التفاعل
1
الجوائز
17
- تاريخ التسجيل
- 10 ماي 2009
- المشاركات
- 233
- آخر نشاط

فضيلة العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني :إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومنسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهدأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله . أمابعد : فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليهوآله وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة ،وكل ضلالةٍ في النار.
إنالجواب ليس عن سؤال مكانة ولا عن مكان .
أما أنه ليس سؤالاً عن المكانة ؛فلأن مكانة الله المعنوية معروفة لدى كل المسلمين بل حتى الكافرين . وأماأنه ليس سؤالاً عن المكان فذلك ؛ لأن الله - عز وجل - ليس له مكان.
وفيالواقع أنا أشعر أن هذا السؤال من أخ مسلم يعتبر محاضرة ، والسبب أنكم لاتسمعون هذه المحاضرات ، وإنما تسمعون محاضرات في السياسة والاقتصاد ،لدرجة أن كثيرًا منكم ملَّ من تكرارها ، أما محاضرات في صميم التوحيد ،كالمحاضرة التي ستسمعونها - الآن - ، مع أني مضطر إلى أن أختصر في الكلام؛ لأنه حان وقت الانصراف ، لكن لابد مما لابد منه ، فهذا السؤال يحتاج إلىمحاضرة ، لكن نقول : إن الله منزه عن المكان باتفاق جميع علماء الإسلام ،لماذا !؟
لأن الله كان ولا شيء معه ، وهذا معروف في الحديث الذي في " صحيح البخاري " عن عمران بن حصين : ( كان الله ولا شيء معه )، ولا شك أن المكان هو شيء ، أي : هو شيء وجد بعد أن لم يكن ، وإذا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( كان الله ولا شيء معه ) . معناه : كان ولا مكان له ؛ لأنه هو الغني عن العالمين ، هذه الحقيقة متفق عليها.
لكنمع الأسف الشديد ، من جملة الانحرافات التي أصابت المسلمين ، بسبب بُعدهمعن هدي الكتاب والسنة في العقيدة في ذات الله - عز وجل - ، لو سألت - اليوم - جماهير المسلمين في كل بلاد الإسلام ، علماءً وطلاب علم وعامة ،إذا سألتهم هذا السؤال النبوي : أين الله !؟ ستجد أن المسلمين مختلفون أشدالاختلاف في الجواب عن هذا السؤال ، منهم من يكاد يتفتق غيظًا وغضبًابمجرد أن طرق سمعه هذا السؤال ، ويقول : أعوذ بالله ما هذا السؤال !؟
نقول له : رويدًا يا أخي ! هذا السؤال هل تعلم أول من قاله ؟ يقول : لا ما سمعنا به إلا الآن ، فنفتح له " صحيح مسلم " ونقول له : هذا " صحيح مسلم " ، الكتاب الثاني بعد " صحيح البخاري " ، والثالث بعد القرآن ؛ لأن أصح كتاب هو القرآن ، ثم " صحيح البخاري " ، ثم " صحيح مسلم" ، وهو الذي روى هذا الحديث : أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال للجارية يمتحنها: ( أين الله !؟ قالت : في السماء ، قال لها : من أنا !؟ قالت : أنت رسول الله ، فقال لسيدها : أعتقها فإنها مؤمنة )، يسمع الحديث وكأنه ليس عايشًا في بلاد الإسلام ، بل ليس عايشًا في بلاد العلم ، أو يمكن لم يمسك " صحيح مسلم " في زمانه مطلقًا ، هذا قسم من الناس ، بل من أهل العلم من لم يسمع هذا السؤال قط!
أي: ما طرق سمعه هذا الحديث ، ولسان حاله يقول : أيعقل أن هناك أناسًايقولون : أين الله !؟ ما هذا السؤال !؟ هل يجوز لأحد أن يسأل أين الله !؟لا أعرف !! ما رأيك ؟! ويأخذ البحث مجراه فتقول له : أنت تؤمن بوجود الله !؟ سوف يقول : نعم ، نقول له : أكيد أن الله موجود !؟ فيجيب : نعم ، إذًاأين هو !؟ فيفكر ولا يستطيع الجواب!
إنأقدس المقدسات هو الله ، فإذا سألته : أين هو !؟ فلا يعرف ، وهو مسلم ، مامعنى مسلم إذًا ؟ نعم هو مسلم ، وهذا أمر جميل ، لكن هل هو حقيقة أم لا ؟﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ . [ الأعراف : 187 ] . لا يعلم هذا أن الله يقول : ﴿أَأَمِنْتُمْمَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَتَمُورُ . أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْحَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾ . [ الملك : 16 - 17] . كأنه ما قرأ هذه الآية أبدًا ، ويمكن أنه قرأها أكثر مني ، لماذا !؟ لأنهناك أناسًا متعبدين ، ربما يختم أحدهم القرآن في كل ليلة ، أو في كلليلتين على خلاف السنة ، أما نحن فالواحد منا قد يختم ختمة واحدة في السنة؛ لأن الله فتح له بابًا في العلم ، أما ذاك المخالف للسنة فهو يقرأكثيرًا ، لكن هل فهم ما قرأ ؟ لا ، إذًا : ربنا عندما يقول له في القرآن : ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ . [ محمد : 24 ] . معنى ذلك أنه من القسم الثاني ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ .
ثم إنَّا نذكره بحديث فنقول له : يا أخي ! هذا الحديث تعرفونه جميعًا لا ننفرد وحدنا بمعرفته ، هذا الحديث يقول : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) . هذا حديث بالتعبير العصري : حديث شعبي ، أي : كل الناس يعرفون هذا الحديث . إذًا( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) من هو الذي في السماء !؟ هل المقصود به غير الله ؟ لا ، إذًا : لماذاتستنكر السؤال : أين الله !؟ وأنت تقر بهذا الحديث ، أنا سألتك : هل اللهموجود !؟ فقلت : نعم ، إذًا أين هو ؟ أجبت أنك لا تعرف ، لماذا لا تعرف ؟لا تقرأ القرآن ولا تسمع الحديث !؟
إن المشكلة هي دخول علم الكلام في الموضوع فأفسد العقول ، كل من قرأ : ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ . [ الملك : 16 ] . ليس عنده شك أن الله - عز وجل - في السماء ، كلنا سمع ذاك الحديث : ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )، ليس هناك شك أن الله - عز وجل - في السماء ، لكن دخل علم الكلام فصرفهمعن هذا الإيمان ، ماذا قال لهم ؟ قال لهم : لا يجوز أن نقول : الله فيالسماء ، لماذا ؟ لأن الله ليس له مكان ، صحيح نحن نقول : ليس له مكان ،ولعلكم ما نسيتم بأننا بدأنا الكلام عن هذا السؤال ببيان أن الله - عز وجل - غني عن المكان ، وأن الله كان ولا مكان ، فادعى الجهلة من الناس أن معنىالآية والحديث هو إثبات المكان لله - عز وجل - ، وأن معنى حديث الجارية : ( الله في السماء )أن الله له مكان في السماء ، هذا الجهل أدى بهم إلى جهل مطبق ، ولا يعنيأن المسلم حينما يعتقد أن الله في السماء : أن الله مثل إنسان في الغرفة ،لماذا ؟ لأن هذا تشبيه ، وقد سمعتم من جملة خصال ومزايا الدعوة السلفيةأنها وسط في كل شيء بين الإفراط والتفريط ، بين المشبهة الذين يشبهون اللهبخلقه ، وبين المعطلة الذين ينكرون أشياء من صفات ربهم ، فـالسلف وسطيؤمنون بما جاء في الكتاب والسنة ، وينزهون الله : ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ . [ الشورى : 11 ] .
فحينمايعتقد المسلم أن الله في السماء كما هو في النص القرآني والأحاديث كثيرة ،لا يعني أنه في السماء أنه كالإنسان في الغرفة ، وكدودة القز في الشرنقةمحصورة بهذا البيت الطويل ، حاشاه - عز وجل - أن يكون كذلك!
