بعد اذن الاخ المخلص حبيت انقل هذه المقالة الرائعة
غضبة الشيخ طارق عبد الحليم '' إلى رموز الإسلاميين .. إما إسلام وإما كفر! ''
إلى رموز الإسلاميين .. إما إسلام وإما كفر!
غفوة البرلمان .. في إنتظار الثورة الثالثة !
بقلم د. طارق عبد الحليم
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم
بدأت الإنتخابات. بدأ حلم الإخوان وغيرهم ممن يدين بالبرلمان في التحقق. والعجيب أن أحداً لم يعلق ولا بحرف واحدٍ سلباً أو إيجاباً عن قول شاهين الجيش من أنه سيكون بلا صلاحيات، وستظل الحكومة قائمة، وأن الوثيقة قائمة وأن الجيش سيظل أعلى من الشعب ومن جينه، فالقوم في ذهولٍ بتأويل أحلامهم، وإن كانت مفرغة من محتواها، شكلٌ بلا موضوع، وجسدٌ بلا روح.
ما يحدث الآن في ساحة السياسة المصرية، يتلخّص في أمر واحد، هو الخلاص من الشريعة الإسلامية كحاكمة في مصر، وما يتبع ذلك من سيطرة الجيش على السياسة المصرية، وعَلمنة الدّستور، وتكريس الفَساد. والمُعينون علي الوصول إلى هذا المُشهد خليط من السّاقطين المنتمين إلى كافة الإتجاهات السائدة في الساحة المصرية.
لا نتحدث عن المجلس العسكريّ، لأنهم اليد التي يستعملها الشيطان في تحقيق هذا المأرب، وقد أفصحوا عنه مرة ومرات، وأكدوا عليه تارة وتارات. هذا إلى جانب أنهم، كلهم، مجموعة من السارقين والمرتشين شاربي الخمر، ممن يعيشون على دم الشعب المسكين، يتمتعون بملايينه، بلا ضميرٍ ولا ذمة. هذا قدرٌ متفق عليه. وهؤلاء يعملون في وضح النهار، يهدمون الدين علانية، بلا خفاء، يقول شاهينهم كلبهم، إن علمانية الدولة خطٌ أحمر، حَمّرَه الله في نار جهنم. فهؤلاء يقاتلون الشريعة بإيجابية وكلاحة واستعلان.
ثم يأتي من بعدهم من يعينونهم في قتال الشريعة، من المسلمين العلمانيين كسليم العوا، أو العلمانيين المسلمين كالسيد البدوى، ومن على شاكلة هذين، ممن لا هم له في الدنيا إلا أن يجلس في غرفة واحدة مع أعضاء العسكريّ، بعد أن لفظتهم القوى الشعبية في التحرير، وطردتهم شرّ طردة. وهؤلاء هم من سارعوا إلى تلبية نداء العسكريّ، من معدومى الضمير والكرامة، ليساهموا في ديكور تحسين صورة العسكريّ، وإنقاذه من الورطة التي أسقط نفسه فيها بمحاربة الله ورسوله.
ثم تلك العصابة الملحدة التي تحارب الله ورسوله كفاحاً كالبَرادعيّ، وممدوح حمزة، وبقية العِلمانيين من إئتلافات الثورة، وتلك التجمّعات، التي تدرّبت على حرب المعلومات، وكيفية ركوب موجة العامة والإستفادة منها. إلا إننا نشهد الله على أن من هؤلاء من له شجاعة وقوة في وجه العسكري ما ليس لأيّ من تلك الرّموز الإسلامية الساقطة، مثل عبد الحليم قنديل وغيره.
ثم يأتي بعدهم من يحارب شرع الله سلباً، فيتخلف عن نَصرته، بكافة الدعاوى والحجج، مثل جماعة الإخوان، الذين عرف عنهم كل من له علم وبصيرة، براجمايتهم وحرصهم على مصالحهم، ولم يَحمد لهم أحد، بما فيهم القرضاوى والهلباوى من منتسبيهم القدامي، ذلك الجُبن والهَلع والحِرص على مَقاعد البَرلمان، تذرّعاً بأنّه وسيلة إلى الشّرعية، ويَعلم الله أنهم في هذا كاذِبون مُضَللون، بكسرِ اللّام وفَتحِها. ولا أدرى أي رجولة أو شجاعة في أن تترك أخاك يقتل فيالشارع ةيسحل، ثم يخرج السرجانيّ ليتعلل بسكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم على مقتل سمية رضى الله عنها! على اساس أننا الأقلية المُستضعفة! سبحان الله، غذن فمن هؤلاء الذين زلزلوا الأرض في 29 يوليو؟! هذا هو فقه الجماعة، فقه الإستضعاف والتراجع. وكيف يأمن المصريّ على بلاده إن يقف هؤلاء في وجه اليهود يوماً، إن لم يقدروا أن يقفوا في وجه عدد من الشرطة اللعينة؟!
ومثلهم في ذلك، السلفيون والجماعة الإسلامية، كلهم يسيرون على نفس المنوال، وإن تابع هذين الآخرين خطى الإخوان، على اشتراك بينهما في عوامل هذا التخاذل، فكثير من السلفيين، رموزهم، كانوا بطانة لأمن الدولة، لذلك تركوهم كلّ هذه الفترة في الساحة ينشرون سمومهم في بيان عدم الخروج على الحاكم، وهم في هذا يشتركون مع من انتكسوا وارتكسوا من الجماعة الإسلامية، الذين اشتروا حريتهم بدينهم، تحت اسم المراجعات، وانهاروا تماما أمام بريق الإعلام، ومقابلات رئيس الوزراء!! وكلا الإتجاهين يتفقان كذلك على أنهما ممن ينطبق عليه المثل العاميّ "كان في جرة وخرج لبره".
