الفساد فى البر والبحر

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

dr.web

:: عضو مُتميز ::
إنضم
21 مارس 2006
المشاركات
725
نقاط التفاعل
146
النقاط
19

الفساد في البر والبحر
قال الله تعالى في كتابه العزيز :
(ظهر الفساد في البروالبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) الروم: 41
وقال أيضا ً.
(فأصابهم سيئات ما كسبوا) الزمر : 51
( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب )
لقد خطت البشرية خلال الخمسين سنة خطوات هائلة ومتسارعة في مبدان التطور العلمي وكان لذلك أثره في تحسّن حالة المعيشة لقطاع كبير من البشر وكان ذلك التطور يعادل ما تطورته البشرية خلال الخمسة آلاف عام الماضية وأن الزمان انطوى وبرز عملاق العلم وأنه كان محبوس في قمقم .
فتطورت أبحاث الكهرباء والفيزياء والكيمياء والرياضيات والفضاء والميكانيك والزراعة وصولا ً إلى علم الذرة وتفجيرها وتسخيرها لإنتاج الطاقة الكهربائية ( بواسطة المفاعلات النووية السلمية ) .
واجتاحت كوكب الأرض موجبة من حب الاستكشاف والاستطلاع وحب الرفاهية وتسخير كل شيء لخدمة هذا الانسان ، فانتشرت المصانع فوق الأرض من أقصاها إلى أقصاها ابتداء من معامل الغزل والنسيج وحتى معامل الفضاء والأسلحة النووية ، ونشرت تلك المصانع مليارات من غاز الفحم والكبريت والآزوت والنظائر المشعة في غلاف الأرض الهادىء الوديع وزويت الأرض وأصبح العالم قرية كبيرة ، لا بعيد فيها ولا قريب . فهناك مئات الأقمار الصناعية ووكالات الأنباء تبث على مدار الساعة المعلومات والصور التلفزيونية . حيث يستقبلها كل انسان أينما كان موقعه فيرى المشاهد في الصين ما يحدث في انكلترا أو الشرق الأوسط أو الولايات المتحدة با وعلى سطح القمر أيضا ً خلال أجزاء من الثانية ويتكلم على الهاتف مع أي شخص في العالم لحظات وكأنه يتكلم مع جاره القريب .
بل أصبح المسافر الذي يحتاج إلى عدة شهور ليصل من الشرق الأوسط إلى الولايات المتحدة والبرازيل ( بواسطة التنقل على الحيوانات والعربات والسفن القديمة ) أصبح يسافر خلال أربع ساعات بواسطة الطائرات السريعة كالكونكورد مثلا ً .
وترافق ذلك كله مع موجة من الإباحية الجنسية والبطر أدت إلى نشوء أمراض جديدة لا علم للسابقين بها ، بل وأصبحت هذه الأمراض تهدد المجتمع البشري بكامله .
إذا ً فتلوث غلاف الأرض بالإشعاعات وآثارها الضارة على الإنسان والحيوان والنبات ، والأمراض الجنسية الحديثة ، ومشكلة تلوث البحار . كلها ستكون مواضيع بحثنا خلال الصفحات القادمة ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ) السجدة : 21
( ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها )
أولا ً : التلوث بالإشعاع
1- التلوث بالمواد المشعة وأخطارها
أخطار الإشعاع :
ما زال الرعب النووي يشكل أكب المخاوف التي تقض مضاجع الناس في مشارق الأرض ومغاربها . فكم ذكرنا في الفصل السابق فإن القنبلة النووية التي ألقيت على هيروشيما صباح يوم 6 آب من عام 1945 . ثم القنبلة التي ألقيت على ناغازاكي صباح 9 آب من العام نفسه . شكلتا نقطة انعطاف في تاريخ مخاوف الإنسان على سطح الأرض .
فقد أودت القنبلة الأولى بحياة 100000 انسان وإصابة أكثر من 200000 انسان وأودت الثانية بحياة 25000 انسان . إضافة إلى ما رافق ذلك من اشعاعات ظلت تقتل الناس وتفتك بالحيوانات والمزروعات وأدت إلى الإصابة بالعمى وسرطان الجلد والدمار الذي حل بأضخم مدينتين من مدن اليابان وأصبحت تلك المدن صعيدا ً جرزا ً .
فطاقة القنبلة التي ألقيت على هيروشيما كانت تعادل طاقة تفجير 20000 طن من مادة الـ T N T شديدة الانفجار .
وأدت إلى توليد حرارة قدرها عشرة ملايين درجة مئوية وارتفع الضغط الجوي إلى حوالي عشرة ملايين ضغط جوي . وانطلق نتيجة ذلك ما لا يقل عن أربعة أنواع من الإشعاع :
ألفا – بيتا – غاما- وأشعة النترون .
ثم غفا العالم عن تلك الكارثة المريعة وأسدل عليا ستار النسيان إلى أن جاء عام 1986 ( أي بعد حوالي أربعين عاما ً ) فإذا بدول أوربا الغربية بكاملها تزعق وتصيح وتدعوا بالويل والثبور على مصدر الإشعاعات التي لوثت أراضيها ومزروعاتها وحيواناتها . فقد أشرت جميع المشعرات التلوث الإشعاعي إلى درجة عالية من التلوث أكبر بكثير من الحد المسموح به . وبتتبع مصدر الأشعة تبين أن مصدرها الإتحاد السوفييتي ( سابقا ً ) . عندها لم يجد السوفييت بدا ً من الإعتراف بجريمتهم وعواقب إهمالهم .
فقد صرح مصدر مسؤول في الكرملن بأن المفاعل النووي السوفييتي في مدينة شرنوبل قد أفلت من الزمام . وفشلت عملية التبريد الضرورية لكبح جماح المفاعل فانفجر وقتل المئات من الناس في تلك المدينة وارتفعت ألسنة اللهب في سماء المدية المنكوبة .
كل ذلك كان أمرا ً بسيطا ً نسبة إلى الكمية الهائلة من الإشعاعات التي دخلت أبدان البشر والحيوانات والمزروعات والأطعمة والفواكه وبلغت نسبة الإشعاع عشرات أضعاف النسبة المسموح بها .
ثم تكررت بعد ذلك الشكاوى على إلى المستويات العالمية بأن النفايات النووية تلوث البحار والمحيطات ، وإن الشركات الكبير التي تدير المفاعلات النووية قد تخلصت من نفاياتها المشعة في دول فقيرة تسودها اطرابات سياسية لتضيف إلى مشكلاتها مشكلات أخرى ... وتزيد في طينها بللا ً .
وقد حدث ذلك في غينيا والكونغو ولبنان ( أثناء الحرب الأهلية ) وحاولت التسلل إلى كثير من الدول الأخرى .
وأثارت فيها مشكلات سياسية وبرلمانية وجدال طويا أدى إلى درء الخطر ومنع النفايات السامة من دخول أراضيها رغم الإغراءات المالية الكبيرة .
فما هو الإشعاع وما خطره ؟ وما الآثار البيولوجية للإشعاع ؟
النشاط الإشعاعي : هو تلك الخاصة الذرية التي تتمتع بها بعض العناصر عندما تصدر من تلقاء نفسها إشعاعات مختلفة ، ولعل أخطر الإشعاعات الموجودة في الطبيعة هي أشعة ألفا a وأشعة بيتا B ( الموجبة والسالبة ) وأشعة غاما y والنيترونات ْn
1- التفكك الإشعاعي ألفا a :
ويحدث عندما تصدر نواة المادة المشعة أشعة ألفا وهي عبارة عن نوى ذرة الهليوم التي تحوي على بروتونين ونترونين وجميع النوى الثقيلة ( أي التي عددها الذري – أي عدد بروتوناتها – أكبر من 83 أي أثقل من نواة عنصر البزموت Bi ) تطلق أشعة ألفا a . وبموجبه يتفكك العنصر الثقيل إلى عنصر أخف .
مثال : عنصر التوريوم عنصر الراديوم + أشعة ألفا وهي أشعة شديدة الخطر رغم ضعف نفوذها في الأنسجة الحية نسبة لأنواع الأشعة الأخرى .
حيث تؤدي إلى حادثة تشرد وتأين شديد في جزيئات المادة الحية .
ولا تحتاج لأكثر من 2 مم من الرصاص لدرء خطرها . والعناصر ذات التفكك الإشعاعي ألفا a تبقى مشعة وتتحول إلى عناصر أخف ، مطلقة أشعة ألفا من جديد وتصبح تلك العناصر أشد خطرا ً ويتكرر ذلك إلى أن تصل بعد سلسلة من التفككات وإطلاق جسيمات ألفا a إلى عنصر البزموت المستقر ، وقد تطول تلك المدة حتى آلاف السنين
2- التفكك الإشعاعي بيتا :
ويحدث عندما تطلق المادة شعاعة بيتا B .
وشعاعة بيتا B هذه على نوعين : أشعة بيتا الموجبة B+ وأشعة بيتا السالبة B- .
أما أشعة بيتا الموجبة : فهي عبارة عن بوزيترونات ( الكترونات موجبة ) وهي تنشىء نتيجة التفاعلات النووية الإندماجية في باطن الشمس حيث تندمج أربع بروتونات ( نوى ) من الهيدروجين بوجود حرارة هائلة وضغط جوي هائل مطلقة كميات عظيمة من الطاقة ومشكلة عنصر الهليوم ومطلقة البوزيترون ( أشعة بيتا الموجبة ) وهو ينطلق بتسارع كبير ولولا تخربه بتفاعله مع الإلكترونات في الشمس ، لكان مشكلة كبيرة للحياة على سطح الأرض ، بل ولانعدمت الحياة على سطح الأرض .
وأما أشعة بيتا السالبة : فهي عبارة عن الكترونات تنشأ عن تفكك النيترون الحر أثناء التفاعلات النووي لانشطارية ، تلك التفاعلات التي تحدث جراء انفجار القنابل الذرية ، حيث أن الإنفجار الذري ( كالذي حدث في هيروشيما ) .
يتم باستعمال عنصر اليورانيوم 235 حين يقذف اليورانيوم بنترونات سريعة مما يجعله ينشطر إلى نواتين جديدتين هما : نواتا الباريوم 141 والكريبتون 92 ، ويرافق ذلك اطلاق طاقة هائلة ( تقدر بمليارات الكيلوواط ) وشظايا تنشىء عن الانفجار هي : النيترونات السريعة والحرارية التي تتفكك إلى أشعة بيتا السالبة ( الإلكترونات ) وإلى بروتون ، ويرافق ذلك إطلاق النترينو وفق التفكك التالي :
النيترونأشعة بيتا B + بروتون + نترينو
ومن الأمثلة كذلك على أشعة بيتا السالبة تفكك الكربون 14 الذي يستخدم في قياس عمر الأشياء . فهو يتفكك وفق التفاعل التالي :
الكربون 14 الآزوت 14 + أشعة بيتا + نترينو
وفي الحالة العادية يوجد الكربون على شكل كربون 12 ولكن في أعالي الغلاف الأرضي يتحول الكربون 12 إلى كربون 14 ونسبته في الأجسام الحية تساوي نسبته في الغلاف الجوي وبعد الموت يتوقف تبادل الكربون 14 وبذلك يستنزف من رمة ( جثة ) الكائن الحي بشكل مستمر وفق دور زمني يعادل 5730 سنة ، وبحساب معدل التفكك يعرف العلماء عمر الكائن الميت من عظامه وهو تفكك مطلق لأشعة بيتا السالبة طول تلك المدة .
وأشعة بيتا شديدة النفوذ وشديدة الخطر على الكائنات الحية وتحتاج إلى درع لا يقل سماكته عن 2سم للوقاية منها
3- التفكك الإشعاعي غاما y :
وهي من أخطر الأشعة الموجودة في الطبيعة والتي تصدرها المواد المشعة . وهي عبارة عن أمواج كهرومغناطيسية شديدة القصر عالية الطاقة تصل أحيانا ً إلى مليارات الكيلوواط وتستطيع النفوذ في الأجسام الحية حتى عشرين سنتمترا ً .
وتحتاج إلى درع لا يقل سماكته عن 10 سم للوقاية منها . هذا وينطلق أكثر من نوع من الإشعاعات المذكورة أثناء تفكك بعض العناصر مما يزيد خطورتها وتلويثها للبيئة .
وقد يتسائل سائل لماذا أثيرت كل هذه الضجة العالمية حول موضوع النفايات النووية ؟
أليست تلك النفايات عديمة الضرر ؟؟
الواقع لا . فالنفايات النووية هي عبارة عن مخلفات اليورانيوم المشع المستخدم وقودا ً للمفاعلات النووية . وعندما تصبح ضعيفة المردود عديمة الجدوى إقتصاديا ً يصار إلى تعليبها وطرحها . حيث أن للمواد المشعة أدوار تفكك مختلفة تكون في البداية سريعة التحول ثم تصبح بعد ذلك شديدة البطىء وقليلة المردود .
فالمفاعلات النووية تستغل الطور الأول ، وتهمل الطور الثاني رامية بالنفايات النووية التي تشع لعشرات أو لمئات أو لآلاف السنين ، لتلوث البيئة وتضر بالبلاد والعباد وإليكم المثال التالي : يتحول اليورانيوم 239 في الطبيعة أو في الفاعلات إلى نبتونيوم 239– NP 239 – مطقا ًأشعة بيتا ؟ خلال مدة زمنية قدرها 23,5 دقيقة .
بينما يتحول النبتونيوم NP 239 بعد ذلك إلى بلوتونيوم 239 PU 239 مطلقا ًأشعة بيتا خلال 3,5 يوم.
أما تول البلوتونيوم pu 239 إلى البزموت Bi83 عبر سلسلة من التفككات ؟ فيحتاج إلى عام مطلقا ً أشعة ألفا السامة طوال تلك المدة ليستقر بعدها ويصبح عديم الإشعاع . وكذلك يحتاج في الطبيعة اليورانيوم المشع u233 ليتحول إلى اليورانيوم المستقر نسبيا ً u228 ، يحتاج إلى حوالي 160000 عام مطلقا ً جميع أنواع الإشعاعات طوال تلك المدة .
وأود أن أشير إلى أن المفاعل النووي العادي ذي الاستطاعة عشرة مليون كيلوواط ، ينتج من المواد المشعة خلال عام ثلاثة ملايين كوري ( وحدة مشعة ) وهي كمية كافية لتلويث نصف مياه البحر الأبيض المتوسط ورفع كمية الإشعاع وسويته إلى عدة أضعاف السوية المسموح بها عالميا ً ، لا بل ويستمر ذلك النشاط الإشعاعي بعدها 2800 عام .
هذه هي إذا ً النفايات النووية ، هي قنابل إشعاعية موقوتة تنفجر في أي لحظة مهددة الناس بالرعب والمرض .
( فأصابهم سيئات ما كسبوا ) الزمر : 51
( وما أصابكم من مصيبة قبما كسبت أيديكم )الشورى : 30
الآثار البيولوجية للإشعاع : أذيات الإشعاع :
كما ذكرنا سابقا ً ، ترجع الآثار البيولوجية الخطرة للإشعاع لعملية التأين أو التشرد التي تحدثها الجسيمات المشعة ( ألفا – بيتا – غاما – أشعة النيترون ) في جزيئات المادة الحية .
فالإشعاعات جميعها ذات شحنة وذات طاقة ، وشدة نفوذيتها وعبورها إلى داخل الجسم تجعل منها مواد حارقة للنسج أينما حلت ( وخصوصا ً أشعة غاما ) .
ومواد مشردة للذرات والجزيئات (لأنها ذات شحنة عالية ) وهي مخثرة لهيولى الخلية الحية ، ومخربة لصبغياتها ، ولاجمة لنقي العظام .
أما الأذيات الحرارية الحارقة فتتوقف على شدة الإشعاع ونفوذيته وهو تأثير غالبا ً عاجل ، وإذا كان كبيرا ً جدا ً فإنه مميت فورا ً .
فانفجار القنبلة الذرية : قتل كما قلنا حوالي 100000 شخص وقد مات معظمهم مباشرة نتيجة لموجة الضغط الجوي الهائلة التي وصلت إلى عدة ملايين ضغط جوي . وذلك ضمن دائرة لا يقل قطرها عن 3 كم ، والاحتراق بالوهج الناري الشديد . أما الذين ماتوا لاحقا ً فقد تلقوا كميات هائلة من الإشعاع تتجاوز المقدار القاتل ، والمقدار القاتل للبشر هو ( 200 – 400 ) رونتجن ( وهم 35% من الضحايا ) .
الرونتجن : هو كمية الأشعة التي تسبب تشرد الجزئيات الحية وتؤدي إلى إطلاق شحنات في الجسم تقدر بـ 25/ 100000 أي 0،00025 كولون في كل واحد كيلوغرام من النسج الحية .
إذا ً الوفيات اللاحقة نجمت عن مقادير من الإشعاع تجاوزت المقدار القاتل . حيث حدث لديهم حروق جلدية واسعة في الجسم وإقياء وإسهال ووهن شديد ث/ كان الموت الزءام خلال مدة لم تتجاوز عدة أيام . وقد حدث نفس الشيء للعاملين في مفاعل تشرنوبل . لقد ماتوا جميعا ً بالتسمم الإشعاعي الحاد .
