يقول المتنبي
الخيل والليل والبيداء تعرفنى ... والسيف والرمح والقرطاس والقلم
ربما فخرا بنفسه ...
لذا
أخذت البيت وجردته من مغزاااه ( الفخر )
بتحليل كل كلمة وردت فيه ... لنرى فيما بعد ان كانت فخرا أم ذلا
الخيـــل
وهي جمع حصان , ولامفرد لجمعها مثل النساء . لامفرد لها أيضا من الناحية اللغوية لكلمة نساء.
أما من الناحية الواقعية فلهن مفردات بعدد مافي الدنيا من مفردات الخير والشر والمدح والذم .
نعود الى الحصان الذي هو حيوان ذكي // جميل وشجاع // ومن صفاته أن خصائصه تتكيف وتتكون حسب خصائص المحيط البشري الذي يعيش فيه :
فإن عاش بين الابطال والفرسان ....كان مثال الجرأة والسرعة والامتثال
وان عاش بين جبناء .... تجحش وتبغّل وصار لا يصلح الا حمّالا للأمتعة .. وجر الاثقال كقومه
وإن عاش بين منافيخ متكبرين ... جاح مثلهم .. وتشحمت ساقاه .. واصبح مجرد أداة استعراض للبطون المتطبلة
ويذكر التاريخ أن كل دول العالم المهتمة بتربية الخيول كانت تستورد من عند العرب خيولهم كفحول لتحسين نسل خيولها
لما تمتاز به الخيول العربية من أصالة وصفات نادرة المثال.
أما اليوم فقد انعكست الآية .. فقد اصبحنا نستورد الخيول العربية الاصيلة من بلاد الانقليز وغيرها من البلدان الاجنبية
وهذا ليس بالغريب
فإن أغلب الاشياء العربية الاصيلة أصبحت لاوجود لها في وطننا الكبير ..
فسبحان الله مغير الأحوال
و
حرف عطف .. والمقصود بالعطف ليس الشفقة وانما التتابع والتتالى على نفس النمط
كقولك : الجزائر انتصرت على الاستعمار والاستغلال والرجعية
وستنتصر على التخلف والرشوة والبيروقراطية والبيسطون
الليل
آه من الليل ويا ويل من لايعرف الليل
إنه الفترة الزمنية .. التى تغيب فيها الشمس لمدة نصف يوم .. فينتشر الظلام وتلعب النجوم لعبها
على نحو ( غيب يا قط العب يا فار )
فتنام أغلب الكائنات المسالمة أو الكسولة ... وتستيقظ كائنات أخرى للعمل والاجتهاد
أو للشرب والرقص والافتراس والنهب ... او لمباغتة الاعداء وضربها ... أو لمناجاة النجوم والتغنّي
بــ يا ليل يا ليل بدون فائدة ....
و
للعطف أيضا .. كقولك : مامعنى فقدان أو غلاء اسعار
البطاطا والتوم والبصل والتفاح والبنان و... و... و
البيداء
وهي الصحراء ... وقد كانت في القديم مبعث رهبة ورعب لكل من يحاول اجتيازها
لشدة اتساعها وهول رمالها ورياحها
وخلوها من كل مظاهر الحياة ... حتى قال الجغرافيون عنها : انها ارض قاحلة جرداء لانبات فيها ولا ماء
وكان لايقترب منها الا الابطال كأجدادنا العرب , سقى الله أيامهم
أما اليوم فقد أصبحت الصحارى منبع القوة والثروة والبهاء
ودليلا عن ذلك صحراء الجزائر التى تتفجر غازا وبترولا .. ومياها
وطبعا هدا لا يعنى ان كل صحاري العالم قد ادركها عهد الحياة والانسان
فبعضها مازال في طور رهبة الموت والتوحش .. وإن كان وحوشها من البشر
تعرفنى
أي تدرك وتعلم من أنا ... وكلمة تعرفنى تستعمل في مواضيع كثيرة فمثلا :
تقول خطأ لاحد أبناء بلادنا : صباح الخير
فيتقدم منك مستفهما مستنكرا مستعدا للمعركة وهو يقول : هل تعرفنى ؟؟
والموضف الكبير عندما يهدد أحد المستخدمين يقول له : راك تعرفنى مليح ؟؟
والمراهق يفتخر امام اصدقائه ويقول لهم : فلانة تعرفنى ...
اما الرجل العظيم فيشير الى الصعاب وجلائل الاعمال فيقول : انها تعرفنى
ويقال عن الحجاج انه كان يردد هدا البيت
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفونى
و
للعطف كذلك .. :cursing: :cursing:
السيف
وهو اداة حديدية طويلة ... وحادة .. كانت تستعمل في الماضي كسلاح فعّال .. عند مقابلة الاعداء
اما اليوم
فصارت أداة فلكلورية ... وتستعمل للزينة .. او في بعض المراسيم التقليدية الخاصة
كما تستعمل في رياضة المبارزة او المسابقة السلمية ... اصبح السيف يعانى شوماجا :bored: في أيامنا
الى ان انكمش حجمه .. وصار يستعمل بين شبابنا تحت مسمى ( الموس) .. ويلقف كل من يحمله .. ليلقى في السجن
كما أن كلمة السيف في بلادنا .. تستعمل بمعنى القوة
فمثلا يقول لك احد الباعة المتجولين : ستشترى منى هدا الشيء بالسيف ... !!!
ولا ترى بيده سيفا ... فترفض ... واذا به يبطحك بحركة (جيدوكية) .. او (كاراتية)
و
كيف كيف ... للعطف :cursing: :cursing:
الرمح
هو آلة طويلة حادة الرأس ... وأوضاعها التاريخية تشبه أوضاع السيف المسكين
ولا داعى للتكرار
و
ياااااااااااااااااو للعطف
هده الواو تكرر كثيرااا في البيت ... بل بين كل كلمة واخرى
تماما ... كالإشهار أثناء مشاهدتك فلما على احدى قنواتنا العربية
القرطاس
والمقصود به هو ورق الكتابة ... ولكنه صار يعنى عندنا ( الكاغط) الذي توضع أو تقرطس فيه المشتريات
ومن هنا جاءت عبارة ( قرطسلى هذا يرحمالديك ) ...
وربما يعود سبب هدا الانقلاب في مفهوم القرطاس ... الى عهود الاستعمار حيث انتشرت الامية
واختفت كل مظاهر القراءة ... الى غاية اليوم ... حيث احيانا استمتع بما في القراطيس من مواضيع مفيدة
واخبار وصور ... وحتى ديبلومات ..
و
الحمد لله انها اخر واو عطف ...
جاءت لتعطف القرطاس بما يجب ان يتعاطف معه ... وهو القلم
القلم
وهو مايكتب على القرطاس ... سواء بواسطة الحبر او الرصاص .. او اي سائل اخر
والغريب ان كلمة قلم تستخدم في المشرق العربي ... بمعنى صفعة القفا
فيقال : اعطاه قلما .... اي ضربه على قفاه
ولا أدرى بالضبط مالعلاقة :confused1: ... مع العلم ان ضربة القلم (قلم الكتابة ) اشد الما من الصفعة نفسها
فالكثير من يملك أقلاما جارحة ...
::
::
::
::
انتهى
والمعنى العام للبيت
ان الشاعر يقصد انه بالفارس الشجاع الصبور ... مقاتل ذكى ... مثقف وواع
ولم يقل أن المنابر تعرفه ... لأن من عادة الابطال كثرة الاعمال ... وقلة الأقوال
اما شعراء زمننا :
الويل والذيل والاهواء تعرفنى ... والخوف والشح والواسواس والهرم