لكن المشهد الحقيقيّ في الشارع المصري، مشهدٌ آخر يدعو إلى إسقاط هذه الرموز، كما يدعو إلى إسقاط مجلس العسكر، سواءاّ بسواء.
فإنه بعد ذلك التصريح الذي أذاعه شاهين القوم، بلا حياء ولا خجل، ليرجع بعقارب الزَمن شهوراً عدة، عشرة على التحديد، ليؤكد أنه لم تفعل ثورة الناس شيئاً، وأن المجلس العسكريّ، كان وسيظل مسيطراً على القدر المصريّ إلى الأبد، من خلال خطوات محددة:
•حجب أية صلاحيات عن البرلمان الكرتوني، وإعتبار أعضاؤه "طراطير"، لحين "طبخ " الدستور.
•إبقاء وثيقة السلميّ كما هي، إلا من بعض تعديلات لا علاقة لها بعلمانية الدولة، وحق الجيش في سلب البلاد ما خوله له سيده مبارك من قبل.
لم تعد الأمور ضبابية أو مختلطة أو فيها تشابه أو اشتباه. بل هي صريحة واضحة. لا إسلام، ولا شريعة، ولا حرية. بل علمانية، لا دينية، ديكتاتورية.
المسألة الآن لم تعد سياسة أو برلماناً أو ثورة. المسألة مَسالة إسلامٍ أو كفر. المَسألة مسألة توحيد وشرك، ببساطة ووضوح.
يا ايها الإسلاميون، إن إعتماد العلمانية، التي يُسمونها مدنية الدولة، مع القدرة على تغييرها، رضا بالكفر، وتواطؤ عليه.
يا ايها الإسلاميون، لقد نفذ رصيدكم عند الله سبحانه، وعند المؤمنين. فقد صدق الناس دعاواكم من قبل، أنكم تحاورون وتداورون، وتحسبون أنفسكم أذكى من العسكر، وأنكم ستحايلونهم حتى تدخلوا البرلمان غانمين ظافرين، ومن ثمّ، تغيرون الحكومة، وتُشكلون الهيئة التأسيسية، وتضعون الدستور.
وهمٌ في وهمٍ في وهمْ. فقد أخرج لكم شاهين الكفر لسانه، وقال لكم بصراحة وقوة: أنتم لا صلاحية لكم إلا بعد أن نُقر الدستور، الذي سنحميه بعد إقراره بالطريقة التي نراها، بتقنين الكفرن والديكتاتورية.
الأمر اليوم أنهم وضعوكم أمام قدرِكم الحقيقيّ، أصْفارٌ مربّعة، ببرلمانكم وكراسيكم. لقد كذبتم بقول الله تعالى "أحسب الناس أن يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون".
لقد حسبتم أن قوة الظلم والطغيان يمكن هزيمتها بالحوار حينا وبالصمت أحياناً، فظهر لكم أنْ لا هزيمة للقوة الغاشمة الملحدة إلا بقرعها بالقوة، الصمود ردّ العدوان.
نسيتم ما دّون شهيد الأمة سيد قطب، في مفهوم التوحيد، وطبيعة هذا الدين، وكيفية عمله، في خوالده "هذا الدين"، و"معالم في الطريق"، وذهبتم تحاولون ما هداه اليه شيطان الإستسلام والخنوع عقوداً بعد عقود، ميوعة في دين الله، وحرصاً على مكتسباتكم.
صدّعتم رؤوسنا بتضحياتكم وسجنكم وإعتقالاتكم، وبطولاتكم، التي هي والله كانت مفروضة عليكم لا لشجاعة موقفٍ ولا لمقارعة ظلمٍ، فما فعلتوه يوماً، بل اتخذوا منكم فزّاعة للغير، على مذهب "اضرب المربوط يخاف السايب".
ثم لمّا جاء أوان الحق، ودقت ساعة التضحية، نَكَصتم على أعقابكم، وتراجعتم عن الميدان، واعيتم فهمكم للواقع، وحسن دهائكم وحنكتكم، وقَبعتم ترقبون الصَناديق، حتى بال عليكم شاهينهم، بما قال. فياليتكم ما تحدثم من قبل عن شجاعة ولا محنة.
ومنكم من سلّم الراية إبتداءاً، بعد أن كتب مراجعاته، وتراجعاته، وجعلها قرباناً على مذبح العلمانية، يقبل بما تمليه عليه من نظم، يتحرك في مجالها، وبقدرها.
هل تعتقدون، أن الله غافل عما تعملون؟ هل تعتقدون أنّ الله سيحاسبكم على قدر نِسَبِكم في البرلمان، فمن حصد مائة مقعد كان من السابقين السابقين، ومن حصد خمسيناً كان من أصحاب اليمين، ومن حصد عشراً كان من أصحاب الشمال الخاسرين؟ أهكذا سولت لكم أنفسكم، يا رموز العمل الإسلاميّ
والله لن يصلح العمل الإسلاميّ في مصر، إلا أن تسقط هذه الرموز المصنوعة، قبل سقوط العسكريّ. أن يسقط صاحب الملايين والفضائيات، ويسقط الذي ظنّ نفسه، وظن أتباعه أنه عالم حديثٍ لا يشق له غبار.. لا لعلم عنده، بل لجهلٍ عند أتباعه. ووالله لأي رسالة من رسائل الماجستير التي تناقش في معاهد الحديث حول العالم لأفضل وأقوى من كل ما كتب هذا الرمز المفتعل. أمرهم أمر آلاف مؤلفة تُدفع في الحلقة التي يسجلونها، يتنازعون حولها، ويبادرون اليها، من قنوات سعودية إلى فضائيات إسلامية دعية. ثم هؤلاء الصاغرين لحكم العلمانية، المطيعين لحكام الكفر من بقية الرموز المفتعلة، الذين يقنّنون ويشرعون الإستعباد، وإتباع الكفار.
