خطبة الجمعة - الخطبة 0492 : خ1 -ذكرى المولد ( 1 - 7 ) : مقدمة عن معنى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، خ2 - نبذةٌ عن أخلاق سيِّد الأنام.
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1994-08-19
الخطبة الأولى:
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكُّلي إلا على الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أنَّ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلَّم رسول الله سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ أو سمعت أذنٌ بخبر.
اللهمَّ صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريَّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
ذكرى المولد مناسبةٌ ينفُذ منها الإنسان إلى قلوب الخلق :
أيها الأخوة الكرام... مرَّت على المسلمين ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وحول هذه الذكرى العطرة أفكارٌ أرجو الله سبحانه وتعالى أن يمكِّنني من توضيحها.
الفكرة الأولى: كيف نحتفل بذكرى المولد النبويِّ الشريف؟ أَلِفَ المسلمون أن يعقدوا احتفالاتٍ في المساجد، يأتي المسجد رواد المسجد، أو رواد مسجدٍ آخر، وتُلقى الكلمات التي تشيد بشمائل النبي عليه الصلاة والسلام.
أيها الأخوة... هؤلاء الذين في المسجد هم روّاده، أو رواد مسجدٍ آخر، هم في مجموعهم طرفٌ واحد، لأن هؤلاء الذين يحضرون مجالس العلم يستمعون طوال العام إلى شمائل النبي، وإلى أخلاق النبي، وإلى سيرة النبي، ولكنَّك إذا أردت أن تنفع الطرف الآخر، فابحث في أسرتك عن إنسانٍ شارد لا يرتادُ المساجد، لا يعرف شيئاً عن الدين، تائهٍ في متاهات الحياة، ابحث في أقربائك، في أصدقائك، فيمن يلوذ بك، فيمن تعرف عن إنسانٍ لا يُصغي إلى كلمة الحق، لا يعرف شيئاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، لا يعرف أحقيَّة هذا الدين.
اجمع هؤلاء بأسلوب أو بآخر وتكلَّم أنت، أو كلِّف من يتكلَّم عنك بحيث تنقل من الطرف الآخر إنساناً شارداً إلى صفوف المؤمنين. فذكرى المولد النبويِّ الشريف مناسبةٌ كي توسِّع دائرة المسلمين، مناسبةٌ كي ينضمَّ إلى جماعة المؤمنين أُناسٌ شاردون، أُناسٌ تائهون، أُناسٌ بعيدون، أما إذا تحدَّثت لإخوانك ولرواد المساجد فهؤلاء جميعاً طرفٌ واحد، جميعاً يصدِّقون هذا الكلام، ويعرفون هذا الكلام، وهم في مشاعرهم مع المتكلِّم، ولكن لم تُحْدِث جديداً، لم تفعلْ شيئاً ذا بال..
أعرف صديقاً له أبٌ لا يؤمن بالأديان كلِّها، بقي يُقْنِع أباه سنواتٍ طويلة، إلى أن حمله على أداء فريضة الصلاة، وكانت مناسبة ذكرى المولد فأقام احتفالاً في البيت، ودعا بعض العلماء الأجلاء، وألقوا كلماتٍ على أصدقاء والده الذين هم مثله، ما الذي حصل؟ أن عدَّة أشخاصٍ أقنعتهم هذه الكلمات وانضموا إلى جماعة المؤمنين.
أيها الأخوة الكرام... ذكرى المولد النبويّ الشريف مناسبةٌ كي تُحَدِّث الناس عن أصل الدين، وعن سيد المرسلين، وعن هذه الدعوة الغرَّاء، وعن أحقيَّة هذا الدين، هذه مناسبةٌ يمكن أن تنفُذ منها إلى قلوب الخلق.
التجارة الرابحة هي التجارة مع الله :
أيها الأخوة الكرام... لو أن الأنبياء صلوات الله عليهم اهتموا بمن معهم لما توسَّعت دائرة المسلمين، لابدَّ من أن تفكِّر في الطرف الآخر، لابدَّ من أن تفكِّر في صديقٍ أو قريبٍ أو جارٍ شارد، لا يرتاد مجالس العلم، ولا يدخل إلى بيوت الله، لابدَّ من أن تفكر في إنسانٍ لو تمكَّنت من هدايته لكان هذا عملاً عظيماً عند الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا عليِّ كرَّم الله وجهه:
الاحتفال بذكرى المولِدِ ممارسة لنشاطٍ إسلامي:
النقطة الثانية في ذكرى المولد النبويّ الشريف بعضهم يقول: إن الاحتفال بذكرى المولِدِ بدعة. والجواب الدقيق هو أنك إذا ألقيت على الناس حديثاً عن شمائل النبي ماذا فعلت؟ ألم يقل الله عزَّ وجل:
معرفة سيرة النبي فرضُ عينٍ على كل مسلم :
أيها الأخوة الكرام... النقطة الثالثة: يجب أن نعتقد جميعاً أن معرفة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام فرضُ عينٍ على كل مسلم، ودقِّق في كلمة " فرض عين " أيْ لا يُعفى مسلمٌ كائناً مَنْ كان مِن معرفة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، طالبني بالدليل، قال الله تعالى:
أيها الأخوة الكرام... سيرة النبيّ منظومة قيَم كاملة، وكل موقفٍ وقفه النبي يجب أن تُقَلِّده، يكفيك أن النبيَّ عليه الصلاة والسلام حين كان مع أصحابه في سفر، وأرادوا أن يعالجوا شاةً ليأكلوها، قال أحدهم: عليَّ ذبحها، وقال الآخر: عليَّ سلخها، وقال الثالث: عليَّ طبخها، فقال عليه الصلاة والسلام: " وعليَّ جمع الحطب " - ولو سألتم الخبراء في هذا العمل لقالوا: إنه من أشق الأعمال..- فقال أصحابه: يا رسول الله نكفيك ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام:" أعرف أنكم تكفونني، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه"
هذه من سُنَّة النبي العملية، من سيرته، لو طبَّقها المسلمون في نشاطاتهم كلِّها لما وجدت شِقاقاً، ولا عداوةً، ولا مشاحنةً، ولا بغضاء، ولا تدابُر، إذا سوَّيت نفسك مع الناس أحبَّك الناس، أما إن استعليت عليهم فأبغضك الناس، هذه واحدة.
فيا أيها الأخوة الكرام... لو وقفتم عند مواقف النبي وسيرته موقفاً موقفاً، ومشهداً مشهداً، لاستنبطتم من مواقفه قواعد لحياتكم، مناهج في سيرتكم، منظومة قيَم تَنْظِم أعمالكم. إذاً معرفة سنة النبي العملية أو معرفة سيرته فرض عينٍ على كل مسلم لقوله تعالى:
شيءٌ آخر: معرفة سُنَّةِ النبيِّ القوليَّة - أيْ أحاديثه الشريفة - فرض عينٍ على كل مسلم، والدليل:
دعوة محبة الله تكون باتباع سُنة نبيه :
النقطة الرابعة في ذكرى المولد هي أنَّك إذا ادَّعيت أنك تحب الله عزَّ وجل، هذه دعوة تحتاج إلى دليل، وقد كَثُر المُدَّعون، والدليل اتباع سنة النبي، قال تعالى:
يتبع 
				
			لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1994-08-19
بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكُّلي إلا على الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أنَّ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلَّم رسول الله سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ أو سمعت أذنٌ بخبر.
اللهمَّ صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريَّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
ذكرى المولد مناسبةٌ ينفُذ منها الإنسان إلى قلوب الخلق :
أيها الأخوة الكرام... مرَّت على المسلمين ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وحول هذه الذكرى العطرة أفكارٌ أرجو الله سبحانه وتعالى أن يمكِّنني من توضيحها.
الفكرة الأولى: كيف نحتفل بذكرى المولد النبويِّ الشريف؟ أَلِفَ المسلمون أن يعقدوا احتفالاتٍ في المساجد، يأتي المسجد رواد المسجد، أو رواد مسجدٍ آخر، وتُلقى الكلمات التي تشيد بشمائل النبي عليه الصلاة والسلام.
أيها الأخوة... هؤلاء الذين في المسجد هم روّاده، أو رواد مسجدٍ آخر، هم في مجموعهم طرفٌ واحد، لأن هؤلاء الذين يحضرون مجالس العلم يستمعون طوال العام إلى شمائل النبي، وإلى أخلاق النبي، وإلى سيرة النبي، ولكنَّك إذا أردت أن تنفع الطرف الآخر، فابحث في أسرتك عن إنسانٍ شارد لا يرتادُ المساجد، لا يعرف شيئاً عن الدين، تائهٍ في متاهات الحياة، ابحث في أقربائك، في أصدقائك، فيمن يلوذ بك، فيمن تعرف عن إنسانٍ لا يُصغي إلى كلمة الحق، لا يعرف شيئاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، لا يعرف أحقيَّة هذا الدين.
اجمع هؤلاء بأسلوب أو بآخر وتكلَّم أنت، أو كلِّف من يتكلَّم عنك بحيث تنقل من الطرف الآخر إنساناً شارداً إلى صفوف المؤمنين. فذكرى المولد النبويِّ الشريف مناسبةٌ كي توسِّع دائرة المسلمين، مناسبةٌ كي ينضمَّ إلى جماعة المؤمنين أُناسٌ شاردون، أُناسٌ تائهون، أُناسٌ بعيدون، أما إذا تحدَّثت لإخوانك ولرواد المساجد فهؤلاء جميعاً طرفٌ واحد، جميعاً يصدِّقون هذا الكلام، ويعرفون هذا الكلام، وهم في مشاعرهم مع المتكلِّم، ولكن لم تُحْدِث جديداً، لم تفعلْ شيئاً ذا بال..
أعرف صديقاً له أبٌ لا يؤمن بالأديان كلِّها، بقي يُقْنِع أباه سنواتٍ طويلة، إلى أن حمله على أداء فريضة الصلاة، وكانت مناسبة ذكرى المولد فأقام احتفالاً في البيت، ودعا بعض العلماء الأجلاء، وألقوا كلماتٍ على أصدقاء والده الذين هم مثله، ما الذي حصل؟ أن عدَّة أشخاصٍ أقنعتهم هذه الكلمات وانضموا إلى جماعة المؤمنين.
أيها الأخوة الكرام... ذكرى المولد النبويّ الشريف مناسبةٌ كي تُحَدِّث الناس عن أصل الدين، وعن سيد المرسلين، وعن هذه الدعوة الغرَّاء، وعن أحقيَّة هذا الدين، هذه مناسبةٌ يمكن أن تنفُذ منها إلى قلوب الخلق.
التجارة الرابحة هي التجارة مع الله :
أيها الأخوة الكرام... لو أن الأنبياء صلوات الله عليهم اهتموا بمن معهم لما توسَّعت دائرة المسلمين، لابدَّ من أن تفكِّر في الطرف الآخر، لابدَّ من أن تفكِّر في صديقٍ أو قريبٍ أو جارٍ شارد، لا يرتاد مجالس العلم، ولا يدخل إلى بيوت الله، لابدَّ من أن تفكر في إنسانٍ لو تمكَّنت من هدايته لكان هذا عملاً عظيماً عند الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا عليِّ كرَّم الله وجهه:
((فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ))
[البخاري عن سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
 فكِّر في الطرف الآخر، فكِّر في التائه، فكِّر في الشارد، فكِّر في الذي لا يقيم أمر الدين في بيته؛ إن كان قريباً، إن كان صديقاً، إن كان جاراً هذا ينبغي أن تستجلِبَهُ، وأن تقنعه، وأن تبيِّن له إما أنت وإما عن طريق من يُحسن الكلام، إنك إن فعلت هذا فقد حقَّقت عند الله تجارة لن تبور، هذه هي التجارة الرابحة، ما قولك لو أنك أبٌ ولك ابنٌ شارد، تائه، عاق، وجاء من يقنعه ليكون باراً بك، كم تشعر تجاه هذا الذي ضمَّ ابنك إليك وجعله باراً بك وأقنعه بفضلك عليه؟ كم تشعر بمعروفٍ أسداه إليك هذا الإنسان؟ ولله المثل الأعلى. هذه نقطة.. الاحتفال بذكرى المولِدِ ممارسة لنشاطٍ إسلامي:
النقطة الثانية في ذكرى المولد النبويّ الشريف بعضهم يقول: إن الاحتفال بذكرى المولِدِ بدعة. والجواب الدقيق هو أنك إذا ألقيت على الناس حديثاً عن شمائل النبي ماذا فعلت؟ ألم يقل الله عزَّ وجل:
﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾
[ سورة المؤمنون:69]
 تعريف الناس بالنبي عليه الصلاة والسلام؛ بعصمته، وبنبوَّته، وبشمائله، وبسيرته، وبأقواله، وبأفعاله، وبدوره، وبقدوته من صلب الدين، ولو قدَّمت الطعام - وإطعام الطعام من سنة سيد المرسلين - متى يغدو المولد بدعةً؟ إذا قلت: إن الاحتفال بذكرى المولد عبادةٌ يجب أن تؤدَّى، إن قلت إنما هو عبادة فهو ليس بعبادة، إنما هو ممارسة لنشاطٍ إسلامي مغطىً بآيات القرآن الكريم، وبسنة النبي عليه أتمّ الصلاة والتسليم. معرفة سيرة النبي فرضُ عينٍ على كل مسلم :
أيها الأخوة الكرام... النقطة الثالثة: يجب أن نعتقد جميعاً أن معرفة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام فرضُ عينٍ على كل مسلم، ودقِّق في كلمة " فرض عين " أيْ لا يُعفى مسلمٌ كائناً مَنْ كان مِن معرفة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، طالبني بالدليل، قال الله تعالى:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾
[ سورة الأحزاب: 21]
 كيف يكون لك النبي أسوة حسنة؟ إن لم تعرف مواقفه، إن لم تعرف شجاعته، إن لم تعرف رحمته، إن لم تعرف عدله، إن لم تعرف علاقته بأزواجه، علاقته بإخوانه، علاقته بجيرانه، كيف تتخذ النبيُّ أسوةً وقدوةً ومثلاً إن لم تعرف سيرته ومواقفه؟.أيها الأخوة الكرام... سيرة النبيّ منظومة قيَم كاملة، وكل موقفٍ وقفه النبي يجب أن تُقَلِّده، يكفيك أن النبيَّ عليه الصلاة والسلام حين كان مع أصحابه في سفر، وأرادوا أن يعالجوا شاةً ليأكلوها، قال أحدهم: عليَّ ذبحها، وقال الآخر: عليَّ سلخها، وقال الثالث: عليَّ طبخها، فقال عليه الصلاة والسلام: " وعليَّ جمع الحطب " - ولو سألتم الخبراء في هذا العمل لقالوا: إنه من أشق الأعمال..- فقال أصحابه: يا رسول الله نكفيك ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام:" أعرف أنكم تكفونني، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه"
هذه من سُنَّة النبي العملية، من سيرته، لو طبَّقها المسلمون في نشاطاتهم كلِّها لما وجدت شِقاقاً، ولا عداوةً، ولا مشاحنةً، ولا بغضاء، ولا تدابُر، إذا سوَّيت نفسك مع الناس أحبَّك الناس، أما إن استعليت عليهم فأبغضك الناس، هذه واحدة.
فيا أيها الأخوة الكرام... لو وقفتم عند مواقف النبي وسيرته موقفاً موقفاً، ومشهداً مشهداً، لاستنبطتم من مواقفه قواعد لحياتكم، مناهج في سيرتكم، منظومة قيَم تَنْظِم أعمالكم. إذاً معرفة سنة النبي العملية أو معرفة سيرته فرض عينٍ على كل مسلم لقوله تعالى:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾
[ سورة الأحزاب: 21]
معرفة سُنَّةِ النبيِّ القوليَّة فرض عينٍ على كل مسلم :شيءٌ آخر: معرفة سُنَّةِ النبيِّ القوليَّة - أيْ أحاديثه الشريفة - فرض عينٍ على كل مسلم، والدليل:
﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾
[ سورة الحشر: 7 ]
 كيف تأخذ عن النبي وأنت لا تعرف أَقوال النبي؟ وكيف تنتهي عما نهى عنه النبي وأنت لا تعرف منهيات النبي؟ إذاً ما لا يؤدَّى الفرض إلا به فهو فرض، ما لا تؤدَّى السُنة إلا به فهو سُنَّة، ما لا يؤدى الواجب إلا به فهو واجب، وهذه قاعدةٌ أصوليَّة، الوضوء فرض؟ نعم لأن الصلاة وهي فرض لا تؤدَّى إلا به، فكما أن الصلاة فرض فالوضوء فرض، ما لا يؤدَّى الفرض إلا به فهو فرض، ما لا تؤدى السُنَّة إلا به فهو سنة، ما لا يؤدى الواجب إلا به فهو واجب. ولكن حينما قال الله عزَّ وجل: ﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾
[ سورة الحشر: 7 ]
 كيف تأخذ وكيف تنتهي وأنت لا تعرف ماذا أمر وماذا نهى؟ إذاً معرفة سنة النبي القولية - أي أحاديثه الشريفة - فرض عينٍ على كل مسلم. هذه النقطة الثالثة. دعوة محبة الله تكون باتباع سُنة نبيه :
النقطة الرابعة في ذكرى المولد هي أنَّك إذا ادَّعيت أنك تحب الله عزَّ وجل، هذه دعوة تحتاج إلى دليل، وقد كَثُر المُدَّعون، والدليل اتباع سنة النبي، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾
[ سورة آل عمران: 31 ]
 لا دعوة إلا بالدليل، دعوة محبة الله دعوة عريضة يدَّعيها كل إنسان، ولكن المِحَكَّ الصحيح، والفَيْصَل الدقيق، والبرهان الساطع في اتباع سُنة النبي عليه الصلاة والسلام، فإيَّاك أيها الأخ الكريم أن توهِم نفسك أنك محبٌ لله وأنت لا تتبع سُنَّة رسول الله، إياك أن تتوهَّم أن الله يحبك وأنت لا تتبع سنة رسول الله.. ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾
[ سورة آل عمران: 31 ]
يتبع 
 
	 
		
	 
			 
 
		 
 
		 
 
		 
 
		 
 
		