السؤال الإضافي الثاني: ما حكم السحر و فاعله، و حكم الكاهن و المتكهن له، و حكم علم التنجيم للكهانة و العرافة، ثم ما هي النشرة و هل فيها ما يشرع و فيها ما لا يشرع؟
يرجى تفصيل الجواب بكلام كبار أئمة أهل العلم.
السؤال الثالث من الأسئلة الاضافية:
عرف ما يأتي؟
الطيرة لغتا و شرعا، والعين و هل لها تأثير مستقل أم هي بقضاء الله و قدره، و الحسد و هل هو سواء مع العين في المعنى أم لا؟ ثم ما حكم قول القائل سقنا بنوء كذا و كذا؟
الكلام و الاجابة تكون عن أهل العلم الكرام، لكن يرعى الاختصار لتعم الفائدة الجميع (مشاركين و متابعين).
نرجوا ألا تنسونا في ظهر الغيب من صالح دعائكم.
: ما حكم السحر والساحر ؟
جـ : السحر متحقق وجوده وتأثيره مع مصادفة القدر الكوني ، كما قال تعالى : { فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ } ، وتأثيره ثابت في الأحاديث الصحيحة ، وأما الساحر فإن كان سحره مما يتلقى عن الشياطين ، كما نصت عليه آية البقرة فهو كافر ، لقوله تعالى : { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ } إلى قوله : { وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ } . الآيات .
س : ما حد الساحر ؟
جـ : روى الترمذي عن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حد الساحر ضربه بالسيف » (1) وصحح وقفه وقال العمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، وهو قول مالك بن أنس ، وقال الشافعي رحمه الله تعالى : إنما يقتل الساحر إذا كان يعمل من سحره ما يبلغ الكفر فأما إذا عمل دون الكفر فلم ير عليه قتلا ، وقد ثبت قتل الساحر عن عمر وابنه عبد الله وابنته حفصة ، وعثمان بن عفان ، وجندب بن عبد الله ، وجندب بن كعب ، وقيس بن سعد ، وعمر بن عبد العزيز ، وأحمد ، وأبي حنيفة وغيرهم رحمهم الله .
_________
(1) ( ضعيف مرفوعا ، صحيح موقوفا ) رواه الترمذي ( 1460 ) ، والدارقطني ( 3 / 114 ) ، والحاكم ( 4 / 360 ) ، والبيهقي ( 8 / 136 ) ، والطبراني في الكبير ( 1665 ) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وقال الآبادي تعليقا على الدارقطني : الحديث أخرجه الحاكم والبيهقي والترمذي ، وفي إسناده إسماعيل بن مسلم المكي ، ا هـ . قال الحافظ في التقريب : وكان فقيها ضعيف الحديث . وقال الترمذي : هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه ، وإسماعيل بن مسلم المكي يضعف في الحديث ، وإسماعيل بن مسلم العبدي البصري قال وكيع : هو ثقة ويروي عن الحسن أيضا ، والصحيح عن جندب موقوف ، ا هـ . قال البيهقي : إسماعيل بن مسلم ضعيف ، وقد ضعف الحديث أيضا الحافظ بن حجر ، والشيخ الألباني .
س : ما هي النشرة وما حكمها ؟
جـ : النشرة هي حل السحر عن المسحور فإن كان ذلك بسحر مثله فهي من عمل الشيطان ، وإن كانت بالرقى والتعاويذ المشروعة فلا بأس بذلك .
س : ما هي الرقى المشروعة ؟
جـ : هي ما كانت من الكتاب والسنة خالصة وكانت باللسان العربي ، واعتقد كل من الراقي والمرتقي أن تأثيرها لا يكون إلا بإذن الله عز وجل ، « فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد رقاه جبريل عليه السلام » (1) ورقى هو كثيرا من الصحابة وأقرهم على فعلها بل وأمرهم بها وأحل لهم أخذ الأجرة عليها ، كل ذلك في الصحيحين وغيرهما .
_________
(1) رواه مسلم ( السلام / 39 ، 40 ) .
س : ما هي الرقى الممنوعة ؟
جـ : هي ما لم تكن من الكتاب ولا السنة ، ولا كانت بالعربية ، بل هي من عمل الشيطان واستخدامه والتقرب إليه بما يحبه ، كما يفعله كثير من الدجاجلة والمشعوذين والمخرفين وكثير ممن ينظر في كتب الهياكل والطلاسم كشمس المعارف ، وشموس الأنوار وغيرهما مما أدخله أعداء الإسلام عليه وليست منه في شيء ، ولا من علومه في ظل ولا فيء ، كما بيناه في شرح السلم وغيره .
ما حكم الكهان ؟
جـ : الكهان من الطواغيت وهم أولياء الشياطين الذين يوحون إليهم كما قال تعالى : { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ } . الآية ، ويتنزلون عليهم ويلقون إليهم الكلمة من السمع فيكذبون معها مائة كذبة كما قال تعالى : { هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ }{ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ }{ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } . وقال صلى الله عليه وسلم في حديث الوحي : " « فيسمعها مسترق السمع ، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض ، فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن ، فربما أدرك الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة » (1) . الحديث في الصحيح بكماله ، ومن ذلك الخط بالأرض الذي يسمونه ضرب الرمل ، وكذا الطرق بالحصى ونحوه .
_________
(1) صحيح البخاري ، كتاب التفسير ، تفسير سورة سبأ ( 4800 ) .
س : ما حكم من صدق كاهنا ؟
جـ : قال الله تعالى : { قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ } ، وقال تعالى : { وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ } . الآية ، وقال تعالى : { أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ } ، وقال تعالى : { أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى } ، وقال تعالى : { وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم » (1) ، وقال صلى الله عليه وسلم : « من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما » (2) .
_________
(1) ( صحيح ) رواه أحمد ( 2 / 429 ) ، والبيهقي ( 8 / 135 ) ، والحاكم ( 1 / 8 ) وقال : هذا حديث صحيح على شرطهما جميعا من حديث ابن سيرين ولم يخرجاه ، وصححه الألباني ( صحيح الجامع 5815 ) ، وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر .
(2) رواه مسلم ( السلام / 125 ) ، وأحمد ( 4 / 68 ، 5 / 380 ) .
س : ما حكم التنجيم ؟
جـ : قال الله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } ، وقال تعالى : { وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ } ، وقال تعالى : { وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ } . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد » (1) . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إنما أخاف على أمتي التصديق بالنجوم والتكذيب بالقدر وحيف الأئمة » (2) وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوم يكتبون أبا جاد وينظرون في النجوم : " ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق " (3) ، وقال قتادة رحمه الله تعالى : خلق الله هذه النجوم لثلاث زينة للسماء ، ورجوما للشياطين ، وعلامات يهتدى بها ، فمن تأول فيها غير ذلك فقد أخطأ حظه وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به (4) .
_________
(1) ( صحيح ) رواه أحمد ( 1 / 227 ، 311 ) ، وأبو داود ( 3905 ) ، وابن ماجه ( 3726 ) ، والبيهقي ( 8 / 138 ) وقد سكت عنه الإمام أبو داود وصححه الألباني ، وقال الشيخ أحمد شاكر : إسناده صحيح .
(2) ( ضعيف قد يحسن ) وقد روي بمثله وبنحوه عن عدد من الصحابة ، وكلها لا يخلو من ضعف ، وقد بين ذلك الشيخ الألباني في الصحيحة ( 1127 ) وسبقه إلى ذلك الحافظ الهيثمي في المجمع ( 7 / 203 ) وقال : عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أخوف ما أخاف على أمتي في آخر زمانها النجوم وتكذيب بالقدر وحيف السلطان » . رواه الطبراني وفيه ليث بن أبي سليم وهو لين وبقية رجاله وثقوا ، ا هـ . وذكر الألباني أن للحديث شواهد كثيرة يرتقي بها إلى درجة الصحة ، ا هـ .
(3) ( صحيح ) رواه البيهقي ( 8 / 139 ) ، وعبد الرزاق ( 11 / 19805 ) ، وابن أبي شيبة ( 8 / 414 ) ، والدر المنثور ( 3 / 35 ) وسنده صحيح ، رجاله ثقات .
(4) أورده الإمام السيوطي في كتابه الدر المنثور ( 3 / 43 ) .
س : ما حكم الاستسقاء بالأنواء ؟
جـ : قال الله تعالى : { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالأنواء ، والنياحة » (1) وقال صلى الله عليه وسلم : « وقال الله تعالى : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب ، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب » (2) .
_________
(1) رواه مسلم ( الجنائز / 29 ) .
(2) رواه البخاري ( 846 ، 1038 ) ، ومسلم ( الإيمان / 125 ) .
س : ما حكم الطيرة وما يذهبها ؟
جـ : قال الله تعالى : { أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ } ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر » (1) ، وقال صلى الله عليه وسلم : « الطيرة شرك ، الطيرة شرك » . قال ابن مسعود وما منا إلا ، ولكن الله يذهبه بالتوكل (2) ، وقال صلى الله عليه وسلم : « إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك » (3) ولأحمد من حديث عبد الله بن عمرو : « من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك " قالوا : فما كفارة ذلك ؟ قال : " أن تقول : اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك » (4) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « أصدقها الفأل ولا ترد مسلما ، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل : اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ، ولا يدفع السيئات إلا أنت ، ولا حول ولا قوة إلا بك » (5) .
_________
(1) رواه البخاري ( 5707 ) ، ومسلم ( السلام / 101 ، 102 ، 103 ) .
(2) ( صحيح ) رواه أحمد ( 1 / 389 ، 438 ، 440 ) ، والبخاري في الأدب ( 909 ) ، وأبو داود ( 3910 ) ، والترمذي ( 1614 ) ، وابن ماجه ( 3538 ) ، والحاكم ( 1 / 17 / 18 ) ، والبيهقي ( 8 / 139 ) ، والبغوي في شرح السنة ( 12 / 177 ، 178 ) قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وسكت عنه أبو داود وصححه الحافظ العراقي وقال الحاكم : صحيح سنده . ثقات رواته ، وأقره الذهبي ، قال الألباني : وهو كما قال . قلت : وهو عندهم جميعا مرفوع ولكن قال الإمام الترمذي : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : كان سليمان بن حرب يقول : هذا الحديث ( وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل ) قال : هذا عندي قول عبد الله بن مسعود ، ا هـ .
(3) ( ضعيف ) رواه أحمد ( 1 / 213 ) قال الشيخ أحمد شاكر : إسناده ضعيف لانقطاعه ، ا هـ . وذكر أن ابن علاثة هو محمد بن عبد الله بن علاثة القاضي ، قال البخاري في الكبير : وهو ثقة يخطئ ، وثقه ابن معين وأفرط الأزدي وغيره في تضعيفه ورميه بالكذب ، ورجح الشيخ شاكر أن ما قاله البخاري : في حفظه نظر ، هو الحق ، ومسلمة الجهني فيه جهالة ، ترجمه البخاري ولم يخرجه وهو متأخر عن أن يدرك الفضل بن عباس .
(4) ( صحيح ) رواه أحمد ( 2 / 220 ) ، وابن السني ( 293 ) قال الشيخ أحمد شاكر : إسناده صحيح ، قال الهيثمي ( 5 / 105 ) : رواه أحمد والطبراني ، وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات ، وقد صححه الألباني في الصحيحة ( 1065 ) وقال : قلت والضعف الذي في حديث ابن لهيعة إنما هو في غير رواية العبادلة عنه ، وإلا فحديثهم عنه صحيح كما حققه أهل العلم في ترجمته ، ومنهم عبد الله بن وهب ، وقد رواه عنه كما رأيت ، ا هـ . قلت : وهو في مسند ابن السني .
(5) ( ضعيف ) رواه أبو داود ( 3919 ) ، والبيهقي ( 8 / 139 ) ، وابن السني ( 294 ) وسكت عنه أبو داود . وضعفه الألباني والاختلاف على عروة بن عامر له صحبة أم لا ، قال أبو القاسم الدمشقي : ولا صحبة له تصح ، وذكر البخاري وغيره : أنه سمع من ابن عباس ، فعلى هذا يكون الحديث مرسلا .
س : ما حكم العين ؟
جـ : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « العين حق » (1) ، «
ورأى صلى الله عليه وسلم جارية في وجهها سفعة فقال : " استرقوا لها فإن بها النظرة » (2) ، وقالت عائشة رضي الله عنها : « أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أو أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسترقى من العين » (3) ، وقال صلى الله عليه وسلم : « لا رقية إلا من عين أو حمة » (4) . وكلها في الصحيح ، وفيها أحاديث غير ما ذكرنا كثيرة ، ولا تأثير لها إلا بإذن الله ، وقد فسر بها قوله عز وجل : { وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ } عن كثير من السلف رضي الله عنهم .
_________
(1) رواه البخاري ( 5740 ، 5944 ) ، ومسلم ( السلام / 41 ، 42 ) .
(2) رواه البخاري ( 5739 ) ، ومسلم ( السلام / 59 ) .
(3) رواه البخاري ( 5738 ) ، ومسلم ( السلام / 55 ، 56 ) .
(4) رواه البخاري ( 5705 ) ، ومسلم ( الإيمان / 374 ) .