التفاعل
1.5K
الجوائز
93
- تاريخ التسجيل
- 17 سبتمبر 2020
- المشاركات
- 377
- آخر نشاط
- تاريخ الميلاد
- 11 فيفري 1983
- الجنس
- ذكر

Once Upon a Time in the Kitchen – نهاية العالم تبدأ من طبق نودلز 

هكذا تبدأ القصّة دائمًا...
طاولة. وعاءان. وصمت... ليس ذاك الذي يهدّئ الحواسّ ويغمر القلب بالسَّكينة. لا! بل صمتٌ من طرازٍ آخر. ذاك الذي يثقل الهواء، ويَشقّ جلدك بحدّةٍ باردة، ثم يتسلّل إليك زحفًا ليصل إلى أعمق نقطة في روحك، تلك الزاوية التي لا يجرؤ حتى الشيطان على الإقتراب منها. وأنا، الذي طالما حلمتُ بالصمت، أكتشف اليوم أن هذا الصمت شيءٌ آخر. صمتٌ يُضخّم طقطقات الملاعق على الخزف. تلك الطقطقات اللّعينة... إيقاعٌ منتظم، لا يخطئ، وكأنها عدٌّ تنازليٌّ نحو نهاية زواجٍ مُحتضِر.
هي، جالسةٌ أمامي، تركيزها بالكامل على النّودلز، كما لو كانت تؤدي طقسًا مقدّسًا. كل حركةٍ محسوبة، ببرودة جَرَّاحٍ يَشُقّ الجِلد دونَ أنْ يَرتعِش، كساعة سويسرية لا تعرف الخطأ. وأنا؟ شاعرٌ مجنون، سقطتُ في لعبةٍ لا تُشبِهُني، لا تشبه فَوْضَاي، وَلا أبْجَدِيَّتي.
أسأل نفسي: كيف وصلنا إلى هذا؟
ربّما بسبب تِلك النَّظرات الصامتة، وتلك "اللا كلمات" المُتراكِمة كأطباق قذرة في حوض عزوبيّ لا يعترف بالماء. أو لعلّها تلك الطريقة التي تتفنّن بها في تحويل كلماتٍ بسيطة مثل "نعم"، "لا"، "حسنًا"، و"شكراً"، إلى سكاكين دقيقة، لا تُحدث نزيفًا… لكنها تُسْقِطُ بها ماموثاً في سيبيريا. وما الفرق بينك وبين ذلك الماموث، يا شارم؟
الماموث مات تحت الرِّماح. أمّا أنت؟ أنتَ لَسْتَ من الذين يفِرّون، أنت من يَأخُذ العبث ويُحوّله إلى لَوحةٍ فنية، ويعزف على فوضاه لحنًا لم يُسمع من قبل. حتّى هُنا، في هذا المطبخ… حيث التوتّر أثخن من خنجر مسموم، سأجد طريقًا للضَّحِك.
لأنه يا سادة، هذا هو سلاح الشُّعَراء المجانين: أن يضحكوا في قلب الإعصار.
أهلًا بكم في مطبخي.
هنا… النظرات تقتل أكثر من الكلمات، وكل لقمة تحمل مبارزة صامتة. لأن في هذا الويسترن سباغيتي الرّوحي، العَواطِفُ لا تُقلى في دقائق، بل تُطهى بِبُطء تحت نارٍ هادئة، حتى تنفجر في نكهات لم يعرف الإنسان مِثلها من قبل. هُنا، المعاركُ تُخاضُ بالشَّوكَة، و"الإلدورادو"؟ أن تخرج من المائدة حيًّا.
فشُدَّ المِنديل، هنا سَنَغرِفُ لكم الفوضى… بالمغرفة.
To be continued..
آخر تعديل: