التفاعل
4.6K
الجوائز
443
تحية طيبة..
بالنسبة للسؤالين الأول والثاني لم أتمكن من الإحابة عليهما.. فقد حاولت استخدام خاصيّة البحث المتقدّم لأسترجع بعض الذكريات.. لكنّ البحث لم يفلح.. ربما ضاعت كثير من المواضيع والمشاركات بسبب تجديد المنتدى وغيرها من الأسباب التقنية..
أما السؤال الثالث والرابع فسأجيب عنهما بكل حُبّ واعتزاز..



سأحكي لكم حكايتي.. وحكاية من يُشبهني.. مع المنتدى.. وما أضافه لي..
وبعد..
ممّا تعلّمناهُ من العلوم النفسية أنّ للإنسان ذواتاً مُتعدّدة.. جدّاً جدّا.. وسعادة الواحد منّا ومعاناته.. تتوقف على مدى التناغم والتوافق والتوازن والإشباع الذي حظيت به تلك الذّوات كُلّها...
فالإنسان أكبر من مُجرّد كائن يحيا لإشباع حاجاته البيولوجية.. يدور في حلقة واحدة.. سجينا في عالم المادة.. تعيسا وإن تظاهر بغير ذلك..
ولنفترض أنّ أحدهم سألكم أو سألني: من أنت؟ من تكون؟ عرفني بنفسك.. كيف سأجيب هل سأقول: أنا فلان الفلانيّ صاحب شركة كذا.. ومالك كذا.. أنا الطبيب الفلانيّ.. أنا مهندس.. أنا أستاذ.. أنا الرّياضي بطل كذا وكذا.. أنا المخترع فلان.. أنا العالم علّان.. أو الإمام والعارفُ والعابدُ فلان ... هل سأقول له أنا الشاعر أو الأديب صاحب ديوان كذا وكذا.. أنا.. أنا .. الخ من الإجابات المشابهة مضمونا والمختلفة شكلا فقط.
هل سأقول لسائلي أنا ابن فلان.. ومن بني فلان... وزوج أو زوجة فلان.. أنا أخو فلان.. أو أقول أنا أبُ فلان...
إجابات كثيرة.. إجابات شائعة مُعلّبة تختصر كيان إنسان في وظيفة أو صنعة... أو نشاط واحد اجتماعيّ أو ثقافيّ.. أو كينونة أسريّة أو اجتماعية.. أو ثقافية أو سياسيّة..!
كلها إجابات خاطئة تبخس الإنسان حقّهُ وتُقزّمُه.. وتُبعّضُه... ذلك التصوّر يجعلُ الإنسان يحيا حياة ناقصة... ويُحسّ بفراغ داخليّ وحاجة أو حاجات لم تُشبع.. لا يُدركها لكنه يُحسّ بها...
والواقع الذي يعيشه النّاس بضغوطه وتحدّياته لا يتيح للكثيرين أن يُحقّقوا أنفسهم بكُل ذواتهم.. ويُشبعوا حاجياتهم النفسية المتعدّدة.. لانعدام البيئة الهادئة الحاضنة التي تسمح لهم بإخراج مكنوناتهم.. ولغياب اليد التي تُربّت على كتف الضعيف وتشجعه على التماسك والنُموّ والارتقاء.. وصوت الحادي الذي يؤنسه ويرافقه لبولوغ وجهته وتحقيق توازنه النفسيّ وتناغم ذواته المتعدّدة؛ من ذات إيمانية.. وذات أدبيّة.. وذات فنّيّة.. وأسريّة واجتماعية.. ومهنيّة ..و.. و..
وبعد كل ما تقدّم نسأل السؤال الكبير.. ما مصير كل أولئك الناس...؟
الجواب: منهم من يستسلم لتلك الحياة الرتيبة وطقوسها وممارساتها... ويندمج في المشهد العام حتى لا يُحسّ بأنه شاذّ ... عن القطيع ويُقنع نفسه أو يتظاهر بأن الأمور في نصابها وأنه سعيد... مثله مثل بقية النّاس.. عادي نورمال..
وهناك فئة أخرى تنفصل عن السّرب.. وتُغرّد خارجه.. غير مهتمة بنظرات الآخرين.. وأحكامهم.. وانتقاداتهم... تبحث عن فضاء جديد.. وحياة مختلفة واهتمامات متميزة... وأناس يشبهونها.. في أحلامهم وآمالهم.. وعواطفهم.. وقلوبهم وأرواحهم..
هذه الفئة هي من تُعمِّر المنتديات.. وتسعى لتغيير الواقع من خلال المواقع.. وليست فئة تهرب من الواقع كما قد يُفهم عنها من المتسرّعين والسطحيين..
هي الفئة التي تحاول بثّ النور الذي بداخلها لتنير للآخرين...
تلك الفئة هي أنا وأنتم... روح المنتدى وقوامه.. به ومنه نستمدّ طاقتنا ونعيد بثّها فيه... ونأمل أن يصل ذلك الإشعاع للواقع..
فهو لنا مساحة وجود وحامل لمكنونات أرواحتا وقلوبنا...
وقد نشرتُ موضوعا منذ بضعة أيام وتناولت فيه هذه الفئة بالتحديد؛ عُمّارُ المنتديات.. من هم وما حكايتهم؟ وما هي اهتمامتهم وآمالهم وأحلامهم وحقيقتهم...
وقد عنونت موضوعي بعبارة تساؤل حتى تثير المتابع وتستحثّه على العطاء والمشاركة. فكان العنوان:
رُوّاد المنتديات... هل هم غريبو أطوار 
وكان التفاعل طيبا وكانت مداخلات كثيرة أجابت عن التساؤل وهو حكايتي وحكاية كل روح طيبة في هذا المنتدى خاصة.. والمنتديات المماثلة له عموما..
ومن أجمل الرّدود التي لم أكن لأكتب أحسن ولا أرقى منه هو ردّ للأخت الكريمة @لمعانُ الأحداق
وهذا رابطه: وأنصحكم بقراءته عبر الرابط بتنسيقه الأصلي..
رُوّاد المنتديات... هل هم غريبو أطوار 
.
.وهذا نصُّه كاملا.. وأعتذر ومتأسف جدا لأن التنسبق ضاع بسبب النسخ واللصق:
........................
مداخلة @لمعانُ الأحداق
أظنّ أن ما تطرّقت إليه يمسّ جوهر مسألة أعمق بكثير من مجرد منتديات أو نشاط إلكتروني
ما يحدث هو أنّنا حين نختار الكتابة و المشاركة في مساحة هادئة ، و نمنح الوقت للكلمة لتستقر و تتبلور
نصنع لأنفسنا طقوسًا داخلية تختلف عن طقوس العالم المحيط بنا
و هنا تكمن المفارقة : المجتمع يقدّر الضجيج ، السرعة ، الضحك المدوّي ، التفاعل السطحي ، و النتيجة الفورية
أما من يسير بعكس هذا النهر ، فيراه البعض غريب الأطوار ، متخلّفًا ، أو حتى مضيعًا لوقته
لكن لنقف قليلًا أمام هذا الاستغراب : هل الغريب هو من يكتب و يقرأ و يتأمل ؟
أم الغريب هو من يعيش و كأن الحياة قصيرة جدًا ، وكأن كل ثانية لا تُستثمر في كسب مباشر أو عرض سريع هي لحظة ضائعة ؟
في الواقع، هذا الاستغراب و الاشمئزاز غالبًا ما يعكس خوفًا داخليًا من مواجهة الذات ، من مواجهة فراغ اللحظة ،
و من عدم القدرة على الصمت و الانعزال دون الشعور بالذنب ...
المنتديات بالنسبة لنا ليست مجرد فضاء افتراضي ، بل ملجأ للعقل و الروح
فيها يمكن للكلمة أن تنمو ، للفكرة أن تتنفس ، و للذات أن تتحاور مع نفسها قبل أن تتحاور مع الآخرين
هي مساحة لا تحكمنا فيها سرعة الإعجابات أو قصر الانتباه ،
ولا تتطلب منا أن نرى الأشياء مهمة أو جذابة فقط لأنها " رائجة "
بطريقة أخرى ، ما يُستَهجَن فينا ليس الكتابة ، و لا الجلوس خلف شاشة في مساحة هادئة
إنما هذا الترف الوجودي الذي نملكه : أن نُفكّر بلا عائد فوري ، أن نكتب دون أن نبيع ، أن نحاور دون أن نربح ،
أن نختار البطء في زمن يقدّس اللهاث
[ ذلك ما يربكهم فعلًا ]
في عالمٍ صار الإنسان فيه مُعرَّفًا بوظيفته ، بدخله ، بعدد متابعيه،
يبدو من يكتب لذاته ككائنٍ خارج السرب
ولهذا تُقابلنا تلك النظرات المشفقة أو الغاضبة
لأن وجودنا يذكّرهم بما تخلّوا عنه طوعًا - المسافة الداخلية، الصوت الخاص ، المعنى غير القابل للتسليع ( إن صحّ التعبير ) -
أقول .. المنتدى ليس حنينًا للماضي ، بل مقاومة هادئة للحاضر الصاخب
هو مكان لا تُقاس فيه القيمة بسرعة الردّ ، ولا بلمعان الصورة ، بل بصدق الفكرة و ثقلها
و من لا يحتمل هذا الثقل ، يسخر ..
[ هذا إن كان قد جرّب حياة المنتديات قبلًا ]
فهل نحن الشوّاذ ؟
ربما نعم .. إن كان الشذوذ هو أن نرفض أن نُختصر في عجلة ، أو أن نُختزل في دور
[ و إن كان الشذوذ الحقيقي هو أن يتوقّف الإنسان عن التساؤل ، و أن يقبل حياةً مُعلّبة
ثم يسخر ممّن اختار أن يعيش بعمق ]
إذن ، السؤال ليس " هل نحن الشواذ ؟ " ، بل: هل يجرؤ العالم من حولنا على أن يعيش بالبطء ، بالتفكير ، بالكتابة، بالعمق،
دون أن يُسارع في كل لحظة ليثبت لنفسه وللآخرين أنه موجود ؟ ربما في ذلك تكمن الحقيقة ، و ربما في ذلك يكمن سر استغرابهم المستمر ..
و أضيف .. المنتديات لا تصنع غربتنا
هي فقط تكشفنا
نحن هنا لا نهرب من الواقع ، بل نصنع واقعًا آخر ، أعمق ، أبطأ، أكثر صدقًا مع ذاتنا
واقعًا يمكن فيه للإنسان أن يكون هو ذاته ، بلا رتوش، بلا مسرحيات، بلا الحاجة لأن يثبت شيئًا لأحد إلا لنفسه ...
ختاما المنتدى ليس مجرد متنفس
هو مساحة مقاومة هادئة
مقاومة للسطحية ، للمبالغة، للسرعة الفارغة، و للضغط الاجتماعي الذي يربط قيمة الإنسان بما يقدّمه سريعًا للعالم الخارجي
بوركتم على الموضوع الجميل أستاذ
و أعتذر على الإطالة في الرد
[ تحمّست و أخذتني الحروف ]
لكنّه كان يستحق
...
انتهت مقالة الأخت الكريمة
تحياتي

بالنسبة للسؤالين الأول والثاني لم أتمكن من الإحابة عليهما.. فقد حاولت استخدام خاصيّة البحث المتقدّم لأسترجع بعض الذكريات.. لكنّ البحث لم يفلح.. ربما ضاعت كثير من المواضيع والمشاركات بسبب تجديد المنتدى وغيرها من الأسباب التقنية..
أما السؤال الثالث والرابع فسأجيب عنهما بكل حُبّ واعتزاز..
سأحكي لكم حكايتي.. وحكاية من يُشبهني.. مع المنتدى.. وما أضافه لي..
وبعد..
ممّا تعلّمناهُ من العلوم النفسية أنّ للإنسان ذواتاً مُتعدّدة.. جدّاً جدّا.. وسعادة الواحد منّا ومعاناته.. تتوقف على مدى التناغم والتوافق والتوازن والإشباع الذي حظيت به تلك الذّوات كُلّها...
فالإنسان أكبر من مُجرّد كائن يحيا لإشباع حاجاته البيولوجية.. يدور في حلقة واحدة.. سجينا في عالم المادة.. تعيسا وإن تظاهر بغير ذلك..
ولنفترض أنّ أحدهم سألكم أو سألني: من أنت؟ من تكون؟ عرفني بنفسك.. كيف سأجيب هل سأقول: أنا فلان الفلانيّ صاحب شركة كذا.. ومالك كذا.. أنا الطبيب الفلانيّ.. أنا مهندس.. أنا أستاذ.. أنا الرّياضي بطل كذا وكذا.. أنا المخترع فلان.. أنا العالم علّان.. أو الإمام والعارفُ والعابدُ فلان ... هل سأقول له أنا الشاعر أو الأديب صاحب ديوان كذا وكذا.. أنا.. أنا .. الخ من الإجابات المشابهة مضمونا والمختلفة شكلا فقط.
هل سأقول لسائلي أنا ابن فلان.. ومن بني فلان... وزوج أو زوجة فلان.. أنا أخو فلان.. أو أقول أنا أبُ فلان...
