تقييد وإيضاح على التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل

khatraoui

:: عضو مُتميز ::
إنضم
27 أفريل 2014
المشاركات
506
نقاط التفاعل
113
النقاط
19
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تقييد وإيضاح على التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل
ساعد عمر غازي
لا شك أن كتاب "التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل" لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ - حفظه الله - من المصنَّفات النافعة، التي أجاد فيها مُصنِّفها وأمتع، ولكن هناك أشياء لم يقف عليها معالي الشيخ - حفظه الله - أو أوردها وغيرها أصرح منها، أحببت أن أُورد ما وقفت عليه من ذلك؛ للنظر فيه، وحتى تكتمل الفائدة، فإن أصبت فمن الله تعالى، وله الفضل والمنَّة، وإن كانت الأخرى فذلك مني، وأسأله العفو والمغفرة لذنبي، إنه عفو كريم، غفور رحيم.
1 - قال الإمام الألباني - رحمه الله - في "إرواء الغليل" (8 / 158): "لم أقف عليه، ولا عرفت أبا زينب هذا" انتهى كلامه - رحمه الله.
قلت: وكان معالي الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله - في "التكميل" (ص: 193) خرج الأثر الذي لم يقف عليه الإمام الألباني - رحمه الله - بقوله: "رواه ابن سعد في "الطبقات" (7 / 130)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 85) عن شعبة عن عاصم قال: سمعت أبا زينب وكان قد غزا على عهد عمر قال: "غزونا ومعنا أبو بكرة وأبو برزة وعبدالرحمن بن سمرة، فكنا نأكل من الثمار"، وهذا لفظ ابن سعد، وأما عند ابن أبي شيبة فقال: سافرتُ في جيش مع أبي بكرة... إلخ.
قلت: أبو زينب - على ما قال عاصم - تابعي، والأثر له شواهد كثيرة، انظرها في "الإرواء" وغيره" انتهى كلامه، فاستظهر أنه تابعي لما ساق الإسناد من طريق عاصم قال: "سمعت أبا زينب وكان قد غزا على عهد عمر..."، وهذا الاستظهار صرح به ابن سعد في "الطبقات" فقال في (7 / 63): "الطبقة الأولى من الفقهاء والمحدثين والتابعين من أهل البصرة من أصحاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه"، ثم ذكر طائفة منهم، ثم قال في (7 / 92 - 93): "ومن هذه الطبقة: ممن يقول: أتانا كتاب عمر بن الخطاب، ويروي عنه ما أمر به في كتبه إلى أبي موسى الأشعري والمغيرة بن شعبة وغيرهما، وقد غزا عامتهم غزوات في خلافة عمر بن الخطاب"، ثم ذكره منهم في (7 / 93 - 94) رقم (3018) بقوله: "أبو زينب..."، وساق الأثر المذكور، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً.
وفي "الكنى" لمسلم (1267): "أبو زينب عن أبي بكرة وعبدالرحمن بن سمرة روى عنه عاصم الأحول"، وفي "المقتنى" (2447): "أبو زينب عن أبي بكرة الثقفي، وعنه عاصم الأحول".
وجاء ذكره أبضًا في "فتح الباب في الكنى والألقاب" لابن منده (ص: 552) رقم: (3110) قال: "أبو زينب: حدَّث عن سلمان الفارسي، وعبدالرحمن بن سمرة، وأنس بن مالك، روى عنه: علي بن ربيعة، وعاصم الأحول"، فذكر أنه روى عنه أيضًا علي بن ربيعة، وعليه فإن أبا زينب هذا تابعي مستور، والله أعلم.
2 - في "إرواء الغليل" (8 / 65): تحت الأثر الذي ذكره صاحب "منار السبيل": "روى سعيد بن المسيب عن عمر في أَمَة بين رجلين وطئها أحدهما يُجلد الحد إلا سوطًا"؛ رواه الأثرم:
قال الإمام - رحمه الله -: "لم أقف على إسناده" انتهى كلامه - رحمه الله.
وقال معالي الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله - في "التكميل" (ص: 178): "وأما رواية سعيد عن عمر، فتُنظر".
قلت: وقفت عليه: في "العلل ومعرفة الرجال" (5450): "قال عبدالله بن أحمد: حدثني أبي، قال حدثنا عبدالصمد، قال حدثنا همام، قال حدثنا قتادة، عن داود بن أبي عاصم، عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب قال في رجل غشي جارية بينه وبين رجل، قال: يجلد مائة غير سوط، وتقوم عليه وولدها بأغلى القيمة"، والله الموفق إلى الصواب.
3 - في "إرواء الغليل" (8 / 94) تحت الحديث: "روى أبو داود بإسناده عن ابن عباس قال: "وادَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا برزة الأسلمي فجاء ناس يريدون الإسلام، فقطع عليهم أصحابه، فنزل جبريل عليه السلام بالحد فيهم أن مَن قتَل وأخَذَ المال قُتل وصُلب، ومن قتَل ولم يأخذ المال قُتل، ومن أخذ المال ولم يقتل قُطعت يده ورِجله من خلاف".
قال الإمام الألباني - رحمه الله -: "لم أقف عليه لا في أبي داود ولا في غيره، وليس له ذكر في "الدر"، ولا في غيره" انتهى كلامه.
قلت: وقفت عليه؛ رواه محمد بن الحسن الشيباني في "الأصل" كما ذكر السرَخسي في "المبسوط" (9 / 134) فقال: "وإنما سبب نزول هذه الآية: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 33] الذين قطَعوا الطريق، وما بدأ به محمد الكتاب[1]، ورواه عن أبي يوسف - رحمه الله تعالى - عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين: قال وادَعَ رسول الله أبا بردة[2] هلال بن عويمر الأسلمي، فجاء أناس يريدون الإسلام فقطع عليهم أصحاب أبي بردة الطريق، فنزل على رسول الله جبريل عليه السلام بالحدِّ فيهم أن من قتَلَ وأخذ المال صُلب، ومَن قتَل ولم يأخذ المال قُتل، ومَن أخذَ مالاً ولم يَقتل قُطعت يده ورِجلُه من خلاف، ومن جاء مسلمًا هدم الإسلام ما كان في الشرك".
وذكره أيضًا ابن الهمام في "فتح القدير" (5 / 424) فقال: "ولنا ما روى محمد عن أبي يوسف عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:..."، وقال الثعلبي في "الكشف والبيان عن تفسير القرآن" (4 / 55)، والبغوي في "تفسيره" (3 / 47): "وقال الكلبي: نزلت في قوم هلال بن عويمر، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وادَعَ هلال بن عويمر، وهو أبو بردة الأسلمي، على ألا يعينه ولا يعين عليه، ومَن مرَّ بهلال بن عويمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو آمن لا يهاج، فمرَّ قوم من بني كنانة يريدون الإسلام بناس من أسلم من قوم هلال بن عويمر، ولم يكن هلال شاهدًا فشدُّوا عليهم فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فنزل جبريل عليه السلام بالقضاء فيهم".
وهذا إسناد ضعيف جدًّا، آفته الكلبي، واسمه محمد بن السائب، قال الحافظ: "متَّهم بالكذب"، وشيخه أبو صالح هذا هو مولى أم هانئ بنت أبي طالب، واسمه باذان، ويقال: باذام، أيضًا، قال ابن معين: "فإذا روى عنه الكلبي، فليس بشيء"،وقال ابن رجب في "فتح الباري" (3 / 200): "قال مسلم في "كتاب التفصيل": وأبو صالح باذام قد اتقى الناس حديثه، ولا يَثبت له سماع من ابن عباس"، وقال ابن حبان في "المجروحين": "يحدث عن ابن عباس، ولم يسمع منه"، والله أعلم.
أما الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله - في "التكميل" (ص: 182 - 183) فقال: "وقفت عليه؛ رواه أبو يوسف القاضي في كتاب "الخراج": قال القاضي أبو يوسف: إذا قتل ولم يأخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف؛ حدثنا بذلك الحجاج بن أرطاة عن عطية العَوفي عن ابن عباس.
قلت: وهذا إسناد ضعيف.
قال في "التلخيص" (4 / 72): "رواه أحمد بن حنبل في "تفسيره"...".
تنبيه: تابع المصنِّف صاحب "الشرح الكبير" في عزوه لأبي داود، وأما شيخه الموفق ابن قدامة فقد ساقه دون عزو، ثم قال في "المغني": وقيل: إنه رواه أبو داود" انتهى كلامه.
وما وقف عليه الشيخ صالح - حفظه الله - عن ابن عباس رضي الله عنهما ليس هو المقصود، كما هو ظاهر؛ لأن الأثر الذي ذكره من قول ابن عباس رضي الله عنهما، وليس فيه القصة المذكورة ولا نزول جبريل عليه السلام، والله الموفق.
ثم إن هذا الأثر الذي ذكره رواه أيضًا ابن جرير في "تفسيره" رقم (11829) عن محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي عن ابن عباس بنحوه، وكذا رواه البيهقي بهذا الإسناد، وهذا إسناد ضعيف؛ لحال هذه السلسلة كما هو معلوم.
قد روي من طريق أخرى؛ رواه الشافعي في "الأم" (6 / 212 - 213) ومن طريقه البيهقي (8 / 283) عن إبراهيم عن صالح مولى التوءمة عن ابن عباس في قُطَّاع الطريق: "إذا قتَلوا وأخَذوا المال قُتلوا وصُلبوا، وإذا قتَلوا ولم يأخذوا المال قُتلوا ولم يُصلَبوا، وإذا أخَذوا المال ولم يَقتلوا قُطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف..."، وإسناده ضعيف جدًّا، وإبراهيم شيخ الشافعي وهو ابن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، متروك، واتهمه غير واحد بالكذب، وشيخه صالح مولى التوءمة قال الحافظ: "صدوق اختلط بآخرة، قال ابن عدي: لا بأس برواية القدماء عنه كابن أبي ذئب وابن جريج"، وقول ابن عدي في "الكامل" (4 / 57): "وصالح مولى التوءمة له من الحديث غير ما ذكرت، وقد روى عنه الثوري أحاديث وابن جريج وابن أبي ذئب وغيرهم غير ما ذكرت، وهو في نفسه ورواياته لا بأس به إذا سمعوا منه قديمًا، والسماع القديم منه سمع منه ابن أبي ذئب وابن جريج[3]، وزياد بن سعد وغيرهم ممن سمع منه قديمًا، فأما من سمع منه بآخرة فإنه سمع وهو مختلط، ولحقه مالك والثوري وغيرهم بعد الاختلاط".
ولإبراهيم شيخ آخر في هذا الأثر، وهو داود بن الحصين؛ فقد رواه عبدالرزاق في "مصنفه" (10 / 109) رقم (18544) ومن طريقه البيهقي (8 / 283)، عن إبراهيم عن داود عن عكرمة عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في المُحارب: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [المائدة: 33] إذا عَدا فقطع الطريق فقَتَل وأخَذ المال صُلب، وإن قتَل ولم يأخذ مالاً قُتل، وإن أخذ المال ولم يَقتل قُطع من خلاف، فإن هرب وأعجزهم فذلك نفْيُه"، والله أعلم.
أما التنبيه الذي ذكره الشيخ صالح - حفظه الله - فيرد عليه بأن ابن قدامة عزاه في "الكافي" (5 / 338) لأبي داود وقال: "وروى أبو داود بإسناده عن ابن عباس..."، فلعله كان عنده شك في ذلك، كما هو ظاهر عبارته في "المغني"، وفي الجملة فقد أخطأ ابن قدامة في هذا العزو، والله أعلم.
قال معالي الشيخ صالح - حفظه الله - في "التكميل" (ص: 21): "أثر عمر رواه عبدالرزاق في "مصنفه": (2 / 436) ومن طريقه ابن حزم في "المحلى": (3 / 110، ط منيرية) عن الثوري عن جابر عن الحسن بن مسافر عن سويد بن غفلة قال: "كان عمر بن الخطاب يَضرب على الصلاة بعد الإقامة"، والحسن هذا يُنظر من هو؟ فإني لم أعرفه الآن".
قلت: جابر المذكور في هذا الإسناد هو ابن يزيد الجعفي، والمقال فيه معروف، وقد سكت عنه معالي الشيخ، مع أنه في موضع آخر من "التكميل" أشار إلى الإعلال به، كما يظهر من قوله في (ص: 102): "روى عبدالرزاق: (9 / 122 - 123)، ومن طريقه ابن حزم: (10 / 83، ط الثانية) عن سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن القاسم بن عبدالرحمن قال: كان علي بن أبي طالب وابن مسعود يُجيزان الصدقة وإن لم تقبض... قلت: في الأثر الأول جابر الجعفي، والانقطاع".
قلت: قد يقال: إن الحسن بن مسافر، صوابه: "الحسن بن مسلم"، فوقع تصحيف في اسمه، والدافع إلى ذلك أنهم ذكروا في ترجمة الحسن بن مسلم بن يناق المكي أنه يروي عنه: جابر بن يزيد الجعفي، كما في "تهذيب الكمال" (6 / 325)، والحسن بن مسلم، ثقة، كما في "التقريب"، ذكرت ذلك للنظر فيه، والله أعلم.
الالوكة
-----------------------------------------------------------------------
[1] يعني: كتاب السرقة من كتاب "الأصل"، والله أعلم.
[2] وقع في "المغني" و"الكافي" لابن قدامة: "أبو بردة الأسلمي"، بالكنية فقط دون ذكر اسمه، موافقًا لما في هذه الرواية، فذهب محقِّقا المغني (التركي والحلو)، وكذلك التركي في تحقيقه على "الكافي"، إلى أن الصواب: "أبو برزة الأسلمي، هو نضلة بن عبيد"، ولعل الصواب ما جاء في هذه الرواية، وما وقع في نسخ "المغني" والكافي"، وانظر: "الكشف والبيان" (4 / 55)، و"زاد المسير" (2 / 344)، والله أعلم.
[3] ومن هنا تعلَم وهم الحويني؛ حيث قال في "تفسير ابن كثير" (2 / 278): "ابن جريج ليس من قدماء أصحابه، كان قد اختلط"!
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top