اسرار الصوم وفوائده

عصام ابو عماد

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
24 أفريل 2010
المشاركات
1,658
نقاط التفاعل
92
النقاط
37
العمر
39

[font=&quot]الحمدُ للهِ المُوفِقِ المُعِينِ، إياهُ نعبدُ وإياهُ نستعينُ، منجزِ الوعدِ بالنصرِ لعبادهِ المؤمنين، منزلِ السكينةِ على الصابرين المخلصين، والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لآثارهم في نُصْرَة الدين إلى يوم الدين، أما بعد: [/font]

[font=&quot]فإن لكل عبادة في الإسلام حِكمة ً أو حِكَماً يظهر بعضها بالنص عليه، أو بأدنى عملٍ عقلي، وقد يخفي بعضُها إلا على المتأملين المتعمقين في التفكر والتدبر، والموفقين في الاستجلاء، والاستنباط. [/font]

[font=&quot]والحكمةُ الجامعةُ في العباداتِ كلِّها هي ت-زكيةُ النفوسِ، وتطهيرُها من النقائص، وتصفيتُها من الكُدُراتِ وإعدادُها للكمال الإنساني، وتقريبُها للملأ الأعلى، وتلطيفُ كثافَتِها الحيوانيةِ اللازمةِ لها من أصل الجِبِلَّة، وتغذيتُها بالمعاني السماوية الطاهرة؛ فالإسلام ينظر للإنسان على أنه كائنٌ وسطٌ ذو قابليةٍ للصفاء الملكي، والكدرِ الحيواني، وذو تركيبٍ يَجْمَعُ حَمَأ الأرضِ، وإشراقَ السماء، وقد أوتي العقل والإرادة والتمييز؛ ليسعد في الحياتين المنظورة والمذخورة، أو يشقى بهما. [/font]

[font=&quot]ولكل عبادة في الإسلام تُؤدَّى على وجهِها المشروعِ، أو بمعناها الحقيقي آثارٌ في النفوس، تختلف باختلاف العابدين في صدق التوجه، واستجماع الخواطر، واستحضار العلاقة بالمعبود. [/font]

[font=&quot]والعباداتُ إذا لم تعطِ آثارَها في أعمالِ الإنسان الظاهرة فهي عبادة مدخولة أو جسم بلا روح. [/font]

[font=&quot]وما قست قلوبُ المسلمين،ولا تقاعسوا عن أداء واجبهم، فكانوا عرضة لغزو أعدائهم في شتى الميادين - إلا بسبب بعدهم عن هِدَاية دينهم، وقلةِ تأثرهم بما يكررون قَوْلَه وفِعْلَه من أركان الإسلام، وشعائره، مما جعلها عند كثير منهم بمثابة العادات. [/font]

[font=&quot]ولو أنهم تأثروا بما يقولون ويفعلون تأثراً صحيحاً لتغير وجه الأرض، ولملأوها بجمال الحق بدلاً من شغب الباطل. [/font]

[font=&quot]هذا وإن للصوم حكماً باهرة وأسراراً بديعة، وآثاراً عظيمة على الفرد والجماعة. [/font]

[font=&quot]وقد كان يكفي في الحث على الصيام، والدعوة إليه أن يقال للمسلم: إن الله يأمرك بالصيام دون ذكرٍ لفوائد الصيام، وآثاره، وحكمه، وأسراره؛ ذلك أن الصومَ تشريعٌ ربانيٌّ إلهيٌّ، صادرٌ عن الرب بمقتضى ربوبيته، وألوهيته، فله-عز وجل-أن يكلِّفَ عباده بما شاء، وعليهم طاعةُ أمرِه، واجتنابُ نهيِه. [/font]

[font=&quot]وَلَكنَّ الحاجةَ تدعو إلى بيان بعض الأسرار، والحِكَم، والفوائد و الآثار التي ينطوي عليها شهر الصوم؛ ذلك أن الله-عز وجل-علمنا في آيات كثيرة من كتابه المبين أسرارَ تشريعه،وفوائدَه؛شحذاً للأذهان أن تفكر وتعمل، وإيماءاً إلى أن هذا التشريعَ الإلهيَّ الخالدَ لم يقم إلا على ما يحقق للناس مصلحة، أو يدفع عنهم ضرراً، وليزداد إقبال النفوس على الدين قوة إلى قوة. [/font]