إجابات كثيرة.. إجابات شائعة مُعلّبة تختصر كيان إنسان في وظيفة أو صنعة... أو نشاط واحد اجتماعيّ أو ثقافيّ.. أو كينونة أسريّة أو اجتماعية.. أو ثقافية أو سياسيّة..!
كلها إجابات خاطئة تبخس الإنسان حقّهُ وتُقزّمُه.. وتُبعّضُه... ذلك التصوّر يجعلُ الإنسان يحيا حياة ناقصة... ويُحسّ بفراغ داخليّ وحاجة أو حاجات لم تُشبع.. لا يُدركها لكنه يُحسّ بها...
والواقع الذي يعيشه النّاس بضغوطه وتحدّياته لا يتيح للكثيرين أن يُحقّقوا أنفسهم بكُل ذواتهم.. ويُشبعوا حاجياتهم النفسية المتعدّدة.. لانعدام البيئة الهادئة الحاضنة التي تسمح لهم بإخراج مكنوناتهم.. ولغياب اليد التي تُربّت على كتف الضعيف وتشجعه على التماسك والنُموّ والارتقاء.. وصوت الحادي الذي يؤنسه ويرافقه لبولوغ وجهته وتحقيق توازنه النفسيّ وتناغم ذواته المتعدّدة؛ من ذات إيمانية.. وذات أدبيّة.. وذات فنّيّة.. وأسريّة واجتماعية.. ومهنيّة ..و.. و..
وبعد كل ما تقدّم نسأل السؤال الكبير.. ما مصير كل أولئك الناس...؟
الجواب: منهم من يستسلم لتلك الحياة الرتيبة وطقوسها وممارساتها... ويندمج في المشهد العام حتى لا يُحسّ بأنه شاذّ ... عن القطيع ويُقنع نفسه أو يتظاهر بأن الأمور في نصابها وأنه سعيد... مثله مثل بقية النّاس.. عادي نورمال..
وهناك فئة أخرى تنفصل عن السّرب.. وتُغرّد خارجه.. غير مهتمة بنظرات الآخرين.. وأحكامهم.. وانتقاداتهم... تبحث عن فضاء جديد.. وحياة مختلفة واهتمامات متميزة... وأناس يشبهونها.. في أحلامهم وآمالهم.. وعواطفهم.. وقلوبهم وأرواحهم..
هذه الفئة هي من تُعمِّر المنتديات.. وتسعى لتغيير الواقع من خلال المواقع.. وليست فئة تهرب من الواقع كما قد يُفهم عنها من المتسرّعين والسطحيين..
هي الفئة التي تحاول بثّ النور الذي بداخلها لتنير للآخرين...
تلك الفئة هي أنا وأنتم... روح المنتدى وقوامه.. به ومنه نستمدّ طاقتنا ونعيد بثّها فيه... ونأمل أن يصل ذلك الإشعاع للواقع..
فهو لنا مساحة وجود وحامل لمكنونات أرواحتا وقلوبنا...
وقد نشرتُ موضوعا منذ بضعة أيام وتناولت فيه هذه الفئة بالتحديد؛ عُمّارُ المنتديات.. من هم وما حكايتهم؟ وما هي اهتمامتهم وآمالهم وأحلامهم وحقيقتهم...
وقد عنونت موضوعي بعبارة تساؤل حتى تثير المتابع وتستحثّه على العطاء والمشاركة. فكان العنوان:
وكان التفاعل طيبا وكانت مداخلات كثيرة أجابت عن التساؤل وهو حكايتي وحكاية كل روح طيبة في هذا المنتدى خاصة.. والمنتديات المماثلة له عموما..
ومن أجمل الرّدود التي لم أكن لأكتب أحسن ولا أرقى منه هو ردّ للأخت الكريمة @لمعانُ الأحداق
وهذا رابطه: وأنصحكم بقراءته عبر الرابط بتنسيقه الأصلي..
.
.وهذا نصُّه كاملا.. وأعتذر ومتأسف جدا لأن التنسبق ضاع بسبب النسخ واللصق:
........................
