إحذروا الفيروس المدمّر satan brain

شاعر الجنوب

:: عضو منتسِب ::
احذروا الفيروس المدمّر"satan brain"

تأتي على المرء لحظات يسيطر فيها اليأس على نفسه ، وتكبّله الأحزان فتشدّ وثاقه
حتّى تخنقه وتكتم أنفاسه ، فيعتزل النّاس ويجتنب مجالستهم ويخلو بنفسه ليعيد النّظر في كلّ شيء .
وتحت ضغط نفسيّ رهيب إثر مصيبة أصيب بها ، أو عقب ضرّ مسّه ، يشرع في مراجعة شاملة لكلّ المصطلحات والمعاني ...السعادة الحزن ..الصداقة العداوة..الحب البغض...وغيرها من المعاني التي لازمته طيلة مراحل حياته ، فيشعر فجأة
ولأوّل مرّة - بعد كلّ العمر الذي عاشه – أنّه لم يكن يدرك المعنى الحقيقي لتلك الكلمات فتقفز إلى ذهنه تساؤلات عميقة خطيرة... (عن أيّ سعادة نتحدّث إذا كنّا لا نملك دفع إعصار الحزن الذي بإمكانه أن يهبّ في أيّة لحظة ليدمّر أسوارها التي تغمر قلوبنا ...عن أيّ صداقة نتحدّث إذا كان الصديق الذي نتوقّع منه الوقوف معنا في لحظة الشدّة التي تهدّد حياتنا ، هو أوّل من يتخلّى عنّا..وعن أيّ حبّ نتحدّث إذا كانت معاناتنا تصرخ بأعلى صوت فينا قائلة : لا يوجد في هذا الكون من يستحقّ محبتّك فاصرفها على ذاتك وخصّ بها نفسك فهي الأولى والأجدر بها ، فهل وجدت غير نفسك في رخاء أو شدّة ..في فرح أو قرح ...دعك من البشر أجمعين واعتن بنفسك من أجل حياة طيّبة ....هذا إذا كانت الحياة هي الأخرى تستحقّ اهتمامك ..فالحياة التي لا أمان فيها لأحد وليس بإمكانك صدّ مفاجآتها هي حياة غير جديرة بأن نحرص عليها ..وقد يكون الموت أفضل منها.....).
وهنا تأتي اللحظة الحاسمة ، اللحظة التي يقرّر فيها " فرمتة كاملة للقرص الصّلب في دماغه " كي يعيد صياغة مفاهيم هذه المعاني من جديد .
وهي نفس اللحظة التي أعدّ فيها الشيطان فيروسه اللّعين "stan brain" ليكون ضمن هذه الصياغة ويزيد من حدّة التشويش على أفكاره فيخرجه من نعمة أجر الصبر على المصيبة ، إلى نقمة السّخط وعدم الرّضا بقضاء الله وقدره ...والاقتراب من خطّ الكفر ونسف ما تبقى من ذرّات إيمان في قلبه.
لكنّ بعد العسر يسرا وبعد الشدّة فرجا ...ففي هذه الأثناء ودون موعد مسطّر، ينادي عليه صديق قديم كاد أن ينسى اسمه..
يا فلان يا فلان... أين أنت يا رجل لقد أنهكني الجهد بحثا عنك ..فيردّ بصوت خافت يملؤه التقزّز وعدم الرّغبة في اللقاء: ما الذي جاء بك أنت الآخر لم تكن مجبرا على أن تكبّد نفسك كلّ هذا العناء...لكنّه يجد نفسه مضطرا عند دنوّ صديقه للترحيب به ببرودة شديدة قائلا :
- تفضل.
- سمعت بمصابك فعجلت إليك..
- شكرا لك أنت على الأقل سجلت حضورك.
- دفع الله ما كان أعظم يا أخي لا تحزن فالله عز وجل سيعوضك .
- يعوضني ؟! أنت لا تدرك مدى الجهد الذي بذلته كي أقتني هذه السيارة..ثم لمجرّد نزوة
مراهق يريد أن يثبت رجولته أمام عشيقته تتحوّل إلى خردة بعد أن كانت جديدة..يظهر أنّك لا تقدّر مصيبتي حقّ قدرها.
- بل أقدّرها حقّ قدرها تماما ولذلك أنصحك بالصّبر والثّقة في الله.
- وأنّى لك أن تقدّرها وأنت لم تصب بشوكة في حياتك !؟
- يظهر انّك لم تسمع بمصيبتي يا صديقي !..بل هاأنت لم تلحظ حتّى عصاي التي أتوكّأ عليها ! سامحك الله يا أخي لم أكن أظنّ أنّك تتأثّر كلّ هذا التأثّر لمجرّد حادث بسيط خرجت منه سالما ولله الحمد والمنّة.
- يتلجلج لسانه ويجيب متأثّرا عن أيّ مصيبة تتكلّم ، اعذرني فأنا لم أسمع شيئا عنك منذ مدّة، وما سرّ هذه العصا ؟
- لو أنّي لم أعذرك لما أتيت لزيارتك..لقد تعرّضت مثلك لحادث ، فقدت إثره زوجتي وابني.
- ماذا تقول..ومتى كان ذلك ؟
- قبل شهرين.
- تهرب منه الكلمات وتلجمه الدّهشة لدقائق ثم يتدارك نفسه قائلا :وكيف حالك الآن..كيف تعيش مع بقية أبنائك بعد فقد زوجتك ؟
- أحاول التأقلم مع الوضع وأسأل الله أن يعينني على ذلك فالمسؤوليّة جسيمة.
- وهنا يغرق صاحبنا في جلد ذاته دون رحمة أو شفقة ( ما أحقرك أيها اللئيم..أبهذه السرعة نسيت نعمة الله عليك..يا لك من ضعيف تافه لمجرّد خدش في سيّارتك
كدت تفقد إيمانك..انظر إلى هذا الجبل الشّامخ ماذا لو أصابك مثله...) ولا يستفيق من هذا الكابوس إلاّ على صوت صديقه وهو يسأله : أين شرد ذهنك يا أخي ؟ فيستردّ أنفاسه قائلا:
إنّا لله وإنّا إليه راجعون.. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..أستغفر الله العظيم وأتوب إليه...وعندئذ يتلاشى مفعول الفيروس بقوّة أنتي فيروس ( الحوقلة والاستغفار ) .
وينتعش القلب بعودة الإيمان من جديد وتنتشر فيه نسائم الرّضا بقضاء اله وقدره مخضّبة
بمسك " ما عندكم ينفد وما عند الله باق " فينهض بعد كبوته بروح وعزيمة جديدتين
شاقّا طريق حياته من جديد
.
 
فعلا يستلزم ترتيب الأفكار و الأوليات لكل خطوة نقوم بها في حياتنا
وهنا تأتي اللحظة الحاسمة ، اللحظة التي يقرّر فيها " فرمتة كاملة للقرص الصّلب في دماغه " كي يعيد صياغة مفاهيم هذه المعاني من جديد

شكرا جزيلا
 
فعلا يستلزم ترتيب الأفكار و الأوليات لكل خطوة نقوم بها في حياتنا
وهنا تأتي اللحظة الحاسمة ، اللحظة التي يقرّر فيها " فرمتة كاملة للقرص الصّلب في دماغه " كي يعيد صياغة مفاهيم هذه المعاني من جديد

شكرا جزيلا


الشكر موصول لك طيور الجنة
تحياتي


http://mohtemmar.maktoobblog.com
 
gzak.gif
 
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom