التفاعل
7K
الجوائز
858
- تاريخ الميلاد
- 19 ماي
- الوظيفة
- نستقي عِلم العَجم
- الجنس
- أنثى
- الأوسمة
- 4

السلام عليكم ورحمة الله
عساك بخير أخي اللماوي ..
خذ نفساً عميقاً، لأنك على وشك أن تغوص في تجربة ليست طبية، ولا علمية، بل روحية بامتياز
هي جزء من تجربتي في " مصلحة الأمراض العقلية "
حين عبرتُ عتبة الجنون ..
[ التربص الذي لا يمكنني نسيانه ]
في منتصف شهرٍ ربيعي، وجدتني أقف أمام مبنى رماديّ الملامح، مصلحة الأمراض العقلية
جئتُ بصفتي طالب طب، لأقوم بتربّصي في هذا المكان الذي لطالما شغلتني فكرته أكثر من تفاصيله،
كأنني أقف على أعتاب عالمٍ موازي، أتشوّق لاقتحامه وأرتجف من تبعاته في آن ..
دخلتُ كمن يدخل هيكلًا مقدسًا، لا بد من خلع التصورات المسبقة على الباب
خلعتُ خوفي، أو - تظاهرت بذلك -
خلعت أحكامي التي شكلتها كتبٌ ومجتمعاتٌ ومروياتٌ شعبية، ثم دلفتُ
فوجئت أولًا بأنّ الصمت هنا لا يشبه صمت بقية المستشفيات
إنه صمتٌ كثيف، مليء بالأصوات التي لا تُقال، كأنك تمشي فوق همسات مقموعة، فوق بكاءٍ طويلٍ لم يُسمح له بالخروج
في ممرٍ ضيّقٍ تنبعث منه رائحة المطهّرات والماضي المنكسر،خطوتُ كإنسانٍ يسير على الحدّ بين الإدراك والحيرة
كنت أتهيّأ لتربصٍ دراسي، لكنّي لم أكن أعلم أنني على وشك خوض تجربة تهزّ أعماق روحي
وتعيد تشكيل مفاهيمي عن الجنون، والضعف، والإنسان ..
كان المكان أشبه بزمنٍ متجمّد، لا هو بالحاضر ولا هو بالماضي، تسكنه نظرات شاردة وملامح منهكة،
وجدران تحمل فوق بياضها صرخات لا تُسمع
===
أول ما قابلني : نظرة
نظرة مريض جالس في الزاوية، يحدّق في سقفٍ لا يحتوي شيئًا، لكنه يراه ممتلئًا بعالمٍ لا أراه
يتمتم بكلمات لم أفهمها
لا أحد في الغرفة سواه، لكنه لم يكن وحده
كانت غرفته مليئة بأصوات، بأعداء، بحوارات لم نستطع سماعها، لكنه عاشها لحظة بلحظة
===
ثم التقيتُ " النبي " ... لا، بل " النبي المنتظر"
رجلٌ في نهاية الخمسينات، له هيئة شعثاء ونظرة تعلوها قداسة
كان يسند ظهره ويأخذ نفسًا عميقًا، ثم يقول :
"جبريل زارني في يقظتي والرسول محمد في منامي
أخبرني أنني منقذ هذه الأمة
لا تستغربي [ قالي غير كيما راني نقولك اه ]
الوحي الآن داخلي يخبرني بالجيد والسيء"
كان يشعر أن لا أحد يصدق نبوّته، فازداد إيمانه بها
في الحقيقة .. لم أشكك للحظة في صدقه، بل فقط في واقعه
كان يتكلّم بنبرة اليقين، بنظرةٍ لا تشبه نظراتنا نحن، وكأن بينه وبين السماء عهداً لا نفقهه
شعرت أنني في حضرة قديسٍ قديم خرج من إحدى صفحات التاريخ،
لكن سرعان ما أدركت أنني أمام عقلٍ أثقله الألم، وأفلتت مفاتيحه من يده
ومع ذلك، لم أستطع تجاهل شيء فيه.. شيء يشبه الحقيقة، أو ربما يشبه الجوع العميق لمعنى ... أيّ معنى !!!
