مسابقة في العقيدة (المرحلة الأخيرة و الحاسمة)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان بودي ولا يزال أن أشارككم في بقية الأسئلة ، لأنني استفدت الكثير، لكن حكم الدراسة والتحضير لرسالة الماجستير يأخذ من وقتي الكثير، لكنني سأشارك متى وجدت نفسي قادرة.
بارك الله فيكم، وبالنسبة لاقتراح الأستاذ الفاضل : أبو ليث، فاختياري أن تزيد أكبر عدد من الأسئلة وخاصة تلك التي نحتاج من أجوبتها ما يفيدنا في حاضرنا، وبارك الله فيكم جميعا، ورفعكم درجات بهذا العمل الطيب.
 
معك يا أستاذنا الفاااضل
وزد ما أردت من الأسئلة حتى عشرين سؤالا ...
رغم أني مقيدة كثيرا في الآونة الاخيرة
بارك الرحمن بك وحفظك ورزقك من الخير من حيث لا تحتسب
موفق باذن الرحمن

 
إذا الزيادة بإجماع الاخوة و الأخوات ستكون عشرة أسئلة اضافية.
لم تخيبوا ظني فيكم، فأنتم أهل لكل خير.
وفقني الله و اياكم لسلوك سبيل مرضاته.
 
توقيع ابو ليث
السؤال التاسع: إلى كم ينقسم كل من الظلم والفسوق والنفاق ؟ ( مثل لكل قسم منها).
 
توقيع ابو ليث
بشرى:
مسابقة جديدة في الفقه الاسلامي.
subscribed.gif
مسابقة في الفقه (حالات خاصة لا يستغني عنها المرء المسلم).
نتمنى مشاركتكم أيها الأفاضل الكرام.
 
توقيع ابو ليث
س: إلى كم ينقسم كل من الظلم والفسوق والنفاق؟
ج: ينقسم كل منهما إلى قسمين: أكبر هو الكفر، وأصغر دون ذلك.
171

س: ما مثال كل من الظلم الأكبر والأصغر؟
ج: مثال الظلم الأكبر ما ذكره الله تعالى في قوله: { وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ } وقوله تعالى: { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } وقوله تعالى: { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ }. ومثال الظلم الذي دون ذلك ما ذكر الله تعالى بقوله في الطلاق: { وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } وقوله تعالى: { وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ }.
172

س: ما مثال كل من الفسوق الأكبر والأصغر؟
ج: مثال الفسوق ما ذكره الله تعالى بقوله: { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } وقوله تعالى: { إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } وقوله تعالى: { وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ }. ومثال الفسوق الذي دون ذلك قوله تعالى في القذفة: { وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } وقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } روي أنها نزلت في الوليد بن عقبة.
173

س: ما مثال كل من النفاق الأكبر والأصغر؟
ج: مثال النفاق الأكبر ما قدمنا ذكره في الآيات من صدر البقرة، وقوله تعالى: { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ } إلى قوله: { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ } الآيات، وقوله تعالى: { إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } وغير ذلك من الآيات. ومثال النفاق الذي دون ذلك ما ذكره النبي بقوله: «
آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان » [158] وحديث: « أربع من كن فيه كان منافقا » [159] الحديث.
اعلام السنة المنشورة للشيخ حافظ الحكمي
 
توقيع الطيب الجزائري84
إلى كم قسم ينقسم كل من الظلم والفسوق والنفاق .؟
ج – ينقسم كل منها إلى قسمين:
أكبر مخرج من الملة .
أصغر غير مخرج من الملة .






تعريف الظلم :
معناه: مجاوزة الحد، ووضع الشيء في غير موضعه

والظلم ينقسم إلى عدة أقسام:

الأول: ظلم العبد فيما يتعلق بجانب الله، وهو الشرك وهذا أعظمها.

الثاني: ظلم العبد لنفسه.

الثالث: ظلم العبد لإخوانه.


أما الظلم الذي يتعلق بجانب المولى تبارك وتعالى فهو أن تعبد غير الله، قال سبحانه وتعالى على لسان لقمان لابنه: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ* وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ {لقمان:12-13}، وفي البخاري وغيره، عن عبد الله قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله، قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قلت: إن ذلك لعظيم، قلت: ثم أي، قال: وأن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك، قلت: ثم أي، قال: أن تزاني حليلة جارك.

أما ظلم العبد لنفسه: فيدخل فيه الشرك والمعاصي، كبيرها وصغيرها، جليلها وحقيرها، فكل معصية فهي ظلم بحسبها على العبد،

وأما ظلم العبد لإخوانه فهو أن يأخذ من حقوقهم أو أعراضهم أو أموالهم أو دمائهم، ومن هذا يعلم أن من تعدى على حق الغير من مال أو عرض بأن اغتابه أو سبه أو بهته إلى غير ذلك من جميع المخالفات تجاه الآخرين فقد ظلمه.



س : ما مثال كل من الظلم الأكبر والأصغر .؟
مثال الظلم الأكبر المخرج من الملة قوله تعالى : (وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ)
وقوله تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)
وقوله تعالى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)

فهنا الظلم هو الظلم الأكبر مخرج من الملة وهذا إقتداءً لأن الله عز وجل حرم على الظالم الجنة وأدخله النار.

مثال للظلم الأصغر الذي لا يخرج من الملة قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا)
وقوله تعالى : ( وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)
فهنا الظلم لا يخرج من الملة بل هو فقط وصف لمن يفعل هذه الأشياء وينقص من إيمانهم .





معنى الفسق :

هو الخروج عن الطاعة وتجاوز الحد بالمعصية . والفسق يقع بالقليل من الذنوب إذا كانت كبائر ، وبالكثير ، لكن تعورف فيما كان كثيرا

والفسق أحيانا يكون بترك الفرائض ، ووأحيانا بفعل المحرمات .

والفسق أعم من الكفر؛ حيث إنه يشمل الكفر وما دونه من المعاصي كبائرها وصغائرها، وإذ أطلق يراد به أحياناً الكفر المخرج من الإسلام، وأحياناً يراد به الذنوب والمعاصي التي هي دون الكفر؛ بحسب درجة المعصية، وحال العاصي نفسه .

س : ما مثال كل من الفسوق الأكبر والأصغر ؟

قال الله تعالى: ( إن المنافقين هم الفاسقون) هنا الفسق المقصود هنا الفسق الأكبر المخرج من الملة وكذلك
قوله تعالى : ( إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه )
ففسق أبليس فسق أكبر.

وقوله تعالى : (وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ) الانبياء .
أما مثال الفسوق الأصغر قوله تعالى : (إن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)
فهنا الفسق المقصود ليس الفسق الأكبر المخرج من الملة ولكن فسق أصغر ينقص من إيمان صاحبه ولا ينفى الإيمان بالكلية عن صاحبه , فهذه الآية نزلت في الوليد ابن عقبة وهو من الصحابة .





س : ما مثال كل من النفاق الأصغر والأكبر؟

النفاق في الاصطلاح الشرعي : القول باللسان أو الفعل بخلاف ما في القلب من القول والاعتقاد

والنفاق نوعان :
النفاق الأكبر وردت فيه آيات كثيرة توضحه وتوضح حكم المنافقين مثال قوله تعالى : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً )
وقوله تعالى : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)
وقوله تعالى : (إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) وغير ذلك من الآيات .

والمنافقون أشد خطرا على المسلمين من المشركين لأن المشركين كفرهم ظاهر أما المنافقين فيظهرون الإيمان ويبطنون الكفر .

أصل النفاق ظهر بعد هجرت النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وكان رأسهم عبد بن أبَيْ بن سلول , والنفاق هنا مخرج من الملة ويجعل صاحبه في الدر الأسفل من النار , ويندرج تحت إسم النفاق أيضا :
1) من كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم
2) من كذب ببعض ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم .
3) بغض الرسول صلى الله عليه وسلم .
4) بغض بعض ما جاء به صلى الله عليه وسلم .
5) المسرة بانحفاض الدين .
6) الكراهية لانتصار دين رسول الله صلى الله عليه وسلم .



النوع الثاني :
هو النفاق الأصغر أو النفاق العملي أي أن يقع الشخص المسلم في بعض أعمال المنافقين مع استقرار الإيمان في قلبه ومن يفعل ذلك يكون فيه خصلة من خصال النفاق حتى يدعها , ولكن هذا لنوع قد يؤدي إلى النفاق الأكبر المخرج من الملة ومثال للنفاق الأصغر : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا اؤتمن خان ، وإذا وعد أخلف )

وقوله صلى الله عليه وسلم : (أربع من كن فيه كان منافقا ، أو كانت فيه خصلة من أربعة كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر)




جدول مقارنة ما بين النفاق الأصغر والأكبر :
c9i70997.jpg

 
السؤال التاسع: إلى كم ينقسم كل من الظلم والفسوق والنفاق ؟ ( مثل لكل قسم منها).

ينقسم كل منهما إلى قسمين :
أكبر هو الكفر ، وأصغر دون ذلك
تعريف الظلم :
معناه: مجاوزة الحد، ووضع الشيء في غير موضعه
والظلم ينقسم إلى عدة أقسام:
الأول: ظلم العبد فيما يتعلق بجانب الله، وهو الشرك وهذا أعظمها.
الثاني: ظلم العبد لنفسه.
الثالث: ظلم العبد لإخوانه.
مثال الظلم الأكبر ما ذكره الله تعالى في قوله :
... : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } وقوله تعالى : قوله تعالى : (وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ)
ومثال الظلم الذي دون ذلك ما ذكر الله تعالى بقوله في الطلاق :

{ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ
إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ
وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ
} ..
هنا الظلم لا يخرج من الملة بل هو فقط وصف لمن يفعل هذه الأشياء وينقص من إيمانهم
معنى الفسق :
هو الخروج عن الطاعة وتجاوز الحد بالمعصية . والفسق يقع بالقليل من الذنوب إذا كانت كبائر ، وبالكثير ، لكن تعورف فيما كان كثيرا
والفسق أحيانا يكون بترك الفرائض ، ووأحيانا بفعل المحرمات .
والفسق أعم من الكفر؛ حيث إنه يشمل الكفر وما دونه من المعاصي كبائرها وصغائرها، وإذ أطلق يراد به أحياناً الكفر المخرج من الإسلام، وأحياناً يراد به الذنوب والمعاصي التي هي دون الكفر؛ بحسب درجة المعصية، وحال العاصي نفسه .
مثال الفسوق الأكبر :
ما ذكره الله تعالى بقوله : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }
وقوله تعالى : { إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ }
وقوله تعالى : { وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ }
ومثال الفسوق الذي دون ذلك :
قوله تعالى في القذفة : { وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }
وقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ
فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ
} ...
النفاق في الاصطلاح الشرعي : القول باللسان أو الفعل بخلاف ما في القلب من القول والاعتقاد

