الحاج علي خطوي

الحاج علي خطوي من مواليد 1902 ، انضم إلى صفوف ثورة التحرير المضفرة سنة 1957 ولما شاع نشاطه وذاع ناضله بين الناس لدعم جنود جيش التحرير بدأت مضايقات جنود العدو الفرنسي وأذناب جيش بلونيس تتزايد حوله يوم بعد يوم ، فقرر الفرار إلى الزاوية التيجانية بعين ماضي ومنها إلى جبال القعدة بآفلو ، وقد كانت تربطه بالزاوية علاقات مودة ومحبة وولاء ووفاء وعلى وجه الخصوص بشيخها امحمد التيجاني ، فقادَ جملين مُحمّلين ببنادق سداسية الطلقات ورباعية الطلقات وذخيرة وخراطيش مجهولة العدد كان جمعها أهل عجرمة وسرى بهما ليلا رفقة نجله الأكبر الحاج محمد خطوي فقطعوا الوهاد والنجاد والأودية والشعاب مشيًا على الأقدام يتحسسون الرائح والغادي ويتوجسون خيفة من كل عابر سبيل ، إلى أن بلغا واد المخنث قرب عين ماضي بحوالي 4 كلم ، هنالك أخانوا جمليهما عند أحد المخلصين للثورة من قبيلة أولاد زيان ثم واصلوا السير على الأقدام إلى الزاوية التيجانية وبعد أن رحبا بهما وأكرمهما أخبراه بالأسلحة والذخيرة وعلى الفور كلف أحد شباب المنطقة بنقلهم إلى جبال القعدة أما الحاج علي خطوي فقد زكاه شيخ الزاوية التيجانية في رسالة موجهة لقائد الولاية التاريخية الخامسة محمد بن أحمد عبدالغني ، فما كان من الحاج علي خطوي إلا أن حمل البريد ويمم وجهه شطر قبلة الثوار في جبال القعدة وهنالك قدم ابنه وفلذة كبده ونجله الأكبر الحاج محمد ليكون جنديًا في صفوف المقاتلين في سبيل الله وليس هناك من شيء أحب وأغلى من الأبناء إلا أن ضباط جيش التحرير أعفوه من هذه المهمة بعدما علموا أن الحاج محمد متزوج بامرأتين وله منهما أربع من البنين والبنات وأن هاتين العائلتين أولى بالرعاية من الجهاد ، ومكث الوالد وولده في جبال القعدة حوالي أسبوع وهنالك أخبر الحاج علي خطوي العقيد محمد بن أحمد عبدالغني بالمضايقات التي يتعرض لها مرارًا من العدو الفرنسي وجيش بلونيس ، غير أن هذا الأخير قال للحاج علي إرجع إلى عجرمة واصبر واحتسب وابقى صامدًا هناك فإن وجودك بهذا المكان أنفع للثورة من وجودك هنا ، فرجع الحاج علي إلى عجرمة وراح يضرب أخماسًا في أسداس ويمارس كل أنواع التعبئة الشعبية ضد الفرنسيين ويحث الناس على الجهاد بالمال والسلاح والمؤنة فأبلى البلاء الحسن وتعرض لمحاولتي اغتيال وقيل ثلاث من طرف ضابط في جيش بلونيس اسمه العربي ، ولما باءت محاولتي الإغتيال ، سلك المجرمون طرائق قدادًا لتوهين عزيمة الرجل ولعل من أخسها وأنذلها أن فرض جيش بلونيس ضريبة باهضة على جميع أفراد عشيرة أولاد سيدي عبدالرحمان كي ينفضوا من حوله ، غير أن الحاج علي تولى دفع هذه الغرامة الظالمة نيابة عن العشيرة ، وقد تمثلت في 5000 فرنك عن كل جمل يمتلكه أولاد سيدي عبدالرحمان و1000 فرنك عن كل نعجة يمتلكونها ،وكان سكان عجرمة آنذاك يمتلكون أكثر من 400 جمل وأكثر من 200 قطيع غنم والقطيع يتراوح بين الـ 200 و300 رأس ولكم أن تتصوروا عبأ الغرامة وثقل الضريبة المفروضة على هؤلاء ظلما وعدوانا لأنهم ساندوا جيش التحرير بكل ما يستطيعون ، لكنهم في نهاية الأمر خابوا وخسئوا وخسروا خسرانا مبينًا .
وكانت خيمة الحاج علي خطوي أحد المراكز اللوجستية التي تقصدها فصائل ومجموعات جيش التحرير ، وفي صيف عام 1958 أقام عنده الضابط بلقاسم فرحات بن الشاوي رفقة امعمر بن الرميلي ومحمد التابوتي أسبوعًا كاملا ، فكلف الحاج علي ، الحاج السايح خطوي بحفر خندق لهم تحت سدرة في أصل شجرة من أشجار الفتستق الصحراوي تتوسط سنابل القمح التي استغلظت واستوت على سوقها فباتت ملاذا آمنًا ومأوًا مخفيًا لا تحوم حوله الشكوك فمكث المجاهدون الثلاثة هنالك لا يعرفهم أحد سوى الحاج السايح خطوي وأمره الحاج علي بأن يزودهم باللبن والسمن وقربة ماء وكان يطعمهم مما لذ وطاب أثناء غدائهم وعشائهم وفطورهم وبقوا هناك إلى جاءهم الشهيد البطل الحاج بلخضر بن مويزة فنقلهم بشاحنته وهي من نوع هوتش كيس إلى منطقة لبيض بنواحي بريان للقيام بمهام استطلاعية وتنظيمية لصالح الثورة .
