طرائف – وسوانح

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

صدرالدين

:: عضو مُشارك ::
إنضم
10 سبتمبر 2008
المشاركات
185
نقاط التفاعل
0
النقاط
6
طرائف وسوانح
غرائب الشعر:
ذكروا أن البيت الذي لا يمكن لمسه قول الشاعر:
تقشع غيم الهجر من قمر الحب
وإشراق نور الصلح من ظلمة العتب
لأن كلا من الغيم والهجر والقمر والحب والنور والصلح والظلمة والعتب أشياء لا تلمس. وذكروا أن البيت الذي يعظم وعيده ويصغر خطبه قول عمرو بن كلثوم:
كأن سيوفنا منا ومنهم
مخاريق بأيدي لا عبينا
لأنه أنحط بسيوفهم لما شبهها بمخاريق اللاعبي .
فلسفة الأجواد:
للأجواد والكرماء فلسفة تظهر لك ما وراء سجيتهم من حكمة، ومن ذلك قول حاتم:
أماوي إن المال غاد ورائح
ويبقى من المال الأحاديث والذكر
أماوي ما يغنى الثراء عن الفتى
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
أمأوى إن يصبح صداي بقفرة
من الأرض لاماء لدي ولا خمر
ترى أن ما أنفقت لم يك ضرني
وأن يدي مما بخلت به صفر
أماوي إن المال مال بذلته
فأوله سكر وآخرة ذكر


وللبخلاء أيضا فلسفتهم: فقد ذكر أبو عمرو الجاحظ قال: قال إسماعيل سمعت الكندي يقول: إنما المال لمن حفظه، وإنما الغنى لمن تمسك به، ولحفظ المال بنيت الحيطان، وغلقت الأبواب، واتخذت الصناديق، وعملت الأقفال، ونقشت الرشوم والخواتيم، وتعلم الحساب والكتاب، فلم يتخذون هذه الوقايات دون المال وأنتم آفته، وقد قال الأول أحرس أخاك إلا من نفسه، ولكن احسب أنك قد أخذته في الجو اسق وأودعته الصخور ولم يشعر به صديق ولا رسول ولا معين لك بألا تكون أشد عليه من السارق، وأعدى عليه من الغاصب، وأجعلك قد حضنته من كل يد لا تملكه، كيف لك من أن تحصنه من اليد التي تملكه وهي عليه أقدر، ودواعيها أكثر، وقد علمنا أن حفظ المال أشد من جمعه.. فالمال لمن حفظه والحسرة لمن أتلفه، وإنفاقه هو تلافه وإن حسنتموه بهذا الاسم وزينتموه بهذا اللقب.
وخير من هذا وذاك قول الحكيم الخبير عز وجل: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً} .

غرائب السؤال:
طلاب العلم يعلمون معنى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}. فالسؤال له حدوده وآدابه، ولكن صنفا من الناس لا يدرك ذلك فيقع منه من التنطع والإغراب في السؤال شيء مضحك، وللعلماء رحمهم الله أجوبة لطيفة ومواقف ظريفة فيها التخلص والتأديب والحكمة، من ذلك ما روي أن عمر وبن قيس وكان أحد العلماء الأجلاء سأله رجل عن الحصاة من حصى المسجد يجدها الرجل في جبهته أو في ثوبه أو خفه فقال: "أرمها"، قال الرجل: "زعموا أنها تصيح حتى ترد إلى المسجد..."فقال: "دعها تصيح حتى ينشق حلقها"، فقال الرجل: "سبحان الله أو لها حلق؟"قال: "فمن أين تصيح إذن؟".
ومن حيلة اللطيفة رحمه الله أنه جلس للدرس يوم الشك من شعبان، فتوارد عليه الناس كل يسأله عن صيام هذا اليوم حتى ضجر منهم، فأرسل إلى منزله فدعا برمانة ووضعها في حجره فكان كلما لمح إنسانا يتقدم للسؤال، أخذ حبة منها وأكلها فيرجع السائل وقد حصل على الجواب، بدون أن يتكلف مئونة الخطاب..
وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يكرهون كثرة السؤال والتعمق في المسائل والفرضيات، امتثالا لقول نبيهم صلى الله عليه وسلم: "إن الله كره قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال"، وقد ذكروا أن ابن عباس وقف عليه رجل في المسجد في حلقته وقال: "لو حدث كذا وكذا فما الحكم"، قال: "أحدث ذلك.."قال الرجل: "لا"، قال: "فدعه حتى يحدث".
وأما كثرة السؤال في المتشابه وفي العقائد، فقد كانوا ينكرون عليه أشد الإنكار، ومن ذلك ما روى البيهقي أن مالكا رحمه الله سأله رجل عن الاستواء فأطرق وأخذته الرحضاء وقال: "الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه، ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع، وأنت صاحب بدعة أخرجوه"، وروي أن رجلا في عهد عمر يدعى صبيغ بن عسل كان يجادل الناس في المتشابه فدعا به عمر وسأله أن يعيد عليه كلامه، فلما سمع منه أمر بجريد أخضر رطب فأتي بحزم منه، فقال: "سبيل محدثة"، ومازال يجلده حتى أدمي ظهره، ثم تركه حتى برئ فدعا به وجلده حتى أدمي ظهره، ثم تركه حتى برئ ثم دعا به ليجلده فقال الرجل: "إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلا جميلا، وإن كنت تريد مداواتي فقد والله برئت"، فنفاه إلى أرضه وأمر واليها بأن يعتزله الناس ولا يكلموه. وليت شعري: إذا أراد حاكم اليوم أن يتبع سنة الفاروق هذه كم رجلا يجلد .. وكم رجلا يطرد .. فقد أصبح أكثر من رأى نفسه يحمل قلما يتشدق على دين الله بما لا يرضى الله..
فنسأل الله العصمة من الزلل، والسداد في القول والعمل..
 
بارك الله فيك...........
 
بارك الله فيك
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top