جزاكم الله خير على نيتك في نقلك لهذا الحديث من محبة الخير للغير
وقَـــــفَـــــاتٌ مَــــعَ الـــــحَـــــدِيــــثِ :
لنا مع الحديث وقفاتٌ ألا وهي :
الـــوَقَـــفَـــةُ الأولـــى :
إن علامات الوضع على الحديث واضحةٌ ظاهرةٌ ، يقول الإمام ابن القيم في " المنار المنيف
" ( ص 102) عند ذكره الأمور التي يُعرف بها كون الحديث موضوعا :
- ومنها : 19 - ما يقترن بالحديث من القرائن التي يُعلم بها أنه باطل .
وضرب مثالا بحديث : وضع الجزية عن أهل خيبر .
ثم ذكر الأوجه في كذبه ومنها :
سادسها : أن مثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله ، فكيف يكون قد وقع ، ولا يكون
عِلمُه عند حملة السنة من الصحابة ، ولاتابعين وأئمة الحديث ، وينفرد بعلمه اليهود ؟
وحديث الأعرابي الذي معنا ينطبق عليه كلام الإمام ابن القيم ، فلم يذكره أحد من أهل الكتب
المعتبرة مثل السنن ، والمعاجم ، وغيرها .
بل انفرد به من سنذكره في الوقفة الثانية .
الـــوَقَـــفَـــةُ الـــثَـــانِـــيـــةُ :
بعد الرجوع إلى المصادر المعتبرة للبحث عن الحديث لم نجد أحدا من أهل الكتب ذكر الحديث ،
وبعد بذل الوسع وجد في مصدر واحد فقط ، وسأنقل نص الكلام الموجود في ذلك المصدر .
جاء في كنز العمال ( رقم44154 ) ما نصه :
قال الشيخ جلال الدين السيوطي وجدت بخط الشيخ شمس الدين ابن القماح في مجموع له عن
أبي العباس المستغفري قال : قصدت مصرا أريد طلب العلم من الإمام أبي حامد المصري
والتمست منه حديث خالد بن الوليد فأمرني بصوم سنة ، ثم عاودته في ذلك فأخبرني بإسناده
عن مشايخه إلى خالد بن الوليد : فذكر الحديث بطوله .
وكما نرى في هذا النقل من المؤخذات ما يلي :
1 - عدم عزو صاحب كنز العمال الحديث إلى مصدر من مصادر السنة المعتبرة .
2 - الرجال المذكورون في السند بعد الرجوع إلى تراجمهم في كتب الرجال لم أجد إلا ترجمة
المستغفري فقط .
قال الإمام الذهبي في السير (17/564) :
الإمام الحافظ المُجَوِّد المصنف ، أبو العباس ، جعفر بن محمد بن المعتز بن محمد بن المستغفر
بن الفتح بن إدريس ، المستغفري النَّسَفي .
... وكان محدثَ ما وراء النهر في زمانه .
مولده بعد الخمسين وثلاث مئة بيسير .
ومات بنسف سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة عن ثمانين سنة ، رحمه الله .
وقال الذهبي عنه في تذكرة الحفاظ (3/1102) :
... وكان صدوقا نفسه لكنه يروي الموضوعات في الأبواب ، ولا يوهيها .
فالمستغفري متكلم فيه ، فلو لم توجد إلا هذه العلة لكفى !!! ولكن هناك علل أخرى كما
سيأتي .
3 - أمرُ الصيامِ للمستغفري من قِبل أبي حامد المصري لمدة سنة ، وهذا أمر غريب ،
وأخشى أن يكون من عمل الصوفية .
4 - لم يذكر لنا المستغفري رجال السند من عند شيخه أبي حامد المصري إلى خالد بن الوليد
لكي يُحكم عليهم من كلام أئمة الجرح والتعديل .
الـــوَقَـــفَـــةُ الـــثَـــالــــثــــةُ :
عزو الحديث إلى مسند الإمام أحمد بن حنبل لا يصح أبدا ، بل لا يصح في أي كتاب من كتب
الإمام أحمد الأخرى ، والله أعلم .
الـــوَقَـــفَـــةُ الــــرَابِــــعَــــةُ :
قول المستغفري : ما رأيت حديثا أعظم وأشمل لمحاسن الدين وأنفع من هذا الحديث اجمع فأوعى .
نعم ، الحديث جمع محاسن الدين ولكن لا بد من ثبوت هذه المحاسن عن النبي صلى الله عليه
وسلم ، وليس المسألة مسألة الإعجاب بعبارات الحديث بل الأهم من ذلك كله هل ثبت عن
النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟؟
وإلا لو كان الإعجاب بعبارات الأحاديث ، هناك أحاديث موضوعة فيها من المعاني العظيمة ما
يجعلنا نقبلها مباشرة ، ولكن أحاديث النهي عن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم تجعلونا
لا نقبلها ولا نعمل بها البتة .
الـــوَقَـــفَـــةُ الــــخَــــامِــــسَــــةُ :
لا يمنع أن يكون في الحديث بعض الألفاظ التي جاءت عن النبي صلى الله في أحاديث أخرى ،
وكذلك لا يمنع أن يكون الحديث تجميع لعدد من الأحاديث بعضها صحيح والآخر ضعيف أو
موضوع ، ويقوم بهذا التجميع بعض الوضاعين والقُصاص .
أرجو بعد هذه الوقفات أن أكون قد وفقت في بيان كذب الحديث على النبي صلى الله عليه
وسلم .
ومن كان له إضافة ، أو تعليق ، أو تعقيب فأكون له من الشاكرين .