تخيّل أن يكون الألم هو أن تكون صادقًا تمامًا، لكن في عالمٍ آخر لا يُشبه عالم الناس
===
في غرفة أخرى، وجدت " زعيمًا "
فقد اسمه بعد تعاطيه للمخدرات !
شابٌّ في العشرينات، بعينين تائهتين كانتا نافذتين على شيءٍ مفزع، وملامح متعبة، ينظر إلينا نظرة جنرالٍ يتفقّد جنوده
قال " لن أتحدث معكم، أين حاكمكم ؟ " وأخذ ينظر يمينا وشمالا
هذيانه كان متماسكًا بشكلٍ غريب
كنت أعلم أن هذه الأوهام ليست عبثًا .. بل محاولة عقلٍ يائس لإعادة تنظيم عالمه بعد انهياره
دخل هذا العالم من باب الحشيش والمهلوسات، ولم يعرف كيف يخرج
كنت أنظر إليه وأفكّر: كم شابًا بدأ بمزحة " دعني أجرّب فقط "… وانتهى هنا، بين ظلالٍ لا تنقشع، وأصواتٍ لا تصمت
===
ثم ... " الذي لا يحب رؤية الناس له "
شيخ بشوش يتكلم بطلاقة، لكنه يرتجف إذا نظرت إليه أكثر من لحظتين
يروي قصته وقصة عائلته
قال أنه لم يخرج من المصلحة منذ 2012، تخيل أيها اللماوي
من عباراته " أحب جميع الناس لكنهم لا يحبونني "
مرضه لم يكن في الأفكار فقط، بل في إحساسه العميق بأنه مكشوف
كان يشعر أن نظرات الناس تسلخ جلده، ولهذا كان يحتمي بالزاوية، بالظل ويجلس وحيدا
كم هو مؤلم أن يشعر الإنسان أنه صار مطاردًا
أن عيون الآخرين تُحاصره كعدوّ
===
في كل حالة، كنت أكتشف شيئًا عن نفسي، لا عنهم فقط
كنت أكتشف كم نحن هشّون، كم العقل fragile، كم يمكن للإنسان أن ينكسر من حدث بسيط، من فقدٍ، من عزلة، من كلمة
كانت الأيام تمضي، وكان المكان يكشف لي عن وجوهه ببطء
بدأتُ أفهم أن الأمراض العقلية ليست شذوذاً كما يظن الناس،
بل جراحاً داخلية عميقة، بعضها سببه الفقد، بعضها الخذلان،
وبعضها ببساطة... خلل لا ذنب لصاحبه فيه
بدأتُ أسمع ما بين السطور، أقرأ ما خلف الصمت، وأشعر بما لا يُقال
تلك الأيام غيّرتني
أدركت أن المرض العقلي ليس فصلاً يُدرَّس بل حياة تُعاش
وأن المرضى ليسوا " غرباء " بل بشرًا في أقصى درجات العُري الروحي
كلّ لحظة قضيتها هناك كانت امتحانًا لقلبي، لوعيي، لتصوّراتي عن الحياة
تعلّمت أن الألم النفسي لا يُرى بالعين، لكنه ينهش الروح كما تفعل النار اليابسة
أدركت أن الجنون ليس دائمًا فقدانًا للعقل، بل أحيانًا يكون فائضًا في الإحساس، في التأمل،
في البحث عن معنى لم تمنحه الحياة يومًا
من نحن، حقًا ؟
ألسنا كلنا نحمل داخلنا بذرة جنون ؟
ألسنا نخاف، نرتبك، نختبئ، نهرب من نظرات، نكلم أنفسنا حين لا نجد أحدًا ؟
ما الفرق بين من في الداخل .. ومن في الخارج ؟
===
خرجت من مصلحة الأمراض العقلية بأكثر من شهادة
خرجت بـدرس : أن الإنسانية لا تُقاس بالعقل وحده، بل بالرحمة
بالقدرة على الإنصات إلى من لا يُجيدون التعبير
بأن ترى الإنسان، قبل أن ترى الاضطراب
في لحظة ما، وقفت أمام نفسي وسألتها :
