Once Upon a Time in the Kitchen – نهاية العالم تبدأ من طبق نودلز

space-cowboy

:: عضو مُشارك ::
صُنّآع آلمُحْتَوَى
Once Upon a Time in the Kitchen – نهاية العالم تبدأ من طبق نودلز 🍜




1a16de20-eb14-4fea-b704-5e6d32286664.webp







هكذا تبدأ القصّة دائمًا...


طاولة. وعاءان. وصمت... ليس ذاك الذي يهدّئ الحواسّ ويغمر القلب بالسَّكينة. لا! بل صمتٌ من طرازٍ آخر. ذاك الذي يثقل الهواء، ويَشقّ جلدك بحدّةٍ باردة، ثم يتسلّل إليك زحفًا ليصل إلى أعمق نقطة في روحك، تلك الزاوية التي لا يجرؤ حتى الشيطان على الإقتراب منها. وأنا، الذي طالما حلمتُ بالصمت، أكتشف اليوم أن هذا الصمت شيءٌ آخر. صمتٌ يُضخّم طقطقات الملاعق على الخزف. تلك الطقطقات اللّعينة... إيقاعٌ منتظم، لا يخطئ، وكأنها عدٌّ تنازليٌّ نحو نهاية زواجٍ مُحتضِر.


هي، جالسةٌ أمامي، تركيزها بالكامل على النّودلز، كما لو كانت تؤدي طقسًا مقدّسًا. كل حركةٍ محسوبة، ببرودة جَرَّاحٍ يَشُقّ الجِلد دونَ أنْ يَرتعِش، كساعة سويسرية لا تعرف الخطأ. وأنا؟ شاعرٌ مجنون، سقطتُ في لعبةٍ لا تُشبِهُني، لا تشبه فَوْضَاي، وَلا أبْجَدِيَّتي.


أسأل نفسي: كيف وصلنا إلى هذا؟


ربّما بسبب تِلك النَّظرات الصامتة، وتلك "اللا كلمات" المُتراكِمة كأطباق قذرة في حوض عزوبيّ لا يعترف بالماء. أو لعلّها تلك الطريقة التي تتفنّن بها في تحويل كلماتٍ بسيطة مثل "نعم"، "لا"، "حسنًا"، و"شكراً"، إلى سكاكين دقيقة، لا تُحدث نزيفًا… لكنها تُسْقِطُ بها ماموثاً في سيبيريا. وما الفرق بينك وبين ذلك الماموث، يا شارم؟


الماموث مات تحت الرِّماح. أمّا أنت؟ أنتَ لَسْتَ من الذين يفِرّون، أنت من يَأخُذ العبث ويُحوّله إلى لَوحةٍ فنية، ويعزف على فوضاه لحنًا لم يُسمع من قبل. حتّى هُنا، في هذا المطبخ… حيث التوتّر أثخن من خنجر مسموم، سأجد طريقًا للضَّحِك.


لأنه يا سادة، هذا هو سلاح الشُّعَراء المجانين: أن يضحكوا في قلب الإعصار.


أهلًا بكم في مطبخي.


هنا… النظرات تقتل أكثر من الكلمات، وكل لقمة تحمل مبارزة صامتة. لأن في هذا الويسترن سباغيتي الرّوحي، العَواطِفُ لا تُقلى في دقائق، بل تُطهى بِبُطء تحت نارٍ هادئة، حتى تنفجر في نكهات لم يعرف الإنسان مِثلها من قبل. هُنا، المعاركُ تُخاضُ بالشَّوكَة، و"الإلدورادو"؟ أن تخرج من المائدة حيًّا.


فشُدَّ المِنديل، هنا سَنَغرِفُ لكم الفوضى… بالمغرفة.







ChatGPT Image 3 juin 2025, 09_59_10.webp



Once Upon a Time in the Kitchen....


To be continued..
 
آخر تعديل:
سلمت يمناك على طرحك القيم جعله الله في ميزان حسناتك
 
سلمت يمناك على طرحك القيم جعله الله في ميزان حسناتك

بارك الله فيك أخي إلياس،
شكراً لك على مرورك الجميل وكلامك الطيّب.
 
الحلقة الأولى – الساعة والفوضى ⏱️🌪️





Tempête dans une montre suisse.webp





هناك حقائق نعرفها قبل أن نفتح أعيننا...

مثل طعم القهوة المُرّة حين تكون ثقيلة أكثر من اللازم. مثل يقينك بأن أفلام تارانتينو لا تنتهي بخير. الأمر مكتوب سلفًا في النجوم.


لا. لن نصمد.
لن تصمد الحكاية. ليس لأن أحدنا شرير والآخر طيّب. بل لأن بعض الساعات تدور على تردّدٍ لا يحتمل ذرّة رمل. وإن دخلتها... تغرق الساعة في الفوضى. فوضاي.


هي؟
آلة سويسرية، مضبوطة على نصف نبضة. سليلة الساعة الذرّية، زعيمة الأزمنة الحديثة، عرّابة الـ "تيك تاك" والإملاءات اليومية. الأخت الكبرى ل "Big Brother"، بل أخت "جورج أورويل" الكُبرى. تراقب حركاتك من رسغك... حتى داخل الحمّام.


أما أنا؟
فأنا إعصار عابر فوق سوق مراكش. أُهرق فناجين القهوة على الأرصفة، وأشعل أعقاب السجائر التي لم تُطفأ كما ينبغي. أنا حفيد علي بابا والأربعين حرامي. خَبيرُ رأس الحانوت، أختلس قبضة عطر من كل كيس بهارات، وأفجّرها في الهواء على هيئة تعويذة. فَاتِحاً شَهِيّةً غير شرعية، تُوقِظُ الغدد اليابسة.


أما الصّائمون؟ فلا، لا يأكلون نودلز.
ذاك سيكون تدنيسًا للطقس.

مثلنا تماماً.
نحن الاثنين؟ تدنيس.

متى توهّمنا أن هذا الثنائي كان فكرة جيّدة؟

من سيُبادر بالكلام المُحرّم؟ أنا... أم هي؟


الآنسة ساعة سويسرية :
"أعتقد أننا بحاجة إلى التحدث."




ChatGPT Image 3 juin 2025, 23_42_17.webp



Ouuuutch…


To be continued..
 
آخر تعديل:

space-cowboy

حتى لا نلطخ سرد الحكاية بسرد تفاهاتي ساتابع دون دخول مطبخكما لهذا واصل التحدي وسنواصل التخفي بشوق وانبهار
Candle Flame GIF by NEON

من ارقى ما قرات للمة هذه السنوات العجاف
 
آخر تعديل:

space-cowboy

حتى لا نلطخ سرد الحكاية بسرد تفاهاتي ساتابع دون دخول مطبخكما لهذا واصل التحدي وسنواصل التخفي بشوق وانبهار
Candle Flame GIF by NEON

من ارقى ما قرات للمة هذه السنوات العجاف


سعدت بحضورك وتشرفت بكلماتك أخي أبو فيصل.
بل على العكس، مرحبا بك دائما في "مطبخي".
خُذ لك طبق نودلز - وإن كنا في ساعة شواء - وشاركنا رأيك وتعليقك بكل أريحية متى ما أردت، فلسنا في مجلس أوبرا.

PS : عيدك مبارك سعيد، وكل عام وأنت بألف خير.
 
الحلقة الثانية – سقفٌ ينزف، وذبابة تُصفّق 💧🪰



Fuite d'eau.webp




بركة ماء راكدة، قطرة تتدلّى من سقف مُهترئ، وفي الأسفل... دلو صدئ. هكذا تبـدأ الكوارث. ليس بعاصفة... بل بقطرة. وكلّ شيء يقطر هذه الليلة. السقف. الذاكرة. العلاقة.


البقع المبلّلة هي منارة الكوارث. تحتفظ بأثر كل شيء: الخطوات، القطرات، محاولات الهروب.


هي تنظر إلى الأسفل، تمسح حول السطل بحركةٍ فيها من الإصرار أكثر من الرجاء. تمسح، تلمّع، تراقب تمدّد البركة.


وأنا؟ أنظر إلى الأعلى. أرى الشرخ في السقف، أعدّ القطرات، كمن ينتظر جوابًا مؤجّلًا من السماء. والماء، وفيّ… لا يأتي إلا من الأعلى.


لسنا في خلاف. لا.
لكن زوايا الرؤية لا تلتقي.


هي تخشى الغرق. وأنا… أخشى السبب. هي تريد إنقاذ الأثاث. وأنا أبحث عن النقطة الأولى… التي بدأ منها الخراب.



آنسة ساعة سويسرية: أعتقد أننا بحاجة إلى التحدث.


"يجب أن نتحدث"... حين تقولها امرأة؟ كأنها تضع إصبعها على زناد المسد
ّس في ويسترن سباغيتي. الزمن يتوقّف. الصمت يتمدّد. الهواء يثقل… كأنه سِكّين. ذبابة تعلّق طيرانها. حتى الجاذبية… ترتبك.



شارم (يهمس لنفسه): رائحة "الهيدشوت" في الأفق…

آنسة ساعة سويسرية: ماذا قلت؟

شارم: لا شيء… أنا أُنصِتُ لك.

آنسة ساعة سويسرية: ألا تشعر أن سقف البيت سيسقط علينا… إن استمررنا في تجاهل كل شيء؟

شارم (ينظر إلى السقف، ثم إلى السطل): تواصلت مع شركة التأمين بخصوص تسرّب الماء… المسألة قيد المعالجة.

آنسة ساعة سويسرية: لم أكن أعني الماء…

شارم: وماذا إذًا؟

آنسة ساعة سويسرية: انسَ الموضوع.




...أراها تبتعد، وفي يدها خرقة مبلّلة. كأنها تُراهن على مسح آثار الطّوفان. والماء يسيل من بين أصابعها...


الذبابة تعود. تقف على كتفي، تُحرّك جناحيها ببطء… كما لو كانت تُصفّق.


تبدأ بالهمس بطريقتها: بز بززز… بز بزز… بز.


دماغي، المُحاصر بالساعات، يحاول الترجمة:


"أحسنت، أيها البطل… بز.
تهرّبٌ بارع كعادتك… بز.
وصفرٌ جديد في سجلّ الحنان… كعادتك أيضًا… بز.
وسأشهد سقوطك، أيها البشري التافه… بز.
بزّههاهاها! بزّههاهاها!"







Portrait d'homme et mouche en contraste.webp


To be continued..
 
الحلقة الثالثة – شرنقة، وامرأة تحت المطر🦋🌧️





شرنقة.webp






النفوس المُعَذَّبة لا تملأ الفراغ بالأكاذيب.

تعرف أن محاولة التخفيف بكلماتٍ لا نؤمن بها تمامًا… ليست طبطبة، بل خيانة ناعمة. ففي البيوت المتصدّعة، الكلمة التي لا تُنقذ تُربك الجدار، وتزيد من شقوقه. وأنا أصبحتُ لا أطيق أن أكذب. لذا عدتُ إلى شرنقتي القديمة. صمتٌ وقائي، لا تجاهل ولا فرار… فقط نجاة من كلمةٍ زائدة قد تهدم ما تبقّى من الجدار. الشرنقة ليست عزلة، بل مقام خلوة لإعادة التشكّل، ترميم الروح وضبط البصيرة.


الآنسة ساعة سويسرية لا تتكلّم. لكنها لا تصمت أيضًا. فحركاتها كافية لتنوب عنها وتُخرجني من الخلوة. تتحرّك في المطبخ كمن يبحث عن شيء لا يريد أن يجده. تفتح الأدراج ببطء، تُسقط ملعقة بلا داعٍ، ثم تقف أمام الرف. النودلز أمامها على الرف العلوي، لكنها تصرّ على الوصول إليه بطريقة مُرهِقة: على أطراف أصابعها، بذراع ممتدة، بدل الاستعانة بكرسي.


هي تعرف. وأنا أعرف. أنها تستطيع طلب المساعدة بكلمة. لكن لا. هي تُريد أن تُثبت شيئًا. أنها مستقلة ولا تحتاجني حتى في أبسط المهام. موقف استعراضي بارد. لا هدف له سوى الإرباك.

أفتح فمي. أتردد. أغلقه.

الذبابة تهمس: "اسكت... لا تتكلم"

— تحتاجين مساعدة؟

الذبابة: "تبًا لك! أهذا وقت الشهامة؟ أتريد أن تنتحر؟"


هي لا ترد. ولا تنظر حتى في اتجاهي. تمدّ يدها أكثر. كأنها لم تسمع. كأن الجملة لم تُقال قط.
ثم، بعد ثوانٍ من التجاهل المتعمّد:

— لا شكرًا.


باردة. قاطعة. هذا ليس شكراً. هذا حكم إدانة.


أتراجع نحو الصالة. أجلس. أمسك الريموت. والذبابة تعزف في أذني هارمونيكا إنيو موريكوني. أشعر بالنسور تدور فوق غرفة الجلوس.

أضغط زر التشغيل. الشاشة تومض. قناة TMC. فيلم رومنسي. امرأة تركض تحت المطر…فستانها مبلّل، عيناها دامعتان. تتوقّف… شيءٌ في نظرتها ينهار.


أجلس هناك، أراقبها، كأنني أنتظر اعتذارًا منها هي... هي، التي في المطبخ… لكن بصوت هذه المرأة من داخل شاشة التلفاز.


المرأة على الشاشة تتنفس بعمق، وتبدأ بالكلام:

— يمكن كان ذنبي من البداية…
أنا أحيانًا ثقيلة الدم، عنيدة، وباردة…
لكن إنت؟
كنت تحاول... وأنا اللي كنت أتهرّب...
أنا...
أنا..


تتلعثم. تنظر للأسفل. ثم ترفع عينيها وتهمس:

— أنا... أنا... آس...






امرأة تحت المطر.webp




To be continued..
 
آخر تعديل:
العودة
Top Bottom