كان للحاج علي بيت في غرداية وبينما كان يقيم فيه ، قام جنود العدو الفرنسي بعملية تمشيط واسعة لواد عجرمة باستعمال الكاشفات والكلاب البوليسية المدربة فاكتشفوا مخابىء الأسلحة والذخيرة المدفونة في مطمورة هناك وعلى الفور اعتقلوا كل من كان في عجرمة وهم 15 نفر نذكر منهم ابني الحاج علي الطيب وأحمد وأخيه المسعود ، و ورنيقي العلمي ، وعويسي أحمد ، وزروقي البشير ، وخطوي الطاهر ، ورقاع محمد ...وغيرهم ، أما الحاج علي فقد اعتقلوه من بيته في غرداية وساقوا الجميع إلى زنازين التعذيب في سجن الدوب بالأغواط فألهبوا ظهورهم بالسياط وكهربوا الجميع بالكهرباء التي ترتج الفرائس والأبدان من لسعها ولذعها المؤلمين وأغرقوهم في الماء حتى الإختناق ومارسوا عليهم أنوانًا من البطش والتنكيل ومكثوا بين يدي زبانية المحتلين زهاء 15 يومًا بلياليها لا يفتر عنهم العذاب ليلا أونهارًا إلى أن امتدت يد الله الكريمة إليهم باليسر بعد العسر فأفرجوا عنهم جميعًا ما عدا سيد القوم وكبيرهم الحاج علي خطوي فقد حوّلوه إلى السجن العسكري في سركاجي فمكث فيه أيامًا ثم حُكم عليه بالسجن المؤبد ، إلا أنه استأنف الحكم وأوكل محامية فرنسية فدافعت عنه دفاعًا مستميتا وقدّمت بعض الأدلة التي ساهمت في تبرئة ساحته ، من بينها أن الحاج علي خطوي كان يؤجر صهريج ماء من الشركة الفرنسية [ لاصاب ] لجلب الماء إلى عجرمة وكان يحتفظ بأوصلة تسليم واستلام حصص الماء فجعلتها المحامية حجة لتعامله مع الفرنسيين فكانت هذه القضية سببًا في الإفراج عنه بعد 11 شهرًا قضّاها في غياهب السّجن العسكري بسركاجي .
وبعد خروجه من السجن أبى الحاكم العسكري للأغواط أن يقبل بإقامة الحاج علي خطوي في الجنوب كله فمكان منه سوى أن توجه للإقامة في الجلفة وهنالك تلقاه مفتيها الشيخ سي عطية بالترحاب فدبر له بيتا محترما يليق بمكانته ومنزلته وأقام هنالك معززًا مكرمًا وَوَاصَل عمله السّري هنالك لدعم المجاهدين بكل ما يليق من فنون الدعم والإسناد إلى أن استقلت الجزائر سنة 1962 عند ذلك عاد إلى موطنه وبلده عجرمة التي أحبها ولو لم يُخرجوه منها ما خرج فبنى بها زاوية لتحفيظ القرآن الكريم وانتدب لها معلمي قرآن كان يدفع رواتبهم ومخصصاتهم الشهرية من ماله الخاص ، ورفض كل الإغراءات والامتيازات التي تمنحها الدولة للمجاهدين ما عدا فريضة الحج فقد طلب أن يُمنح له جواز لأداء هذه الفريضة فكان له ما أراد وقد حج بيت الله الحرام ثلاث مرات ، وكان صاحب دين ويقين ، عاش رجلا بكل ما تحمله كلمة الرجولة من معنى وأدى واجبه اتجاه وطنه فكان غنيا سخيا من غير تبذير وكان لا يخشى في الحق لومة لائم ، وكان رأس ماله ذكر الله ويزهو وتتهلل أساريره بالحبور والسرور حين يتحلق حوله أبنائه وجيرانه وأبناء عشيرته لقراءة آيات من كتاب الله أو قراءة أوراد الصباح والمساء ، يزهو بهذه المجالس ويحبها حبًا جمّا ولذلك أحبّه قومه وأطاعوه فكان السيد الذي لا يُرد له قرار ولا يُشق له غبار ، عاش بسيطا وماتَ عظيمًا بخصال سيذكرها التاريخ بأحرف من ذهب ، فرحمه الله وأسكنه فسيح جناته
 
بورك فيك اخي الغالي على المعلومات القيمة
دمتم فخرا للمنتدى
 
شكرا لك أخي الفاظل جزاك الله خيرآ.
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top