سبق رحمة الله غضبه:
إن رحمة الله تعالى قد سبقت غضبه، هكذا كتب الله تعالى على نفسه، ويتضح هذا من آي الذكر الحكيم وأحاديث خاتم النبيين ففي القرآن الكريم:
(1) قوله تبارك وتعالى: ﴿ وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا ﴾ [الكهف: 58] .
(2) وقال عزَّ من قائل: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].
(3) وقول أرحم الراحمين: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾[النور: 14].
(4) وقال تعالى: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 21].
(5) وقوله تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا *﴾ [الفرقان: 70].
وفي السنة:
(1) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله حين خلق الخلق كتب بيده على نفسه: أن رحمتي تغلب غضبي»([1] .
(2) روى مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لما خلق الله الخلق، كتب في كتابه، فهو عنده فوق العرش: أن رحمتي تغلب غضبي»([2]).
(3) أخرج البخاري من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله كتب كتابًا قبل أن يخلق الخلق: أن رحمتي سبقت غضبي فهو مكتوب عنده فوق العرش»([3]).
(4) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانًا، ثم خرج يسأل، فأتى راهبًا فسأله، فقال له: هل من توبة؟ قال: لا، فقتله فجعل يسأل فقال له رجل: ائت قرية كذا وكذا فأدركه الموت فنأى بصدره نحوها، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأوحى الله إلى هذه أن تقربي، وأوحى الله إلى هذه أن تباعدي، وقال: قيسوا ما بينهما، فوجد إلى هذه أقرب بشبر فغفر له»([4]).
(5) أخرج مسلم من حديث أبي سعيد الخدري في كتاب الإيمان باب الرؤية حديثًا طويلاً وذكر من يشفع بإذن الله في إخراج أقوام من النار، ثم قال أبو سعيد الخدري: إن لم تُصدِّقوني بهذا الحديث فاقرؤوا إن شئتم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 40] .
فيقول الله عزَّ وجلَّ: شفعت الملائكة وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبقَ إلا أرحم الراحمين، فقبض قبضة من النار فيخرج منها قومًا لم يعملوا خيرًا قط، قد عادوا حممًا فيلقيهم في نهر من أفواه الجنة يقال له نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبَّة في حميل السيل... الحديث([5]).
علاقة الرحِم بالرحمن:
الرحِم هي: القرابة.
وذو الرحِم: هم الأقارب، وشجنة أي قرابة مشتبكة كاشتباك العروق.
وقد أمر الله تعالى بصلة الرحِم، وحذَّر من قطعها، ووعد بالعطاء الجزيل على الصلة، وتوعَّد بالعذاب الأليم على القطيعة، ويتبيَّن لنا هذا من كتاب ربِّنا ومن سُنَّة نبيِّنا.
فإذا استعرضنا كتاب الله وجدنا فيه:
(1) قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
(2) وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * ﴾ [الأنفال: 75].
(3) وقال تعالى: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴾ [الأحزاب: 6].
(4) وقال تعالى: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾ [محمد: 22].
وإذا تصفَّحنا كتب السُّنَّة وجدنا فيها:
(1) أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحِم فقال: مَه؟ قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، يا ربِّ، قال فذلك لك» ثم قال أبو هريرة ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾([6]).
(2) روى مسلم من حديث عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الرحِم مُعلَّقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله»([7]).
(3) أخرج مسلم من حديث جُبير بن مُطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة قاطع رَحِم»([8]).
(4) أخرج البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : «إن الرحم شجنة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته»([9]).
(5) أخرج البخاري من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الرحم شجنة، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته»([10]).
(6) روى الإمام أحمد من حديث عبد الله بن قارظ، أنه دخل على عبد الرحمن بن عوف وهو مريض، فقال له عبد الرحمن: وصلتك رحِم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله عزَّ وجلَّ: أنا الرحمن خلقت الرحِم وشققت لها من اسمي، فمن يصلها أصله ومن يقطعها أقطعه فأبتُّه» أو قال: «من يبتُّها أبتُّه»([11]).
(7) أخرج الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، الرحم شجنة من الرحمن، فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله»([12]).
(8) أخرج البخاري من حديث عبد الله بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ليس الواصل بالمُكافئ، ولكنَّ الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها»([13]).
(9) وأخرج مسلم من حديث عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أبرُّ البرِّ أن يصل الرجل وُِدّ أبيه»([14]).
(10) وأخرج البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سرَّه أن يُبسط له في رزقه، أو يُنسأ له في أثره فليصل رحمه»([15]).
فعلينا بصلة الرحم ولنحذر قطعها.
محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة:
إن الرحمة صفة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أيضًا, فهو رحيم بالمؤمنين يعزُّ عليه ما يشقُّ عليهم، بل إنه صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة؛ جاء في القرآن الكريم.
1- ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].
2- وقال تعالى: ﴿ وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 61].
وجاء في السُّنَّة:
1- أخرج مسلم في الصحيح من حديث جُبير بن مُطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن لي أسماء، أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، أنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد»([16]).
2- أخرج مسلم وغيره من حديث أبي موسى الأشعري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ُيسمى لنا نفسه أسماء، فقال: «أنا أحمد والمقفى، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة»([17]).
3- أخرج مسلم أيضًا من حديث عمران بن الحصين، قال: كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل، فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من بني عقيل وأصابوا معه العضباء، فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الوثاق قال: يا محمد، فأتاه، فقال: «ما شأنك؟ فقال: بمَ أخذتني، وبمَ أخذت سابقة الحاجِّ؟ فقال: إعظامًا لذلك؛ أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف» ثُمَّ انصرف عنه فناداه، فقال: يا محمد، يا محمد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيمًا رقيقًا... الحديث([18]).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم رحيمًا في كل المواطن، وكانت عيناه تفيضان بالدموع عندما يفيض قلبه بالرحمة، وقد يُسمع صوت بكائه عليه الصلاة والسلام ولم يفقد، بل لم تفارقه الرحمة حتى في المواقف التي يضطهد فيها، يُضيِّق عليه أهل مكة الخناق وهو وأصحابه، بل يؤذونه ويعذبون أصحابه فيقول: «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون».
وفي يوم الفتح صنع بمن حاربه السنين الطويلة ووقف في وجه الدعوة وقتل أصحابه، فعل بهم كما فعل يوسف بإخوته عندما قال: ﴿ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 92] وكانت رحمته صلى الله عليه وسلم تسع جميع الناس، ويحس بها كل الناس الضعفاء والأقوياء على حدٍّ سواء.
4- كان رحيمًا بالأمهات وأطفالهن: أخرج الشيخان من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبيِّ فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه»([19]).
5- وذكر يومًا رجلاً أسود أو امرأة سوداء، أو فقده، فسأل عنه أو عنها، رحمة به أو بها، فقالوا: مات.
أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة أن رجلاً أسود أو امرأة سوداء كان يقمُّ المسجد، فمات فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقالوا: مات، قال: «أفلا كنتم آذنتموني به، دِلُّوني على قبره أو قال: قبرها, فأتى قبره فصلى عليه»([20]).
6- إن الذي سماه "رحيمًا" هو "الرحيم" الذي أنزل الرحمة في قلب عبده ومصطفاه حتى بلغت رحمته الحيوان.
روى الإمام أحمد من حديث عبد الرحمن بن عبد الله قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلاً فانطلق إنسان إلى غيضة فأخرج منها بيض حمَّر، فجاءت الحمَّرة ترف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ورؤوس أصحابه، فقال: «وبخل أيكم فجع هذه؟» فقال رجل من القوم: أنا أصبت لها بيضًا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أردده»([21]).
7- وصحَّ أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن «قتل الصبر»([22]) وفي رواية صحيحة أنه صلى الله عليه وسلم «نهى أن يقتل شيء من الدَّواب صبرًا»([23]).
8- وكان يُقبِّل الصبيان رحمة بهم، روى مسلم من حديث عائشة قالت: «قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتُقَبِّلون صبيانَكم؟ فقالوا: نعم، فقالوا: لكنَّا والله ما نُقَبِّل». فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوأملك إن كان الله نزع منكم الرحمة»([24]).
9- وثبت أنه قال صلى الله عليه وسلم : «من لا يرحم لا يرحمه الله عزَّ وجلَّ»([25]).
10- وروى الإمام أحمد من حديث ابن عباس، قال: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: اُدْعُ لنا ربَّك أن يجعل لنا الصفا ذهبًا ونُؤمن بك، قال: «وتفعلون؟» قالوا: نعم، قال: «فدعا، فأتاه جبريل، فقال: إن ربَّك عزَّ وجلَّ يقرأ عليك السلام، ويقول: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبًا، فمن كفر بعد ذلك منهم عذَّبته عذابًا لا أُعذِّبه أحدًا من العالمين، وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة» قال: «بل باب التوبة والرحمة»([26]).
11- وروى البخاري من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه: أن ابنًا لي قُبض فأتنا، فأرسل يُقرِئ السلام، ويقول: «إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكلٌّ عنده بأجل مُسمَّى، فلتصبر ولتحتسب» فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينا، فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأُبَيُّ بن كعب، وزيد بن ثابت ورجال، فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي ونفسه تتقعقع، قال:حسبته أنه قال: كأنها شن، ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله، ما هذا؟ فقال: «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرُّحماء»([27]).
12- وأخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة، قال: قيل: يا رسول الله، اُدْعُ على المشركين، قال: «إني لم أبعث لعَّانًا، وإنما بُعثت رحمة»([28]).
13- وروى الإمام البخاري من حديث عائشة قالت: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم رحمة لهم» الحديث([29]).
14- وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيُقعدني على فخذه ، ويُقعد الحسن بن علي على فخذه الآخر، ثم يضمهما ثم يقول: «اللهم ارحمهما فإني أرحمهما»([30]).
