السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد جمع بسيط من كتب العقيدة ومتون الأحاديث وشروحها، خرجت بهذه المعلومات في معنى الإحسان، وقد أكون أطلت، لما في الموضوع من كلام، لكنني حاولت أن أعنون وأرتب ما جمعته ليسهل الإنتفاع.
أولا: بعض الآيات الواردة في الإحسان:
قال تعالى: {ليْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (المائدة:93). قرن تعالى الإحسان في هذه الآية بالإيمان.
وقال تعالى: {بَلى مَنْ أَسْلمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} (البقرة: من الآية 112) قرنه بالإسلام.
وقوله: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} (لقمان: من الآية 22).
وقرنه تعالى بالتقوى فقال: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (النحل:128).
وذكره الله تعالى مفردا فقال: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (يونس: من الآية 26) .
ثانيا:الحديث الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في معنى الإحسان:
حديث عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه الرجل وسأله عن الإسلام ثم عن الإيمان ثم عن الإحسان ،فقال: "فأخبرني عن الإحسان، قال: " أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك "( رواه مسلم).
ثالثا:معنى الإحسان :
الإحسان: لغةً: فعل ما ينبغي أن يفعل من الخير.
أما اصطلاحا فهو: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. فهو التحقق بالعبودية على مشاهدة حضرة الربوبية بنور البصيرة، أي رؤية الحق موصوفًا بصفاته بعين صفته، فهو يراه يقينًا ولا يراه حقيقة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "كأنك تراه" .( التعريفات للجرجاني ص12).
رابعا: الشرح:
قوله صلى الله عليه وسلم في الجواب عن الإحسان: "أن تعبد الله كأنك تراه".
فقد جاء من الآيات الواردة فيه, مقرونا ومفردا ما فيه كفاية لطالب الهدى, وإنما أخر جبريل السؤال عنه في هذا الحديث, وإن كان ورد بعض الأحاديث توسطه؛ لأن الإحسان هو غاية كمال الإسلام والإيمان, بل هو المقوم إذ بعدمه يتطرق إلى أعمال الإسلام الظاهرة الرياء والشرك وإلى الإيمان النفاق, فيظهره رياء أو خوفا.
قال الله تعالى: {بَلى مَنْ أَسْلمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} (البقرة: من الآية 112) {ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا} (المائدة: من الآية 93) .
خامسا: حقيقة الإحسان: أن يعبد المؤمن ربه في الدنيا على وجه الحضور والمراقبة كأنه يراه بقلبه, وينظر إليه في حال عبادته, فإذا عبد الله تعالى على هذه الصفة أوجبت له النصح في العبادة, وبذل الجهد في تحسينها وإتمامها وإكمالها.
فلهذا كان جزاء من عبد مولاه على حالة كأنه فيها يراه النظر إلى الله يوم لقاه , ويشهد لذلك قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (يونس: من الآية 26)، فقد فسرت بالنظر إلى وجه الله الكريم في جنات النعيم, جزاء لأهل الإحسان بعد التفضل عليهم بدخول الجنان.(العقد الثمين في شرح أحاديث أصول الدين لابن أبي بكر بن غنام، ص55).
سادسا: من الأحاديث التي حثت على الإحسان:
عن أبي ذر قال: "أوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أخشى الله كأني أراه, فإن لم أكن أراه فإنه يراني. (جامع العلوم والحكم (1/126)).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض جسدي فقال: "اعبد الله كأنك تراه" .(خرجه النسائي في الرقاق من الكبرى (5/481)
وحديث زيد بن أرقم: "كن كأنك ترى الله, فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (رواه أبو نعيم في الحلية (8/202)
وغير ذلك من الأحاديث.
سابعا: خلاصة توضيح المعاني المتعلقة بالإيمان والإسلام والإحسان:
أَمَّا الْإِحْسَانُ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ وَأَخَصُّ مِنْ جِهَةِ أَهْلِهِ، وَالْإِيمَانُ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ وَأَخَصُّ مِنَ جِهَةِ أَهْلِهِ مِنَ الْإِسْلَامِ. فَالْإِحْسَانُ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِيمَانُ، وَالْإِيمَانُ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِسْلَامُ، وَالْمُحْسِنُونَ أَخَصُّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُؤْمِنُونَ أَخَصُّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَهَذَا كَالرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ، فَالنُّبُوَّةُ دَاخِلَةٌ فِي الرِّسَالَةِ، وَالرِّسَالَةُ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهَا وَأَخَصُّ مِنْ جِهَةِ أَهْلِهَا، فَكُلُّ رَسُولٍ نَبِيٌّ، وَلَا يَنْعَكِسُ.)شرح الطحاوية،ت: الأرناؤوط، (2/488).