إذًا : ما المعنى الصحيح للفظة( في السماء )؟ السماء لها معانٍ في اللغة لا نتفلسف كثيرًا بذكرها ، لكن من هذهالمعاني : السماء الدنيا الأولى ، والثانية ، و ... إلخ ، ومن هذه المعاني : العلو المطلق ، كل ما علاك فهو سماء ، فالسماء الأولى والثانية هذهأجرام مخلوقة ، فإذا قلنا : الله في السماء ، معناه حصرناه في مكان ، وقدقلنا : إنه منزه عن المكان ، إذًا : كيف نفهم ؟
الجوابمن الناحية العلمية : ( في ) في اللغة ظرفية ، فإذا أبقيناها على بابهاوقلنا : الله في السماء ، وجب تفسير السماء بالعلو المطلق ، أي : الله فوقالمخلوقات كلها حيث لا مكان ، بهذه الطريقة آمنا بما وصف الله - عز وجل - به نفسه بدون تشبيه وبدون تعطيل . فإن التشبيه أن أقول : كما أنا في هذاالمكان ، وحاشاه ! والتعطيل أن نقول كما تقول المعطلة : الله ليس فيالسماء ، وإذا كان ربك يقول : ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ . [ الملك : 16 ] . وأنت تقول : ليس في السماء ، هذا هو الكفر . هذا معنى الآية فيما إذا تركنا ( في ) على بابها.
أحيانًا في اللغة العربية تقوم أحرف الجر بعضها مكان بعض ، فـ ( في ) هنا ممكن أن تكون بمعنى ( على ) ، فحينئذً : ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ﴾ . [ الملك : 16 ] . أي : من على السماء ، فتكون السماء في الآية بمعنى الأجرام التي خلقها ربنا - تعالى - ، فهو عليها وفوقها ، وليس في شيء منها ؛ لأنه منزه عن المكان ، هذه هي عقيدة السلف ، ومن أجل ذلك نحن ندعو المسلمين إلى أن يرجعوا إلى عقيدة السلف ، وإلى منهج السلف حتى يستقيموا على الجادة ، وحتى يصدق فيهم أنهم رجعوا إلى الوصفة الطبية النبوية ، التي جعلها المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم - وصفة لخلاص المسلمين من الذل الذي ران ونزل عليهم( ... حتى ترجعوا إلى دينكم ) ، فالرجوع الرجوع معشر المسلمين جميعًا إلى الله ، وإلى كتابه ، وإلى حديث نبيه وعلى منهج السلف الصالح !
إنالجواب ليس عن سؤال مكانة ولا عن مكان .
أما أنه ليس سؤالاً عن المكانة ؛فلأن مكانة الله المعنوية معروفة لدى كل المسلمين بل حتى الكافرين . وأماأنه ليس سؤالاً عن المكان فذلك ؛ لأن الله - عز وجل - ليس له مكان.
وفيالواقع أنا أشعر أن هذا السؤال من أخ مسلم يعتبر محاضرة ، والسبب أنكم لاتسمعون هذه المحاضرات ، وإنما تسمعون محاضرات في السياسة والاقتصاد ،لدرجة أن كثيرًا منكم ملَّ من تكرارها ، أما محاضرات في صميم التوحيد ،كالمحاضرة التي ستسمعونها - الآن - ، مع أني مضطر إلى أن أختصر في الكلام؛ لأنه حان وقت الانصراف ، لكن لابد مما لابد منه ، فهذا السؤال يحتاج إلىمحاضرة ، لكن نقول : إن الله منزه عن المكان باتفاق جميع علماء الإسلام ،لماذا !؟
لأن الله كان ولا شيء معه ، وهذا معروف في الحديث الذي في " صحيح البخاري " عن عمران بن حصين : ( كان الله ولا شيء معه )، ولا شك أن المكان هو شيء ، أي : هو شيء وجد بعد أن لم يكن ، وإذا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( كان الله ولا شيء معه ) . معناه : كان ولا مكان له ؛ لأنه هو الغني عن العالمين ، هذه الحقيقة متفق عليها.