أذية الإشعاع المزمن :
فقد عانى منها من بقي من سكان المدينتين المذكورتين ، وسكان مدينة تشرنوبل . وتفاوت ذلك باختلاف كمية الأشعة التي امتصا أجسام أولئك البائسين . فحدث ليهم إقياء لمدة يوم واحد ثم توقف ثم إسهال توقف لاحقا ً ، وحروق جلدية مختلفة المساحة ، ونزف في المعدة والدماغ والجهاز التنفسي وذلك نتيجة تخرب الصفيحات الدموية بالأشعة وإنتانات مختلفة وحمى وسعال لم يشف إلا بانقضاء أيام طويلة ووهن تجاوز كل تصور ، وتجفاف نتيجة الحروق ، واضطرابات عصبية مختلف ، وهذيان ، وصرع ، وذلك نتيجة التعرض الإشعاعي ، والذعر الذي رافق الجريمة . أما الأخطر فكان تليف نقي العظام وتوقفه عن إمداد الدم بالكريات الحمر والبيض والصفيحات ، فكان فقر الدم الحاد والمزمن والإنتانات المختلفة ، ومن ثم الموت في نهاية المطاف . أما الحوامل فحدّث ولا حرج : تشوهات في الأجنة . وتكررت الإسقاطات ، وهناك نساء من هيروشيما أصبحن عقيمات . ومنعت السلطات الحمل في المدينة المذكورة لأكثر من عشر سنوات . وتخاف السلطات في جميع دول العالم من المواد المشعة . لأن الإشعاع لا يتخرب ولا يزول بل يتراكم في الجسم ، وكل تعرض إشعاعي جديد يعني إضافة كمية من الإشعاع إلى الكمية الموجودة في الجسم وبالتالي مضاعفة الأعراض والأخطار ، ويأتي حاليا ً معظم الخطر من أكل لحوم الحيوانات المصابة أو أكل الخضار وفواكه وحبوب ملوثة في مناطق تواجد المفاعلات النووية ، والنظائر المشعة حيث يؤدي إلى أضرار تراكمية في أجهزة الجسم المختلفة . إضافة إلى ما ذكرت سابقا ً فإن الإشعاعات المختلفة هي مواد مولدة للسرطنة ومحرضة على التكاثر الخلوي الخبيث ابتداء ً من سرطان الجلد ( وهوالأكثر تواردا ً لتعرض الجلد المباشر ) ثم سرطان الجهاز التنفسي ، والهضمي ، وباقي أجهزة الجسم المختلفة . والحروق الناتجة عن الإشعاع يجب استئصال ندوبها لأنها معرضة بدرجة عالية للسرطان . وقد ثبت وجود الإشعاعات في كثير من الأجهزة الكهربائية المتطورة خصوصا ً أجهزة التحكم بالفيديو والتلفزيون , فهي تطلق كميات زهيدة من أشعة بيتا , وحتى التلفزيون نفسه عند بدء تشغيله وفي صالات العرض السينمائية ودور الأشعة . وبعض أنواع كاميرات التصوير الفوتغرافي . وقد اصطلح حديثا ً على وحدة جديدة تقدر كمية الأشعة الممتصة في الجسم وهي (الراد)وقد عرفت كما يلي : الراد : هو كمية الأشعة الممتصة من الجسم والتي تحرر طاقة مقدارها 1/100 جول في كل واحد كيلوغرام من الجسم البشري . والحد الأعلى المسموح به دوليا ً للتعرض الإشعاعي هو ( 5 ) رادات سنويا ً . أو 100 ميلي أسبوعيا ً .
( فليضحكوا قليلا ً وليبكوا كثيرا ً بما كانوا يكسبون )
( ليجزي قوما ً بما كانوا يكسبون ) صدق الله العظيم .
ملحوظة :ظهرت هناك في العام 1994 بوادر أمل بالتخلص السليم من النفايات النووية ، وذلك عن طريق رجمها بالنيترونات فترتفع تبعا ً لذلك كتلتها الذرية وتتحول من عناصر يحتاج تفككها إلى مئات وآلاف السنين إلى عناصر مستقرة وعديمة الإشعاع وتتفكك خلال بضع سنين من الزمن وإذا نجحت هذه التجارب والتي ظهرت طلائع نجاحاتها ، فلن تكون هناك مشكلة إشعاع في المستقبل .
 
ثانيا ً : التلوث بغاز الفحم
2- البيت الزجاجي الأرضي :
مفعول الدفيئة :
الناس كلهم ركاب في سفينة واحدة ألا وهي الكرة الأرضية . وتلك السفينة الجبارة تسبح لهم في بحر الكون الفسيح . ولا يهمّ في السفينة من أشعل النار فيها أو عطّل محركاتها أو ثقبها أو سرّب مياه البحر إليها فالنتيجة واحدة ألا وهي هلاك كل من عليها وغرقهم في ذلك البحر الواسع .
هذه ما ينطبق على تلوث البيئة الأرضية ، فحتى ولو كانت الدول الصناعية هي المستفيد الأول والأخير من حركة الصناعة الحديثة ووسائل الرفاهية والاتصالات والمصانع الضخمة والمخابر الكبيرة فإن تلوث البيئة بالإشعاعات والمواد السامة الكيماوية وغازات المصانع الضارة لا يصيب الدول الصناعية فقط بل هو كارثة بيئية حقيقية لجميع سكان الأرض . ولو كان المفهوم أقرب إلى المثل العربي : ( ناس تأكل الجاج ... وناس تقع في السياج ) . بل إن الجميع سيقع أخيرا ً في السياج سواء الذي أكل الدجاج أو الذي لم يأكل ، ومن جنى الثمار التقدم العلمي والحضاري ومن لم يجن منه شيئا ً . ولم يكن الخطر الإشعاعي وحده الخطر الذي يهدد البشرية بل هناك الآن أيضا ً تراكم غاز الكربون في الغلاف الجوي والأمطار الحامضية الناجمة عن تراكم غازي الكبريت والآزوت في الجو . وثقب الآزون الذي أقام الدنيا ولم يقعدها بعد ْ والذي يوشك أن يكون ثقبا ً وجرحا ً بالغا ً في الحضارة الإنسانية بأكملها .
( فأصابهم سيئات ما عملوا ، وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ) النحل : 34
( فذاقوا وبال أمرهم ) التغابن : 5
إن مفهوم البيت الزجاجي الأرضي هو عبارة عن تراكم غاز الكربون Co2 في طبقات الجو العليا مشكلة طبقة جوية تشبه في عملها عمل زجاج البيت الزجاجي أو البيت البلاستيكي ، كما أصبح يُعرف لدى الناس . حيث تسمح بمرور أشعة الشمس والحرارة الشمسية إلى الأرض ةلا تسمح بتسربها إلى خارج الغلاف الجوي الأرضي . وبالطبع ليس كل ما يرد إلى الأرض يعود إلى الفضاء مرة أخرى في هذه الحالة ، بل هناك نسبة طبيعية من Co2 في الجو تحتفظ ببعض الطاقة الشمسية التي تدخر في عمليات التركيب الضوئي ، وهو مقدار زهيد من الطاقة الشمسية التي تدخل الغلاف الجوي ومع ذلك فحياة جميع الكائنات الحية تتوقف على هذا المقدار الضئيل من الطاقة حيث تقتنص النباتات الطاقة الشمسية بعملية التركيب الضوئي ومن ثم تتحول إلى مركبات سكرية وغذائية نباتية تعيش عليها الحيوانات ثم البشر يأكلون كل شيء سواء كان نباتيا ً أو حيوانيا ً .
وفي الحالة الطبيعية فإن ازديادا ً نسبيا ً في غاز الكربون بالجو تتلافاه الطبيعة بسهولة حيث يتحول بوجود أشعة الشمس والماء في النباتات إلى سكاكر بسيطة بعملية التركيب الضوئي وفق المعادلة التالية :
غز الكربون + الماء + أشعة الشمس سكر الغلوغوز + الأوكسجين
من يتوضح لنا عِظم المنفعة التي تقوم بها النباتات فهي بالإضافة إلى تخليصنا من غاز الكربون السام وتحويله إلى سكر لذيذ المذاق تزودنا بالأوكسجين اللازم للحياة .
إذا ً مشكلة البيت الزجاجي التي بدأت الكرة الأرضية تعاني منها خلال الخمسين سنة الماضية ناجمة عن سببين :
1- ازدياد الكمية المنتجة من غاز الكربون : وذلك في أكبر حركة صناعية تشهدها المعمورة حيث يقّر عدد المصانع والمعامل والأفران التي تطلق غاز
الكربون بالملايين . وبالتالي حدثت زيادة عظيمة في تركيز غاز الكربون في الغلاف الأرضي مما رفع درجة حرارة الأرض وزاد في تسخين الغلاف الجوي .
2- ومما زاد في الطين بللا ً : ازدياد قطع أشجار الغابات وامتداد الصحراء وتوسعها على سطح الأرض . وكان ذلك بهدف تحويل أراضي الغابات إلى أراض زراعية أو بهدف قطع الأشجار من أجل الصناعة . إذا ً فبدلا ً من أن يقوم الناس بزرع الأشجار وتجريد الغابات لامتصاص الزائد من غاز الكربون قاموا بقطع الأشجار وتجريد الغابات مما أدى إلى تفاقم المشكلة.
ولقد أثبتت الدراسات العلمية الجادة والتي استخدمت فيها أحدث أجهزة التكنلوجيا من أقمار وأجهزة كمبيوتر عملاقة وطائرات مجهزة بالمعامل الكاملة ، كلها قد أثبتت أن درجة الحرارة الجوية المتوسطة آخذة في الارتفاع . وإن ارتفاعها هذا سيدوم ما النشاطات البشرية غير المسؤولة مستمرة وأنها ستصل إلى حوالي درجتين مئويتين خلال الخمسين سنة القادمة .
وأن درجة الحرارة المتوسطة للأرض قد ارتفعت حوالي نصف درجة مئوية خلال الثلاثين سنة الماضية من عام 1965 – 1995 م .
فما هي درجة الحرارة المتوسطة الأرضية ؟؟!
درجة الحرارة المتوسطة : هي متوسط درجة حرارة الكرة الأرضية على ارتفاع مترين من سطح الأرض وذلك خلال مدة لا تقل عن ربع قرن لأغلب مناطق الكرة الأرضية وحتى البحار والجزر المختلفة وذلك بقياس درجة الحرارة أربع مرات يوميا ً ، وذلك عند الساعة السادسة صباحا ً ، ثم الثانية عشرة ظهرا ً ثم السادسة مساء ً ، وأخيرا ً الثانية عشرة عند منتصف الليل .
ويمكن بواسطة ذلك معرفة متوسط الحرارة اليوم معين ثم لشهر معين ثم لفصل معين من السنة وأخيرا ً لسنة كاملة ثم لخمس وعشرين سنة .
ولقد أثبتت الدراسات والأبحاث الجادة المختلفة أن متوسط درجة الحرارة الأرضية هو حوالي 17،3 درجة مئوية ، بينما كان القياس قبل خمس وعشرين سنة 16،8 درجة مئوية . هذا وأن ارتفاع المتوسط الحراري للكرة الأرضية الذي حصل خلال الربع قرن الأخيرة قد حفظ داخل داخل الغلاف الجوي الأرضي ما مقداره ألف مليون مليون كيلو كالوري ( حرّة ) أو ألف حريرة ) أي ما يعادل تفجير قنبلة نووية يوميا ً على مدار العام . فما هي التغيرات الجوية التي تنجم عن مفعول البيت الزجاجي ؟ :
إن زيادة المخزون الحراري للجو تؤدي إلى تغيير نمط الحركة العادية للكتل الهوائية واضطراب عميق في حركة التيارات الهوائية والتيارات البحرية على الكرة الأرضية .
فبالإضافة إلى تأثير غاز الكربون الصحية من اضطرابات الجهاز التنفسي عند البشر ، وخصوصا ً فإن غاز الكربون يترافق مع غاز الكبريت والآزوت .
كل ذلك يؤدي إلى التهاب الطرق التنفسية _ سرطان الجلد – اضطرابات عصبية لدى الناس بسبب التغيرات المناخية في الحرارة والضغط الجوي .
إضافة إلى كل ذلك تحدث تأثيرات بيئية : قصيرة المدى- متوسطة المدى – طويلة المدى .
(وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون ) الزمر : 24
1- التغيرات المناخية قصيرة المدى :
خير مثال على ذلك ما حصل في شتاء 1994 – 1995 ، فلقد حصلت أعاصير وطوفانات هائلة في أوربا ، سواء في فرنسا أو في إيطاليا أو هولندا أو ألمانيا . فلقد ذكرت وكالات الأنباء الغربية أن فرنس لم تشهد فيضانات كالتي حدثت هذا العام منذ خمسين عاما ً . وفي ألمانيا قال الخبراء إن ما حدث لم يحدث منذ مائة عام أما في هولندا فلقد غرقت مئات القرى وجرفت التربة الزراعية في ربع مساحة هولندا الصغيرة أصلا ً ، وتشرد الآلاف من الناس وانهارت السدود وقال الخبراء إن تلك الفيضانات لم تحدث منذ مائة وخمسين عاما ً . وفي عموم أوربا فاضت الأنهار وارتفع منسوب نهر الراين والدانوب إلى مستويات خيالية وغرقت البلاد وأصبحت الشوارع أنهارا ً . وفي مصر حدث فيضان لم يحدث منذ مائة عام . وحدث مثل ذلك في الباكستان وبنغلادش . وضرب الجفاف معظم الولايات المتحدة واستراليا وأواسط إفريقيا هذا شيء من تأثيرات البيت الزجاجي الأرضي إضافة إلى ذلك فقد حدث ارتفاع شديد وغير مألوف في درجات الحرارة في كثبر من المناطق وحدث انخفاض قياسي وغير مألوف في درجات الحرارة في كثير من المناطق وحدث انخفاض قياسي وغير متوقع في أماكن أخرى والذي تمت ملاحظته خلال السنوات الماضية :
ازدياد عنف الأعاصير المدمرة سواء في المناطق الاستوائية أو حتى غير الاستوائية كأعاصير خليج البنغال والبحر الكاريبي وخليج المكسيك ( لوحظ تشكل أعاصير في حوض البحر المتوسط في فرنسا وإيطاليا ) وبالمقابل فقد تعرضت مناطق واسعة من الأرض لجفاف قاس ومؤلم كما حدث في السودان والنيجر وآسيا وغرب الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية .
2- التغيرات المناخية المتوسطة المدى :
تشابه التأثيرات متوسطة المدى التأثيرات المناخية قصيرة المدى إنما تتميز بأنها تصبح أوضح وأعمق حيث تغزو الكتل الهوائية الحارة مناطق باردة في أقاصي الأرض الجنوبية والشمالية وتعبر الكتل الهوائية القطبية المناطق المعتلة حتى خط الاستواء . وهذه الفترة هي فترة الأضرار الزراعية القاسية حيث تتلف كثير من المحاصيل لم تعتد عل حرارة عالية أو باردة أياما ً طويلة .
3- التأثيرات طويلة المدى :
تتغير في هذه المرحلة خطوط تساقط المطر وتجف ينابيع حتى في المناطق الباردة وتزداد شدة التبخر على مستوى الكرة الأرضية بأكملها ، ويذوب الجليد في كثير من المناطق القطبية مع بداية فصل الربيع فيرتفع تبعا ً لذلك مستوى المياه في البحار والمحيطات مما يهدد الكثير من المدن الساحلية بالغرق وتظهر أعاصير استوائية شديدة في مناطق بعيدة عن خط الاستواء .
وأشير أخيرا ً إلى أنه على المجتمع الدولي أن يسارع إلى حل هذه المشكلة الملحة والعلاج والحمد لله ليس بالمتعذر .
فالعلاج هنا بالتشجير . نعم وبالتشجير وحده تحل المشكلة . فازدياد مساحات الغابات والأراضي المزروعة بديهيا ً يزيد استهلاك غاز الكربون الضار وبالتالي ينقص تركيزه من الغلاف الجوي وتعود الأمور إلى نصابها ويزول الخطر كليا ً إضافة إلى توفر المزيد من الأوكسجين الضروري للحياة . وتشير الحسابات المبدئية إلى أن تشجير 20 % من الصحراء الليبية والمصرية تحل المشكلة نهائيا ً ، فهل تسارع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى لهذا الحل الملح والسريع . ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) الأنفال 25
 
ثالثا ً : ثقب الآوزون
( ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) الروم : 41
لقد أصبح لثقب الآزون ضجة عالمية كبرى منذ عام 1975 وحتى الآن فقد ثبت للعلماء بدراسة طبقة الآزون بالأقمار الصناعية والمحللات الكيميائية أن هذه الطبقة الجوية تتثقّب ، وطبقة الآزون هذه عبارة عن طبقة جوية على ارتفاع عدة كيلومترات من سطح الأرض سمكها لا يزيد عن بضعة سنتيمترات . والآزون هو عبارة عن الأوكسجين ثلاثي الذرات o3 وهو الذي يعطي السماء لونها الأزرق الخلاب .
وليس هذا هو العمل الحقيقي للأوزون فلقد وضعه الخالق البارىء المصور لحكمة كبرى هي أن الأوزون هو عبارة عن كمين سماوي خاص لاقتناص الأشعة فوق البنفسجية الضارة . وبالتالي حماية الكائنات الحية من أضرارها القاتلة . فتسرب الأشعة فوق البنفسجية الشمسية إلى الأرض يؤدي إلى تأين جزئيات الهواء وبالتالي يصبح الهواء المنعش العليل عدوا ً خفيا ً ومصدرا ً للإشعاعات ، ذلك التأين يعمل في الجسم عمل المواد المشعة التي ذكرناها سابقا : حروق شمسية – التهابات جلدية – والأكثر خطورة هو سرطان الجلد الذي لوحظ زيادة الإصابة به منذ اكتشاف ثقب طبقة الأوزون . وبسبب الإشعاعات aأو bأوy الناجمة عن التأين فإن أخطار الإشعاع بكاملها تصبح ظاهرة للعيان : الحمى – الإنتانات – فقر الدم _ انحلال الدم – السرطانات الداخلية – أما بالنسبة للمزروعات : فتذبل وتموت وتتسلط عليها الأمراض التي لم تكن تصيبها من قبل وينخفض المردود الزراعي ويقل الإنتاج بشكل كبير .
لكن كيف تنثب طبقة الأوزون ، وما هي الأسباب المؤدية لذلك ؟ :
رصد العلماء أول حادثة لانثقاب طبقة الأوزون عام 1975 حيث تبين أن هناك فتحة واسعة في سماء القطب الجنوبي وأنها تتوسع باستمرار ، ثم رصدت طبقة أخرى قرب اليابان وغرب الولايات المتحدة وأخيرا ً فوق منطقة اليونان وشرق البحر الأبيض المتوسط وقد بلغ قطر المنطقة المثقوبة مئات الكيلومترات أحيانا ً. ورصدت مناطق جديدة فوق سيبريار وغروئلاند. أما عن أسباب تخيب لأزون منها .
1- المركبات الصناعية وأهمها :
فلوركلور كربون Florochlorocarbone (FCC) وهي مادة تستخدم في صناعة الثلاجات والرادات على مستوى العالم حيث تتسرب إلى الفضاء مخربة الأوزون وفق التفاعل التالي : o2 + [o] فلوركلوروكربون o3
أما o2 فينضم إلى الهواء الجوي أما[o] الأوكسجين الوليد فهو بحد ذاته غاز سام لكنه سريع الإلتحام حيث ي}كسد بعض المواد في الهواء .
2- الطائرات التي تسير بسرعة تفوق سرعة الصوت وخصوصاً الطائرات الحربية وطائرات الكونكورد السياحية . حيث أن اختراق جدار الصوت يساهم في تفكيك الأوزون .
3- المركبات الفضائية وتعمل بنفس الآلية السابقة وخصوصا ً مكوك الفضاء ،
4- الغازات الصناعية وخصوصا ً غاز الكربون والكبريت والآزوت والسموم الكيماوية وغيرها .
ولحسن الحظ فإن معظم الشركات الصناعية عدلت عن إنتاج FCC فلوركلوركربون وأنتجت بدائل أخرى لا ضرر منها على الأوزون وإن شاء الله سوف يخف الانثقاب خلال العقد القادم .
( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن عتم عدنا ) الإسراء
 
رابعا ً: الأمطار الحامضية
قال تعالى في كتابه العزيز :
( فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا ًمن السماء بما كانوا يفسقون ) البقرة : 59
انتقل معكم إلى مظهر جديد من مظاهر الفساد في الأرض ألا وهو الأمطار الحمضية . نعم الأمطار الحمضية : تلك الأمطار التي كانت تنزل بالبشر رحمة من السماء أصبحت في سماء البلدان الصناعية تنزل بالويل والعذاب . حيث أحالت تلك الأمطار مساحات واسعة من الغابات والمزروعات في أمريكا الشمالية وأوروبا صعيا ً جرزا ً .
ففي البداية توقف نمو الأشجار والغابات ثم ظهرت على الأوراق بقع كالصدأ ثم التوت الأوراق ومن ثم تساقطت وخلال عامين ذبلت الأشجار كلية وأصبحت أثرا ً بعد عين وقد قالت منظمة سلامة البيئة إن أكثيرا من مليون كيلومتر مربع من الغابات تتأثر نباتاتها بالأمطار الحمضية . ذلك لأن تلك الحموض ثقيلة ولا تنتقل إلى مسافات بعيدة ضمن الغلاف الجوي .
ثم ظهرت صيحات جديدة : إن رخام المدن والمنحوتات الرخامية تتآكل بسرعة غير مألوفة وتنمحي معالمها وكان آخرها تآكل تمثال أبو الهول أشهر أثر فرعوني في العالم . ولما بحث العلماء في السبب تبين أن السبب هو الأمطار الحمضية .
فما هي الأمطار الحمضية ؟ :
الأمطار الحمضية : هي أمطار تحتوي على نسبة عالية من الحموض ( حمض الكبريت – حمض الآزوت – حمض كلور الماء ) .
وحتى حمض الكربون ولكنه حمض ضعيف سريع التفكك ونسبة هذه الحموض في الأمطار تزيد بخمسين ضعفا ً عن نسبتها العادية . وأنتم تعلمون أن الحموض ذات ph( درجة حموض ) عالية وبما أن الحموض تذيب الأحجار الكلسية والأوراق النباتية وحتى اللحوم ... ومن هنا كانت الخطورة . وإن لم تسع َ الحكومات والمنظمات الدولية لتلافي تلك النتائج الخطيرة وتنقص من المنتجات الصناعية الضارة فسوف تتضاعف مساحة الغابات المحروقة التالفة وبالتالي تدخل في دائرة معيبة حيث يرتفع غاز الكربون من جديد وترتفع حرارة الأرض وتكثر الويلات والأمراض .
وقبل ختام هذا البحث نذكر : إن الذي يحيّر علماء البيئة الآن هو ارتفاع مداخن المصانع . ففي الماضي كانت تبنى المداخن العالية لتخفيف أضرار أكاسيد الكربون ةالآزوت والكبريت على المدن والسكان وبالتالي يحمل الهواء تلك المواد الضارة ويلقي بها في مناطق غير مأهولة كالصحارى والغابات . ولكن الذي ثبت للعلماء حديثا ً أن المداخن العالية الشاهقة تضاعف كميات الأمطار الحمضية وسقوطها . ولتحاشي ذلك أيد علماء البيئة إنشاء مداخن منخفضة تبعد تلك الأكاسيد عن الغيوم ، فكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار . فالمداخن المنخفضة تلقي تلك الأكاسيد في هواء المدن مباشرة وما يتلو ذلك من أمراض الجهاز التنفسي وسرطان الرئة وغيرها .
فما هو الحل ؟ الحل هو في : حجز تلك الأكاسيد ، وإعادة استعمالها في المصانع وتعليبها بشكل حموض سائلة محفوظة ، وبالتالي القضاء على خطرها وأضرارها ، ولكن ذلك غالي الثمن باهظ التكلفة !!!
فما هو العمل ؟؟؟
( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) .
 
خامسا ً : الفساد في البحر
قال الله تعالى في كتابه الكريم :
( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ، ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) الروم : 27
( وما يستوي البحران هذا عذب فرات ، وهذا ملح أجاج ) الفرقان : 53
كانت بحوثنا السابقة ( التلوث الإشعاعي – ارتفاع حرارة الأرض – ثقب الأزون – الأمطار الحامضية ) أجراس إنذار تحذر الناس بأن التلوث في غلاف الأرض وسطحها أصبح يشكل خطرا ً بالغا ً على حياة الإنسان وأن المشكلة ذات أبعاد مأساوية على المدى المتوسط إن لم نقل على المدى القصير وإن لم تسارع حكومات الدول والهيئات المتخصصة بشؤون البيئة إلى معالجة المشكلة من جذورها فالجنس البشري مهدد بالزوال بكامله عن سطح الأرض وأردت أن أختم بحثي هذا بمعلومات يسيرة عن الفساد في البحار .
فالبحار تشكل 69% من سطح الكرة الأرضية وهي تمنح الأرض رطوبتها وأمطارها ، بل وبيئتها الملائمة للحياة ورحمة من الله عز وجل وتكريما ً لخليفته في الأرض ( الإنسان ) فقد جعل تلك البحار مالحة جدا ً . حيث تبلغ نسبة الملح في ماء البحار ما بين : 35 بالألف – 70 بالألف ( البحر الميت ) أي أن كل ليتر من ماء البحر يحتوي على : 70 غرام ملح كلور الصوديوم وتلك عناية إلهية لا تخطر على بال الناس . فالملح قاتل وبنسبة 100% لجميع الميكروبات والطفيليات وجمبع أنواع الجراثيم . ولما أصبحت البحار مصبات لقاذورات آلاف المدن والقرى وحيث يُلقى يوميا ً ملايين الأطنان من مياه الصرف الصحي في مختلف بحار الأرض ، عدا عما تحمله آلاف الأنهار التي تصب في البحار على مدار الساعة ( من جراثيم وملوثات ) يضاف إلى كل ذلك ما تلقيه ملايين السفن والبواخر العابرة للمحيطات وناقلات النفط من من مخلفات وزيوت النفط من الناقلات المعطوبة ، إضافة إلى حوادث اصطدام ناقلات النفط بصخور الشواطىء وانشطارها ، ولا يكاد يمر عام دون حادث من هذا النوع . فعلى سبيل المثال فإن ناقلة النفط الأمريكية ( أموكو – كاديز ) عندما طرحتها العواصف العاتية على شواطىء بريتاني الفرنسية عام 1979 ألقت ( 200 ألف طن من النفط الخام في البحر ) فقتلت مليارات الكائنات البحرية من أسماك وطيور بحرية وشعاب مرجانية وقطعت مصادر رزق آلاف الصيادين .
كل هذه الأسباب مجتمعة أصبحت تشكل مصادر تلوث للبحار وحتى للمحيطات . والبحار الأكثر تضررا ً الداخلية وصغيرة المساحة كالبحر المتوسط والبحر الأسود والبحر الأحمر وبحر البلطيق والأدريتنيكي وبحر اليابان وبحر الصين الجنوبي وخليج المكسيك وبحر الشمال حيث أن نسبة 35 بالألف من الأملاح لم تعد كافية لقتل المكروبات التي تطرح في تلك البحار حيث تغير لون المياه أولا ً ثم ظهرت أعشاب غير بحرية أصلا ً في شواطىء تلك البحار ( خصوصا ً الطحالب الحمراء ) . ونفقت آلاف بل ملايين الأسماك والدلافين والطيور وتخرب حوالي 20% من شعاب البحار المرجانية وأصبحت شواطىء تلك البحار مصدرا ً لمليارات الحشرات كالبعوض والقوارض ومختلف أنواع الذباب وأصبح ذلك يشكل مشكلة كبرى للمدن الساحلية . كما انبعثت روائح نتنة من كثير من الشواطىء وكثرت الإصابة بمختلف الأمراض وخصوصا ً : التيفوئيد والكوليرا والملاريا وأمراض الجهاز التنفسي عدا عن الأمراض الجلدية وأمراض الحساسية واللابو ، وادار الناس ظهورهم للشواطء التي كانت مصدر تسليتهم ومتعتهم بل وأرزاقهم .
كل ذلك حدث خلال مدة لا تزيد عن خمسين عاما ً بعد أ، كان البحر نظيفا ً جميلا ً تؤكل حيواناته الميتة منذأيام وشهور ، وفقا ً لقول رسول الله ÷ : البحر طهور ماؤه ، حل ميته .
والذي يدعو للقلق والخوف حقيقة هو أن ازدياد تلوث البحار سيجعل من تلك البحار مستنقعات كبيرة في المدى المنظور أي قبل عام 2200م . عندما سيهلك الحرث والنسل ولن يبقى أحد حيا ً من كثافة الأمراض والإنتانات .
ولقد بادرت حكومات حوض البحر المتوسط إلى عقد اجتماعات متكررة خلال العشرين عاما ً المنصرمة ، وهناك الآن خططا ً منظمة للحد من إيصال مياه الصرف الصحي إلى البحر .
وفرض القانون الدولي عقوبات على أية سفينة تلقي زيوتا ً أونفطا ً في مياه البحر مع حجزها ومنعها من الإبحار .
كما صدرت القوانين التي تمنع إلقاء النفايات الإشعاعية في مياه البحار حتى وإن كانت شديدة التعليب والتغليف . وصدر قانون يمنع التجارب النووية في مياه المحيطات وخصوصا ً مياه المحيط الهادي ( لقد أصبح جنوب المحيط الهادي مسرحا ً لتجارب نووية متكررة خصوصا ً من قبل فرنسا ) والالتزام بتلك الضوابط والقوانين لا يزال مشكوك فيه . ونأمل أن يتدارك العالم هذه المشكلة قبل فوات الأوان .
( واتقو فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) الأنفال : 25
 
الإيدز AIDS
مالىء الدنيا وشاغل الناس
قال تعالى في كتابه العزيز :
( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ً ) الإسراء : 54
( فليضحكوا قليلا ً وليبكوا كثيرا ً بما كانوا يكسبون ) التوبة : 82
( فأتى الله بنيانهم من القواعد فخرّ عليهم السقف وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ) النحل
والآن إلى حديث جديد عن الملوثات والفساد في الأرض ، والتلوث الذي نتحدث عنه اليوم تلوثا ً في البيئة ، لا في الماء ولا في الهواء ولا في الغابات . إنه تلوث من نوع جديد . إنه تلوث في النفس الإنسانية والقيم والوجدانية والأخلاقية ، وخنجر مسموم في شرف الإنسانية جمعاء .
إنه الإيدز : فما هو الإيدز ؟ وما هي أعراضه ؟ وما هو مصدر العدوى فيه ؟ وما إنذاره ؟ ومستقبله ؟ وما وجه الخطر فيه ؟
الإيدز AIDS : هو داء فقدان المناعة المكتسب . يصيب الجنسين من بني البشر وقاتل 100% من الحالات . وسببه فيروس متقلّب غريب الأطوار [Hiv] فيروس لم يُعرف على وجه الدقة من أين أتى ، وكثرت الأقاويل حول مصدره . البعض قال إنه فيروس متطور مركب قصدا ً في سياق الحرب البيولوجية ( الجرثومية ) ثم أفلت من الزمام وانتشر وتكاثر ، وانتشر لظاه في كل مِصْر ٍٍ من أمصار الأرض ولم تستطع المخابر التي أنتجته السيطرة عليه من جديد وإعادته إلى الحظيره التي انطلق منها .
والبعض قال إنه فيروس تحدّر من من فيروسات أخرى بشكل طفرة وراثية سببها التلوث الإشعاعي والكيماوي الذي أصاب المعمورة .
أما البعض الآخر فأكد أن الفيروس موجود أصلا ً في بعض أنواع القرود الإفريقية وهو غير ممرض ولا مميت لها وانتقل للبشر بطريقة أو بأخرى ( قد يكون بسبب كثرة استخدام القرود كحيونات تجربة ) وقد تكون أسباب أخرى ، وعندما دخل دماء البشر استعرت لظاه ووجد البيئة المناسبة فتكاثر وتجبر ودملر .
إذا ً هذه هي المصادر المحتملة لأصل الفيروس .
أعراض المرض :
الإيدز فيروس مخاتل ... وقاتل خفي ّ ... ولص ّ ... يعرف من أين تؤكل الكنف .
فبعد دخول البدن من الطرق التي سأتحدث عنها في الفقرة اللاحقة يجمع قواه ويتكاثر ببطء شديد وقد تمتد الحضانة 3-7 سنوات . وبعد أن يصبح عدده كافيا ً للغزو والتدمير تبدأ الأعراض بالظهور . فهو يستولي مباشرة على أقراص السيلكون ومخابىء الذاكرة والشيفرة المناعية ، إنها الخلايا اللمفاوية T ، وهي تقع في غدة التيموس في العنق وخلايا الجهاز الشبكي البطاني والعقد اللمفاوية في الجسم .
ويقوم الفيروس ويقوم الفيروس بإتلاف هذه الخلايا كليّة ،وبما أن هذه الخلايا هي المؤولة عن المناعة ضد الجراثيم والفيروسات والفطور والطفيليات وهي التي تصنع لها كمائن جوالة في الدم وتُصنع حسب الطلب وعند الضرورة . فما يكاد العامل الممرض يدخل الجسم حتى تقتنصه تلك الخلايا ، وبتحليل المعلومات في مركز الذاكرة المناعية ، تأمر مباشرة بإطلاق الكمين الجوال المناسب وبكميات كبيرة كافية لشلّه وإسكاته .
فلا يشعر الإنسان بشيء من تلك الأحداث لا بالعامل الممرض ولا بإتلافه .
( إن ربك بالناس لرؤوف رحيم ) ، ( ولقد كرمنا بني آدم )
فعند إتلاف هذه الخلايا المناعية بفيروس الإيدز تجتاح البدن موجة عارمة من الإنتانات ، وتصبح أضعف الجراثيم والفيروسات مصدرا ً للخطر بل والموت أيضا ً ، فلا مناعة ولا دفاع ، ولا استنفار ضد الجراثيم .
عندما يعود الكهل طفلا ً صغيرا ً ليصاب بأمراض ٍ كان في غاية التحصين ضدها ، فيصاب بالحصبة العادية والألمانية والخانوق والشاهوق والشلل والسل والتهاب الكبد والجدري العادي وجدري الماء ، وجميع أنواع الأمراض التي كان محصّنا ً ضدها .
إضافة إلى ذلك هناك أعراض مرضية خاصة تتكامل في الإيدز :
1- التهاب الجهاز الهضمي : حمى – إقياء – إسهال – نقص شهية .
2- التهاب الطرق التنفسية : سعال مؤرق ومُلحّ وشديد – ضيق تنفس – عسرة تنفس – قشع شديد .