والنفاق نوعان :
النفاق الأكبر وردت فيه آيات كثيرة توضحه وتوضح حكم المنافقين مثال قوله تعالى : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً )
وقوله تعالى : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)
وقوله تعالى : (إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) وغير ذلك من الآيات .
والمنافقون أشد خطرا على المسلمين من المشركين لأن المشركين كفرهم ظاهر أما المنافقين فيظهرون الإيمان ويبطنون الكفر .
أصل النفاق ظهر بعد هجرت النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وكان رأسهم عبد بن أبَيْ بن سلول , والنفاق هنا مخرج من الملة ويجعل صاحبه في الدر الأسفل من النار , ويندرج تحت إسم النفاق أيضا :
1) من كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم
2) من كذب ببعض ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم .
3) بغض الرسول صلى الله عليه وسلم .
4) بغض بعض ما جاء به صلى الله عليه وسلم .
5) المسرة بانحفاض الدين .
6) الكراهية لانتصار دين رسول الله صلى الله عليه وسلم .
النوع الثاني :
هو النفاق الأصغر أو النفاق العملي أي أن يقع الشخص المسلم في بعض أعمال المنافقين مع استقرار الإيمان في قلبه ومن يفعل ذلك يكون فيه خصلة من خصال النفاق حتى يدعها , ولكن هذا لنوع قد يؤدي إلى النفاق الأكبر المخرج من الملة ومثال للنفاق الأصغر : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا اؤتمن خان ، وإذا وعد أخلف )
وقوله صلى الله عليه وسلم : (أربع من كن فيه كان منافقا ، أو كانت فيه خصلة من أربعة كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر)


نسأل الله العظيم أن يوفقنا لما هو خير لناااا

 
الاجابات كلها كانت موفقة و مؤهلة لأصحابها و صاحباتها لنيل العلامة الكاملة.
أنبه دائما اخواني و أخواتي لذكر المصادر التي تستعنون بها في الاجابة.
وفقكم الله لما فيه رضاه.
 
توقيع ابو ليث
السؤال العاشر: هل يريد الله كفر الكافر وفسق الفاسق و نفاق المنافق؟
يطلب تفصيل الإجابة بارك الله فيكم.
 
توقيع ابو ليث
شرح العقيدة الطحاوية [28] - للشيخ : ( عبد الله بن عبدالرحمن الجبرين )

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: (وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان، فالحذر كل الحذر من ذلك نظراً وفكراً ووسوسة، فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه، كما قال تعالى في كتابه: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23] فمن سأل: لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين).أصل القدر سر الله في خلقه، وهو كونه أوجد وأفنى، وأفقر وأغنى، وأمات وأحيا، وأضل وهدى، قال علي رضي الله عنه: (القدر سر الله فلا تكشفه)، والنزاع بين الناس في مسألة القدر مشهوروالذي عليه أهل السنة والجماعة: أن كل شيء بقضاء الله وقدره، وأن الله تعالى خالق أفعال العباد، قال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49]، وقال تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا [الفرقان:2]، وأن الله تعالى يريد الكفر من الكافر ويشاؤه، ولا يرضاه ولا يحبه، فيشاؤه كوناً ولا يرضاه ديناً.وخالف في ذلك القدرية والمعتزلة: وزعموا أن الله شاء الإيمان من الكافر، ولكنّ الكافر شاء الكفر؛ فروا إلى هذا لئلا يقولوا: شاء الكفر من الكافر وعذبه عليه! ولكن صاروا كالمستجير من الرمضاء بالنار! فإنهم هربوا من شيء فوقعوا فيما هو شر منه! فإنه يلزمهم أن مشيئة الكافر غلبت مشيئة الله تعالى فإن الله قد شاء الإيمان منه - على قولهم -والكافر شاء الكفر، فوقعت مشيئة الكافر دون مشيئة الله تعالى! هذا من أقبح الاعتقاد، وهو قول لا دليل عليه، بل هو مخالف للدليل:روى اللالكائي من حديث بقية عن الأوزاعي حدثنا العلاء بن الحجاج عن محمد بن عبيد المكي : عن ابن عباس: (أن رجلاً قدم علينا يكذب بالقدر، فقال: دلوني عليه -وهو يومئذ أعمى- فقالوا له: ما تصنع به؟ فقال: والذي نفسي بيده لئن استمكنت منه لأعضن أنفه حتى أقطعه، ولئن وقعت رقبته بيدي لأدقنها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كأني بنساء بني فهر يطفن بالخزرج تصطك ألياتهن مشركات، هذا أول شرك في الإسلام، والذي نفسي بيده لينتهين بهم سوء رأيهم حتى يخرجوا الله من أن يقدر الخير، كما أخرجوه من أن يقدر الشر). قوله: (وهذا أول شرك في الإسلام..) إلى آخره من كلام ابن عباس وهذا يوافق قوله: (القدر نظام التوحيد، فمن وحد الله وكذب بالقدر نقض تكذيبه توحيده)].
لا يسأل عما يفعل
هذا يتعلق بالقضاء والقدر، ويذكر المؤلف أن القدر سر الله تعالى في كونه وفي أمره، ووجه كونه سراً لا يعلمه البشر أن الرب سبحانه له الحكمة في كونه هدى هذا وأضل هذا، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، ولا يجوز للعباد أن يسألوا عن الأسباب في أفعال الله تعالى، فلا يقال: لماذا حبس الله الخير؟ لماذا أنزل الله العذاب؟ لماذا خلق الله الأمراض؟ لماذا خلق الله الحشرات والأضرار؟ لماذا خلق الله السباع؟ لماذا سلط الله على المؤمنين الأمراض والعاهات والفقر؟ لماذا سلط عليهم الكفار؟ لماذا أفقر هذا وأغنى هذا؟!قال تعالى: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23]، لكن مع ذلك نعرف أنه سبحانه حكيم يضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها ، فلا يفعل شيئاً عبثاً: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا [المؤمنون:115] وليس شيء من خلقه موجوداً إلا لحكمة، ولم يسلط عقوبة ولم يخلق مرضاً إلا لمصلحة ولحكمة، سواء علمنا تلك الحكمة أو حجبت عنا؛ لأن هذا مقتضى اسمه الحكيم، أي: ذي الحكمة التي هي غاية المصلحة، ولكن ليس لنا الاعتراض على تصرفه، فهو سبحانه يتصرف في خلقه كيف يشاء فيهدي هذا فضلاً منه، ويضل هذا عدلاً منه، ويغني ويفقر، ويميت ويحيي، ويسعد ويشقي، ويمنع ويعطي، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه.وليس لنا أن نعترض على الله تعالى، بل نؤمن بذلك كله ونقول: لا نعلم الحكمة في ذلك ولا نعلم السر في ذلك، فالقدر سر الله في خلقه، هذا من ناحية خلقه الأشياء النافعة والضارة معاً.
خلق الخير والشر دليل على كمال القدرة ولكن لا ينسب الشر إلى الله
 
السؤال العاشر: هل يريد الله كفر الكافر وفسق الفاسق و نفاق المنافق؟
يطلب تفصيل الإجابة بارك الله فيكم.


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فهذا هو الجواب على السؤال
المصدر : موقع الإسلام سؤال و جوب
أن الله تعالى لم يرض كفرَ أولئك ، ولا يحبه منهم ، ولكنهم رضوه لأنفسهم ، وأما الرب الجليل عز وجل فقد نصَّ في كتابه الكريم على عدم رضاه عن كفر الكافرين فقال تعالى ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) الزمر/ 7 ، فهذا نصٌّ جلي أن الله تعالى لا يرضى لعباده الكفر ، بل يرضى لهم التوحيد والإسلام ، لكنَّهم هم الذين ارتضوا الكفر دينا لأنفسهم ، وأبوا الدخول في سلك الموحدين ، والله تعالى لا يجبر أحداً على إسلام ولا على كفر ، بل هو عز وجل قد بيَّن طريقي الحق والباطل ، والصواب والخطأ ، والإسلام والكفر ، ثم جعل للخلْق أن يختاروا ، مع وعده للمسلمين بالثواب ، ووعيده للكفار بالنار ، قال تعالى ( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا . إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً . أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ) الكهف/ 29 – 31 ، وقال تعالى ( إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا . إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا . إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالاً وَسَعِيرًا . إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا . عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ) الإنسان/ 2 – 6 .
وهاك مثالاً على بيان هداية الله تعالى لقومٍ هداية دلالة وإرشاد بإرسال الرسول مع الآيات البينات واختيارهم للكفر على الإسلام ، وهم قوم ثمود ، قال تعالى ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ . وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) فصِّلت/ 17 ، 18 ، وهؤلاء مثال ، ومثلهم كل قوم كفروا بربهم وكذبوا رسولهم ، فرضوا بالكفر في الدنيا والخلود في النار في الآخرة ، ولهؤلاء الكفار المعاصرين سلف ، فقد جاءتهم رسل ربهم بالحق ، وجعل الله تعالى رسول كل قوم منهم ، يعرفونه بصدقه وأمانته ، وجعل الله تعالى مع كل واحد منهم آية على مثلها يؤمنها البشر ، ومع ذلك فإنهم قالوا عن رسلهم ساحر أو مجنون ! وقد طلب كفار قريش من النبي صلى الله عليه وسلم آية ليؤمنوا فأراهم انشقاق القمر فقالوا " سحر " فصدق فيهم قول الله تعالى ( وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا ) الأنعام/ 25 ، ولم تكتف تلك الأقوام بتكذيب رسل ربهم بل تآمروا عليهم لقتلهم أو نفيهم من ديارهم ، قال تعالى ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ) إبراهيم/ 13 ، وقال تعالى – على لسان قوم إبراهيم عليه السلام – ( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) العنكبوت/ 24 ، وقال تعالى – عن نبينا عليه السلام - ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ) الأنفال/ 30 ، فإذا كان هذا هو حال من جاءه الرسول من ربه ممن يعرفه ، ورأى الآيات بعيني رأسه : فكيف سيكون حال هؤلاء الهنود والصينيين والأوربيين لو أنه جاءهم النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً ؟! .
ولما زعم بعض المشركين أن الله تعالى يرضى منهم الكفر ، وأنه لو لم يكن كذلك لصرفهم عنه : كذَّبهم ربنا تبارك وتعالى وبيَّن أنهم إنما يتبعون أهواءهم وآباءهم الضالين ، قال تعالى ( وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا ) النحل/ 35 ، فردَّ الله تعالى عليهم بقوله ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ ) النحل/ 36 .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :
"فأوضح في هذه الآية الكريمة أنه لم يكن راضياً بكفرهم ، وأنه بعث في كل أمَّة رسولاً ، وأمرهم على لسانه أن يعبدوا الله وحده ويجتنبوا الطاغوت ، أي : يتباعدوا عن عبادة كل معبود سواه ، وأن الله هدى بعضهم إلى عبادته وحده ، وأن بعضهم حقَّت عليه الضلالة ، أي : ثبت عليه الكفر والشقاء .
وقال تعالى في آية الأنعام ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) الأنعام/ 149 ،
فملكُه تعالى وحده للتوفيق والهداية هو الحجة البالغة على خلقه ، يعني : فمن هديناه وتفضلنا عليه بالتوفيق : فهو فضل منَّا ورحمة ، ومَن لم نفعل له ذلك : فهو عدل منَّا وحكمة ؛ لأنه لم يكن له ذلك ديْناً علينا ولا واجباً مستَحقّاً يستحقه علينا ، بل إن أعطينا ذلك ففضل ، وإن لم نعطه فعدل " انتهى من " أضواء البيان " ( 7 / 95 ، 96 ) .


 
شرح العقيدة الطحاوية [28] - للشيخ : ( عبد الله بن عبدالرحمن الجبرين )

والذي عليه أهل السنة والجماعة: أن كل شيء بقضاء الله وقدره، وأن الله تعالى خالق أفعال العباد، قال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49]، وقال تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا [الفرقان:2]، وأن الله تعالى يريد الكفر من الكافر ويشاؤه، ولا يرضاه ولا يحبه، فيشاؤه كوناً ولا يرضاه ديناً.

وخالف في ذلك القدرية والمعتزلة: وزعموا أن الله شاء الإيمان من الكافر، ولكنّ الكافر شاء الكفر؛ فروا إلى هذا لئلا يقولوا: شاء الكفر من الكافر وعذبه عليه! ولكن صاروا كالمستجير من الرمضاء بالنار! فإنهم هربوا من شيء فوقعوا فيما هو شر منه! فإنه يلزمهم أن مشيئة الكافر غلبت مشيئة الله تعالى فإن الله قد شاء الإيمان منه - على قولهم -والكافر شاء الكفر، فوقعت مشيئة الكافر دون مشيئة الله تعالى! هذا من أقبح الاعتقاد، وهو قول لا دليل عليه، بل هو مخالف للدليل


ويذكر المؤلف أن القدر سر الله تعالى في كونه وفي أمره، ووجه كونه سراً لا يعلمه البشر أن الرب سبحانه له الحكمة في كونه هدى هذا وأضل هذا، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، ولا يجوز للعباد أن يسألوا عن الأسباب في أفعال الله تعالى، فلا يقال: لماذا حبس الله الخير؟ لماذا أنزل الله العذاب؟ لماذا خلق الله الأمراض؟ لماذا خلق الله الحشرات والأضرار؟ لماذا خلق الله السباع؟ لماذا سلط الله على المؤمنين الأمراض والعاهات والفقر؟ لماذا سلط عليهم الكفار؟ لماذا أفقر هذا وأغنى هذا؟!قال تعالى: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23]، لكن مع ذلك نعرف أنه سبحانه حكيم يضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها ، فلا يفعل شيئاً عبثاً: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا [المؤمنون:115] وليس شيء من خلقه موجوداً إلا لحكمة، ولم يسلط عقوبة ولم يخلق مرضاً إلا لمصلحة ولحكمة، سواء علمنا تلك الحكمة أو حجبت عنا؛ لأن هذا مقتضى اسمه الحكيم، أي: ذي الحكمة التي هي غاية المصلحة، ولكن ليس لنا الاعتراض على تصرفه، فهو سبحانه يتصرف في خلقه كيف يشاء فيهدي هذا فضلاً منه، ويضل هذا عدلاً منه، ويغني ويفقر، ويميت ويحيي، ويسعد ويشقي، ويمنع ويعطي، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه.وليس لنا أن نعترض على الله تعالى، بل نؤمن بذلك كله ونقول: لا نعلم الحكمة في ذلك ولا نعلم السر في ذلك، فالقدر سر الله في خلقه، هذا من ناحية خلقه الأشياء النافعة والضارة معاً.

خلق الخير والشر دليل على كمال القدرة ولكن لا ينسب الشر إلى الله
بارك الله فيك، هذا الذي أردته من الإجابة، و قد كنت جد موفقة في النقل، وكما قيل فهم السؤال و هو نصف الجواب، فالله يريد كفر الكافر، و على ذلك فقس، فسق الفاسق و نفاق المنافق كونا لكنه لا يرضاه شرعا، أما عن ارادته كونا مع عدم رضاه شرعا فذلك من عدله و حكمته و كمال ربوبيته في تصريف شؤون عباده بما هم أهله، و لله الحجة البالغة و الحكمة المطلقة و هو الرحيم بعباده العدل في أحكامه، لا يسأل عما يفعل وهم -يعني الخلق- يسألون.
نسأل الله أن يثبتنا على دينه و أن يرزقنا حسن الاعتقاد الهادي للرشاد .

