شاء الله نفيذ ونستفيذ
تحياتي القلبية
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top