[font=&quot]انظروا إلى قوله - تعالى - حين يعلمنا آداب الاستئذان في البيوت كيف يختم ذلك بقوله:(هُوَ أَزْكَى لَكُمْ). [/font]

[font=&quot]بل إن الله - تعالى - حين أمرنا بالصيام ذَكَرَ حكمتَهُ وفائدتَه الجامعةَ بكلمة واحدة من كلامه المعجز، فقال-عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)). [/font]

[font=&quot]فالتقوى هي الحكمة الجامعة من تشريع الصيام. [/font]

[font=&quot]بل انظروا إلى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-عن آداب الصائم: "إنما الصوم جنة - أي وقاية - فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، ولا يجهل" الحديث متفق عليه. [/font]

[font=&quot]فقد قدم الحكمة من الصيام ثم بين آدابه؛ ليكون أوقع في النفس، وأعمق أثراً. [/font]

[font=&quot]وما دام الإسلام لا يتنكَّر للعقل، ولا يخاطب الناس إلا بما يتفق مع التفكير السليم، والمنطق القويم ولا يأمر من التشريع بشيء إلا إذا كانت المصلحة تحتِّم العمل به أو تركه-لم يكن علينا من حرجٍ حين ننظرُ في أسرار التشريع وبيان فوائده. [/font]

[font=&quot]وما برح الناسُ في كل عصر يرون من فوائد التشريع ما يتفق مع تفكيرهم، ومصالحهم. [/font]

[font=&quot]وهذا دليل على أن وراء هذا التشريع رباً حكيماً، أحسن كل شيء خَلْقَهُ ثم هدى. [/font]

[font=&quot]فإذا وفَّقَ الله في مثل هذه الأحاديث أن تُشرح صدور المؤمنين لفريضة الصيام، ويُبَيَّن لهم شيء من حكم الصيام وأسراره وآثاره كان ذلك سبباً كبيراً لأن يُؤتَى بالصيام على وجهه الأكمل. [/font]

[font=&quot]معاشر الصائمين ينفرد الصوم من بين العبادات بأنه قمعٌ للغرائز عن الاسترسال في الشهوات، التي هي أصل البلاء على الروح والبدن، وفطمٌ لأمهات الجوارح عن أمهات الملذات. [/font]

[font=&quot]ولا مؤدِّبَ للإنسان كالكبح لضراوة الغرائز فيه، والحدِّ من سلطان الشهوات عليه. [/font]

[font=&quot]بل هو في الحقيقة نصرٌ له على هذه العوامل التي تُدَسِّي نفسه، وتبعده عن الكمال. [/font]

[font=&quot]وكما يحسن في عُرْف التربية أن يؤخذ الصغيرُ بالشدة في بعض الأحيان، وأن يعاقب بالحرمان من بعض ما تمليه إليه نفسه-فإنه يجب في التربية الدينية للكبار المكلفين أن يؤخذوا بالشدة في أحيان متقاربة كمواقيت الصلاة (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ). [/font]

[font=&quot]أو متباعدة كشهر رمضان، فإنه لا يأتي إلا بعد أحد عشر شهراً كلها انطلاق في الشهوات، وإمعانُ فيها، واسترسال مع دواعيها. [/font]

[font=&quot]وإن شهراً في التقييد الجزئي بعد أحد عشر شهراً من الانطلاق الكلي لقليل، وإن جزءاً من اثني عشر جزءاً في حكم المقارنات النسبيبة - ليسير. [/font]

[font=&quot]ولكنه يسر الإسلام الذي ليس بعده يسر، وسماحته التي ما بعدها سماحة. [/font]

[font=&quot]إن في الصوم جوعاً للبطن، وشبعاً للروح، وإضواءاً للجسم، وتقوية للقلب، وهبوطاً باللذة، وسمواً بالنَّفْس. [/font]

[font=&quot]في الصوم يجِدُ المؤمنُ فراغاً لمناجاة ربه، والاتصال به، والإقبال عليه، والأنس بذكره، وتلاوة كتابه. [/font]

[font=&quot]هذه بعضُ أسرارِ الصومِ وآثارِه، وهذا هو ماكان يفهمه السلفُ الصالحُ من معاني الصوم، وبذلك كانوا معجزة الإسلام في الثبات على الحق، والدعوة إليه، والتخلق به، فلم تر الإنسانية من يضاهيهم بسمو أنفسهم، ونبل غاياتهم، وبعد هممهم، وإشراقةِ أرواحهم، وهدايةِ قلوبهم، وحسنِ أخلاقهم. [/font]