أفيقوا يا أتباع الرموز المنحرفة الذاهلة، اتباع أدعياء الدعوة، فهؤلاء قائدكم إلى حكم الطاغوت، وليس لكم عندها من الله من عاصم.
إنكم، يا رموز انحراف الدعوة، وخاذليها، السبب وراء ما نحن فيه، بجهلكم، وسذاجة أحلامكم، ومكر بعضكم، وشره بعضكم. فاتقوا الله في دين الله، فوالله ما عاش منكم أحدٌ من مال الدعوة إلا تلوثت يداه، وتشوهت نواياه، وخبثت كلماته، وانحرفت مقاصده. والحمد لله الذي سدّ بيننا وبين مال الدعوة الحرام، طوال أربعين عاماً.
أقولها في وجوهكم، غير متهيبٍ ولا مجامل، فلم يعد بعد الحق إلا الضلال، ولا بعد الإعتصام إلا الخزى والعار. أقولها لكم، أنتم ستحملون أوزار هذه الأمة، حين يضيع دينها، وينشر اللادينيون فيها الفسق والعهر، وتُرفع فيها الصلبان أعلى من اسم الله، وتمنع فيها لافتات لا إله إلا الله من أن ترفع بين الناس "لِيَحْمِلُوٓا۟ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةًۭ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَآءَ مَا يَزِرُونَ" النحل 25.، "وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا۟ وَءَاثَـٰرَهُمْ" يس 12
ما كان عليكم لو أنَكم خَرَجتم للقَضَاء على هذه العُصبة مرة واحدة، وقدّمتم الشُهداء، بدلاً من ذلك التهليل والتضليل، الذي لن يصل بكم إلا إلى أن تكونوا طراطير مجلسٍ، أو أتباع علمانية.
ثوبوا إلى أنفسكم قبل أن يفوت أوان أوبتكم.
الا هل بلغت، اللهم فاشهد
* 28 نوفمبر 2011
غفوة البرلمان .. في إنتظار الثورة الثالثة !
بقلم :د.طارق عبد الحليم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
سَلمنا بالأمر الواقع، وعرفنا أنّ الثورة الثَانية قد فشلت، وأن الجولة الثانية من الثورة كانت من نَصيب المجلس العسكريّ، كما كانت الجولة الأولى من نصيبه. وانفضّ تجمّع التحرير حتى من أشَدّ مناصريه، فتركوه بناءاً على توصية الشيخ حازم أبو اسماعيل، لتأمين الإنتخابات.
لم يعلق أحدٌ على مال قال شاهين المجلس العسكريّ، ولا بكلمة واحدة، لا سلباً ولا إيجاباً.
ثم ماذا بعد؟
لنحاول أن نرسم صورة الفترة المُقبلة، التي بمقتضى توجّه الإخوان، لم يخسر فيها أحد، فازت فيها الإخوان بإقامة الإنتخابات في موعدها، ما شاء الله،، وفاز فيها المجلس العسكريّ بفضّ التظاهرات، وحفظ الأمن، والحدّ من القتلى إلى ما دون الخمسة والأربعين، مع الإحتفاظ بنفس الخطوات التي سبق أن أعلنها من فرض وثيقة السلميّ، وشروط تكوين الهيئة التأسيسية!
لنحلُم مع الحالمين، ونتوهَّم مع المتوهّمين، فالحلم والوهم، لا سعر لهما، أو "ببلاش" كما يقال.
نجح الإخوان، والسلفيون بنسبة 50%، وهى نسبة لا يرى أحدٌ من المراقبين أن يبلغها حظهم. وتَوجّه النواب الجدد إلى البرلمان، في أول أيام إنعقاده، فرحين مستبشرين. وجلس السادة على الكراسيّ، وأحسوا وثَارَتها ودِفئها. ثم ماذا بعد؟ ماذا سيكون موضوع مناقشاتهم، وطريقة استجوابهم، لحكومة ليس لهم عليها سيطرة، ولا يستطيعون تنحِيتها، بتصريح رئيس الجمهورية (المجلس العسكريّ) على لِسان متحدثه (شاهين). هل يستحدثون عن:
•قانون الطوارئ الذي لا يَزال مفروضاً على البلاد، مُسَلطاً على رقاب العباد؟
•قتلة الأبرياء في 25 يناير وفي 18 نوفمبر، وقناص العيون المعروف إسماً، الثابت عليه الجرم فعلاً، والمحروس من قبل قوات الشرطة الخائنة حالياً رغم أنف النيابة، بل والذي يقال أنهم هربوه خارج البلاد بالفعل؟
•أربعة عشر ألفاً من المعتقلين المدنيين في السجون العسكرية؟
•محاكمات العادلي ومبارك الكرتونية، وقضية تسريب الأموال المصرية إبان الثورة؟
•صفقة الغاز المُصَدّر إلى إسرائيل؟
•معبر رفح وحصار إخواننا المسلمين في غزة؟
•الشرطة المتبجّحة الخَارجة عن الشّرعية المصرية بأكملها، والتي هي الآن جهاز بلطجة منظم كأعْتى ما تكون عليه المَافيا، إلا إنه، خِلافاً للمافياً، جهازٌ معلن مدفوع الأجر من الشعب؟
•الإعلام العميل وأجهزته التي لم ير العالم لها مثيلاً في التهافت والخيانة؟
بالطبع، لن يكون لهم أثرٌ في أي من هذه الموضوعات، التي سيحجبها المجلس العسكريّ عنهم بكلمة واحدة، أنها أمور "سيادية"! أيّا كان معنى السيادية في نظامٍ يُفترض فيه الديموقراطية.
ثم إن وصلنا إلى الأهم في ذلك كله، وثيقة السلميّ وشروط تكوين اللجنة التأسيسية، وقانون مجلس الأمن القوميّ، وسيطرة الجيش على المَشهد السياسيّ من خلال الدستور. ترى ما خطط السّادة النواب الأشاوس، قاهرى البرلمان، وأبطال الكراسي، في مواجهة هذه الأمور الأربعة، التي هي ركيزة الأمر كله، وروح الدولة وأعمدة بنائها القادم؟ والتي لم، ولن يتحرك موقف المجلس العسكريّ حِيالها قيد شعرة، كما قال شاهينهم مؤخّراً في تصريحه.
فهل سيدخل أشاوس الكراسي، في حِوارٍ مع من يُنصّب العَسكر بدلاً من السلميّ، للحديث عن الوثيقة؟ والمعروف أن الإخوان، أبطال البرلمان، والغَائبون عن الميدان، قد رضوْا بالوثيقة كمبدإ، وبوضع شُروط للهيئة التأسيسية، دون تفاصيل، وهو الأمر الذي ليس له أيّ تبرير إلا السَير على هوى السلطة المُتجبرة المُتعنّتة، والإستمرار في مبدأ الوَسطية المُدمرة، فما عليهم لو رفضوها جملة وتفصيلاً؟
على كل حال، فإن هناك طريقان يمكن أن تسلكهما الأحداث في الشهور القليلة القادمة:
أولهما، أن يكون قد بقي في الإخوان والسلفيين بقية دين وحرص على الشريعة، فيقفوا وقفة قوية في وجه إقرار أية وثيقة ايا كانت لتكبيل البرلمان والرئيس، وإعطاء أية صلاحياتٍ للجيش.
وثانيهما، أن يَرضى الإخوان والسلفيون من الغنيمة بالإياب، ومن البَرلمان بالحُلّة والإهاب، ويتحاوروا مع ممثل العسكر في الحكومة، كما تعوّد محمد مرسى أن يقفز في كل لقاءٍ، يسعى اليه، ويحرص عليه. ثم يخرجوا بما في المادة الثانية من الدستور السابق، أنّ مبادئ الشريعة، الحُرية والعَدالة والمُساواة، هي مَرجِعٌ رئيسٌ في التشريع، لكن لا محلّ لأحكام الشريعة في حياة الناس، ثم الإقرار بعد ذلك بما يريد العسكر، وكأن المادة الثانية هذه هي مُجمل دين الأمة ومقتضى التوحيد والرسالات!
وفي تقديرى الخَاص، أن الأقرب لمنهج الإخوان، وطريقتهم في التفكير، وعَمليتهم الإستسلامية البَراجماتية، فإن السيناريو الثاني هو الأقرب لأن يَحدث. وغالباً ما سيستعجل السادة النواب الأشاوس موعد إفاقتهم من الغيبوية، وعودتهم إلى الحياة، لتكوين حكومة جديدة، يقال إنها حكومة الإسلاميين، وهي في حقيقة الأمر قد قُيدت أوابدها وألزمت مرابطها، فلا حول لها ولا قوة، لكنها، على الأقل، لمن قنع طول عمره بالأقل، حكومة إسلامية. وصدق المتنبى
على قَدرِ أهل العَزم تأتي العَزائم وتأتي على قدرِ الكِـرامِ المكــارمُ
ويَكبُر في عَين الصَغيرِ صِغَارُها وتَصْغُر في عين العَظيمِ العَظائمُ
لكنّ ساعتها سيكون هناك رَدة فعل من رجل الشعب العاديّ، والذي لن يقبل بالحرية العلمانية تحت سيطرة العسكر. وستكون الثورة الثالثة، ثورة الشعب.
أما في الحالة الأولى، فمن البديهيّ أن لن يكون هناك إلا أن يستسلم المجلس العسكريّ لهذه المطالب، وهو ما لن يَحدث إلا في خَيالٍ مريضٍ واهمٍ. أو أن يَرفض العسكر، وهو المتوقع بنسبة 99.9%. وهو، في تقديري، ما سيؤدى إلى الثورة الثالثة، ثورة الشعب، لا ثورة الرموز، فهؤلاء لن تتبدل مواقفهم، ولو أعلنوا مصر دولة نصرانية، طالما فَازوا في البَرلمان، الذي تركوا من قبل لأجله الميدان.
وقد كانت لي مداخلة مع أحد الإخوة اليوم، قال: لعل الإخوان ينتظرون إلى أن تنتهى الإنتخابات، ثم يخرجون لمواجهة الجيش! قلت، يا أخي أدرّكك الصَّباح، فلتتَوقّف، بالله عليك، عن الكَلام المباح! إنّى، وإن كنت أدعو الله أن يُخيّب ظنى، وأن يكون منهم عكس ما أرى، وأن يَهديَهم إلى الصّواب، إلا أن لهؤلاء تاريخٌ غير مشرفٍ في التصدّى جهاراً نهاراً للعسكر، أو للسُلطة أياً كانت، وفي التقرّب إلى أهل السّلطة، بدعوى الوسطية.
ما يجب أن ننبّه اليه أن هذا البرلمان الغَافي الغَافل، نافذ الصّلاحية قبل خروجه إلى السوق، لن تُبعث فيه الحياة، حسب ما صرّح شاهينهم، إلا بعد انتخاب رئيس الجمهورية، وهو ما لن يتم إلا بعد إعلان الوثيقة، ووضع شروط الهيئة التأسيسية. فهم في إغفاءة حتى يتم "تظبيط" الأمور، وتكبيل دور البرلمان والرئيس المقبل معا.
ونحن في إنتظار ما ستسفر عنه الإنتخابات البرلمانية، و"مبارك" على الإخوان ما يكسبون.