 
توقيع ابو ليث


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فهذا هو الجواب على السؤال
المصدر : موقع الإسلام سؤال و جوب
أن الله تعالى لم يرض كفرَ أولئك ، ولا يحبه منهم ، ولكنهم رضوه لأنفسهم ، وأما الرب الجليل عز وجل فقد نصَّ في كتابه الكريم على عدم رضاه عن كفر الكافرين فقال تعالى ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) الزمر/ 7 ، فهذا نصٌّ جلي أن الله تعالى لا يرضى لعباده الكفر ، بل يرضى لهم التوحيد والإسلام ، لكنَّهم هم الذين ارتضوا الكفر دينا لأنفسهم ، وأبوا الدخول في سلك الموحدين ، والله تعالى لا يجبر أحداً على إسلام ولا على كفر ، بل هو عز وجل قد بيَّن طريقي الحق والباطل ، والصواب والخطأ ، والإسلام والكفر ، ثم جعل للخلْق أن يختاروا ، مع وعده للمسلمين بالثواب ، ووعيده للكفار بالنار ، قال تعالى ( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا . إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً . أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ) الكهف/ 29 – 31 ، وقال تعالى ( إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا . إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا . إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالاً وَسَعِيرًا . إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا . عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ) الإنسان/ 2 – 6 .
وهاك مثالاً على بيان هداية الله تعالى لقومٍ هداية دلالة وإرشاد بإرسال الرسول مع الآيات البينات واختيارهم للكفر على الإسلام ، وهم قوم ثمود ، قال تعالى ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ . وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) فصِّلت/ 17 ، 18 ، وهؤلاء مثال ، ومثلهم كل قوم كفروا بربهم وكذبوا رسولهم ، فرضوا بالكفر في الدنيا والخلود في النار في الآخرة ، ولهؤلاء الكفار المعاصرين سلف ، فقد جاءتهم رسل ربهم بالحق ، وجعل الله تعالى رسول كل قوم منهم ، يعرفونه بصدقه وأمانته ، وجعل الله تعالى مع كل واحد منهم آية على مثلها يؤمنها البشر ، ومع ذلك فإنهم قالوا عن رسلهم ساحر أو مجنون ! وقد طلب كفار قريش من النبي صلى الله عليه وسلم آية ليؤمنوا فأراهم انشقاق القمر فقالوا " سحر " فصدق فيهم قول الله تعالى ( وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا ) الأنعام/ 25 ، ولم تكتف تلك الأقوام بتكذيب رسل ربهم بل تآمروا عليهم لقتلهم أو نفيهم من ديارهم ، قال تعالى ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ) إبراهيم/ 13 ، وقال تعالى – على لسان قوم إبراهيم عليه السلام – ( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) العنكبوت/ 24 ، وقال تعالى – عن نبينا عليه السلام - ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ) الأنفال/ 30 ، فإذا كان هذا هو حال من جاءه الرسول من ربه ممن يعرفه ، ورأى الآيات بعيني رأسه : فكيف سيكون حال هؤلاء الهنود والصينيين والأوربيين لو أنه جاءهم النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً ؟! .
ولما زعم بعض المشركين أن الله تعالى يرضى منهم الكفر ، وأنه لو لم يكن كذلك لصرفهم عنه : كذَّبهم ربنا تبارك وتعالى وبيَّن أنهم إنما يتبعون أهواءهم وآباءهم الضالين ، قال تعالى ( وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا ) النحل/ 35 ، فردَّ الله تعالى عليهم بقوله ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ ) النحل/ 36 .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :
"فأوضح في هذه الآية الكريمة أنه لم يكن راضياً بكفرهم ، وأنه بعث في كل أمَّة رسولاً ، وأمرهم على لسانه أن يعبدوا الله وحده ويجتنبوا الطاغوت ، أي : يتباعدوا عن عبادة كل معبود سواه ، وأن الله هدى بعضهم إلى عبادته وحده ، وأن بعضهم حقَّت عليه الضلالة ، أي : ثبت عليه الكفر والشقاء .
وقال تعالى في آية الأنعام ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) الأنعام/ 149 ،
فملكُه تعالى وحده للتوفيق والهداية هو الحجة البالغة على خلقه ، يعني : فمن هديناه وتفضلنا عليه بالتوفيق : فهو فضل منَّا ورحمة ، ومَن لم نفعل له ذلك : فهو عدل منَّا وحكمة ؛ لأنه لم يكن له ذلك ديْناً علينا ولا واجباً مستَحقّاً يستحقه علينا ، بل إن أعطينا ذلك ففضل ، وإن لم نعطه فعدل " انتهى من " أضواء البيان " ( 7 / 95 ، 96 ) .

الأخت أمينة، كلام نفيس، مدلل بالأدلة الشرعية من كلام ربنا سبحانه، مع حسن الفهم لنصوص الكتاب و السنة و السير في ذلك على منهج الأئمة، هذا يكون جواب هل يرضى الله كفر الكافر أم لا؟
أما عن جواب هل يريد الله كفر الكافر؟، يأتي تفصيل المقال من كون الارادة تنقسم الى كونية و شرعية، كما هو تقرير ذلك في عقيدة أهل السنة و الجماعة للامام ابن عثيمين بمراجعة العلامة ابن باز رحمهما الله تعالى، ولما يكون الكلام عن الارادة الشرعية نقول لا يرضى الله كفر الكافر و لا يريده، و لما نتكلم عن الارادة الكونية، يعني من حيث كون الكافر كافر و الفاسق فاسقا و المنافق منافقا في قضاء و قدره و ما كان في سابق كتابه، نقول أن الله أراده و شاءه و لا مغالب له، و أنه أراد ذلك وفق ما اقتضته حكمته و جرى به عدله، اذ أرسل الرسل و أوضح الحق و أبطل الباطل و أقام الحجة و درء الشبهة بهم، فلم يبقى لمتخلف عن اجابتهم و متعنت بكفره مصر على باطله مكابر عن سلوك سبيل ربه الواحد الأوحد المؤدي الى النجاة من العذاب و الفوز بالنعيم، لم يبق لأحد من هؤلاء حجة و لا بينة، و ليس اليهم التحجج بالقدر، قد أسهبتم حفظكم الله من خلال نقلكم الموفق في ابطال حجة القوم بالقدر.
أرجوا أن أكون قد وفقت في البيان و ما توفيقي الا بالله عليه توكلت و إليه أنيب.
 
توقيع ابو ليث
يرجى من الأخت امينة البقاء لتقرأ كلام العلامة محمد سعيد رسلان من شريط معركة الهوية، فأنا في طوق تنزيله للتو.
 
