حكم إعفاء اللحية

أم انس عبد الله

:: عضو مُتميز ::
إنضم
5 أفريل 2010
المشاركات
587
نقاط التفاعل
589
النقاط
31
العمر
30
مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز
[font=traditional arabic,serif]حكم إعفاء اللحية[font=traditional arabic,serif]
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه . أما بعد .
فقد سألني بعض الإخوان عن الأسئلة التالية :
1 - هل تربية اللحية واجبة أو جائزة .
2 - هل حلقها ذنب أو إخلال بالدين .
3 - هل حلقها جائز مع تربية الشنب .
والجواب عن هذه الأسئلة : أن نقول : صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أحفوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين » (1) وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « جزوا الشوارب وارخوا اللحى خالفوا المجوس » (2) .
وخرج النسائي في سننه بإسناد صحيح عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من لم يأخذ من شاربه فليس منا » (3) قال العلامة الكبير والحافظ الشهير أبو محمد ابن حزم : ( اتفق العلماء على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض . ا . هـ . )
والأحاديث في هذا الباب وكلام أهل العلم - فيما يتعلق بإحفاء الشوارب وتوفير اللحى وإكرامها وإرخائها - كثير لا يتيسر استفصاء الكثير منه في هذه الكلمة ومما تقدم من الأحاديث وما نقله ابن حزم من الإجماع يعلم الجواب
__________
(1) صحيح البخاري اللباس (5554),صحيح مسلم الطهارة (259),سنن الترمذي الأدب (2763),سنن النسائي الطهارة (15),سنن أبو داود الترجل (4199),مسند أحمد بن حنبل (2/16),موطأ مالك الجامع (1764).
(2) صحيح مسلم الطهارة (260),مسند أحمد بن حنبل (2/366).
(3) سنن الترمذي الأدب (2761),سنن النسائي الزينة (5047).

(3/362)
[font=traditional arabic,serif]عن الأسئلة الثلاثة . وخلاصته أن تربية اللحية وتوفيرها إرخاءها فرض لا يجوز تركه; لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك وأمره على الوجوب , كما قال الله عز وجل: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } (1)
وهكذا قص الشارب واجب وإحفاؤه أفضل أما توفيره أو اتخاذ الشنبات فذلك لا يجوز; لأنه يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم : « قصوا الشوارب » (2) « أحفوا الشوارب » (3) « جزوا الشوارب » (4) « من لم يأخذ من شاربه فليس منا » (5) وهذه الألفاظ الأربعة كلها جاءت في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي اللفظ الأخير وهو قوله صلى الله عليه وسلم « من لم يأخذ من شاربه فليس منا » (6) وعيد شديد وتحذير أكيد , وذلك يوجب للمسلم الحذر مما نهى الله عنه ورسوله، والمبادرة إلى امتثال ما أمر الله به ورسوله . ومن ذلك يعلم أيضا أن إعفاء الشارب واتخاذ الشنبات ذنب من الذنوب ومعصية من المعاصي , وهكذا حلق اللحية وتقصرها من جملة الذنوب والمعاصي التي تنقص الإيمان وتضعفه ويخشى منها حلول غضب الله ونقمته .
وفي الأحاديث المذكورة آنفا الدلالة على أن إطالة الشوارب وحلق اللحى وتقصيرها من مشابهة المجوس والمشركين ، وقد علم أن التشبه بهم منكر لا يجوز فعله; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « من تشبه بقوم فهو منهم » (7) وأرجوا أن يكون في هذا الجواب كفاية ومقنع .
والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
__________
(1) سورة الحشر الآية 7
(2) صحيح البخاري اللباس (5552),صحيح مسلم الطهارة (257),سنن الترمذي الأدب (2756),سنن النسائي الزينة (5225),سنن أبو داود الترجل (4198),سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (292),مسند أحمد بن حنبل (2/229),موطأ مالك الجامع (1709).
(3) صحيح البخاري اللباس (5554),صحيح مسلم الطهارة (259),سنن الترمذي الأدب (2763),سنن النسائي الطهارة (15),سنن أبو داود الترجل (4199),مسند أحمد بن حنبل (2/16),موطأ مالك الجامع (1764).
(4) صحيح مسلم الطهارة (260),مسند أحمد بن حنبل (2/366).
(5) سنن الترمذي الأدب (2761),سنن النسائي الزينة (5047).
(6) سنن الترمذي الأدب (2761),سنن النسائي الزينة (5047).
(7) سنن أبو داود اللباس (4031).

(3/363)
[font=traditional arabic,serif]وجوب إعفاء اللحية[font=traditional arabic,serif]
س : سائل من المملكة المغربية , أرسل سؤالا واحدا يقول فيه : هل يعد إعفاء اللحية من الأشياء التي يجب توافرها في المسلم؟ .
ج : يجب على المسلم توفير لحيته وإعفاؤها وإرخاؤها امتثالا لأمر سيد الأولين والآخرين ورسول رب العالمين محمد بن عبد الله عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم.
حيث قال صلى الله عليه وسلم : « قصوا الشوارب ، وأعفوا اللحى , خالفوا المشركين » (1) متفق على صحته من حديث ابن عمر رضي الله عنهما . وقال صلى الله عليه وسلم: « جزوا الشوارب وأرخوا اللحى , خالفوا المجوس » (2) خرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
ومعلوم أن الخير كله في الدنيا والآخرة إنما يتحقق بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه , وأن الشر كله في معصية الله ورسوله واتباع الهوى والشيطان , قال تعالى : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } (3) وقال تعالى : { فَأَمَّا مَنْ طَغَى } (4) { وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } (5) { فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى } (6) { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى } (7) { فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى } (8) وذم سبحانه المشركين لاتباعهم الظن والهوى , فقال عز وجل في سورة النجم : { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى } (9)
__________
(1) صحيح البخاري اللباس (5552),صحيح مسلم الطهارة (257),سنن الترمذي الأدب (2756),سنن النسائي الزينة (5225),سنن أبو داود الترجل (4198),سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (292),مسند أحمد بن حنبل (2/229),موطأ مالك الجامع (1709).
(2) صحيح مسلم الطهارة (260),مسند أحمد بن حنبل (2/366).
(3) سورة آل عمران الآية 31
(4) سورة النازعات الآية 37
(5) سورة النازعات الآية 38
(6) سورة النازعات الآية 39
(7) سورة النازعات الآية 40
(8) سورة النازعات الآية 41
(9) سورة النجم الآية 23

(3/364)
[font=traditional arabic,serif]وقال صلى الله عليه وسلم : « كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى " قيل: يا رسول الله : ومن يأبى؟" قال : " من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى » (1) . رواه البخاري في صحيحه .
والآيات والأحاديث في الأمر بطاعة الله ورسوله والنهي عن معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كثيرة جدا .
ونسأل الله أن يوفق المسلمين جميعا لطاعة ربهم وتوحيده والإخلاص له واتباع رسوله محمد صلى الله عليه وسلم والتمسك بما جاء به ؛ إنه سميع قريب .
__________
(1) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (6851),صحيح مسلم الإمارة (1835),مسند أحمد بن حنبل (2/361).

(3/365)
[font=traditional arabic,serif]جواب مهم يتعلق بحكم حلق اللحى
والمعاصي وهل تحبط بها الأعمال (1) .
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم رئيس تحرير جريدة عرب نيوز وفقه الله .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته , أما بعد :
فقد اطلعت على ترجمة ما جاء في جريدتكم عدد يوم الجمعة الموافق 24\2\1984 م صفحة 7 في الصفحة المخصصة للديانة جواب السؤال التالي الذي وردكم من س . ر . خان ص . ب . 7125 جدة وهذا نص السؤال : ( ما حكم الإسلام عن اللحية والشارب؟
هل يوجد عقاب معين بعد الوفاة للذي يحلق اللحية؟
هل حالق اللحية يفقد ثواب عبادته والأعمال الصالحة التي يأتي بها في حياته؟
فرأيت الجواب الذي نشرته الجريدة قاصرا وليس وافيا بالمطلوب والجواب الصحيح أن يقال : إن إعفاء اللحية وقص الشارب أمر مفترض من الشارع صلى الله عليه وسلم حيث قال :فيما صح عنه : « قصوا الشوارب واعفوا اللحى خالفوا المشركين » (2) متفق على صحته . وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس » (3) .
وهذان الحديثان الصحيحان وما جاء في معناهما كلها تدل على وجوب إعفاء اللحية وإرخائها وعدم التعرض لها بقص أو حلق , وعلى وجوب قص الشارب ولم يرد في ذلك عقوبة معينة ,
__________
(1) نشر في جريدة عرب نيوز في عام 1404 هـ
(2) صحيح البخاري اللباس (5552),صحيح مسلم الطهارة (257),سنن الترمذي الأدب (2756),سنن النسائي الزينة (5225),سنن أبو داود الترجل (4198),سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (292),مسند أحمد بن حنبل (2/229),موطأ مالك الجامع (1709).
(3) صحيح مسلم الطهارة (260),مسند أحمد بن حنبل (2/366).

