ليس في الغابات موتٌ
لا و لا فيها القبورْ
 
فاذا نيسان ولىَّ
لم يمتْ معهُ السرورْ
 
إنَّ هولَ الموت وهمٌ
ينثني طيَّ الصدورْ
 
فالذي عاش ربيعاً
كالذي عاش الدهورْ
 
* * *
 
أعطني الناي وغنِّ
فالغنا سرُّ الخلود
 
و أنين الناي يبقى
بعد أن يفنى الوجود
 
* * *
 
أعطني الناي وغنِّ
وانسَى ما قلتُ و قلتَ
 
انما النطقُ هباءٌ
فأفدني ما فعلتَ
 
هل تخذتَ الغاب مثلي
منزلاً دون القصورْ
 
فتتبعتَ السواقي
و تسلقتَ الصخورْ
 
هل تحممتَ بعطرٍ
و تنشفت بنورْ
 
و شربت الفجر خمراً
في كؤُوس من أثيرْ
 
هل جلست العصر مثلي
بين جفنات العنبْ
 
و العناقيد تدلتْ
كثريات الذهبْ
 
فهي للصادي عيونٌ
و لمن جاع الطعامْ
 
وهي شهدٌ و هي عطرٌ
و لمن شاءَ المدامْ
 
هل فرشتَ العشب ليلاً
و تلحفتَ الفضا
زاهداً في ما سيأْتي
ناسياً ما قد مضى 
 
و سكوت الليل بحرٌ
موجهُ في مسمعكْ
 
وبصدر الليل قلبٌ
خافقٌ في مضجعكْ
 
أعطني الناي و غنِّ
و انسَ داءاًْ و دواء
 
إنما...الناس سطورٌ
كتبت...لكن بماء
 
ليت شعري أي نفعٍ
في اجتماع وزحامْ
 
و جدالٍ و ضجيجٍ
واحتجاجٍ وخصامْ
 
كلها أنفاق خُلدٍ
و خيوط العنكبوتْ
 
فالذي يحيا بعجزٍ
فهو في بطءٍ يموتْ
* * *
 
العيشُ في الغاب و الأيام لو نُظمت
في قبضتي لغدت في الغاب تنتثرٌ
 
لكن هو الدهرُ في نفسي له أَربٌ
فكلما رمتُ غاباً قامَ يعتذرُ
 
و للتقادير سبلٌ لا تغيرها
و الناس في عجزهم عن قصدهم قصروا
شعر : جبران خليل جبران
ر