" هل نحن فعلاً نُعالج هؤلاء ؟ أم نحن فقط نضعهم على هامش المجتمع، نُهديهم بضع أقراص ونُغلق الباب ؟ "
كم منّا مرّ على حافة الجنون ذات مساء ؟ كم من شخص تعرفه يخوض معركة صامتة مع صوته الداخلي ؟
الفرق بيننا وبينهم شعرة، لحظة، موقف، صدفة
===
اكتشفت الوجه الآخر للإنسان، ذاك الذي نحاول إنكاره في زحمة المدن وصخب العقول السليمة
هناك، يتجلى الضعف لا كعار، بل كحقيقة وجودية
وهناك، تفهم أنّ الإنسان هشٌّ كقصيدة، إن تغيّرت قافية واحدة فيها، اختلّ معناها كلّه
تعلّمت أن العقل قد يخذل، لكن الروح تظل تقاتل
وأن في كل مريضٍ عقلي، إنسان يصرخ : " افهموني... لا ترفضوني "
خرجت من هناك، لا كما دخلت
عدت أحمل في صدري حكايات أناس لو سمعناهم بقلوبنا، لعرفنا أن الشفاء ليس دواءً فحسب، بل أيضًا رحمة
وأن أغرب ما في الجنون .. أنه مرآة، تريك كم منّا يعيش في عقلٍ مكتظّ بالأوهام، دون أن يُشخَّص يومًا
صرتُ أبتسم أكثر، وأحكم أقل
صرتُ أؤمن أن في كل إنسان قصة لم تُروَ
وأن بيننا كثيرين .. يسيرون على الحافة
===
الدرس الأعظم ؟
أن الجنون ليس فيهم، بل في عالمٍ لا يملك رحمة
في مجتمعٍ يُخفي كل من يخرج عن " النمط " فينا ..
حين نضحك على من يبكي من الداخل، ونبتسم لأننا لسنا مكانه،
دون أن نعلم أنّنا على بعد لحظة واحدة فقط من تلك الغرفة، من ذاك الهذيان، من تلك النظرة المرتجفة
فيا من قرأتَ قصتي - تجربتي القصيرة - ،
إن عبرتَ يومًا بجوار مصلحة الأمراض العقلية، فتوقف لحظة
ليس لتشفق، بل لتفهم
وربما .. لتُحب أكثر
تحيّة طيبة
[ لمعانُ الأحداق ]
عساك بخير أخي اللماوي ..
خذ نفساً عميقاً، لأنك على وشك أن تغوص في تجربة ليست طبية، ولا علمية، بل روحية بامتياز
هي جزء من تجربتي في " مصلحة الأمراض العقلية "
حين عبرتُ عتبة الجنون ..
[ التربص الذي لا يمكنني نسيانه ]
في منتصف شهرٍ ربيعي، وجدتني أقف أمام مبنى رماديّ الملامح، مصلحة الأمراض العقلية
جئتُ بصفتي طالب طب، لأقوم بتربّصي في هذا المكان الذي لطالما شغلتني فكرته أكثر من تفاصيله،
كأنني أقف على أعتاب عالمٍ موازي، أتشوّق لاقتحامه وأرتجف من تبعاته في آن ..
دخلتُ كمن يدخل هيكلًا مقدسًا، لا بد من خلع التصورات المسبقة على الباب
خلعتُ خوفي، أو - تظاهرت بذلك -
خلعت أحكامي التي شكلتها كتبٌ ومجتمعاتٌ ومروياتٌ شعبية، ثم دلفتُ
فوجئت أولًا بأنّ الصمت هنا لا يشبه صمت بقية المستشفيات
إنه صمتٌ كثيف، مليء بالأصوات التي لا تُقال، كأنك تمشي فوق همسات مقموعة، فوق بكاءٍ طويلٍ لم يُسمح له بالخروج
في ممرٍ ضيّقٍ تنبعث منه رائحة المطهّرات والماضي المنكسر،خطوتُ كإنسانٍ يسير على الحدّ بين الإدراك والحيرة
كنت أتهيّأ لتربصٍ دراسي، لكنّي لم أكن أعلم أنني على وشك خوض تجربة تهزّ أعماق روحي
وتعيد تشكيل مفاهيمي عن الجنون، والضعف، والإنسان ..