(3/366)
[font=traditional arabic,serif]ولكن الواجب على المسلم أن يمتثل أمر الله سبحانه وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم , وأن ينتهي عما نهى الله عنه ورسوله ولو لم يرد في ذلك عقاب معين .
ويجز لولي الأمر أن يعاقب من خالف الأوامر والنواهي بما يراه من العقوبات الرادعة فيما دون عقوبات الحدود ردعا للناس عن ارتكاب محارم الله والتعدي على حدوده .
وقد ثبت عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال : إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ، ومن مات على ذلك فهو تحت مشيئة الله كسائر المعاصي إن شاء غفر له وإن شاء سبحانه عاقبه بما يستحق على ما فعله من المعاصي , ومن جملة ذلك حلق اللحى وإطالة الشوارب . قال الله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } (1) وقد دلت هذه الآية الكريمة على أن جميع الذنوب التي دون الشرك تحت مشيئة الله سبحانه , وهذا هو قول أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سلك مسلكهما من أهل البدع ، وبذلك يعلم أن حلق اللحى وإطالة الشوارب وغيرهما من المعاصي التي دون الشرك لا تحبط الأعمال الصالحة ولا تبطل ثوابها ولكنها تنقص الإيمان وتضعفه وإنما تحبط الأعمال بالشرك وأنواع الكفر الأكبر لا بالمعاصي كما قال الله سبحانه : { وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (2) وقال :عز وجل { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } (3) والآيات في هذا المعنى كثيرة .
ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
__________
(1) سورة النساء الآية 48
(2) سورة الأنعام الآية 88
(3) سورة الزمر الآية 65

(3/367)
[font=traditional arabic,serif]حكم حلق اللحية في حق العسكري[font=traditional arabic,serif]
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ ... المكرم وفقه الله , آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته , بعده :
كتابكم المؤرخ 4 \ 8 \ 1395 هـ وصل وصلكم الله بهداه وما تضمنه من الأسئلة كان معلوما , وهذا نصها وجوابها .
الأول : ما حكم حلق اللحية في حق العسكري الذي يؤمر بذلك وما حكم من قال في حق المحلوق: أنه مخنث .
والجواب : حلق اللحية لا يجوز وهكذا قصها; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين » (1) وقوله عليه الصلاة والسلام : « جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس » (2) والواجب على المسلم طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء; لقول الله سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } (3) الآية .
وأولي الأمر هم : الأمراء والعلماء , والواجب طاعتهم فيما يأمرون به ما لم يخالف الشرع فإذا خالف الشرع ما أمروا به لم تجب طاعتهم في ذلك الشيء; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « إنما الطاعة في المعروف » (4) وقوله عليه الصلاة والسلام: « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق » (5)
__________
(1) صحيح البخاري اللباس (5552),صحيح مسلم الطهارة (257),سنن الترمذي الأدب (2756),سنن النسائي الزينة (5225),سنن أبو داود الترجل (4198),سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (292),مسند أحمد بن حنبل (2/229),موطأ مالك الجامع (1709).
(2) صحيح مسلم الطهارة (260),مسند أحمد بن حنبل (2/366).
(3) سورة النساء الآية 59
(4) صحيح البخاري الأحكام (6726),صحيح مسلم الإمارة (1840),سنن النسائي البيعة (4205),سنن أبو داود الجهاد (2625),مسند أحمد بن حنبل (1/82).
(5) صحيح البخاري أخبار الآحاد (6830),صحيح مسلم الإمارة (1840),سنن النسائي البيعة (4205),سنن أبو داود الجهاد (2625),مسند أحمد بن حنبل (1/94).