* 29 نوفمبر
غضبة الشيخ طارق عبد الحليم '' إلى رموز الإسلاميين .. إما إسلام وإما كفر! ''
إلى رموز الإسلاميين .. إما إسلام وإما كفر!
غفوة البرلمان .. في إنتظار الثورة الثالثة !
بقلم د. طارق عبد الحليم
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم
بدأت الإنتخابات. بدأ حلم الإخوان وغيرهم ممن يدين بالبرلمان في التحقق. والعجيب أن أحداً لم يعلق ولا بحرف واحدٍ سلباً أو إيجاباً عن قول شاهين الجيش من أنه سيكون بلا صلاحيات، وستظل الحكومة قائمة، وأن الوثيقة قائمة وأن الجيش سيظل أعلى من الشعب ومن جينه، فالقوم في ذهولٍ بتأويل أحلامهم، وإن كانت مفرغة من محتواها، شكلٌ بلا موضوع، وجسدٌ بلا روح.
ما يحدث الآن في ساحة السياسة المصرية، يتلخّص في أمر واحد، هو الخلاص من الشريعة الإسلامية كحاكمة في مصر، وما يتبع ذلك من سيطرة الجيش على السياسة المصرية، وعَلمنة الدّستور، وتكريس الفَساد. والمُعينون علي الوصول إلى هذا المُشهد خليط من السّاقطين المنتمين إلى كافة الإتجاهات السائدة في الساحة المصرية.
لا نتحدث عن المجلس العسكريّ، لأنهم اليد التي يستعملها الشيطان في تحقيق هذا المأرب، وقد أفصحوا عنه مرة ومرات، وأكدوا عليه تارة وتارات. هذا إلى جانب أنهم، كلهم، مجموعة من السارقين والمرتشين شاربي الخمر، ممن يعيشون على دم الشعب المسكين، يتمتعون بملايينه، بلا ضميرٍ ولا ذمة. هذا قدرٌ متفق عليه. وهؤلاء يعملون في وضح النهار، يهدمون الدين علانية، بلا خفاء، يقول شاهينهم كلبهم، إن علمانية الدولة خطٌ أحمر، حَمّرَه الله في نار جهنم. فهؤلاء يقاتلون الشريعة بإيجابية وكلاحة واستعلان.
ثم يأتي من بعدهم من يعينونهم في قتال الشريعة، من المسلمين العلمانيين كسليم العوا، أو العلمانيين المسلمين كالسيد البدوى، ومن على شاكلة هذين، ممن لا هم له في الدنيا إلا أن يجلس في غرفة واحدة مع أعضاء العسكريّ، بعد أن لفظتهم القوى الشعبية في التحرير، وطردتهم شرّ طردة. وهؤلاء هم من سارعوا إلى تلبية نداء العسكريّ، من معدومى الضمير والكرامة، ليساهموا في ديكور تحسين صورة العسكريّ، وإنقاذه من الورطة التي أسقط نفسه فيها بمحاربة الله ورسوله.
ثم تلك العصابة الملحدة التي تحارب الله ورسوله كفاحاً كالبَرادعيّ، وممدوح حمزة، وبقية العِلمانيين من إئتلافات الثورة، وتلك التجمّعات، التي تدرّبت على حرب المعلومات، وكيفية ركوب موجة العامة والإستفادة منها. إلا إننا نشهد الله على أن من هؤلاء من له شجاعة وقوة في وجه العسكري ما ليس لأيّ من تلك الرّموز الإسلامية الساقطة، مثل عبد الحليم قنديل وغيره.
ثم يأتي بعدهم من يحارب شرع الله سلباً، فيتخلف عن نَصرته، بكافة الدعاوى والحجج، مثل جماعة الإخوان، الذين عرف عنهم كل من له علم وبصيرة، براجمايتهم وحرصهم على مصالحهم، ولم يَحمد لهم أحد، بما فيهم القرضاوى والهلباوى من منتسبيهم القدامي، ذلك الجُبن والهَلع والحِرص على مَقاعد البَرلمان، تذرّعاً بأنّه وسيلة إلى الشّرعية، ويَعلم الله أنهم في هذا كاذِبون مُضَللون، بكسرِ اللّام وفَتحِها. ولا أدرى أي رجولة أو شجاعة في أن تترك أخاك يقتل فيالشارع ةيسحل، ثم يخرج السرجانيّ ليتعلل بسكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم على مقتل سمية رضى الله عنها! على اساس أننا الأقلية المُستضعفة! سبحان الله، غذن فمن هؤلاء الذين زلزلوا الأرض في 29 يوليو؟! هذا هو فقه الجماعة، فقه الإستضعاف والتراجع. وكيف يأمن المصريّ على بلاده إن يقف هؤلاء في وجه اليهود يوماً، إن لم يقدروا أن يقفوا في وجه عدد من الشرطة اللعينة؟!
ومثلهم في ذلك، السلفيون والجماعة الإسلامية، كلهم يسيرون على نفس المنوال، وإن تابع هذين الآخرين خطى الإخوان، على اشتراك بينهما في عوامل هذا التخاذل، فكثير من السلفيين، رموزهم، كانوا بطانة لأمن الدولة، لذلك تركوهم كلّ هذه الفترة في الساحة ينشرون سمومهم في بيان عدم الخروج على الحاكم، وهم في هذا يشتركون مع من انتكسوا وارتكسوا من الجماعة الإسلامية، الذين اشتروا حريتهم بدينهم، تحت اسم المراجعات، وانهاروا تماما أمام بريق الإعلام، ومقابلات رئيس الوزراء!! وكلا الإتجاهين يتفقان كذلك على أنهما ممن ينطبق عليه المثل العاميّ "كان في جرة وخرج لبره".
لكن المشهد الحقيقيّ في الشارع المصري، مشهدٌ آخر يدعو إلى إسقاط هذه الرموز، كما يدعو إلى إسقاط مجلس العسكر، سواءاّ بسواء.
فإنه بعد ذلك التصريح الذي أذاعه شاهين القوم، بلا حياء ولا خجل، ليرجع بعقارب الزَمن شهوراً عدة، عشرة على التحديد، ليؤكد أنه لم تفعل ثورة الناس شيئاً، وأن المجلس العسكريّ، كان وسيظل مسيطراً على القدر المصريّ إلى الأبد، من خلال خطوات محددة:
•حجب أية صلاحيات عن البرلمان الكرتوني، وإعتبار أعضاؤه "طراطير"، لحين "طبخ " الدستور.
•إبقاء وثيقة السلميّ كما هي، إلا من بعض تعديلات لا علاقة لها بعلمانية الدولة، وحق الجيش في سلب البلاد ما خوله له سيده مبارك من قبل.
لم تعد الأمور ضبابية أو مختلطة أو فيها تشابه أو اشتباه. بل هي صريحة واضحة. لا إسلام، ولا شريعة، ولا حرية. بل علمانية، لا دينية، ديكتاتورية.
المسألة الآن لم تعد سياسة أو برلماناً أو ثورة. المسألة مَسالة إسلامٍ أو كفر. المَسألة مسألة توحيد وشرك، ببساطة ووضوح.
يا ايها الإسلاميون، إن إعتماد العلمانية، التي يُسمونها مدنية الدولة، مع القدرة على تغييرها، رضا بالكفر، وتواطؤ عليه.
يا ايها الإسلاميون، لقد نفذ رصيدكم عند الله سبحانه، وعند المؤمنين. فقد صدق الناس دعاواكم من قبل، أنكم تحاورون وتداورون، وتحسبون أنفسكم أذكى من العسكر، وأنكم ستحايلونهم حتى تدخلوا البرلمان غانمين ظافرين، ومن ثمّ، تغيرون الحكومة، وتُشكلون الهيئة التأسيسية، وتضعون الدستور.
وهمٌ في وهمٍ في وهمْ. فقد أخرج لكم شاهين الكفر لسانه، وقال لكم بصراحة وقوة: أنتم لا صلاحية لكم إلا بعد أن نُقر الدستور، الذي سنحميه بعد إقراره بالطريقة التي نراها، بتقنين الكفرن والديكتاتورية.
الأمر اليوم أنهم وضعوكم أمام قدرِكم الحقيقيّ، أصْفارٌ مربّعة، ببرلمانكم وكراسيكم. لقد كذبتم بقول الله تعالى "أحسب الناس أن يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون".
لقد حسبتم أن قوة الظلم والطغيان يمكن هزيمتها بالحوار حينا وبالصمت أحياناً، فظهر لكم أنْ لا هزيمة للقوة الغاشمة الملحدة إلا بقرعها بالقوة، الصمود ردّ العدوان.
نسيتم ما دّون شهيد الأمة سيد قطب، في مفهوم التوحيد، وطبيعة هذا الدين، وكيفية عمله، في خوالده "هذا الدين"، و"معالم في الطريق"، وذهبتم تحاولون ما هداه اليه شيطان الإستسلام والخنوع عقوداً بعد عقود، ميوعة في دين الله، وحرصاً على مكتسباتكم.
صدّعتم رؤوسنا بتضحياتكم وسجنكم وإعتقالاتكم، وبطولاتكم، التي هي والله كانت مفروضة عليكم لا لشجاعة موقفٍ ولا لمقارعة ظلمٍ، فما فعلتوه يوماً، بل اتخذوا منكم فزّاعة للغير، على مذهب "اضرب المربوط يخاف السايب".
ثم لمّا جاء أوان الحق، ودقت ساعة التضحية، نَكَصتم على أعقابكم، وتراجعتم عن الميدان، واعيتم فهمكم للواقع، وحسن دهائكم وحنكتكم، وقَبعتم ترقبون الصَناديق، حتى بال عليكم شاهينهم، بما قال. فياليتكم ما تحدثم من قبل عن شجاعة ولا محنة.
ومنكم من سلّم الراية إبتداءاً، بعد أن كتب مراجعاته، وتراجعاته، وجعلها قرباناً على مذبح العلمانية، يقبل بما تمليه عليه من نظم، يتحرك في مجالها، وبقدرها.
هل تعتقدون، أن الله غافل عما تعملون؟ هل تعتقدون أنّ الله سيحاسبكم على قدر نِسَبِكم في البرلمان، فمن حصد مائة مقعد كان من السابقين السابقين، ومن حصد خمسيناً كان من أصحاب اليمين، ومن حصد عشراً كان من أصحاب الشمال الخاسرين؟ أهكذا سولت لكم أنفسكم، يا رموز العمل الإسلاميّ
والله لن يصلح العمل الإسلاميّ في مصر، إلا أن تسقط هذه الرموز المصنوعة، قبل سقوط العسكريّ. أن يسقط صاحب الملايين والفضائيات، ويسقط الذي ظنّ نفسه، وظن أتباعه أنه عالم حديثٍ لا يشق له غبار.. لا لعلم عنده، بل لجهلٍ عند أتباعه. ووالله لأي رسالة من رسائل الماجستير التي تناقش في معاهد الحديث حول العالم لأفضل وأقوى من كل ما كتب هذا الرمز المفتعل. أمرهم أمر آلاف مؤلفة تُدفع في الحلقة التي يسجلونها، يتنازعون حولها، ويبادرون اليها، من قنوات سعودية إلى فضائيات إسلامية دعية. ثم هؤلاء الصاغرين لحكم العلمانية، المطيعين لحكام الكفر من بقية الرموز المفتعلة، الذين يقنّنون ويشرعون الإستعباد، وإتباع الكفار.
