أرْجَى آية في كتاب الله

روعة ليالينا

:: عضو منتسِب ::
إنضم
4 مارس 2014
المشاركات
42
نقاط التفاعل
49
النقاط
3


أرْجَى آية في كتاب الله

قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ الزمر53


الإسراف هو تجاوز الحد وعندما نقول: فلان مسرف يعني: يتجاوز الحد في الإنفاق بما لا يتناسب مع دخله

وهؤلاء أسرفوا على أنفسهم ولم يقل: أسرفوا لأنفسهم. إنما أسرفوا عليها. مما يدل على أن هذا الإسراف يجر عليهم الوبال، فهو إسراف في المعاصي والذنوب والعياذ بالله.

والإسراف هو تجاوز الحدّ، الحد إنْ كان بعد أمر من لله فقال لا تتجاوزه،

وإنْ كان بعد نهي فقال لا تقربه مجرد القرب منه؛لذلك يقول تعالى في الأوامر:{ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا } [البقرة: 229] يعني: قفْ عندها.

أما في النواهي فيقول سبحانه:{ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا } [البقرة: 187] لأن قربك من الشيء يغريك به.

وكما ورد في الحديث الشريف: " مَنْ حام حول الحِمَى يوشك أنْ يُواقعه ".
لذلك حينما نهى الحق سبحانه سيدنا آدم عن الأكل من الشجرة لم يقل له: لا تأكل منها، إنما قال سبحانه:{ وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ } [الأعراف: 19].

و لفظ الاجتناب أقوى من لفظ التحريم وأشد، وعجيب أن نسمع من الذين يسرفون على أنفسهم يقولون: لم يرد لفظ يحرم الخمر في كتاب الله، نقول: كيف وقد ورد ما هو أشدّ من التحريم وهو الاجتناب في قوله سبحانه:
{ إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلأَنصَابُ وَٱلأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ فَٱجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ فِي ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ }[المائدة: 91].

و معنى (فَاجْتَنِبُوهُ) يعني: ابتعدوا عنها بالكلية فجانبوا مجلسها، وجانبوا شاربها، وجانبوا بائعها، وجانبوا ناقلها.. الخ فهذا أبلغ في التحريم من قولنا لا تشرب الخمر، بدليل أن القرآن استخدم لفظ الاجتناب في قمة الإيمان العقدي، فقال سبحانه:
{ فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ وَٱجْتَنِبُواْ قَوْلَ ٱلزُّورِ } [الحج: 30].

فإذا تناولنا الإسراف في الإنفاق نجد أن الحق سبحانه وتعالى يريد أن تسير حركة الحياة في المجتمع الإيماني حركة متوازنة متساوية تتوسط في الأمور، بمعنى أنك تعرف دخلك ورزقك الذي يسوقه الله إليك، والله لا يريد منك أن تقبض هذا الرزق وتمسكه فلا تنفق منه، ولا يريد منك أن تنفقه كله أو تسرف فيه بل يريد الوسطية، كما بيَّن سبحانه:
{ وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً }[الفرقان: 67]

فالإسراف والتقتير كلاهما مذموم ومنهي عنه، فمَن اتخذ سبيلاً غير سبيل الوسط أضرَّ بنفسه وبالمجتمع، لأنه إن أمسك المال قلَّت قوة الشراء وقوة البيع في الأسواق، ويترتب على ذلك ركود في الحركة التجارية والصناعية وبوار للسلع وكساد في السوق.
وإنْ أسرف وبذَّر فأنفق كل دخله لم يجد شيئاً يدخره لينمي به حياته يحسِّن من مستواه ويرتقي بحياته، وعندها يلوم نفسه لأنه يرى غيره يرتقي ويُرفّه حياته وهو لا يستطيع.

وهذا المعنى أوضحه الحق سبحانه في قوله تعالى:
{ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً }
[الإسراء: 29].
والمعنى: ملوماً حين تمسك وتضن، محسوراً حين تسرف وتبذر، لأنه سيجد أهل الوسطية يعيشون عيشة السعداء، لا لومَ ولا حسرة. والعاقل هو الذي يخضع مصرفه لدخله، لا أن يُخضع دخله لمصرفه، لأنك حين تخضع دخلك لمصرفك فلابد أن تمتد يدك للاقتراض من الناس، وهذا سيتعبك ويشق عليك، وسوف تعييك الحيل، ويقبض الناس عنك نفوسهم، وتهون في أعينهم حتى تعيش بسبب ذلك في كرب.


إذن: فالإسراف تجاوز الحد فيما يعود عليك بالشر والضرر، لذلك قال تعالى: { أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } [الزمر: 53] أما الإسراف الذي يعود عليك بالخير فهو إسراف لك لا عليك كالذي يدفع زكاة ماله عشرة بالمائة بدلاً من 2.5 بالمائة، لأنه أيقن أن هذا هو الباقي له والمدخر عند الله، فواحد يعمل لأمر دنياه فحسب، وواحد يعمل للدنيا وللآخرة.

لذلك لما سُئِل الإمام علي رضي الله عنه: يا إمام أريد أن أعرف أنا من أهل الدنيا، أم من أهل الآخرة؟ قال: ليس عندي جواب هذا السؤال، إنما جوابه عند أنت، قال: كيف؟ قال: إذا دخل عليك اثنان: واحد بهدية، والآخر يريد صدقة أو معونة، فانظر إلى أيهما تبشّ، وبأيهما ترحب، فإن رحبتَ بصاحب الهدية فأنت من أهل الدنيا، لأنك تحب من يعمر لك دنياك، وإن كانت الأخرى فأنت من أهل الآخرة، لأنك تحب مَنْ يعمر لك آخرتك.

وتعرفون قصة الشاة التي " أهديتْ لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فتصدقت بها السيدة عائشة ولم تبْق منها إلا كتفها، فلما سألها رسول الله: " ماذا صنعتِ بالشاة "؟ قالت: كلها ذهبت إلا كتفها - وكان صلى الله عليه وسلم يحب من الشاة الكتف - فقال صلى الله عليه وسلم: " بل بقيت كلها إلا كتفها ".
إذن: الباقي هو ما تصدَّقنا به، والذاهب ما أكلناه، ويؤيد هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: " يا ابن آدم، ليس لك من مال إلا ما أكلتَ فأفنيتَ، أو لبستَ فأبليتَ، أو تصدقتَ فأبقيتَ ".

ثم يفتح الحق سبحانه طاقةَ الأمل لمنْ أسرف على نفسه، فيقول لهم: { لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّه } [الزمر: 53] القنوط هو اليأس من رحمة الله، لكن لماذا نيأس من رحمة الله؟ قالوا: لأنهم أسرفوا على أنفسهم وبالغوا في المعصية وتمادَوْا فيها، وحين يعود المسرف ويرجع يلوم نفسه ويؤنبها وتعظم ذنوبه في نظره، ولا يرى نفسه أهلاً للمغفرة ولا للرحمة فيداخله اليأس والعياذ بالله.
والمتأمل يجد هذا اللوم للنفس وهذا اليأس من الرحمة هو من جهة أخرى ظاهرة صحية في الإيمان، لأن استعظامَ الذنوب وكوْن المسرف لا يرى نفسه أهْلاً للرحمة، هذا يدل على سلامة إيمانه وعلى خوفه من ربه.قوله سبحانه: { إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } [الزمر: 53]

قال عنها ابن عباس أنها أرْجَى آية في كتاب الله لأنها تعطي الأمل لكل مذنب مهما كانت ذنوبه. ولولا أن الله تعالى أعقبها بقوله: { وَأَنِـيبُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ } [الزمر: 54] لأورثتْ الناسَ التهاون وأطعمتهم في رحمة الله طمعاً يُنسيهم عذابه ونقمته، فالمؤمن يتقلًّب في حركة حياته بين الخوف والرجاء، ولا بد له منهما معاً
نعم ربك غفور رحيم، لكن لا بد لكي تكون موضعاً لهذه الرحمة ومتعلقا لهذه المغفرة، لا بد أن تنيب إلى الله، وأن ترجع إليه رجوعاً صادقاً مخلصاً، لأن الذي يذنب ويتوب، ثم يذنب ويتوب كالمستهزئ بربه، نعوذ بالله من هذا.

من تفسير الشيخ الشعراوى رحمه الله

فى رعاية الله احبائى فى الله والحمدلله ان لنا رب غفور رحيم يغفر لنا ذنوبنا حين نرجع اليه ونتوب اليه ونستغفره

واستغفر الله الذى لا إله إلا هو الحى القيوم وأتوب إليه

 
رد: أرْجَى آية في كتاب الله

بارك الله فيكي
 
رد: أرْجَى آية في كتاب الله

الحمد لله على نعمة الاسلام
 
رد: أرْجَى آية في كتاب الله

بلرك الله فيك اختي
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top