3- أعراض عصبية : قلق وخوف – ارتجاف – أرق – اضطرابات توازن – اضطرابات نفسية متنوعة .
4- التهاب المجري البولية : التهاب الحويضة والكلية الحاد والزمن وحرقة البول المستمرة وأخيرا ً وختامها مسك ، القصور الكلوي إضافة إلى ذلك وهن وهزال شديد ونقص وزن وحمى لا تتوقف .
والجدير ذكره أن هذه الأعراض تظهر كلها أو معظمها عند مريض الإيدز وهي لا تخف بالصادات ومضادات الإسهال والسعال وإن خفّت لا تلبث أن تعود أشد وأقوى وفوق كل ذلك يعيش الإنسان المصاب منبوذا ً اجتماعيا ً في فترة حياته القصيرة أصلا ً ، وينظر إليه الآخرون بخوف ( من العدوى ) وبازدراء لحالته المرثية ، وتنعكس كلها على المصاب بالحزن والكآبة والشعور بالمرارة والعزاة .
( فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا ً ) النبأ
( فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ) النحل : 34
والآن ما هي طرق العدوى بهذا المرض الوبيل ؟ :
في مطلع الثمانينات بدأ الأطباء يلاحظون إصابات مشركة تنفسية وهضمية وبولية ودموية متروية لا تخضع للعلاج الكلاسيكي وهي معنّدة ومعاودة بفترات قصيرة . فأخضعوا المصابين إلى فحوص شعاعية ومخبرية متطورة وإلى تصوير بالطبقي المحوري المبرمج وبالرنين المغناطيسي النووي ، وأخذوا خزعات من أماكن متفرقة من البدن . فلم يجدوا شيئاً سوى أعراض التهابية عادية ثم تقدمت وسائل البحث والعزل الفيروسي فتبين أن السبب فيروس ولكنه محتال لم يتمكن العلماء من عزله ورغم كل المحاولات المضنية فإن ذلك المحتال كان يتدثر بعباءات الفيروسات الأخرى ويختلط بها ، لذلك لم بتمكن العلماء من عزله ومن ثم إضعافه أو قتله وبالتالي صنع لقاحات مناسبة له كاللقاح الثلاثي أو لقاح الشلل والسل والحصبة ..... وقد لاحظ العلماء في البداية أن الإصابات منتشرة في أربع زمر من البشر :
1- فئة الشاذين جنسيا ً : وما أكثرهم في الدول الغربية .
( ولوطا ً إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ، إنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر ) العنكبوت : 29
إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا ً من السماء وبما كانوا يفسقون ) العنكبوت : 34
إذا ً فاللواطة هي السبب الأول والطريق الرئيسي لانتقال هذا المرض الخبيث .
‍2- فئة مدمني المخدرات : حيث يستمل الكثير من هؤلاء المدمنين الحقن الوريدية لتناول المورفين وينقلونها بينهم من واحد إلى لآخر فكان الإيدز منتشرا ً بشدة بين هؤلاء .
إذا ً فحقن المخدرات هي السبيل الثاني لنقل الإيدز .
3- فئة المصابين بمرض الناعور ( عدم التخثر ) : وهو مرض وراثي تصاب به بعض العائلات ، ويؤدي إلى نزوف شديدة لأدنى جرح كان ، ولا يرقأ الدم ولا يتخثر . وهؤلاء يحتاجون إلى علاج خاص هو العامل الثامن المضاد للناعور ، ينقل إليهم عن طريق المصول فكان هذا العامل في سياق الأسباب التي أدت إلى نقل الإيدز .
4- فئة الذين ينقل إليهم دم جديد : في سياق الحوادث والجروح والولادات والعمليات الجراحية .
وقد يتداخل أكثر من عامل من العوامل السابقة .
ثم خلال خمس سنوات وفي منتصف الثمانينات علت صرخات الأطباء والمختصين بأن زمام الإيدز قد أفلت وأنه أصبح يتنقل بصورة دراميتيكية عن طريق الاتصال الجنسي الطبيعي بين الرجال والنساء وتأكد ذلك في جميع البلدان التي كثرت فيها الإصابات ومن ثم أصبح الاتصال الجنسي العادي سببا ً مؤكدا ً للإصابة بالإيدز ، بل محتى التقبيل الحميم ثبت أنه ينقل الإصابة .
إذا ً : اللواطة – أبر المخدرات – نقل الدم – الاتصال الجنسي السوي والتقبيل الحميم هي طرق الانتقال الرئيسي للعدوى . ولكي لا أزيد في مخاوفكم أريد أن أبيّن أن الطرق التالية غير مسببة قطعا ً للعدوى :
1- البعوض وسائر الحشرات : القراد – القمل – هامة الجرب – الذباب – الفوصد – السكيت – النحل – الدبابير وكافة أنواع الزلاقط غير ناقلة للعدوى .
( رحمة من ربك )
2- المراحيض الإفرنجية والعربية : والغسالات والحمامات غير ناقلة للمرض .
3- الملامسة بالأيدي والمصافحة : وحتى التقبيل العادي لا ينقل هذا المرض .
4- الوسائد والفرش والملاحف : والأغطية غير ناقلة للفيروس .
5- الهواء والتنفس والعطاس : ورذاذ العطاس والسعال لا تنقل هذا المرض.
6- الطعام والشراب : لا ينقلان هذا المرض .
7- المسابح وأحواض الحمامات : غير ناقلة للمرض .
8- لم يثبت بعد أن التلوث العرضي بدم المصاب يؤدي للإيدز وعلى الأرجح أنه غير ناقل للمرض كنقل المجروح المصاب والتلوث بدمه حتى وإن كان جلد الحامل له فيه خدوش وتسحجات .
إذا ً الإيدز مرض الجنس والجنس الشاذ بالدرجة الأولى ومرض مدمني المخدرات بالدرجة الثانية .
أما المصابون الأبرياء الذين ( لا شبق لهم ولا عبق ) فهم الذين يصابون نتيجة نقل الدم وذلك من أشخاص مصابين أو حاملين للإيدز غير معروفين ، ولحسن الحظ بأن معظم مراكز نقل الدم في العالم اعتمدت حديثا ً أجهزة تكتشف بسرعة إن كانت دماء المتبرعين ملوثة أم لا . عندها يصار لإتلافها والتخلص منها ، ومن ثم ملاحقة صاحب الإصابة ومحاولة علاجه وإبلاغه بإصابته .
لم يُسنّ قانون دولي حتى الآن لحجر المصابين كما في الكوليرا أو السل أو الجذام أو الطاعون .
إذا ً فالفيروس المخادع لا يوجد بتركيز فعال كاف لنقل الإصابة والعدوى إلا في الأماكن التالية :
1- السائل المنوي عند الرجل .
2- المفرزات المهبلية عند المرأة .
3- دماء المصابين .
وأود أن أشير إلى أن الأم الحامل تنقل الفيروس إلى جنينها .
ليذيقم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )
ويولد جنين سرعان ما يصاب بجميع أعراض المرض المذكورة ومن ثم لا يلبث أن يفارق الحياة .
الانتشار والتوزع :
يبلغ الآن عدد المصابين بالعالم حتى آخر الإحصاءات حوالي عشرين مليون مصاب ، ومات خلال الأعوام العشرين الماضية حوالي نفس العدد ، ولا تزال كثبر من البلدان والحكومات تخفي عدد المصابين لديها لأسباب أمنية وسياحية .
وأكثر القارات إصابة به الآن إفريقيا . حيث نهش الإيدز قلب إفرقيا ويُظن أن أكثر من خمس ملايين إفريقي قد ماتو بالإيدز في جمهوريات : إفريقيا الوسطى – الغابون – زائير – راوندا – بورندي – زامبيا – موزمبيق – مدغشقر – تنزانيا – كينيا – وقد صرح مصر محايد أنه في جمهورية إفريقيا الوسطى أفنى الإيدز 70 – 8- % من الشبان ما بين الـ 17 – 40 عام .
( فذوقوا بما كسبت أيديكم )
وهناك إصابات واسعة في الأمريكيتين الشمالية والجنوبية . وفي الهند وشرق وجنوب آسيا . والإصابات ضئيلة وضئيلة جدا ً في الدول العربية والبلدان الإسلامية والحمد لله . فقد حفظت تعاليم الإسلام الكريمة المجتمع من الفساد والإيدز وكان أمر الله في تحريم الزنى والتخويف منه واضحا
( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ً) الإسراء
( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منها مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ) النور : 2
والحق يقال إن دول العالم تحسد المسلمين على هذه المنّة الإلهية الكبرى .
العلاج :
لا يوجد علاج شاف ٍ للإيدز حتى الآن ولم تسفر جهود العلماء المضنية عن دواء يخلّص البشرية من ويلاته . ويحاول الباحثون الآن إيجاد لقاح ضد الإيدز يحمي الأصحاء . ويتركز العلاج على : معالجة الحمى والإسهال والسعال والإقياء والتهاب المجاري البولية ، ونقل الدم الطازج وإلى ما هنالك .
