الارهاب والتطرف و علاقتهما بالتقصير في التربية

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

صهيب الرومي

:: عضو متألق ::
أوفياء اللمة
besmallah.gif


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
110.gif

flower64.gif


لفضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عمر بن سالم بازمول حفظه الله

ان الحمد الله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ با لله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا .من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله
يأيها اللذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. (1)
ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا (2)
يأيها اللذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفرلكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما (3)
أما بعد /
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد رسول الله وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
وبعد. (4)
هذا الموضوع مهم جدا حيت ذكرت إحدى الباحثات " أن العوامل التربوية ليست من الأسباب المباشرة الإرهاب " اه (5)
وهذا صحيح. اذ التطرف والإرهاب قد يكون مرده الى الجهل أو النفس الأمارة بالسوء أو دعاة الضلالة.فلا تلازم بين وجود الإرهاب والتطرف والتقصير في التربية بمعنى_ أنه قد لا يوجد تقصير في التربية أصلا ومع ذلك يوجد سلوك متشدد أو متطرف وسلوك ارهابي
وقد يوجد قصور في التربية ولا يوجد تطرف وإرهاب
ودلك يدل عليه الواقع فان الصور الأولى للتشدد والتطرف ظهرت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم. وهل يقول قائل. ان التقصير في التربية كان سببا في ذلك الذي قال " اعدل يا محمد " وفي رواية " والله ان هذه القسمة ما عدل وما أريد بها وجه الله" قاله في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم والذين خرجوا على عثمان واستباحوا دمه لم يستبيحوه بشيء من الحق بل جاء في الحديت الشريف ما يشير الى أن عثمان على حق. فلم يكن لهم أي مبرر صحيح لما فعلوه اذ لا تقصير من عثمان رضي الله عنه. وفي هذا دليل على أن أهم الأسباب المباشرة في حدوت الارهاب أسباب تعود الى ذات الشخص لا الى أمر خارج عنه فهي طبيعة عند بعض الناس وهي قصور وجهل فيهم. بدون أن يكون هناك أي تقصير في التربية
والتعليم أحيانا وقد يكون مرده ذلك الى أحقاد شخصية. وترسبات نفسية أدت الى مثل هذا السلوك الاجرامي. " الارهاب ولنا في إبليس أكبر عبرة في ذلك فانه كان في ملأ الملائكة. ومع ذلك صدر منه الاباء والاستكبار على أمر الله تعالى . ولذلك الشرع لم يقتصر على دور الأسرة في التأثير على الطفل بل ذكرت تأثير العوامل الخارجية مع العوامل الداخلية
فقرر الرسول صلى الله عليه وسلم أثر الأسرة على الانسان في قوله فيما جاء عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن . أن أبا هريرة رضي الله عنه قال . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" ما من مولولد الا يولد على الفطرة.فأبواه يهودانه وينصرانه أو يمجسنانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء. هل تحسون فيها من جدعاء . ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه " فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم " (6)
وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤثرات الخارجية في قوله فيما جاء عن عياض بن حمار المجاشعي. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته . " ألا ان ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا كل ما نحلته عبدا حلال واني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا" ( 7) كما جاء ذكر تأثير النفس الأمارة بالسوء على صاحبها في قوله تعالى " وما أبرئ نفسي ان النفس لأمارة بالسوء الاما رحم ربي ان ربي غفور رحيم " ( سورة يوسف. الآية 53) فهذه جميعها أسباب في السلوك الانسان التطرف والإرهاب والعنف والمقصود أنه مع أهمية ووضوح دور التربية في مكافحة ومقاومة التطرف والإرهاب. الا أن التقصير في التربية ليس هو السبب المباشر لهما. اذ من الناس من لا ينقصه شيء من التربية الصالحة ومع هذاسلك هذا السبيل اما تبعا لنفسه الأمارة بالسوء. أو تبعا لدعاة الضلالة ولكن هذا قليل جدا. اذ غالبية الموقوفين لوحظ فيهم أن وراء كل واحد منهم مشكلة أسرية بل أكترهم عاش فترة عقوق للوالدين انطلق منها الى هذه الخلية أو على هذا العمل الإرهابي المتطرف

" لماذا التربية الاسلامية تقاوم وتواجه التطرف والارهاب "