مداخلة @لمعانُ الأحداق
أظنّ أن ما تطرّقت إليه يمسّ جوهر مسألة أعمق بكثير من مجرد منتديات أو نشاط إلكتروني
ما يحدث هو أنّنا حين نختار الكتابة و المشاركة في مساحة هادئة ، و نمنح الوقت للكلمة لتستقر و تتبلور
نصنع لأنفسنا طقوسًا داخلية تختلف عن طقوس العالم المحيط بنا
و هنا تكمن المفارقة : المجتمع يقدّر الضجيج ، السرعة ، الضحك المدوّي ، التفاعل السطحي ، و النتيجة الفورية
أما من يسير بعكس هذا النهر ، فيراه البعض غريب الأطوار ، متخلّفًا ، أو حتى مضيعًا لوقته
لكن لنقف قليلًا أمام هذا الاستغراب : هل الغريب هو من يكتب و يقرأ و يتأمل ؟
أم الغريب هو من يعيش و كأن الحياة قصيرة جدًا ، وكأن كل ثانية لا تُستثمر في كسب مباشر أو عرض سريع هي لحظة ضائعة ؟
في الواقع، هذا الاستغراب و الاشمئزاز غالبًا ما يعكس خوفًا داخليًا من مواجهة الذات ، من مواجهة فراغ اللحظة ،
و من عدم القدرة على الصمت و الانعزال دون الشعور بالذنب ...
المنتديات بالنسبة لنا ليست مجرد فضاء افتراضي ، بل ملجأ للعقل و الروح
فيها يمكن للكلمة أن تنمو ، للفكرة أن تتنفس ، و للذات أن تتحاور مع نفسها قبل أن تتحاور مع الآخرين
هي مساحة لا تحكمنا فيها سرعة الإعجابات أو قصر الانتباه ،
ولا تتطلب منا أن نرى الأشياء مهمة أو جذابة فقط لأنها " رائجة "
بطريقة أخرى ، ما يُستَهجَن فينا ليس الكتابة ، و لا الجلوس خلف شاشة في مساحة هادئة
إنما هذا الترف الوجودي الذي نملكه : أن نُفكّر بلا عائد فوري ، أن نكتب دون أن نبيع ، أن نحاور دون أن نربح ،
أن نختار البطء في زمن يقدّس اللهاث
[ ذلك ما يربكهم فعلًا ]
في عالمٍ صار الإنسان فيه مُعرَّفًا بوظيفته ، بدخله ، بعدد متابعيه،
يبدو من يكتب لذاته ككائنٍ خارج السرب
ولهذا تُقابلنا تلك النظرات المشفقة أو الغاضبة
لأن وجودنا يذكّرهم بما تخلّوا عنه طوعًا - المسافة الداخلية، الصوت الخاص ، المعنى غير القابل للتسليع ( إن صحّ التعبير ) -
أقول .. المنتدى ليس حنينًا للماضي ، بل مقاومة هادئة للحاضر الصاخب
هو مكان لا تُقاس فيه القيمة بسرعة الردّ ، ولا بلمعان الصورة ، بل بصدق الفكرة و ثقلها
و من لا يحتمل هذا الثقل ، يسخر ..
[ هذا إن كان قد جرّب حياة المنتديات قبلًا ]
فهل نحن الشوّاذ ؟
ربما نعم .. إن كان الشذوذ هو أن نرفض أن نُختصر في عجلة ، أو أن نُختزل في دور
[ و إن كان الشذوذ الحقيقي هو أن يتوقّف الإنسان عن التساؤل ، و أن يقبل حياةً مُعلّبة
ثم يسخر ممّن اختار أن يعيش بعمق ]
إذن ، السؤال ليس " هل نحن الشواذ ؟ " ، بل: هل يجرؤ العالم من حولنا على أن يعيش بالبطء ، بالتفكير ، بالكتابة، بالعمق،
دون أن يُسارع في كل لحظة ليثبت لنفسه وللآخرين أنه موجود ؟ ربما في ذلك تكمن الحقيقة ، و ربما في ذلك يكمن سر استغرابهم المستمر ..
و أضيف .. المنتديات لا تصنع غربتنا
هي فقط تكشفنا
نحن هنا لا نهرب من الواقع ، بل نصنع واقعًا آخر ، أعمق ، أبطأ، أكثر صدقًا مع ذاتنا
واقعًا يمكن فيه للإنسان أن يكون هو ذاته ، بلا رتوش، بلا مسرحيات، بلا الحاجة لأن يثبت شيئًا لأحد إلا لنفسه ...
ختاما المنتدى ليس مجرد متنفس
هو مساحة مقاومة هادئة
مقاومة للسطحية ، للمبالغة، للسرعة الفارغة، و للضغط الاجتماعي الذي يربط قيمة الإنسان بما يقدّمه سريعًا للعالم الخارجي
بوركتم على الموضوع الجميل أستاذ
و أعتذر على الإطالة في الرد
[ تحمّست و أخذتني الحروف ]
لكنّه كان يستحق
...
انتهت مقالة الأخت الكريمة
تحياتي
آخر تعديل: