تحرير المرأة :

د.سيد آدم

:: عضو مثابر ::

عندما غزا نابليون بونابرت ( 1769 – 1821م ) مصر على رأس " حملته " الفرنسية العام 1798م ، كان يريد بناء الإمبراطورية الشرقية التي تعيد سيرة الإسكندر الأكبر ( 356 – 323 ق م ) وتحقق أحلام الملك الصليبي القديس لويس التاسع ( 1214 – 1270 م ) .
ومع الاحتلال والنهب الاقتصادي - التي هي الأهداف الكبرى للاستعمار الغربي - سعت " الحملة " الفرنسية إلى التبشير بالعلمانية ووضع الأسس الأولى للقوانين الوضعية ، بل سعت إلى اختراق منظومة " القيم " الإسلامية من وراء إحلال " نموذج " المرأة الفرنسية محل " نموذج " المرأة المسلمة / الشرقية : إحلال " العُري" محل " الحشمة " ، و" الخلاعة " محل " الوقار " .
يقول الجبرتي ( 1167 – 1237 هـ / 1745 – 1822م ) – مؤرخ العصر ، وشاهد العيان على هذه الـ حملة – ... : " إنهم قد عملوا على تبرج النساء وخروج غالبهن عن الحشمة والحياء ؛ فكانت النساء الفرنسيات يركبن الخيول والحمير ويسقنها سوقاً عنيفاً مع الضحك والقهقهة ، ومداعبة المكارية وحرافيش العامة ، فمالت إلى الفرنسيين نفوسُ أهل الأهواء من النساء السوافل والفواحش ، وخطب كثيرٌ من الفرنسيين بناتِ الأعيان وتزوجوهن رغبةً في سلطانهن ونوالهن ، فيظهر الفرنسي حالة العقد الإسلامَ ، وينطق الشهادتين ، لأنه ليس له عقيدة يخشى فسادها . ولما وفى النيل ، ودخل الماء في الخليج ، وجرت فيه السفن ، وقع عند ذلك من تبرج النساء واختلاطهن بالفرنسيين ، ومصاحبتهم لهن في المراكب والرقص والغناء والشرب في النهار والليل ، في الفوانيس والشموع الموقدة ، وعليهن الملابس الفاخرة ، والحلي والجواهر المرصعة ، ويتجاوبون برفع الصوت وتحريك المجاديف بسخايف موضوعاتهم وخصوصاً إذا دبت الحشيشة في رؤوسهم ، وتحكمت في عقولهم ، فيصرخون ويطبلون ويرقصون ويزمرون ويجاوبون بمحاكاة ألفاظ الفرنساوية في غنائهم ، وتقليد كلامهم شئ كثير . ولقد تداخل مع الفرنسيين كثيرٌ من النساء الفواجر حتى كثرت الفواحش بين النساء " .
هكذا تحدث الجبرتي عن الاختراق الفرنسي لمنظومة القيم الإسلامية ، من خلال إشاعة " العُري " و" الخلاعة " وإضفاء المشروعية ، والعلنية ، على المحرمات والانحرافات .
وإذا كان هذا الاختراق الاستعماري لمنظومة القيم الإسلامية قد غدا سنةً متبعةً في كل الممارسات الاستعمارية بكل البلاد الإسلامية التي وقعت في قبضة الاحتلال ، فإن الفكر الاستعماري قد دافع عن هذا الاختراق ؛ فرأينا الكثير من الكتاب الغربيين ينحازون إلى " العري " بدلا من " الحشمة " في ثياب النساء ، حتى لتصدرها القوانين الغربية بذلك في القرن الواحد والعشرين .
لكن بعض الأصوات الغربية قد تحلت بالشجاعة عندما دعت المرأة الشرقية ، والمسلمة ، إلى التمسك بالقيم الإسلامية وهي تسعى إلى النهوض ، وإلى التحرر بالإسلام ، وليس التحرر من الإسلام .
ومن هذه الأصوات الغربية صوت المستشرقة الألمانية " سيجريد هونكة " ( 1913 – 1999م ) التي كتبت عن موقف الإسلام من المرأة ، ومكانة المرأة في الإسلام فقالت ... : ( إن الرجل ، والمرأة ، في الإسلام ، يتمتعان بالحقوق نفسها ، من حيث النوعية ، وإن لم تكن تلك الحقوق هي ذاتها في كل المجالات . وفي الحياة الزوجية ، التي يهتم بها القرآن اهتماماً رئيسياً ، تنظر المرأة إلى زوجها نظرة العارفة بقوامته عليها ، وذلك أن كبرياءها يأبى عليها الامتثال والطاعة إلا لمن ترفع بصرها إليه إعجاباً وتقديراً ، فالعلاقة بينهما تخضع للامتثال القائم على الثقة والخضوع والولاء . ولا تعني تلك الطاعة عبئاً ينوء المرء تحته معانياً ، بل إن المرء يتمتع بخضوعه هنا دون الحد من قدْره ، بل إنه ليبلغ بخضوعه أسمى الدرجات ، سواء في عبوديته لله ، أو في حبه لمن يحب ، وهذا هو الذي عبر عنه ابن حزم الأندلسي (384 456 هـ / 994 – 1064م) في " طوق الحمامة " حيث يقول ... : " ومن عجب ما يقع في الحب من طاعة المحب لمحبوبه ، ولقد وطئت بساط الخلفاء وشاهدت محاضر الملوك ، فما رأيت هيبة تعدل هيبة المحب لمحبوبه ، وهذا مكان تتقاصر دونه الصفات ، وتتلكن بتحديده الألسن " ) .
لذلك ، فعلى المرأة العربية أن تتحرر من النفوذ الأجنبي ، وألا تتخذ المرأة الأوربية ، أو الأمريكية ، أو الروسية ، قدوةً تحتذيها ، أو أن تهتدي بفكر عقائدي مهما كان مصدره ، لأن في ذلك تمكيناً جديداً للفكر الدخيل المؤدي لفقدها لمقومات شخصيتها ، وإنما عليها أن تتمسك بهدي الإسلام الأصيل ، وأن تسلك سبيل السابقات من السلف الصالح ، اللاتي عشنه منطلقاتٍ من قانون الفطرة التي فُطرن عليها ، وأن تلتمس المرأة العربية لديهن المعايير والقيم التي عشن وفقاً لها ، وأن تكيف تلك المعايير والقيم مع متطلبات العصر الضرورية ، وأن تضع نصب عينيها رسالتها الخطيرة المتمثلة في كونها أمَّ جيل الغد العربي الذي يجب أن ينشأ عصامياً يعتمد على نفسه .
 
بارك الله فيك على الموضوع
انا في رايي احسن قدوة للمراة المسلمة هي السيدة خديجة والسيدة عائشة رضي الله عليهما
 
توقيع أم منيــــــر
بارك الله فيك دكتور تأكد ان قدوت كل فتاة مسلمة تعرف قيمة نفسها سيدات بيت النبوة رضي الله عليهن وجمعن بيهن
ننتظر كتابك دكتور
 
بارك الله فيك على الموضوع
انا في رايي احسن قدوة للمراة المسلمة هي السيدة خديجة والسيدة عائشة رضي الله عليهما
... صدقتِ ! ؛ فهاتان هما من " أمهاتنا " الطاهرات ، لكن تدور الأيام ونعيش زمناً تُمنح فيه إحدى الراقصات لقب الأم المثالية !!! .
 
بارك الله فيك دكتور تأكد ان قدوت كل فتاة مسلمة تعرف قيمة نفسها سيدات بيت النبوة رضي الله عليهن وجمعن بيهن
ننتظر كتابك دكتور
أستاذة شموخ ،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشكر موصولٌ للمرور الكريم .
سيدات بيت النبوة يجب أن يكنّ قدوة لكل مسلمة ، ونحن نسعى قدر جهدنا لنواجه إعلامنا وتعليمنا المتغربين اللذين يستلبان عقول شبابنا ليتم صنع جيل جديد منفصل عن تاريخه عقدياً وقيمياً .
 
تنبيه: نظرًا لتوقف النقاش في هذا الموضوع منذ 365 يومًا.
قد يكون المحتوى قديمًا أو لم يعد مناسبًا، لذا يُنصح بإشاء موضوع جديد.
العودة
Top Bottom