من خلال هذه الأمثلة المتقدمة تتَّضِح الصورة، وتصحُّ التسمية، ويُتأسَّى به صلى الله عليه وسلم في رحمته بأمته، ورحمته بالضعفاء، ورحمته بالنساء، ورحمته بالصغار، وبالحيوان، والرحمة بالأُمَّة مطلب مهم، وصفة المؤمنين، وصف الله سبحانه وتعالى المؤمنين بأنهم رحماء بينهم.
قال تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا * ﴾ [الفتح: 29] وقال سبحانه: ﴿ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ﴾ [البلد: 17] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادِّهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى سائر جسده بالسهر والحمى»([31]).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref1([1]) أخرجه الترمذي (2/271) واللفظ له, وأحمد (2/433) وابن ماجة (4295) من حديث أبي هريرة, وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (1629).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref2([2]) صحيح مسلم, كتاب التوبة رقم (2751).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref3([3]) صحيح البخاري (13/522) (7554) الفتح.
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref4([4]) أخرجه البخاري في الصحيح (6/512) رقم (3470) الفتح, من حديث أبي سعيد الخدري, ومسلم في الصحيح: التوبة ص(46) والنسائي: جنائز ص (9) وابن ماجة: ديات ص(2) وأحمد (3/20).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref5([5]) صحيح مسلم (1/170) رقم (302) وأحمد (1/5) وسنن ابن ماجة: زهد /35.
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref6([6]) صحيح البخاري (13/564) رقم (7502) ومسلم: برّ /16 وأحمد (2/330).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref7([7]) صحيح مسلم (4/1981) رقم (2555) وأحمد (2/63).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref8([8]) صحيح مسلم (4/1981) رقم (19).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref9([9]) صحيح البخاري (10/417) رقم (5988) والترمذي: كتاب البر /16 وأحمد (1/190) (2/295).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref10([10]) صحيح البخاري (10/417) رقم (5989).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref11([11]) مسند الإمام أحمد (1/191).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref12([12]) جامع الترمذي (4/324) رقم (1934) وأبو داود: أدب /58.
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref13([13]) صحيح البخاري (10/423) رقم (5991) وأبو داود: زكاة /45 والترمذي: كتاب البر /10 وأحمد في المسند (2/163، 190).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref14([14]) صحيح مسلم (4/1979) رقم (12) والترمذي: برّ /5 وابن ماجة: جنائز /48 وأحمد (2/97).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref15([15]) صحيح البخاري (4/301) رقم (2067) وصحيح مسلم: برّ ( /20، 21) وأبو داود: زكاة /45 وأحمد (3/156، 247، 266) .
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref16([16]) صحيح مسلم (4/1828) رقم (125).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref17([17]) صحيح مسلم (4/1829) رقم (2355) وأخرجه الترمذي في جامعه كتاب الدعوات /118 وابن ماجة في كتاب الإقامة 25 وأحمد (4/138) وذكره الألباني في صحيح الجامع رقم (1486).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref18([18]) أخرجه مسلم في الصحيح (3/1262) رقم (1641) والبخاري في كتاب الأذان (17/18) وأبو داود في كتاب الإيمان /21، والنَّسائي في الأذان /8، وأحمد (3/436) (4/433) (5/53).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref19([19]) أخرجه البخاري في الصحيح (2/202) رقم (710) ومسلم في الصلاة (191) وأبو داود في الصلاة /133 والترمذي في الصلاة /159 والنَّسائي في الإقامة /35 وابن ماجة في الإقامة /49 وأحمد (3/109).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref20([20]) أخرجه البخاري في صحيحه (1/552) رقم (458) ومسلم: جنائز /71 وغيرها.
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref21([21]) مسند الإمام أحمد (1/404) ورجاله ثقات، عدا المسعودي صدوق.
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref22([22]) صحيح الجامع (6846) ثم قال: صحيح.
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref23([23]) صحيح الجامع (6716) ثم قال: صحيح.
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref24 ([24]) صحيح مسلم (4/1808) رقم (2317).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref25([25]) أخرجه البخاري في الصحيح (10/238) رقم (6013) وصحيح مسلم (4/1809) رقم (2319).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref26 ([26])مسند الإمام أحمد (1/242) ورجاله ثقات.
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref27([27]) صحيح البخاري (3/151) رقم (1284) ومسلم: جنائز /11 وأبو داود: جنائز /24 والنَّسائي: جنائز /13 وابن ماجة: جنائز /53 وأحمد (1/268) (5/204) (6/3).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref28([28]) صحيح مسلم (4/2007) رقم (2599) وأبو داود: سنة /10 رقم(5/81) (6/64).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref29([29]) صحيح البخاري (4/202) رقم (1964) ومسلم: صيام /61 .
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref30([30]) صحيح البخاري (10/434) رقم (6003) وأحمد في المسند (5/205).
http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=1730765#_ftnref31([31]) أخرجه البخاري في الصحيح (10/438) رقم (6011) من حديث النعمان بن بشير، ومسلم في البر /66 وأحمد (4/270).