لكنمع الأسف الشديد ، من جملة الانحرافات التي أصابت المسلمين ، بسبب بُعدهمعن هدي الكتاب والسنة في العقيدة في ذات الله - عز وجل - ، لو سألت - اليوم - جماهير المسلمين في كل بلاد الإسلام ، علماءً وطلاب علم وعامة ،إذا سألتهم هذا السؤال النبوي : أين الله !؟ ستجد أن المسلمين مختلفون أشدالاختلاف في الجواب عن هذا السؤال ، منهم من يكاد يتفتق غيظًا وغضبًابمجرد أن طرق سمعه هذا السؤال ، ويقول : أعوذ بالله ما هذا السؤال !؟
نقول له : رويدًا يا أخي ! هذا السؤال هل تعلم أول من قاله ؟ يقول : لا ما سمعنا به إلا الآن ، فنفتح له " صحيح مسلم " ونقول له : هذا " صحيح مسلم " ، الكتاب الثاني بعد " صحيح البخاري " ، والثالث بعد القرآن ؛ لأن أصح كتاب هو القرآن ، ثم " صحيح البخاري " ، ثم " صحيح مسلم" ، وهو الذي روى هذا الحديث : أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال للجارية يمتحنها: ( أين الله !؟ قالت : في السماء ، قال لها : من أنا !؟ قالت : أنت رسول الله ، فقال لسيدها : أعتقها فإنها مؤمنة )، يسمع الحديث وكأنه ليس عايشًا في بلاد الإسلام ، بل ليس عايشًا في بلاد العلم ، أو يمكن لم يمسك " صحيح مسلم " في زمانه مطلقًا ، هذا قسم من الناس ، بل من أهل العلم من لم يسمع هذا السؤال قط!
أي: ما طرق سمعه هذا الحديث ، ولسان حاله يقول : أيعقل أن هناك أناسًايقولون : أين الله !؟ ما هذا السؤال !؟ هل يجوز لأحد أن يسأل أين الله !؟لا أعرف !! ما رأيك ؟! ويأخذ البحث مجراه فتقول له : أنت تؤمن بوجود الله !؟ سوف يقول : نعم ، نقول له : أكيد أن الله موجود !؟ فيجيب : نعم ، إذًاأين هو !؟ فيفكر ولا يستطيع الجواب!
إنأقدس المقدسات هو الله ، فإذا سألته : أين هو !؟ فلا يعرف ، وهو مسلم ، مامعنى مسلم إذًا ؟ نعم هو مسلم ، وهذا أمر جميل ، لكن هل هو حقيقة أم لا ؟﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ . [ الأعراف : 187 ] . لا يعلم هذا أن الله يقول : ﴿أَأَمِنْتُمْمَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَتَمُورُ . أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْحَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾ . [ الملك : 16 - 17] . كأنه ما قرأ هذه الآية أبدًا ، ويمكن أنه قرأها أكثر مني ، لماذا !؟ لأنهناك أناسًا متعبدين ، ربما يختم أحدهم القرآن في كل ليلة ، أو في كلليلتين على خلاف السنة ، أما نحن فالواحد منا قد يختم ختمة واحدة في السنة؛ لأن الله فتح له بابًا في العلم ، أما ذاك المخالف للسنة فهو يقرأكثيرًا ، لكن هل فهم ما قرأ ؟ لا ، إذًا : ربنا عندما يقول له في القرآن : ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ . [ محمد : 24 ] . معنى ذلك أنه من القسم الثاني ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ .
ثم إنَّا نذكره بحديث فنقول له : يا أخي ! هذا الحديث تعرفونه جميعًا لا ننفرد وحدنا بمعرفته ، هذا الحديث يقول : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) . هذا حديث بالتعبير العصري : حديث شعبي ، أي : كل الناس يعرفون هذا الحديث . إذًا( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) من هو الذي في السماء !؟ هل المقصود به غير الله ؟ لا ، إذًا : لماذاتستنكر السؤال : أين الله !؟ وأنت تقر بهذا الحديث ، أنا سألتك : هل اللهموجود !؟ فقلت : نعم ، إذًا أين هو ؟ أجبت أنك لا تعرف ، لماذا لا تعرف ؟لا تقرأ القرآن ولا تسمع الحديث !؟
إن المشكلة هي دخول علم الكلام في الموضوع فأفسد العقول ، كل من قرأ : ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ . [ الملك : 16 ] . ليس عنده شك أن الله - عز وجل - في السماء ، كلنا سمع ذاك الحديث : ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )، ليس هناك شك أن الله - عز وجل - في السماء ، لكن دخل علم الكلام فصرفهمعن هذا الإيمان ، ماذا قال لهم ؟ قال لهم : لا يجوز أن نقول : الله فيالسماء ، لماذا ؟ لأن الله ليس له مكان ، صحيح نحن نقول : ليس له مكان ،ولعلكم ما نسيتم بأننا بدأنا الكلام عن هذا السؤال ببيان أن الله - عز وجل - غني عن المكان ، وأن الله كان ولا مكان ، فادعى الجهلة من الناس أن معنىالآية والحديث هو إثبات المكان لله - عز وجل - ، وأن معنى حديث الجارية : ( الله في السماء )أن الله له مكان في السماء ، هذا الجهل أدى بهم إلى جهل مطبق ، ولا يعنيأن المسلم حينما يعتقد أن الله في السماء : أن الله مثل إنسان في الغرفة ،لماذا ؟ لأن هذا تشبيه ، وقد سمعتم من جملة خصال ومزايا الدعوة السلفيةأنها وسط في كل شيء بين الإفراط والتفريط ، بين المشبهة الذين يشبهون اللهبخلقه ، وبين المعطلة الذين ينكرون أشياء من صفات ربهم ، فـالسلف وسطيؤمنون بما جاء في الكتاب والسنة ، وينزهون الله : ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ . [ الشورى : 11 ] .
فحينمايعتقد المسلم أن الله في السماء كما هو في النص القرآني والأحاديث كثيرة ،لا يعني أنه في السماء أنه كالإنسان في الغرفة ، وكدودة القز في الشرنقةمحصورة بهذا البيت الطويل ، حاشاه - عز وجل - أن يكون كذلك!
إذًا : ما المعنى الصحيح للفظة( في السماء )؟ السماء لها معانٍ في اللغة لا نتفلسف كثيرًا بذكرها ، لكن من هذهالمعاني : السماء الدنيا الأولى ، والثانية ، و ... إلخ ، ومن هذه المعاني : العلو المطلق ، كل ما علاك فهو سماء ، فالسماء الأولى والثانية هذهأجرام مخلوقة ، فإذا قلنا : الله في السماء ، معناه حصرناه في مكان ، وقدقلنا : إنه منزه عن المكان ، إذًا : كيف نفهم ؟
الجوابمن الناحية العلمية : ( في ) في اللغة ظرفية ، فإذا أبقيناها على بابهاوقلنا : الله في السماء ، وجب تفسير السماء بالعلو المطلق ، أي : الله فوقالمخلوقات كلها حيث لا مكان ، بهذه الطريقة آمنا بما وصف الله - عز وجل - به نفسه بدون تشبيه وبدون تعطيل . فإن التشبيه أن أقول : كما أنا في هذاالمكان ، وحاشاه ! والتعطيل أن نقول كما تقول المعطلة : الله ليس فيالسماء ، وإذا كان ربك يقول : ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ . [ الملك : 16 ] . وأنت تقول : ليس في السماء ، هذا هو الكفر . هذا معنى الآية فيما إذا تركنا ( في ) على بابها.
أحيانًا في اللغة العربية تقوم أحرف الجر بعضها مكان بعض ، فـ ( في ) هنا ممكن أن تكون بمعنى ( على ) ، فحينئذً : ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ﴾ . [ الملك : 16 ] . أي : من على السماء ، فتكون السماء في الآية بمعنى الأجرام التي خلقها ربنا - تعالى - ، فهو عليها وفوقها ، وليس في شيء منها ؛ لأنه منزه عن المكان ، هذه هي عقيدة السلف ، ومن أجل ذلك نحن ندعو المسلمين إلى أن يرجعوا إلى عقيدة السلف ، وإلى منهج السلف حتى يستقيموا على الجادة ، وحتى يصدق فيهم أنهم رجعوا إلى الوصفة الطبية النبوية ، التي جعلها المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم - وصفة لخلاص المسلمين من الذل الذي ران ونزل عليهم( ... حتى ترجعوا إلى دينكم ) ، فالرجوع الرجوع معشر المسلمين جميعًا إلى الله ، وإلى كتابه ، وإلى حديث نبيه وعلى منهج السلف الصالح !