(3/368)
[font=traditional arabic,serif]وحكومتنا بحمد الله لا تأمر الجندي ولا غيره بحلق اللحية , وإنما يقع ذلك من بعض المسئولين وغيرهم , فلا يجوز أن يطاعوا في ذلك , والواجب أن يخاطبوا بالتي هي أحسن وأن يوضح لهم أن طاعة الله ورسوله مقدمة على طاعة غيرهما .
أما قول بعض الوعاظ : أن حالق لحيته مخنث , فهذا كلام قاله بعض العلماء المتقدمين ومعناه المتشبه بالنساء; لأن التخنث هو : التشبه بالنساء , وليس معناه أنه لوطي كما يظنه بعض العامة اليوم , والذي ينبغي للواعظ وغيره أن يتجنب هذه العبارة لأنها موهمة فإن ذكرها فالواجب بيان معناها حتى يتضح للسامعين مراده , وحتى لا يقع بينه وبينهم ما لا تحمد عقباه , ولأن المقصود من الوعظ والتذكر هو إرشاد المستمعين وتوجيههم إلى الخير وليس المقصود تنفيرهم من الحق وإثارة غضبهم .

(3/369)
[font=traditional arabic,serif]الثاني : ما حكم شرب الدخان وهل هو من جنس حلق اللحية .
والجواب : شرب الدخان من المحرمات; لكونه من الخبائث التي حرمها الله , ولأنه يشتمل على أضرار كثيرة والدليل على تحريمه قوله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ } (1) الآية , وقوله عز وجل في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ } (2) الآية , وقد فسر العلماء الطيبات بأنها الأطعمة والأشربة المغذية النافعة التي لا ضرر فيها , ومعلوم أن الدخان ليس بهذا الوصف , بل هو من الخبائث الضارة المحرمة , وهو أعظم من حلق اللحى من بعض الوجوه وحلق اللحى أعظم منه من وجوه أخر; لأن حلق اللحية معصية ظاهرة يراها الناس في وجه صاحبها; ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإعفاء اللحى وإرخائها وتوفيرها وقص الشوارب وإحفائها .
__________
(1) سورة المائدة الآية 4
(2) سورة الأعراف الآية 157

(3/369)
[font=traditional arabic,serif]أما الدخان فقد يستتر به صاحبه ولا يطلع عليه الناس فليس مثل حلق اللحية لكنه أضر على البدن والعقل والمال من حلق اللحية ولأنه يؤذي من لم يعتده فهو منكر يضر صاحبه ويضر غيره برائحته الكريهة .
وبالجملة : فشرب الدخان وحلق اللحى كلاهما منكر ومضر بالمجتمع وسبب لفساد عظيم مع ما في ذلك من المخالفة الظاهرة للشريعة الإسلامية ومع ما في ذلك أيضا من المضار الاقتصادية , ولأن ذلك أيضا قد يفضي إلى تأسي ذرية من يفعل ذلك وأهل بيته وأصدقائه به في هذه المعصية .

(3/370)
[font=traditional arabic,serif]حكم إعفاء اللحية
س : أعفيت لحيتي والحمد لله , والآن كلما واجهني أحد من أهلي أو معارفي استنكروا لحيتي ورموني بكلمات جارحة وطلبوا مني تقصيرها وأنا مصمم على إعفائها , هل يجوز تقصيرها أم أواظب على إعفائها , وأضرب بكلامهم عرض الحائط؟
جـ : الواجب عليك أن تستمر في إعفائها وإرخائها طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وامتثالا لأمره وأن تضرب بكلامهم عرض الحائط , وأن تنكر عليهم كلامهم وتذكرهم بالله وأن هذا لا يجوز لهم بل عملهم هذا في الحقيقة نيابة عن الشيطان؛ لأنهم بهذا صاروا نوابا له يدعون إلى معاصي الله , نسأل الله العافية , والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : « قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين » (1) ويقول : « جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس » (2) ويقول : « وفروا اللحى » (3) فالواجب إرخاؤها وإعفاؤها وتوفيرها وعدم طاعة كل من يدعو إلى قصها أو حلقها , نسأل الله السلامة , وهذا مصداق الحديث : أنه يأتي في آخر الزمان شياطين يدعون إلى عصيان الله وإلى ارتكاب محارمه وقد جاء في حديث حذيفة رضي الله عنه المتفق على صحته لما سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الشر الذي يقع بعده صلى الله عليه وسلم ذكر له أنه يقع بعد ذلك في آخر الأمة « دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا؟ قال :هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا » (4) .
نسأل الله العافية , فهؤلاء وأضرابهم من جنس من ذكرهم السائل فالواجب الحذر منهم وعدم الاستجابة إلى ما يدعون إليه مما يخالف الشرع المطهر, والله المستعان , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
__________
(1) صحيح البخاري اللباس (5552),صحيح مسلم الطهارة (257),سنن الترمذي الأدب (2756),سنن النسائي الزينة (5225),سنن أبو داود الترجل (4198),سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (292),مسند أحمد بن حنبل (2/229),موطأ مالك الجامع (1709).
(2) صحيح مسلم الطهارة (260),مسند أحمد بن حنبل (2/366).
(3) صحيح البخاري اللباس (5553),صحيح مسلم الطهارة (259),سنن الترمذي الأدب (2764),سنن أبو داود الترجل (4199).
(4) صحيح البخاري المناقب (3411),صحيح مسلم الإمارة (1847),سنن ابن ماجه الفتن (3979).