من خصائص الدين الاسلامي أنه لا يقف بالمسلم عند ظواهر الأمور والعلوم بل يتسامى به الى معرفة الغايات والأهداف ويتميز المسلم بذلك عن الكفارالذين " يعلمون ظاهرا من الحيوة الدنيا وهم عن الأخرة هم غفلون " ( الروم .7) يقول الله تبارك وتعالى – في فاتحة سورة الروم. " الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومد يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكتر الناس لا يعلمون يعلمون ظاهرا من الحيوة الدنيا وهم عن الأخرة غفلون " (سورة الروم . الأية 1-7) قا ل صاحب اضواء البيان في ايضاح القران با لقران " قد ذكر جلا وعلا – في هذه الاية الكريمة اربعة أمور .
الاول . أنه لا يخلف وعده
والثاني . ان أكتر الناس – وهم الكفار – لا يعلمون
والثالث. أنهم يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا.
والرابع. أنهم غافلون عن الأخرة
وهذه الأمور الأربعة جاء ت موضحة في غير هذا الموضع" ثم قال " وأما الثالث منها – وهو كونهم يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا – فقد جاء أيضا في غير هذا الموضع, كقوله تعالى. وزين لهم الشيطن أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين ( العنكبوت. 38) أي في الدينا . وقوله تعالى " فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد الا الحيوة الدنياة ذلك مبلغهم من العلم" ( النجم .( 30 - 29) وقوله ." يعلمون ظهرا من الحيوة الدنيا " يفيد أن للدنيا وبطنا .
فظاهرها. ما يعرف الجهال من التمتع بزخارفها والتنعم بلاذها
وباطنها وحقيقتها أنها مجاز الى الأخرة , يتزود منها اليها بالطاعة والأعمال الصالحة .
وفي تنكير " الظاهر" بيان أنهم لا يعلمون الا ظاهر واحد من ظواهرها , وفيه تقليل لمعلومهم, فهو لا علم في الحقيقة.
ثم لما نفى عنهم – جلا وعلا – اسم العلم بمعناه الصحيح الكامل., أثبت لهم نوعا من العلم في غاية الحقارة بالنسبة الى غيره في قوله تعالى . " ولكن أكتر الناس لا يعلمونيعلمون ظهرا من الحيوة الدنيا " وعاب ذلك النوع المذكور من العلم بعيبين عظيمين .
- أحدهما. قلته وضيق مجاله, الأنه لا يجازظاهرا من الحياة الدنيا, والعلم المقصور على ظاهر من الحياة الدنيا في غاية الحقارة وضيق المجال بالنسبة الى العلم بخالق السموات والأرض – جلا وعلا , والعلم بأوامره ونواهيه وبما يقرب عبده منه , وما يبعده عنه وما يخلد في النعيم الأبدي والعذاب الأبدي من أعمال الخير والشر
- والثاني منهما هو دناءة هدف ذلك العلم , وعدم نبل غياته, لأنه لا يتجاوز الحياة الدنيا , وهي سريعة الانقطاع والزوال , ويكفيك من تحقير هذا العلم الدنوي. أن أجود أوجه الاعراب في قوله" يعلمون ظهرا " أنه بدل من قوله قبله " يعلمون " فهذا العلم كلا علم لحقارته
وفي هذا الابدال من النكتة . أنه أبدله منه وجعله بحيت يقوم مقامه’ ويسد مسده, ليعلمك أنه لا فرق بين عدم العلم – الذي هو الجهل – وبين وجود العلم الذي لا يتجاوز الدنيا. (8)
والمقصود . أن علم المسلم علم لا يقف عند وصف الظاهر, بل ينظر الى الغايات والأهداف,
ويتسامى بدلك عن علم الكفار .
ومن هنا يأتي السؤال المهم لماذا تهتم التربية الاسلامية بمقاومة التطرف والارهاب والجواب لأن التطرف والارهاب يعطل الانسان عن عبادة الله تعالى ,واقامة الشرع فى الأرض ,واعمارها بالدين ,فان الله خلق الانسان لعبادته "وماخلقت الجن والانس الا ليعبدون"( الذاريات .الاية 56) وتوعد من أعرض عن ذكره "ومن أعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى "(طه 124)فالتطرف والارهاب من المعيشة الضنك التى يحياها الانسان فى الارض ,وتعطله عن عبادة الله ,يخرج عن دين الله الذى ارتضاه لهم سبحانه .ألاترى الى قول الرسول صلى الله عليه وسلم فى صفتهم ,يقول ."يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ". وفى وصفه الذين يفارقون الجماعة بأنهم يفارقون الدين ."التارك لدينه المفارق للجماعة " وألا ترى كيف وصف الرسول صلى الله عليه وسلم التشد د فى العبادة بأنه رغبة عن سنته صلى الله عليه وسلم ."ومن رغب عن سنتى فليس منى " حتى الجهاد انما شرع لاعلاء كلمة الله ."من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا ,فهو فى سبيل الله ". وجعل عقوبة للكافر لما يمتنع عن شرع الله وعن الجزية .فالارهاب والتطرف لما كانا يخرجان بالمسلم عن الصراط المستقيم ." صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين " ( الفاتحة الأية 7) ولما كان يحييان المسلم في عيشة الضنك في مجتمعه وأمته في دنياه واخرته لما كان كذلك , قاومتهما التربية الاسلامية
والخلاصة-
أن مقصود التربية الاسلامية تهيئة الفرد ليتكيف مع بيئته ومجتمعه,لا قامة شرع الله تعالى , على الوجه الذي يرضاه الله لنا .

كيف تقاوم التربية الاسلامية التطرف والإرهاب
الذي يظهر بعد تأمل في ذلك . أن دور التربية في مقاومة التطرف والارهاب
يتركز على ثلاثة محاور.
المحور الأول .الكتاب المدرسي.
المحور الثاني. تكوين المعلم الناجح.
المحور الثالث التعا ون الأسري.
ولبيان هذه المحاور أقول.
المحور الأول الكتاب المدرسي.
ويقصد به الأمور النظرية في تكوين المنهج الدراسي للطالب , حيت يهتم بما يربى عليه الطالب ,
فتبسط المعاني الشرعية التي تقي – باذن الله – من الوقوع في هذه الاتجاهات الفكرية, وتأثيرها مع العاطفة على السلوك البشري.(9)والله أمرنا أن نكون ربا نيين قال – تبارك وتعالى -. "ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانين بما كنتم تعلمون الكتب وبما كنتم تدرسون "( ال عمران الاية 79)
وفي كتاب العلم من صحيح البخاري , باب العلم قبل القول والعمل , علق البخاري قول ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى " كونوا عبادا" ( العمران الآية 79) قال " حلماء فقهاء "
قال البخاري " ويقال . الرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره "اه
وعلى هذا فالعالم الرباني نسبة إلى التربية لتعلم العلم .فالعالم الرباني الذي يربي الناس على صغار المسائل قبل كبارها.وفي شرح صحيح البخاري فتح الباري. " المراد بصغار العلم . ما وضح من مسائله,
وبكباره . ما دق منها .
وقيل . يعلمهم جزئياته قبل كلياته , أو فروعه قبل أصوله, أو مقدماته قبل مقاصده.
وقال ابن الأعرابي. لا يقال لعالم رباني, حتى يكون عالما معلما عاملا" اه
ولعل من أهم المعاني الشرعية في ذلك *

يتبع
 
1- ترسيخ أن الاسلام دين الحنيفية السمحة, ودين اليسر
يقول الله – تبارك وتعالى -. "يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون" ( المائدة الأية 6)
ويقول تعالى " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " ( البقرة الأية 185)
ويقول تعالى " يريد الله أن يخفف عنكم " ( النساء الأية 28)
ويقول – تبارك وتعالى- . " وجهدوا في الله حق جهاده هو أجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سمكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة وعتصموا بالله هو مولكم فنعم المولى ونعم النصير" ( الحج الأية 78)
وجه الدلالة. أن وصف الله سبحانه وتعالى الدين بأنه يسر , وبأنه الله ما جعل علينا فيها حرج , وأن الله يريد أن يخفف عنا , وكل هذا يدل على أن الغلو في الدين غير مطلوب , بل ليس هو من الدين , وأن التوسط هو سمة الدين ومنهاجه. والوسطية بين طرفين. تشدد وتساهل
وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم الاسلام بأنه دين الحنيفية السمحة ,
عن ابن عباس قال " قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ' أي الاديان احب الى الله ' قال ' الحنيفة (.السمحة '(10)
والحديث نص في أن الاسلام دين الحنيفة السمحة والسماحة تتنافى مع الغلو والتشدد فيه اذ هو دين لا ضيق ولا شدة فيه
عن انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا انما بعتثم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" (11)
والحديث يامر بالتيسير وترك التنفير والتعسير مما يستلزم ترك الغلو وطلب الوسط اذ اليسر هو السماحة وترك التشدد وخير الامور الوسط
وقد بوب البخاري على الحديث في كتاب الادب " باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ' يسروا ولا تعسروا ' وكان يحب التخفيف واليسر على الناس "
وقد أخد العلماء بهذه الأمور فقعدوا قاعدة فقهية من قواعد الفقه الكبرى (12) والتي عليها مدار الفقه الاسلامي وهي قاعدة " المشقة تجلب التيسير " ومن فروعها " الضرورة تبيح المحظورة ""الرضا بأهون الضررين لدفع أعلاهما اذا لم يكن من أحدهما بد " (13)
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top Bottom