كان المكان أشبه بزمنٍ متجمّد، لا هو بالحاضر ولا هو بالماضي، تسكنه نظرات شاردة وملامح منهكة،
وجدران تحمل فوق بياضها صرخات لا تُسمع
===
أول ما قابلني : نظرة
نظرة مريض جالس في الزاوية، يحدّق في سقفٍ لا يحتوي شيئًا، لكنه يراه ممتلئًا بعالمٍ لا أراه
يتمتم بكلمات لم أفهمها
لا أحد في الغرفة سواه، لكنه لم يكن وحده
كانت غرفته مليئة بأصوات، بأعداء، بحوارات لم نستطع سماعها، لكنه عاشها لحظة بلحظة
===
ثم التقيتُ " النبي " ... لا، بل " النبي المنتظر"
رجلٌ في نهاية الخمسينات، له هيئة شعثاء ونظرة تعلوها قداسة
كان يسند ظهره ويأخذ نفسًا عميقًا، ثم يقول :
"جبريل زارني في يقظتي والرسول محمد في منامي
أخبرني أنني منقذ هذه الأمة
لا تستغربي [ قالي غير كيما راني نقولك اه ]
الوحي الآن داخلي يخبرني بالجيد والسيء"
كان يشعر أن لا أحد يصدق نبوّته، فازداد إيمانه بها
في الحقيقة .. لم أشكك للحظة في صدقه، بل فقط في واقعه
كان يتكلّم بنبرة اليقين، بنظرةٍ لا تشبه نظراتنا نحن، وكأن بينه وبين السماء عهداً لا نفقهه
شعرت أنني في حضرة قديسٍ قديم خرج من إحدى صفحات التاريخ،
لكن سرعان ما أدركت أنني أمام عقلٍ أثقله الألم، وأفلتت مفاتيحه من يده
ومع ذلك، لم أستطع تجاهل شيء فيه.. شيء يشبه الحقيقة، أو ربما يشبه الجوع العميق لمعنى ... أيّ معنى !!!
تخيّل أن يكون الألم هو أن تكون صادقًا تمامًا، لكن في عالمٍ آخر لا يُشبه عالم الناس
===
في غرفة أخرى، وجدت " زعيمًا "
فقد اسمه بعد تعاطيه للمخدرات !
شابٌّ في العشرينات، بعينين تائهتين كانتا نافذتين على شيءٍ مفزع، وملامح متعبة، ينظر إلينا نظرة جنرالٍ يتفقّد جنوده
قال " لن أتحدث معكم، أين حاكمكم ؟ " وأخذ ينظر يمينا وشمالا
هذيانه كان متماسكًا بشكلٍ غريب
كنت أعلم أن هذه الأوهام ليست عبثًا .. بل محاولة عقلٍ يائس لإعادة تنظيم عالمه بعد انهياره
دخل هذا العالم من باب الحشيش والمهلوسات، ولم يعرف كيف يخرج
كنت أنظر إليه وأفكّر: كم شابًا بدأ بمزحة " دعني أجرّب فقط "… وانتهى هنا، بين ظلالٍ لا تنقشع، وأصواتٍ لا تصمت
===
ثم ... " الذي لا يحب رؤية الناس له "
شيخ بشوش يتكلم بطلاقة، لكنه يرتجف إذا نظرت إليه أكثر من لحظتين
يروي قصته وقصة عائلته
قال أنه لم يخرج من المصلحة منذ 2012، تخيل أيها اللماوي
من عباراته " أحب جميع الناس لكنهم لا يحبونني "
مرضه لم يكن في الأفكار فقط، بل في إحساسه العميق بأنه مكشوف
كان يشعر أن نظرات الناس تسلخ جلده، ولهذا كان يحتمي بالزاوية، بالظل ويجلس وحيدا
كم هو مؤلم أن يشعر الإنسان أنه صار مطاردًا
أن عيون الآخرين تُحاصره كعدوّ
===
في كل حالة، كنت أكتشف شيئًا عن نفسي، لا عنهم فقط
كنت أكتشف كم نحن هشّون، كم العقل fragile، كم يمكن للإنسان أن ينكسر من حدث بسيط، من فقدٍ، من عزلة، من كلمة
كانت الأيام تمضي، وكان المكان يكشف لي عن وجوهه ببطء