أفيقوا يا أتباع الرموز المنحرفة الذاهلة، اتباع أدعياء الدعوة، فهؤلاء قائدكم إلى حكم الطاغوت، وليس لكم عندها من الله من عاصم.
إنكم، يا رموز انحراف الدعوة، وخاذليها، السبب وراء ما نحن فيه، بجهلكم، وسذاجة أحلامكم، ومكر بعضكم، وشره بعضكم. فاتقوا الله في دين الله، فوالله ما عاش منكم أحدٌ من مال الدعوة إلا تلوثت يداه، وتشوهت نواياه، وخبثت كلماته، وانحرفت مقاصده. والحمد لله الذي سدّ بيننا وبين مال الدعوة الحرام، طوال أربعين عاماً.
أقولها في وجوهكم، غير متهيبٍ ولا مجامل، فلم يعد بعد الحق إلا الضلال، ولا بعد الإعتصام إلا الخزى والعار. أقولها لكم، أنتم ستحملون أوزار هذه الأمة، حين يضيع دينها، وينشر اللادينيون فيها الفسق والعهر، وتُرفع فيها الصلبان أعلى من اسم الله، وتمنع فيها لافتات لا إله إلا الله من أن ترفع بين الناس "لِيَحْمِلُوٓا۟ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةًۭ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَآءَ مَا يَزِرُونَ" النحل 25.، "وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا۟ وَءَاثَـٰرَهُمْ" يس 12
ما كان عليكم لو أنَكم خَرَجتم للقَضَاء على هذه العُصبة مرة واحدة، وقدّمتم الشُهداء، بدلاً من ذلك التهليل والتضليل، الذي لن يصل بكم إلا إلى أن تكونوا طراطير مجلسٍ، أو أتباع علمانية.
ثوبوا إلى أنفسكم قبل أن يفوت أوان أوبتكم.
الا هل بلغت، اللهم فاشهد
* 28 نوفمبر 2011
غفوة البرلمان .. في إنتظار الثورة الثالثة !
بقلم :د.طارق عبد الحليم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
سَلمنا بالأمر الواقع، وعرفنا أنّ الثورة الثَانية قد فشلت، وأن الجولة الثانية من الثورة كانت من نَصيب المجلس العسكريّ، كما كانت الجولة الأولى من نصيبه. وانفضّ تجمّع التحرير حتى من أشَدّ مناصريه، فتركوه بناءاً على توصية الشيخ حازم أبو اسماعيل، لتأمين الإنتخابات.
لم يعلق أحدٌ على مال قال شاهين المجلس العسكريّ، ولا بكلمة واحدة، لا سلباً ولا إيجاباً.
ثم ماذا بعد؟
لنحاول أن نرسم صورة الفترة المُقبلة، التي بمقتضى توجّه الإخوان، لم يخسر فيها أحد، فازت فيها الإخوان بإقامة الإنتخابات في موعدها، ما شاء الله،، وفاز فيها المجلس العسكريّ بفضّ التظاهرات، وحفظ الأمن، والحدّ من القتلى إلى ما دون الخمسة والأربعين، مع الإحتفاظ بنفس الخطوات التي سبق أن أعلنها من فرض وثيقة السلميّ، وشروط تكوين الهيئة التأسيسية!
لنحلُم مع الحالمين، ونتوهَّم مع المتوهّمين، فالحلم والوهم، لا سعر لهما، أو "ببلاش" كما يقال.
نجح الإخوان، والسلفيون بنسبة 50%، وهى نسبة لا يرى أحدٌ من المراقبين أن يبلغها حظهم. وتَوجّه النواب الجدد إلى البرلمان، في أول أيام إنعقاده، فرحين مستبشرين. وجلس السادة على الكراسيّ، وأحسوا وثَارَتها ودِفئها. ثم ماذا بعد؟ ماذا سيكون موضوع مناقشاتهم، وطريقة استجوابهم، لحكومة ليس لهم عليها سيطرة، ولا يستطيعون تنحِيتها، بتصريح رئيس الجمهورية (المجلس العسكريّ) على لِسان متحدثه (شاهين). هل يستحدثون عن:
•قانون الطوارئ الذي لا يَزال مفروضاً على البلاد، مُسَلطاً على رقاب العباد؟
•قتلة الأبرياء في 25 يناير وفي 18 نوفمبر، وقناص العيون المعروف إسماً، الثابت عليه الجرم فعلاً، والمحروس من قبل قوات الشرطة الخائنة حالياً رغم أنف النيابة، بل والذي يقال أنهم هربوه خارج البلاد بالفعل؟
•أربعة عشر ألفاً من المعتقلين المدنيين في السجون العسكرية؟
•محاكمات العادلي ومبارك الكرتونية، وقضية تسريب الأموال المصرية إبان الثورة؟
•صفقة الغاز المُصَدّر إلى إسرائيل؟
•معبر رفح وحصار إخواننا المسلمين في غزة؟
•الشرطة المتبجّحة الخَارجة عن الشّرعية المصرية بأكملها، والتي هي الآن جهاز بلطجة منظم كأعْتى ما تكون عليه المَافيا، إلا إنه، خِلافاً للمافياً، جهازٌ معلن مدفوع الأجر من الشعب؟
•الإعلام العميل وأجهزته التي لم ير العالم لها مثيلاً في التهافت والخيانة؟
بالطبع، لن يكون لهم أثرٌ في أي من هذه الموضوعات، التي سيحجبها المجلس العسكريّ عنهم بكلمة واحدة، أنها أمور "سيادية"! أيّا كان معنى السيادية في نظامٍ يُفترض فيه الديموقراطية.
ثم إن وصلنا إلى الأهم في ذلك كله، وثيقة السلميّ وشروط تكوين اللجنة التأسيسية، وقانون مجلس الأمن القوميّ، وسيطرة الجيش على المَشهد السياسيّ من خلال الدستور. ترى ما خطط السّادة النواب الأشاوس، قاهرى البرلمان، وأبطال الكراسي، في مواجهة هذه الأمور الأربعة، التي هي ركيزة الأمر كله، وروح الدولة وأعمدة بنائها القادم؟ والتي لم، ولن يتحرك موقف المجلس العسكريّ حِيالها قيد شعرة، كما قال شاهينهم مؤخّراً في تصريحه.
فهل سيدخل أشاوس الكراسي، في حِوارٍ مع من يُنصّب العَسكر بدلاً من السلميّ، للحديث عن الوثيقة؟ والمعروف أن الإخوان، أبطال البرلمان، والغَائبون عن الميدان، قد رضوْا بالوثيقة كمبدإ، وبوضع شُروط للهيئة التأسيسية، دون تفاصيل، وهو الأمر الذي ليس له أيّ تبرير إلا السَير على هوى السلطة المُتجبرة المُتعنّتة، والإستمرار في مبدأ الوَسطية المُدمرة، فما عليهم لو رفضوها جملة وتفصيلاً؟
على كل حال، فإن هناك طريقان يمكن أن تسلكهما الأحداث في الشهور القليلة القادمة:
أولهما، أن يكون قد بقي في الإخوان والسلفيين بقية دين وحرص على الشريعة، فيقفوا وقفة قوية في وجه إقرار أية وثيقة ايا كانت لتكبيل البرلمان والرئيس، وإعطاء أية صلاحياتٍ للجيش.
وثانيهما، أن يَرضى الإخوان والسلفيون من الغنيمة بالإياب، ومن البَرلمان بالحُلّة والإهاب، ويتحاوروا مع ممثل العسكر في الحكومة، كما تعوّد محمد مرسى أن يقفز في كل لقاءٍ، يسعى اليه، ويحرص عليه. ثم يخرجوا بما في المادة الثانية من الدستور السابق، أنّ مبادئ الشريعة، الحُرية والعَدالة والمُساواة، هي مَرجِعٌ رئيسٌ في التشريع، لكن لا محلّ لأحكام الشريعة في حياة الناس، ثم الإقرار بعد ذلك بما يريد العسكر، وكأن المادة الثانية هذه هي مُجمل دين الأمة ومقتضى التوحيد والرسالات!
وفي تقديرى الخَاص، أن الأقرب لمنهج الإخوان، وطريقتهم في التفكير، وعَمليتهم الإستسلامية البَراجماتية، فإن السيناريو الثاني هو الأقرب لأن يَحدث. وغالباً ما سيستعجل السادة النواب الأشاوس موعد إفاقتهم من الغيبوية، وعودتهم إلى الحياة، لتكوين حكومة جديدة، يقال إنها حكومة الإسلاميين، وهي في حقيقة الأمر قد قُيدت أوابدها وألزمت مرابطها، فلا حول لها ولا قوة، لكنها، على الأقل، لمن قنع طول عمره بالأقل، حكومة إسلامية. وصدق المتنبى
على قَدرِ أهل العَزم تأتي العَزائم وتأتي على قدرِ الكِـرامِ المكــارمُ
ويَكبُر في عَين الصَغيرِ صِغَارُها وتَصْغُر في عين العَظيمِ العَظائمُ
لكنّ ساعتها سيكون هناك رَدة فعل من رجل الشعب العاديّ، والذي لن يقبل بالحرية العلمانية تحت سيطرة العسكر. وستكون الثورة الثالثة، ثورة الشعب.
أما في الحالة الأولى، فمن البديهيّ أن لن يكون هناك إلا أن يستسلم المجلس العسكريّ لهذه المطالب، وهو ما لن يَحدث إلا في خَيالٍ مريضٍ واهمٍ. أو أن يَرفض العسكر، وهو المتوقع بنسبة 99.9%. وهو، في تقديري، ما سيؤدى إلى الثورة الثالثة، ثورة الشعب، لا ثورة الرموز، فهؤلاء لن تتبدل مواقفهم، ولو أعلنوا مصر دولة نصرانية، طالما فَازوا في البَرلمان، الذي تركوا من قبل لأجله الميدان.
وقد كانت لي مداخلة مع أحد الإخوة اليوم، قال: لعل الإخوان ينتظرون إلى أن تنتهى الإنتخابات، ثم يخرجون لمواجهة الجيش! قلت، يا أخي أدرّكك الصَّباح، فلتتَوقّف، بالله عليك، عن الكَلام المباح! إنّى، وإن كنت أدعو الله أن يُخيّب ظنى، وأن يكون منهم عكس ما أرى، وأن يَهديَهم إلى الصّواب، إلا أن لهؤلاء تاريخٌ غير مشرفٍ في التصدّى جهاراً نهاراً للعسكر، أو للسُلطة أياً كانت، وفي التقرّب إلى أهل السّلطة، بدعوى الوسطية.
ما يجب أن ننبّه اليه أن هذا البرلمان الغَافي الغَافل، نافذ الصّلاحية قبل خروجه إلى السوق، لن تُبعث فيه الحياة، حسب ما صرّح شاهينهم، إلا بعد انتخاب رئيس الجمهورية، وهو ما لن يتم إلا بعد إعلان الوثيقة، ووضع شروط الهيئة التأسيسية. فهم في إغفاءة حتى يتم "تظبيط" الأمور، وتكبيل دور البرلمان والرئيس المقبل معا.
ونحن في إنتظار ما ستسفر عنه الإنتخابات البرلمانية، و"مبارك" على الإخوان ما يكسبون.
* 29 نوفمبر