(3/371)
[font=traditional arabic,serif]وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها أو تقصيرها[font=traditional arabic,serif]
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه . وبعد :
فقد ورد إلي سؤال عن حكم حلق اللحية أو قصها وهل يكون من حلقها متعمدا معتقدا حل ذلك كافرا , وهل يقتضي حديث ابن عمر رضي الله عنهما وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها أم لا يقتضي إلا استحباب الإعفاء؟ .
الجواب : قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : « قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين » (1) متفق على صحته ورواه البخاري في صحيحه بلفظ : ( « قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين » (2) وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس » (3) وهذا اللفظ في الأحاديث المذكورة يقتضي وجوب إعفاء اللحى وإرخائها وتحريم حلقها وقصها لأن الأصل في الأوامر هو الوجوب والأصل في النواهي هو التحريم ما لم يرد ما يدل على خلاف ذلك وهذا هو المعتمد عند أهل العلم , وقد قال الله سبحانه : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } (4) وقال :عز وجل : { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (5)
__________
(1) صحيح البخاري اللباس (5552),صحيح مسلم الطهارة (257),سنن الترمذي الأدب (2756),سنن النسائي الزينة (5225),سنن أبو داود الترجل (4198),سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (292),مسند أحمد بن حنبل (2/229),موطأ مالك الجامع (1709).
(2) صحيح البخاري اللباس (5552),صحيح مسلم الطهارة (257),سنن الترمذي الأدب (2756),سنن النسائي الزينة (5225),سنن أبو داود الترجل (4198),سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (292),مسند أحمد بن حنبل (2/229),موطأ مالك الجامع (1709).
(3) صحيح مسلم الطهارة (260),مسند أحمد بن حنبل (2/366).
(4) سورة الحشر الآية 7
(5) سورة النور الآية 63

(3/372)
[font=traditional arabic,serif]قال الإمام أحمد رحمه الله : ( الفتنة : الشرك ) لعله إذا رد بعض قوله - يعني قول النبي صلى الله عليه وسلم - أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك ولم يرد في الكتاب ولا في السنة ما يدل على أن الأمر في هذه الأحاديث ونحوها للاستحباب , أما الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم « أنه كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها » (1) فهو حديث باطل عند أهل العلم; لأن في إسناده رجلا يدعى عمر بن هارون البلخي وهو متهم بالكذب , وقد انفرد بهذا الحديث دون غيره من رواة الأخبار مع مخالفته للأحاديث الصحيحة , فعلم بذلك أنه باطل لا يجوز التعويل عليه ولا الاحتجاج به في مخالفة السنة الصحيحة , والله المستعان .
ولا شك أن الحلق أشد في الإثم; لأنه استئصال للحية بالكلية ومبالغة في فعل المنكر والتشبه بالنساء,أما القص والتخفيف فلا شك أن ذلك منكر ومخالف للأحاديث الصحيحة ولكنه دون الحلق , أما حكم من فعل ذلك فهو عاص وليس بكافر ولو اعتقد الحل بنا على فهم خاطئ أو تقليد لبعض العلماء .
والواجب أن ينصح ويحذر من هذا المنكر; لأن حكم اللحية في الجملة فيه خلاف بين أهل العلم هل يجب توفيرها أو يجوز قصها , أما الحلق فلا أعلم أحدا من أهل العلم قال :بجوازه ولكن لا يلزم من ذلك كفر من ظن جوازه لجهل أو تقليد , بخلاف الأمور المحرمة المعلومة من الدين بالضرورة لظهور أدلتها فإن استباحتها كفر أكبر إذا كان المستبيح ممن عاش بين المسلمين , فإن كان ممن عاش بين الكفرة أو في بادية بعيدة عن أهل العلم فإن مثله توضح له الأدلة، فإذا أصر على الاستباحة كفر, ومن أمثلة ذلك الزنا والخمر ولحم الخنزير وأشباهها فإن هذه الأمور وأمثالها معلوم تحريمها من الدين بالضرورة
__________
(1) سنن الترمذي الأدب (2762).

(3/373)
[font=traditional arabic,serif]وأدلتها ظاهرة في الكتاب والسنة فلا يلتفت إلى دعوى الجهل بها إذا كان من استحلها مثله لا يجهل ذلك كما تقدم .
وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح , وأن يمنحنا الفقه في دينه والثبات عليه وأن يعيذنا جميعا من مضلات الفتن , إنه سميع قريب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

(3/374)
[font=traditional arabic,serif]رد على سؤال عن حكم اللحية[font=traditional arabic,serif] (1) .
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم . وفقه الله لما فيه رضاه , وزاده من العلم والإيمان وجعله مباركا أينما كان آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته , أما بعد :
فأرجو أنكم والأولاد ومن لديكم من خواص المسئولين في خير وعافية , أسبغ الله عليكم وافر نعمه , ووفقنا وإياكم لشكرها إنه خير مسئول، ثم أفيدكم أن مندوبكم ذكر لي أنكم ترغبون أن أكتب لكم في موضوع اللحية , وبناء على ذلك يسرني أن أخبركم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أعفى لحيته , وهكذا أصحابه رضي الله عنهم , وثبت عنه في الصحيحين أنه قال :: « قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين » (2) وروى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :: « وفروا اللحى وقصوا الشوارب خالفوا المشركين » (3) وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :: « جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس » (4) فهذه الأحاديث الصحيحة وما جاء في معناها كلها تدل على وجوب إعفاء اللحى وإرخائها وتوفيرها وعلى تحريم حلقها أو قصها .
وتعلمون حفظكم الله أن الواجب على المسلم امتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاعته أينما كان ومن أي جنس كان وعلى أي مستوى كان; لقوله سبحانه : { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } (5)
__________
(1) رد على خطاب خاص برقم 186 \ خ في 17 \ 2 \1407 هـ .
(2) صحيح البخاري اللباس (5552),صحيح مسلم الطهارة (257),سنن الترمذي الأدب (2756),سنن النسائي الزينة (5225),سنن أبو داود الترجل (4198),سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (292),مسند أحمد بن حنبل (2/229),موطأ مالك الجامع (1709).
(3) صحيح البخاري اللباس (5553),صحيح مسلم الطهارة (259),سنن الترمذي الأدب (2764),سنن أبو داود الترجل (4199).
(4) صحيح مسلم الطهارة (260),مسند أحمد بن حنبل (2/366).
(5) سورة النساء الآية 80

(3/375)
[font=traditional arabic,serif]وقوله عز وجل : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } (1) وقوله عز وجل : { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } (2) وقوله سبحانه : { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } (3)
والآيات في هذا الأمر كثيرة, فالواجب عليكم العناية بتوفير اللحية وإعفائها وإرخائها ونصيحة من حولكم بذلك وأمرهم بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في كل شيء وذلك هو طريق العزة والسعادة والنجاة والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة , وفقكم الله لما فيه صلاح دينكم ودنياكم ولما فيه صلاح العباد والبلاد , ونصر بكم دينه وأعانكم على كل خير إنه جواد كريم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
__________
(1) سورة الحشر الآية 7
(2) سورة النور الآية 54
(3) سورة النور الآية 56

(3/376)
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
[/font]
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top