[font=&quot]أفليست الإنسانية اليوم بأمسِّ الحاجة إلى مثل ذلك الجيل أو ما يقاربه؟ بل أليست مجتمعات المسلمين بحاجة إلى مثل تلك النفوس؟[/font]

[font=&quot]بلى ثم بلى ثم بلى. [/font]

[font=&quot]اللهم أفِضْ علينا من جودك وكرمك، ولا تحرمنا بركاتِ هذا الشهرِ الكريم، واجعل لنا منه أوفر الحظ والنصيب، واجعلنا ممن صامه وقامه إيماناً واحتساباً. [/font]
[font=&quot]إن الإسلامَ دينُ تربيةٍ للملكات، والفضائل والكمالات، فهو يَعُد المسلم تلميذاً ملازماً في مدرسة الحياة دائماً فيها، دائباً عليها، يتلقى فيها ما تقتضيه طبيعتُه من نقصٍ وكمال، وما تقضيه طبيعتُها من خيرٍ وشر. [/font]

[font=&quot]ومن ثَمَّ فهو يأخذهُ أخذَ المربي في مزيج من الرفق والعنف بامتحانات دورية متكررة، لا يخرج من امتحان إلا ليدخل في امتحان آخر، وفي هذه الامتحانات من الفوائد للمسلم ما لا يوجد عشرُه، ولا مِعْشاره في الامتحانات المدرسية المعروفة. [/font]

[font=&quot]وامتحاناتُ الإسلام تتجلى في هذه الشعائر المفروضةِ على المسلم، تلك الشعائر التي شرعت للتربية، والتزكية، والتعليم، لا ليضيَّق بها على المسلم، ولا لِيُجْعل عليه في الدين من حرج، ولكنَّ الإسلامَ يريد ليطهرَه بها، وينميَ ملكاتِ الخيرِ والرحمةِ فيه، وليقويَ إرادتَه وعزيمتَه في الإقدام على الخير، والإقلاع عن الشر، ويروضَه على الفضائل الشاقة كالصبر والثبات،والحزم، والعزم، والنظام، وليحرِرَه من تعبِّد الشهوات له، ومَلكِ-ها لعنانه. [/font]

[font=&quot]وفي كل فريضةٍ من فرائض الإسلام امتحانٌ لإيمان المسلم، وعقله، وإرادته، غيرَ أن الصيامَ أعسرُها امتحاناً؛ لأنه مقاومة عنيفة لسلطان الشهوات الجسمية، فعليه تروَّض النفوس المطمئنة، وبه تروض النفوس الجامحة، فمدتُه شهرٌ قمريٌّ متتابعُ، وصورتُهُ الكاملةُ فطمٌ عن شهوات البطن، والفرج، واللسان، و الأذن، والعين. [/font]

[font=&quot]وكلَّ ما نقص من أجزاء ذلك الفطام فهو نقصٌ في حقيقة الصيام، كما جاءت بذلك الآثار عن صاحب الشريعة، وكما تقتضيه الحكمةُ الجامعةُ من معنى الصوم. [/font]

[font=&quot]قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه:"الصوم جنة".[/font]

[font=&quot]أي وقاية، ففي الصومِ وقايةٌ من المأثم، ووقايةٌ من الوقوع في عذاب الآخرة، ووقاية من العلل والأدواء الناشئة عن الإفراط في تناول الملذات. [/font]

[font=&quot]إذا المرء لم يتركْ طعاماً يُحِبُّهُ *** ولم يَنْهَ قلباً غاوياً حيث يمما[/font]​
[font=&quot]فيوشك أن تلقى له الدهرَ سُبَّةً *** إذا ذُكِرَتْ أمثالهُا تملأ الفمـا[/font]​

[font=&quot]فلا يتوهمِ المسلمُ أن حقيقةَ الصومِ إمساكٌ عن بعض الشهوات في النهار ثم يعقبه انهماكٌ في جميع الشهوات في الليل؛ فإن الذي نشاهده من آثار هذا الصوم إجاعةُ البطنِ،وإظماءُ الكبدِ، وفتورُ الأعضاءِ وانقباضُ الأساريرِ،وبذاءة ُ اللسانِ، وسرعةُ الانفعالِ، واتخاذُ الصومِ شفيعاً فيما لا يُحَبُّ من الجهر بالسيئ من القول، وعذراً فيما تَبْدُرُ به البوادرُ من اللِّجاج والخصام، والأيمان الفاجرة. [/font]

[font=&quot]كَلا إن الصومَ لا يَكْمُل، ولا تَتِمُ حقيقتُه، ولا تظهر حِكَمُهُ، ولا آثاره - إلا بالفطام عن جميع الشهوات الموزعةِ على الجوارح؛ فللأذن شهواتٌ في الاستماع، وللعين شهوات من مدِّ النظر وتسريحه، وللِّسان شهواتٌ في الغيبة والنميمة ولذاتٌ في الكذب، واللغو. [/font]

[font=&quot]وإن شهواتِ اللسانِ لَتربو على شهوات الجوارح كلها، وإن له لضراوةً بتلك الشهوات لا يستطيع حَبْسَهُ عنها إلا الموفقون من أهل العزائم القوية. [/font]

[font=&quot]أيها الصائمون الكرام: صومُ رمضان محكٌّ للإرادات النفسية، وقمعٌ للشهوات الجسمية،ورمزٌ للتعبد من صورته العليا، ورياضةٌ شاقةٌ على هجر اللذائذ والطيبات، وتدريبٌ منظمٌ على حملِ المكروه من جوع وعطش،ونطقٍ بحقٍّ،وسكوتٍ عن باطل. [/font]

[font=&quot]والصومُ درسٌ مفيدٌ في سياسة المرء لنفسه، وَتَحكُّمِهُ في أهوائه، وضبطِه بالجد لنوازع الهزل، واللغو، والعبث. [/font]

[font=&quot]وهو تربيةٌ عمليةٌ لخلُقِ الرحمةِ بالعاجز المعدم؛ فلولا الصيامُ لما ذاق الأغنياء الواجدون ألمَ الجوع، ولما تصوروا ما يفعله الجوعُ بالجائعين. [/font]

[font=&quot]وفي الإدراكاتِ النفسيةِ جوانبُ لا يغني فيها السماعُ عن الوَجَدان؛ فلو أن جائعاً ظل وبات على الطَّوى خمس ليال، ووقف خمساً أخرى يصور للأغنياء البِطَانِ ما فعله الجوعُ بأمعائه وأعصابه، وكان حالُه أبلغَ في التعبير من مقاله-لما بلغ في التأثير فيهم ما تبلغه جوعةٌ واحدة ٌ في نفس غنيٍّ مترف. [/font]

[font=&quot]ولذلك كان نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- أجودَ الناس،وكان أجودَ ما يكون في رمضان،حين يدارسه جبريل القرآن،فلرسولُ الله أجودُ بالخير من الريح المرسلة. [/font]

[font=&quot]أيها الصائمون الكرام: رمضان نفحاتٌ إلهيةٌ تَهُبُّّّ على العالم الأرضي في كل عام قمريٍّ مرةً، وصفحةٌ سماويةٌ تتجلى على أهل الأرض فتجلو لهم من صفات الله عطفَه وبرَّه، ومن لطائف الإسلام حِكمتَه وسرَّه؛ فلينظرِ المسلمون أين حظهم من تلك النفحة، وأين مكانُهم من تلك الصفحة. [/font]

[font=&quot]ورمضانُ مستشفى زمانيِّ يجد فيه كل مريض دواءَ دائه، حيث يستشفي فيه مرضى البخلِ بالإحسان، ومرضى البِطْنةِ بالجوع والعطش، ومرضى الخصاصةِ والجوع بالكفاية والشِّبَع. [/font]

[font=&quot]شهرُ رمضانَ عند الأَيْقاظ المُتَذَكِّرين شهرُ التجلياتِ الرحمانية على القلوب المؤمنة، ينضحها بالرحمة، ويفيض عليها بالرَّوح، ويأخذها بالمواعظ، فإذا هي كأعواد الربيع جِدَّةً ونُضْرَةً، وطراوة ًوخُضْرةً. [/font]

[font=&quot]ولحكمةٍ ما كان شهراً قمرياً لا شمسياً، ليكون ربيعاً للنفوس، متنقلاً على الفصول، فيروِّض النفوس على الشدة في الاعتدال، وعلى الاعتدال في الشدة. [/font]

[font=&quot]ثم إن رمضانَ يحرك النفوسَ إلى الخير، ويسكِّنها عن الشر، فتكون أجود بالخير من الريح المرسلة، وأبعد عن الشر من الطفولة البريئة. [/font]

[font=&quot]ورمضانُ يطلق النفوسَ من أسر العادات، ويحررُها من رق الشهوات، ويجتث منها فسادَ الطباع، ورعونةَ الغرائز، ويطوفُ عليها في أيامه بمحكمات الصبر، وَمُثبِّتات العزيمة، وفي لياليه بأسباب الاتصال بالله، والقرب منه. [/font]

[font=&quot]ثم إن الصومَ ينمِّي في النفوس رعايةَ الأمانة، والإخلاصَ في العمل، وألا يراعى فيه غيرُ وجهِ الله-تعالى-.[/font]

[font=&quot]وهذه فضيلةٌ عظمى تقضي على رذائل المداهنة والرياء والنفاق. [/font]

[font=&quot]والصومُ من أكبر الحوافز لتحقيق التقوى، وأحسنِ الطرق الموصلة إليها؛ ولهذا السر خُتِمتْ آياتُ الصومِ بقوله -تعالى-: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). [/font]

[font=&quot]شهرُ الصيام يربي في النفوس مكارمَ الأخلاقِ، ومحاسنَ الأعمالِ، فيبعثها إلى بر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الأهل والجيران. [/font]

[font=&quot]ومن أثر الصيام على النفوس حصولُ الصحة العامة بجميع معانيها، ففيه صحةٌ بدنيةٌ حسيةٌ، وفيه صحةٌ روحيةٌ معنويةٌ، وفيه صحةٌ فكريةٌ ذهنية. [/font]

[font=&quot]فالصحة البدنية تأتي من كون الصيام يقضي على المواد المترسبة في البدن، ولا سيما أبدان أولي النَّعمة والنَّهْمة والتُّخمة وقليلي العمل والحركة؛ فقد قال الأطباء: إن الصيام يحفظ الرطوباتِ الطارئةَ، ويطهر الأمعاءَ من فساد السموم التي تحدثها البِطْنة، ويحول دون كثرةِ الشحوم التي لها خطرها على القلب، فهو كتضمير الخيل الذي يزيدها قوةً على الكر والفر. [/font]

[font=&quot]وأما الصحةُ المعنويةُ فكما تقدم من أن الصوم من أعظم ما تصح به القلوب، وتزكو به الأرواح. [/font]

[font=&quot]وأما الصحة الفكرية فتأتي من أثر الصيام الصحيح، حيث يحصل به حسنُ التفكير، وسلامةُ النظرةِ، والتدبرُ في أمر الله ونهيه وحكمته. [/font]

[font=&quot]وبذلك يصح للصائم تفكيرُه،ويستنير بنور ربه، ويستجيب لنداءاته، ويحقق طاعته، فيخرج من صيامه بنفس جديدة، وفكر نيِّر،يسلم به من وصف البهيمية، ويصعد في مراتب السعادة والسيادة درجات. [/font]

[font=&quot]أيها الصائمون الكرام: هذه بعض أسرار الصوم في النفوس؛ فجدير بالصائم أن يستحضر هذه المعاني، وأن يكون له من صيامه أوفر الحظ والنصيب، وألا يفعل بعد إفطاره، أو نهاية شهره ما يُخِلُّ بهذه القوة أو يوهِنُها، فَيهدِم في ليله ما بناه في نهاره، وفي نهاية شهره ما بناه في شهره؛ فما أسعد الصائم، وما أحزمه لو اغتنم شهر الصيام، وجعله مدرسةً يتدرب فيها على هجر مألوفاته التي اعتاد عليها. [/font]

[font=&quot]وإنْ هو عكس الأمرَ، فصار يتأفف على ما حَرَمَهُ منه الصيامُ، ويتلهف لساعة الإفطار؛ ليسارع إلى تناول مألوفاته، المضرَّةِ به، فقد ضيع الحزمَ والعزمَ، وبرهن على خوره، وضعف نفسه، وقلةِ فائدته من صيامه. [/font]

[font=&quot]هذه صورة عامة مجملة،وإشارات سريعة عابرة لبعض الحكم والآثار والأسرار التي ينطوي عليها شهر الصيام. [/font]

[font=&quot]اللهم أعنا على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد.[/font]
 
السلام عليكم وبارك الله فيكم

والله موضوع مفيد ماشاء الله

إلى أنه ورغم كل ماإحتواه لزال ينقصه الكثير الكثير

فهو شهر رمضان وأي شهر هذا

بوركت على ماجمعت لنا

ولك سلامي
 
thanks5.gif
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top