توقيع ابو ليث
قال الشيخ محمد سعيد رسلان في شريط معركة الهوية من الدقيقة 39الى غاية الدقيقة44 .
قال حفظه الله:

فالله رب العالمين من صفاته صفة الإرادة، نَوَع المخلوقات جعل السماء سماءا، و الأرض أرضا، و البحار بحارا و الأنهار أنهارا، و الجبال جبالا، و الوهاد وهادا، و القفار قفارا، ونَوَع في الخلق بين جبال و جماد و نبات و أناسي و جان و ملائكة و مالا يعلمه من الخلق إلا الله، كل ذلك بصفة الإرادة الثابتة لله ، الإرادة إرادتان إرادة كونية و إرادة شرعية، الإرادة الكونية يقع بها المراد و هي مقصودة لغيرها، و لا يلزم أن يكون محبوبا لله و هي التي بمعنى المشيئة، إذا قيل لك هل يريد الله تبارك و تعالى كفر الكافر؟ فقل نعم، بالإرادة الكونية، بمعنى أنه شاءه، ولو لم يأذن بوقوعه في ملكه ما وقع.
أيعصى ربنا قهرا؟
فلا بد من إذنه لوقوع ما يكره في كونه، مع بغضه له و كراهيته له فيأذن به، لمن أعطاه مشيئة تحت مشيئته لموطن الابتلاء فيه، بإفعل و لا تفعل، من أجل أن يحاسبه على ما اختار، وعلى السبيل الذي سلك، و هذا من ما هو منوط من الحكمة من الخلق، فالإرادة الكونية يقع بها المراد و هي مقصودة لغيرها، و لا يلزم أن يكون المراد محبوبا لله، الإرادة الكونية بمعنى المشيئة، فأراد في الإرادة الكونية بمعنى شاء، وأما الإرادة الشرعية فلا يلزم بها وقوع المراد، وهي مقصودة لذاتها، و لا يكون المراد فيها إلا محبوبا لرب العالمين.
ما شرعه الله رب العالمين، أراده الله رب العالمين لنا شرعا، هذه الإرادة الشرعية قد تقع و قد لا تقع.
أراد الله منا أن نصلي، فمنا من يصلي و منا من لا يصلي.
بل أراد الله رب العالمين من الخلق أن يوحدوه فمنهم من وحده و منهم من أشرك به.
فأراد هاهنا في الإرادة الشرعية بمعنى أحب.
فلا يلزم في الإرادة الشرعية و هي محبوبة لله رب العالمين و هي مقصودة لذاتها، لا يلزم أن يقع المراد بالإرادة الشرعية، بدليل أنك ترى الناس يُأمرون بالمعروف، فكثير منهم يأتي المنكرات، و يغشاها و يخالف العرف الذي أمر الله بالتزامه.
إذا لو كانت الإرادة هنا بمعنى المشيئة ما تخلف عنهم أحدا أبدا عن توحيد الله و عبادته، فلا يلزم في الإرادة الشرعية من وقوع المراد، و أراد في الإرادة الشرعية بمعنى أحب.
مثال :
هذا إبليس قد خلقه الله رب العالمين، أراد الله أن يبتلي به خلقه، لولا خلق إبليس ما عُلم المؤمن من الكافر ولا البر من الفاجر ولا الطائع من العاصي و لا المجاهد من المدبر، ما علم الباذل المنفق من الباخل الممسك، ما علمت المكارم من المثالب، ما علمت المحامد من المذام، و ما علم الخير من الشر، فهاهنا مراد لغيره، لم يخلقه الله رب العالمين مراد لذاته، بينما خلقه الله رب العالمين مراد لغيره، ليبتلي به خلقه، ليعلم من يطيعه ممن يطيع عدوه الرجيم، ما يقع في هذه الحياة من الشرور إنما يكون على هذا القانون.
فالآن لا بد أن تفرق بين الرادة الكونية و الإرادة الشرعية.
كل ما يقع في كون الله رب العالمين مما يحب و يكره فإنما يقع بالإرادة الكونية، لا بد أن يريده الله، بمعنى أنه لابد أن يشاءه الله، لابد أن يأذن وقوعه.
مناظرة:

دخل عبد الجبار الهماذاني المعتزلي على إبن عباد الصاحب و كان معتزلي أيضا، و كان الإسفراني حاضرا.
فلما دخل عبد الجبار و هو من أئمة الاعتزال.
قال : سبحان من تنزه عن الفحشاء.
ففطن الاسفراني لمقصده فقال: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء.
قال عبد الجبار المعتزلي : هل يريد ربنا أن يعصى. (يعني هذه المعاصي التي تقع في الدنيا من الكفر فما دونه، هل أرادها الله، هو ينكر أن الله أرادها، و حجته هل يريد ربنا أن يعصى)
فقال الاسفراني : أوا يعصى ربنا قهرا؟ ( إذا قد وقعت قهرا، وقعت رغما عن الله، لأن الله تبارك و تعالى لا يحب الكفر و لا يرضاه، و كذلك ما دونه من المعاصي). فأتى بحجة داحضة.
قال المعتزلي : أرأيت إن منعني الهدى و حكم علي بالردى، أحسن أم أساء.
قال الاسفراني : إن كان منعك ما هو لك فقد أساء، و إن كان منعك ما هو له فيختص برحمته من يشاء.
قال الحاضرون ما بعد هذا من جواب، لقد ألقمه حجرا.

ففرق بين الارادة الكونية و الشرعية.
و في الأخير
أعتذر عن التطويل، لما حال بيني و بين يسر التفريغ.
وفق الله الجميع لما فيه رضاه.


 
آخر تعديل:
توقيع ابو ليث
بارك الرحمن بك أستاذي
وفعلاااا فهم السؤال نصف الجوااااب
وأحمد الله كثيرااا لتواجدي بينكم الحمد لله
فما تعلمته أفادني كثيراااا
الله يرزقنااا التفقه في الدين والتوفيق
 
حفظك الرحمان اخي ابوليث ..وجزاك الله خيرا على كل ماتقدمه ...
 
توقيع الطيب الجزائري84
يرجى من الأخت امينة البقاء لتقرأ كلام العلامة محمد سعيد رسلان من شريط معركة الهوية، فأنا في طوق تنزيله للتو.
جزاك ربي الجنة أستاذي
وصدقااا أني لم أفهم السؤال جيداا
حفظك الباري ووفقك
 
الفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه , والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل : من يُرد الله به خيراً يفقهه في الدين , وعلى آله وصحبه أجمعين , أما بعد :
فقد بيّن الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله الفرق بين إرادة الله الكونية وإرادته الشرعية في شرحه للعقيدة السفارينية فقال رحمه الله :
والفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية من حيث الحكم من وجهين :
الوجه الأول : أن الإرادة الكونية يلزم فيها وقوع المراد ، والإرادة الشرعية لا يلزم فيها وقوع المراد ، فقد يريد الله الشيء شرعا ولا يقع .
الوجه الثاني : الإرادة الشرعية لا تكون إلا فيما يحبه الله ، والإرادة الكونية تكون فيما يحبه وما لا يحبه . فمثلا الإيمان والعمل الصالح مراد لله شرعا لا كونا ؛ لأن من الناس من لم يؤمن ومن لم يعمل صالحا ، ولو كان مرادا لله كونا وقدرا للزم أن يؤمن الناس كلهم ويعملوا صالحاً .
فإذا قال قائل : الكفر الواقع من بني آدم هل هو مراد لله ؟
فنقول : مراد كونا لا شرعا ؛ فمراد كونا لأنه واقع ، وكل شيء يقع فهو مراد لله عز وجل (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فهو مراد كوناً غير مراد شرعاً ؛ لأن الله لا يريد من عباده الكفر ، وإنما يريد منهم الإيمان .
ونمثل ذلك بالأشخاص فكفر أبي جهل مراد كونا ، والدليل على أنه مراد كوناً لأنه واقع ، وكل شيء واقع فهو مراد كوناً لا إشكال فيه ، وليس هو مرادًا شرعًا ؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يحبه ، وإذا كان الله لا يحب شيئا فإنه وإن وقع غير مراد لله شرعاً .
وإيمان أبي بكر رضي الله عنه مراد كونًا لوقوعه ، ومراد شرعًا لأنه محبوب إلى الله عز وجل ؛ لأنه كما قلنا كل شيء واقع فهو مراد كونًا ، وإيمان أبي بكر واقع فهو مراد كونا , وإيمان أبي لهب - أي تقديراً - مراد شرعاً لا كوناً ؛ لأنه لم يقع ، فمراد شرعاً لأن الله يحب منه الإيمان ؛ لأنه محبوب إلى الله عز وجل , وقد ذكرنا فيما سبق أن كفر أبي جهل مراد كونًا لوقوعه ، غير مراد شرعًا لأن الله لا يحبه , وذكرنا أيضاً أن إيمان أبي لهب مراد شرعًا لأن الله يحبه ، غير مراد كونًا لأنه لم يقع .
وهنا يرد علينا إشكال ! وهو كيف يكون الشيء مرادًا لله كونًا وهو لا يحبه ؟ وهل أحد يُكْرِهه على أن يوقع ما لا يحب ؟ وقد أجاب بعض المعتزلة فقال : كل ما وقع فهو مراد لله كونًا وشرعًا حتى المعاصي قالوا : إن الله أرادها شرعًا ، ولكن هذا فيه إشكال
والجواب السديد في مثل هذه المسألة أن يقال : إن الله يكره كفر هذا الكافر ولم يكرهه أحد على أن يوقع شيئا يكرهه ، لكن هذا الشيء مكروه لذاته محبوب لغيره ، فالكفر الواقع هنا مكروه لذاته محبوب لغيره . ويكون الشيء محبوبًا مكروها باعتبارين ، لا باعتبار واحد فهذا ممتنع .
مثال ذلك : أنك ترى الرجل يأتي بالحديدة محماة حمراء من النار ليكوي بها ابنه المريض ، لكن كيه لابنه ليس مرادًا لذاته ، بل مراد لغيره ، ولهذا تجده محبوبًا له مكروهًا ، محبوبًا من وجه ، مكروها من وجه ؛ من وجه إيلامه لابنه مكروه ، ومن وجه أنه سبب لشفائه ، محبوب , وكذلك الكفر واقع بإرادة الله عز وجل مكروه إلى الله لذاته محبوب إليه لغيره . فلولا الكفر ما عرف الإيمان ، ولولا الكفر لم يكن جهاد ، ولولا الكفر لم يكن امتحان ، ولولا الكفر لكان خلق النار عبثًا ، إلى غير ذك من المصالح العظيمة التي أراد الله سبحانه وتعالى أن يقع الكفر بحكمته ، ولهذا قال عمر رضي الله عنه : ( لا ينقض الإسلام عروة عروة إلا من لم يدخل في الكفر ) يعني أن من عرف قدر الإسلام لا ينقضه ، ولا يعرف قدر الإسلام إلا إذا كان قد دخل في الكفر ، فبضدهما تتبين الأشياء .
وهكذا الله عز وجل يوقع في عباده ما يكرهه لكن من أجل مصلحة أخرى أعظم من إيقاعه وذلك مثل قوله تعالى في الحديث القدسي : ( ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره إساءته ولابد له منه ) ، فهذا مما يكرهه الله كونًا لا شرعًا ، لكنه يوقعه عز وجل لما له من المصالح العظيمة ، فإنه لابد من الموت حتى يجازي الإنسان بعمله إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر .
فالحاصل أن نقول جوابًا على هذا الإيراد الشائك : إن هذا المكروه إلى الله مكروه إليه لذاته محبوب إليه لغيره فهو مكروه محبوب من وجهين .


 
توقيع ابو ليث
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.

المواضيع المشابهة

العودة
Top Bottom