ولنذيقم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ) السجدة : 21
 
وأنزلنا الحديد
( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره بالغيب إن الله لقوي ّ عزيز ) الحديد : 25
( ولقد آتينا داود منّا فضلا ً يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد ، أن اعمل سابغات وقدّر في السرد واعملوا صالحا ً إني بما تعملون بصير . سبأ : 11
يشكّل معدن الحديد عصب الصناعة الحديثة . كما كان في العصور السالفة يشكّل عدة الحروب ومادة الدروع والسيوف والتروس والخوذ والفؤوس والآنية .
وتذكر الروايات أن النبي داود عليه السلام كان محبا ً للخير عادلا ً في حكمه مطيعا ً لربه ...، ولما كان في نفس الوقت ملكا ً لبني إسرائيل بعد موت طالوت فقد كان مصدر رزقه يعتمد على بيت مال الدولة وخزينتها . ولقد استصعب داود ذلك ، فطلب من الله عز وجل أن يعلمه صنعة ً يعيش منها ويأكل من تعب كفه لا بكد ّ شعبه . ولقد كان الحديد مكتشفا ً قبل عصر داود ولكن استعماله كان متعزرا ً ، لأن الحديد موجود في الطبيعة على شكل فلزات ( هي أكاسيد الحديد Fe2o3 والمغناطيسي Fe3o4 وأوكسيد الحديد المائي Fe2o3H2o) . وكلها فلزات أولية ممزوجة بالشوائب ولا سبيل للاستفادة منها .
واستجاب الله دعاء داود وعلّمه كيف يُليّن الحديد ويصبح سهلا ً مطاوعا ً ( وألنّا له الحديد ) حيث أصبح داود عليه السلام يحصل على الحديد الليّن من فلزاته بمعالجته بالفحم والطريقة الكيميائية كالتالي : يُصهر الحديد ( الحديد يصهر عند درجة 1535 ْ ) نتيجة حرق الفحم بالأوكسجين الساخن . وفق التفاعل التالي : الفحم + الأوكسجين = ثاني أوكسيد الفحم الكربون . ونتيجة الارتفاع المتزايد في درجة حرارة الفرن يتفاعل الفحم مع غاز الكربون من جديد مشكّلا ً أول أوكسيد الحديد اللين المطاوع وفق المعادلة التالية : أوكسيد الحديد + أول أوكسيد الكربون = حديد حر + غاز كربون .
ويعود غاز الكربون من جديد إلى التفاعل حتى يتم تحويل كامل أوكسيد الحديد إلى حديد حر .
هذا هو مبدأ (إلانة ) الحديد الذي تحدث عنه القرآن الكريم وهذا ما علمه ربنا عزّ وجل لداود عليه السلام حيث كان يخلط الحديد الخام مع الفحم ويوقد تحته حتى يحصل على حديد ليّن وعلّمه عزّ وجل صناعة الدروع ليأكل من عمل يده وتعب كفه فغدا يصنع حلقات من الحديد ويشبكها مع بعضها البعض وعلمه الله تعالى أن يقدّر حجم الحلقات فلا هي واسعة يخترقها السيف والنبل ولا صغيرة ضيقة فيثقل الدرع ويتعذر حمله والمناورة به (وقدّر في السرد ) أي علمه كيف يقدر حلقة الدرع وثخانة قضيبها .
فكان بذلك داود عليه السلام أول من لان له الحديد . حيث إن الإنسان قبل داود كان يمزج النحاس مع القصدير لاستحصال البرونز وذلك لآلاف السنين . ولن البرونز كان قليل المقاومة صعب الاستحصال .
وأود أن أشير إلى أن الحديد هو عنصر البأس والقوة والشدة والموت . فبعد انحسار عصر الدرع والسيف والرمح جاء عصر البندقية والمدفع والدبابة والطائرة والصواريخ والبوارج . ولا زال الحديد يشكل العنصر الأساسي في بنيان هذه الأسلحة ، بل إن قذائف هذه الأسلحة مركبة غالبا ً من الحديد المحشو بالديناميت . وصدق قول الله عزّ وجل ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس )
أما عن منافع الحديد فهو كما قلنا عصب الصناعة الحديثة وعماد الحضارة والمدنية ويكفي أن نعلم أن ما يستخرج من فلزات الحديد وحده يعادل عشرين ضعفا ً مما يستخرج من كافة المعادن الأخرى مجتمعة .ويستخدم الحديد في صناعة وسائل النقل كالسيارات والطائرات والسفن .
ويشكل عماد الأبنية الحديثة وهيكلها فلولا الحديد ما كانت لتبصر النور ناطحات السحاب والأبنية العالية الشامخة ويشكل الحديد هيكل أثاث البيوت من أسرّة وطاولات وكراسي في كثير من الأحيان . وهو بلا ريب سبب النهضة الحديثة ، فمنه تكون الجرارات الضخمة والحصادات الآلية الحديثة وآلات تسوية الأرض والمجنزرات والمضخات .
وهناك أشياء أخرى أكثر من أ، تعد ، ويشكل الحديد العنصر الأساسي فيها ولكن من يتصور أنه لولا الحديد لما عرفت الكهرباء ، ولظلت مليارات البشر تتخبط في سواد الليل والعتمة . فأوكسيد الحديد المغناطيسي Fe3o4 هو السر الأساسي في توليد التيار الكهربائي المتناوب . وأيا ً كان نوع محطات توليد الكهرباء ، السدود المائية – المحطات الغازية – المحطات الحرارية التي تعمل بالفيول وحتى المفاعلات النووية المولدة للكهرباء فهي جميعا ً تعتمد في النهاية على تبخير الماء ( باستثناء محطات السدود قهي تستفيد منه سائلا ً ) حيث يتشكل تيار بخار سريع التمدد والحركة ويصار إلى توجيهه نحو التوربينات أو العنفات ، حيث تدور ونحصل على التيار الكهربائي . ولكن ما هي العنفات التي هي آلة الكهرباء الأساسية .
تتألف العنفات من كتلة ضخمة من أوكسيد الحديد المغناطيسي Fe3O4 محاطة على مسافة معينة بوشيعة نحاسية وعندما تدور كتلة الحديد فإن المجال المغناطيسي المتولد يولد تيارا ً كهربائيا ً محرضا ً داخل الوشيعة المحيطة ( تأثير فارادي ) وبمروره على جملة من المكثفات والمضخمات والمعدلات يخرج التيار الكهربائي إلى المدن .
إذا ً فلولا الحديد وخصوصا ً الحديد المغناطيسي ما عُرفت الكهرباء ولا أحد يجهل أهميتها في الحياة المعاصرة . ولا ينوب عن الحديد المغناطيسي في هذه الحالة أي معدن آخر .
قال الله تعالى : ( ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض . إن الله بالناس لرؤوف رحيم ) الحج : 65
( ولقد كرمنا بني آدم ) الإسراء : 92
هذا ويخلط الحديد مع بعض المعادن لاستحصال خلائط ذات ميزات أفضل من حيث المقاومة والمتانة ، فيمزج مع النيكل والكروم للحصول على خلائط شديدة القساوة قليلة التمدد بالحرارة لاستعمالها في أجهزة القياس الدقيقة وأجزاء الساعات ، ويمزج مع المنغنيز لتشكيل خليطة مقاومة للصدأ والتآكل لاستعمالها في محاور السيارات والدراجات ومحاور المضخات العمودية . والحديد يتميز بقابلية السحب والطي والتصفيح وبذلك يسهل الحصول منه القضبان اللازمة في الصناعة والبناء .
ولما كان وعد الله ( ولتعلمنّ نبأه بعد حين ) فقد عُرف منذ فترة وجيزة جدا ً أن الحديد لم يتشكل أبدا ً في الأرض فقد قال العالم الأمريكي آرثر أرمسترونغ في أحد المؤتمرات العلمية عام 1991 إن الطاقة اللازمة لتشكل ذزة الحديد عن طريق الاندماج بين ذرتين من السيلسيوم طاقة هائلة جدا ً جدا ً وتعادل الطاقة المنبعثة من الشمس ليوم كامل . وتبين أن عنصر الكاديوم cd الثقيل لا يمكنه بحال من الأحوال أن ينشطر مشكلا ً ذرتين من الحديد ( كتلته الذرية ضعف كتلة الحديد الذرية ) وبناء عليه قال أرمسترونغإن الحديد أُنزل إلى الأرض عن طريق رجم سماوي أوشهاب سماوي كما هو حديد كامل مكمل لا بطريق الدمج ولا بطريق الانشطار ، فهو إذا ً مُنزّل من خارج الأرض ومصداقا ً لقول الله عزّ وجل : ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ) الحديد : 25
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top