بدأتُ أفهم أن الأمراض العقلية ليست شذوذاً كما يظن الناس،
بل جراحاً داخلية عميقة، بعضها سببه الفقد، بعضها الخذلان،
وبعضها ببساطة... خلل لا ذنب لصاحبه فيه
بدأتُ أسمع ما بين السطور، أقرأ ما خلف الصمت، وأشعر بما لا يُقال
تلك الأيام غيّرتني
أدركت أن المرض العقلي ليس فصلاً يُدرَّس بل حياة تُعاش
وأن المرضى ليسوا " غرباء " بل بشرًا في أقصى درجات العُري الروحي
كلّ لحظة قضيتها هناك كانت امتحانًا لقلبي، لوعيي، لتصوّراتي عن الحياة
تعلّمت أن الألم النفسي لا يُرى بالعين، لكنه ينهش الروح كما تفعل النار اليابسة
أدركت أن الجنون ليس دائمًا فقدانًا للعقل، بل أحيانًا يكون فائضًا في الإحساس، في التأمل،
في البحث عن معنى لم تمنحه الحياة يومًا
من نحن، حقًا ؟
ألسنا كلنا نحمل داخلنا بذرة جنون ؟
ألسنا نخاف، نرتبك، نختبئ، نهرب من نظرات، نكلم أنفسنا حين لا نجد أحدًا ؟
ما الفرق بين من في الداخل .. ومن في الخارج ؟
===
خرجت من مصلحة الأمراض العقلية بأكثر من شهادة
خرجت بـدرس : أن الإنسانية لا تُقاس بالعقل وحده، بل بالرحمة
بالقدرة على الإنصات إلى من لا يُجيدون التعبير
بأن ترى الإنسان، قبل أن ترى الاضطراب
في لحظة ما، وقفت أمام نفسي وسألتها :
" هل نحن فعلاً نُعالج هؤلاء ؟ أم نحن فقط نضعهم على هامش المجتمع، نُهديهم بضع أقراص ونُغلق الباب ؟ "
كم منّا مرّ على حافة الجنون ذات مساء ؟ كم من شخص تعرفه يخوض معركة صامتة مع صوته الداخلي ؟
الفرق بيننا وبينهم شعرة، لحظة، موقف، صدفة
===
اكتشفت الوجه الآخر للإنسان، ذاك الذي نحاول إنكاره في زحمة المدن وصخب العقول السليمة
هناك، يتجلى الضعف لا كعار، بل كحقيقة وجودية
وهناك، تفهم أنّ الإنسان هشٌّ كقصيدة، إن تغيّرت قافية واحدة فيها، اختلّ معناها كلّه
تعلّمت أن العقل قد يخذل، لكن الروح تظل تقاتل
وأن في كل مريضٍ عقلي، إنسان يصرخ : " افهموني... لا ترفضوني "
خرجت من هناك، لا كما دخلت
عدت أحمل في صدري حكايات أناس لو سمعناهم بقلوبنا، لعرفنا أن الشفاء ليس دواءً فحسب، بل أيضًا رحمة
وأن أغرب ما في الجنون .. أنه مرآة، تريك كم منّا يعيش في عقلٍ مكتظّ بالأوهام، دون أن يُشخَّص يومًا
صرتُ أبتسم أكثر، وأحكم أقل
صرتُ أؤمن أن في كل إنسان قصة لم تُروَ
وأن بيننا كثيرين .. يسيرون على الحافة
===
الدرس الأعظم ؟
أن الجنون ليس فيهم، بل في عالمٍ لا يملك رحمة
في مجتمعٍ يُخفي كل من يخرج عن " النمط " فينا ..
حين نضحك على من يبكي من الداخل، ونبتسم لأننا لسنا مكانه،
دون أن نعلم أنّنا على بعد لحظة واحدة فقط من تلك الغرفة، من ذاك الهذيان، من تلك النظرة المرتجفة
فيا من قرأتَ قصتي - تجربتي القصيرة - ،
إن عبرتَ يومًا بجوار مصلحة الأمراض العقلية، فتوقف لحظة
ليس لتشفق، بل لتفهم
وربما .. لتُحب أكثر
تحيّة طيبة
[ لمعانُ الأحداق ]
آخر تعديل بواسطة المشرف: